محمد واني
الإسلام دين ودولة، نعم، هذا
صحيح، ولكن أي دين، وأي دولة؟ هل يكفي أن نردد دائماً أن الإسلام هو الحل؟ دون أن
نعلم كيف، وبأي آلية؟ أعظم مصيبة حلت بالمسلمين المعاصرين هي أن دعاتهم تحولوا إلى
(شعاراتيين)، ترديد الشعارات الرنانة أصبح جزءاً من حياتهم العملية؛ ولكنهم
عجزوا تماماً عن ترجمتها إلى الواقع، حتى وهم في أوج قوتهم السياسية في تونس
والسودان والجزائر ومصر و... وهل الإسلام العنيف الذي تدعو إليه إيران هو الحل برأيك؟!
مشكلة الشعاراتيين أنهم يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر مغايراً تماماً للواقع؛ تركيا طيب أردوغان تدعي الالتزام بتعاليم الإسلام المحمدي، وأنها تدعو إلى العدل والمساواة والحرية، وأن المسلمين إخوة! ولكن هل هي ملتزمة بالحديث النبوي الشـريف الذي يقول: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، إذن لماذا
تكره للشعب الكوردي الحرية والاستقلال، كما تحبه لنفسها؟ ولماذا تمنع عليه تشكيل دولة، كما لها دولة؟ كذلك الأمر بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية! هذه الازدواجية الخادعة في التعاطي مع
الإسلام، ومحاولة تجسيده على أرض الواقع بهذا الشكل المشوه، هي التي أوصلت سمعة
ومكانة المسلمين ودولهم إلى الحضيض! وأبعدتهم عن المشاركة في تحديد وتقرير مصير
العالم. وبذلك فقد الإسلام أهم وأعظم أهدافه التي نذر الرسول نفسه لها وهي؛ (إنقاذ
الإنسانية!)، وبدل أن يحل مشاكل العالم وينقذه من تدمير نفسه، كما هو الحال
اليوم، تحول هو إلى عبء ثقيل عليه!.
إن الدولة الإسلامية التي ننادي بها دائماً
هي مرآة للدين الذي نعتنقه، أو المفروض أن تكون كذلك، لتكون التسمية صحيحة.. إذا
كان تصورنا للدين مشوهاً، وغير ناضج، وغير قابل للتطبيق في الواقع، فمن المستحيل
إقامة أي دولة من أي نوع، وإن أقيمت فمآلها إلى السقوط! ولكن إذا كان تفكيرنا
يتجه إلى القفز إلى السلطة أولاً، سواء عن طريق الديمقراطية أو غيرها، ومن ثم
تطبيقه وفرضه على الآخرين، كما هو تفكير كثير من الحركات والأحزاب السياسية
الإسلامية، فهذا طريق شائك وخطير لا يمكن السير فيه بأمان. وهو شبيه بمن يضع
العربة أمام الحصان!
أين الإسلاميون من الإسلام المحمدي، الذي رآه
الكاتب البريطاني (برناردشو) (منقذاً للإنسانية)، وقال إنه (لو وجد رجل مثل محمد
تولى قيادة العالم المعاصر، لنجح في حل جميع مشاكله بطريقة تجلب السعادة والسلام
المطلوبين).. أين الإسلام والمسلمون مما يحدث في العالم الذي يتجه إلى الفناء؟
غياب تام ومطبق عن المسـرح السياسي والإنساني العالمي، لا حس ولا خبر، أمة في
نزعها الأخير!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق