محمد واني
لن تهدأ منطقة الشرق الأوسط، ولن
ترى الاستقرار السياسي، والأمني، حتى تتحقق الأهداف الاستراتيجية للمشروع الأمريكي
القديم الجديد (الفوضى الخلاقة)، رغم مرور أكثر من سبعة أعوام على اندلاع ثورات
الربيع العربي، التي شملت معظم الدول العربية ذات الأنظمة الشمولية، وهي خطوة أولى
باتجاه تطبيق المشـروع الأمريكي على أرض الواقع..
فمازال العنف الطائفي قائماً، والفوضى منتشـرة، في كثير من الدول المفصلية
في المنطقة، كاليمن والعراق وسوريا وليبيا، ودول أخرى أكبر وأوسع نفوذاً، يجري
إدخالها بالقوة في المشـروع الفوضوي الأمريكي، كتركيا وإيران، وربما السعودية،
ودول الخليج، فيما بعد .
وتركّز اهتمام الدوائر الغربية على منطقة الشـرق الأوسط
بعد أحداث سبتمبر بعامين (في 2003)، من خلال إشاعة
الفوضى، و تدمير كل ما هو قائم،
ومن ثم إعادة البناء، حسب المخطط الذي يخدم مصالح القوى المتنفذة.. ومن أكثر المفكرين
الذين تحدثوا عن هذا الأمر (صامويل هانتنكتون)، صاحب نظرية (صراع الحضارات)، حيث
بنى نظريته على أساس أن الصراع العالمي القادم سيكون حضارياً، مع التركيز على
معاداة الحضارة الإسلامية، التي يرى أنها لا يمكن بحال أن تنسجم مع الحضارات
الأخرى.. والنظرية تعني باختصار "أنه عندما يصل المجتمع إلى أقصـى درجات
الفوضى، المتمثلة في العنف الهائل، وإراقة الدماء، وإشاعة أكبر قدر ممكن من الخوف
لدى الجماهير، فإنه يصبح من الممكن بناؤه من جديد، بهوية جديدة، تخدم مصالح الجميع."
وجاءت (كوندوليزا رايس)، لتتبنى النظرية، وتجرّبها على
أمم وشعوب الشـرق الأوسط بكاملها، بحجة أن حكومتها تريد نشـر الديمقراطية، بعد
عمليات فوضوية عارمة، لا تبقي ولا تذر! حيث صرحت أن "(الولايات المتحدة)
ستلجأ إلى نشـر الفوضى الخلاقة في الشـرق الأوسط، في سبيل إشاعة الديمقراطية"
وكان ظهور (داعش)، المفاجئ، في العراق وسوريا، ودخول
روسيا في المشهد السوري، وتوسيع إيران لنفوذها في المنطقة، وسيطرة تركيا على مدينة
عفرين، وتدخل إسرائيل، بين آونة وأخرى، وصمت أمريكا، والمجتمع الدولي، المريب، حيال
سيطرة القوات العسكرية العراقية، والحشد الشعبي، على مدينة كركوك.. كل هذه الأحداث
المتتابعة، دخلت ضمن إطار التحضيرات الأمريكية، لترسيخ مشـروعها الاستعماري
الفوضوي في المنطقة، وجرّها إلى دوامة من العنف الشديد، وانعدام الاستقرار، والحرب
الطائفية، والعرقية، التي لن تنتهي إلا بانتهاء الجميع، شعوباً ودولاً، وتدميرها
تدميراً كاملاً، باسم الديمقراطية، وإعادة تأهيلها، وتأديبها (من أول، وجديد)!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق