د. سعد سعيد الديوجي
تتردد في وسائل الإعلام
كافة صيحات مبطنة عن ظاهرة (الإرهاب الإسلامي)، خصوصاً بعد ظهور (مؤسسة داعش) الغامضة،
تحت غطاء إسلام مزور، والذي لم يستفد منه إلا أعداء المسلمين، في واحدة من أعقد الظواهر
التاريخية، وأشدها غموضاً، لتتحول هذه الظاهرة إلى حرب عالمية ضروس، تشارك بها الفرقاطات
البحرية، والصواريخ الموجهة، ثم تتحول المنطقة إلى كانتونات نفوذ للدول الكبرى، هنا
وهناك.!
فالرئيس الأمريكي (ترامب) كان قد كتب في تغريدة له على موقع
(تويتر): "الأمر يتعلق بـ(حرب دينية محضة)، تحمل قدراً كبيراً من الكراهية"،
وتساءل (ترامب) في تغريدته: "متى ستردّ الولايات المتحدة، والدول الأخرى؟"،
والذي سبق تغريدته بتصريحه لإحدى الصحف عن كراهيته للمسلمين، لأنهم صلبوا المسيح، علماً
أن الأناجيل تتكلم بصراحة عن محاولة صلب المسيح من قبل اليهود في أورشليم.
لقد اختلف مفهوم الإرهاب بشكل مذهل، فمع إيماننا بأن الإرهاب
هو محاربة وقتل وتعذيب المدنيين العزل، ونهب ممتلكاتهم، وإحراقها، وطردهم من أماكن
سكناهم (تطهير عرقي)، سواء من قبل أفراد أو مؤسسات أو حكومات، لأسباب دينية أو قومية
أو اقتصادية، وهو عمل ممقوت ومدان على كافة المستويات، بالنسبة لنا كمسلمين، عملاً
بالآية الكريمة، قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ
أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا
قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا، وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا،
وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ
ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}(32) المائدة.
إن مسألة كون (داعش) مؤسسة إرهابية بامتياز، مسألة لا نقاش
حولها.. ولكن أن تجتمع الدول الكبرى والصغرى لحرب هذا الوحش الخرافي، والذي ظهر علينا
بمناظر القتل والذبح على الطريقة الهوليودية، وانخدع بها السذج والبلهاء، بعد اقتناعهم
بأن الأمر يصبّ في خانة الدين، ثم صبّ الأمر في حقل (الإرهاب الإسلامي)، من دهاقنة
الساسة العالميين، لهو أمر له دوافع مشبوهة.
وضمن هذا الإطار، تحوّل الأمر من محاربة وإدانة مؤسسة غامضة
ومشبوهة، ذات ارتباطات دولية مريبة، إلى محاربة الإسلام كمبدأ، وتشويه مفاهيمه، وتاريخه
الطويل، ببرامج وكتب معدة سلفاً، وباشتراك المغفلين والسطحيين والنفعيين، ممن يدّعون
الثقافة والعلم، ومن المحسوبين علينا.
لقد أردنا التنويه للأمر، بعد أن امتلأت مواقع الانترنت والصحف
بالمشاهد الإرهابية البشعة، التي يتعرض لها مسلمو (الروهينجا)، في إقليم (أراكان)،
في دولة (ميانمار) (بورما سابقاً)، ذات الأغلبية البوذية.
والغريب في الأمر أن هذه الحرب الإرهابية البشعة تتم برعاية
(الرهبان)، ذوي الأردية البرتقالية، وفي دولة تحظى رئيسة بلادها (سوتشي) بمجد جائزة
نوبل للسلام، والتي حملها من قبل (تشرشل)، و(مناحيم بيجن). وعندما نطقت بوحي من الجائزة
التي تحملها، قالت بأن ما يشاع عن هذه المجازر مجرد أخبار مضللة!!.
ورغم أن كل الأفعال تصب في دائرة الإرهاب الدموي، إرهاب (داعش)،
بمراتب عليا، ألا إننا لم نسمع لا من السيد (ترامب)، ولا من السيد (ماكرون)، الذي تتمتع
دولته بتاريخ إرهابي- استعماري متميّز في قتل الناس، خصوصاً في أفريقيا والجزائر، كلمة
واحدة تصف هذه الأعمال بالإرهاب، ولا من الحبر الأعظم، الذي بارك الرئيسة بعد حصولها
على (نوبل)، ومن كل الدول التي تتغنى بالديمقراطية.
أما أخوة الدين، من العرب والمسلمين، فقد اكتفوا بالإدانة
خارج مفهوم الإرهاب، ولم يجرؤا على التفوه بكلمة (إرهاب)، ولو لمرة واحدة!، وعندما
استجمعوا شجاعتهم قالوا بأنها حرب طائفية!.
لقد توزّع إرهاب داعش السينمائي على المسلمين وغير المسلمين،
ومع ذلك وصفها السيد (ترامب) بأنها حرب دينية ضد المسيحيين، وهو لا يعرف من صلب المسيح.
ولكن ما هي الطبيعة الإرهابية لما يحدث في (ميانمار)؟ وإن
الحملة الجارية ضد مسلمي (الروهينجا) تقودها جماعة من الرهبان البوذيين الأنقياء تسمى
(969)، بقيادة راهب اسمه (أشين ويراثو)، يأتمر بأمره قادة من الجيش والشرطة وميليشيات
مدنية، رغم ما يشاع عن البوذية بأنها دين سلام ومحبة، وأنها لا تلجأ إلى العنف، وهو
ما يميّزها عن دين آخر!!.
والحقيقة إن هذه مجرد أوهام وأكاذيب نشرتها الدعاية البوذية،
كما أكد ذلك المختص بالدراسات البوذية (مايكل جيرسون)، والذي نشرت مجلة (البيان)، العدد
326 ، في آب من عام 2014م، خلاصة دراساته بعنوان (رهبان يحملون السلاح).. يقول (جيرسون):
إن البعد الإرهابي في هذه الديانة موجود في كتبهم، حتى إن أحد كتبهم المقدسة يتكلم
عن قتل بوذا نفسه لأحد كهنة الديانة البراهمية، لما نال من أحد أسفارهم المقدسة أثناء
الصراع بين ديانتين.
وفلسفة القتل في الديانة البوذية تصب في باب الرحمة للأعداء!،
كي يتطهروا من ذنوبهم في الجحيم، فتنتقل أرواحهم إلى عالم الحقيقة البوذية.. ويشبهون
القتل بالإجهاز على بهيمة تعاني داءاً عضالاً.
والأسس الدينية للإرهاب البوذي، بقيادة الرهبان، والذين تبلغ
أعدادهم، في (ميانمار) وحدها، حوالي نصف مليون، يأتي من إيمانهم بأن الوجود مجرد وهم،
وأن الحقيقة لا تدرك إلا بتحصيل (النيرڤانا)، أي: (الفناء في الإله)،
أو ما يسمى بوحدة الوجود في الديانات الأخرى، خصوصاً في الطرق الصوفية.
وعليه، فقتل الخصوم مجرد حادث في عالم الوهم، والذين يقتلهم
الرهبان يسمّون في اللاهوت البوذي باسم (أتشانتيكا)، وتعني: المحجوبون عن النور، والضحايا
إنما ينالون الرحمة بقتلهم وتعذيبهم.
هذه بعض جوانب دوافع القتل في البوذية، التي لا يقتل أتباعها
نملة، حسبما يدعون، وينحني أتباعها بأدب بالغ أمام الناس، وفي نفس الوقت يمارس رهبانهم
حرق المسلمين، وقتلهم، ليطهروهم من آثامهم، قبل إرسالهم إلى جهنم، ثم يتّحدوا مع أصنام
بوذا الصامتة المنتشرة في كل مكان.
لقد آن الأوان لوصف ما يحدث في ميانمار بـ(الإرهاب القذر)
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق