د.
يحيى عمر ريشاوي
احتل
الارتباط الوثيق بين بيئتي الإعلام والسياسة مساحات واسعة من الكتابات الإعلامية والسياسية،
وشجّع الباحثين على تحليل هذه العلاقة الارتباطية، وفكّ طلاسمها، وذلك من خلال البحوث
والدراسات الأكاديمية، والكتابات التشخيصية، والرؤى والتصورات الاستبصارية.
حين
تراقب البيئة السياسية تلاحظ التأثيرات القوية للإعلام، ومؤسساته، في تحريك البيئة
السياسية، وتغيير مسار العملية السياسية، أينما وكيفما أراد.. والملاحظ لتاريخ وسائل
الإعلام يلمس هذه التأثيرات، منذ عصر الطباعة إلى عصـر الفضائيات والإعلام الجديد
(البديل)؛ وكما أحدثت المطبعة ثورة كبرى في شيوع الكلمة والمعرفة، وخلقت صراعاً بين
السلطة الدينية والسياسية وبين الطبقة المتنورة، فإن الإعلام الجديد - والمتمثّل بمواقع
التواصل الاجتماعي، وغيرها- خلق أيضاً بيئة سياسية افتراضية، ومجالاً للتعبير، والنقد،
ومراقبة السلطة السياسية، لم يسبق
لها مثيل.
لها مثيل.
ومن
الناحية الأكاديمية والتحليلية، فإن الدراسات تؤكد على أن وراء الطرح الإعلامي للدول
والحكومات فلسفات ورؤى سياسية مختلفة تحرّك الماكنة الإعلامية، وتحدّد مسارها. وكانت
نتيجة هذه الدراسات العديد من النظريات الإعلامية، على سبيل المثال لا الحصـر: النظريات
(السلطوية- الحرية - المسؤولية الاجتماعية، وغيرها).
من
خلال كل ذلك نستنتج أن طبيعة العلاقة بين كل من السياسة والإعلام هي علاقة ارتباطية
وثيقة، ولا يمكن تصوّر حركة سياسية، أو مجالاً للعمل السياسي (وخاصة في عصـرنا الحاضر)،
بدون محرّك ومروّج إعلامي يقوم بوظيفة الدعاية لها، ولا يمكن تصوّر مؤسسات إعلامية
خالية من تناول الشأن السياسي.
وأخيراً، وكما يقول أحد السياسيين، كاشفاً للعلاقة القوية بين السياسيين والإعلاميين:
كاد الإعلاميون أن يكونوا سياسيين، وكاد السياسيون أن يكونوا إعلاميين!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق