د. يحيى عمر ريشاوي
لم يكن كأس العالم مجرد حدث رياضي
بحت، فإلى جانب المنافسة الشيقة بين الفرق المتبارية، في الدولة الصغيرة مساحة،
الكبيرة اسماً: (قطر)، كان للدين والسياسة والسياحة والملاحة والإدارة وغيرها دور
وحضور فعال، ولعل الحضور الأبرز كان للإعلام والمؤسسات الإعلامية، حيث بثت الروح
في هذه المنافسة العالمية الشيقة، وجعلته حدثاً عالمياَ بمعنى الكلمة.
ويمكن أن نجمل الدور
الذي لعبه الإعلام في هذا الحدث الرياضي، في النقاط الآتية:
- العودة القوية للشاشة الكبيرة: أثبت هذا الحدث الرياضي أن ما يقال عن أفول نجم التلفزيون هو مجرد
أوهام، فمعظم المشاهدين في العالم تابعوا المباريات وكواليس المباريات من خلال شاشة التلفزيون؛ فمتعة المشاهدة أتت من خلال القنوات التلفزيونية والشاشات العملاقة الذكية، التي نقلت المباريات وكأن المشاهد في الملعب، إضافة الى متابعة تعليقات خبراء الكرة وتحليلاتهم، والأخبار المتعلقة بهذا الحدث العالمي.. كل ذلك من خلال شاشة التلفاز.- الحضور القوي للإعلام الجديد: إضافة إلى العودة القوية
للتلفزيون، فإن الإعلام الجديد - بقنواته المتعددة؛ قد أعطى لهذا الحدث الرياضي
وقعاً آخر لدى المشاهدين ومتابعي الكرة المستديرة. فمواقع التواصل الاجتماعي شكّلت
منصات متواصلة، ومساحات ميسّـرة للنقاش والتعليق والتعبير عن الانتماء إلى هذا
الفريق أو ذاك، والصحافة الألكترونية ساهمت في نقل ما يتعلق بالفرق الرياضية،
وطبيعة المنافسة بينها.. وقد أظهرت هذه المنافسة قدرات صحفية شبابية نادرة، من
خلال السوشياليميديا والمنصات الإعلامية المختلفة.
- هيمنة الإعلام الرياضي: شهد العالم خلال ما يقارب الشهر، هيمنة
الإعلام الرياضي على معظم المجالات الأخرى، حتى إن القنوات السياسية، وغيرها، كانت
تحاول أن تجد نوعاً من العلاقة بين برامجها الخاصة وهذا الحدث الرياضي؛ القنوات
الإعلامية في (قطر) بالذات غيّرت جذرياً جداول برامجها إلى كل ما يتعلق بالرياضة
وكرة القدم؛ ولا ننسـى الدور المتميز لقنوات (بين سبورت)، التي قدّمت كل ما لديها
من إمكانات فنية راقية، وتغطية مستمرة ومتميزة لهذا الحدث العالمي الفريد.
-التأثير على الصورة النمطية: استطاع الإعلام نقل صورة أخرى عن
المسلمين وشعوب هذه المنطقة إلى العالم، حيث أحدث التنظيم الرائع من قبل قطر لكأس
العالم مفاجأة عالمية، غيّرت من الصورة النمطية المترسخة لدى الإنسان الغربي حول
عدم قدرة هذه الشعوب على التصدي لمثل هكذا أحداث عالمية؛ فمتابعة الملايين لهذا
الحدث الرياضي، والأحاديث المتواصلة عبر القنوات الإعلامية، وحضور الملايين في (قطر)،
وتعايشهم مع المواطنين هناك، قدّم صورة مغايرة لما هو موجود في المخيلة الغربية.
-تحقيق وظيفة (الترفيه) الإعلامية: استطاع هذا الحدث الإعلامي أن يحقق إحدى الوظائف الإعلامية المهمة، ألا وهو (الترفيه)، حيث إن خبراء الإعلام يؤكدون دوماً أن الإعلام عليه أن يحقق وظائف متعددة، مثل التوعية والإخبار والتثقيف وغيرها.. وتندرج الألعاب الرياضية ضمن وظيفة (الترفيه)، حيث اجتماع العائلة والأصدقاء حول الشاشة الكبيرة، وإيجاد نوع من الراحة النفسية لمشاهديها، وذلك في خضم عالم مليء بالحروب والأحقاد وهيمنة السياسة على كل شيء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق