03‏/01‏/2016

الحداثة: من الدنيوية إلى القيومية، انهيار السؤال، ومشروعه

اليامين بن تومي
 الجزائر
يقودنا التفريش حتماً إلى التساؤل: ما هي الحداثة؟ فهي في تصورهم:" حركة انفصال، إنها تقطع مع التراث، والماضي، ولكن لا لنبذه إنما لاحتوائه، وتكوينه، وإدماجه في مخاضها المتجدد، ومن ثمة فهي اتصال وانفصال، استمرار وقطيعة، استمرار تحويلي لمعطيات الماضي، وقطيعة استدماجية له. هذا الانفصال والاتصال، تمارسه الحداثة حتى على نفسها. فما يسمى ما بعد الحداثة، لا يمثّل مرحلة تقع خارج الحداثة، وبعدها، إنه أقرب ما يكون إلى مراجعة الحداثة لنفسها، لنقد بعض أسسها، وتلوينها. فإذا ما غلب على دينامية الحداثة منطلق الفصل والقطيعة، فإن ذلك وسم المراحل الظافرة للحداثة في
ذروتها، لتعود إلى توسيع وتليين آليتها، ابتداءً من منتصف القرن العشرين"([1]).
فالحداثة مشروع تاريخي/ زمني قابل للاستهلاك، بشرط محيطيته، وفق المقولات الكبرى التي تعمل على تحيينه: العقلانية، الحرية، النقد.
ولعل مشروع الحداثة لا يتكامل إلاّ بفعل النقد للأبنية والمقولات التاريخية، وتجاوزها، فهو ردّة على كل قديم: إمّا بإعادة إحيائه على غير مثال، وإمّا بقطع الصلة مع الأنماط التي تشكل وصايةً دائمةً. لذلك أعادت الحداثة ترتيب زمن العطالة الفكري في أوربا، حيث وقفت وجهاً لوجه مع التقليد بجميع أشكاله. فهي أساساً "مشروع لم ينجز بعد"([2]). إذاً، هي عبارة عن نقلات في الزمن، تشكّلها المنعرجات الهرمينوطيقية الكبرى لفعلي الماقبل /المابعد. ذلك أن مراجعات فعل الكينونة في الزمن، هو الذي شكّل تلازم مراجعة السؤال النقدي، عموماً، للمفهوم الحداثي، الذي اختزن تلك اللحظات الثلاثة:
-           لحظة ديكارت.
-           لحظة كانط.
-           لحظة هيجل.
هذا الميراث، هو الذي رسّخ مشروع (هيدجر) الأنطولوجي حول مُساءلة أسِّ الفعل الحداثي الغربي، الذي حدّده في مفهوم التقنية، حيث تشتغل الذات الغربية في كفاحات مختلفة، خاصة في كفاحها ضد العقل المقدس. كما يقول (آلان تورين): "إن التاريخ المركزي لهذه الحداثة، هو تاريخ تحوّل كفاحات الذات ضد النظام المقدس، من كفاح تحالفت في خضمّه مع العقلانية، إلى كفاح آخر، ككفاح الذات ضدّ النماذج المرشدة. والذي تستدعي الذات خلاله صورها القديمة، التي بلورتها الديانات التوحيدية، لتحمي نفسها ضد الحلف الشمولي، الذي يدعي تغيير المجتمع والإنسان تغييراً شاملاً"([3]). إن هذه الذات وضعت تحديد خياراتها المبدئية، للصراع المختزن داخلها، لتصل إلى درجة تحرير الذات من أشكال الاسترقاق، حيث تباشر هذه الذات فتح العديد من المستغلقات، لتعيد ترتيب وضعيتها، وإخراجها من تصدّعاتها المختلفة. والحقيقة أن مأزق الحداثة هو ممثل جوهري لمأزق الذات الغربية، تموضعها في الشكل الجديد للوعي، لأن ما كان بالأمس: "عماداً من أعمدة الحداثة، ونعني بناء الوعي بالذات، والوعي التاريخي بمركزية الأمة، على تصوّر خطّي تقدّمي للزمنية، وللتاريخية، قد أصبح اليوم عائقًا آخر في حركة التحديث، التي تقوم على معقولية انفتاح التاريخ والزمن على تصورات متعددة، تقبل اللامنتظم واللامتناسق، كما تقبل الانفصال والتراجع"([4]).
وبالتالي، فإن الحداثة سؤال دائم في الزمن، لتفويض التساؤل السابق، وفتح أفق جديد لوعي يتّسم بلا نظام، ولا معنى·. ذلك أن (براديغم الوعي)، الذي ركّز الحداثة عند (ديكارت)، تجاوزه (براديغم اللغة)، الذي نقل الانشغال المابعد ديكارتي إلى المنعطف اللغوي. لأن مفهوم (الحداثة)، ككائن مفهومي، متعلّق أساساً بالتزمن والعقل، وأيّ فعل للتجاوز لا يتحقق إلاّ بإرادةِ تجاوزِ تلك الأنساق الكبرى.
بل إن خطاب الحداثة اندفع مع الخطاب الأنواري، الذي أشاع مفاهيم العقلانية، الموضوعية والـحرية. لذلك لا يمكن فهم المسألة الحداثية، إلاّ من خلال طرح الحداثة ذاتها موضوعاً للفهم. فهي فعل ديمومي متجاوز لذاته بذاته، فهو مشروع يُهدبِنُ الأصول، ويخلخل الثوابت، ولا يستقرّ على قيم محددة. لذلك يعرِّفها (بودلير) على أنها: "العابر والآبق والجائر.."([5]). ولقد قامت الحداثة على نقد حصيف للميتافيزيقا، خصوصا مع (هيغل)، حيث: "كان (هيغل) أول من وضع في مسألة فلسفية، قطيعة الحداثة، مع الإيحاءات المعيارية للماضي القريب عنها، أن فلسفة الأزمنة الحديثة السكولائية المتأخرة وصولاً إلى (كانط)، تعبّر عن فكرة الحداثة ذاتها، وذلك بالتأكيد في إطار نقد للتراث، يدمج تجارب الإصلاح والنهضة، وأثناء استجابته لبدايات العلم الحديث. إلاّ أن الحداثة لم تطرح على نفسها مسألة العثور على ضماناتها الخاصة في ذاتها، إلاّ في نهاية القرن الثامن عشر. وتبلغ هذه المسألة من الحدة، بحيث يمكن لهيغل أن يتناولها بوصفها مسألة فلسفية. لا بل يجعل منها المسألة الأساسية لفلسفته. "إن الواقع الذي يضطر الحداثة، ونظراً للافتقار للنماذج، أن تجد توازنها، انطلاقا من الاشتقاقات التي أحدثتها هي نفسها"([6]).
ويتصور )هيغل( أن حرية الذات مبدأ العالم الحديث، والحداثة لديه لا تقاس إلاّ بذاتها، لذا على الحداثة أن تجد ضماناتها في ذاتها، وليس في شيء خارج عنها. لأنه:"لا وجود لأي ضمانة خارج حدود الذات"([7]). والذات هي منطلق الرؤية للعالم، أيْ أن الإنسان الحديث أصبح يجلو نظرته للعالم بذاته، بعد أن كان ضباب العصور الوسطى يحجب عنه الرؤية. لقد استقل الإنسان الحديث بذاته عن التبعية والتقليد، وأصبح منفصلاً عن أية وصاية، والذات دال على صاحبها تعطيه الانطباع عن العالم الخارجي، فبمجرد اكتشاف الذات، بدأت السيادة للإنسان بعيداً عن أية مصادرة، بل بدأت الذات على تشكيل هذا العالم، وجعله عالماً من المدركات خاصاً لها، بل بدأت تتدخل لصياغته، وتحويره. وهذا ما يسميه (هيدجر): "عصر انبثاق تصورات الإنسان للعالم"([8]). غير أنّ هذا العصر الحداثي لم ينفِ عن الذات آلية التذكر، التي تنقسم فيها الذات نحو الماضي، لكن ماضٍ لا مسيطر، ماضٍ في حالة تجاوز للمستقبل. يقول (آلان تورين): "لكن الذات تحمل اليوم في داخلها الإرث المتناقض لـ(إراسم) و(رابليه) و(لوثر)، إنها تعترف على الأقل أنهم متكاملون نوعاً ما، ويبقى مبررها في الوجود هي أن تجعلهم يتعايشون سوياً، بربطها المعرفة بالعالم وبالذات"([9]).
ولعل التركيز على الذات، أكسب الموضوعات المفكر فيها شرعيتها، لكن الذات تميل دوماً نحو تعقيل الواقع. يقول (عمر كوش): "وسارت الحداثة على دروب العقلنة والتعقيل، اللذين شكلا خاصية الغرب"([10]).
ولعلّ هذا السؤال الفلسفي للحداثة، حفَّز انسحاب القول الحداثي إلى جميع مناحي الحياة، لانتشار فضيلة التعقيل، التي قادت الإنسان إلى تحقيق ناتج التفكير الموسوم بـ(التحديث). ويميّز (هشام شرابي) بين الحداثة والتحديث، فيرى أن "التحديث هو سباق التحول الاقتصادي والتكنولوجي، كما جرى تاريخياً لأول مرة في أوربة، مما جعل منه ظاهرة أوربية فريدة من نوعها. في حين أن الحداثة، هي مجموعة العناصر والعلاقات التي يتألف منها الكيان المتميّز المدعو حديثاً. أما الحداثة من حيث هي وعي، فتشكّل أنموذجاً، ونمطاً فكرياً، تجد فيها أوربة الحديثة هويتها..."([11]). ولعلّ الحداثة يمكن إيجازها في النقاط التالية:
"1- عقلانية النظام، أي هيمنة العقلانية على كل مظاهر الحياة.
 2- اعتبار الذات أساس العالم، ومقياسه الوحيد. ويسمي (هيدجر) هذا الأمر بـ(ميتافيزيقا الذاتية).
 3- بسط التقنية على كل مظاهر الحياة: أيْ إذلال الطبيعة، وإخضاعها لغطرسة الإنسان.
 4- النظر إلى الكائنات كما لو كانت أرقاماً تُدار إدارةً بيروقراطية، مما أدى إلى ظهور توتاليتارية اجتماعية واقتصادية وسياسية"([12]).
وتأسيساً عليه، كلّما اندفع المقول الفلسفي للحداثة، أو ما بعدها، كلما ظهرت مناهج نقدية تكفل دفع خطاب الحداثة إلى الاستمرار، نوع من النقد الجذري، فلقد كانت الحداثة، مجالاً خصباً لترسيخ البحث البنيوي، حيث أصبحت الذات محور العالم.
ولو تأملنا الواقع العربي، لوجدناه اصطدم ببنية فكرية، ومفاهيمية، مناقضة تماماً للمنظور الغربي، الذي تأسست فيه المفاهيم على الأرض، من خلال النقاش الاجتماعي الذي انفتح بين التخصصات العلمية. فنلاحظ أن الأسس الحداثية لم تستنهض الوعي الغربي على مستوى قدرته، ضد كل الأبنية التراثية الميتافيزيقية، بل كذلك أسّس الفاعل الغربي إلى ثورة على مستوى أدوات النظر، أو الإجراءات. لكن المنظور العربي بقي مشروع حداثة، يراود بعض النخب التي درست في الغرب، وحاولت المساهمة في تخليص مجتمعاتها من حالة الركود. وبالتالي، فهي حداثة معزولة، ومنقطعة، من جهة عدم انخراط الجماعة البشرية ككل فيها.
فالحداثة في العالم العربي مشروع بطوليّ، رومانسيّ، حالم، خاصة حين وجد الناقد نفسه في مواجهة سلطة قارّة، ثابتة، تصادر، بل تستلب كل إرادة للقراءة المخالفة. تلك السلطة التي تراكمت في شكل طبقات تاريخية. بل ووجد نفسه قبالة موروث جديد، شكّل طفرة في إعادة بعث الذات، من خلال تنوير الإنسان في أس المشروع العربي للحداثة، الذي ظلّ محمّلاً بأسئلة الإحياء التقليدية. فوجد هذا المثقف، في العقل الأوربي الحديث، البشارة والمخلّص لحالة الخواء المعرفي، لذلك حاول المفكر العربي أن يجد قناة تتوسّط العقلين قيماً يشبه التصوف غير المعلن، ليحاول التهدئة من وضعيته، بل للشعور بالخلاص. يقول (هاشم صالح) عن (أركون): "إن (أركون) يتّجه أكثر فأكثر نحو الحلّ الصوفيّ، على المستوى الروحي، أيْ الصوفية كانعتاق للروح من أسرها، من أسر كل القيود، فيما أننا سنموت في نهاية المطاف، فليكن هذا الموت لحظة رائعة، لحظة الانعتاق والتحرير، لحظة الخلاص الأبدي، لحظة الاتجاه بالمطلق، مطلق الله"([13]).
فالحداثة حاولت من خلال هذا البعد التراجيدي، الذي وُجِد فيه المفكر/الناقد العربي، أن يُحوِّل خطاب الملحمة، من خلال تقويض السلطة الفعلية، التي تحالفت في التاريخ، لتهميش المفكر العضوي، المحرِّك للقدرات الكامنة في الطبيعة.
هذا المفكر، الممجد للعقل الدافع للإنسانية باتجاه التفاعل والتواصل مع واقعها/راهنها، والخروج عن اليقينيات، وتقويض البديهيات، وتجاوز العقل الثنائي إلى آخر علمي، من خلال إحلال النور العلمي على الحياة، بتمكين الذات من تشكيل وعيها بالمكان، وتجلببها بالزمن، وتعريض الوجود للوعي، وجعله حاجة الذات، للخروج بملكاتها نحو السيطرة على الطبيعة. ليصبح النقد هو الرغبة الجديدة، هو حالة الإشباع البارزة لإصلاح تاريخي، ديني، من خلال عقلنة التاريخ، وأنسنة الدين. هذان الأخيران يحققان روح العقل الحداثي، وهو التواصل.
ليتجانس مشروع الحداثة، عند منظريه، عليه أن يحقق شروط التواصل المطلوبة، ولا يكون ذلك إلاّ باستفهام الإنسان، وتفعيل قدرته على أن يدفع حداثته الخاصة من داخل الأسئلة الخاصة، وإلاّ ستكون حداثته خارج ذاته، خارج ثقافته، خارج وعيه بها. ولعلّ هذا الاختلال الوظيفي، من تأسيس التواصل مع الذات، ووسائلها الثقافية المختلفة، هو الذي أدى بـ(محمد بنيس) أن يقول عن الحداثة الممارسة في الواقع العربي، بأنها حداثة معطوبة. يقول: "هل هناك حداثة منفصلة عن الثقافة؟ وهل تصل الثقافة إلى حداثتها من غير التورّط الأقصى للذات الكاتبة في كتابتها، وزمنها؟ وكيف يمكن أن نواصل الكلام عن الحداثة، ونحن ننسى ولا نفكر في السلطة والمؤسسة؟ ومن أين نطأ أرض الحداثة، ونحن نحتقر وظائف الأدب والفن والفكر، في فكرة الحداثة، والمجتمع الحديث؟... أسئلة تبدو اليوم مهينة. وللمأساوي الذي نعيشه، من المغرب والمشرق، ما يدلّنا على الجواب: إنه زمن انتصار حداثة معطوبة، متعددة الرؤوس"([14]).
إذن، مشروع الذات هو مختص بالذات الإنسانية، وليس كما يحاول أن يروج له بعضهم مختص بالإجراء فقط، فالإجراء تابع لجزء التحديث، بينما الحداثة هي الحاضن للتصورات الكبرى للعالم، كما يقول (هيدجر). فمن داخل هذا البناء، يمكن أن نفعّل إرادة الذات، لقراءة تاريخها على شاكلة مختلفة. إنها النزعة النقدية التي تسكن الذات، لا تهدأ أبداً، لا تركن للحاضر، بل تعيش على الثورة الدائمة. وبهذا يتحول النقد على ذاته، على مفاهيمه المختزنة داخله، على مختلف الممارسات المنضوية نحو فلسفة الحدث/ الفعل، باعتباره مهدداً للخطاب النقدي ذاته، من الداخل. وهنا يتحول النقد من كونه نزوعاً، إلى كونه حاجة معرفية شديدة لتصحيح الوضعيات والمنظورات، بل إن تدافعه يحصل ضمن التراتب التاريخي للدورات الكبرى للمسائلة الحقيقية، والمآل الميتافيزيقي الذي يسكن الذات الإنسانية.
والحداثة، وما بعدها، تحققان ذلك النزوع اللامنطقي في الانهيارات الكبرى للمشروع النقدي بعامة، ليحمل مدلولاً جديداً، حيث تصبح مسألة الدلالة لا معنى لها، في عالم فقط خاصية المرجع الدال. لقد تخلّى الكائن عن كينونته، لصالح الآلية الطبيعية الناتجة عن خاصية التحسيب الطبيعي، لتصبح الآلة هي الوضع الجديد في حالة ما بعد الحداثة، لتنهار مقولة الإنسانية، مما يجعل الإنسان يغير مجرى الصراع من الطبيعة إلى الآلة، إلى نقده للعقل الأداتي/ التقني، الذي أصبح يشكِّل مأزقاً جديداً للذات، التي انحسرت في سجنها الجديد: الآلة. وهنا يحاول العقل أن يتحرر من سلطة التقنية، التي فصلت حدود الإطار الكوني تحت قيمة واحدة، مجتمع تداولي واحد، فهي تعمل على مبدأ التنظيم الشامل، نوع من عسكرة العالم: "ذلك أن مبدأ هذا التنظيم، هو خلق كائن موحد Uniforme كائن يلبس لباساً واحداً، ويمشي مشية واحدةً، ويتحرّك حركة واحدة، ويردّد لحناً واحداً (...) ميزة عصر التقنية، بالضبط، هي خلق كائن لا يكتفي - فحسب- بلباس موحد، لباس عسكري، بل كائن ينصهر فيه جميع الأفراد في كتلة واحدة، تلك الكتلة التي يقدّمها لنا (مجتمع الفردية)([15]). أصبح الإنسان، مع تلك الخاصية للتقنية، لا ينفصم عن التراكب الاصطناعي، أصبح كائناً رقمياً، لاحقاً لبنية تفاعلية: "وهكذا، فإن اللغة الرقمية تنشىء عوالماً، يلتبس فيها الواقع والخيال، المادي وغير المادي. إذن، هي ليست من عالم المفهوم، ولا من دنيا الوقائع، كما أنها ليست من عالم القضايا، ولا من تراكيب اللغة، وإنما هي نماذج، وقوالب، أو طرق، تصطنع لكي تخلق الواقع، وتديره وتحرّكه..."([16]).
هذا الواقع الجديد جعل الإنسانية تشهد انهيارات كبيرة، بل جعلها - فيما يقول (علي حرب)- : "إزاء تحولات وانعطافات تشهدها البشرية، في غير مجال، تتراجع معها مفاهيم الهوية والثبات، أو التجانس والصفاء، أو القبض والتيقّن، أوالعزلة والقوقعة، أو الملكية والسيادة، لصالح شبكة أخرى من المفاهيم، أكثر غنى وحيوية، وأكثر فاعلية، وراهنية، كالمقاربة والمعالجة، أو الاقتراح والاختلاط، والنخبة أو التعدد (...) وذلك حيث الفكر تركيبـي، والمنهج تعددي، أو حيث العقل تواصلي، والمعيار تبادلي، أو حيث العقلية وسطية، والحلول تبنى على التسوية، أو حيث الهوية هجينة، لأن المفاهيم ملتبسة، أو حيث الأفق مفتوح، لأن المدى هو عالمي وكوكبـي..."([17]).
فهل يمكن بناء حداثة عربية على كل هذه الإنجازات المتعددة للعقل الغربي، وهذا التلاحق الملحاح. إن سؤال الحداثة العربي بقي سؤالاً منتكساً، أو رومانسياً باهتاً، نتيجة الشرخ بين التنظير والممارسة، ذلك أن فعل الحداثة لا يمكن فصله عن سياقه الاجتماعي.
تمخّض عن ضخ خطاب الحداثة في منظومة التفكير العربي، ما يدع المجال واسعاً لتأويل ظاهرة القراءة، باعتبارها مشروعاً في حالة بناء لم يكتمل بعد، ذلك أنه وعي يناقض فيه الإجراء النص، وينماز فيه النص عن الإجراء، رسم لنا إشكالية العقدي والإنساني: العقدي، وهو النصّ، بما يحيل عليه من مرجعيات مختلفة، أو بما يكوّنه تراثاً، في مفهوم (نصر حامد أبو زيد). فهو مصب ديني خالص. بينما الإجراء، وهو العابر للنص، أو المنصوص بين شولتين، على أنه نتاج بشري، ومحمول غربي، استغرقه المصب اللاديني، بما يحيل على المختلف، والمفارق لروح النص، وجوهره.
هذا التداخل الابستيمي، الناتج عن ثورة الحداثي، جعل التشرّب المدرسي للمناهج يرسم خريطة تختلف فيها الرؤى، ولكنها تجري كلها إلى مستقر واحد، هو تجديد النظر إلى النصّ، باعتباره محركاً للواقع، وجالباً للفعل، من أجل الانخراط الوظيفي. وهو ما ساق لنا هذا التصادم بين بنيتين معرفيتين:
- القراءة الموصولة.
- القراءة المفصولة.
أما الأولى، فهي التي تشتغل بالمبدأ الشهير: "لن يصلح آخر هذه الأمة، إلا بما صلح به أولها". والثانية، فهي المشتغلة بضرورة القطع الجزئي، أو الكلي، مع هذا الدين /التراث، لكونه خارج عن النسق العام للحداثة، أو المعاصرة. القراءة الأولى احتكمت إلى النقل، أو النص. والثانية، نصبت العقل أساساً للمنطلق القرائي. بين هذين تأسس المجال واسعاً، اصطنعت فيه أزمة التأسيس للقراءة. ذلك أن القراءة الموصولة تتبني مقولاتها ومفاهيمها داخل نص الاعتقاد، والاعتقاد هنا ليس الإيمان، وإنما هو العقد أو الفتل الذي يتقوم به القارئ: انتماءاً، ومسايرة، وتقليداً. لأن مجال القراءة الموصولة تتحقق في الاقتداء بالسلف، وكل ما يخالفها يعدّ خروجاً عن المتعارف، أو يعد ضرباً من الانحراف.
ولعل هذا ما يجعل الباحث/المفكر - بتعبير محمد أركون - العربي المعاصر، ينكر هذا الأسلوب من القراءة. وهي - في تصوّره- قراءة اجترارية، لأنها لم تقل جديداً، بل لم تتجاوز آلية الترديد للمحفوظ. وهنا يقول (نصر حامد أبو زيد): "لكن إشكاليات القراءة لا تقف عند حدود اكتشاف الدلالات، في سياقها التاريخي الثقافي الفكري، بل تتعدى ذلك إلى محاولة الوصول إلى المغزى المعاصر للنص التراثي، في أيّ مجال معرفي"([18]).
ما يفيد أن القراءة إضافة، بل هي تتجاوز (التتريث)، الذي يتقوم فيه التراث تراثاً، بتعبير (الجابري). هي خلق، إبداع، هي تجاوز للعقل السكولاستيكي، الذي بنيته مغلقة دوغمائية([19]). لذلك، ومن منظور القراءة المفصولة، وجب قلب هذا الجهاز المقولاتي الإجرائي التقليدي النفعي، والإيديولوجي، إلى آخر أدائي، يُفعِّل النص في واقعه، ويرتهن لشروطه. ما سمّاه (نصر حامد) بالقراءة المنتجة.
ولعل هذا الالتباس المنهجي بين القراءتين، هو الذي أدى إلى وجود طريق ثالث يدعو إلى التوفيق. ذلك أن القارئ يجد نفسه مشتتاً بين عالمين: عالم قديم، وآخر جديد، يحتاج إلى الربط والصياغة: "وإذا كان القارئ ينتمي إلى عصر، والمقروء ينتمي إلى عصره المقابل، فإن العلاقة بينهما علاقة انفصال، لا محالة. لكن هذا الانفصال سرعان ما يتحول إلى اتصال، على مستوى البعد القيمي، الذي ينطقه النص المقروء، والذي يتجاوب أو يتنافر مع البناء القيمي لعالم القارئ"([20]).
وعليه، فالحاجة إلى قراءة النص (هناك)، تدعمها الأسيقة الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية، (هنا). لأن الاستدعاء لا يكون عبثاً، بل لا بد من توافر الحاجة هنا/الحاضر. ووحده الراهن/ الحدث، هو الذي يحدّد كيفية انخراط التراثي في الآني.
أما معضلة التمشكل - في تصوري - فلا تكمن، فقط، في الحاجة إلى استجلاب التراثي - بالمفهوم الواسع- إلى الحاضر، بل هو يتعلق بالوعاء المعرفي، الذي يستدعي فيه التراث، أو النموذج الذي نستدعيه، لينخرط في حاضرنا، من أجل فكّ بعض عقده. وهنا نعدد أهم المآزق المعرفية، التي حالت دون تمكين القراءة المفصولة. وهذا ما يعدّده (طه عبد الرحمن) في كتابه: (روح الحداثة، المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية)، ولعلها ليست عيوباً، أو عورات، بالمعنى الذي قصده (طه عبد الرحمان)، لأنه افترض قالباً وضع فيه حجته، بل إنه جعل للعقدي أولوية على العقل، مما انصرف معه العقل إلى مكوّن هامشي. وهي حركة معروفة، تهدف دوماً إلى أسلمة العلوم الاجتماعية، فخطّها إيديولوجي واضح. ولعلّ هذا ما يؤاخذ عليه (طه عبد الرحمن)، أنه لم يصرف بحثه إلى المعرفي النفعي، بل صرفه إلى النفعي الإيديولوجي. يقول (طه عبد الرحمان): "إذ تقرر أن الوجه الذي تحقق به قراءة القرآن حداثيتها، هو أن تكون قراءة انتقادية، لا اعتقادية. فقد وجدت، بين أظهرنا، محاولات لقراءة بعض الآيات القرآنية، على هذا المقتضى الانتقادي. ونذكر منها - على وجه الخصوص- قراءة (محمد أركون)، ومدرسته بين التونسيين، ممثلة بـ(عبد المجيد الشرفي)، وفريقه في تونس، وأيضا تونسيين آخرين يقيمون بـ(باريس)، من أمثال (يوسف صديق). وقراءة (نصر حامد أبو زيد)، وقراءة (الطيب تزيني)"([21]).
هذا التصور المذكور آنفاً، هو تصور القراءة الحداثية، كما صرح (طه عبد الرحمان)، لا القراءة الاعتقادية.
ومن أهم الدعاوي، أو الآليات، التي تحتكم إليها القراءة الانتقادية، هي:
- خطة التأنيس: يقول: "والآلية التنسيقية، التي تتوسل بها خطة التأنيس، في إزالة هذا العائق الاعتقادي، هي نقل الآيات القرآنية من الوضع الإلهي إلى الوضع البشري (...) ويؤدي تطبيق هذه العمليات المنهجية التأنيسية، إلى جعل القرآن نصاً لغوياً، مثله مثل أيّ نصّ بشري"([22]). مما يعني أن النص القرآني يصبح تركيبة بشرية في السياق، لأنه ينتمي إلى الثقافة اللغوية للقارئ، مما يجرّ معه استلاب النص من مصدره (المرسل).
- خطة التعقيل: "وآلية التنسيق التي تتوسل بها خطة التعقيل، في إزالة هذا العائق، هي التعامل مع الآيات القرآنية، بكلّ وسائل النظر والبحث، التي توفرها المنهجيات والنظريات الحديثة"([23]).
وهذا يستلزم ما قاله (نصر حامد أبو زيد) من أن الخطاب القرآني كغيره من الخطابات: "إن كل الخطابات تتساوى من حيث هي خطابات، وليس من حق واحد منها أن يزعم امتلاكه للحقيقة"([24]).
حاول (طه عبد الرحمن) أن يقدم نقداً إبداعياً، من خلال إثبات التهافت الذي وقعت فيه القراءات الانتقادية، وهي قراءات وصفها بـ(الحداثية). ورغم أنه لم يسلط عليها آليات الإقصاء فوقياً، إلا أنه - وفي لغة خطابه التقليدية- قد أفرغها، من حيث لا يدري، من الاتصال الاعتقادي، على شروطه وفرضياته، وهذا ما لم يدّعه الخصم مطلقاً. هذا الاعتساف من (طه عبد الرحمن)، هو ما جعله يقول بأسلمة المعرفة، ومن ثمة القول بتهافت القراءة الجديدة. ولعمري إنني حين أقرأ لـ(طه عبد الرحمن)، أجده يصكّ كلامه، على طرق القدماء في تخيّر اللفظ، وتفنّنه، مما يجعله مقلداً، مخبوءً في لسان مجدد.
أما القول في التأنيس، فهذا ما لا يمكن أن يتنصل منه (طه عبد الرحمن) نفسه، فكيف بغيره، وقد جعل حجة مجاله التداولي ميزاناً، من أخذ به فقد أخذ بحظ وافر، ومن تركه فكأنما قد اخترق معلوماً من الدين بالضرورة. والتأنيس عند الحداثيين، ليس إنزالاً، بل هو ارتقاء؟! كيف يمكن للقارئ أن يفصل بين الجوانب المختلفة: العقيدة/الخرافة/ الأسطورة/الحكاية.. ثم إن (طه عبد الرحمن) يعتقد أن الحداثة ليست تقليداً للغير، وإنما هي الإتيان بما يضاهيه. فكيف تكون المضاهاة، إن لم يكن لنا سبق معرفة بإنتاج الغير؟! إنّ التفوق لا يحصل، إلا بعد استيعاب العلوم، من شرقها وغربها. فالمعرفة يكون طلبها أولاً، ثم التمكّن منها. وكيف يحصل التمكين، إن لم تمارس المعرفة على الحياة؟
إذاً، فالتأنيس، والمؤانسة، حاجة إنسانية، لا يمكن الفكاك منها - في تصور الحداثيين -، وأعتقد أن مبدأ التأنيس ليس جديداً، أو بدعة جديدة، وإنما عرفناها عند الفلاسفة الإسلاميين. وقد تأصلت هذه الدعوى في معارفنا، منذ الفتح المعرفي الرهيب، نتاج ترجمة الفلسفة الأرسطية. فكما يقول (أبو يعرب المرزوقي): "فاللحظة التاريخية التي نعيشها منذ قرنين، نقف منها موقفاً عدمياً، لكوننا نعتبرها مما لا يستأهل الوجود، فنعمل كل ما نستطيع لنفيها، وتقويضها بما نعتبره جديراً بالوجود، سواء كان من ماضينا، أو من حاضر الغرب، بدلاً من دراستها، وفهمها، لتغييرها، بحسب العمل على علم.
وإذاً، فليست هذه الغربة ناتجة عن موقف الفقهاء من الفلاسفة، فحسب - مع أنها عامل مهم - بل هي بنت المنزلة، والموقف، اللذين اختارهما الفلاسفة (...) كنا نتمنى أن يقوم الواحد منهم، بمثل ما قاما به، علاجاً علمياً، وما بعد علمي، لظاهرات الطبيعة، أو الشريعة، وما بينهما من نسب متبادلة"([25]). ولقد وجد المدخل الديني، فيما يقول (أبو يعرب المرزوقي)، فيما حصل من توحيد بين البعدين الروحي والإنساني في فلسفة (هيغل). وهذا ما تمثّله القراءات الحداثية بالنسبة لـ(نصر حامد أبو زيد): "ولا بد من الإشارة إلى أن المقابلة بين الطبائع والشرائع، لم تعتبر مقابلة بين الضرورة والحرية، لأن الفلاسفة قد ظنوها مقابلة متعالية على أثرها في علم الإنسان، وعمله (انفعالاً بها، لعلمها، وعملها) ومتجاوزة لهما. إلى أن جعلهم النقد الديني يدركون أن ما آلت إليه صيغة الإشكالية في الفكر الفلسفي، مصدره المقابلة القطعية بين علم الطبيعة، وعملها، وعلم الشريعة، وعملها"([26]).
يهدف (طه عبد الرحمان) إلى استبعاد الشخصي، وإثبات العقدي. ومن ميزات الشخصي: التعقيل، أو تحكيم العقل في فهم النص. لذلك جاء مفهوم العقل مشوشاً، ومضطرباً، لأنه نتج عن هذه الوصاية التقليدية، مع أن العقل له نظامه الخاص، الذي يشتغل وفقه. وله وجوده المفارق عن النص. فتدخله لا لإعادة بناء النص، وإنما لفهم النص، وتمثّله وفق شرائط الواقع، وهو لا يعني البتة التعطيل، بل هو التبجيل، حين يحافظ النص على حيويته، ولقابليته لعدد لا نهائي من العقول القارئة. على اعتبار "إنه لا وجود إلا للعقل"([27]).
ودلالة الوجود هنا جزئية، لا تحيل إلى الكلي، تختص بالعقل البشري، لاعتباره المفارق للنصوص، بشرية كانت أم إلهية. وهو لم يتدخل في صياغة هذه النصوص، بل يحاول فهمها، وعرضها على الزماني والمكاني، من أجل انخراطها في هذا الإطار التاريخي.
وهنا نطرح التساؤل الملح: لماذا احتاج النقاد المعاصرون إلى تقويم وضبط العقل، لممارسة النقد الحداثي؟ أتصور أن العقل، في المفهوم العربي، بقي أسير الدلالة المعجمية، التي تحيل على: (عقلت البعير قوائمها، إذا ضبطت، وقيّدت، وأحكمت). جرّ هذا الإلجام اللغوي، إلجاماً متكرراً، مما أدى معه إلى مصادرة العقل، بالاستناد إلى المنطق التبريري. إنه يحتاج الضبط، والوقوف عند المنتهى. وهي مصادرة معجمية، قادت العقل العربي إلى ما هو عليه من حالات السجن: سجنه لغوياً /نظرياً، وسجنه عملياً/ممارسة.
لذلك كبّل هذا العقل عن ممارسة وظيفته، التي استقال منها باسم الديني، وهي التفكير. والعقل يمارس حريته، في الواقع، من خلال النصوص المتاخمة له.. يريد أن يفهم، أن يعي، لأن أصل العقل الواقع.. وإنْ بدا أنّ نقد العقل العربي، تجاوزاً، كان لحاجة الإصلاح له، ولنواميسه: "فإن نقد العقل يتعامل مع الخطاب بالمنطق القول الفصل، أيْ بوصفه صادقاً أو كاذباً، معقولاً أو غير معقول، لكي يحكم عليه، إيجاباً أو سلباً. أما نقد النص، فإنه يكشف أن لا عقل يخلو من معقوله، ولا خطاب يخلو من معقوليته. إذن، النص هنا متعدد الأبعاد، والمستويات، والطبقات"([28]). إذن، المعقول من القراءة، هو الانخراط في الحاضر، من أجل تعديله، ورفع همته، لأن للعقل وحده الإمكانية في بناء المعنى. وبالتالي، بناء الذات، وبالتالي: تعديل وضعيتها الحضارية.
فما زال الوضع العربي يحتاج إلى تقويض للكثير من الكليات والقوانين الراسخة. بحاجة إلى صناعة عقل بديل، يتزمن بشروط الوضع الحداثي، والتوقّت بزمنيتها، أن يصبح التطور فعل ذات، لا فعل لفظي، وانكسار زمني، بل يتطلب هذا الأمر وعياً مزدوجاً بحاجة المكان/المدينة، والزمان/ المابعديات. فالخروج على السكونية، التي يشهدها وضعنا العربي، أخلت حقّاً بضروب التنويع، وطرح البديل، على مستوى الذات، التي رهنت جبروتها خارج ضماناتها، فكان النص هو الضامن لوحدة الذات، والمجسّد لرهانها في التاريخ. وهذا ما يشكل فرادتها كل مرة، وأن لا تبقى الذات متصوراً حيويّاً في الماضي، ومستلب الإرادة في الراهن. ولعل خلخة الذات، بإيجاد الإنسان الحامل لرهان الحداثة، من أكثر ما يقلق مشروع النهضة الذي نطمح إليه: "إن ما ندعوه بخلخة الذات، ليس سوى إعادة التفكير في مركز الوعي، الذي انبنت عليه تصورات الشعور التاريخي العربي، منذ قرون، وشكّل نواة القاعدة للمعرفة..."([29]).
وعليه، حين يندفع سؤال الوعي، وتتحرك الذات الجمعية في التاريخ، يمكن أن يتحقق المنعطف التأويلي للوجود. وبالتالي، تتشكل المفاهيم الكبرى الدافعة لخطاب الحداثة. وهنا فقط يتحرر الإنسان من الاستعباد، والاسترقاق، إلى التحرير، واستئناف الدورة الحضارية.

الهوامش:



[1] - محمد سبيلا، عبد السلام عبد العالي، الحداثة، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، ط1، 1996، ص5.
[2] - يورغن هابرماس: الحداثة وخطابها السياسي، ترجمة: جورج تامر، دار النهار، بيروت، ط1، 2002، ص15.
[3] - آلان تورين، نقد الحداثة، ترجمة: أنور مغيث، المجلس الأعلى للثقافة، 1997، ص307.
[4] - فتحي التريكي، رشيدة التريكي، فلسفة الحداثة، ص13.
 أقصد مرحلة ما بعد الحداثة، وأول من أشار إلى تلك المسألة المؤرخ البريطاني (أرنولد توينبـي/ 1959)، فجعله يدل على أمارات ثلاثة، ميّزت الفكر والمجتمع الغربيين، بعد منتصف هذا القرن، وهي: اللاعقلانية، والفوضوية، والتشوش".
 محمد الشيخ، ياسر الطائي، مقاربات في الحداثة وما بعد الحداثة، حوارات منتقاة من الفكر الألماني المعاصر، دار الطليعة، بيروت، ط1، 1996، ص10.
[5] - جياني فاتيمو، نهاية الحداثة، ترجمة: فاطمة الجيوش، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، ط 1، 1998، ص43.
[6] - هابرماس، القول الفلسفي للحداثة، ترجمة: فاطمة الجيوش، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، ط1، 1995، ص43.
[7] - عمر كوش، أقلمة المفاهيم، مقولات المفهوم في ارتحاله، ص97.
[8] - محمد الشيخ، ياسر الطائي، مقاربات في الحداثة وما بعد الحداثة، ص12.
[9] - آلان تورين، نقد الحداثة، ص291.
[10] - عمر كوش، أقلمة المفاهيم، كمولات المفاهيم في ارتحاله، ص98.
[11] - جاسم علي خريسان، ما بعد الحداثة، دراسة في المشروع الثقافي العربي، دار الفكر، سوريا، ط1، 2006، ص 43،44.
[12] - محمد الشيخ، ياسر الطائي، مرجع سابق، ص15.
[13] - عبد القادر بودومة، الحداثة وفكر الاختلاف، منشورات الاختلاف، الجزائر، ط1، 2003، ص114.
[14] - محمد بنيس، الحداثة المعطوبة، دار توبقال للنشر، المغرب، ط1، 2006، ص 9.
[15] - عبد السلام بن عبد العالي، ميتولوجيا الواقع، ص 120،121.
[16] - علي حرب، العالم ومأزقه: منطق الصدام ولغة التداول، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء / بيروت، ط1، 2002، ص110.
[17]- علي حرب، العالم ومأزقه، ص164.
[18] - نصر حامد أبو زيد، إشكاليات القراءة وآليات التأويل، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، ص: 6.
[19] - محمد أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، ترجمة: هاشم صالح، دار الساقي، ط2، 2002. ص: 18.
[20] - جابر عصفور، قراءة التراث النقدي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2006. ص 14.
[21] - طه عبد الرحمن، روح الحداثة/ المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، 2006. ص: 177.
[22] - المرجع نفسه، ص: 178.
[23]- المرجع نفسه، ص: 181.
[24]- نصر حامد أبو زيد، النص السلطة الحقيقة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، ص: 8.
[25]- أبو يعرب المرزوقي، حسن حنفي، النظر والعمل والمأزق الحضاري العربي الإسلامي الراهن، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط1. 2003، ص: 17-18.
 -[26]المرجع نفسه. ص: 66.
[27]- Martin Heidegger. Le principe de raison ; traduction , andré préan , éd gallimard 1962. page: 43.
[28]- علي حرب، الممنوع والممتنع، نقد الذات المفكرة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء- بيروت، ط2، 2000. ص55.
[29] - بن مزيان بن شرقي، التاريخ وكونية الاختلاف (من أجل فلسفة أخرى للتاريخ من منظور كوني) منشورات الاختلاف، الجزائر، ط1، 2003، ص 206،207.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق