03‏/04‏/2023

في علاج الغيرة والحسد علميًا

بكر أبو بكر

فلسطين

 تأتي حلقاتنا عن القيم والأخلاق، وفي فصل الحسد ومشتقاته، ضمن كتاب قادم سيتم نشـره بعنوان: نحن وحوار القيم والأخلاق والمروءة (وربما يتغير العنوان لاحقًا)، متضمنا العلاقة بين المروءة والحسد، والمسؤولية والشغب، والكذب واكتمال الخُلُق، ما هي ضرورة للإنسان عامة، وخاصة ذلك الذي يعمل في الشأن العام، من خلال أي منظمة أو مؤسسة، فيها من العلاقات الاجتماعية

والاتصالات الكثيفة ما يستدعي الضمير والأخلاق كسند حقيقي للمبادئ.

 في دراسة حول تشـريح الحسد والغيرة والكراهية، وكيفية التخلص من هذه المشاعر(1)، تشير الى أن هناك ثلاثة أنواع من المشاعر تفسد أيامنا وتفسد عطلاتنا وتثير غضبنا؛ تبدأ مع الحسد، الكثير منه، وتتطور إلى الغيرة، وفي النهاية يؤدي الكثير منها إلى الكراهية.

والسؤال: كيف يمكن للمرء التخلص من هذا النوع من (علم النفس- السيكولوجيا)؟ وكيف نطور موقفاً إيجابياً؟ كيف يمكنني تحسين نفسي؟

دعنا نقدم بعض الطرق التي تجعلك تتمتع بعقل سليم:

 1-لا تقارن ما لديك، مع نقاط القوة لدى الآخرين(2).

 2- هناك الكثير من الأشخاص الذين يكافحون أسوأ أو أشد منك.

 3- عش اليوم، وكن ممتنًا لما لديك.. لا تغار مما لم تحصل عليه بعد. فكّر فيما لديك، مثل الأسـرة السعيدة، والطفل الجميل، وما إلى ذلك. تحريك عينيك إلى (لدي)، بدلاً من (أريد)، سيجد (الثراء).

4 - تعامل مع الآخرين بعقلية مشجعة، وقاعدة ربح-ربح(3).

    عندما تشعر بالغيرة في أي وقت، حاول تغيير طريقة التفكير على الفور، وتحويل الحسد إلى تمنيات طيبة للطرف الآخر.. حفّز نفسك بنجاحهم.. اسعَ إلى أن تكون جيدًا مثلهم، أو أفضل منهم.

5 - عليك أن تؤمن  بنفسك، بالعثور على ميزاتك الخاصة، وتوضيح أهداف الحياة لديك.

6 - كيف تجعل نفسك أفضل؟.. من اليوم فصاعداً، غيّر طريقتك بالتفكير في حياتك.. أحب نفسك.. ليس من السهل أن تحب نفسك.. في الأساس، يجب أن نعتني جيدًا بطعامنا، وشرابنا، وحياتنا الأساسية.. ركز على نفسك، بدلًا من الأفكار السلبية.

7 - إذا كنت تشعر بالغيرة باستمرار، وتشعر أنه من الصعب أن تكون صادقًا وسعيدًا مع الآخرين، فكيف؟

  فقط من خلال الإصرار على الإيجابية واليقظة والتفكير، والتعامل مع السنوات كـ(وحدة) تغيير، حيث يمكننا إجراء تغييرات حقيقية بمرور الوقت، وليس عبر حالة مؤقتة.. استشـر الناس، واطلب آراء الناس من حولك، للحصول على رؤية متوازنة.. اسأل عما إذا كانت هذه المشاعر شائعة.

8 - إذا كان إحساسك بالأمان هو ثروتك، فكيف تتعامل مع الأمور؟

الثروة في قلبك.. حياتك لا يمكن أن يكون لها ثمن.. عندما يكون لديك الكثير من المال، قد تبدو آمنًا. لكن الشعور بالأمان لا يساوي الأمن الحقيقي، كشخص تعتمد بشكل كبير على شيء عابر.. العالم متغير.. المشكلة النهائية في الحياة هي أن المال لا يمكن حل مشاكله، ولن يتم جلب الثروة إلى الحياة التالية.. الشخص الأكثر حكمة سيجمع النِعَم وليس المال.

9 - ماذا لو شعرت بالغيرة من الأشخاص الأكثر ذكاء منك؟

    عندما ترى أشخاصًا - بواقع نظرتك لهم - أنهم أذكياء أكثر (مصطلح أكثر من أنفسهم)(4)، يجب أن تفكر: هذا هو نتيجة الجهود السابقة لهم.. أنت بحاجة لتعديل النظرة بشكل جيد الآن، عبر تطويرك عقلاً واسعًا، وفهم أن كل شخص يعيش من أجل قضيته.. وعملية فهم كل شخص لقضيته وهدفه هو الأهم.

وإلى ما سبق نورد أهمية العلاج الذاتي النفسـي الروحاني، كما يرد في الأثر في حضارتنا الإسلامية، كالتالي:

(1)      اعتماد التفكر والتأمل كما دعانا الله سبحانه وتعالى- عبر الاستماع أو بقراءة القرآن الكريم، وهذا الأمر عظيم النفع مع المداومة عليه، والتأمل والتفكر في الآيات والخلائق.. وبالمثل لأتباع الديانات أو الإيمانيات الأخرى، لما للإيمان عامة من دعم ذاتي وتثبيت وتحقق الراحة، والخروج من مربع الضيق والتعاسة، أو تركيز التفكير بالأمر السيء فقط.

(2)      اللجوء إلى الله العليّ القدير جلّت قدرته، أيضاً بقراءة الأوراد والأذكار والأدعية المخففة للثقل النفسـي، والمطمئنة، الواردة عن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وهي مفيدة للمؤمن، وقد لا تجدي نفعًا لمن كان إيمانه ضعيفًا.

(3)      أن يغسل الشخص وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه بالماء، لما للماء من طرق استشفائية معروفة، والاستحمام (ثبت أن الاستحمام بالماء البارد يحسّن الدورة الدموية، ويعزز الجهاز المناعي، ويساعد في تجنيبك التفكير بما يقلقك أو يزعجك)(5).

(4)      قوّ قلبك، واجلب لمخيلتك الخواطر الإيجابية، ولا تستسلم للخواطر السلبية.. ويشير الكثيرون إلى أهمية (الرقية) في بث الاطمئنان والانتقال من مربع الحزن والألم إلى منطقة وسيطة بين الفرح والسعادة.

(5)      الإكثار من شرب الماء، لأنه ثبت علميًا إزالته للقلق والغضب والاكتئاب، وبالتالي أهميته في التخلص من الشعور بالحسد أو الغيرة.. وثبت تأثيره على وظائف المخ أيضًا.

 

الحواشي:

1  -  من مقال ترجمناه للكاتب (زيان جون لوه)، عام 2021م، منشور على منصة (لنكد ان) بعنوان: Dissecting Envy, Jealousy and Hate and how to get rid of these feelings

2    - تكتب (كندرا تشيري)، تحت عنوان( Social Comparison Theory in Psychology): أن عملية المقارنة الاجتماعية تتضمن أشخاصًا يتعرفون على أنفسهم من خلال تقييم مواقفهم وقدراتهم وصفاتهم مقارنة بالآخرين. في معظم الحالات، نحاول مقارنة أنفسنا بأولئك في مجموعة الأقران لدينا، أو الذين نتشابه معهم. هناك نوعان من المقارنة الاجتماعية: مقارنة اجتماعية تصاعدية، ومقارنة اجتماعية تنازلية. والمقارنة الاجتماعية التصاعدية تحدث عندما نقارن أنفسنا بمن نعتقد أنهم أفضل منا. غالبًا ما تركز هذه المقارنات التصاعدية على الرغبة في تحسين حالتنا الحالية، أو مستوى قدراتنا. قد نقارن أنفسنا بشخص أفضل حالًا، ونبحث عن طرق يمكننا من خلالها تحقيق نتائج مماثلة. أما المقارنة الاجتماعية التنازلية، فتحدث عندما نقارن أنفسنا بالآخرين الذين هم أسوأ منا. غالبًا ما تتركز مثل هذه المقارنات الهبوطية على جعل أنفسنا نشعر بتحسن تجاه قدراتنا، أو سماتنا. قد لا نكون رائعين في شيء ما، لكن على الأقل نحن أفضل حالًا من أي شخص آخر.. يقارن الناس أنفسهم بمن هم أفضل عندما يريدون تحسين الإلهام، ويقارنون أنفسهم بمن هم أسوأ، عندما يريدون أن يشعروا بتحسن تجاه أنفسهم.

3   - في الوضع المثالي الذي يربح فيه الجميع، ستجد أن الشخص الآخر يريد ما أنت مستعد للتداول به، وأنك مستعد لتقديم ما يريده أو تريده. إذا لم يكن الأمر كذلك، وكان على أحدكم أن يفسح المجال، فمن الإنصاف التفاوض على شكل من أشكال التعويض، مقابل القيام بذلك. لكن لا يزال يتعين على كلا الجانبين أن يشعر بالراحة تجاه النتيجة.

4   - نحن جميعًا نقارن أنفسنا بالآخرين في عوالمنا الاجتماعية، سواء كان ذلك بمقارنة مظهرنا بمظهر المشاهير الذين نراهم في وسائل الإعلام، أو مواهبنا بمواهب زملائنا في العمل.. في علم النفس، تعتبر نظرية المقارنة الاجتماعية أحد التفسيرات لهذا الاتجاه الذي يتعين علينا إجراء مقارنات بيننا وبين الآخرين (who are more than themselves).

5   - انظر: موقع أنا أصدق العلم  https://www.ibelieveinsci.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق