06‏/07‏/2023

بصراحة/ ليس دفاعاً عن الإخوان المسلمين!

 صلاح سعيد أمين

   الإخوان المسلمون من أهمِّ الجماعات الإسلامية في العصر الحديث، وقد جاء في أدبياتها، أنّهم "يهدفون إلى إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي من منظور إسلامي شامل". وقد أكّدوا - مراراً وتكراراً - مشاركتهم في العملية السياسية وَفْق الآليات الديمقراطية المعهودة، واللجوء إلى صناديق الاقتراع للوصول إلى السلطة؛ لتحقيق مشروعهم السياسي والفكري المنشود.

ما ذكرناه سابقاً؛ هو توصيف للحالة ليس فيه إطراء أو مبالغة.. والمعروف عن هذه الجماعة أنّها

شاركت - كغيرها من الحركات والجماعات - بعد الربيع العربي في الحياة السياسية عبر آليّاتٍ حديثة معمول بها، وفازت في الانتخابات، ولكن ماذا حدث؟ حدث انقلاب على الديمقراطيّة، وانقضاضٌ على الشرعية، وإزاحة للجماعة عن سلطتها الشرعية والقانونية. وماذا كان ردّ فعل الجماعة؟ ناهضت الانقلاب، وتحدّت الانقلابيين بوسائل مدنيّة متمثلة في التظاهرات والاعتصامات. فما الذي حدث بعد هذا؟ لجأ الانقلابيون إلى قمع التظاهرات المضادة؛ بأبشع  صُور القمع والاضطهاد، ولم يقصّروا في القتل والقمع والتعذيب، وانتهاك حقوق الإنسان في الشوارع وفي أقبية السجون، وما زالوا يسيرون في هذا الطريق تحت سمع العالم الحر ومنظمات حقوق الإنسان والديمقراطية!

إن الإخوان المسلمين على الرّغم من كل ما جرى من انقلاباتٍ دمويّة، وإجحافٍ بحقهم الشرعي، ومحاولات جرِّهم إلى العنف والفتنة، ظلّوا متمسكِّين بالآليّات المدنية والوسائل السلمية في الدفاع عن الشرعيّة، ولم ينجرفوا إلى تبني وسائل العنف والانتقام والأخذ بالثأر. ولهذا، كان الواجب على النخب الثقافيّة المختلفة عموماً، والعرب خصوصاً، أن يذكروا الحقائق بأمانةٍ تامّة، ويبيّنوا ما جرى ويجري في الواقع بكلّ حيادية وإنصاف.

ولا شكّ أنّ وظيفة المثقف الواعي؛ هي بيان الحقيقة، وتوجيه الشعب إلى كُلّ ما يفيده في المدى القريب والبعيد، لا أن يرقص على حبال الدكتاتوريّة التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح فئة معينة فقط، وتقدِّمها على المصالح العليا للشعب والأمّة!

حديثنا عن الإخوان المسلمين - ها هنا - إنّما يأتي دفاعاً عن الشرعيّة، وأهمية التمسُّك بالآليات الديمقراطية في بلداننا، ولا يعني دفاعاً عن فكرة معيّنة بذاتها.

لقد جرّبنا في بلداننا الكثير من صُور الانقلابات التي لم تأتِ إلّا بالفقر والمرض والتّدمير، ولهذا فما أحرانا جميعاً أن ندعم الشرعية، ونجرّب الالتزام بالآليات الديمقراطية، لنر ما يتمخض عنها، وما ستفتحه من أبوابٍ أخرى مختلفة، وما تقدِّمه من تجارب مغايرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق