03‏/10‏/2017

بين التعليم والإعلام ..

زهراء مؤيد رمضان/ الموصل
يبدأ الطفل يحلم بالمدرسة وكأنها نجمة يتوق الوصول إليها.. وكأنها بطل خارق يأخذه بعيداً..  وما إنْ يدخل فيها حتى يشعر أنه دخل في سجن مسيّج.. قرارات صارمة.. أسلوب جاف.. تعليم أقرب ما يكون إلى التلقين.. فيُضـرب أحياناً، ويوبّخ أخرى.. في وقت لا ترى في البلدان المتقدِّمة الطفل وهو يُضرب كي يتعلّم؟! أمّا الطفل الشـرقي، فيؤدي هذا الأسلوب إلى تحديد آفاقه المعرفيّة؟!.. فيكبر الطفل ضئيل المعرفة، بسبب التعليم، وأسلوب المعلّم، وأخيراً ستغلب (الأنا) عليه، فيُصبح متهوراً طائشاً بلا هدف!! والسبب واضح: التعليم، والمعلّم..
فالطالب عندنا يفكّر في النجاح فقط؛ لأن الطريقة التعليمية تهتم بتحصيل الدرجات، أكثر من التحصيل العلمي والذهني.. وعندما يدخل الجامعة تبدأ دوامة الاجترار نحو الهاوية، حيث يعيش في مجتمع آخر، وأساليب أخرى.. وإن كان المعنى واحداً في كل ذلك.. حتى يرى نفسه سجين أهوائه الطائشة أحياناً.. وهناك يرى العديد من التدريسيّين مِمّن يتسلّقون المناصب، يدفعون طلاباً نحو النجاح، بمجرد أن لهم معروفاً أو منفعة لهذا التدريسـيّ أو ذاك.. نجاح دون فهم.. ولا نعمم، فهناك درر لامعة قليلة، كما أن هناك أشواكاً جارحة كثيرة..!
ترى هل ضاعتِ النزاهة، أم نحن الذين ضعنا؟!.. والطلبة يتخرّجون من الكليّات والجامعات، ولو سألتهم ماذا فهموا؟.. ماذا تعلّموا؟ لكان الجواب: لا شيء!! ثم يضعون ساقاً على ساق، ويصدّقون كل ما يسمعونه من إعلام كاذب، وأسلوبٍ في الكذب واضح: قال ناشطون على الفيسبوك، وقال متابعون على تويتر.. والسؤال: مَنْ هم الناشطون، وإلى من ينتمون؟! أو: قالت الصحيفة الفلانية كذا.. وكذا.. والسؤال: ما الجهة التي تديرها خلف الكواليس؟! أو: وردنا من مصدر مؤكد.. ما هو هذا المصدر؟!
فالإعلام هو السلاح الذي أعمى البصيرة، كما التعليم السيء هو المحضن الذي أعمى الكثير من البصائر.. فهو يكمّل رسالة التعليم، لتنشأ الأجيال الجديدة كما يريد..!
يقول (هتلر) في (كفاحي): "ما  نسمّيه  الرأي العام  لا يرتكز دائماً على الخبرة الشخصية، ومعرفة الأفراد معرفة حقيقية، فهو في الغالب خاضع لتأثير الدعاوى التي توجه يوماً فيوماً، وتنفث سمومها في دمه، دون أن يشعر. إن الصحافة هي التي تتولّى تنشئة الجمهور سياسياً، بما تنشر من أخبار، وتثبت من آراء"..
بين التعليم والإعلام قُتل الصدق ..بين التعليم والإعلام اندثرت حضارات ..بين التعليم والإعلام بكت أمهات ..بين التعليم والإعلام حدثت حروب ..بين التعليم والإعلام انهارت النزاهة ..بين التعليم والإعلام مجتمع جريح ..بين التعليم والإعلام ضاع الضمير ..

فنحن إذا أردنا حلاً هو واحد فقط.. علينا أن نتغلّب على الصعاب بالعلم أولاً، والعلم ثانياً، والعلم ثالثاً، وتنشئة المعلم قبل الطالب رابعاً ..وما أحرى بنا جميعاً أن نحث الطلبة على القراءة؛ لأن القراءة الحرة هي الضمير النابض بالأمل، كما أن الكتاب هو أفضل صديق يعلّمك دون مقابل.. فإذا كان تفكيرك مخطئاً لا يوبخك.. أما الصحافة، فهي عمل راقٍ، إذا استندت إلى ضمير .. لكن هل غرق الضمير، أم أنه يبحث عن طوق نجاة في بحر الحياة؟!

هناك تعليقان (2):