20‏/11‏/2013

هل سيخرج لنا الربيع العربي صلاح الدين الأيوبي؟

صلاح الدين الأيوبي
وليد هادي مصطفى
ما اصطلح على تسميته بثورات الربيع العربي في الإعلام، هو عبارة عن حركات احتجاجية سلمية ضخمة انطلقت في بعض البلدان العربية أواخر عام 2010 ومطلع 2011، وبدأت بتونس بعد إحراق الشاب (محمد البوعزيزي) نفسه ونجحت في الإطاحة بالرئيس (زين العابدين بن علي).
ويرجع المراقبون أسباب هذه الثورات الجماهيرية إلى انتشار الفساد، والركود الاقتصاديّ، وسوء الأحوال المَعيشية، إضافة إلى التضييق السياسيّ والأمني، وعدم نزاهة الانتخابات في معظم البلاد العربية.
وقد نجحت الثورات بالإطاحة بأربعة أنظمة حتى الآن، فبعدَ الثورة التونسية نجحت ثورة 25 يناير المصرية بإسقاط الرئيس السابق (محمد حسني مبارك)، ثم ثورة 17 فبراير الليبية بقتل (معمر القذافي) وإسقاط نظامه، فالثورة اليمنية التي أجبرت (علي عبد الله صالح) على التنحي، ولاتزال الثورة مشتعلة في سوريا، والشعار الذي أجمع عليه الحراك الجماهيري (الشعب يريد إسقاط النظام).

آمال شعبية
يتطلع كثير من الناس اليوم في العالم العربي إلى هذا الربيع الثوري المبارك الذي انتفضت به الشعوب المضطهدة ضد الظلم، والجوع، وسرقة المال العام، وضد نظرية القائد الضرورة الذي هو مخلّص الشعب بيده من كل شي، وهو القادر على كل شيء! فما يمنه على شعبه يكون مكرمة من القائد! وما يسرقه منهم يكون هبة للقائد وحاشيته!!! يتطلع كثيرون في الأمة المسلمة، على امتداد أوطانها، بعد هذا الحراك، إلى ميلاد قائد ملهم يقود الأمة في طريق التغيير، وينتشلها من الضياع والانحدار، قائد عظيم مثل (صلاح الدين الأيوبي).
لاشك أن هذه إحدى طرقنا الخاطئة في التفكير، فنحن نتعلق دائما بما يمكن أن نسميه (القائد المعجزة)، الذي يستطيع أن يغير واقعنا في لحظة؛ ويأخذنا من مؤخرة القافلة البشرية إلى رأسها (بضربة واحدة) بعصاه السحرية!! ولا ندري كم من السنين سوف نقضيها نحلم بقدومه لينقذنا من واقعنا المرير الذي صنعناه بأنفسنا.
هذا الفهم يطمس في عقولنا مفهوم المسؤولية الجماعية، ويشيع فينا روح التواكل على القيادات وحدها، فإذا دعا الناس الداعي إلى التضحية أجابوا بلسان حالهم: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون)، فمهما كانت قسوة الهزيمة أمام أعينهم، فإنها تنتظر حدوث المعجزة وظهور القائد المخلص!!.
بل ويبدد الأفراد أوقاتهم في الحديث عن هويته وشخصيته؟! وغاب عن هؤلاء أن (صلاح الدين يوسف بن أيوب) لم يقم بانتشال الأمة من وهدة الضياع منفردا، ولم ينتصر وحده، والناس الذين عاصروه يتواكلون لا يريدون بذل الجهد ولا تقديم تضحية، إنما كان مع (صلاح الدين) رجال يعملون ويضحون.

قواعد التغيير في القرآن
الاعتقاد بأن حاجتنا للتغيير تتطلب فقط قائدا ملهما يستطيع أن يغير حالنا بعصاه السحرية، مجرد سراب وأحلام وردية لا وجود لها على أرض الواقع، فزمان المعجزات قد انتهى .
والتغيير يجب أن يبدأ منا نحن (الشعوب)، فإذا بدأ كل واحد منا بنفسه وأصلحها فعندئذ يأتي (صلاح الدين) مرة أخرى لينقذنا من واقعنا المريض، الذي ليس له في التاريخ نضير ، هذا الواقع نحن من صنعه.
فالقائد لا يستطيع عمل كل شيء بمفرده، مهما ملك من الإمكانيات المادية والمعنوية والقيادة الفردية، وسينتهي الأمر به إلى الفشل والإحباط .
إذا فهي مسؤولية جماعية يجب أن يتعاون الجميع فيها حتى يصنعوا هذا القائد؛ فالقوانين القرآنية التي تقرر أن التغيير للأفضل، أو الأسوأ، لا يحدث إلا إذا سبقه تغيير جماعي يقوم به (القوم مجتمعون والأفراد كل على حده)، والبداية تكون بالأنفس، قال تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فالآية كما نرى تربط التغيير؛ بتغيير ما (بقوم) (جماعة) (أمة)، وليس بفرد واحد.
إذا فوجود (القائد المعجزة) ليس هو كل القضية وإنما هو شطر القضية، وشطرها الآخر هو وجود الأمة التي تريد أن تغير من واقعها وتبدأ من جديد بنفسها لا بالتوكل على غيرها.
إننا لن نتمكن من إنقاذ أنفسنا والأجيال القادمة من مخلفات الذيلية والهوان والتواكل والخذلان، إلا بالعمل الشاق والجهد المتواصل بعد التوكل على الله تعالى والاعتماد على النفس؛ لا على الشرق والغرب، وتربية جيل مسلم و(أمة مسلمة) قادرة على تحقيق ما تريد ومتى تريد. وعندما نحقق ذلك نكون قد أنقذنا الجيل القادم مما عانيناه نحن؛ وانتصرنا على ما ذكرنا من حولنا وشرعنا في بناء حياة جديدة، إذا بدأنا عملنا بجهود جماعية لصناعة (أمة) وليس جهد فرد واحد ( قائد)، فإذا وجدت هذه الأمة فعندئذ سيظهر (صلاح الدين) مرة أخرى متجسدا في أمة كلها (صلاح الدين).

هناك 3 تعليقات:

  1. اسقطت اربع دول وليس اربعة انظمة
    وهناك من ينتظر خروج المهدي وهناك من ينتظر صلاح الدين جديد!
    صلاح الدين هو نتاج جيل من العلم والتعلم والدعوة ولم يحررها بسيفه بل بجدنه المؤمنون ولولاهم لما استطاع ان يفعل شيئا

    ردحذف
  2. شكرا جزيلا لك
    وجهة نظر تستحق الاحترام

    ردحذف
  3. مصطفى الهادي .
    لو كان السيد حسن نصر الله سنّيا ، لأصبح صلاح الدين .
    معقولة كل هذا المجد الذي كسبه السيد حسن نصر الله لأمة العرب والمسلمين ولا احد يُفكر ان يخاله صلاح الدين هذا الزمان ؟
    اردوغان العميل الذي دمر البلاد واهلك العباد في سوريا والعراق ، في مسرحية خرج من الحفل لان فيه شمعون بيريز ، فقامت قيامة اهل السنة والجماعة بالتهليل والتكبير .
    لا يخرج صلاح الدين بل سوف يخرج خراب الدين ، وهذه داعش خير مثال على ذلك وانا اتعجب لماذا لم يطلق اهل السنة والجماعة على ابي بكر البغداد بـ صلاح الدين .لأنه أيضا كسلفه صلاح الدين يُحاول ابادة شيعة العراق .

    ردحذف