عمار وجيه
نكرّر
دوماً أننا يمكن أن نستخرج ١١٤ رسالة كليّة من ١١٤ سورة، فإذا كانت رسالة (يوسف)
قطف ثمرات المدرسة الإبراهيمية، وتحويلها إلى نظام حكم. أو كانت رسالة (آل عمران)
أنّه لا قيادة بلا تضحية، ولا تضحية إلا بقضية، ولا قضية إلا بفكرة، ولا تصح
الفكرة إلا ببرهان.. وهكذا..
فما
رسالة (سورة لقمان)؟
إنها
رسالة (الحكمة) لأولادنا، الذين نتوهّم أنهم ما زالوا صغاراً عليها: [تِلْكَ
آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ) لقمان/٢
-
الحكمة في تحفيزهم على العبادة، وهم صغار: [الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ] لقمان/ ٤
-
الحكمة في توعيتهم أن تجار وشركات اللهو (المدمر) من أنواع الكليبات المثيرة
للغريزة، ومحفزّات الإدمان من
ألعاب وممارسات شتّى، ستحطّمهم لا محالة، مقابل أن
يغتني أصحاب تلك الشـركات: [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ
لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ
لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ]/ ٦
-
الحكمة أن نعلمهم كيف يفكّرون في عجيب صنع الله: [خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ
عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ…] /١٠
-
وكيف يتأمّلون في القدرة الهائلة التي لا حدود لها: [يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ
تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي
السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ
خَبِيرٌ]/١٦
-
وكيف يتصوّرون سعة علم الله: [وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ
وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ]/ ٢٧
-
الحكمة تكون في أن نحسن تشغيل عقله، وقد ذكرنا نماذج، وقلبه: [وَوَصَّيْنَا
الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ
فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ]/١٤ وجوارحه: [يَا
بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ…)/
١٧
-
الحكمة تكون في بناء القيم من أدب وتواضع: [وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ
وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ
فَخُورٍ…]/ ١٨
-
والرجولة التي قوامها الصبر: [وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ
عَزْمِ الْأُمُورِ]/ ١٧
-
الحكمة أن يفهم أن دور الأب الإرشاد، وأننا لن ننقذهم يوم الحساب: [يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ
وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا…]/٣٣
-
وأخيراً وليس آخراً، الحكمة أن نعلّم أبناءنا حديث النبي عليه الصلاة والسلام،
الذي تلا فيه آخر آية من (سورة لقمان)، بعد أن ذكر أشراط الساعة: [… خمسٍ من الغيب
لا يعلمهنّ إلا الله]: [إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ
الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ
غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ]/
٣٤
-
فإذا آمن ولدك أن الله عنده علم الساعة، استعدّ للقاء الله في أيّ ساعة.
-
وإذا اطمأن أن الله ينزل الغيث، توكّل عليه، وطلب الرزق، وانتظر الغيث والإغاثة من
الله.
-
وإذا أيقن أن الله يعلم ما في الأرحام، لم يحزن إنْ رزق ببنت أو ولد، وصبر إنْ لم
تكتب له الذرّيّة، لأنّه لا يعلم أين يكون الخير.
-
وإذا أدرك أنه ما تدري نفس ماذا تكسب غداً، لم يجزع عند وقوع الأقدار، ورضي بها.
-
وإذا علم أنه ما تدري نفس بأيّ أرض تموت، جعل حياته كلّها لله، لأنّه لا يهمّه من
أيّ محطة سيغادر إلى دار البقاء.. فكلّ المحطّات تؤدّي إلى الآخرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق