01‏/01‏/2012

أثر الإعلام المرئي في تكوين شخصية المرأة 1-2


إعداد
خديجة عبد الخالق علي دهوكي   





­­
المرأة صانعة الحضارة دورها مسجل في التاريخ بحروف من نور؛ فهي أم الأنبياء والرسل، ومربية الأجيال، تدين لها البشرية بالفضل الكبير؛ وقد عرف لها الإسلام هذه المكانة فكرمها القرآن الكريم.
هذه المكانة الرفيعة جاءت بعد عصور أسدل عليها حجاب الجهل والظلام فتوارت وسلبت حقوقها فحرمت من العلم والمعرفة ولم تعد الا متاعاً او قطعة من أثاث البيت فيما عرف بعصر الحريم.....


وظل حال المرأة يتأخر وتتأخر معه البلاد حتى عرف عقلاء الأمة انه كي تنهض الشعوب فلابد من الارتقاء بنصف المجتمع، فانطلقت الدعوات تطالب بتحرير المرأة؛ وظهر الاعلام لتلبية حاجة المرأة وحاجة المجتمع إليها ليؤدي هدفاً ورسالة مهمة وهي ترقية المرأة و توعيتها وتبصيرها بحقوقها والمطالبة بسن القوانين والتشريعات التي تمكنها من أن تكون عنصراً فعالاً في بناء وتنمية المجتمع .
إلى أن تطورت أوضاع المرأة وحصلت على حقها في العلم والعمل واصبحت عنصراً فعالاً ومشاركاً في كافة مجالات التنمية، فلم يعد يخلو موقع على اعلى المستويات في العالم المعاصر الا وكان للمرأة فيه مكان وانجازات بارزة.
وهكذا تغيرت الظروف والأوضاع واستطاع الاعلام ان يتطور ويقفز قفزات سريعة بفضل التكنولوجيا الحديثة ولكن هل استطاع ان يواكب تلك التغييرات والاوضاع الجديدة للمرأة والأسرة؟ وهل استطاع أن يعبر عن هذا الواقع ويعكس التحديات الخطيرة التي تواجه الاسرة والمرأة وأين موقعها من القضايا العامة؟,
هل اكتفى الإعلام الذي توفر له كل مقومات الازدهار والانتشار بالحديث عن جمال المرأة وزينتها ومخاطبة النواحي الأنثوية فيها؟.
هل استطاع ان يخاطب المرأة ضمن مؤشرات طبيعية تعكس صورتها ودورها في الحياة العامة وفي المهن السامية؟ وهل وجود المرأة الكياني يختصر عند حدود جغرافية جسدها المثير ؟ وهل يقدم لنا مادة حقيقية أم أنها تصلنا عاجزة وغير قادرة على فهم الهموم العامة متغاضية عن جوهر المشكلات؟ هذا ما أود الإجابة عليه في ثنايا هذا البحث المتواضع.
    المقدمة
مع انه يفترض أن يكون للإعلام وظيفة بنائية وتربوية تهدف إلى الارتقاء بفكر المجتمع بشكل عام؛ وكذلك المرأة نحو آفاق اشمل وابعد بحيث يكون دوره معها حلقة مستمرة من التعليم والتربية والتثقيف، إلا أن واقع الإعلام الموجه للمرأة يؤكد على انه قد مارس معها أسلوب التهميش الفكري وتعامل معها على أنها جسد وحسب؛ فطغيان البرامج الترفيهية التامة وإشغال جزء من ساعات البث وصفحات الصحف بالغث والرديء من الموضوعات التي تحصر اهتمامات المرأة بدائرة ضيقة تنطلق بالاهتمام بالشكل وتنتهي إليه بدءاً بالموضة والأزياء والإكسسوارات وبرامج التخسيس وعمليات التجميل.
وهذا يؤكد إن وسائل الإعلام بكل ما تمثله من هيمنة وسيطرة وانتشار قد تركت آثارا سيئة وبالغة الخطورة على شخصية المرأة؛ وهذه الآثار تبدو بدرجات متفاوتة كماً ونوعاً إذ تختلف من مجتمع لآخر ومن امرأة لأخرى، كما إن أساليب الإعلام في التأثير والتوجيه مختلفة ومتنوعة، إذ قد تكون قصيرة المدى تظهر نتائجها مباشرة، وقد يحدث التأثير في ظل عملية تراكمية تحتاج فترة زمنية ممتدة وطويلة ليتم التغيير الكامل في المواقف والمعتقدات والقناعات؛ ومن أبرزها وضوحاً وأشدها خطراً هو فقدان المرأة لهويتها، وتميز شخصيتها، وسحب قدر كبير من انتمائها لدينها وتراثها وحضارتها، وهذا نتيجة حتمية للظاهرة المرضية المتمثلة في التقليد والتبعية (للآخر) .
فالصحافة النسائية أو البرامج المرئية الموجهة للمرأة في أهدافها وطبيعة مضامينها لا تعكس قيم المجتمع الذي تظهر فيه، بل تكرس نموذج المرأة الغربية و تظهرها بصورة ترسخ في الأذهان على انها النموذج القدوة.
و بدل أن يلعب الإعلام دوره في تثقيف المرأة والارتقاء بفكرها ساهم في خلق فراغ فكري وثقافي؛ وتم إغراقها بالهامشية من خلال إشاعة ثقافة الجسد فقط وهذه أزمة بحد ذاتها.
أهميـــــــة الدراســـــــــة
تكمن اهمية الدراسة في المجالين العلمي والاجتماعي، حيث تساهم في مجال مهم من المجالات الاجتماعية وهو (دور الاعلام في التنشئة وتكوين شخصية المرأة) وايضاً فيما تقدمه نتائجها النابعة من الواقع من معطيات واقعية تنفع الجهات المختصة والتربويين لمعالجة الاشكاليات التي تواجههم .
أهداف الدراســــــــة
1- الكشف عن الخصائص التوجيهية وطبيعة الاعلام الموجه للمرأة ودوره في تكوين شخصيتها.
2- تحديد أثر الاعلام المرئي في تشكيل شخصية المرأة بما تقدمه من برامج.
3- التعرف على التأثيرات السلبية للإعلام المرئي على سلوك وثقافة المرأة.
4- التعرف على نوعية البرامج التي تشاهدها المرأة .
مفهـــــــــوم الإعلام:
شهدت السنوات الاخيرة تطوراً واضحاً في تحديد مفهوم الاعلام نتيجة تطور فنونه وتقنياته وتعدد اهدافه؛ كما انه يمثل التعبير الموضوعي لعقليه الجماهير ولروحها وميولها واتجاهاتها في نفس الوقت (1) ويؤكد بعض الباحثين بأن الاعلام هو تزويد الناس بالاخبار الصحيحة والسليمة التي تساعدهم على تكوين  رأي في واقعة من الواقائع او مشكلة من المشكلات بحيث يعبر هذا الرأي تعبيراً موضوعياً عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم.(2)
ويعتقد آخرون أن الإعلام هو تزويد الناس بالمعلومات الصحيحة والحقائق الصادقة بقصد معاونتهم على تكوين الرأي السليم ازاء مشكلة من المشاكل او مسألة عامة.(3)
وهكذا تكون الغاية الوحيدة من الاعلام هي الاقناع عن طريق المعلومات السليمة والحقائق والأرقام والإحصائيات وما إلى ذلك.(4)
وهكذا يمكن القول أن الإعلام بأبسط تعريفاته هو التبليغ والتوعية والتوجيه عن طريق الاتصال بالجماهير، وهناك من يذهب إلى عمومية اكبر؛ حيث يرى في الإعلام انه جميع أوجه النشاطات الاتصالية التي تستهدف تزويد الجمهور بجميع الحقائق والأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة في القضايا والمشكلات ومجريات الأمور بطريقة موضوعية وبدون تحريف ما يؤدي إلى خلق مشكلة اكبر.
 وظــائـف الإعلام المـــرئــي
يعتبر الإعلام المرئي وسيلة تربوية وتعليمية وتثقيفية ينجذب إليها الناس من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين(5) وعن طريقها تتقدم الأمم ثقافياً وتتوسع مدارك أفرادها حول حياة الشعوب وطرق معيشتهم (6)، وله دور كبيركذلك في توجيه الرأي العام وتسيير عمليات التنشئة الاجتماعية.
التوجيه والإرشاد والتقويم كما يؤدي وظيفة الإعلام بالإخبار والمعلومات الصادقة التي تنساب إلى عقول الناس وترفع من مستواهم وتنشد تعاونهم من اجل المصلحة العامة. (7)
تفجير الطاقات الكامنة في الأشخاص والمجموعات .
تهذيب الذوق العام ودفع الجماهير إلى التفاعل مع الإنتاج الفكري والإبداع الفني.
تناقل التراث بين الأجيال وإثرائه.
حماية الخصوصيات الثقافية وحمايتها من الاحتواء الخارجي وإبراز مقومات أصالتها. (4)
خدمة المجتمع وإعلامه بالشؤون السياسية والأحداث المحلية والدولية.
تقريب وجهات النظر واستحثاث الهمم وتكثيف فرص الحوار والنقاش.
التــصور الإسلامي لوظـــيفة الإعلام
كان ظهور الإسلام إعلانا شاملاً لحرية العقل البشري تجاه الكون المادي وقوانينه وقواه ومدخراته، وكان الإيذان العام بانطلاق هذا العقل البشري ليعمل ويبدع في ذلك الملك العريض الذي استخلفه فيه ربه، وكانت هذه إحدى الحقائق التي تضمنها التصور الإسلامي عن حقيقة علاقة الخلق بالخالق، ومركز الإنسان في هذا الكون، وحدود اختصاصاته، هذا التصور هو الذي ينظر إلى الإعلام على انه ليس وسيلة من وسائل العبث أو اللهو  أو الإسفاف باسم الترفيه، كما ينظر إلى الإعلام على انه مبرأ من الدعاية واستبداد الكلمات بعقول الناس لأغراض مختلفة تستبيح كل شيء في سبيل القوة والربح، ومن ضمنها كافة فئات المجتمع والمرأة بشكل خاص، وإنما ينظر إلى الإعلام على انه يخاطب مخلوقاً ركبت فيه قوى العلم والإدراك وآلات العمل والإنتاج وسخر له الكون في أرضه وسمائه لحكمة سامية تعبر عن جلال الله وجماله وهي أن يكون هذا الإنسان خليفة في الأرض يعمرها ويعمل على إصلاحها واتساع عمرانها وإظهار أسرار الله فيها وإقرار الخير والسعادة في نواحيها، وبذلك تكون مظهراً لرحمة الله بعباده وآية من آيات قدرته وحكمته.
تأثيرات الإعلام السلبية على المرأة
 1- تشويه صورة المرأة بتقديم نماذج مشوهة عن المرأة .
 تعج وسائلنا الإعلامية المختلفة بشكل خاص بمواد و برامج وأعمال درامية أسهمت في قولبة صورة المرأة وتفريغها من أي مضمون علمي وثقافي وفكري وروحي؛ وقد ظلمها حين اهتم فقط بمظاهر الجسد الخارجية التي حولها إلى وسيلة لإثارة الشهوات ومداعبة الغرائز، وقدمها على إنها غانية تسلب ألباب وعقول الرجال بزينتها وجمالها واستغل جسدها في تحطيم بنية المجتمع وذلك بإثارة الغرائز ونشر فكرة – أن المرأة فقط جسد للتمتع به ولا عقل لها ولا فكر ولا ثقافة ولا دور، إضافة إلى تذويب شخصيتها المتميزة واقتلاعها من جذورها الإسلامية وأصالتها ومبادئها، وهكذا تم ربط المرأة بدلالات الجنس والإغراء وانتشر نموذج المرأة –الجسد- والمرأة – السطحية – التي لا هم لها إلا الموضة والأزياء ومواد التجميل وهي تفتقر للطاقات العقلية، وعلى هذا المنوال تم تجريد المرأة ليس فقط من إنسانيتها من خلال التركيز عليها كأنثى وإنما من خلال حرمانها من أية سلطة يعتد بها.
 2- تكوين قدوة سيئة للمراهقات
  بما إن المراهقة جاهلة بفلسفة الحياة وقلة الاطلاع على القضايا الفكرية والثقافية التي تشكل المنطلقات في حياتها الشخصية والاجتماعية فان لوسائل الإعلام تأثيرا كبيرا عليها وخاصة عندما تقدم وسائل الإعلام وخاصة المرئية – المرأة – كموضوع للإغراء الجنسي سواء في المسلسلات أو الأفلام أو الدعايات أو في أشكال المذيعات والمطربات فإنها تساهم في غرس مفاهيم وممارسات في أوساط الفتيات تؤكد على الرؤية الذاتية غير السوية، فالفتاة التي تنشأ لترى في نفسها جسداً لإغراء الآخرين وجذبهم ستغدو أداة هدم وليس بناء في المجتمع.
 3- خلق مشكلات اجتماعية أسرية
 حيث إن تشجيع نزعة الاستهلاك من خلال الإعلام المرئي سيؤدي إلى استنزاف موارد الأسرة وتشجيعها نحو الاستهلاك والتقليد وهو بحد ذاته سبب رئيسي في حدوث مشاكل اجتماعية وأسرية . 
 4- طمس الجوهر والاهتمام بالمظهر
  أصبح الإعلام المرئي وسيلة سهلة لتحويل الفكر العام عن الموضوعات الجوهرية التي تهم الأمة والمجتمع إلى التفكير بموضوعات تافهة سطحية، وبهذا الشكل تتمثل مخاطر الإعلام المرئي في كونها تحول نظر المرأة وغيرها عن مسئوليتها الحقيقية تجاه نفسها وأسرتها ومجتمعها وذلك بالالتزام بقواعد الدين وأخلاقياته وصيانة العرض والدين وتنشئة جيل يسهم في خدمة المجتمع .
 5- تغيير الموقف أو اتجاه التغير المعرفي
المقصود هو قدرة وسائل الإعلام المرئي على تغيير نظرة الناس إلى العالم من حولهم من خلال تغيير مواقفهم تجاه الأشخاص والقضايا؛ وبالتالي يتغير حكمهم عليهم، والتغير المعرفي هو أن وسائل الإعلام تؤثر في التكوين المعرفي من خلال التعرف طويل المدى لوسائل الإعلام كمصادر للمعلومات يؤدي إلى تحول في قناعاتهم في شئ نتاج ما تعلموه عن ذلك الشئ، فهي تستطيع أن تحدث تغيرا معرفيا (والمعرفة هي مجموع كل المعلومات التي لدى الفرد وتشمل الاعتقادات والمواقف والآراء والسلوك) لدى الجمهور متى استطاعت أن توظف المتغيرات وتوجهها على إيقاع واحد متناغم يعجل بالتغير المعرفي المنشود حسب الاتجاه الذي تريده فتتم عملية التغيير المعرفي عبر عملية طويلة تتنوع فيها جزيئات التكون المعرفي الجديدة التي يراد إحلالها محل المعرفة القديمة.
فالإعلام العولمي لعب دورا طلائعيا في طمس الأدوار الحضارية للمرأة طمسا ممنهجا يقوم على القهر وقلب سنن الطبيعة وفرض رؤية وحيدة تجعل المجتمع الإنساني لا يرى في المرأة إلا مشروعا جنسيا مشاعا عبر الصورة ثم يتجسد عبر شبكات العلاقات الاجتماعية اليومية وهذه فعلا هي العقيدة الذكورية في أحط مستوياتها وهي عقيدة غربية الجذور والمنشأ والتطور وتشكل ارتدادا بالإنسانية إلى الخلف ضد أعلى حقوق الإنسان والأعراف والأديان السماوية.
 6 - تكريس الأمر الواقع
فوسائل الإعلام تقوم بتكريس ما هو سائد؛ وتكريس الأمر الواقع في وسائل الإعلام يؤثر على الجمهور الذي يتعرض لها فتجعله يقبل ما هو عليه بغض النظر عن خطئه من صوابه، وبهذا الشكل يصبح نفوذ النخبة أمرا تلقائيا وطبيعيا ويحقق لها السيطرة على الجمهور إلى الحد الذي لا يمكن لأي شخص أن يثير تساؤلا من أي نوع حول صحة ما يجري أو يناقش الطريقة التي تدار بها الأمور، وهذا ما حصل بالنسبة لقضية المرأة.
 7- الاستعمار الفكري والغزو الثقافي وتنفيذ مخططات موجهة
إن أساليب الغزو الفكري في هذا العصر قد تغيرت وأخذت طرقا وأشكالا أخرى، فبعد أن كان الغزو سياسيا واقتصاديا تحول إلى فكري وثقافي لخدمة تلك الأغراض آنفة الذكر، واستخدمت فيها وسائل الإعلام المختلفة والمتطورة بكل قنواتها لغرض نقل المعالم الحضارية للمجتمعات المالكة والمنتجة لها إلى المجتمعات المستقبلة لها مما يؤدي إلى (تكريس شعور الانبهار بالغرب من خلال تقديم صور ايجابية بأساليب فنية عن النظام الغربي وأساليب الحياة وأنماط المعيشة في مجتمعاته ومحاولات العمل في مؤسساته المختلفة) (8) (إضافة إلى إشاعة مفاهيم تهدف إلى محاصرة الجماهير وتجريدهم من إمكانية اللجوء إلى التحكم بالوعي الإنساني المنطقي من جهة الأخرى)(9).
  8- خلخلة النظام القيمي مع تغيير القيم واهتزازها وانتشار وترسيخ الضارة منها
إن معظم البرامج والمواد الإعلامية بشكل عام والمرئية منها بشكل خاص التي تلقاها الإنسان في مجتمعنا هي ليست من النتاج المحلي بل هي نتاج شركات أجنبية وعربية مختلفة تنقل قيم وسلوك تلك المجتمعات التي تشجع بعضها (إن لم نقل كلها) الإنسان على الانحراف والتمرد على قيم المجتمع وقوانينه ونظمه من خلال عرضها لبعض القيم والمعايير السلوكية التي منها (الصراع القيمي بين الأجيال المختلفة وتمزيق الروابط والعلاقات الأسرية)(10) المقدسة بين الآباء والأبناء والتفكك الأسري ونشر الأفكار التي تشجع على (الخيانات الزوجية وتمجيد الجنس والاستهانة بالقيم والمبادئ الاجتماعية الحسنة) (11) (وتقليد أنماط الحياة وطرق وأساليب المعيشة في المجتمعات الغربية)(12) (ولو فرضنا إن وسائل الإعلام هي المسئولة عن ظاهرة اهتزاز القيم بشاهدنا لان وسائل الإعلام تكون فاعلة في تحويل القيم من قيم أصيلة ثابتة إلى قيم دخيلة متغيرة ومهتزة)(13) (ومن دون شك تلعب وسائل الإعلام الدور الكبير لتحويل القيم من نمط يتسم بالالتزام والثبات والاتساقية والموضوعية إلى نمط يتسم بعدم الالتزام والتغير والانتهازية والتناقض(14).
إن كل ما نسمعه أو نراه لا يخلو من هدف أو مشحون بالقيم كما يسميه المهتمون بعلم الاتصال(الإعلام)، وهكذا فان الرسائل الإعلامية سواء كانت في شكل خبر أو مكالمة البرامج علمي يسعى إلى إزالة قيمه من القيم وتثبيت أخرى محلها أو ترسيخ شئ قائم والتصدي لآخر.
 9-غرس العنف والرذيلة وتشجيع الانحرافات
أصبح الإعلام المرئي في الوقت الحاضر يلعب دورا رئيسيا ومهما في حياة الفرد والمجتمع إذا ما أحسن استخدامه؛ وبما أن العنف يعتبر من الظواهر الاجتماعية التي لفتت أنظار الباحثين في مجال علم الاجتماع وعلم الإجرام وعلم النفس وأجريت العديد من الدراسات الاجتماعية لغرض معرفة العلاقة بين السلوك الإجرامي وبرامج العنف والعدوان المعروضة على الشاشات السينما والتلفزيون والتي تضمن مشاهد الخلاعة والجنس وأفلام الخيال(15).
(وأكدت الإحصائيات أن 90% من صناعة الأفلام وتجارتها في أوربا والولايات المتحدة يعتمد على عنصري العنف والجنس الذي يعلم السلوك الإجرامي)(16). وفيه ملامح الترويج للجنس والوحشية والقتل والنزول بالمرأة من مستواها الإنساني وجعلها سلعة مما يؤدي إلى هدم شخصيته النساء وطاقاتهن وجعلهن غير قادرات على التكيف مع الواقع.
 10-الثقافة الترفيهية الدونية
 (ثقافة الصورة المرئية أوجدت ثقافة ترفيهية دونية على حساب المعاني التي تدفع الإنسان إلى الارتقاء؛ علما أن الترفيه هو في الأساس نوع من الدعاية والترويج لأفكار جديدة)(17)حيث لازالت هناك دول وحكومات تسيطر على كل قنوات الإعلام وتمنع انتشار الأخبار، وفي نفس الوقت تجبر المواطنين على التمتع بالوسائل التي تريدها هي والتي تخطط لها وتضع لها برامجها.
في العدد القادم إن شاء الله سوف تعرج الدراسة على آليات ااستغلال المرأة من قبل وسائل الاعلام؛ ومن ثم تعرض نتائج استبيان للرأي يتعلق بهذا الموضوع.r
الهوامش
1) -عبدا للطيف حمزة ، الإعلام له تاريخه ومذاهبه، القاهرة ،دارا لفكر العربي 1965 ص24.
2) -د.إبراهيم إمام ،الإعلام والاتصال بالجماهير،القاهرة مكتبة الانجلو المصرية ط3 1984 ص 11.
3) - د.احمد بدر ،الاتصال بالجماهير بين الإعلام والدعاية والتنمية ، الكويت 1982 ط1 ص 63.
4) - د.عبد العزيز شرف ،وسائل الإعلام ومشكلة الثقافة ، دار الجيل بيروت ط1 1993.
 5)- د.سمير محمد حسين ،الإعلام والاتصال بالجماهير والرأي العام ، القاهرة ط1 1984 ص24.
6) - جعفر لياسين، د.سعيد جاسم الاسدي- السرقة عن الأحداث، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي – جامعة البصرة 1990 ص103.7.
7)- د.زهير احمد حامد ألشربتي – الإعلام والإعلام المضاد – مجلة البحوث العدد 28، 1989ص60.
  (8)-عبد العزيز شرف ، الإعلام الإسلامي والتكنولوجيا الاتصال،دار قباء للنشر1998 ص17
9)- غزو العقول ن سلسلة عالم المعرفة العدد94 لسنة 1984 ص204)
 10)- إحسان محمد الحسن_تأثير الغزو الثقافي على سلوك الشباب العربي ، ص56.
(11)-عواطف عبدا لرحمن_قضايا التبعية الإعلامية والثقافية في العالم الثالث_ مجلة عالم المعرفة عدد 78 الكويت 1984 ، ص86.
(12)-سعد لبيب_البرامج التلفزيونية عبر الأقمار الصناعية_الرياض 1987 ، ص1970.
(13)-عبد الله شقرون_الإعلام وبرامج الخدمة العامة للشباب_الرياض 1987 ، ص121.
(14)-إبراهيم الداقوقي_الإعلام والتنمية الحضارية في الوطن العربي_مجلة التوثيق الإعلامي ، مجلد الخامس العدد1، 1986،ص53.
(15) -د. إحسان محمد الحسن_الصراع بين القيم الأصيلة والقيم الدخيلة ، ص3.
        أيضا(د.جيهان احمد رشتي_الأسس العلمية لنظريات الإعلام) ص613.
(16)- د.احمد لطفي بركات_القيم التربوية_دار المريخ للنشر1983_ص13 .
 (17)- رشدي فكار_معجم علم الاجتماع_دار النشر العالمية_باريس 1980 ، ص67.

هناك تعليق واحد:

  1. الله يبارك بيكم يارب موضوع مهم

    ردحذف