من المؤسف حقّاً ما جرى ويجري في غزّة من إبادة جماعية ترتكبها الآلة العسكريّة الصهيونية أمام أنظار العالم كلّه، وهو ما يعيد إلى الأذهان – بقوّة – قضية تغيير حال الأمة وانتقالها إلى المكانة اللائقة بها، وبرسالتها العظيمة.
لا شكّ أنّ مسؤولية وضع أمتنا الإسلامية الرّاهن، تقع على عاتق أبناء الأمة؛ بشـرائحها ونخبها المختلفة، وأن كل فرد في هذه الأمة - التي تعيش في أسوأ حال، وتدفع ثمن وضعها - عليه المسؤولية في إصلاح حالها، وإنهاء معاناتها الطويلة.
مقاومة أبناء الأمة في غزّة للكيان الصهيوني الغاصب، والمتحالفين معه، تؤكد حقيقة بدهية؛ وهي: أنّ هذا الكيان لا مستقبل له أبداً، وأن الأمة ستسترد حقوقها المسلوبة كافة بفلسطين وغيرها، دون أيّ شك. ولكن السؤال المطروح هنا؛ هو: كيف تصل إلى ذلك على وجه السـرعة، وبأقل خسارة؛ روحياً ومادياً؟
باختصار شديد، الأنظمة الحاكمة في بلداننا الإسلامية - التي يدعمها الغرب، وتحاول إسرائيل تطبيع علاقاتها معها علانية -، إحدى العقبات الرئيسة أمام تقدّم الأمة، من جهة، وبقاء الكيان الصهيوني، من جهة أخرى.
تخيّلوا، لو كانت الأنظمة الحاكمة في بلداننا؛ نابعة من ضمير أبناء الأمة، مُعبِّرة عن آمالها، مُسانِدة لـ(غزّة) في مقاومتها – كيف كانت ستقلب الطاولة على رؤوس الصهاينة، ومَنْ عاونهم، وتغيّر معطيات الميدان في فلسطين المحتلّة لصالح مستقبل الأمة برمّتها؟!
تجربة غزّة تُعلِّمنا ألّا صلاح لحال الأمة دون إصلاح أنظمتها الحاكمة، ونحن نعيش مرحلة من التاريخ الإنساني، يُدرك فيها كل فرد - مهما كان مستوى ثقافته - كيف يقول (لا) لتلك الأنظمة المتسلِّطة على زمام الأمور.
إنّ قولَ (لا) بوجه المحتكرين للسلطة، ومواجهة الانقلابيين الدّاعمين لتدمير الأمة، واستنزاف ثرواتها البشـريّة والمادية – بأسلوب سلمي مدني، والثبات في مقارعة فسادهم -؛ هو السبيل لدحر أعداء الأمة، مهما كان تقدّمهم في الآلة العسكريّة.
---
مجلة الحوار ǀ العدد 186 ǀ السنة الحادية والعشرون ǀ شتاء 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق