د. نبيل فتحي حسين
وفقاً لـ(هيل) فإنَّ الفتوح
الإسلامية أدَّت إلى أنْ يرث العربُ الحضارات القديمة في غرب (آسيا) وشمال
(أفريقيا)، بما في ذلك الروابط التي حافظت عليها تلك الحضارات مع جيرانها على مرِّ
القرون، وبالتالي فقد امتلكوا كمَّاً كبيراً من المادة المكتوبة التي تغطي مجالاً
واسعاً من المعرفة، بما في ذلك الموضوعات العلمية([2]).
وينعى (هيل) على البيزنطيين أنهم لم يفعلوا شيئاً سوى الحفاظ على المخطوطات
الإغريقية الكثيرة التي كانت محفوظة في دولتهم، وأنهم لم يقدِّموا سوى القليل من
الإسهامات المهمة في تقدُّم العلوم، منبِّهاً إلى حادثة انتقال مدرسة (الرُّها)،
كمركز علمي كَنَسي نَسْطُوري، إلى (نَصِيبِين)، بادئ الأمر، ثم إلى
(جُنْدَيْسَابُور) لاحقاً، حيث ازدهرت الكتابة في الطب، والفلك، والرياضيات، على
أيدي العلماء النساطرة والفلاسفة الوثنيين، فضلاً عن الترجمة من اليونانية إلى
السريانية([3]).
هذه الجهود العلمية رافقتها جهود مماثلة في (بلاد الشام)، فلسفية وعلمية، قامت بها
طائفة (المونوفيزيتيين)، أو (اليعقوبيين)، أي (أتباع مذهب الطبيعة الواحدة)، الذين
تعرضوا لاضطهاد الكنيسة الأرثوذكسية([4]).
أما (الصابئة) في (حرَّان) و(العراق)، والذين كانت السريانية لغة طقوسهم الدينية،
وكان عدد من نخبتهم المتعلِّمة يتمتعون بمعرفة واسعة بالأدب اليوناني الكلاسيكي،
فيذكر (هيل) أنهم قدَّموا بعض أعظم المترجمين والعلماء في العالم الإسلامي([5]).
ويقارن (هيل) بين انتقال كل من
المعرفتين: اليونانية والهندية إلى العربية، من حيث معرفتنا الكبيرة بالقنوات التي
مرَّت من خلالها الأولى، وصعوبة تعقُّب الثانية، على الرغم من أهميتها - خاصة في
الفلك والرياضيات - وعدم الشك في حدوثها، وكونها عنصراً مهماً في تطور الرياضيات
العربية (وكمثال عليها: جداول التنجيم الهندية التي تُرجمت من السنسكريتية إلى
العربية)([6]).
وينقل (هيل) عن المؤرخ الشهير المسعودي (ت 345هـ/956م أو 346هـ/957م) ما يدل على أنَّ الكُتَّاب العرب سجَّلوا وجودَ كمّ كبير من الأدب المكتوب
باللغة الفارسية الوسيطة (تمييزاً لها عن الفارسية القديمة والحديثة)، كُتب في
أثناء القرون الأخيرة من الحكم الساساني، وتُرجم بعضه إلى العربية في أواخر العصر
الأُموي([7]).
ويعزو (هيل) تأخر بدء عملية
استيعاب المصادر اليونانية والهندية بشكل جاد لحين قيام الدولة العباسية، إلى
الانشغال بالأمور العسكرية، والسياسية، والشرعية، والاجتماعية، والدينية،
والاقتصادية، منبِّهاً إلى ما جرى من تعديل اللغة العربية لكي تعبِّر عن الآراء
الفلسفية والعلمية بقوة ومرونة، وهو أمر لم يكن مطلوباً سابقاً([8]).
ويصف (هيل) رؤية العرب للمعرفة - شأنهم شأن
الإغريق – بأنها موسوعية، حيث وضعوا عدَّة تصنيفات قيِّمة للعلوم، كتلك التي قام
بها أبو نصر محمَّد بن محمَّد الفارابي (ت 339هـ/950م) في كتابه (إحصاء العلوم)،
وأبو عبدالله محمَّد بن أحمد الخُوارِزمي الكاتب (ت 387هـ/997م)، في كتابه (مفاتيح
العلوم)، وأبو علي الحسين بن عبدالله بن سينا (ت 428هـ/1036م)، في كتابه (في أقسام العلوم
العقلية)، وإخوان الصفا (القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي)، في (رسائل إخوان الصفا).
ووفقاً لـ(هيل) فربما يكون تصنيف (الخُوارِزمي الكاتب) هو الأكثر فائدة من بينها،
واصفاً (أي هيل) المادة التي تضمَّنتها (رسائل إخوان الصفا) - ويرى أنها
صعبة التصنيف والتقييم - بأنها محاولة لنشر تعاليم الفلسفة اليونانية، خصوصاً
الأفلاطونية الجديدة، مع تطوير عقيدة المذهب الإسماعيلي([9]).
متجاهلاً محاولات أخرى لتصنيف العلوم، مبكرة جداً، مقارنة بالتصنيفات التي ذكرها،
قام بها كل من: أبو عبدالله جابر بن حيَّان الكوفي المعروف بالصوفي (ت
نحو 200هـ/815م)، في كتابه (الحدود)*، وأبو يوسف يعقوب بن إسحاق
الكندي (ت حوالي 252هـ/866م) في كتابه (في حدود الأشياء ورسومها)**.
ويصف (هيل) منهجه في دراسة
الرياضيات والعلوم التطبيقية بأنه يقوم على التأكيد على الإنجازات العربية وعلى
جدارتها العلمية، ومناقشة إسهام العرب في تقدُّم العلم والتكنولوجيا في ثلاثة
أقسام هي: الرياضيات، والفيزياء، والتكنولوجيا الميكانيكية، عبر عدد محدود من
المفكرين البارزين، وإنْ كان يرى أنَّ هذا العدد المحدود لا يوفِّر تقييماً عادلاً
إلا في مجالي الفيزياء والتكنولوجيا الميكانيكية، بخلاف الرياضيات التي كرَّس
الكثيرون اهتمامهم لها، موضحاً أنَّ (العلوم العربية) حظيت بقدر أكبر من الاهتمام،
مقارنة بـ(التكنولوجيا العربية)، ومن ثم فإنَّ القسم الخاصَّ بـ(التكنولوجيا
الميكانيكية)، يتضمَّن قدراً جيداً من العلم الفيزيقي، وهو أطول كثيراً من القسمين
الآخرين([10]).
الرياضيات:
يميِّز (هيل) بين ثلاثة مجموعات
من الكتب التي تُرجمت إلى العربية، قرب نهاية القرن الثالث الهجري/ التاسع
الميلادي، وكان لها تأثير حاسم على أصل الرياضيات العربية ونموِّها، وهي([11]):
أولاً/ الكتب اليونانية، وتشمل: كتاب (العناصر) لأُقليدس (القرن
الثالث قبل الميلاد)؛ والمؤلَّفات الرياضية والفيزيائية لأرخميدس (عاش نحو 287-212
ق.م)؛ وكتاب (المخروطيات) لأبوللينيوس ( نشط بين 242-197ق.م)؛ وكتاب (الحساب)
لديوفانتوس (عاش في النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي)؛ وبابوس***(النصف الأول من القرن الرابع
الميلادي)؛ وكتاب (المجسطي) لبطلميوس (عمل بين 127-167 تقريباً)([12]).
ثانياً/ الكتب السنسكريتية، وتشمل: كتاب الفلك المهاسيدذانتا (كتاب
السِّنْدهِنْد العظيم) وبعض الجداول الفلكية (الزيج)*. جديرٌ ذكره أنَّ كتاب (السِّنْدهِنْد)
أو (Brāhma sphuṭa siddhānta)، هو كتاب ألَّفه الفلكي
والرياضي الهندي الشهير (برهمكبتا Brahmagupta) سنة (628م)([13])،
وترجمه إلى العربية أبو إسحاق إبراهيم بن حبيب الفزاري في (سنة 154ه/770م أو
156هـ/772م)([14]).
ثالثاً/ الكتب الفهلوية، وتشمل جداول فلكية عرفت باسم (زيج الشاه)([15]).
وينبِّه (هيل) إلى أنه بغض النظر
عن الكتب الفلكية، فإنه لا توجد - حتى الآن - إشارات إلى كتاب أو عناوين كتب
للهنود في المقالات العربية في الرياضيات([16])،
وهي إشارة طوَّرها في أبحاثه اللاحقة، وأجاد التعبیر
عنها بقوله: "وتجدر الإشارة إلى أنَّ المؤلَّفات العربية
لا تتضمَّن البتَّة أي مراجع تُذكر لأي نص، أو مصدر معلومات، باللغة السنسكريتية،
أو لأي عالم رياضيات هندي، ولا تستشهد بأي مصطلح أو أي عبارة باللغة
السنسكريتية"([17]).
ويستدلُّ (هيل) على قوة التأثير
الهندي من النسبة المتواترة لنظام مكان العدد إلى مصادر هندية، وبالتالي يُنظر إلى
تطوُّر الرياضيات العربية على أنه قام على أساس النماذج اليونانية والهندية إلى حد
كبير، على الرغم من عدم إمكانية إغفال التأثيرات البابلية([18])،
وهي تأثيرات انتقلت إلى الإغريق أولاً، قبل انتقالها إلى المسلمين([19]).
ويوضح (هيل) أنَّ وصف الرياضيات
العربية بأنها توليفة من المصادر المذكورة آنفاً، ممتزجة بالإسهامات الأصلية
للعلماء العرب أنفسهم، يُعَدُّ تضليلاً، لأنه "يعني ضمناً وجود كتاب واحد على
الأقل يضمُّ الكتلة الكاملة للمعرفة العربية بالموضوع، ولا يوجد مثل هذا
الكتاب"([20]).
لا يَعُدُّ (هيل) التقسيمات
المختلفة للرياضيات التي قدَّمها كُتَّاب الموسوعات في تصنيفاتهم للعلوم، مراجع
شاملة، على اعتبار أنَّ (رسائل إخوان الصفا) - مثلاً - تناولت الرياضيات
والمنطق – في أربعة عشر منها - من وجهة نظر غنوصية*،
مع اهتمام ضئيل بالتطبيقات العملية، مبيِّناً أنَّ علماء الرياضيات العرب ربَّما
أحسوا أنهم أحرار في تحري جوانب الموضوع التي تروق لهم وتلبي متطلباتهم ومتابعة
بحوثهم بالطريقة التي يختارونها، وهي طريقة ربَّما كانت نظرية تأملية في أساسها -
كما نجدها عند (ابن سينا) - أو تهتم أكثر بالتطبيق العملي لعلوم أخرى، وهم أيضاً
لم يشعروا أنهم ممنوعون من استخدام أي منهج في المقاربة بسبب عدم وجود منهج متفوق
على المناهج الأخرى وسائد عليها. وكمثال على ذلك يذكر (هيل) أنَّ أبا بكر محمَّد
بن الحسن الحاسب الكرجي (عاش في بداية القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي)
تجاهل - عامداً - الرياضيات الهندية تماماً([21]).
ويستنتج (هيل) ممَّا ورد عند
(الخُوارِزمي الكاتب) بشأن تسمية (الهندسة)، ممَّا يُفترض أنْ يكون مأخوذاً من
أصول يونانية وفارسية([22])،
أنَّ معنى الهندسة في الكتابات العربية يتراوح ما بين العملي والنظري، وهو ما
يتوقف على اهتمامات الكاتب، فلأبي علي الحسن بن الحسن بن الهيثم (ت حوالي سنة
430هـ/1039م) - مثلاً - مقالات عملية وأخرى نظرية في الهندسة([23]).
جديرٌ ذكره أنَّ (الفارابي)، وهو أقدم عهداً من (الخُوارِزمي الكاتب) الذي استشهد
به (هيل)، ميَّز بين الجانبين: العملي والنظري في تعريفه للهندسة، فهو يرى أنَّ
الذي يُعرف بـ(علم الهندسة) شيئان، أحدهما: عملي، ينظر في الأجسام المادية؛
كالأخشاب أو الحديد أو الجدران أو سطوح الأراضي والمزارع([24])،
والآخر: نظري، وهو الذي يدخل - وفقاً لـ(لفارابي) - في جملة العلوم([25])،
وهو "يفحص في الخطوط وفي السطوح وفي المجسمات على الإطلاق عن أشكالها
ومقاديرها وتساويها وتفاضلها، وعن أصناف أوضاعها وترتيبها، وعن جميع ما يلحقها مثل
النقط والزوايا وغير ذلك؛ ويفحص عن المتناسبة وغير المتناسبة، وعن التي هي منها
معطيات وما ليس بمعطيات، وعن المتشاركة منها والمتباينة، والمنطقات منها والصم،
وعن أصناف هذين..."([26]).
ويرى (هيل) أنَّ الهندسة العربية
تتساوى مع إنجازات الإغريق السابقين دون أنْ تتفوَّق عليهم، وأنَّ حِفظ العرب
لكتلة المعرفة الهندسية اليونانية، والتوسع فيها أحياناً، كان وسيلة قوية لنقل هذه
المعرفة إلى (أوروبا)([27]).
وينبِّه (هيل) إلى أنَّ علم حساب
المثلثات كان يُعَدُّ فرعاً من فروع علم الفلك، موضحاً أنه لم يكن بالإمكان – كما
هو الحال الآن - فهم الفلك الخاصِّ بالكواكب بدون التمكن من الهندسة البسيطة،
والهندسة الكروية، وحساب المثلثات، ولذلك فقد كان جميع الفلكيين العرب الجيدين
أيضاً رياضيين جيدين([28]).
أما المصادر الرئيسة لمعرفتهم، فقد كانت كتاب (المجسطي) لبطلميوس، والذي
حظي بشروح وتعليقات أكثر من غيره، وكان له أقوى تأثير مفرد على علم الفلك العربي،
وكتاب (السِّندهِنْد) الهندي([29])،
وإنْ كان يضيف إلى هذين المصدرين في دراسة أخرى لاحقة كتاب (الأكر)
لمينيلاوس (70-140م)([30]).
ويرى (هيل) أنه من المحتمل أنَّ مصدراً هندياً هو الذي قدَّم الإلهام لأبرز
الإنجازات التي حققها العرب في علم حساب المثلثات([31]).
ويقدِّم (هيل) نماذج على إسهامات
مجموعة من الفلكيين الرياضيين في القرون الوسطى الإسلامية؛ من أمثال: يعقوب بن
طارق (القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي)، ويَعُدُّه "أحد أوائل
الكُتَّاب العرب الذين قدَّروا قيمة جيب الزاوية في حساب المثلثات"([32])،
وأبو جعفر محمَّد ]ولا شك أنه يقصد أبو جعفر محمَّد بن موسى الخُوارِزمي (كان حياً قبل سنة
218هـ/833م)[ الذي جمع
جداول فلكية (زيج السِّنْدهِنْد) لا تحتوي على جيوب الزوايا فقط، وإنما
أيضاً المماس، أو ظل الزوايا، وإنْ كان يرى أنَّ هذه الأخيرة ربما كانت إقحاماً
قام به أحد الكُتَّاب اللاحقين([33])،
وأحمد بن عبدالله حبش الحاسب المَرْوَزِي (عاش في منتصف القرن الثالث الهجري/
التاسع الميلادي)، ويرى أنه من المحتمل أنْ يكون أول من طرح فكرة ظل الزوايا([34])،
وأبو عبدالله محمَّد بن جابر بن سنان البتَّاني (ت 317هـ/929م)، ويذكر أنه استكمل تقديم ظل الزاوية، والمماسات المساعدة، وتصنيف جدول
للمماسات المساعدة، وعرف العلاقة بين الجوانب والزوايا في مثلث كروي([35])،
وأبو الوفاء البُوزجاني (ت 387هـ/997م أو 388هـ/998م) الذي يشير إلى أنه ربما كان "أول من أظهر عمومية نظرية جيب الزاوية
على الزوايا الدائرية، وقدَّم منهجاً جديداً لبناء جداول جيوب الزاوية"([36])،
وعلي بن يونس (ت 399هـ/1009م) الذي ينظر إليه على أنه ربما كان أعظم فلكي مسلم([37])،
ويرى أنه "حلَّ الكثير من المشكلات في الفلك بواسطة إسقاطات تنجيمية وقدَّم
أولى تلك المعادلات التي لم يكن هناك غنى عنها قبل اختراع اللوغاريتمات..."([38]).
ويرى (هيل) أنَّ الرياضيين العرب
لم يميِّزوا بشكل واضح بين (الحساب) و(الجبر) باعتبارهما موضوعين منفصلين، وإنما
ميَّزوا بين (علم العدد) و(علم الحساب)، وكان الأخير يضمُّ (الحساب) و(الجبر)
معاً، ويضمُّ الموضوعات التي تناولتها الكتب من السابع إلى التاسع من كتاب (العناصر)
لأُقليدس. أما (علم العدد)، فقد تُرجم إلى العربية كتاب بشأنه، نال شعبية كبيرة،
وهو كتاب (المقدمة) لنيكوماخوس([39]).
وينبِّه (هيل) إلى أنَّ المفاهيم الحسابية الفيثاغورسية*، مثل خصائص الأرقام الفردية، والأعداد
الكاملة، والأعداد الودية، والتي وردت في كتاب (المقدمة)، أثَّرت في كتابات
إخوان الصفا "الذين يرون في علم الحساب أنَّ الخطوة الأولى نحو الحكمة، هي
دراسة خصائص الأشياء، من خلال دراسة الأعداد الفردية المتعلقة بتلك الأشياء"([40]).
جديرٌ ذكره أنَّ الرسالة الأولى من (رسائل إخوان الصفا) خُصصت للحديث عن (العدد)([41])،
وعُرِّف فيها الأرثماطيقي على أنه "معرفة خواصِّ العدد وما يطابقها من معاني
الموجودات التي ذكرها فيثاغورس ونيقوماخس"([42]).
ووفقاً لـ(هيل)، فإنَّ الإنجاز
الرئيس لعلماء الحساب العرب كان إنتاج "علم حساب قائماً على التطبيق المتسق
لفكرة قيمة المكان العشري، واستخدام الأرقام الهندية"([43]).
وهي الفكرة التي كان (الخُوارِزمي) أول من شرحها في مقالة له عن (الحساب الهندي)([44])،
أما كتابه الذي يحمل عنوان (كتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة)، فهو
أحد أهم الكتب الأكثر تأثيراً في الجبر باللغة العربية، وقد استخدمت أمثلته لتوضيح
مفاهيم علم الجبر العربي([45]).
إنَّ الفرق بين الجبر القديم
والجبر الحديث، وكما يتضح لـ(هيل) من خلال حديث (الخُوارِزمي الكاتب) في (مفاتيح
العلوم)، يكمن في: أصول الجبر القديم في التجارة، وتبنيه المصطلحات التجارية،
واستخدامه الكلمات بدلاً من الرموز، وتطبيق علم حساب المثلثات العربي، والتمييز
المصطنع إلى حد ما بين الجبر والمقابلة([46]).
إنَّ أبا جعفر محمَّد بن موسى
الخُوارِزمي، من وجهة نظر (هيل)، هو من بنى أسس الجبر العربي، الذي تطور لاحقاً
على أيدي علماء الرياضيات العرب؛ من أمثال أبي كامل شُجاع (عاش في بداية القرن
الرابع الهجري/ العاشر الميلادي)، الذي كان له تأثير كبير على تطور علم الجبر
الغربي، حيث قدَّم مناهج للضرب والقسمة للكميات الجبرية والجمع والطرح في الأرقام
الجذرية، وناقش مشكلات من درجة أعلى يمكن تخفيضها إلى معادلات من الدرجة الثانية،
فضلاً عن إدخاله الأرقام الصَّماء في الحل([47]).
بلغ علم الجبر العربي ذروة تطوره
عند أبي الفتح عمر بن إبراهيم الخيَّام (ت 526هـ/1132م)، كما يرى (هيل)، الذي
يقيِّم جهوده بقوله: "ناقش جميع أشكال المعادلات حتى معادلات الدرجة الثالثة
بطريقة منهجية. وقد ميَّز بوضوح بين البراهين الجبرية والبراهين الهندسية، واعتبر
كلاً منهما ضرورياً، ولكنه قرر أنه غير قادر على تقديم حلول جبرية لمعادلات الدرجة
الثالثة. وحاول أنْ يقدِّم الشروط لحلول كل نوع من المعادلات، ومع فشله في استخدام
كلا الفرعين في تصنيفه، ولكنه استبعد الحلول السلبية، وبإخفاقه في استخدام كلا
فرعي المخروط، كان أحياناً يخطئ أحد الجذور الإيجابية"([48]).
الفيزياء:
يشير (هيل) إلى أنَّ دارسي
العلوم الطبيعية في العالم الإسلامي كانوا أقل كثيراً من دارسي الرياضيات، والفلك،
والكيمياء، والطب. أما الموضوعات التي تشكِّل مادة العلم الطبيعية التقليدية، وهي:
الكهرباء، والمغناطيسية، والحرارة، والصوت، والبصريات، والميكانيكا الصلبة
والسائلة، فإنَّ الموضوعين الأخيرين منها فقط حظيا بالكثير من اهتمام الكُتَّاب
العرب، حيث إنَّ الإسهامات العربية في مجالي: الاستاتيكا (Statics)* والبصريات كانت مهمة للغاية وثمينة([49]).
وينبِّه (هيل) إلى وجود إشارات
إلى الظواهر المغناطيسية متفرقة في مؤلَّفات العلماء والجغرافيين العرب، أما
الحرارة - باعتبارها موضوعاً علمياً - فلم تكن قد دُرست على الإطلاق، في حين كانت
دراسة الصوت – بشكل عام - مقيدة في حدود نظرية الموسيقى، يدلُّ على ذلك مؤلَّفات
(الكندي) و(الفارابي) و(ابن سينا)، بينما حظيت دراسة البصريات بإسهامات لافتة
للنظر، بدليل أعمال كل من: (الكندي)، الذي كتب مقالة عن البصريات الهندسية
والفسيولوجية تركت تأثيراً عظيماً على الباحثين الغربيين، و(ابن سينا) الذي قدَّم
شروحاً وتعليقات نافذة حول طبيعة الضوء، و(ابن الهيثم)، الفلكي والرياضي وعالم
الطبيعة، الذي تكمن شهرته بما أضفاه من أهمية على استخدام المناهج التجريبية في
دراساته عن الانعكاس وانكسار الأشعة، واكتشف انحراف الضوء الدائري، ودَرَس المرايا
المحدَّبة والمرايا المقعَّرة، وأرسى أنَّ النسبة بين زاوية سقوط الشعاع وانكساره
لا تبقى ثابتة، وناقش تكبير قوة العدسة، وشرح بطريقة صحيحة الانكسار الجوي للضوء
والزيادة الظاهرية في حجم الشمس والقمر عندما يقتربان من خط الأفق... وغيرها([50]).
ويميِّز (هيل) – وهو تمييز شامل
لشرق عالم العصور الوسطى وغربه على السواء - بين أولئك الذين طبَّقوا مبادئ الهيدروليكا
والميكانيكا في بناء الآلات والأجهزة البسيطة، من ناحية، والعلماء الذين حاولوا
القيام بعملية تحليل رياضية، من ناحية أخرى، معللاً ذلك بقوله: "ذلك أنَّ
الكُتَّاب الذين كتبوا عن الآلات، ومصممي الطواحين، وبنَّائي القنوات، وأعمال الري
السطحية، والسواقي - كلهم كانت لديهم دراية تطبيقية جيدة بالمبادئ
الهيدروكهربائية. وأولئك الذين وضعوا أفكارهم على الورق كانوا أقل عدداً من
الحرفيين الذين يفوقون الحصر، والذين كان معظمهم على ما يرجح من الأميين، والذين
شيدوا الآلات المستخدمة"([51])،
وإنْ كان يرى - في الوقت نفسه - أنَّ هذا التمييز ليس شاملاً، وإنْ كان حقيقياً،
على اعتبار أنَّ الكُتَّاب الذين كتبوا عن الآلات كانت لديهم معرفة جيدة بالهندسة
التطبيقية وعلم الحساب، وغير ذلك ممَّا يتعلَّق بالآلات واستخداماتها، وكان أفضل
الكتاب العلميين قادرين على التحقق من نتائجهم عن طريق التجارب([52]).
يختم (هيل) حديثه عن الفيزياء
بالإشارة إلى أنَّ قمة الإنجاز العربي في العلوم الطبيعية توصَّل إليها كتاب (ميزان
الحكمة) لأبي الفتح عبدالرحمن المنصور الخازني، وهو كتاب تضمَّن شروحاً
وتعليقات على مؤلَّفات أرخميدس، وأُقليدس، ومينيلاوس، وأبو الريحان محمَّد بن أحمد
البيروني (ت 440هـ/1048م)، وعمر الخيَّام، ويقول عنه: "وهذا كتاب من أكثر
الكتب لفتاً للاهتمام عن الميكانيكا، واستاتيكا الموائع والفيزياء، في العصور
الوسطى. ففيه يلخِّص (الخازني) كل ما كان معروفاً آنذاك في هذه الموضوعات، حسبما
أُخذت عن اليونان والكُتَّاب العرب الأوائل، ويسهم إسهاماً مهماً من لدنه"([53]).
التكنولوجيا الميكانيكية:
يؤكد (هيل) أنه لا ينبغي اعتبار
الأجهزة الساذجة البسيطة (الحِيَل) من خصائص الهندسة الميكانيكية العربية، لمجرد
أنَّ المقالات الباقية منها تتناول بصفة رئيسة هذا النمط من البناء، على اعتبار
أنَّ مؤلِّفيها كانوا مهندسين عمليين، يمتلكون خبرة في القيام بكل أنماط الأشغال
العمومية، وكانوا يشعرون أنَّ بناء أجهزة بسيطة كالطواحين وآلات رفع المياه كان
مبعث إثارة من جهة، وإشباع لأنشطتهم من الناحية الفكرية من جهة ثانية([54]).
ويرى (هيل) أنَّ مؤلَّفات الجغرافيين والرحالة العرب؛ كأبي عبدالله محمَّد بن أحمد المقدسي (ت نحو 380هـ/
نحو 990م)، تليها بدرجة أقل كتب التاريخ، تتضمَّن أفضل معلوماتنا
عن مدى التكنولوجيا الميكانيكية في العالم الإسلامي وتطبيقها على حاجات المجتمع([55])،
مشيراً إلى أنه على الرغم من الحكايات المتواترة عن ازدراء الفيلسوفين اليونانيين
الشهيرين أفلاطون (عاش بين سنتي 427-348 ق.م) وأرسطو (ت 322 ق.م) للعمل اليدوي،
إلا أنه لم يكن هناك ما يشير إلى وصمة تصم حرفة صناعة الآلات الميكانيكية، خاصة في
العالم الإسلامي([56]).
ويميِّز (هيل) بين ثلاث فئات
كانت تشتغل في صناعة الآلات الميكيانيكية، هي([57]):
أولاً/ الحرفيون الذين تدرَّبوا على الحرفة، ويمكنهم بناء تنويعة من الآلات
وفق التصميمات التقليدية.
ثانياً/ العلماء/ المهندسون، من أمثال (بنو موسى بن شاكر)، الذين كانوا
متضلعين في العلوم الطبيعية، وقادرين أيضاً على البناء، أو الإشراف على البناء على
الأقل، والترتيب الكلي للآلات. ووفقاً لـ(هيل) فإنَّ المقالات الفنية القليلة
الباقية عن هذه الحرفة مكتوبة - كلها تقريباً - بأيدي هذا النمط من العلماء.
ثالثاً/ المهندسون المتعلمون الذين كانوا يهتمون وحدهم بالأمور العملية،
مثل أبي العز إسماعيل بن الرَّزاز الجزري (النصف الثاني من القرن السادس الهجري/
الثاني عشر الميلادي).
ويذكر (هيل) أنه يُعزى إلى (بني
موسى بن شاكر) الفضل في حوالي عشرين مقالة عن الرياضيات والتقنية، لم يبق منها
سوى: (مقالة عن قياس الأبعاد)، موجودة فقط في ترجمة لاتينية، وكتاب (الحِيَل)،
الذي يُحتمل أنْ يكون من تأليف (أحمد بن موسى بن شاكر)، ويحتوي على أوصاف مائة آلة([58]).
يخصص (هيل) الجزء الأخير من
القسم الخاص بالتكنولوجيا الميكانيكية للحديث - باختصار - عن المقالات التي كُتبت
عن الآلات الفلكية، ففيما يتعلَّق بالأسطرلاب يشير إلى مقالة لـ(البيروني) حول
الأسطرلاب الذي بناه، متضمناً معظم أعمال الذين سبقوه([59])؛
وفيما يخص المقالات التي كُتبت عن خطوط الاستواء، يشير إلى أنها ظهرت للمرة الأولى
في (الأندلس) في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي([60])؛
وحول الساعات المائية ينبِّه إلى أنَّ أول وصف كامل لها أكمله (رضوان بن الساعاتي)
في سنة (600هـ/1203م) تحت عنوان (كتاب عمل الساعات والعمل بها)([61]).
أما كتاب ابن الرَّزاز الجزري، وعنوانه (كتاب في معرفة الحِيَل الهندسية)،
فيرى (هيل) أنه يتضمَّن قدراً من المعرفه عن الهندسة الميكانيكية في العصور الوسطى،
يفوق ما نعرفه من كل المصادر الأخرى مجتمعة([62]).
وأخيراً، ينبِّه إلى مقالة متأخرة أكملها تقي الدين محمَّد بن معروف الشامي*، في سنة (959هـ/1552م)، تسمَّى (كتاب
الطرق السنية في الآلات الروحانية)، تصف عدداً من آلات رفع المياه.([63])
ويشير (هيل) إلى أنه لم تُترجم
أي مقالة عربية حول صناعة الآلات الميكانيكية إلى اللغة اللاتينية، في العصور
الوسطى، باستثناء كتاب (Libros del
saber de Astromonia)، ويصفه بأنه تجميع للترجمات
والشروح من اللغة العربية إلى اللغة القشتالية، اكتمل في سنة (1277م)، برعاية
(ألفونسو العاشر) ملك (قشتالة)، مرجحاً أنَّ انتقال المعلومات حول هذه الصناعة لم
يحدث عن طريق الوسائط المكتوبة، وإنما عن طريق الاتصالات بين الحرفيين، وحكايات
الرحالة، وفحص المسيحيين لآلات المسلمين التي بنوها، في (شبه الجزيرة الأيبيرية)
قبل غيرها، مفترضاً وجود تأثير عربي على اختراع الساعة الميكانيكية في شمال
(أوروبا)([64]).
وحول دوافع بناء الآلات
الميكانيكية والكتابة عنها، فضلاً عن أمل الحصول على مكافأة، يشير (هيل) إلى
اعتقاد المهندسين بأنهم كانوا يتبعون فلسفة أرسطو (المشكلات الميكانيكية) بإنتاج
الآلات وإخراجها من "الإمكانية إلى الفعل"*، كما أنَّ اهتمام العرب الكبير ببناء
آلات "تتحرك من تلقاء نفسها"، أعقبه انشغال بنظم السيطرة الذاتية، ثم
هناك الحافز على تقديم الكون بوسائل ميكانيكية، بمحاكاة العالم من خلال فنون الرسم
والتشكيل، وكان ذلك افتتاناً بأساطير يونانية قديمة([65]).
جديرٌ بالذكر أنَّ (سزكين) يذكر
ضمن آثار (البيروني) عملاً بعنوان (كتاب في إخراج ما في قوة الأسطرلاب إلى
الفعل)، وهو عنوان يُعزز ما ذهب إليه (هيل) حول فكرة الإخراج من
"الإمكانية إلى الفعل"، ويعلق عليه(سزكين)بالقول: "أي ما يمكن أنْ
يقدِّمه الأسطرلاب في الاستعمال العملي"([66]).
يستنتج (هيل) أنه بالإمكان إسناد
دور رئيس لصُناع الآلات ذاتية الحركة في تطور رؤية ميكانيكية عقلانية للكون، وبذلك
تقدم حافزاً لتقدم التكنولوجيا الميكانيكية، ويقول: "وعندما ظهر الطلب على
الآلات النفعية بوسائل التحكم الداخلية فيها، كان مفهوم الحركة الذاتية مفهوماً
ومقبولاً بالفعل. وعلاوة على ذلك، كانت طرق تحقيق أكبر قدر من التحكم موجودة في
الآلات العربية: التحول الذاتي، والتحكم في التغذية المرتدَّة، ونظم العروة
المغلقة، وما إلى ذلك. ومن ثم يفترض أنَّ التكنولوجيا الميكانيكية الأوربية أفادت
من الهندسة العربية بطرق ثلاث: المكونات والأساليب الفنية، نظم التحكم؛ والفكرة
الكامنة عن الآلات المنظمة لنفسها"([67]).
الاستنتاجات:
ظهرت دراسة (دونالد هيل) عن (الرياضيات
والعلوم التطبيقية)، لأول مرة سنة (1990)، وهذا يعني أنها من أعماله المتأخرة
(توفي سنة 1994)، وبالتالي فإنَّ الآراء الواردة فيها بشأن الرياضيات العربية
الإسلامية يُفترض أنْ تكون الأكثر نضجاً وثباتاً، إنْ لم تكن الآراء النهائية -
هذا إذا لم يكن قد أوردها في كتب وأبحاث أخرى سابقة لم تتوفَّر لنا فرصة الاطلاع
عليها – وإنْ كنا نجد بعضها يتكرر بوضوح، مع إضافات أو تطويرات بسيطة، في كتابه -
ربما الأخير - الذي صدر سنة (1993) تحت عنوان (Islamic Science and Engineering)، وتُرجم إلى
العربية تحت عنوان (العلوم والهندسة في الحضارة الإسلامية).
وفقاً لـ(هيل)، فإنَّ الكتب
اليونانية (التي كانت تتضمَّن أيضاً خبرات بابلية)، والهندية، والفارسية، التي
تُرجمت إلى العربية قرب نهاية القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، أثَّرت بشكل
حاسم على أصل الرياضيات العربية ونموِّها، وإنْ كان – في الوقت نفسه – لا يقبل أنْ
توصف هذه الرياضيات على أنها توليفة من هذه المصادر المتنوعة ممتزجة بالإسهامات الأصلية
للعلماء العرب أنفسهم، بسبب عدم وجود أي كتاب يحتوي على المعرفة العربية الكاملة
بالرياضيات.
ويرى (هيل) أنَّ معنى الهندسة
يتراوح، في الكتابات العربية، ما بين العملي والنظري، ولكنه يعتمد في تكوين هذا
الفهم على مصدر متأخر نوعاً ما، وهو (الخُوارِزمي الكاتب)، في الوقت الذي كان
بإمكانه الاعتماد على مصدر آخر سابق له، وهو (الفارابي)، الذي أجاد توضيح هذا
المعنى.
ويقيِّم (هيل) الهندسة العربية
بجعلها تتساوى مع إنجازات الإغريق السابقين دون أنْ تتفوَّق عليهم، واضعاً الهندسة
البسيطة، والهندسة الكروية، وحساب المثلثات، ضمن المؤهلات الضرورية للفلكيين العرب
الجيدين، والتي جعلتهم جميعاً أيضاً رياضيين جيدين، مقدِّراً للعرب حفظهم لكتلة
المعرفة الهندسية اليونانية، والتوسع فيها أحياناً، ممَّا كان وسيلة قوية لنقلها
إلى (أوروبا).
ركَّز (هيل) على إسهامات
الفلكيين الرياضيين في القرون الوسطى الإسلامية في مجالات متعددة؛ منها: جيب
الزاوية، وظل الزاوية، والمماسّات المساعدة، واعتماد الإسقاطات التنجيمية في حل
المشكلات الفلكية، وتقديم معادلات ضرورية مبكرة سابقة على اختراع اللوغاريتمات.
ووفقاً لـ(هيل)، فإنَّ المصدر
الرئيس لموضوعات (علم الحساب) عند الرياضيين العرب، وهو علم كان يضم (الحساب) و(الجبر)
معاً، كان كتاب (العناصر) لأُقليدس، في حين اعتمد هؤلاء الرياضيين في (علم
العدد) على كتاب (المقدمة) لنيكوماخوس، وهو الكتاب الذي تسربت عن طريقه
المفاهيم الحسابية الفيثاغورية إلى بعض الكتب العربية التي تناولت الرياضيات، مثل (رسائل
إخوان الصفا).
إنَّ الصورة التي عُرض الجبر من
خلالها، في بعض المصادر العربية القديمة (مفاتيح العلوم مثلاً)، مكَّنت (هيل) من
التمييز بين الجبر القديم والجبر الحديث، فهناك أصول في التجارة، واعتماد
للمصطلحات التجارية، واستخدام للكلمات بدلاً من الرموز، وتطبيق لعلم حساب المثلثات
العربي، فضلاً عن تمييز مفتعل - إلى حد ما - بين الجبر والمقابلة. أما أسس هذا
الجبر، فقد تم بناؤها على يد (الخُوارِزمي)، ليتطور هذا العلم لاحقاً على أيدي
علماء مثل (أبي كامل شجاع)، قبل أنْ يبلغ قمَّته عند (الخيَّام).
ووفقاً لـ(هيل) فإنَّ العلوم
الطبيعية التقليدية، التي كان دارسوها في العالم الإسلامي أقل كثيراً من دارسي
الرياضيات، والفلك، والكيمياء، والطب، تشمل عادة موضوعات: الكهرباء، والمغناطيسية،
والحرارة، والصوت، والبصريات، والميكانيكا الصلبة والسائلة. وهي موضوعات تفاوت
الاهتمام بها في كتب الجغرافيا والموسيقى والبصريات، علماً أنَّ المجالين اللذين
حظيا باهتمام أكبر هما: الميكانيكا الصلبة والسائلة (الاستاتيكا والبصريات).
صحيحٌ أنَّ (هيل) يقف عند نتاجات
(الكندي) و(ابن سينا) و(ابن الهيثم) في مجال العلوم الطبيعية، إلا أنه يرى أنَّ
تطور هذه العلوم في العالم الإسلامي بلغ قمَّته عند (الخازني).
لا ينسب (هيل) إلى الموروث
اليوناني الأفلاطوني – الأرسطي، في ازدراء العمل اليدوي، تأثيرات سلبية على
التكنولوجيا الميكانيكية في العالم الإسلامي؛ والتي أثمرت عن كتابات عن الأسطرلاب،
والساعات المائية، وآلات رفع المياه. وتُستمد خبرتنا بها من خلال المؤلَّفات
الجغرافية، وكتب الرحلات، وكتب التاريخ؛ وهي تكنولوجيا برع فيها حرفيون، وعلماء/
مهندسون، يجمعون بين القدرة على الكتابة والعمل معاً، ومهندسون مهتمون وحدهم
بالأمور العملية.
إنَّ الحافز المادي، والالتزام
بالتقليد الأرسطي في إخراج ما في القوة إلى الفعل، والاهتمام ببناء آلات
"تتحرك من تلقاء نفسها"، والرغبة في تقديم الكون بوسائل ميكانيكية، كلها
– كما يرى (هيل) – دوافع تكمن وراء بناء الآلات الميكانيكية، والكتابة عنها، ليخلص
إلى نتيجة مفادها أنَّ تطور رؤية ميكانيكية عقلانية للكون هو أمر يمكن أنْ يحققه لنا
صُنَّاع الآلات ذاتية الحركة.
جريدة المصادر والمراجع:
أولاً/ المصادر الأولية:
* أحمد بن عبدالله (ت ؟):
1- كتاب إخوان الصفا وخلَّان الوفا. بومبي: مطبعة نخبة
الأخبار. 1305-1306هـ.
* جابر بن حيَّان، أبو عبدالله الكوفي (ت نحو 200هـ/815م):
2- مجموعة مصنَّفات في الخيمياء والإكسير الأعظم. دراسة وتقديم: بيير لوري.
جبيل: دار ومكتبة بيبليون، 2008.
3- مختار رسائل جابر بن حيَّان. عني بتصحيحها ونشرها: باول كراوس. القاهرة:
مكتبة الخانجي ومطبعتها، 1354هـ.
* الخُوارِزمي الكاتب، أبو عبدالله محمَّد بن أحمد (ت 387هـ/997م):
4- مفاتيح العلوم.
دراسة وتصدير: عبدالأمير الأعسم. ط1، بيروت: دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع،
2008.
* صاعد
الأندلسي، أبو القاسم بن أحمد (ت
462هـ/1070م):
5- طبقات الأمم. تحقيق. حياة العيد بو علوان. ط1،
بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر، 1985.
* الفارابي، أبو نصر محمَّد بن محمَّد (ت 339هـ/950م):
6- إحصاء
العلوم. حققه وقدَّم له وعلَّق عليه: عثمان أمين. ويليه. فلسفة أرسطوطاليس. حققه
وقدَّم له وعلَّق عليه: محسن مهدي. باريس: دار بيبليون، 2008.
*
القِفْطي، جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف (ت 646هـ/1248م):
7- تاريخ
الحكماء. وهو مختصر الزوزني المسمَّى بالمُنتخبات المُلتقطات من كتاب إخبار
العلماء بأخبار الحكماء. تحقيق: يوليوس ليبرت. لايبزك، 1903.
* الكندي، أبو يوسف
يعقوب بن إسحاق (ت حوالي 252هـ/866م):
8- رسائل الكندي الفلسفية. حققها وأخرجها مع مقدمة تحليلية لكل منها وتصدير
واف عن الكندي وفلسفته: محمَّد عبدالهادي أبو ريدة. مصر: مطبعة الاعتماد، 1950.
ج1.
9- من
رسائل الكندي. تقديم وتعليق: محمود بن جماعة. ط1. تونس: دار محمَّد علي للنشر،
2006.
* المسعودي،
أبو الحسن علي بن الحسين (ت 345هـ/956م أو 346هـ/957م):
10- كتاب التنبيه والإشراف. ليدن: مطبعة بريل، 1893. إعادة طبع بالأوفسيت.
* النديم،
أبو الفرج محمَّد بن إسحاق (ت 380هـ/990م):
11- كتاب الفِهْرِسْت. قابله على أصوله وعلَّق عليه وقدَّم له: أيمن فؤاد
سيِّد. لندن: مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 2009. م2. ج1.
ثانياً/ المراجع الثانوية:
أ/ المراجع العربية والمعربة:
* الأعسم، عبدالأمير:
12- المصطلح الفلسفي
عند العرب. ط3. بيروت: التنوير للطباعة والنشر والتوزيع. دمشق: كيوان للطباعة
والنشر والتوزيع، 2009.
* بدوي، عبدالرحمن:
13- موسوعة الفلسفة. ط1. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1984.
* برهييه، اميل:
14- تاريخ الفلسفة. ترجمة: جورج طرابيشي. ط2. بيروت: دار الطليعة للطباعة
والنشر، 1987. ج1.
* سزكِين، فؤاد:
15- تاريخ التراث العربي. ترجمة: عبدالله عبدالله حجازي. حسن محيي الدين
حميدة. محمَّد عبدالمجيد علي. جامعة الملك سعود: النشر العلمي والمطابع، 2002. م5.
* فردي، جان
بيار:
16- تاريخ علم الفلك
القديم والكلاسيكي. ترجمة: ريما بركة. مراجعة: سامي اللقيس. ط1، بيروت: المنظمة
العربية للترجمة، 2009.
* كراكتشكوفسكي، اغناطيوس يوليانوفتش:
17- تاريخ الأدب
الجغرافي العربي. نقله إلى اللغة العربية: صلاح الدين عثمان هاشم. قام بمراجعته:
ايغور بليايف. القاهرة: مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1963-1965. ق1.
* مجموعة مؤلِّفين:
18- موسوعة تاريخ العلوم العربية. إشراف: رشدي راشد. ط2.
بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. 2005.
* محمود، زكي نجيب:
19- جابر بن حيَّان. سلسلة أعلام العرب. مصر: دار مصر للطباعة، 1961.
* مدكور،
إبراهيم (محرر):
20- المعجم الفلسفي. القاهرة: الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، 1983.
* نالينو، كارلو:
21- علم الفلك تاريخه عند العرب في القرون الوسطى. روما،
1911. أعادت طبعه بالأوفسيت. بغداد: مكتبة المثنى، د.ت.
* هيل، دونالد. ر:
22- العلوم والهندسة في الحضارة الإسلامية. ترجمة: أحمد فؤاد باشا. سلسلة
عالم المعرفة. الكويت:
مطبعة السياسة، 2004.
* يونج، ولاثام، وسيرجنت (محررون):
23- الدين والتعليم والعلم في العصر العباسي. ترجمة وتقديم وتعليق: قاسم
عبده قاسم، الجيزة:
عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 2015.
ب/ المراجع الإنكليزية:
* Young، M. j. L، Latham، j. D and Serjeant، R. B. (eds):
([1]) تحرير: يونج، ولاثام، وسيرجنت، ترجمة وتقديم وتعليق:
قاسم عبده قاسم (الجيزة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية
والاجتماعية، 2015)، ص317-343. جديرٌ
ذكره أنَّ خطأً أو سهواً جرى أثناء ترجمة الكتاب من الإنكليزية إلى العربية، حيث
نسب المترجم القسم الرابع عشر من الكتاب، والمعنون بـ(الرياضيات والعلوم التطبيقية)،
إلى (دونالد ليتل)، وليس (دونالد هيل)، وهو خطأ أو سهو خطير جداً، بسبب وجود
مستشرق أمريكي اسمه (دونالد ليتل)، ولكن بالرجوع إلى النص الأصلي للكتاب (بالإنكليزية)
يظهر بوضوح أنَّ الكاتب هو (دونالد هيل) وليس (دونالد ليتل). قارن: Young, M. j. L, Latham, j. D and Serjeant, R, B. (eds)
Religion, Learning and Science in the Abbasid Period (Cambridge
University Press, 2003), px.
)*) يأتي استعمالنا لمصطلح (الرياضيات العربية الإسلامية)
للدلالة على الرياضيات التي أنتجتها باللغة العربية، وفي ظل الحضارة الإسلامية،
شعوب مختلفة في انتماءاتها الجغرافية والقومية والدينية والعقائدية، وليس
الرياضيات التي أنتجها العرب وحدهم كمكون عرقي. ولا شك أنَّ هذه هي رؤية (هيل)
أيضاً عندما يكرِّر في دراسته هذه استخدام مصطلح (الرياضيات العربية)، أو حتى (الرياضيات
الإسلامية) في بعض كتاباته الأخرى. قارن: دونالد. ر. هيل، العلوم والهندسة في الحضارة
الإسلامية، ترجمة، أحمد فؤاد باشا (سلسلة عالم المعرفة،
الكويت: مطابع السياسة، 2004)، ص31 وقارن تعليق المترجم في: هامش رقم (*).
([3]) المرجع والمكان نفسهما. وقارن:
هيل، المرجع السابق، ص19-20. وسنحيل القارئ دائماً إلى آراء (هيل) حول (الرياضيات
والعلوم التطبيقية)، والتي تكررت في كتابه (العلوم والهندسة في الحضارة
الإسلامية).
([7]) المرجع نفسه، ص318. وقارن: أبو
الحسن علي بن الحسين المسعودي، كتاب التنبيه والإشراف (ليدن: مطبعة بريل،
1893)، إعادة طبع بالأوفسيت، ص106-107.
(*) حقق هذا الكتاب ونشره، على التوالي، كل من: (باول
كراوس)، و(عبدالأمير الأعسم)، و(بيير لوري). يُنظر: أبو عبدالله جابر بن حيَّان
الكوفي، مختار رسائل جابر بن حيَّان،
عني بتصحيحها ونشرها: باول كراوس (القاهرة: مكتبة الخانجي ومطبعتها، 1354هـ)،
ص97-114؛ عبدالأمير الأعسم، المصطلح الفلسفي عند العرب (ط3، بيروت: التنوير
للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق: كيوان للطباعة والنشر والتوزيع، 2009)، ص163-185؛ أبو عبدالله جابر بن حيَّان الكوفي،
مجموعة مصنَّفات في الخيمياء والإكسير الأعظم، دراسة وتقديم: بيير لوري
(جبيل: دار ومكتبة بيبليون، 2008)، ص55-77.
(**) حقق
هذا الكتاب ونشره، على التوالي، كل من: (محمَّد
عبدالهادي أبو ريدة) و(عبدالأمير الأعسم). يُنظر: رسائل الكندي الفلسفية،
حققها وأخرجها مع مقدمة تحليلية لكل منها وتصدير واف عن الكندي وفلسفته: محمَّد
عبدالهادي أبو ريدة (مصر: مطبعة الاعتماد، 1950)، ج1،
ص163-179؛ الأعسم، المصدر السابق، ص187-203. كما قام محمود بن جماعة بإعادة نشر
هذا الكتاب، مفيداً ممَّا ورد في النشرتين السابقتين، وأرفقه بشروح وتعليقات
قيِّمة. يُنظر: من رسائل الكندي، تقديم وتعليق: محمود بن جماعة (ط1، تونس:
دار محمَّد علي للنشر، 2006)، ص133-150.
([11]) المرجع نفسه، ص320. وقارن: هيل، المرجع السابق، ص31-33،
حيث يعرض عناوين مجموعة الكتب اليونانية بتفصيل أكثر.
(*) لا يذكر (هيل) عنوان أي من كتب (بابوس) التي تُرجمت إلى
العربية، وأسهمت في تطور الرياضيات في العالم الإسلامي، علماً أنَّ النديم (ت380هـ/990م)،
وهو مصدرنا الرئيس لدراسة تاريخ العلوم العربية، يذكر له كتابين هما: كتاب "تفسير
كتاب بطلميوس في تسطيح الكرة"، وكتاب "تفسير <المقالة> العاشرة من
أُقليدس". يُنظر: أبو الفرج محمَّد بن إسحاق، كتاب
الفِهْرِسْت، قابله على أصوله وعلَّق عليه وقدَّم له: أيمن فؤاد سيِّد (لندن:
مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 2009)،
م2، ج1، ص218. ولمزيد من التفصيلات حول (بابوس) يُنظر: فؤاد سزكِين، تاريخ التراث العربي، ترجمة:
عبدالله عبدالله حجازي، حسن محيي الدين حميدة، محمَّد عبدالمجيد علي (جامعة الملك
سعود: النشر العلمي والمطابع، 2002)، م5، ص216-219.
([12]) لمزيد من التفصيلات حول
هذه الكتب ومؤلِّفيها، وترجماتها، وشروحها وتفاسيرها... وغير ذلك، يُنظر: النديم،
المصدر السابق، م2، ج1، ص207 وما
بعدها.
(**) يقول (الخُوارِزمي الكاتب): "الزِّيج كتاب منه
يُحسب سير الكواكب، ومنه يُستخرج التقويم أعني حساب الكواكب لسنة سنة... وجمعه
زِيَجَة". أبو عبدالله محمَّد بن أحمد، مفاتيح
العلوم، دراسة وتصدير: عبدالأمير الأعسم (ط1، بيروت:
دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع، 2008)، ص197.
([13]) كارلو نالينو، علم الفلك تاريخه عند العرب في
القرون الوسطى (روما، 1911)، أعادت طبعه بالأوفسيت
(بغداد: مكتبة المثنى، د.ت)، ص149؛ اغناطيوس يوليانوفتش كراتشكوفسكي، تاريخ
الأدب الجغرافي العربي، نقله إلى اللغة العربية: صلاح الدين عثمان هاشم، قام
بمراجعته: ايغور بليايف (القاهرة: مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر،
1963-1965)، ق1، ص70؛ سزكين،
المرجع السابق، م5، ص245؛ جان بيار فردي، تاريخ علم
الفلك القديم والكلاسِيكي، ترجمة: ريما بركة، مراجعة: سامي اللقيس (ط1، بيروت:
المنظمة العربية للترجمة، 2009)، ص89.
([14]) يجعله (صاعد الأندلسي)
محمَّد بن إبراهيم الفزاري، ويرجح (نالينو) أنه أبو إسحاق إبراهيم بن حبيب
الفزاري، بينما يكتفي (سزكين) بالإشارة إلى الاختلاف في اسمه، مفضِّلاً لقب (الفزاري)
لوحده. يُنظر: أبو القاسم بن أحمد، طبقات الأُمم، تحقيق: حياة العيد بو علوان (ط1،
بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر، 1985)،
ص130-131؛ جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القِفْطي، تأريخ الحكماء، وهو
مختصر الزوزني المسمَّى بالمُنتخبات المُلتقطات من كتاب إخبار العلماء بأخبار
الحكماء، تحقيق: يوليوس ليبرت (لايبزك، 1903)، ص270؛ نالينو، المرجع السابق،
ص156-162؛ سزكين، المرجع السابق، م5، ص245، ص264.
([15]) حول "زيج الشاه" وغيره من المؤلَّفات الفلكية
الفارسية يُنظر: نالينو، المرجع السابق، ص180 وما بعدها؛ سزكِين، المرجع السابق،
م5، ص250 وما بعدها.
)*) الغنوصية (Gnostieism) هي
"مذهب تلفيقي يجمع بين الفلسفة والدين، ويقوم
على أساس فكرة الصدور، ومزج المعارف الإنسانية بعضها ببعض. ويشتمل على طائفة من
الآراء المضنون بها على غير أهلها، وفيه تلتقي الأفكار القبالية بالأفلاطونية الحديثة وبعض التعاليم الشرقية كالمزدكية
والمانوية. وكان له أثره في التفكير الفلسفي في المسيحية والإسلام". إبراهيم
مدكور، محرر: المعجم الفلسفي (القاهرة: الهيئة العامة لشؤون المطابع
الأميرية، 1983)، ص133.
([24]) أبو نصر محمَّد بن محمَّد، إحصاء
العلوم،
حققه وقدَّم له وعلَّق عليه: عثمان أمين، ويليه، فلسفة أرسطوطاليس، حققه
وقدَّم له وعلَّق عليه: محسن مهدي (باريس: دار بيبليون، 2008)، ص77.
[34]) المرجع والمكان نفسهما. وقارن:
هيل، المرجع السابق، ص49.
)*) الفيثاغورية (phythagorianism) مدرسة فلسفية، دينية، أخلاقية، سياسية، تنظر إلى العدد على أنه جوهر
الأشياء، وترى أنَّ الظواهر كلها تعبِّر عن قيم ونسب رياضية. أسسها، في
(أقروطونا)، الفيلسوف والرياضي اليوناني الشهير فيثاغورس Pythagoras)) (570-495ق.م). وقد مرت بمرحلتين متمايزتين تماماً،
استمرت الأولى منذ تأسيس المدرسة (نحو 530ق.م)، إلى وفاة أفلاطون (350ق.م)، أما
الثانية، والتي تُعرف بالفيثاغورية الجديدة، فقد ابتدأت في حوالي القرن الأول
للميلاد. يُنظر: اميل برهييه، تاريخ الفلسفة، ترجمة: جورج طرابيشي (ط2،
بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر، 1987)، ج1، ص66-72؛ مدكور، المرجع السابق،
ص142؛ عبدالرحمن بدوي، موسوعة الفلسفة (ط1، بيروت: المؤسسة العربية
للدراسات والنشر، 1984)، ج2، ص228-232.
([41]) أحمد بن عبدالله، كتاب إخوان الصفا وخلَّان الوفا (بومبي:
مطبعة نخبة الأخبار، 1305-1306هـ)، ق1، ص22-42.
)*) يرجع تشكُّل الاستاتيكا
(الستاتيكا) أو علم السكون أو علم الوزنة، إلى العصور القديمة، وكان هدفه الرئيس،
في البدء، حساب نمو القوة المبذولة بواسطة أجهزة ميكانيكية مختصة، ويشمل جانبين:
أحدهما نظري، يرتكز على الهندسة، والآخر عملي، يرتكز على علم الحركة (كينماتيكا).
أما علم السكون العربي، فإنَّ تياراته الرئيسة هي: علم السكون النظري، الذي يمثل
تقليد أرخميدس والمسائل الميكانيكية، ويضاف إليه المبدأ الدينامي لأرسطو وعلم
الوزنة المقرون به؛ والهيدروستاتيكا وعلم الأوزان النوعية؛ وعلم الآليات البارعة
(علم الحيل)، الذي يتضمَّن أيضاً (علم رفع الماء)، و(علم صناعة الآلات البسيطة).
يُنظر: ماري م. روزنسكايا، علم السكون (الستاتيكا)، ضمن كتاب: موسوعة تاريخ
العلوم العربية، إشراف: رشدي راشد (ط2، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،
2005)، ج2، ص783، ص788.
([58]) المرجع نفسه، ص336. وقارن: هيل،
المرجع السابق، ص28، حيث يذكر أنَّ ما بقي من المقالات العشرين هو ثلاثة كتب فقط؛
أحدها كتاب (الحِيَل).
)*) يكتفي
(هيل) بذكر الاسم الأول (تقي الدين) فقط.
)*) فكرَتَي: الوجود بالقوة، والوجود بالفعل، فكرتان أرسطيتان، مفادهما أنَّ
(أرسطو) ردَّ الوجود والموجودات إلى مبدأي: الهَيُولى (المادة التي منها يُصنع
الشيء)، والصورة (الشكل الوظيفي الذي تكتسبه المادة لتصبح ذلك الشيء)، وإنَّ
المادة الأولية مستعدة أنْ تكون أي شيء، فهي تتلقى الصورة التي تنطبع بها لتتعيَّن
بفضلها شيئاً فعلياً معيَّناً، فقطعة الخشب - مثلاً - فيها منضدة
"بالقوة"، لكنها تصبح منضدة "بالفعل" حين تتم صناعتها
وتشكيلها من قبل نجَّار. وكل فيلسوف يقول بقابلية تحوُّل الأشياء بعضها إلى بعض،
فهو يأخذ - تبعاً لذلك - بفكرَتَي: الوجود بالقوة، والوجود بالفعل. يُنظر: زكي
نجيب محمود، جابر بن حيَّان، سلسلة أعلام العرب (مصر: دار مصر للطباعة، 1961)، ص188.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق