06‏/12‏/2010



الخلاف الشيعي السني..إلى أين؟




بقلم: مــحـمـد وانــي


لا ادري لمصلحة من تتصاعد وتيرة الصراع بين الطائفتين المسلمتين الكبيرتين "السنة والشيعة" بالشكل الجنوني الذي نراه اليوم، وقد اخذ هذا الصراع منحى خطيرا يصعب التكهن بعواقبه، بعد أن دخلت وسائل الإعلام الحديثة كالانترنت والمواقع الالكترونية والفضائيات على الخط بقوة..أكيد ثمة أياد خفية وراء محاولة إذكاء نار الفتنة الطائفية التي ظلت نائمة حقبا طويلة، ولكن يبدو أن أعداء الإسلام بدئوا ينبشون ماضي الطرفين المثخن بالخلافات السياسية والفقهية لخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في المجتمعات الإسلامية وإشغالها بأمور داخلية لا طائل من ورائها، ولكن مع ذلك فإن الجزء الأكبر من المسؤولية يقع على عاتقنا نحن المسلمين من غير ان نبعد ــ بالطبع ــ الدور الخارجي في إشعال أي فتنة محتملة..ربما كان لنجاح الثورة في إيران ومحاولاتها المستميتة لتصديرها إلى البلدان الإسلامية؛ وسقوط الطاغية صدام، ومن ثم تولي الأحزاب الشيعية الحكم في العراق فيما بعد، دور كبير في توسيع مساحة الصراع بين الطرفين.ومن الطبيعي أن تثير هذه النجاحات السياسية "للشيعة" التي انعكست على الجانب الديني أيضا، مخاوف كبيرة لدى معظم أهل السنة والسياسيين منهم بشكل خاص، الذين بحثوا عن وسائل عملية غير وسائل المواجهة المباشرة التقليدية لوقف هذا المد "المرعب" ولم يجدوا أنجع من الالتجاء إلى وسائل الإعلام، فانشئوا فضائيتي (صفا) و(الوصال) لهذا الغرض، في حين ردت عليهم الشيعة بقناتي (الأنوار) و(أهل البيت) الفضائيتين، ودخل الطرفان في معركة إعلامية شعواء مكشوفة، لم يتركا فيها مسبة ولا نقيصة ولا تهمة شنيعة إلا وجهاها إلى بعضهما دون أن يردعهما رادع أخلاقي..ومن الطبيعي جدا أن تتحول تلك التراشقات الإعلامية يوما إلى مواجهة حقيقية لايحمد عقباها، إن لم يتدخل أهل الحكمة من الطرفين في فض الاشتباك "الإعلامي" بينهما ووضع حد لهذا العبث الذي يجري.ومن السهل جدا كذلك ان نصل بسهولة البرق إلى أرقام خيالية من الخسائر في الأرواح والممتلكات، لو ظل كل واحد منا على عناده الطائفي، وقد تفوق خسارتنا الخسارة التي تكبدتها الدول الأوروبية من جراء حربها الثلاثينية (1618ــ 1648) التي جرت بين الطائفة الكاثوليكية والبروتستانتية والتي راح بسببها الملايين من الضحايا بين الطرفين، يكفي ان هذه الحرب هبطت بسكان المانيا من عشرين مليون الى ثلاثة عشر ونصف مليون، أي أنها كلفت سبعة ملايين ونصف إنسان لوحدها!. واذا ما قدر للعالم الإسلامي أن يكرر التجربة الغربية الدموية ــ لاسامح الله ــ فهل نستطيع أن نقوم بما اضطرت بريطانيا العظمى إلى القيام به بهدف وضع حد للصراع الدموي المستمر بين الكاثوليك والبروتستانت بين الايرلنديين عندما وضعت 80 جدارا عازلا أسمتها "جدار السلام" للفصل بين الطائفتين المتناحرتين؟.ياترى إلى كم جدار نحتاج اليوم لنفصل أكثر من ألف وخمسمائة مليون إنسان هم عدد المسلمين عن بعضهم؟ ولماذا ننفصل أصلا، ولا نتقارب؟.وإذا كنا نحاول دائما أن نجد نقاط التقاء بيننا وبين أهل الأديان الأخرى، وندعو إلى حوار معها، فليس من الأجدى أن نحاور أنفسنا و نلتقي على أهداف مشتركة فيما بيننا وهي كثيرة... كانت ثمة محاولة جادة لتقريب وجهات نظر الطرفين، قامت بها كوكبة صالحة من العلماء منهم؛ الشيخ يوسف القرضاوي، والشيخ محمد حسين فضل الله، والشيخ محمد التسخيري، ولكن يبدو أنها وئدت في مهدها، ولا اعرف لحد الآن سبب فشل هذه المحاولة الرائدة، التي لو أمكن لها ان تنجح لما كنا نواجه بعضنا اليوم في حرب إعلامية ضروس نتبادل التهم والشتائم على مسمع ومرأى من الناس بدون حياء ولا حشمة...!!!؟





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق