09‏/01‏/2020

عصر صناعة النجوم!


محمد عبدالشّافي القُوصي
      منذ بضع سنوات؛ طلب مني أحد الإعلاميين الردَّ على أكاذيب أحد التافهين، ودحض مزاعمه التي يُسوّقها عبر كتاباته الرخيصة، وصحفه المُموّلة من خارج الحدود؛ فاعتذرتُ له بحجَّة أنَّني ليس لديَّ وقتٌ كيْ أضيّعه مع أولئك الهابطين، المُشوّهين نفسياً، وأنني قد رجمتُ أسيادهـ وشياطينه المردة مِن قبل، بكتابيَ الحارق؛ (الصفحات السود لمدرسة التغريب والحداثة والتنوير)!
 ولمَّا ألحَّ عليَّ مراراً؛ استشهدتُ له بما قاله الشيخ (جمال قطب) - الرئيس السابق للجنة الفتوى بالأزهر- عندما رفض التعليق على افتراءات ذلك الصحفي التافه، قائلاً : "لا يجب أن نردّ على أمثاله؛ لأنَّ ما يقوله جهل فاضح، ووقاحة مرفوضة، وإنَّ مثل هؤلاء ينبغي تجاهلهم حتى لا نجعل لهم قيمة؛ لأنهم يبحثون عن الشهرة بهذه الآراء الفاسدة والدعاوى الجاهلية".

      لكن، هناك رأيٌ آخَر في هذه المسألة؛ وهو ما ذكره صاحب (الإحياء): وهو أنَّ الردَّ على هؤلاء (السفَلَة) أَوجب؛ لتعرية وجوههم، لأنهم من الأصناف الخمسة التي لا غَيْبةَ لهم!
      أعلمُ أنَّ القارئ سيتساءل: مَن هذا (التافه الهابط)، ومَن يكون هذا الجاهل الدعيّ، الذي اختلف العلماءُ في طريقة الردّ عليه؟!
   أقولُ: مهلاً يا هذا، سأخبرك عنه، وعن مخازيه بالتفصيل –بعد سماعك لهذه الواقعة:
    في منتصف التسعينيات؛ كنتُ أتجوّلُ في مكتبة (مدبولي) لمعرفة أحدث إصداراتها، وكان هذا (التافه) جالساً بين نُدمائه؛ يحكي لهم عن غزواته ونزواته. وكان ممّا قاله: "عندما كنتُ في السنة الأولى بالجامعة، استدعاني مسؤول أمني، وأبدى إعجابه الشديد بشخصيتي، وجمعتنا لقاءات عدة؛ طلب التعاون معه، وقد خصّص لي (400 جنيه) شهرياً؛ لنشاطي الطلاَّبي، وقد أوعزَ لي بتتبّع مسيرة الطلاّب (المعارضين)، فكنتُ أحكي له عن تجمّعاتهم، وندواتهم، وغير ذلك.. بعد ذلك أرسلني للعمل مع (عادل حمودة) بمجلة روزا اليوسف.."!
   هذا الكلام الذي رواه هذا (التافه)؛ لمْ يكن غريباً لمن يعرفه، ولا مفاجئاً لمن يعرف منظومة العمل في البيئة الصحفية في ظل تلك الأجواء الفاسدة!
    أمَّا الدور الذي اضطلع به هذا (التافه)، في تلك المجلة الحامضة؛ فلمْ يخرج عن نطاق الهجوم العلني المتكرِّر على الأزهر، والتفتيش في كُتب التراث، ومناهج الأزهر، لاستخراج ما يدين به الأزهر، والنيْل مِن شيوخه وعلمائه، واتهامهم بأنهم وراء المصائب التي حلّت بالعباد والبلاد!
  لمْ يتوقف سُعاره عند هذا الحد؛ بلْ أصدر كتاباً قبيحاً مثله – بناءً على تعليمات أسياده - بعنوان (عمائم وخناجر)، اتَّهم فيه أكابر العلماء (الغزالي، الشعراوي، جاد الحق، عبد الصبور شاهين) بالجهل، والتطرّف، ورعاية الإرهاب!
   ما زال القارئُ يتساءل: مَن هذا (التافه الهابط)، ومَن هذا (الجاهل الدعيّ)؟!
   أقولُ: مهلاً يا هذا، سأخبرك عنه، وعن مخازيه –بعد سماعك لهذه الواقعة:
    ذات مرة؛ رشّحته (الأجهزة المعنيّة) لرئاسة تحرير جريدة الدستور –المملوكة لأحد رجال الأعمال- والتي كان (زكريا عزمي) أحرص الملأ على المشاركة في احتفالاتها السنوية! وهي الصحيفة الوحيدة في التاريخ التي تقرَّر تحويلها من (أسبوعية) إلى (يومية)، في طرفة عين، من رئيس مجلس الشورى، ورئيس المجلس الأعلى للصحافة، (صفوت الشـريف) رضيَ الله عنه!
   وقد نشرتْ تلك الصحيفة خبراً عن صحة الرئيس مبارك، فأثيرتْ (زوبعة مفتعلة) حول مدى صحة الخبر المنشـور، وصدر حكم بالسجن لمدة عام ضد هذا (التافه)، وكفالة 10 آلاف جنيه، ثمَّ خفّفتْ محكمةُ الاستئناف الحُكمَ إلى غرامة تصل إلى 4000 جنيه فقط! ولدواعي (الحبكة الدرامية)؛ تمَّ إعادة محاكمته أمام دائرة أخرى، فحُكِمَ عليه بالحبس لمدة شهريْن، ثمَّ أصدر الرئيس قراراً جمهورياً بالعفو عنه.. ثمَّ انتهت المسـرحية، وتزوّج الأبطال!!
ما زال القارئُ يتساءل: مَن هذا (التافه الهابط)، ومَن هذا (الجاهل الدعيّ)؟!
   أقولُ: مهلاً يا هذا، سأخبرك عنه، وعن مخازيه –بعد سماعك لهذه الواقعة:
    في عام 2011م؛ ركبَ موجة (ثورات الربيع العربي)، وارتدى قميص (الثوّار)، جاعلاً من نفسه (الأفغاني) أوْ (الكواكبي) أوْ (عبد الله النديم)، لكن سرعان ما تساقطت أوراقه في (موجة الخريف العربي)! عندما انحاز إلى (العسكر)، واختار الضرب على وجههِ بالبيادة؛ في سبيل تحقيق رغباته الدفينة، ومُمنّياً نفسه بأن يكون (كاهن الفرعون)، أوْ (هيكل) المرحلة! لكن عندما أيقنَ أنه خارج الخريطة العسكرية –لمجرد تردّده على ميدان التحرير- تراجع خطوةً للخلف!
   يا إلهي! لماذا تخلّوا عن فتاهم المدلّل؟ ولماذا ضنُّوا برضاهم عليه، ولمْ يجدوا له أيّ (منصَب) في (شِبه الدولة)، وهو (الغلام) الذي توافرت فيه جميع المؤهلات المطلوبة، وأدّى كل المهام الموكلة إليه بجدارة، وعلى رأسها: تشويه صورة رموز المجتمع، والدفاع عن أيقونة الغباء: (إسلام البحيري)! والنيْل من المؤسسة الدينية، وشيخها، بالليل والنهار.. حتى إنه في لحظةِ صراحةٍ، قال: "الشيخ الطيّب هو الشخص الوحيد الذي عجزتُ عن استفزازه!".
  ما زال القارئُ يتساءل: مَن هذا (التافه الهابط)، ومَن هذا (الجاهل الدعيّ)؟!
   أقولُ: مهلاً، سأخبركَ عنه، وعن مخازيه – بعد سماعك لهذه الواقعة:
     هذا (التافه)، منذ طفولتهِ البائسة وهو في سباقٍ محموم، بحثاً عن (النجومية)، التي فعل كل شيءٍ من أجلها، فقد نافق هذا، وخادع ذاك، وشتمَ هؤلاء، ولعن هؤلاء، وغيّر آراءه ومعتقداته، وأكل على كل الموائد، ولعب كل الأدوار الرخيصة في مجال الصحافة والسياسة والحقارة.. ومع ذلك لمْ يصل إلى ما تشتهيهِ نفسه! فنصَّبَ نفسه عالِمًا وفقيهاً ومُحدِّثاً ومؤرّخاً؛ فادّعى أنَّ التاريخ مليء بأخطاء كثيرة وقاتلة.. وأنَّه مبعوث السماء لتنقية التراث من الشوائب! فأوحى إليه شيطانه بكتابة بحث طويل استغرق عدة صفحات في إحدى الصحف الساقطة، بعنوان (أسوأ عشر شخصيات في الإسلام)، ذكر منهم – أخزاه الله - صفوةَ المهاجرين والأنصار!
   هذا (التافه)، لا يستريح أبداً للعلماء والعظماء، ولا تطمئن نفسه للأخيار وذوي الفضل من الناس، لكنه ينسجِم تماماً مع المردة والمشكّكين وذوي النفوس المنحرفة، فكثيراً ما يقول: (صلاح جاهين) مثلي الأعلى، و(خالد يوسف) صديقي العزيز المخرِج المبدِع صاحب الخيال والرؤية.. ولذلك جعله مشاركاً في فيلم (خيانة مشروعة)!
    مِن هنا، أوحى إليه شيطانه بكتابة قصة عقيمة، أسماها (مولانا)، وهي ليست بقصة على الإطلاق، إنما هي عصارة أفكاره الحامضة، وانعكاس لنفسيته المريضة، وهواجسه العدمية! إذْ يُصوِّر فيها الداعية، أوْ (رجل الدين)، بأنه سُنِّي أول النهار، وشيعي آخِره، وتارةً بأنه زاهد، وتارةً أخرى بأنه باحث عن المال والمتعة.. إلخ!
    تحولّت هذه القصة التافهة – التي تفتقد الفن بشهادته - تحولّت - في الزمن التافه - إلى فيلم سينمائي تافه، شاهده التافهون من أصحابه.. وقد هالتهُ تلك البرقيات التافهة التي بعث بها إليه جوقة التافهين، لأغراضٍ تافهة!
    ثمَّ استمرأَ اللعبةَ القذرة، فأصدر رواية ثانية، بعنوان (رحلة الدم: القتلة الأوائل)؛ أعلن فيها عن كراهيته للإسلام صراحةً، وكشف عن خياله المريض.. فما كتبه في هذه (الرواية) لمْ يجرؤ على التلميح به غلاة المستشـرقين! وقد جاء في تقرير مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: أنَّ (الكاتب) تبنّى (عقيدة نزع القداسة)، والتي تتبنّاها التيارات المنحرفة.
      ومن أجل خداع القارئ وتغريره؛ نوّه في البداية، بأنَّ "كل أحداث الرواية تستند على وقائع وردت في المراجع التاريخية.. لينجو من أيّ مساءلة تاريخية أو أخلاقية، وليوحي للقارئ أنه لمْ يأتِ بشيءٍ من عنده، مع أنه لا توجد رواية صحيحة موثّقة ممّا ذكره من أحداث ووقائع!!
     لقد بلغ هذا (التافه) من السفاهة مبلغاً خطيراً، في تشويههِ لصورة الصحابة، ولولا ذِكره لأسماء بعضهم لمَا تخيّل القارئ أن تكون شخصيات الرواية هي شخصيات لصحابة الرسول الأكرم، وإنما هي عصابة لا يشغلها سوى المال والنساء وسفك الدماء.
      إنه يُصوّر الصحابة كأنهم ذئاب بشرية، وأنهم ماديون انتهازيون متآمرون، ليس عندهم رسالة سوى تلبية نداءات الرغبة في السلطة أو المال أو شهوة الجنس!
     لقد حشا كتابه الضخم – الذي يعتبره رواية - بمختلف ألوان الإساءة للصحابة الكرام، فهم متآمرون، قساة، غلاظ القلوب، لم يقدّموا منجزاً واحدا، ولم يلتزموا في حربهم التي شنّوها ضد مصـر بـ(أخلاقيات المحاربين)، ولوْ لمرّة واحدة، بلْ أشاعوا الرعب، وصنعوا التآمر، واحتقروا المصـريين – هكذا يقول (التافه) صاحب الحمّالات-!!
     فمثلاً: يزعم - هذا التافه - أنَّ عثمان بن عفان قد دُفن في مقابر اليهود، وليس في مقابر المسلمين! وأنَّ طلحة بن عُبيْد الله قد موّل قتلة عثمان. أمّا السيدة عائشة، فيزعم أنها أول من حفّزت الناسَ لقتل عثمان! وقد نسيَ هذا (التافه) أنَّ السيدة عائشة، وطلحة، شاركا في (معركة الجمل) ثأراً لدم عثمان.. فكيف يُتصوّر أنهما يطالبان بثأرِ من شاركا في قتله؟!
  ويزعم هذا (التافه) أنَّ عمرو بن العاص كان يسرق من خزائن مصـر، ويبني بأموالها قصوراً شخصية له، ويدّعي بأنَّ الخوارج - وليس الصحابة - هم الذين نصّبوا علياً بن أبي طالب خليفة للمسلمين بعد عثمان. ويزعم أنَّ عمّار بن ياسر، وعثمان، عيّرا بعضهما بأمّهاتهم، بسبب أنَّ عثمان كان يأخذ من حليّ بيت المال ويعطيها لزوجته!
    ما زال القارئُ يتساءل: مَن هذا (التافه الهابط)، ومَن هذا (الجاهل الدعيّ)؟!
   أقولُ: معذرةً، لنْ أخبركَ، ولنْ أُخبِر أحداً عنه؛ لأنه لا يستحق ذِكر اسمه، لكن بحسب أنني كشفتُ عن بعض مخازيه! وإذا كان لا بدَّ من معرفته لصفعهِ بالأحذية والنِّعال؛ فابحث عمّن منحه (المجلس الأعلى للثقافة)، جائزة نجيب محفوظ، عن  رواية (رحلة الدم)، سنة 2018م.. حتى يتبيَّنَ لك متى؟ وأين؟ وكيف؟ ولماذا؟ ولمن تُمنح الجوائز في دولةٍ تعرّى ظَهرها، وكشفتْ عن كتفها، وفي عصر (صناعة النجوم)؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق