أ. د. فرست مرعي
بنى دين الآريين القديم على عبادة قوى الطبيعة
(= الماء والهواء والتراب والنار) والعناصر والأجرام السماوية. وأضيفت إلى آلهة
الطبيعة، منذ زمان قديم، آلهة تمثل قوى أخلاقية أو آراء معنوية مجسمّة. ويظهر أنه
كانت هناك، قبل انفصال الهنود والإيرانيين بعضهم من بعض، تفرقة بين (ديْواَ)، التي
يعتبر أخصّ ممثليها: ربّ الحرب (إندرا)، وبين (آسورا) (= آهورا الإيرانية)، آلهة
العهد والقانون، التي كان على رأسها (وارونا) و(ميثرا). ويتّفق معظم العلماء على
أن (مزدا) (= الحكيم) عند الإيرانيين، الآهورا الأكبر هو (وارونا) القديم، ولم
يحفظ الإيرانيون القدماء اسمه الأصلي. والآهورات، وعلى رأسهم (مزدا)، كان لهم طابع
يتميّز بالدعوة إلى الأخلاق والعمران، بعكس الشياطين التي تعبدها القبائل الرُحَّل
والمحاربون واللصوص. وفي الوقت الذي دخل فيه الإيرانيون العصـر التاريخي، كان (مزدا)
(مزدا آهورا أو آهرامزدا) الإله الأعلى للقبائل المستقرّة والمتمدّنة، في الشـرق
والغرب.
والديانة المزدية أقدم
عهداً من الديانة الزرادشتية، وليس (مزدا) إلهاً لقبيلة أو لشعب، بل هو إله العالم
والناس جميعاً. وعلى هذا كانت الصلات بين الناس والقوى السماوية أكثر صفاءً في
الديانة المزدية منها في ديانات آسيا الوسطى (= البوذية والشامانية وغيرها). ويبدو
باعث الأخلاق بصفائه التام في هذا الدين. وبهذين الوصفين، العموم والصفاء، بدأ
المذهب الإيراني تأثيره على الأفكار الدينية في الشـرق الأدنى.
وبهذا الصدد يذكر
المستشرق الدانمركي (آرثر كريستنسن) (المتوفى سنة 1945م) القول: "الظاهر أن
زرادشت ادّعى النبوّة نبيّاً لمذهب مزدي معدّل في الشـرق، ربّما كان في الإقليم
الذي به أفغانستان الحديثة، وذلك في القرن السابع ق.م"([1]). وفي هذا الإقليم الذي سكنته قبائل زراعية
مستقرة أو شبه رحّل، لها مدنية على جانب من الأهمية، والتي كانت مهدّدة دائماً
بهجمات المغيرين من القبائل الرحّل، وفي هذا الإقليم انتقلت العداوة من الميدان
السياسي إلى ميدان الدين. فعند (زرادشت) تعتبر الديوات شياطين مؤذية؛ ولِمَا كان
بين الفريقين من الآلهة من تفاوت، نمت عنده فكرة الصراع بين الروحين، اللذين وجدا
منذ خلق العالم، ألا وهما: روح الخير، وهي نوع من تجلي مزدا، وروح الشـر، أو
أنرامينو في الإشارات العادية من أجزاء الآفستا الأكثر حداثةً. وهناك ستة آلهة من
بين مساعدي مزدا، وهم الذين سمّوا في عهد متأخّر التسمية العامّة: (أمشاسبنتا) (=
القوى الخالدة)، وهم: (وهو منه) (= الفكر الطيب)، (أشاوهيشتا)(= خير الحقائق)، (خشتريا
ويريا) (= التسلّط المطلوب)، (آرمايتي) (= الخضوع)، (هَوروَتات) (= الكمال أو
الصحة)، (أميرتات) (= الخلود)، ويضاف إليهم سابعهم (سبنتامينو) نفسه.
وقد يكون مستتراً وراء
هذه الأسماء المعنوية أسماء آلهة قديمة للطبيعة والعناصـر، فمثلاً (آرميتي) هي من
غير شك آلهة الأرض في الأصل. ومن آلهة دين زرادشت: (سروشا) (= الطاعة). أمّا
الآلهة الشعبية، فما لم تكن مستعملة في الطريقة الجديدة تحت أسماء معنوية، فإن
زرادشت يعدّها بين الشياطين، أو يهملها. وأخبث الشياطين التي تساعد روح الشـر: (ائشما)،
وهو تمثيل لقسوة الرحَّل المغيرين.
ومن جانب آخر فبين (الآفِستا)،
التي تسمّى (الآفستا القديمة)، والتي تكون الكاتات – الكاثات لباً لها، و(الآفستا
الحديثة) اختلاف بيّن في تعدّد الآلهة، وفي الأفكار الدينية. ولم يكن ممكناً أن
تلغى الآلهة الشعبية على مرّ الزمان. واضطرّ المغان من الزرادشتيين إلى الاعتراف
بهذه الآلهة، بجانب الآلهة المذكورين في (الكاتا). وقد وجد في الدين المزدي، في
إقليم بكتريا (= خوارزم في العهد الإسلامي)، في إيران الشـرقية، قبل إصلاح زرادشت،
يشتات (= جمع يشت) أو أدعية موجهة للآلهة الشعبيين، لـ(ميثرا)، إله الميثاق أو
العقود، وفي الوقت نفسه رب النور، وللآلهة (أردوى سورا)، الملقبة بـ(أناهيتا)،
إلهة الماء والخَصب([2])،
وللنجم (تشتريا) (= عطارد)، الذي تبيّن أنه سيريوس، و(لوثرغنا)، إله الحرب (=
الهجومية) والنصـر، ولـ(خوارنة) الذي به مجد وإقبال الملوك الآريين، وللملائكة
فروشات (= جمع فروش)، حماة المؤمنين. وقد أدخلت هذه اليشتات في المذهب الزرادشتي،
كما ألّف موابذة المذهب المعدّل يشتات زرادشتية بحتة، أضافوها إليها. واليشتات
القديمة، التي تحتوي على إشارات قيّمة للتاريخ الخرافي للإيرانيين، ولتاريخ إيران
الشـرقية قبل زرادشت، تكون أقدم أجزاء الآفستا الحديثة. والحقيقة أن هذا النوع
الأدبي أقدم من الكاتات([3]).
وقد ظلّت الزرادشتية مدّة
قرون كأنها غريبة في وسط المزدية الإيرانية القديمة. المزدية التي كانت تتطوّر، مع
تفاوت ضئيل في أقاليم إيران المختلفة. فمثلاً، كان هناك بعض التفاوت بين المزدية،
التي يدين بها الفرس الأخمينيون، وبين عقيدة المجوس في منطقة ميديا. ولكن في الوقت
الذي وصف المؤرخ اليوناني (هيرودوت) عقائد الفرس والميديين ونِحَلِهم، لم يكن اصطلاح
الزرادشتية قد تغلغل في الغرب بعد؛ فإنا لا نجد المزدية الزرادشتية عند مجوس ميديا
إلا منذ القرن الرابع ق.م، وهي تختلف في بعض المسائل عمّا جاء في مزدية الكاتات،
وفي الآفستا الحديثة. ويتبيّن من إحدى العقائد الإيرانية القديمة للغاية، التي
تركت آثاراً غامضة في الكاتات، أن إلهي الخير والشـرّ كانا أخوين، أو توأمين، وهما
ولدا زِرُوان الزمان اللامتناهي. قد خرجت عبادة ميثرا مختلفة عن المزدية، ومتأثّرة
كثيراً بعلم النجم الكلداني، الذي ترعرع عند مجوس آسيا الصغرى. وهي العبادة التي
تعتبر ميثرا إله الشمس، وقد انتشرت في الإمبراطورية الرومانية. وقد اعتنق (زروان)
عبادة ميثرا، وكذلك أتباع سائر الفرق المذهبية، الذين كان بعضهم يمارس عبادة
الشياطين، ويعبد (أنكرامينو).
وقد ألّف في أول عهد
البرث الأشكانيين (250ق.م - 224م) الكتاب الأفستي: ونديداد – فنديداد - وى ديوداد
- (الشـريعة المضادة للشياطين)، أو شـريعة مقاومة الشياطين، وهو يتضمن القانون
الديني للزرادشتية. وكانت اللغة الأوستية حينذاك لغة ميّتة، يجد رجال الدين عناءً
(= صعوبةً) في المحافظة عليها. وهذا الكتاب (= وندياد – فندياد) يحوي مجموعة من
القواعد والمراسيم، تختلف قليلاً فيما بينها، باختلاف الأقاليم، لأنّا نجد هنا
وهناك متناقضات واضحة([4]).
وهذا الكتاب يتناول
الأنواع المختلفة من النجاسات والآثام، ووسائل الطُهر والتَوبة. ثمّ يبحث في
العدوان، وقتل الكائنات الآهورية (= الرجال والكلاب وكلاب الماء)، ويحفل بالجثث
التي ينبغي وضعها فوق الداخمات المشيّدة من الآجر (وهي أبراج الصمت، كما تسمّى
أحياناً في أيامنا)، وذلك كي تنهشها جوارح الطير، فقد حُرِمَ تحريماً باتاً تلويث
العناصـر(= الماء والتراب والهواء والنار) بالدفن، وحرق الجثث. وكذلك يبيّن الكتاب
النجاسة التي تلحق من يلمس جثة آدمي، أو حيوان ميت، أو من يلمس إمرأة حائضاً، وما
أشبه ذلك. ويذكر (الفندياد) أسماء فردية لجماعة من الديدان، أو الشياطين،
والدروغات، أو الشيطانات، والبيريكسات أو الساحرات. وهؤلاء أعوان إله الشـر، أمثال
الشياطين: إندرا، وسوروا، ونائون هاى ثي، وهي آلهة قديمة هندية – إيرانية، ومنها:
آبا أوشا، العدو الخاص للإله تيشتريا، وبوشياشتا الشيطانة الموكّلة بالنوم، وناسو
شيطان الجثث والمواد الميّتة، وأمثالها.
وفي التاريخ البارسي (=
الفارسي) أن نصّاً من الكتب المقدسة الزرادشتية قد دوّن بأمر ملك برثي – أشكاني
اسمه (بلاش)، يحتمل أن يكون (بلاش- ولغاش الأوّل) (51 -77/78م). وبمجيء الساسانيين،
اتحدوا مع رجال الدين الزرادشتيين، وقد استمرت هذه الصلات طيلة العهد الساساني.
وقد أمر الملك الساساني (أردشير الأوّل) (241-272م)، كما تقول الروايات الفارسية،
بعد أن ولى عرش إيران الهربدان هربد (تنسـر)، بجمع النصوص المبعثرة من الآفستا
البرثية – الأشكانية، وبكتابة نصّ واحد منها. ثم أجيز هذا النصّ، واعتبر كتاباً
مقدّساً. ثم جاء الملك (شابور الأوّل)، ابن أردشير الأوّل، وخليفته، فأدخل في هذه
المجموعة من الكتب المقدّسة النصوص التي لا تتعلّق بالدين، والتي تبحث في الطب
والنجوم وما وراء الطبيعة، والتي كانت موجودة في الهند واليونان وغيرها من البلاد([6]).
ولكن الكتابة العائدة إلى الملك الساساني شابور الأوّل، المنقوشة في معبد النار،
في نقش رستم، لا تشير إلى أن الآفستا قد دوّنت في عهده، بل يرجّح الباحثون أن الخط
المدوّنة به يرجع إلى القرن الرابع، أو لعله السادس للميلاد([7])
.
وقد أمر شابور الأوّل
(272-241م) بوضع نسخة من الآفستا، التي حرّرها الهربدان تنسـر، في بيت نار آذر
كشنسب، الواقع في مدينة (جنزك)، في إقليم (شيز) بمنطقة آذربيجان، وأضيفت إليها
الزيادات الجديدة. ولكن الخلافات الدينية ظلّت مستمرة. فأمر شابور
الثاني(379-370م)، لكي يضع لهذه الخلافات حدّاً، بعقد مجمع مقدّس، يرأسه الموبدان
موبد (آذربد مهر سبندان)، الذي حدّد نهائياً نصّ الآفستا، وقسّمها إلى واحد وعشرين
كتاباً (= نسكاً)، على عدد الكلمات المقدّسة (يتا آهورا ويرو). وتقول الرواية إن (آذربد)
أثبت قداسة النصّ، فيما يحكى بأنه أدّى الابتهال بالنار (وهو صبّ المعدن المذاب
على صدره)([8]).
كانت الكتب الزرادشتية
المقدّسة تؤلّف على عهد الساسانيين(224-651م) مجموعاً ينقسم إلى أحد وعشرين نسكاً،
أي كتاباً، وصلنا التاسع عشر منه
تامّاً، وهو (الفنديداد). أمّا المتون الأخرى، فهي: الفسبرد، واليسنا، والخرده
أبستا (= الآفستا - الآفستا الصغرى)، واليشتات (= الأناشيد)([9]).
والجزء الثالث من
الكتاب – الفنديداد - يتناول الطقوس الخاصة بالتخلّص من الأرواح الشـريرة، كما تدّعي
تلك الديانة، وكذلك تبيّن نصوصها بداية الطب الزرادشتي والعلوم الطبيعية.
وإذا نظرنا إلى
الفنديداد، وجدنا القسم الأعظم منه يبحث عن قواعد التطهير، ويعني بها طرد الشيطان
من الأشياء التي نحبسها. فهو كتاب الشــريعة التي تعتبر عدوّة الديوات. بيد أن
اثني عشـر من فصوله الاثنين والعشـرين ليس لها صلة بدفع الشياطين، فإن الفصلين الأولين،
والفصول الثلاثة الأخيرة، هي من نوع القصص والخرافات. أما الفصل الأول، ففيه تعداد
المدن الإيرانية التي أوجدها هرمزد، والبلايا التي صبّها عليهم أهريمن.
وفي الفصل الثاني، بحث
عن التاريخ القديم، وكيف أن هرمزد كلّف (يما أخشائه ترا- Yima Khshaetra – الملك العادل)، وهو (جمشيد)، بتبليغ رسالته للناس، وكيف رفض يما([10])
هذا التكليف، لكنه قَبِل أن يسوسَ
العالم، ويطردَ منه المرض والموت. وهذا الفصل يصف أيضاً الـ (فار Var)([11])،
الذي أمر هرمزد (يما) بإنشائه كي يكون ملجأ لأجمل نماذج الحيوانات والنباتات، لإنقاذها
من الاشتية المهلكة، فتنسل هذه النماذج، وتجدّد عمارة الأرض، بعد تلك الاشتية التي
يرسلها (مهركوشا Mahr Kosha)([12])
في آخر الزمان.
وأمّا الفصول الثلاثة
الأخيرة، فتبحث عن أصول الطب، وقدرة المياه، والكلمات المقدسة، في شفاء الأمراض.
عدا ذلك، نجد في الفصل
التاسع عشـر، جهود أهريمن الفاشلة في إهلاك زرادشت، وإضلاله، ونبذة من وحي هرمزد إلى
زرادشت.
يبقى ستة عشـر فصلاً،
من الثالث إلى الثامن عشـر، قد خصّصت كلّها تقريباً لمسائل تشـريعية (= الفقه في
المصطلح الإسلامي). فيبحث القسم الأعظم من الفصول 5- 12 عن النجاسة المتولّدة من
الموت، ومن مسّ الميّت، وعن الوسائل التي يجب اتخاذها لإزالتها.
والفصلان 16 – 17، وقسم
من 18، تبحث عن النجاسة التناسلية، وغيرها. والفصلان 13 – 14، وقسم من الفصل 15،
تبحث عن الكلب، وفضله، وحقوقه، وسجاياه، وعن العقوبات المترتبة على من يقتله.
والفصل 3 يبحث عن حرث الأرض. والفصل 4 عن العقود والعقوبات.
ليس في كثير من هذه
المتون انسجام ووحدة كاملة ـ ففي أغلبها خروج عن الموضوع، وفيها أقسام مكرّرة في
الفصول. يستثنى من ذلك بعض المتون القصيرة، كالفصل 10 في عدد تكرار الجمل
المستعملة في العزائم والرقى. والفصل 11 في طرد الشيطان من الأشياء النجسة. والفصل
12 في مدّة الحداد عند موت مختلف الأقارب. والفصل 17 في كيفية قصّ الشعر، وتقليم
الأظافر.
وتذكر باحثة بريطانية
مختصة بالزرادشتية: "لعلّ أحد النصوص الزرادشتية، وهو (الفنديداد)، كتب وفق
التقاليد الشفهية المشتتة، نتيجة أمر فالاهش (= ولكاش الأول). يكرس القسم الأعظم
من هذا الكتاب النثري لقواعد مساندة طقوس الطهارة، وتجديدها بعد كل نجاسة، تلك
الطهارة التي عدّت حماية جبارة ضد قوى الشـر. تعرض القواعد على صيغة الأسئلة والأجوبة
بين (زرادشت وآهورامزدا)، وهو أسلوب مألوف لنقل التعاليم في الأدب الشفاهي. يتضمن
الفنديداد مواد أخرى، بما فيها تلك التي تستطيع أن تلتحم مع أساس النصّ، وكان هذا
مقصوداً بهدف الحفاظ على (كل شيءٍ وصلنا من الآفستا)..."([13]).
وتستطرد الباحثة في
الحديث حول لغة كتاب الفنديداد، بالقول:" لغة الفنديداد هي لغة آفِستا
المتأخرة، أما قواعدها فهي مشوّهة..."([14]).
ويبدو أنه هناك نظامان
للمقاييس استعملا في كتابة الفنديداد، أحدهما إيراني – بارثي، والآخر يوناني –
روماني، "هناك أساس آخر لتأليفه وفق الزمن البارثي (= الأشكاني)... أحدهما
إيراني، والآخر يوناني- روماني، ويتضمن فيه وحده، دون كل أجزاء الآفِستا الباقية،
ذكر معابد النار، ويُشار إليها مجازاً كنارٍ موضوعةٍ في (مكان محدّد) ... نجد في
أسطورة (ييما) تأثير ميزوبوتاميا (بتواريخها عن الطوفان والفُلك، التي تأقلمت مع
رواياتهم عن الملك الإيراني الأوّل. لعلّ المجوس ألّفوا الفنديداد في غربي
إيران..."([15]).
وبالرغم من أن
الفنديداد كُتب مؤخّراً، إلا أن فحواه تشير إلى جذور موغلة في القدم، تصل إلى
التقاليد الآرية. فقوانينه صارمة جداً، مملّة، مبهمة ومعقّدة، وهذا لا يتطابق
ومعرفتنا عن الزرادشتيين كعشاق السعادة، الأعياد، اللهو، الشـرب، الحرية، وحب
الحياة. يعدّ هذا الكتاب وثيقة هامة في الانتربولوجيا القديمة([16]).
يتألف الفينديداد من 22
فصلاً، ويسمّى كلّ فصل بـ (فاركارد)، ومن تسعة عشـر ألف كلمة[17].
الفصل الأوّل:
يتكلّم في أوّلها عن
خلق الأمكنة والبلاد الآرية:
الأول: منطقة آران (
وهو السهل الخصب الذي يقع بين نهر آراس ونهر كور، ويعرف هذا السهل حالياً بقره
باغ)، الذي يسقيه نهر آراس.
الثاني:
سهل الصغديين.
الثالث:
مدينة مرو، الحصينة النقية.
الرابع:
مدينة بلخ الحسناء.
الخامس:
مدينة نسا، الواقعة بين مدينتي مرو وبلخ.
السادس:
مدينة هرات، هاجرة البيوت([18]).
السابع: مدينة كابل، ذات الظلال الرديئة.
الثامن: مدينة ميشان، كثيرة الأعشاب.
التاسع: كانت مدينة (أخننتا)، التي يسكنها الجرجانيون([19]).
العاشر: كانت (الرحج) الجميلة.
الحادي عشـر: كانت (هلمند – سيستان) الجميلة.
الثالث عشـر: كانت
(الكرخ)([22])
القديرة التقية.
الرابع عشـر: كانت (فاره نا)([23])
ذات الزوايا الأربع، التي لأجلها ولد أفريدون قاتل الضحاك.
الخامس عشـر:
كانت بلد (الأنهار الخمسة – البنجاب).
السادس عشـر:
كانت بلد منابع (رنكها – أروند – دجلة) التي يقطنها شعوب لا رئيس لهم.
1- يتكلم عن أسطورة ييما،
الإله القطبي (رئيس الملائكة الذي أعلن نفسه إلهاً خالقاً، فعاقبه الله، وأدخله
جهنم، ثم عفى الله عنه بعد توبته. وفي نص آخر يقال بأنه أكل لحم البقر، وعلم الناس
ذلك. فقد كان يعمل الخير، وارتكب إثماً، ويتم ذكر اسم المخلوق (كايومارتان ).
ييما هو جمشيد، وهو أخ
تاهما، وهو أوربا، وهو الملك الثالث من سلالة بارادات – السلالة الرسمية الأولى.
وتاهما خلّص البشرية من الهلاك الشتوي ببنائه فار مع الجدار الحامي.
تم تقسيم الناس إلى 4
طبقات:
1-
الكهنة.
2-
المحاربون.
3-
الزراع.
4-
الحرفيون.
بعد خطيئة ييما انتشر
الفساد، وفقد الإنسان الخلود، وظهر نوع من البشــر، وخوفاً منهم أعطى ييما أخته
العذراء لهم، وأنجبت مخلوقات ذات ذيول (هنا تمّ افتراض بأن موطن الآريين هو خلف
الدائرة القطبية).
الفصل الثاني:
تكلّم الله أوّلاً مع
ييما، مالك الماشية، وأعطى آهورا مازدا لييما عصا ذهبية، وسيخاً بأوتاد مغطّى
بالذهب، ومملكتين، وعمّرت مملكته الأولى 300 سنة، وكثرت الخيرات.
كما عمّرت مملكته
الثانية 600 سنة، أمّا مملكته الثالثة، فعمّرت حتى 900 سنة.
عقد الربّ اجتماعاً مع
الملائكة (الآلهة السماوية)، وحضـر ييما الاجتماع في آريانا.
قال الربّ: سيأتي شتاء
شديد البرودة .
هنا يتمّ بحث موضوع
الطوفان، وجلب المخلوقات من كل جنس (نبات وحيوان)، كما يتمّ تعظيم مكانة الكلب،
وجلب ألف رجل وامرأة من المعابر الأمامية، و600 من المعابر الوسطى، و300 من
المعابر الداخلية .
بنى ييما (فار) من
الطين، بعد أن أخبره الربّ، وجلب إليها المخلوقات، والمياه، من الطريق الطويلة، كل
المخلوقات كانت صحيّة، وغير مشوّهة .
بنى 9 معابر لفار، 6
بالوسط،، و3 من الداخل، وجعل للفار نافذة منيرة من الداخل، وكانت أنوار فار مستقلة،
ومخلوقة، تبدو كالشمس والقمر والنجوم، تطلع وتأفل مرّة واحدة، واليوم كان كالسنة،
بعد 40 سنة من اثنين من البشر ولد زوجان: ذكر وانثى، نقل ديانة مازدا ياسنا إلى
الفار طائر كارشيبت، وكان رئيسه وراته (اورفاتات – نارا ).
الفصل الثالث:
هنا يتم الحوار حول الأرض
:
الأرض الأولى الأكثر
طيبة هي تلك، بحيث يتقدّم الصالح وبيده البارسمان والحليب، وينطق الكلمة المقدّسة
داعيا ميثرا.
الأرض الثانية الأكثر
طيبة، هي تلك التي يبني عليها الصالح بيتاً، ويزوّده بالنار والحليب والزوجة
والأولاد والماشية.
الأرض الثالثة، هي حيث
يزرع الصالح الحبوب.
الأرض الرابعة، هي حيث
يتمّ زيادة الأبقار والأغنام.
الأرض الخامسة، هي التي
تتبول فيها الأبقار والأغنام.
أما الأرض التاسعة، فهي
:
الأرض الأولى هي حيث
الكذب.
الأرض الثانية هي حيث
الناس والحيوانات الميتة.
الأرض الثالثة هي حيث
انتشار الشـر.
الأرض الرابعة هي حيث
الفساد.
الأرض الخامسة هي حيث
الاكتئاب.
ممنوع الأكل ولبس
اللباس معاً، بكل الأوقات.
عند الموت تترك جثة
الميّت فوق قمّة جبل.
الذي يسعد هو من يقضـي
على أكبر عدد من أماكن الأشـرار، ويزرع الحبوب أكثر، ويسقي الأرض، ويجفف الأرض
الفائضة بالمياه .
لا يجوز ترك الأرض بوراً،
بل يجب زرع الأرض باستمرار، ومن يزرع يكون كمن قرأ آلاف الصلوات من الياسنا.
عندما تكون الحبوب
وفيرة، يجب ذكر الكلمة المقدسة.
الذي يسعد هو الرجل
الصالح، ومن يعطي أجيره أجره سيكون مصيره الظلام والأسياخ الحادة.
هنا يتم بيان الجزاء
لمن يحفر القبور، فيكون 500 جلدة، ومن لا يتوب 0100 جلدة.
الفصل الرابع:
العقود والجرائم
من لا يردّ الدين
لصاحبه يعتبر سارقاً
العقود 6 أنواع:
1-عقد بالكلام.
2-عقد باليد.
3-عقد على مقدار من
الغنم.
4-عقد على مقدار من
الثيران.
5-عقد ما يعادل رجلاً.
6-عقد ما يعادل حقلا
مثمراً.
من يخالف العقد، يكون
أقرب الأنسباء مسؤولاً.
بعقد الكلام لمدة 300
سنة.
بعقد اليد لمدة 600 سنة.
بعقد الأغنام 700 سنة.
بعقد الثور 800 سنة.
بعقد الثور 1000 سنة.
جزاء من يخالف العقد:
بعقد الكلام 300 جلدة
بسوط الحصان.
بعقد اليد 600 سوط.
بعقد الأغنام 700 جلدة.
بعقد الثور 800 جلدة.
بعقد الرجل 900 جلدة.
بعقد الحقل 1000 جلدة.
جزاء من يحمل السلاح 5
جلدات بسوط الحصان.
مع التهديد 10 جلدات.
ضرب الرجل 15 جلدات.
الضرب المبيت 30 جلدة.
الجناية 50 جلدة.
حمل السلاح للمرة
الثامنة جزاؤه 200 جلدة.
من لم يكفر عن ذنبه
يضاعف الجزاء.
من يضرب رجلاً للمرة
الأولى جزاؤه 30 جلدة، وللمرة الثانية 50 جلدة، وللمرة الثالثة 70 جلدة، وللمرة
الرابعة 90 جلدة، وللمرة الخامسة دون تكفير 200 جلدة.
جزاء من ألحق الأذى
الشديد بمن ضـربه: للمرة الأولى 50 جلدة، للمرة الثانية 70 جلدة، للمرة الثالثة 90
جلدة، للمرة الرابعة 200 جلدة.
إذا ضرب رجل شخصاًن
لدرجة عدم رؤية الشبح، فجزاؤه 200 جلدة.
اذا حدث اتفاق بين
أشخاص آخرين، من غير المتخاصمين، يجب القبول به وفق إرادة المتضرّر.
يجب أن يزيد الشخص في
التعبد، متى رأى ذلك ممكناً.
من يملك أفضل ممّن لا يملك،
وأكثر استقراراً (كالمتزوج والغني) والشبعان والقوي.
من يكذب بدراية جزاؤه
700 جلدة.
الفصل الخامس:
قوانين الطهارة
لا تقع أية خطيئة على
الإنسان من أجل أي شيء تمّ جلبه من قبل الكلاب والطيور والذئآب والرياح والذباب. لأنه
لو اعتبر الإنسان مسؤولاً عن ذلك، فسوف لن يبقى أي مخلوق من دون ذنب.
المياه لا تقتل أي إنسان،
لأنه قدر.
النيران لا تقتل.
إذا مضى الصيف، وجاء
الشتاء، يجب أن يبنى في كل بيت، وكل قصبة، 3 غرف للموتى، بحيث لا ترتطم جمجمة
الإنسان بشيء إذا أراد أن يقف، وحين يمدّ قدميه ويديه.
بعد ليلتين، أو 3 أشهر،
وبعد توقّف الشتاء، يتمّ نقل الجثة، بحيث يكون الوجه نحو الشمس.
آهورا مازدا يأخذ
المياه نحو بحر فاروكاش، ثم إلى الجثث، ثم إلى الداهما، ثم يعيده نحو بحر بايتيكا.
هنا يتم تقديم طلب لكل
من راتو وسراوش لأجل العفو.
يتم التفريق بين الكاهن
والمحارب والمزارع، وكذلك يتمّ التفريق بين أنواع الكلاب.
ابن عرس لا يدنّس بشكل
مباشر ولا غير مباشر، أمّا الذي يقتله، فتلتصق به النجاسة إلى أبد الآبدين.
إذا مات كلب، أو إنسان،
في بيت، يجب نقل النار والبارسمان والفناجين والهاوما إلى خارج المنزل، وكذلك
الجثة لمكان مناسب، وفقاً للقانون، لتلتهم هناك.
يمكن إعادة النار لذلك
المنزل بعد 9 ليال بالشتاء، وشهراً كاملاً بالصيف. ومن يعيد النار للمنزل قبل ذلك
الموعد، يعاقب ب 200 جلدة.
إذا ولدت امرأة ببيت
عابد مازدا طفلاً ميّتاً، يجب إبعاد القطيع والنار والبارسمان المقدس، ويبعد الميّت
30 خطوة عن النار، وكذلك عن المياه والبارسمان، و3 خطوات عن المؤمن. ويجب سياج ذلك
المكان، وعزله مع تلك المرأة بثيابها وطعامها.
تتناول تلك المرأة كومز
مع الرماد، و3 جرعات أو 6 أو 9 لتنزل للداهما في رحمها، ومن ثم تشرب الحليب المغلي
للمهور، أو غيرها، مع طعام ليّن بدون ماء، والقمح، والنبيذ بدون ماء، ويجب أن تبقى
هكذا 3 ليال، بعد ذلك يجب عليها أن تغسل جسدها وثيابها ببول الثور، وبواسطة الحفر
التسع، وتصبح طاهرة.
تبقى المرأة معزولة عن
بقية عباد (مازدا) 9 ليال، بعد ذلك تغسل جسدها وملابسها ببول الثور والمياه،
ولايجوز استعمال تلك الملابس من قبل أي كان إلا لإمرأة حائض أو انسان عاجز اضطر
للعزلة.
إذا رمى أحد على جسد
الميت شيئا ولو بقد رما يسقط من يد فتاة عندما تغزل وان كان تقيا في حياته لن يكون
له مكان في الجنة بعد مماته.
الفصل السادس:
إذا مات انسان أو حيوان
على أرض يجب عدم بذرها سنة تترك بور.
جزاء من يسقي او يبذر تلك
الأرض 200 جلدة بسوط الحصان.
قبل حراثة تلك الأرض
بعد سنة يجب تنظيفها من العظام والشعر والغائط والدم.
من يزرع دون تنظيف يجلد
200 جلدة.
من يلقي على الأرض عظم
كلب ميت او انسان جزاؤه 30 جلدة او 50 جلدة او 70 جلدة او 90 جلدة حسب االحال
أما لو رمى جيفة كلب او
انسان فجزاؤه 1000 جلدة
إذا شاهد شخص جثة في
جدول ماء جاري ينزع ملابسه وحذاءه ويغطس ويخرج الجثة.
لو كانت الجثة متفسخة
يتم اخراج ما يمكن دون ذنب.
الفاسد من المياه
الراكدة 6 خطوات من الجوانب الاربعة.
الماء التي لم يتم
اخراج الجثة منها تعتبر فاسدة
يسحب ما امكن من الماء
بعد اخراج الجثة وبعد ذلك تعتبر الماء طاهرة
الفاسد من الغطاء
الثلجي 3 خطوات من الجوانب الاربعة.
لو تم سحب الجثة من
الثلج وذاب الثلج يعتبر الثلج طاهرا.
الفاسد من الجدول
الجاري 3 خطوات من اعلى الجدول، و9 خطوات من اسفل الجدول، و6 خطوات من جانب الماء
بعد اخراج الجثة.
بعد انتشال الجثة من
الجدول الذي فاض وسال 3 مرات يصبح طاهرا.
اذا تم احضار الهاوما
لاجل القرابين لاشر فيه.
اذا لم يكن قد حضر لاجل
القرابين يدنس بطول 4 اصابع ويوضع بوسط المنزل سنة ثم يصبح طاهرا بعد ذلك.
توضع جثث الموتى باعالي
القمم(= الدُخما) حيث تأتي الكلاب والطيور المفترسة وتثبت من أرجلها وشعرها كي
لاتتحرك.
من لايثبت الجثة يعاقب
ب 200 جلدة.
توضع عظام الجثة في
صندوق يحفظه من الكلاب والماء ---.
ان لم يستطع تحمل
التكاليف توضع الجثة على الأرض على بساط ووسادة ملتحفا نور السماوات وناظرا للشمس.
الفصل السابع:
تهاجم دروج ناسو(=
شيطان الجثث والمواد الميتة) على الميت فور موته، وبعد فراق الروح للجسد قادمة من
الشمال بهيئة ذباب هائجة بذنب.
عندما تأتي الكلاب أو
غيرها للجثة تهرب دروج ناسو للشمال.
إذا تم قتل أنسان تهاجم
عليه دروج ناسو مباشرة.
إن دروج ناسو تدنس
الملاءة الخارجية والثياب الداخلية.
تطهير الملابس التي
لامستها جيفة كلب او انسان ميت ممكن، فإن كانت الثياب نظيفة تطهر ببول الثور، وإن
كانت ملوثة تدفن مع الميت.
ان كانت الملابس من
الجلد تغسل ببول الثور 3 مرات، وفركه بالتراب 3 مرات، وغسله بالماء 3 مرات، وعرضه
أمام الهواء 3 اشهر.
لو كانت الملابس من
نسيج تغسل 6 مرات ببول الثور، وفركه بالتراب 6 مرات، وغسله 3 مرات، وعرضه للهواء 6
اشهر.
تقول اردفيسورا اناهيدا
: يازردشت (إن نبعي يطهر نطفة الذكور ورحم الإناث وحليب الاناث).
من يأكل من جيفة كلب أو
جثة انسان يجب هدم حجره، وتمزيق قلبه، وقلع عيونه، ويكون نجسا للأبد.
من يلقي الجثة في الماء
او النار هالك وقاطع الجثث وعنكبوت وجراد ولا يطهر ويبقى نجسا للأبد.
يمكن تطهير الخشب
والعلف التي القيت عليها جيفة كلب او جثة انسان، بأن تبعد الحبوب عن بعضها بمقدار
ذراع ان كانت جافة وشبر ان كانت ندية وترش بالماء مرة واحدة.
من يريد أن يجرب مهارته
بالمداواة يجب عليه فعل ذلك اولاً على غير عباد مازدا.
اذا أجرى 3 عمليات على
عباد غير (عباد مازدا) وماتوا جميعا فإنه يكون كفؤ إلى الابد.
من أجرى عملية جراحية
لعابد (مازدا) فجرحه يجب عليه دفع الجزاء ولو مات فجزاؤه عقوبة القتل العمد.
لو عالج المداوي 3 من
عباد غير مازدا وطابوا جميعا فإنه يكون أهلا للأبد ويمكنه معالجة عباد مازدا.
جزاء من يشفي:
الكاهن: البركات
سيد المنزل: قيمة ثور
رخيص.
ملك القصبة: ثور متوسط
الثمن.
حاكم البلدة: ثور غالي
الثمن.
حاكم المقاطعة: عربة
تجرها 4 أحصنة.
زوجة صاحب منزل: أتان(=
حمار).
زوجة مالك القصبة:
بقرة.
زوجة حاكم بلدة: مهرة.
زوجة حاكم المقاطعة:
ناقة.
وريث اسرة غنية: ثور
غالي الثمن.
المعالج وشافي الشافين
هو من يعالج بالكلمات المقدسة، ثم معالج بالسكين، ثم بالاعشاب.
إذا القيت جثة على الأرض
ملتحفة نور السماء ناظرة للشمس، تصبح تلك الأرض طاهرة بعد سنة.
الأرض التي دفن الميت
فيها تصبح طاهرة بعد 50 سنة.
إن وضعت الأرض على
الداهما (= الداخمة – برج الصمت)، تصبح طاهرة حتى يتم مزج الرفاة مع التراب، ويجب
هدم جميع الداهمات.
توجد الجنة والجهنم
ويجب حماية الروح دائما.
يوجد الاشرار على
الداهما التي يتم تشييدها على الأرض وتوضع عليها الجثة.
الاواني التي لامستها
جيفة كلب، أو جثة انسان تطهر هكذا :
الذهبية: تغسل ببول
الثور مرة، وفركها بالتراب مرة، وغسلها بالماء مرة فتصبح طاهرة.
الفضية: تغسل مرتين
ببول الثور، وتفرك مرتين بالطين، وتغسل مرتين بالماء فتتطهر.
النحاسية: 3 مرات
الفولاذية: 6 مرات
الحجر: 5 مرات
المصنوعة من التراب أو
الخشب والصلصال، تبقى نجسة للابد.
البقرة التي أكلت من
جيفة كلب أو جثة انسان تطهر بعد مرور سنة دون أن تحلب أو يشرب حليبها.
الانسان الذي يضمر
المشاعر الودية ويرغب في الاستقامة هو من يملك النية الحسنة.
يقع في الدروج من يقدم
المياه المدنسة بواسطة الميت، والغير صالحة للتعمد او يقدمها بالليل وهي غير
صالحة.
الفصل الثامن:
مراسم الفن والطهارة
الصراع بين الخير والشر
موجود منذ البداية وكل الشر صادر من انكرامانييو.
الطهارة سبب أساسي
للتخلص من الشر (الولادة، الموت، الطهارة).
جهنم الزردشتية موجودة
بالشمال.
كل من يشارك في دفن
الميت يصبح نجساً.
كل الجثث نجسة.
يوجد الحساب والقيامة.
إذا مات انسان أو كلب
في بيت من الخشب أو مسقوف:
إذا كان ممكنا يجب
اخراج الميت ويبقى البيت ويبخر بالعطور.
إذا كان ممكنا ينقل
البيت ويبقى الميت بمكانه.
إذا حدث موت في جو من
المطر الثلج العاصفة الليل النهار يجب وضع الجثة حيث الأرض الاكثر نظافة وجفافا،
لا يمر القطيع والنار والبارسمان والحقيقة والصالحون .
يجب أن تكون الجثة
بعيدة عن النار 30 خطوة، وكذلك عن الماء والبارسمان والصالحين.
توضع الجثة في مكان قاس
بعمق نصف قدم وبالرخو نصف انسان وتغطى بالروث أو الطوب او الحجر أو الصلصال ولمدة
ليلتين أو للابد.
عندما تطير الطيور
وتنمو النباتات وتجري الغدران وتجف الأرض تحفر حفرة في هذا البيت من قبل رجلين
صالحين وعاريين ليضعا الجثة، بعد ذلك يجلس حمالوا الجثة على بعد 3 خطوات من الميت
ويطهرون ويغسل الحمالون الجثة وشعرها ببول الاغنام والابقار.
لايجوز مرور القطيع على
طريق تم حمل الميت من خلاله بل يمر الكلاب الصفراء ب 4 عيون 6 مرات؛ لان الدروج
ستطير نحو الشمال، ليمر الكاهن وهو ينطق الكلمات الضرورية التي تبارك مازدا وتطلب
من القوى الشريرة الابتعاد، بعد ذلك يمكن للناس والقطيع والبارسمان المرور وتقدم
القرابين والعسل.
عقاب من يغطي جسد
الميت:
بطنه وقدمه: 400 جلدة.
حوضه: 600 جلدة.
كل جسده: 1000 جلدة.
من يقف ضد ارادة
العائلة يعاقب: ب 600 جلدة ويجب أن يتوب.
يغفر للمؤمن بالمازدا
ياسنا كل شيء.
هنا يتم تكرار لفظ كلمة
الكفر 16 مرة في 8 أسطر.
من اصطدم بيبسة ميت قبل
سنة فهو طاهر اليابس لايدنس اليابس.
يتطهر من حمل جيفة كلب
أو جثة انسان نهشته الكلاب والطيور بعد الاغتسال ببول الثور، ومن ثم بالماء.
بعد حفر 3 حفر بالأرض
بالبداية يجب غسل
الايادي 3 مرات ومن ثم الجسد بحيث يتم البدء من الرأس وهكذا حتى القدم كما عند
المسلمين بالوضوء.
إذا إصطدم (مازداياسني)
مشياً أو مروراً، مسافراً أو راكباً حصان بنار الجثث المغلية التي سلقت أو حمرت
عليها الجثة، يقتل طابخ الجثث، ويلقى بالقدور، ويهدم المتراس، ويلقى بكل الحطب
خارجاً.
من يجلب نار الجثة
المسلوقة إلى المكان الملائم، يكون وكأنه قد جلب إلى هذا العالم الدنيوي ألف جذوة
نار إلى المكان الملائم، وكذلك من يجلب النار المنصرمة، ومن يجلب النار من سبخ
يكون كجلب 500 جذوة، ومن يجلب نار الصلصال 400 جذوة، ونار حرق الزجاج يكون بقدر
عدد قطع الأوعية. نار الذهب 100 جذوة، نار
الفضة 90 جذوة، نار المعادن 80 جذوة، ونار الحديد 70 جذوة، نار التنور 60 جذوة
-----.
هنا تبرز المكانة
المقدسة للنار
الطهارة من الجثة في
غابة بمكان موحش :
اذا كانت الجثة قد
مزقتها الطيور والكلاب، الغسل ببول الثور 30 مرة يطهر.
اذا كانت الجثة غير
ممزقة، الغسل ببول الثور50 مرة يطهر.
يجب على من يشاهده
بالطريق تطهيره، وإن لم يطهره يتحمل ثلث الذنب
إذا كان هناك ماء على
الطريق التي تتطلب عقابا لاجل الماء فالعقاب 400 جلدة.
الفصل التاسع:
يجب على من يريد
الطهارة من نجاسة الجثة قصد رجل تقي، ذلك الذي يعرف الكلمات المقدسة، سواء أكان
هذا التقي رجلاً أو امرأة وهكذا يتم التطهير:
جز النباتات 9 أبواع
مربعة بمكان طاهر بعيد عن المرور.
يبتعد المتطهر عن النار
30 خطوة، وعن البارسمان 30 خطوات، على 3 خطوات من المؤمن.
يتم حفر حفرة بعمق
اصبعين بالصيف، و4 بالشتاء وست حفر.
تبتعد الحفرة عن الاخرة
خطوة واحدة أي 3 اقدام.
يتم حفر 3 حفر أخرى
تبتعد عن الستة السابقة 3 خطوات.
تحفر أخاديد حول الحفر
وببعد 3 خطوات.
تحفر 12 اخدود تحيط 3
منها ب 3 خفر و3 اخاديد تحيط ب 6 حفر.
توضع على بعد 3 اقدام
عن هذه الاخاديد احجار يمشي عليها المتطهر نحو الحفر (أو أشياء يابسة ).
يقف الكاهن قرب تلك
الحفر وينشد الكلمات المقدسة، ويرددها المتدنس كي تهرب دروج ناسو (شياطين الجثث).
بطاس معلق بعصا ذات 3
عقد يتم صب البول على المتدنس.
بعد ذلك يجلس المدنس
بين الحفر الستة الاولى وعلى بعد 4 أصابع ويغتسل بحفنة من الطين.
ثم يجمع طين 15 مرة
ويبقى حتى جفاف الشعر تماماً.
بعد ذلك ينتقل للحفر
ويغتسل بالاولى مرة، وبالثانية مرتين وهكذا.
يبقى بعيدا عن كل شئ 3
ليال، ثم يغسل جسده ولباسه ببول الثور والماء.
يكون التطهير مقابل
جزاء أو يرضى الكاهن.
من يقوم بالتطهير وهو
لايعرف طقوس الطهارة وفق قانون مازدا يكون جزاؤه:
تقييد اليدين.
تجريده من الملابس.
قطع رأسه.
ترك جثته للطيور.
ويقال عنه بأنه شرير
وكافر ونادم على جميع أفكاره وأعماله الشريرة.
فاركارد 10:
-
محاربة دروج ناسو التي تدنس الحي من الميت يكون،
(قل بصوت عال كلمات الكات مرتين وثلاثة وأربعة).
- كلمات الكات التي يجب
قولها، هي الأكثر نصرا وشفاء والتي تبعد دروج ناسو بعيدا عن المنزل والإنسان
- يجب إبعاد الجثة التي
تدنس عن المنزل وعن الرجل وكذلك عن المرأة.
- كلمات الكات التي يجب
قولها مرتين و3 و4، تبعد اندرا وسورو ونونهايتيا وتورو وزايري وايشما واكاتاشا
والفارينيين (هذا كان رد مازدا لزردشت عندما سأله ).
-عند الطهارة يجب حفر 9
حفر بالأرض حيث يقل الماء والنبات ولايوجد فيها غذاء البشر والماشية.
- الطهارة بعد الولادة
تعد أول خير للانسان.
فاركارد 11:
تطير كل شئ يكون بأن
تنشد(آهونا- فايريا) 5 مرات و8 مرات تلك التي تبعد الشر فهي تبعد ايشما وبويدهي
وكاندي وبوشياستا وميدهيكاباستي وبايريكا كما تردد آيسريما - ايشو 4 مرات.
كلمات الطهارة (هذه الأرض
التي نبجلها، هذه الأرض مع النسوة، هذه الأرض تحملنا وتلك النسوة اللواتي هن يا
آهورا)
وإذا اردت أن تطهر
الرجل أو المرأة تقول (فليأت إلى هنا ايرامان الموفي بوعده كي يبهج رجال ونساء
زردشت ويبهج فاهونامو بمكافأة مرغوبة بها ويستحقها الدين، ألتمس القداسة، تلك
النعمة التي يهبها آهورا).
فاركارد 12:
فترة الحداد على :
الوالد والوالدة 30
يوما للاتقياء، و60 يوماً للخاطئين.
الولد أو البنت 30 يوما
للصالح، و60 يوما للخاطيء.
الاخ والاخت 30 يوما
للصالح، و60 يوم للخاطيء.
رب أو ربة المنزل 6
أشهر للصالح، وسنة للخاطيء.
الجد والجدة 25 يوما
للصالح و50 يوما للخاطيء.
الحفيد والحفيدة 25
يوما للصالح، و50 يوما للخاطيء.
العم والعمة 20 يوما
للصالح، و40 يوما للخاطيء.
ابن العم وابنة العم 25
يوما و30 يوما.
ابن ابن عم وبنت ابن
عم 10 ايام للصالح، و20 يوما للخاطيء.
ابن عم من الدرجة
الثالثة وبنت عم من الدرجة الثالثة 5 ايام للصالح، و10 ايام للخاطيء.
تطهير المنزل يكون بغسل
الجسد 3 مرات، والملابس 3 مرات، وانشاد الكات 3 مرات، ومن ثم تقديم القرابين للنار
والمياه الفاضلة، بعد ذلك يصبح المنزل طاهراً.
- لو مات رجل لاينتمي إلى
عقيدة صادقة أو شريعة صحيحة ومن أية سلالة كان؛ فانه يدنس الطاهر ( أجزاء مباشرة
وأجزاء غير مباشرة).
فاركارد 13: خاص بالكلب
- مخلوق روح القدس هو
الذي يقتل آلاف مخلوقات روح الشر من منتصف الليل حتى شروق الشمس وهو فانهابارا
قنفذ الكلب المتوحش ذو الوجه الحاد الذي يسمى(دوجاكا).
- الذي يقتل فانهابارا
الذي يسمى دوجاكا يلعن روحه لعشرة أجيال اذا لم يكفر امام سراوش وعقابه 1000 جلدة.
- مخلوق روح الشر الذي
يخرج من منتصف الليل حتى شروق الشمس ليقتل آلاف مخلوقات روح القدس هو زاير يميانور
– السلحفاة والذي يسمى زاير يمياك ومن يقتل هذا المخلوق الشرير ستغفر له أفكاره
الشريرة وأعماله الشريرة.
- من يقتل كلبا يحرس
القطيع والبيت وكلب الصيد والكلاب المتعلمة ستنتقل روحه إلى العالم الآخر مع
الصراخ والعويل مثل عويل الذئب بالفخ ولن تسانده اية روح ولا اي من الكلبين
الحارسين لجسر جنيفات.
- من يلحق الاذى بكلب
يحرس البيت او القطيع يجب ان يكفر عن ذنبه
- من يلحق بكلب يحرس
الماشية ضربة قاتلة يعاقب ب 800 جلدة او 700 او 600 او 500 حسب الوضع.
هذا العقاب يكون لاجل
القنفذ فيزو – ابن عرس- الثعلب - وكل كائنات الروح القدس المرتبطة بالكلب ماعدا
كلب الماء.
- من يطعم كلبا طعاما
فاسداً يكون وكأنه أطعم رجلاً نبيلاً كلب القطيع.
- من يطعم الجرو طعاما
سيئا يكون وكأنه أطعم صبيا ً ذلك الطعام.
العقوبات:
200 جلدة بالنسبة لكلب
القطيع.
900 جلدة لكلب المنزل.
700 لكلب الصيد.
500
جلدة بالنسبة للكلب الصغير.
-الكلب المسعور : يوضع
بعنقه طوق ويغطى فمه، وإن جرح هذا الكلب انسانا او ماشية يعاقب بقطع: اذنه اليمى،
وإن تكرر اذنه اليسرى ثم ساقه الايمن فساقه الايسر فذيله حسب المرة.
إن فقد حاسة الشم يجب
معالجته كمعالجة رجل صالح، وإن لم يطب يوضع بعنقه طوق ويغطى فمه بالخشب.
- انا آهورا مازدا قلت الكلب يازردشت كاسياً إياه
ثيابي نعلاً إياه نعلي يحصل على حصته كحصة رجل من الطعام، فوجوده يعني الحقيقة
الراسخة والسلام ويحمي الناس من الطورانيين.
- الاجدر بالقتل من الذئاب هو الذئب الذي تنجبه
الذئبة من الكلب.
- الكلب يعادل 8
مخلوقات، وله طباع الكاهن والمحارب والمزارع والعبد والوحش والعاهرة والطفل.
- عندما يموت الكلب
تذهب روحه لمنابع المياه.
- قتل كلب الماء يجلب
القحط للمراعي وستعود السعادة بعد تقديم القرابين 3 ايام بلياليها مع النيران
والبارسمان والهدايا.
فاركارد 14:
التكفير عند قتل كلب
ماء
-
من يقتل كلب ماء يعاقب ب 10 آلاف جلدة، ويقدم
مثله حمل خشب يابس للنار، ومثله شراب مع الهاوما والحليب والزاوتار ونبات هادا
نيباتا، يقتل 10 الاف حية، ومثلها قطط، ومثلها سلحفاة، ومثلها ضفدع، ومثلها دودة
وذبابة، ويحفر 10 الاف حفرة، ويعطي 14 مرة أدوات النار للكاهن وأدوات حربية وأدوات
الحراثة، وثمن حصان وجمل، ويحفر جدول ماء جاري للصالحين بعمق يسع لكلب وعرض لكلب،
ويقدم أرض زراعية خصبة يرويها جدول، ويقدم فراشا وفتاة باكرة لرجل صالح متجاوزة 15
سنة و7 رؤوس من الماشية، ويطهر مرتين: 9 كلاب من الدنس، ويطعم 3 رجال صالحين لحين
الشبع، ومن لاينفذ هذا يذهب إلى دار دروج ناسو لامحالة
فاركارد 15:
الخطايا التي يرتكبها
الفرد والتي لا توبة لها (5)، وهي كما قال آهورا مزدا لزرادشت :
1- من يعلم انسانا مؤمنا دينا آخر، أو شريعة
أخرى، يضله وهو مالك لشعوره وعقله تماماً تقوده للضلال.
2- من يعطي عظاماً صلبة او طعاما قاسيا او ساخنا
جدا لكلب الرعي او المنزل.
3- من يضرب كلبة او
يفزعها.
4- من يقيم علاقة مع
امرأة وهي في حالة سيلان أو حيض يدمي.
5- من يقيم علاقة مع
حامل وتسبب لها الضرر.
من يفعل تلك الافعال
يكون (به شو تانو).
- إن زنت فتاة لايجوز
لها اسقاط الجنين، وإن اسقطت يكون الفعل القتل العمد.
- إن زنت فتاة وحبلت
وذهبت لمرأة كي تسقط الجنين، يكون الاب والام وتلك المرأة جناة وسواسية بالعقاب.
- ان زنت فتاة يجب على
الزاني رعاية الزانية حتى تضع الحمل، وإن لم يفعل وتضررت الفتاة او الجنين يكون
الزاني قاتلا بالعمد.
- يجب على المؤمن رعاية
الحبلى امرأة كانت أم كلبة حتى تضع.
- أقرب الناس للكلبة
يجب عليه الاهتمام بها حتى تضع، وان لم يفعل يكون قاتلا متعمدا.
- لو كانت الكلبة
بحظيرة ابل يجب على باني الحظيرة الاهتمام بها، وكذلك اصطبل الخيل وزريبة البقر
وصيرة الغنم
أما لو كانت الكلبة
بجانب جدار، فمن بنى الجدار يجب عليه الاهتمام بها، وكذلك الحفرة والحقل.
- تكون الصغار قادرة
على العيش بمفردها عندما تكون على الدوران مرتين حول 9 منازل.
- يجب رعاية صغار
الكلاب 6 أشهر والصبيان 7 سنوات.
-الكلب القوي من يولد
من لقاح 3 كلاب بعد ربط الكلبة، ومن يضرب تلك الكلبة يجلد 700 جلدة بسوط الحصان.
فاركارد16:
عندما تكون المرأة في
حالة سيلان أبيض أو حيض، يجب تنظيف الدرب إلى الغابة، ونثر التراب الجاف على الأرض،
وتعزل كي لاتقع عينها على النار بحيث يكون البعد عن النار 15 خطوة، وكذلك عن الماء
والبارسمان، و3 خطوات عن المؤمن، و3 خطوات عن الرجل الذي يطعمها.
- اذا لمس طفل تلك
المرأة الحائض تغسل يداه ومن ثم جسده.
- إذا رأت المرأة الدم
بعد 3 ليال تبقى حتى 4، وأن تبقى 5، وهكذا فإن رأت بعد 9 ليال يكون الشر قد لحق
بها.
- تطهير المرأة الحائض
يكون في طريق خالية من الخشب والنبات، ويتم بحفر 3 حفر بالأرض، ويتم غسل المرأة
ببول الثور عند الحفرتين الأوليتين، وفي الثالثة بالماء، وقتل 200 نملة، و200 كائن
مؤذي.
- من يخفي حيض امرأة
حائض يكون به شوتانو، ويجلد 200 سوط و200 عصا.
- جزاء من يلامس امرأة
حائض أو بحالة سيلان بشهوة:
يجلد بالمرأة الاولى 30
سوط و30 عصا، وبالثانية 50 سوط، و50 عصا، وبالثالثة 70 سوط وسبعين عصا.
في ثاني مرة يقترب
منها، في ثاني مرة يضطجع بجانبها، يجلد خمسين سوط و50 عصا.
- من يدخل بين فخذي
امرأة ولم ينزل جزاؤه 90 سوط و90 عصا.
- من يجامع امرأة يكون وكأنه
اقدم على شي جثة إبنه المقتول بالرمح على نار، ومصاب بال(نائه زا) أي مرض الطاعون.
- جميع الذين لا شريعة
لهم كفرة، جميع الكفرة يستحقون الموت([24]).
تحليل النص ونقده
ممّا مرّ ذكره، فإن هناك عقوبات قاسية وعجيبة
ومُنكرة فرضتها الزرادشتية على أتباعها المُذنبين، كتكفير عما ارتكبوه من ذنوب.
على سبيل المثال لا الحصر، منها مثلا عقوبات تتعلق بالعقود: سأل زرادشت إلهه أهورا مزدا بقوله :" إذا
انتهك رجل عقد الأغنام ، فكم عدد من تشملهم خطيئته ؟ ". فأجاب أهورا مازدا:
" إن خطيئته تجعل أقرب أنسبائه مسؤولا لمدة 700 سنة". و" إن روحه
ستقيم لمدة سبعمائة سنة في الجحيم"([25]).
وأمّا إذا انتهك رجل
عقد الحقل، فكم عدد من تشملهم خطيئته، فأجاب آهرامزدا:" إن خطيئته تجعل أقرب
أنسبائه مسؤولاً لمدة ألف سنة"([26]).
وأمّا إذا انتهك عقد
الثور، فإن خطيئته " تجعل أقرب أنسبائه مسؤولا لمدة 900 سنة"([27]).
وإذا انتهك عقد الحقل فإن خطيئته " تجعل أقرب أنسبائه مسؤولا لمدة ألف
سنة"([28]).
ومن
جانب آخر فإن الفندياد تذكر نصوصاً تشير إلى الاحترام الشديد للكلب وإعطائه مكانة مقدسة
بالدين الزردشتي، حيث يحتل المرتبة الثانية بعد الانسان، وكرس له الفاركارد (=
الفصل) الثالث عشر كاملاً، وغدت جثته مدنسة أيضاً، ولهذا تطلب دفنه مراسيم مشابهة
لطقوس دفن الانسان([29])
على شاكلة احترام الكاهن المجوسي، مع وجود قواعد صارمة عند
قتل الكلب. ومنها أن الفنديداد ذكرت أن أهورامزدا شرّع لأتباعه أن من ضرب كلبا صغيرا- له أربعة
أشهر- ضربة مميتة يُجلد 500 جلدة، ويطبق
هذا العقاب أيضا على من فعل ذلك مع القنفذ، وابن عرس ذي الأسنان الحادة، والثعلب
ذي الفرو السميك. وأشار إلى أن هذه الحيوانات هي من مخلوقات روح القدس، ويعني
أهورا مزدا.
فضلاً عن ذلك هناك نصوص كثيرة في الفنديداد
وخاصةً الفاركارد الخامس والسادس عشر تشيران إلى تحقير المرأة
في الدين الزردشتي بدليل اعتبارها نجسة ويجب عزلها على غرار المرأة اليهودية، واعتبار المرأة الحائض نجسة ووغير طاهرة، ومن يلامسها
يصبح نجساً.
وتجدر الإشارة إلى أن
الكاهن الزرادشتي (فيراز) عندما ذهب في معراجه السماوي (= آردا فيراز نامك)، يقول:[ ... ذهبت أبعد من
ذلك، ورأيت امرأة تأكل القذارة ومخلفات البشر، فسألت: "ما الذنب الذي اقترفه
الجسد لتدفع روحه هذا الجزاء المخيف؟ "، "فأجاب النبيل سراوش والإله
آدور: هذه روح الاثمة، المرأة التي لم تحافظ على نفسها ولم تراعِ التقاليد بألا
تتقرب إلى الماء والنار أثناء فترة الحيض، لكنها تقربت إليها"]([30]) .
مما مر ذكره تبين لنا
بواسطة النصوص الصريحة من الكتاب الزرادشتي المقدس الآفِستا الذي يتكون من 21
نسكاً، التاسع عشـر منه كتاب – الفنديداد – الذي يحوي نصوصاً صريحة في امتهان
المرأة ونجاستها وحقارتها وعدم إنزالها مستوى الكلاب – حاشاها - وخاصةً في فترة
الحيض التي تستمر لفترة طويلة من عمرها، وتكاد تكون حياتها جحيماً، لا تطاق؛ ويبدو
في اعتقادي أن صعوبة الطقوس الدقيقة للزرادشتية وتكاليفها الشاقة والطهارة
المبالغة فيها إلى حدٍ لا يوصف، وفق وجهة
نظر المستشرقين البريطانين (توماس أرنولد المتوفى سنة1930م)، و(أدوارد براون
المتوفى سنة1930م)، والنصوص المملة والمشوهة للافستا على حد تعبير المستشرقة
البريطانية المختصة بالزرادشتية (ماري بويس).
كما أن الفنديداد أشارت
في الفصل الاول إلى تعداد المدن الايرانية التي أوجدها هرمزد(= آهورامزدا)
والبلايا التي صبها عليهم أهريمن (= أنكرمينيو – الشيطان)، وجميعها تقع ضمن
المنطقة التي كان الفرس الساسانيون يحكمونها أو كانوا متواجدين فيها، أي بعبارة
أخرى أن الكتاب المقدس الزرادشتي وخاصة – الفنديداد - تثبت بأن الزرادشتية هي
الديانة القومية للامبراطوريتين الفارسية الاولى والثانية: الاخمينية – الهخامنشية
(529-331ق.م)، والساسانية (224-651م)، بدليل أن نصوص الفنديداد تركز على الاجزاء
الشرقية من ايران. والباحثون الايرانيون لايلتفتون كثيراً إلى حكم البرث
الاشكانيين (250ق.م-226م) لانهم ليسوا فرساً، بل ينتمون إلى الاسكيثيين؛ لذلك ما
أن زالت الدولة الفارسية الساسانية من عالم الوجود وانطفأت نيران معابد
الزرادشتيين المجوس في خلافتي الراشدين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله
عنهما، وخاصةً بعيد معركة فتح الفتوح(= نهاوند) في 21هـ/640م، حتى بدأت الديانة
الزرادشتية تضعف شيئاً فشيئاً حتى كادت تتلاشى، يقول المستشرق البريطاني توماس
أرنولد:" إزاء هذه الحقائق، لا يمكن أن يعزى انقراض الدين الزردشتي إلى
الحركات العنيفة التي قام بها الفاتحون العرب (= المسلمون) لتغيير دين الايرانيين.
وربما كان عدد من قبلوا الإسلام من االإيرانيين في أوائل حكم العرب (= المسلمون)
كبيراً جداً... لكن بقاء الدين الزرادشتي وإقرار الوثائق بأن الزرادشتيين كانوا
خلال القرون المتعاقبة يسلمون بين الحين والآخر... يدل على احتمال إسلامهم بكامل
رغبتهم ورضاهم..."([31]
).
ومن جانب آخر فإن الكتاب المقدس الزرادشتي يحرض مباشرةً
على قتل جميع الناس الذين لا يؤمنون بشريعة زرادشت، بالقول:" ... جميع الذين
لا شريعة لهم كفرة، جميع الكفرة يستحقون الموت"([32]).
والغريب أن مترجم ومعلق كتاب (آفِستا) إلى اللّغة
العربية لم يعلق على هذا النص القاطع الخاص بقتل الكفار- وهم الذين لا يؤمنون
بالديانة الزرادشتية - والمذكورة في الصفحة(340) من كتاب الفنديداد تحديداً؛ ولو
وجد مثله أو ما يشابههه في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة!، مع الجزم
بعدم وجودها أصلاً، لصب غضبه ونقمته على الاسلام والمسلمين ولأتهمها بالارهاب!
والظلامية! والرجعية! ... وما أكثر مفردات هذا القاموس!!!؟
المصادر والمراجع
والهوامش
[1]
-
ايران في عهد الساسانيين، ترجمة: يحيى الخشاب، راجعه: عبدالوهاب عزام (بيروت: دار
النهضة العربية، د،ت)، ص19-20.
[6]
- يحيى
الخشاب، فصل في إسلام الفرس، في كتاب، تراث فارس، أشرف على نشره: أ.ج. أربري، نقله
العربية: محمد كفافي وزملائه (جامعة القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، 1959م)،
ص5.
[9]- كتاب الفنديداد أهم الكتب
التي تتألف بها الأبستاه، نقله من الفرنسية: داود الجلبي، قدم له: جرجيس فتح الله
(أربيل: منشورات ئاراس، الطبعة الثانية،2001م)، ص38.
[10]
- يما:
في الأصل (يِمَ) بكسر الياء، وفنح الميم. نكتبها يما لأظهار فتح الميم.ينظر: كتاب
الفنديداد أهم الكتب التي تتألف بها الأبستاه، نقله من الفرنسية: داود الجلبي،
ص39، هامش(35).
[11]
-
الفار: يشبه الباحثون فار يما بفُلك نوح. القصد من كليهما تخليص قسم من البشر
والحيوانات من الانقراض. والفرق بينهما أن نوحاً ينجي المؤمنين من الطوفان. ويما
ينجي أحسن نماذج من الناس والحيوانات والنباتات من البرد. فالفرق إذن منبعث من
اختلاف جغرافي اقليمي. ينظر: الفنديداد، المصدر السابق، ص46، هامش(47).
[12]
- مهركوشا:
ساحر يرسل ثلاثة أشتاء مميتة مع أمطار مخربة تدعى (ملكوسان).ينظر: الفنديداد،
المصدر السابق، ص39، هامش(36).
[13]
- ماري
بويس، تأريخ الزرادشتية من بداياتها حتى القرن العشرين، ترجمة: خليل عبدالرحمن
(السليمانية: مركز الدراسات الكردية (الكوردولوجى)،2010م)، ص112.
[16]- آفستا الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية،
اعداد: خليل عبدالرحمن (دمشق: دار الحياة،2007م)، ص215 ، مقدمة المترجم والمحقق
خليل عبدالرحمن.
[18]
- قيل
أن الهراتي كان يهجر داره تسعة أيام أو شهراً كاملاً إذا مات له أحد فيها. ينظر:
الفنديداد، المصدر السابق، ص41، هامش(39).
[19]- أخننتا هو (أخنان
رود) في هركاني أي جرجان(= بلاد خوارزم). يعني أن الجرجانيين يسكنون على شواطئه،
أي شواطيء بحر قزوين من الجهة الأخيرة. ينظر: الفنديداد، المصدر السابق، ص41،
هامش(41).
[20]
-
الري: هي عاصمة إقليم الجبال في مصادر الجغرافية الاسلامية، وهي تقع حالياً في
جنوب مدينة طهران؛ والغريب أن مترجم الافستا الدكتور خليل عبد الرحمن حدد موقع
الري في ميديسا (= كردستان إيران) أي بعبارة أخرى أن كلمة ميديا تنطبق على
كردستان، فضلاً عن ذلك انه قال أن الري تقع في شمال طهران، والصحيح ما أثبتناه
آنفاً.
[22]- يذكر البلدانيون
المسلون مدينتين اسمهما كرخ، احداهما تقع في خراسان، والاخرى في غزنة، كان الرحالة
المغربي ابن بطوطة قد زار الثانية منها.
[23]- فاره نا: يرجح كونها
طبرستان الواقعة جنوب بحر قزوين. ينظر: الفنديداد، المصدر السابق، ص42، هامش(45).
[25]
-كتاب
الفنديداد، الفصل الرابع، ص59؛ آفستا الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية، اعداد:
خليل عبدالرحمن، فاركارد 4، ص241.
[26]
- كتاب
الفندياد، الفصل الرابع، ص60؛ آفستا الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية، اعداد:
خليل عبدالرحمن، فاركارد 4، ص242.
[27]- كتاب الفندياد، الفصل الرابع، ص60؛ آفستا
الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية، اعداد: خليل عبدالرحمن، فاركارد 4، ص242.
[28]- كتاب الفندياد، الفصل الرابع، ص60؛ آفستا
الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية، اعداد: خليل عبدالرحمن، فاركارد 4، ص242.
[29]
-
آفستا الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية، اعداد: خليل عبدالرحمن (دمشق: دار
الحياة،2007م)، فاركارد 8، ص280، هامش(1).
[30]
-
آفستا الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية، اعداد: خليل عبدالرحمن، كتاب الاسراء
والمعراج الزرادشتي، ص962؛ وقد علق المترجم والمعد على هذا الاجراء القاسي بحق
المرأة بالقول:" سنت
الزرادشتية قوانين صارمة بحق المرأة في أثناء حيضها، حيث عزلوها في مكان مظلم كي
لا تدنس بدمها الارض، المياه، النار، والمؤمن، وكذلك منعوها من تحضير الطعام
والتحدث الى الآخرين، وسمحوا لها بإرضاع وليدها فقط عند الضرورة.
[31]
-
ادوارد براون، تاريخ الادب في إيران، ترجمة: أحمد كمال الدين حلمي (الكويت:
مطبوعات جامعة الكويت، 1984م)، الجزء الاول ، البابان الأول والثاني، ص310 – 311.
[32]
- كتاب
الفنديداد، الفصل السادس عشر، ص154 -155؛
آفستا الكتاب المقدس للديانة الزرادشتية، اعداد: خليل عبدالرحمن،فاركارد16،
ص340، والغريب أن مترجم ومعلق الكتاب لم يعلق على هذا النص القاطع بقتل الكفار المخالفين
للزرادشتية، ولو وجد مثله أو ما يشابههه في القرآن الكريم، مع الجزم بعدم
وجوده أصلاً، لصب غضبه ونقمته على الاسلام
والمسلمين!؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق