د. محسن عبد الحميد |
تقرير: الحوار
تعكف الهيئات
الفقهية ومراكز العلوم الشرعية بإقليم كوردستان على بيان أسباب نشأة الغلو والتطرف
الديني وتداعياتهما على المجتمع ككل. وتعقد المؤسسات لهذا الغرض باستمرار ندوات ومنتديات
تتوخى منها التعريف بكيفية الخروج بفهم صحيح في تفسير النصوص، والتوعية بمقاصد الشريعة،
باعتبارها أدوات لتنزيل النص على الواقع، وإثبات خطأ الفهم الحرفي للنصوص، لأنه مدخل
للتطرف الذي بات يعصف بالمجتمعات الإسلامية ويهدد استقرارها.
ففي أربيل
نظم (مركز الشافعي للعلوم الشرعية والروحية) تحت شعار الآية الكريمة (وما أرسلناك إلا
رحمة للعالمين) ندوة حوارية موسعة بعنوان (التطرف من المنظور الإسلامي)، ألقى فيها
المفكر
والباحث الإسلامي الدكتور (محسن عبد الحميد) محاضرة قيمة، استعرض فيها مكامن
التطرف ومخاطره،
مذكراً بممارسات (القاعدة) و(داعش) كمثال شاخص على ذلك.
الندوة التي
عقدت يوم الإثنين الموافق 12/1/2015، على إحدى قاعات جامعة صلاح الدين، حضرها جمع غفير
من الشخصيات السياسية والأكاديمية وعلماء الدين وطلاب العلوم الشرعية وصحفيين ومهتمين
بالفكر الإسلامي.
واستدل الدكتور
(محسن عبد الحميد) بالعديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وأقوال سلف
الأمة، التي تشير إلى الإنسان باعتباره محور هذه الحياة، بغض النظر عن انتمائه العقائدي
والفكري، وأن الله (سبحانه وتعالى) رب العالمين لا رب المسلمين فقط.
وأكد أن
الآية الكريمة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى
وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)، تمثل دلالة واضحة على أن الإنسان لا يُحاسب
ولا يُعاقب في الدنيا على ما يحمله من معتقد، ولا يمكن فرض وصاية عليه، أو إرغامه على
اعتناق دين دون اقتناع، وأن الله (سبحانه وتعالى) هو من بيده الفصل، وذلك يوم القيامة.
وأوضح الدكتور (محسن عبدالحميد) أن تباين الناس واقع
أزلي، وهو حكمة ربانية، لقوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً
وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)، مبيناً أن الاختلاف والتباين لا يعني الخصام
والعداوة والتنافر.
وأكد الدكتور (محسن عبد الحميد) في محاضرته، أن الأصل
في تعامل المسلمين مع غيرهم هو الإحسان والبر والعدل، مستشهداً بالآية القرآنية (لَّا
يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم
مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ)، ولفت إلى أن النزوع إلى التطرف له بواعثه، وهي الاستبداد والظلم والعنصرية
والطبقية والطائفية، وضرب أمثلة على ذلك فيما يحدث في العراق وبلدان أخرى.
وأخيراً حذر من الفتاوى التي لا تأخذ بفقه الواقع،
ولا تحسب لمتغيرات الزمان والمكان حساباً، مشيراً في ختام محاضرته إلى أن (داعش) ظاهرة
مركبة للتطرف والغلو، ومدفوعة من جهات (لم يسمها) في عدوانها على إقليم كوردستان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق