30‏/03‏/2024

آخر الكلام/ العراق طلع من حفرة وقع في دحديرة!

محمد واني

كل الحكومات التي تولت السلطة في العراق، بعد 2003، بدعم أمريكي مباشر، لم يكن لديها خطة تنموية اقتصادية اجتماعية مستدامة لإنهاض البلد وإحداث تغيير في مؤسساته التي ظلت أسيرة التخلف في ظل حكم النظام البعثي البائد؛ فلا هي قدمت خطة خمسية ولا عشـرية، ولا طرحت أي مشـروع لتطوير البلد بما يواكب التقدم المعاصر، وبما يتناغم مع حركة التطور الجارية في دول المنطقة، وامتنعت عن القيام بأي محاولة لصيانة البنية التحتية وتحديثها، ولم تحاول أن تستفيد من الخبرات الأمريكية والأوروبية، وشركاتها الاستثمارية والتكنولوجية التي فتحت ذراعيها لتقديم خدماتها، والنتيجة أن العراق - بعد أكثر من عقدين من حكمها - لم يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، بل ازداد تخلفاً وجهلاً، وتقهقر إلى الوراء في كل الميادين؛ وحتى حركة الفنون والثقافة والمسـرح والسينما توقفت تماماً، ولم تقدم أي عمل ذي قيمة إبداعية، منذ تولي الأحزاب الشيعية سدة الحكم .

ومن يرى الحالة المزرية التي عليها بغداد والمحافظات الجنوبية؛ من قلة الخدمات، وغياب التنمية، وعلى ضوء التقارير التي ترفعها المنظمات الدولية الإنسانية المعنية بالفساد حول العراق، يتبين له حجم الدمار الذي لحق بالبلد، والمأساة التي يعيشها العراقيون! الأمر الذي دفع الكثيرين منهم إلى الترحم على عهد صدام حسين، واستذكاره بحسـرة! ولسان حالهم يقول إن كنا نعيش من قبل في (حفرة) صدام، فإننا اليوم وقعنا في (دحديرة) الأحزاب الطائفية! خرجنا من دكتاتورية عروبية، ودخلنا في دكتاتورية طائفية!

خطأ الأمريكيين القاتل أنهم نصبوا أناساً على الحكم لا خبرة لهم في أمور الدولة وإدارة مؤسساتها وطرق التعامل مع الفسيفساء العراقي؛ صحيح أنهم كانوا ضمن صفوف المعارضة، ولكنهم لا يملكون مؤهلات (رجل الدولة)! تعاملوا مع أصعب المجتمعات وأعقدها في العالم؛ من حيث تنوع الديانات والطوائف والإثنيات والثقافات المختلفة، والأمزجة المتباينة، بخلفية طائفية قاتمة، ولم يدركوا أنها تختلف عن كل مجتمعات المنطقة؛ فلا شيعة العراق مثل شيعة دول المنطقة، كونه مصدر التشيع وأرض الأئمة والمراجع الكبار، ولا أكراده مثل أكراد تركيا وإيران وسورية، فهم يختلفون عنهم ثقافياً وسياسياً، وكذلك الأمر بالنسبة للسنة الذين يختلفون عن أقرانهم في دول المنطقة، من خلال مزجهم القومية بالدين!

الحكام الجدد لم يدركوا هذا التميز العراقي، ولم يتعاملوا معه بحكمة، فخسـروا الرهان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق