جرت العادة على أن من يحكم في (بغداد) من العراقيين، يتخذ موقف العداء من (كوردستان)، خاصة إذا كان هذا الذي يحكم في مراحل قوته، ربما نشهد بين الحين والحين مرونة مع الكورد ممن يحكم هناك في مراحله الأولية، ولم يكن قد اشتد عوده بعد، هذا منذ نشأة العراق بعد اتفاقية (سايكس- بيكو) بعد الحرب العالمية الأولى بداية القرن العشرين.
في العصر الملكي كانت مدينة (السليمانية)، ومنطقة (بارزان)، تقصف بالطائرات، والكورد كانوا يهجرون، كما هجرة (البارزانيين) إلى (مهاباد) في (إيران)، ثم بعد الانقلاب حاولت قيادة الانقلاب (عبدالكريم قاسم) استمالة الكورد نهاية الخمسينيات، ثم ما لبث أن بدأ حربه ضد الكورد بداية ستينيات القرن الماضي، فكانت تلك الحرب هي بداية ثورة أيلول عام 1963، إلا أن رفيق دربه (عبدالسلام عارف)انقلب عليه، وهو الذي استعطف الكورد في البداية، ثم انقلب بدوره ليحاربهم، لكن قدر الله كان قد سبق، فاحترقت طائرته به،
ليحل أخوه (عبدالرحمن عارف) محله،الذي زار (ملا مصطفى البارزاني) في (كوردستان) لاستمالة الموقف الكوردي لجانبه، إلا أن انقلاب حزب البعث العربي الإشتراكي عام 1968 عليه، خلط عليه الأوراق.
ليحل أخوه (عبدالرحمن عارف) محله،الذي زار (ملا مصطفى البارزاني) في (كوردستان) لاستمالة الموقف الكوردي لجانبه، إلا أن انقلاب حزب البعث العربي الإشتراكي عام 1968 عليه، خلط عليه الأوراق.
جاء (حزب البعث) ليستعطف الكورد أيضا، فكان بيان الحادي عشر من آذار عام 1970، والإعلان عن منطقة الحكم الذاتي لكوردستان، لكنه ما لبث أن انقلب على ذلك، بعد أن شعر بقوته عام 1974، ليستمر نظام الحكم في العراق بحربه ضد الكورد لما يقارب 30 سنة، تخللتها (عمليات الأنفال)، وقصف (حلبجة)، ومناطق أخرى من كوردستان، بالأسلحة الكيمياوية، دمرت 4000 ألف قرية، وقتل 182 ألف مواطن كوردي، بعضهم دفنوا أحياء، ولا تزال عمليات البحث عن مقابرهم مستمرة، إلى أن أسقط النظام بحرب أمريكية دولية عليه عام 2003، ليبدأ نظام جديد في العراق، كان أقوى داعم له هم السياسيون الكورد، وكان الكورد جزءا رئيسيا من هذا النظام الجديد، بل رسموا خريطة هذا النظام، بصياغة دستورٍضمن له ما أراد من نظام فيدرالي في العراق، بأن تكون حقوقه فيها مضمونة.
ولكن، وكأن ناموس النظام في العراق هو نفسه، سواء حكم (بغداد) ملك، كـ(آل فيصل)، أو شيوعي كـ(عبدالكريم قاسم)، أو قومي كـ(عبدالسلام عارف)، وبعده بعثي كـ(صدام حسين)، وأخيرا مذهبي كـ(نوري المالكي).
نوري المالكي لم يشذ عن القاعدة
ظن الكورد بأنهم سيصنعون حليفا يحكم (بغداد)، بحيث يشذ عن قاعدة من سبقه، فكان (نوري المالكي)، الذي جاء (كوردستان) في سبعينيات القرن الماضي، هربا من (بغداد)، وكان محكوما بالإعدام من نظام (صدام حسين)، لانتمائه لـ(حزب الدعوة) الشيعي، فكانت كوردستان خير ملجأ له، ومن ثم أتاحت له (أربيل) الدراسة، فكان من خريجيي جامعتها، وعندما سقط نظام (صدام حسين)، بغزو أمريكي عام 2003، لم يكن (المالكي) يملك ما يذهب به إلى (بغداد)، فكان أن أهديت له سيارة من رئيس الإقليم (مسعود البارزاني)، وعندما احتاج ليكون بديلا لـ(إبراهيم الجعفري)، في رئاسة حكومة العراق، لم يجد غير الكورد سندا له، وهو الذي كاد أن يفشل لولاية ثانية لرئاسة وزراء العراق، فأنقذته مبادرة (البارزاني) ليكون رئيسا لولاية ثانية، وعندما كاد أن يسقط بمبادرة سحب الثقة، وقف إلى جانبه (جلال الطالباني)، رئيس جمهورية العراق، لينقذه من السقوط.
(نوري المالكي) مال للكورد أيضا، كسابقيه، حتى اشتد قوة، فانقلب ضدهم بتشكيل (غرفة عمليات دجلة)، ووقف عائقا أمام تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، واستقطع من موازنة الإقليم، المخصصة له حسب الدستور العراقي، في كل سنة من حكمه، ما يقارب 35% منها، حيث كان المخصص 17% من الموازنة، ولم تكن تصل غير 11% من موازنة العراق، وكانت آخر خطواته العدائية ضد كوردستان، هو قطع رواتب موظفي كوردستان لشهري كانون الثاني وشباط من عامنا هذا 2014، ومحاولة غلق الأجواء على كوردستان، لمنع وصول الطيران الدولي إلى الإقليم، وبالتالي محاولة خنقه جويا، وهو الذي لا يستبعد أن يستخدم طائراته وأسلحته، التي يجلبها لجيش العراق حاليا، لضرب تجربة إقليم كوردستان، متى تمكن من ذلك.
السؤال الذي يفرض نفسه، هو: حتى متى مع (بغداد)؟ ومتى سيعي الكورد الدرس؟!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق