07‏/07‏/2021

مرافئ/ إذا اؤتمن.. خان!

د. يحيى عمر ريشاوي

من حقك، ومن حقنا أن نفتخر بالرؤية الإدارية والسياسية الثاقبة لدى معلم البشـرية محمد، رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذلك في نظرته ورؤيته الى أمور الحكم وإدارة البلاد، نظرته ورؤيته إلى المسؤولية، ونظرته ورؤيته إلى علاقة الحاكم والمحكوم، وإلى جسامة الأمانة الموكلة إلى السلطات، وكذلك إلى قضية الراعي والرعية، وغيرها من المسائل والأمور التي تدخل في دائرة الإدارة والسياسة والسلطة والحكم.. هذه الأمور تجدها في ثنايا سيرته، وفي ثنايا خطبه وأحاديثه، زهاء ربع قرن من نبوته وقيادته الدينية والسياسية والاجتماعية.

  فحين ينظر المرء – مثلاً - إلى  الحديث النبوي الشـريف: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)، ويقرأه بتمعن، ويقارنه بحال السلطات الحاكمة في العراق والإقليم، فإن صفة (المنافق السياسي) تنطبق على معظمهم، إن لم نقل كلهم، بامتياز !! كذب فاضح، ومخالفة للوعود المتكررة، وخيانة للأمانة الموكلة إليهم .. أيما خيانة!، حينها فقط تدرك سـر تخلفنا، وما آل إليه حال البلاد والعباد.

ولعمري، إن إدارة الحكم، وازدهار بلد ما، وتحقيق العدالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لن تتحقق البتة، إلا بسياسيين صادقين، أوفياء مع وعودهم، محافظين على أماناتهم.. واستقراء البلاد التي نهضت من كبواتها، وازدهرت من بعد تخلفها، وتشتتها، وحصلت فيها تنمية حقيقية، يعطيك الدليل القاطع على ما تقدم، ويعطيك الدليل أيضاً على أن ما نعانيه من فساد مالي وإداري، وما يتجرعه المواطن المسكين والمغلوب على أمره، من شح في الخدمات، وعدم استقرار، وفقدان للأمن والعدالة والرخاء، ليست إلا نتيجة لـلآفات الثلاث: (الكذب، والخيانة، ومخالفة الوعود).

وبالطبع، فإن الوصول إلى بيئة (الصدق مع الخلق، والوفاء بالوعود، والمحافظة على الأمانة)، لن تتحقق فقط عبر الترغيب والتذكير والمواعظ والدورات، وغيرها من أساليب التنشئة الاجتماعية والسياسية والإدارية، بل تحتاج - إلى جانب كل ذلك- إلى سلطة قوية ورادعة تقف بقوة بوجه كل من صار الكذب ومخالفة الوعود وخيانة الأمانات ديدنه.. وتحقيق ذلك لن يتأتى إلا بوجود حاكم ورأس سلطة يعي هذه الحقيقة، وسلطة سياسية وحكومة عادلة تجعل من فحوى هذا الحديث النبوي العظيم ثقافة وشعاراً وسلوك حكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق