30‏/03‏/2021

الإرساليات البابوية دورها في تغيير الخارطة المذهبية لمسيحيي كُوردستان

 

أ. د. فرست مرعي

المقدمة

تعد المسيحية إحدى الديانات السماوية الكبرى في العالم المعاصـر، وهي ديانة تبشيرية تحاول التبشير في مختلف أصقاع العالم، وقد ذاع مفهوم التبشير لـدى المسيحيين، ويقصدون به نشـر بشارة الإنجيل في العالم، وهو الترجمة الحرفية للفظ (الكرازة) ذي الأصل اليوناني المأخوذ من الفعل (كيريزو kerysso)، أي: يعلن وينادي جهارًا. وتعني الكرازة: إعلان رسالة الإنجيل في العالم غير المسيحي؛ أي بعبارة أخرى: تبليغ رسالة المسيح لغير المسيحيين. وهو المصطلح الذي يعبر به كاتبو الأناجيل لدى الحديث عن التبشير برسالة الإنجيل؛ كما في هذين النصين

المقتبسين من الإنجيل: (وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ) (إنجيل متى: 24/14). (يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَزَ أَوَّلًا بِالإنْجِيلِ فِي جَمِيعِ الأُمَمِ)، (إنجيل مرقس: 13/10).

بعكس اليهودية التي تعد ديانة غير تبشيرية. ولكي يمهدوا الطريق لترويج الادعاء بأن الوعود والنبوءات التوراتية المتعلقة بالأرض الفلسطينية تنطبق على يهود العصـر الحالي، وأن هجرة اليهود إلى فلسطين، وإقامة الكيان الصهيوني، تحقيق لتلك النبوءات، كان لا بد من التركيز على مفهوم (الشعب المختار)، للترويج لأسطورة (الشعب اليهودي)، التي تزعم بأن اليهود أينما كانوا جماعة بشـرية تتشعب من سلالة عرقية واحدة، وهي سلالة إسرائيل، وأنهم جميعًا من ذرية الذين تم إجلاؤهم من (فلسطين)، لأنه بدون ذلك سينهار حلمهم الذي بنوه على الوعود التوراتية، والتلمودية، التي تعطي الأرض لنسل إسرائيل: (لِنَسْلِكَ أُعْطِي هَذِهِ الأَرْضَ)(سفر التكوين 15/ 18-21)، وهذا ما يفسـر الحضور الكثيف لمصطلح (الشعب اليهودي) في الخطاب الصهيوني.

 لقد وصلت المسيحية إلى ديار الكورد في نهاية القرن الأول، وبداية القرن الثاني الميلادي، على رأي آباء الكنيسة(1)، وفي بداية القرن الثالث، حسب رأي المستشـرقين وعلماء الغرب المختصين بالسـريانيات(2). وقد عاش هؤلاء الذين دخلوا في المسيحية؛ من اليهود المستقرين في كوردستان، أو من الكورد أنفسهم، أو من الإثنيات الأخرى، في جماعات يرأسها أساقفة، وتربطها بعض العلاقات بمدينة (أنطاكية)، أما ارتباطهم ببعضهم فلم يكن على صعيد الرئاسة الكنسية. ومهما قيل عن الدور الذي لعبته كنيسة (ساليق) المدائن، فإن هذه العلاقات كانت على صعيد المحبة المسيحية ووحدة العقيدة، وكانت كل من هذه الجماعات المسيحية تتمتع باستقلال يكاد يكون كاملاً بالنسبة إلى غيرها(3). وقد كان لنشأة المسيحية في أجواء الحقبة الهلنستية - التي سادت فيها الثقافة الإغريقية بلاد المشرق، ومنها مصـر، متفاعلة مع ما استقر فيها من ثقافات موروثة - كان لكل ذلك أثر كبير في التفاعل بين الإيمان والفلسفة، الذي طبع الديانة المسيحية بطابعه، فأخرجها من الإيمان البسيط إلى اللاهوت المعقد. وكانت كلها تنصب على محاولة الإجابة على ما هي طبيعة العلاقة بين الله والمسيح، أو بين الأب والابن، وفي مرحلة تالية: الإجابة على ما هي طبيعة العلاقة بين الأب والابن وروح القدس. كان من بين هذه الخلافات البارزة، مسألة انبثاق الروح القدس، ومسألة ما إذا يجب استعمال الخبز المخمّر في الأفخارستيا (القربان المقدّس)، أم لا؟ ففي كنائس الروم الكاثوليك، يلقم الخبز (المصنوع بدون خميرة)، بينما يستخدم الخبز (باستخدام الخميرة) في الكنيسة الأرثوذكسية. فضلاً عن أحقية ادعاء بابا روما بامتلاكه سلطة بابوية عالمية، وموقع بطريرك القسطنطينية المسكوني، فيما يتعلق بالنظام البطريركي الخماسي؛ وعلى إثر ذلك فقد ظهرت في المسيحية فرق ومذاهب عديدة، سنذكر أشهرها حسب الترتيب التاريخي:

1-    الغنوصيون: وهم القائلون بأن يسوع إنسان فانٍ يوحى إليه، ولكنه ليس بإله، وبعضهم يقول بأنه - أي المسيح - لم يصلب(4).

2-    اليهود المسيحيون: وهم مجموعة من التلاميذ الصغار الذين بقوا بعد المسيح، وكونوا طائفة يهودية تمارس ديانة المعبد، وتحفظ تعاليمها. وكانوا عندما ينظم إليهم وثنيون، أو من غير العبرانيين (اليهود)، يقترح عليهم نظام يحلهم بموجبه (مجمع القدس) -الذي عقد سنة 49م- من شـرط الختان، ومن تطبيق الأركان اليهودية. وقد رفض كثير من اليهود المسيحيين هذا التنازل، وانفصلوا عن (بولس)، واتهموه بالرياء، والخيانة، بسبب اعتباره الختان، ومراعاة يوم السبت، وديانة المعبد، أموراً بالية ليست ذات قيمة، علماً بأنها من تعليمات العهد القديم(5).

3-    المرقيونية: تنسب هذه النحلة إلى (مرقيون) (58 – 160م)، أحد أبرز مسيحيي القرن الثاني الميلادي، الذين حاولوا التوفيق بين الغنوصية (الخلاص عن طريق المعرفة) والمسيحية. كانت الفكرة الأساسية عند (مرقيون) هي أن الإنجيل المسيحي هو إنجيل الحب الذي يستقصـى تماماً الناموس، وهذه العقيدة، والتي شـرحها - بصفة خاصة - في كتابه (المتناقضات Antitheses)، جعلته يرفض العهد القديم تماماً، ويرى أن الله الخالق - والذي استعلن في (العهد القديم)، بدءاً من (سفر التكوين) وما بعده، كإله الناموس - ليس له أي علاقة بإله يسوع المسيح. ودراسة (العهد القديم) - كما يظن- تثبت أن هذا الإله اليهودي قد أدخل نفسه دوماً في أفعال متناقضة، فكان متغيراً على الدوام، جاهلاً وقاسياً. أما إله الحب الكامل، الذي جاء يسوع ليعلنه، فكان مختلفاً تماماً. وكان هدف يسوع أن يهزم إله الناموس هذا. وبحسب (مرقيون)، كان القديس (بولس) هو الوحيد الذي أدرك هذا التناقض التام بين النعمة والناموس، بينما كان التلاميذ الاثني عشـر، والإنجيليون، عمياناً عن الحق، بسبب تأثرهم ببقايا الفكر اليهودي. ولذلك، كانت الأسفار القانونية الوحيدة - بالنسبة لمرقيون - هي الرسائل البولسية العشـرة (يبدو أنه إما رفض، أو لم يعرف بوجود الرسائل الرعوية)، وكان يشجع أتباعه على دراسة هذه الأسفار بحسب منهجه، وكان يرفض كل التفاسير الرمزية.

 أما عن (خريستو لوجيا مرقيون)، فكان من الدوسيتيين، فأسس كنيسة بديلة للكنيسة الرسمية، استمرت مدة طويلة بعد وفاة مؤسسها، خصوصاً في الأطراف الشـرقية لمناطق انتشار المسيحية في (أرمينيا)، و(كوردستان)، وكان ذلك وراء تعجيل الكنيسة في إقرار الأناجيل الأربعة، وتثبيت المعتقد المسيحي الرسمي في صيغته النهائية، في القرن الرابع الميلادي، وتحديداً في (مجمع نيقية) عام 325م(6).

4-    الأبيونية: وهم قسمان: أولهما يعتبر يسوع مجرد إنسان عادي، بلغ مرتبة الصلاح بفضل تنامي شخصيته، ولد من مريم وزوجها، مثل أي مولود آخر، ألحّ على التمسك بأحكام الشـريعة الموسوية. وهذه الجماعة لم تكن تؤمن بالخلاص بواسطة المسيح وحده، أو الاقتداء به. والثانية تؤمن بأن يسوع المسيح ولد من العذراء وروح القدس، لكنهم لم يؤمنوا بأن له وجوداً سابقاً، وهو بالتالي ليس إلهاً، وليس هو الكلمة والحكمة(7).

5-    الدوكيتية: الغنوصيون، الذين عرفوا باسم الدوكيتية، ذهبوا إلى الطرف النقيض من الأبيونية، ونفوا البشـرية عن المسيح، فيما أكدوا على طبيعته الإلهية. تعلموا في مدرسة (أفلاطون)، وتعدوا على سمو فكرة اللوغوس (العقل أو الكلمة)(8).

6-    الأريوسية: ينسب هذا المذهب إلى (أريوس الليبي) (256–336م)، وهو كاهن من الإسكندرية بمصـر، من أصل بربري، وكان مسؤولاً عن إحدى كنائس الإسكندرية، وهي (كنيسة بوكاليس). تتلمذ على يد (لوقيانوس الأنطاكي)، الذي كان يرفض ألوهية المسيح، فكان أن استشهد دون عقيدته التوحيدية، التي تناقض تعاليم بولس، الذي كان أول من نادى بألوهية المسيح. اشتهر (أريوس) بتبنّيه لمجموعة من التعاليم التي تدور حول الطبيعة اللاهوتية في المسيحية، التي أكّد فيها على تفرّد الأب، وتبعية المسيح للأب، ومعارضته لما أصبح سائداً حول طبيعة يسوع. فأصبح الموضوع الرئيس الذي تمت مناقشته في (مجمع نيقية) الأول، الذي عقده الإمبراطور (قسطنطين) العظيم، سنة 325م. بعد أن اعترف الإمبراطوران الرومانيان (ليسينيوس) و(قسطنطين) بالمسيحية كدين رسمي عام313، فيما سمّي بـ(مرسوم ميلان). رأى (قسطنطين) أن يوحّد الكنيسة التي اعتُرف بها مؤخرًا، وأن يزيل الانقسامات اللاهوتية، حيث كانت الكنيسة المسيحية منقسمة ومختلفة حول طبيعة يسوع، أو طبيعة العلاقة بين يسوع والأب. كما أن (أثناسيوس الأول) بابا الإسكندرية، اعتبر (أريوس)، والمتفقين مع آرائه، ممّن لم يؤمنوا بمعتقد الثالوث، الذي يؤمن بتساوي الأب والابن في الجوهر والأبدية. وتصف كتابات مسيحية اللاهوت الآريوسي بصورة سلبية، نظرًا لاعتقاده بأنه كان هناك وقت لم يكن فيه وجود للابن، حيث الأب موجود وحده.

وعلى الرغم من الجهود المعارضة لمذهب أريوس، استمرت الكنائس المسيحية الأريوسية في جميع أنحاء أوروبا والشـرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة في الممالك الجرمانية، حتى سقوط تلك الممالك عسكريًا، أو تحولهم المذهبي طواعية، بين القرنين الخامس والسابع الميلادي.

 ويبدو أن الأرثوذكسية هاجمت (أريوس) وأفكاره، لاستنكاره اختلاط اللاهوت المسيحي بالوثنية الإغريقية. ومن وجهة نظر مسيحية أرثوذكسية يعد (أريوس) هرطقياً شكل خطراً على العقيدة المسيحية طوال عشـرة قرون من تاريخها. ويقوم خلاف (أريوس) مع الكنيسة على أطروحة واحدة، هي أن يسوع كائن فانٍ، ليس إلهياً بأي معنى، وليس - بأي معنى - شيئاً آخر سوى معلم يوحى إليه. وهذا ما يؤدي إلى الاستغناء كلياً عن عقيدتي الفداء، والمخلص، الركنان الأساسيان في الديانة المسيحية(9).

7  - النسطورية: نسبة إلى القديس (نسطوريوس)(381 – 451م)، بطريرك القسطنطينية، الذي نصبه الإمبراطور الروماني (ثيئو دوسيوس الثاني) (408 450م)، بطريركاً، سنة 428 م. وأعلن (نسطوريوس) أن للسيد المسيح شخصيتين منفصلتين (أقنومين): أقنوم الإنسان يسوع ، وأقنوم الله، ولا يجوز أن تسمّى مريم العذراء أمّ الله، بل هي بشـر، ولدت المسيح بالشخصية البشـرية، وأن المسيح مات على الصليب كإنسان. وكانت النتيجة أن أُدين (نسطوريوس)، واعتُبر خارجاً على تعاليم الكنيسة. وبعد أن قضـى خمس سنوات معتكفاً في ديره القديم قرب (أنطاكية)، نفاه الإمبراطور (ثيئودوسيورس الثاني) سنة 436م إلى أعالي مصـر؛ حيث توفي سنة 451م. وما أن علم الإمبراطور الفارسـي بما يحدث لنسطوريوس، حتى قام باحتواء معارضـي الدولة الرومانية، بقيادة (بارصوما) زعيم الحركة النسطورية؛ حيث توجهوا إلى الدولة الفارسية الساسانية، ولاقوا ترحيباً من الملك فيروز(بيروز) الأول (459 484م)، الذي رأى فيهم خير أداة لمحاربة الدولة الرومية البيزنطية. وحسب طلب الأسقف برصوما، فقد اعتبر الملك فيروز النسطوريةَ ديناً لجميع مسيحيي الإمبراطورية الفارسية. وفي عام 496م اجتمع في العاصمة الفارسية الساسانية (سلوقية) (سلمان باك الحالية)، المجمع الديني النسطوري، وأعلنت النسطورية ديناً رسمياً للمسيحيين، وانتخب أول بطريرك نسطوري، وهو (باري). ومنذ ذلك الحين سمّيت الكنيسة النسطورية بكنيسة المشـرق، وسُمّي بطريركها بطريركاً للكنيسة الشـرقية(10).

 

ظهور الرهبانيات الكاثوليكية:

لقد شهد القرن الحادي عشـر الميلادي حماساً دينياً، نتيجةً للإصلاحات الكنسية، والدعوة للحروب الصليبية. فنشطت الحركة الديرية نشاطاً ملحوظاً، ومن أشهر الفرق الديرية قاطبة، في القرن الثالث عشـر: الفرنسيسكان، والدومنيكان، ويطلق على أتباعهما عادةً لقب الإخوان  Friars، وذلك لاتصالهم الدائم بأفراد المجتمع. والغاية الأساسية من تشكيل هاتين الفرقتين انتشال الكنيسة الكاثوليكية من مأزقها، على إثر الصـراع بين البابوية والإمبراطورية الرومانية المقدسة، ولظهور البدع الدينية (الهرطقة)، ومكافحة الترف، الذي سـرى بين بعض رجال الدين، ولمناهضة التحلل من القيم الأخلاقية التقليدية، وخاصة الدينية منها، في المدن الناشئة آنذاك. إذ كان العصـر، حسب تعبير القديس (برنراد أوف كليرفو)، في أواسط القرن الثاني عشـر الميلادي: "أن الدنيا أقبلت على عصـر المآتم والشـرور". لذلك انبرى المؤمنون المسيحيون لمعالجة الوضع، وكان أكثرهم توفيقاً في هذا الشأن (فرانسيس أوف أسيسـي)، و(دومنيك)(11). وبقدر تعلق الأمر بموضوعنا، فإننا سنقتصـر على التعريف بـ (دومنيك).

 

الرهبانية الدومنيكية:

ولد القديس (دومنيك Domingo)، في مدينة (كالاروكا)، في مقاطعة (قشتالة)، الواقعة في شمال أسبانيا، سنة 1170م، وترعرع تحت كنف عمّه، الذي كان قسيساً. ساهم (دومنيك) في الحملة الصليبية ضد (الالبجنسيين)(12)، عن طريق الوعظ والإرشاد، وأمضـى في ربوعهم عشـر سنوات (1205- 1216م)، حيث تنطلق منها جماعات الرهبان إلى الأماكن الأخرى. وأمست الفرقة ذات تأثيرات كبرى عند وفاة المؤسس سنة 1221م، إذ قامت بأدوار هامة في المجالات الدينية في المدن والجامعات، وبرز من بين صفوفهم اثنان من عمالقة الفلسفة في أوروبا، هما: (البرتوس ماكنوس)، و(توماس اكويناس). ولقد انتشـرت فرقة الدومنيكان في كافة أرجاء العالم، وخاصة في آسيا الغربية. ولقد لعب هؤلاء الدومنيكان أدواراً خطيرة في الاتصالات التي جرت بين البابا والملوك الصليبيين، من جهة، والمغول، من جهة أخرى، لغرض إنقاذ الممالك الصليبية في المشـرق الإسلامي. ومن جانب آخر، فإن البابوية اعتمدت على الدومنيكان في محاكم التفتيش، التي أنشأتها في المرحلة الأولى لمحاربة الفرق المهرطقة والمضلة، حسب وجهة نظر الكنيسة الكاثوليكية. وقد وصل الأمر بالدومنيكان أن شبهوا أنفسهم بكلاب الله Domini Canes، في اصطياد الهراطقة، وللمحافظة على الرعية المسيحية ضد الذئاب الضارية (المهرطقين)(13).

 

وصول الإرساليات الكاثوليكية إلى كوردستان:

إن الإرساليات الكاثوليكية إلى الشـرق الأدنى، في بداية الربع الثاني من القرن السابع عشـر، لم تحل في أرض جدباء، بل إن أرض المشـرق كانت معروفة بعض الشـيء لدى المسيحيين الغربيين، حتى لو شاب تلك المعرفة بعض الغموض. وقد عرف المنصـّرون أرض الشـرق عبر بعض تقارير مؤرخي الصليبيين، وأخبارهم، فالعلاقات بين البلدان الأوروبية ومدن بلاد الشـرق عادت لتقوى مع بداية القرن السادس عشـر. ومفهوم التبشير، الذي انطلق في القرن السابع عشـر، تأسس على معطيات الإصلاح المضاد، الذي أفرزه (المجمع التريدنتيني) (1545 – 1563م)، الذي أعلى من شأن مسؤولية البابا الراعوية، والشاملة، تجاه المسيحيين غير الكاثوليك، واليهود، والمسلمين، والوثنيين. ولأن التبشير أصبح وسيلة مميزة للإقناع(14).

والحدث الكنسـي الأبرز الذي أسس لمرحلة جديدة من عمل الإرساليات التبشيرية في الشـرق، هو قرار تأسيس (مجمع التبشير بالإيمان Faith  The College For Propagation of the)، عام 1622م. ويقول البابا (غريغوريوس الخامس عشـر)( 1445- 1621م)، في قرار تأسيس ذلك المجمع، عبر رسالة إلى الكرادلة: “إن مهمة البابا العليا تشتمل على كل ما يتعلق بموضوع خلاص الأنفس، وفي المرتبة الأولى، الاهتمام بالإيمان الكاثوليكي، لأنه يحب العمل على أمرين: الأول يكون في المحافظة على ذلك الإيمان عند المؤمنين، حيث تم حثهم على المحافظة عليه بالتمام، حتى بالعقوبات. والثاني يقضـي نشـره بين غير المؤمنين (المسلمين واليهود والوثنيين). فلذلك، قررت الكنيسة المقدسة أن تتبع نوعين من التصـرف: الأول هو الوسيلة الشـرعية، كونها أرست حكمة العقيدة المقدسة. والثاني ذو طابع معنوي، أو بالأحرى رسولي، إذ يتم إرسال الإرساليات (التبشيرية)، المستمر، من العمال (رهبان الأخويات)، بين الشعوب التي هي في حاجة إليها أكثر من غيرها"(15).

لقد شكلت سنة 1622م محطة مهمة في دفع الإرساليات التنصيرية نحو الشـرق، إلا أن انطلاقة الإرساليات لم تكن في شكل عقبات محدودة متفردة، ولوقت معين، بل لإقامة ثابتة، وضمن مشـروع متكامل. فكان الرهبان (الكبوشيون) أول الواصلين إلى بلاد المشـرق، وتبعهم (الكرمليون)(16)، و(الأوغسطينيون)(17)، و(الفرنسيسكان)(18)، و(اللعازريون)(19)، وأخيراً: الأخوة الوعاظ (الدومنيكان).

وكان الرهبان الدومنيكان قد قدموا إلى بلاد ما بين النهرين، وكوردستان، ومارسوا رسالتهم بين النساطرة، منذ القرنين الثالث عشـر، والرابع عشـر، الميلاديين، إلا أن أخبارهم انقطعت بعد ذلك، كما أن بعثاتهم التنصيرية بين صفوف الأرمن كانت قد دمرت، خلال الاضطرابات التي جرت في النصف الأول من القرن الثامن عشـر(20)، ولكن الإرسالية الكبوشية سبقت الجميع في المجيء إلى العراق. فقد أسس الكبوشيون مركزاً لهم في الموصل سنة 1632م، وتمكنوا خلال فترة قصيرة من خلق نواة كاثوليكية بين عدد من الأسـر الموصلية، التي اتحدت مع (روما)، أي اعتنقت المذهب الكاثوليكي(21)، كما أن (جاثليق) (= بطريرك) النساطرة (إيليا الثامن) سمح لهؤلاء الكبوشيين بالدعوة للمذهب الكاثوليكي داخل كنائس طائفته النساطرة.

 وبدلاً من أن يفلح هؤلاء الكبوشيين في إرجاع الهراطقة (النساطرة، حسب تعبير اللاهوتيين الكاثوليك)، فإنهم استطاعوا اصطياد أحد الكورد المسلمين من أهالي مدينة العمادية، حيث اعتنق المسيحية وفق المذهب الكاثوليكي، وأصبح من أشد الدعاة إلى هذا المذهب، إلا أنه ذهب ضحية هذا العمل في بلاد (الحبشة)، البعيدة عن موطنه كوردستان بآلاف الكيلومترات.

 

بطرس جيسي العمادي في حوليات البروبغندا:

 لقد نشـر الأنبا (شموئيل جميل التلكيفي)، رئيس الرهبانية الهرمزدية، كتاباً باللغة الإيطالية، تحت عنوان: (العلاقات بين الكرسـي الرسولي والسـريان المشارقة)، وهو يضم قسماً من المراسلات التي كانت تجري بين بطاركة كنيسة المشـرق النسطورية، وبين باباوات الفاتيكان. وفي إحدى تلك المراسلات وثائق حول شخص يدعى (بطرس جيسـي)، من أهالي العمادية، ومن أبوين مسلمين، اعتنق المسيحية، ودافع بحرارة عن المذهب الكاثوليكي؛ حسب روايتهم. وفيما يلي نقرأ في سجل وحوليات تلاميذ (كلية بروبغندا)، في المجلد الأول لمجموعة الوثائق لسنة (1633 – 1753م)، في الورقة (15)، ما يأتي: "إن (بطرس جيسـي الفارسي)، من مدينة (العمادية)، قبل في الكلية (بروبغندا) في (17 آب ـ1647م)، وله من العمر آنذاك ما يقارب (24) سنة (أي أن سنة ولادته حوالي 1623م، حسب الحولية)، وذلك بترشيح من الكوردينال (بربرينو)، وبقرار المجمع في 3 حزيران، من عين السنة، وهو من والدين مسلمين، وادّعى بأنه مدعو من الله أن يأتي إلى (روما)، لكي يصبح مسيحياً، سنة 1641م. وفي 7 أيلول سنة 1642م، عمّده المونسنيور (سكنارولا)، في كنيسة (سيدة الجبال) في (روما)، وكان أشبينه السيد التقي الكونت (جيسـي الفرنسـي)، ابن سفير الملك (فرنسا)، في القسطنطينية"(22). رجع الأب بطرس جيسـي، بعد رسامته الكهنونية (أي أصبح قسيساً)، إلى بلاده (كوردستان)، وعمل كثيراً في الرسالات، والمواعظ، وخصوصاً في مدينة (آمد) (= دياربكر).

ويعتقد الباحث بأن هذا الكوردي الذي تنصـّر لم يرجع إلى مدينته ومسقط رأسه -حسب الرواية الإيطالية- بسبب خوفه من حدوث ما لا تحمد عقباه، حيث كان يتهم بالردة والكفر، وعقوبة الردة عند المسلمين هي القتل، لا سيما وأن الدولة العثمانية، التي كانت تحكم آنذاك، كانت تعمل بالشـريعة الإسلامية، هي والإمارات الكوردية المنضوية تحت رايتها.

بعد ذلك، تذهب سجلات (كلية البروبغندا) بأن المدعو بطرس قد ذهب إلى (القوش)، حيث التقى البطريرك النسطوري (مارإيليا الثامن) (1617 – 1660م)، الذي سـر بقدومه، ورآه غيوراً على الإيمان المسيحي، ويكنّ محبة عميقة للكنيسة، ووحدتها مع جميع الكنائس، وخصوصاً مع روما، التي عاش فيها سنوات عديدة، وتعلم اللغة الإيطالية، وتعرف على المسؤولين في الدوائر الرومانية. وقد اختاره البطريرك، مع اثنين آخرين، وهما: الأب مرقس، والشماس طيمثاوس، وكلّفهم بالذهاب إلى (روما)، لاطلاعهم على حالـة المسيحيين في الشـرق، بصورة عامة، وكوردستان، بصورة خاصة.

بعد ذلك، تشن الوثائق حملة شديدة على (بطرس)، وتتهمه بالتزوير، ومحاولة اختلاس الأموال، واستغلال معرفته للشخصيات الكاثوليكية للوصول إلى مآربه.

وترك (بطرس العمادي) روما، في طريق عودته إلى كوردستان، حسب المعتاد، ولكنه ذهب إلى (الحبشة)، التي كانت تدين بالمسيحية وفق المذهب الأرثوذكسـي، ولكن الكهنة الأرثوذكس هجموا عليه بالرماح، ورجموه بالحجارة، التي تكدست على جثمانه، فمات حبّاً بالمسيح سنة 1680م، حسب رواية (البروبغندا)(23).

 

وصول المرسلين الدومنيكان إلى كوردستان:

عندما فشل مسيحيو الموصل، من الكاثوليك، في إعادة فتح الإرساليات الكبوشية، التي كانت قد أغلقت أبوابها عام 1722م، بعد أن تعرضت إلى السلب والنهب، وقتل مسؤولها الأب (بطا الكبوشي). التمس القس (خضـر الكلداني) - الموصلي المقيم في أوروبا آنذاك، هرباً من بطريرك النساطرة - من البابا (بندكتس الرابع عشـر)، بفتح إرسالية لهم في هذه المدينة. وبعد تردد، طلب البابا من رئيس الرهبانية الدومنيكانية بإعادة فتح إرساليتهم التنصيرية في بلاد ما بين النهرين، وكوردستان، في سنة 1847م. ففي 17 كانون الثاني عام 1750م، وصل مرسلان إيطاليين، هما: (فرنسيس تورياني Tarriani)، و(عبد الأحد كوديلنشينيCodeleoncini)، وأضيف إليهما بصورة مؤقتة: الكرملي (لياندرد للقديسة سيلسيا)، لمعرفته اللغة العربية، والأماكن التي من المقرر التنصير فيها(24). وقد استعان هذان المرسلان بخبرتهما الطبية، فنالا النجاح في مهمتهما الدينية، سيما وأنهم تمتعوا بتأييد كاثوليك الموصل. ولما بلغ خبر مجيئهما مسامع أمير بهدينان بهرام باشا الأول بن سعيد خان بك الثاني (1714 – 1768م)، وكان مريضاً، فأرسل في طلب الأب المرسل: الطبيب (فرنسيس تورياني) لمعالجته، فلما نجح الأخير في مهمته، سمح الأمير (بهرام) بفتح فرع للإرسالية الدومنيكانية في (العمادية)، يكون مرتبطاً بإرسالية الموصل؛ مهمته تغيير معتقد النساطرة المتواجدين في إقليم بهدينان إلى الكثلكة، والاتحاد مع روما(25).

 

الرسالة الدومنيكانية في العمادية، ونمو الكثلكة فيها:

بعد أن سمح أمير العمادية (بهرام باشا) بفتح فرع للإرسالية الدومنيكية في (العمادية) سنة 1752م، تم تعيين الأب المرسل (عبد الأحد الأول - كوديليشيني) كأول مرسل لها. فلما توفي الأخير سنة 1753م، تولى إدارة العمادية الأب (إيبولدو صولديني)، وكان حاذقاً في علم الهندسة، فضلاً عن مهارته في مهنة الطب. لذا، جلب انتباه الأمير الكوردي (بهرام باشا)، الذي منحهم سنة 1770م كنيسة (قرية ديري)، الواقعة على بعد عدة كيلومترات شـرقيّ العمادية، والمعروفة باسم (مارعبد يشوع)، حيث قام المرسلون الدومنيكان بتعيين اكليروس كاثوليكي؛ يقوم بإجراء ليتورجياته وفق الطقوس الشـرقية، وليست اللاتينية. كما أن باشا العمادية شجع رعاياه المسيحيين، من المذهب النسطوري، على اعتناق مذهب المرسلين الدومنيكان (المذهب الكاثوليكي)، والاتحاد مع روما(26).

وكانت جهود المرسلين الدومنيكان، في إرساليتي الموصل والعمادية، قد أسفرت عن تحول أكثر من ألفي نسمة، في قرى منطقة الموصل والعمادية، إلى الكثلكة، بحلول سنة 1770م. فضلاً عن إقناع بطريرك النساطرة (إيليا الثاني عشـر) (1778 – 1804م) بإرسال صورة إيمانه الكاثوليكي إلى البابا. كما أنها أسفرت عن اعتناق المطران (يوحنا هرمزد) المذهب الكاثوليكي(27). وكان الأب (موريس) قد قصد العمادية سنة 1768م لمساعدة الأب (صولديني)، حيث ألّف كتاباً في أصول النحو، ومعجماً مختصـراً في اللغة الكوردية، وطبعه في مطبعة (انتشار الإيمان) في (روما)، لفائدة المرسلين المبشـرين في كوردستان.

وفي سنة 1775م توفي الأب (صولديني)، مسؤول إرسالية العمادية، في (زاخو)، ودفن فيها. كما أن وصيفه في الموصل: الأب (فرنسيس طورياني)، قد توفي في (الموصل) سنة 1767م، بعد أن خدم الرسالة الدومنيكانية فيها نحو سبع عشـرة سنة، ودفن في (مقبرة آل عبد الجليل)، في (كنيسة شمعون الصفا) في (الموصل)(28).

ومن سخرية القدر، أن الأب (والنتين) كان قدم إلى إرسالية الموصل سنة 1756م، وكان حاذقاً في الطب. لذا، طلب حضوره إلى (جزيرة ابن عمر) (= جزيرة بوتان) لمعالجة ابن أميرها. ولكن الأب (والنتين) لم يفلح في إنقاذ ابن الأمير البوتاني، حيث توفي بين يديه، مما دعا الأمير الكوردي إلى قتل الأب (والنتين)، وإلقاء جثته في نهر دجلة(29).

وفي سنة 1775 – 1880م أغلقت الرسالة الدومنيكانية في (العمادية)، بسبب الخلاف الذي نشب بين والي الموصل سليمان باشا الجليلي (1775 – 1799)، ووالي العمادية إسماعيل باشا (1768 – 1798م)، حول عائدية دير (الربان هرمزد)، في (القوش)، والصـراع الذي كان جارياً بين مسيحيي الموصل التواقين إلى الكثلكة والاتحاد مع روما؛ والمدعومين من أمراء الموصل الجليليين، وبين أمراء العمادية، الذين كانوا يحاولون جاهدين المحافظة على سيادتهم على (دير الربان هرمزد)، حيث مقر البطريرك النسطوري (إيشوعياب)، ورعيته من النساطرة، المتواجدين في القرى والقصبات التابعة للعمادية. ولكن موت (سليمان باشا الجليلي)، والي الموصل، وتولي ابنه (محمد باشا) مقاليد الأمور في الموصل، سنة 1789م، وتصالحه مع إسماعيل باشا (1768 – 1798م)، أعاد المياه إلى مجاريها بين الجانبين. حيث إنه عندما تمرض إسماعيل باشا، أمير العمادية، أرسل إليه الأمير محمد باشا الجليلي، الأب (مرقص بيانتا) لعلاجه، ولما شفي أكرمه (إسماعيل باشا)، ووهبه مرة أخرى كنيسة (مار عبد يشوع)، في قرية (ديري)، للمهتدين من المسيحيين (الكاثوليك)(30).

ولكن هؤلاء المسيحيين المهتدين إلى الكاثوليكية لم يهنئوا بهذه الحرية زمناً طويلاً، فما أن توفي (إسماعيل باشا) سنة 1796م، والذي كان يسعى إلى نجاح الرسالة الدومنيكانية، حسب مصدرهم، حتى خلفه ابنه (مراد بك) 1796 – 1804م، الذي شـرع في اضطهاد الكاثوليك، وقطع لسان القس (كيسو المانكيشـي)، فمات القس من جراء ذلك، (وفي رواية مسيحية أخرى أنه شفي بأعجوبة). وقتل (مراد بك) عدداً من الكلدان في (العمادية)، وقرية (ديري)، الواقعة شمالها الشـرقي، وهرب قسيسها المدعو (عبدالكريم) إلى (الموصل). وقد لخص الأب الدومنيكاني (منصور سابلائي) هذه الحوادث بقوله: "وكان المتخلف لإسماعيل باشا (الأمير) ابنه مراد بك، ثم تغلب أخوه قباد بك، ثم رجع مراد بك، ثم أخوه عادل بك. وفي سنة 1798 انتهت النسطرة من بلاد ما بين النهرين (أي في السهول دون الجبال). وكان سنة 1803م في (الموصل) ألف وخمسمائة عائلة كاثوليكية اهتدت إلى النسطرة"(31).

كما يجب أن لا ننسـى أن قرية (بارزان) نالها خلال فترة صـراع المنصـّرين (المبشـرين) الكاثوليك، مع كنيسة المشـرق النسطورية، لإخضاع الأخيرة لكرسي روما، مثل بقية المناطق الأخرى. فالبطريك (يوحنا هرمزد) النسطوري، الذي التحق بـ(روما) سنة 1778م، وأصبح كاثوليكياً، وأخذ بالتبشير لدعوتها، يقول في سيرته الذاتية، عن قرية (بارزان)، وما حصل فيها سنة 1790م، ما يلي: "ربنا يسوع المسيح أضاء عقول أبناء قرى (ارينا)(32)، و(برزان). كلاهما تقبلتا عقيدة الكنيسة المقدسة (= الكنيسة الكاثوليكية)، وتحرروا من الهرطقة (=هرطقة نسطوريوس)، بواسطة ابن أخي المطران شمعون، الذي جلب كهنتهما عندي... فأكرمتهم، فأعطيتهم ما يحتاجون إليه من كتب وآنية مقدسة، لتكون كنائسهم كما في البيع المسيحية، وعادوا إلى قراهم"(33).

وهذ يدل على أن مسيحيي قرية بارزان، وغيرها من القرى المحيطة بها، غيروا عقيدتهم النسطورية (= أتباع كنيسة المشـرق القديمة)، إلى الكنيسة الكاثوليكية، تحت اسم الكلدان المتحدون، بواسطة المطران شمعون ابن أخ البطريرك يوحنا هرمزد، بحلول نهاية القرن الثامن عشـر.

وتذكر مصادر (بطريركية بابل)، عن الكلدان، في الموقع الرسمي لها، بقولها: "لقد استُخدمت العبارة: (الكنيسة الكلدانية)، رسميًا للدلالة على مجموعة من أبناء كنيسة المشـرق، الذين انتموا إلى الكنيسة الكاثوليكية أولاً في قبرص عام 1340، في زمن البابا مبارك الثاني عشـر، لكّن هذا الاتحاد لم يدم. ثم في عام 1445 إثر مجمع فلورنسا، في زمن البابا أوجين الرابع. هؤلاء المشارقة القبارصة كانوا من بقايا الأسـرى الذين ساقهم ملوك الروم، وأسكنوهم في جزيرة قبرص، ومعظمُهم كان من منطقة أرزون. ثانيًا: في القرن الثامن عشـر، عندما أقام البطريرك الكاثوليكي كرسيَّه في دياربكر (أمد – تركيا)، استعمل التسمية هذه إلى جانب تسمية (الكنيسة الكاثوليكية). وسَـرَت تسميّة (الكنيسة الكلدانية) رويدًا رويدًا، وتغلّبت على التسميّات الأخرى، وخصوصًا عندما اتحد الكرسيّان الكاثوليكيّان: ديار بكر، والموصل، في شخص (يوحنا هرمز) عام 1828. من المؤكد أن هناك أختام بعض البطاركة (النساطرة)، وشواهد قبورهم، تحمل التسمية الكلدانية. واليوم قد استقرت هذه التسمية رسمياً للجانب الكاثوليكي من أبناء كنيسة المشـرق"(34).

وفي نهاية القرن الثامن عشـر، وتحت تأثير (بطريركية آمد)، وبمعاونة الرهبان الكبوشيين، والدومنيكان، انضّم معظم أبناء كنيسة المشـرق، في الموصل، وسهلها، إلى الكثلكة. فيذكر الأب (دومينكو لانزا) أنه زار (كرمليس) في عام 1765، وأن أهلها كلهم كانوا قد اعتنقوا الكثلكة، وكذلك (تلكيف)، وقرى خط (القوش). وعندما رأى البطريرك (إيليا الثاني عشـر دنحا)، في دير (الربان هرمزد)، أن التيار الكاثوليكي أخذ يشتد ويقوى ويتسع، اتصل مع (روما)، وكتب عدة رسائل، معربًا عن رغبته في الاتحاد معها. وبسبب تدخل (يوسف الثالث)، بطريرك آمد، لم تتحقق هذه الرغبة. وعندما خلفه ابن أخيه: (إيليا الثاني عشـر ايشوعياب) (1778-1804)، عارضه - بقوة - (يوحنا هرمزد)، متروبوليت الموصل، أحد أنسبائه. وسبب هذه المعارضة كان في الغالب الاتصالات مع روما. لقد عدّ (يوحنا هرمز) نفسه كاثوليكياً منذ 1778، وثبتّته (روما) (ميترا بوليتا) على (الموصل)، ومدّبراً بطريركيًّا. إلا أنه لم ينصب بطريركاً إلا متأخراً، بسبب معارضة (أوغسطين هندي) له، وشك (روما) في مصداقيته.

في سنة 1804 توفي (إيليا الثالث عشـر ايشوعياب)، ولم يكن في عائلته ذَكَرٌ يمكن أن يخلفه، فخلت الساحة أمام (يوحنا هرمزد). ولكن وجد من بين المعارضين: رهبان دير (الربان هرمزد)، وكان الأب (جبرائيل دنبو المارديني) قد أعاد إليها الحياة الديرية. ففضلوا عليه (أوغسطين هندي). كما أن المرسلين اللاتين، كانوا قد بعثوا إلى (روما) تقريراً سلبياً عن خدمة يوحنا هرمزد، مما دفعها إلى تعيين هندي مدبراً بطريركيًا على كرسي بابل، وأوقفت يوحنا هرمزد عن الخدمة. ولكن موت أوغسطين هندي حل مشكلة وجود كرسيين بطريركيين في طائفة واحدة، وفي وقت واحد. فقام البابا (بيوس الثامن) بتثبيت (يوحنا هرمزد) رسميًا (بطريرك بابل على الكلدان "Patriarch of Babylon of the Chaldeans”، وجعل كرسيّه في (الموصل)، كان ذلك في الخامس من تموز 1830. مع العلم أنه لا توجد علاقة كنسية ببابل، وأن الكرسي البطريركي كان في (المدائن) (ساليق) و(قطيسفون)، أي بغداد، ربما يعود هذا التبني إلى كونها عاصمة الكلدانيين. هكذا اندمجت البطريركيتان: آمد والموصل، ومنذئذٍ حافظت السلسلة البطريركية - الخط الأول- على شـركتها التامّة مع روما، وإلى اليوم.

ومن جهة أخرى، فإن البعثات البابوية استطاعت استقطاع الجزء الأكبر من مسيحيي قصبة (قرقوش) (= الحمدانية) من طائفة السـريان الأرثوذكس، وجلبهم إلى حظيرة الكنيسة الكاثوليكية، باسم ( السـريان الكاثوليك). وتجدر الإشارة إلى أن (قرقوش) تعد أكبر قصبة مسيحية وسـريانية في الشـرق الأوسط، وتسَمَّى (عين السـريان)، وكانت أرثوذكسية إلى نحو سنة 1800م. والآن بحدود 90 بالمئة من سكانها، سـريان كاثوليك، والباقي سـريان أرثوذكس، وقد حظيت كثلكة السريان بمساندة قوية من أسـرة الجليليين، الذين حكموا الموصل في تلك الحقبة. وفي سنة 1839م، أصبح دير (مار بهنام) بحوزة السـريان الكاثوليك(35).

ومن جانب آخر، يبدو أن هناك تناقضاً في المصادر والمراجع المسيحية، بخصوص موقف أمراء العمادية من نشـر الكثلكة في ربوع المسيحيين النساطرة (=الآثوريين- الآشوريين) رعية أمير العمادية. ففي الوقت الذي يكيلون المدح للأميرين (بهرام باشا) و(إسماعيل باشا)، نراهم يكيلون التهم جزافاً بحق الأمير (مراد بك)، الذي حكم سنة 1796م– 1798م، على خلاف بين المصادر. وفي هذه السنوات(36) انتهت (النسطرة) في منطقة السهل، في نينوى والعمادية، أي أن جميع القرى المحيطة بالعمادية، في شـرقها، وفي غربها (وادي صبنه)، قد اعتنقت الكاثوليكية، وتركت النسطرة. بعكس القرى الواقعة في شمالها (قرى عشيرة برواري بالا، ونيروة، وريكان)، فإنها لا زالت - حتى كتابة هذه الأسطر - مؤمنة بالعقيدة النسطورية.

وعلى أي حال، فقد كان لبهرام باشا، وابنه إسماعيل، دور كبير في تغيير الخارطة المذهبية لمسيحيي منطقة بهدينان، فإليهما يرجع الفضل في اهتداء قرى: ديري ـ بيبادي ـ قدش ـ بيناتا ـ إنيشكي ـ أرادن ـ تنا ـ داودية ـ هرماش ـ آزخ- دير مارياقو- ديربون- فيشخابور – بيدار- بيرسفى، وغيرها، إلى الكاثوليكية والاتحاد مع روما.

 

الدومنيكان ومحاولة تنصير المسلمين:

وغني عن القول أن الإرسالية الدومنيكانية كان شغلها الشاغل، في تلك الآونة، هو إدخال النساطرة في المسيحية، أو الإيمان القويم، حسب تعبير كتاب (حوليات الرهبنة الهرمزدية الكلدانية)، في (القوش). ففي معرض الإشارة إلى نشاط رئيس الرهبنة الدومنيكانية، بخصوص إدخال النساطرة في الكثلكة: "في يوم 12تموز1842م جاءنا الأب (انطون مرجان الدومنيكي)، رئيس الرهبنة الدومنيكانية، والأب (يوسف) رسول الكنيسة، قدماً بصحبة مار (يوسف أودو)، وكانوا في طريقهم إلى (قودشانوس) (= مقر مار شمعون في منطقة هكاري)، لإعادتهم إلى الإيمان القويم، وفي طريقهم مروا بقرية (أرادن) (= غرب مدينة العمادية)، إلا أنهم عادوا أدراجهم بسبب خوفهم من إسماعيل باشا (= آخر أمير بهديناني على العمادية)، ومكث الأب انطون لدينا يوماً واحداً، ثم توجه إلى الموصل"(37).

وهناك أمر غريب ورد في حولية الرهبنة لسنة 1856م، حول اعتناق ثلاثة مسلمين للمسيحية طواعية، وأن مركزهم الاجتماعي والديني مرموق: "في اليوم الرابع من شهر آب(1856م)، المصادف يوم الإثنين، قدم إلى الدير (= مارهرمز في جبل القوش) عندنا، الباليوز (= نائب القاصد الرسولي البابوي في الموصل)، ومكث عندنا ثلاثة أيام، ثم ذهب إلى قرية (مارياقو) (= قرية قشفر، الواقعة شمال غربي مدينة دهوك). وأثناء وجوده هناك قصده ثلاثة من المسلمين قادمين من منطقة الجزيرة(= جزيرة بوتان)، اسم الأول (علي آغا)، واسم الثاني (الملا أحمد)، واسم الثالث (الشيخ قاسم)، وثلاثتهم من عشيرة معروفة، وذات شأن، جاء هؤلاء الثلاثة خفية إلى القاصد الرسولي ليعتنقوا المسيحية، فأرسلهم القاصد إلى الدير عندنا سـراً، لنقوم بتعليمهم مبادئ الإيمان، فحلوا في الهيكل التحتاني من فناء الكنيسة، وهناك باشـرنا بتعليمهم مبادئ الإيمان، وما يلزم من أجل تهيئتهم لتقبل سـر العماد، فتعلموا صلاة (أبانا الذي في السموات)، وصلاة (السلام لك يا مريم)، وقانون الإيمان، ومبادئ أولية مختصـرة من التعليم المسيحي. ولقد تمرض أحدهم، واشتد عليه المرض، إلا أنه شفي، ولقد تعب الأخوة كثيراً في خدمتهم. وانتابنا خوف كبير من أن يكشف سـرهم، ويصيبنا أذى كبير بسببهم، لأنهم كانوا من الأشخاص المعروفين من قبل أناس كثيرين. وكتبنا رسائل كثيرة إلى البطريرك (= مار يوسف أودو)، وإلى القاصد (= المندوب البابوي لدى الكلدان في الموصل)، من أجل نقلهم من الدير إلى مكان آخر. عندئذ أرسل البطريرك طالباً القيام بتعميد الأشخاص الثلاثة المذكورين داخل الهيكل سـراً، وأن يقوم بعملية التعميد الأب (لويس)، النازل عندنا في الدير، فقام الكاهن المذكور بتعميدهم في الهيكل سـراً، وقمنا بإرسالهم ليلاً إلى (الموصل)، عند القاصد الرسولي، ليتدبر شأنهم"(38).

وبعدها سكتت الحولية عنهم، وأشارت إلى أمور أخرى تخص حياتهم اليومية، ولكنها في حولية سنة 1857م تطرقت - مرة أخرى - إلى ما جرى لهم، حيث تنكر الجميع لهم، اعتباراً من البطريرك اللاتيني في (القدس)، فضلاً عن المؤسسات الكاثوليكية في (جبل لبنان)؛ ربما بداعي الخوف من الدولة العثمانية. لذلك، تم إعادتهم إلى دير (مار هرمز)، ومن ثم تم إرسالهم إلى (السليمانية)، وهناك انقطعت أخبارهم. ونظراً لأهمية هذا الموضوع، سندرج أدناه ما تبقى من الحولية بشأنهم: "الرجال الإسماعيليون الثلاثة، الذين مكثوا عندنا في الدير فترة شهرين، والـذين قمنا بتعليمهم الأمور الإيمانية الضـرورية، والذين قمنا بتعميدهم على يد الأب لويس، صديق القاصد الرسولي(= البابوي) (بناديكتوس)، هؤلاء الثلاثة أُرسلوا إلى (جبل لبنان)، من قبل البطريرك والقاصد الرسولي، ومنها إلى أورشليم(=القدس)، لدى البطريرك (واليركا) اللاتيني، إلا أنه رفض قبولهم، كما رفضوا من قبل الجميع في جبل لبنان كلّه؛ لهذا السبب عادوا مرة أخرى إلى ديرنا، ومكثوا عندنا خمسة عشـر يوماً، بعدها أرسلناهم إلى القاصد في الموصل، وقام الأب (أوغسطين مركي)، رئيس دير الآباء الدومنيكان في الموصل، الذي قام بتدبير شأنهم، وأرسلهم إلى (السليمانية)"(39). وهناك انقطعت أخبارهم.

ويبدو أن هؤلاء المنصـّرين، من الدومنيكان الفرنسيين، ونظراؤهم مسيحيي الموصل، كانوا وجلين من أن تعلم الدولة العثمانية بما يقومون به من محاولة تنصير المسلمين أنفسهم، لذا كان كل جانب يحاول إرسال هؤلاء المرتدين الثلاثة إلى مكان آخر، بغية تعليمهم وتربيتهم على نهج المسيحية، وفق رواياتهم؛ التي يعوزها الدليل، من جهة أخرى، سيّما وأن هؤلاء الثلاثة كان أحدهم عالم دين، والآخران آغوات، بحسب الرواية. لذا، يجب الحذر في تقبل تلك الرواية، في تلك الحقبة من منتصف القرن التاسع عشـر، رغم صدور بعض الفرمانات من الدولة العثمانية، تحت ضغط الدول الأوروبية، بالمساواة بين المسلمين وغيرهم. ومن جهة أخرى، فإن هذه الرواية تثبت - بما لا يدع مجالاً للشك-، بأن هؤلاء الرهبان، وأسيادهم من الإرساليات الدومنيكية، والكرملية، والكبوشية، واليسوعية، كانوا – ولا زالوا - ينفذون مخططات عجيبة غريبة ضد أبناء وطنهم المسلمين!

وكان الكاتب الآشوري الشهير (هرمز أبونا) قد شن حملة شديدة على الإرساليات الكاثوليكية، التي أرسلتها (باباوات روما)، بقصد تمزيق الشعب الآشوري إلى عدة أقسام، تمهيداً لاحتوائه. فهو يقول بهذا الصدد ما نصه: "كان ذلك التقوقع الطائفي، المبني على الخلافات المذهبية، التي كانت قد باعدت بين أبناء شعب وأمة واحدة. والحالة التي كانت قائمة بين الآشوريين (= النسطوريين)، من أتباع الكنيسة الشـرقية، وإخوانهم أبناء الكنيسة السـريانية الأرثوذكسية، على سبيل المثال، كانت نموذجاً لذلك. أو ما آلت إليه حالة الانقسام المأساوية في الكنيسة الشـرقية ذاتها، حين انقسمت إلى فرعين (نسطوريين)، منذ أواخر القرن السادس عشـر. فأصبح لها خطين بطريركيين، يتمثلان بالخط البطريركي المنحدر من (مار أدي) و(مار ماري)، والذي استقر به المطاف في دير (الربان هرمزد)، بالقرب من (القوش). والخط المنشق المعروف بخط (البطاركة الشمعونيين)، والذي أول سلسلته تنحدر من المحاولة الأولى لروما سنة 1551م، لخلق خط كاثوليكي، يتبعها من بين مؤمني الكنيسة الشـرقية، والذي استمر من (سنة 1553 إلى سنة 1579م)، ودخل التاريخ باسم خط (مار يوحنا سولاقا)، الذي استهل نشاطه في (آمد) (=دياربكر)، وانتهى المطاف بثالث بطاركته، وآخرهم في (سعرت) (= سيرت). أما رابعهم (مار شمعون دنخا)، الذي عاد خلفاؤه إلى عقيدة الكنيسة الشـرقية، وأمانها، ولكن بفرع مستقل - حسب تقويم البطاركة الشمعونيين- إذ أصبح يعرف بخط (مار شمعون)، والذي كانت مدينة (أورميه) أول مقر له. ثم تنقل من مكان لآخر، ليستقر المقام به أخيراً في قرية (قودجانس)، في هكاري. ومنذ سنة 1580م أصبحت أبرشيات الكنيسة الشـرقية، موزعة بين البطريركيتين النسطوريتين: السهلية، والجبلية، لحين بروز خط بطريركي ثالث في سنة 1681م، وهو خط البطاركة اليوسفيين في (آمد- دياربكر)، الخاضع لـ(روما)، والذي حتى اختفائه النهائي سنة 1828م لم يتجاوز في انتشاره، وحدوده الجغرافية، مدن (آمد) و(ماردين).

 ومنذ الربع الأخير من القرن الثامن عشـر أصبح الخط السهلي - وبحكم موقعه الجغرافي- هدفاً سهلاً للحملة الكاثوليكية التي اشتدت إبان الانحطاط العثماني، وهيمنة فرنسا وبريطانيا على مقدرات وسياسة الدولة العثمانية. وكان قدر الشعب الآشوري (= النساطرة - الآثوريين)، وكنيسته، أن يتعرض هذا الخط البطريركي إلى عملية إخضاعه، والسيطرة عليه، من قبل البعثات التبشيرية الكاثوليكية العاملة في السهول (= الدومنيكان والكبوشيون)، وبدعم مباشـر من فرنسا، والعثمانيين"(40).

  بعدها يتطرق الكاتب الآشوري إلى النتائج التي تمخضت عنها هذه الحملة العنيفة من الإرساليات التبشيرية الكاثوليكية المدعومة من فرنسا، وبتواطؤ عثماني، حيث اختفى الخط البطريركي المار شمعوني(= النساطرة) من السهول (= سهل نينوى) كلياً: "ومنذ أواسط القرن التاسع عشـر، اختفى هذا الخط البطريركي للكنيسة الشـرقية من السهول، وحلت محله المجموعة التي شكلت منها (روما) (الكنيسة الكلدانية)، التي أصبحت تجاور - جغرافياً - أختها الكنيسة الشـرقية (النسطورية) -  خط مار شمعون-، سواءً في المناطق الواقعة إلى الجنوب من وطن القبائل المستقلة، حيث الكثافة الكلدانية ( = العمادية والزيبار وعقرة)، أو التجمعات المتفرقة التي كانت تتبع الكنيسة الكلدانية، في المناطق الواقعة إلى الغرب من وطن هذه القبائل، في منطقة الجزيرة، والمناطق الواقعة في الأجزاء الشمالية لبلاد ما بين النهرين (= زاخو، ودهوك، وسهل نينوى)، أو أولئك المنتشـرين بين التجمعات الآشورية.

وبهذا يظهر لنا بأن الإرساليات البابوية الكاثوليكية كان لها دور كبير في إضعاف أتباع كنيسة المشـرق، والكنيسة السـريانية الأرثوذكسية، بتحويل غالبية أتباعهما إلى الكثلكة، عن طريق الإرساليات البابوية، وعن طريق رعاة الكنيسة الكلدانية، فيما يخص النساطرة – أتباع كنيسة المشـرق- وكنيسة السـريان الكاثوليك، فيما يخص أتباع الكنيسة السـريانية الأرثوذكسية القديمة. وحتى بالنسبة للأرمن، فإنهم استطاعوا اقتطاع قسم منهم تحت مسمى (كنيسة الأرمن الكاثوليك) .

 

المصادر والمراجع والهوامش:

  1- أدي شير، تاريخ كلدو وآشور، بيروت، 1913،ج 2، ص2 ؛ فرست مرعي، تاريخ اليهودية والمسيحية في كوردستان، دار ئاراس، أربيل، 2008م، ص61.

  2- فرست مرعي، تاريخ التبشير المسيحي في كوردستان، السليمانية، أكاديمية التوعية وتأهيل الكوادر، 2011م، ص6.

  3- سلوى بالحاج صالح العايب، المسيحية العربية وتطوراتها من نشأتها إلى القرن الرابع الهجري، بيروت، دار الطليعة، 1997م، ص27.

  4- لمزيد من المعلومات، ينظر: فرست مرعي، بارزان في المصادر التاريخية، جامعة زاخو، مركز الدراسات الكوردية، 2019م، ص...

  5- ول ديورانت، قصة الحضارة، ترجمة: زكي نجيب محمود وزميله، 2013م، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، دار الجيل للطبع والنشـر والتوزيع، مج3، ص3921.

  6- فرست مرعي، محاضرات في تاريخ الخلافة العباسية، صنعاء، دار منتدى الكتاب، ص17.

7-  القمص ميخائيل جريس ميخائيل، تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - مذكرات في تاريخ الكنيسة المسيحية البدع والهرطقات، الأبيونية.

  8-  صحيفة البيان الإماراتية، الفرق والمذاهب المسيحية، في 28 رجب 1442هـ 12مارس 2021م.

  9-  ميشال عون، البدعة الأريوسية، المجلة الكهنوتية المارونية، السنة السادسة والعشـرون، العدد الأول، كانون الثاني 1996، بيروت - لبنان، ص.7.

  10- فؤاد يوسف قزانجي، أصول الثقافة السـريانية في بلاد ما بين النهرين، عمان - الأردن. دار دجلة، ص 117.

 11- عبد القادر أحمد اليوسف: العصور الوسطى الأوربية، مطابع مؤسسة دار الكتب للنشر في جامعة الموصل، (د.ت)، ص 245.

 12- الالبجنسيين: فرقة مسيحية زاوجت في إنكارها بين المسيحية والمانوية، لذلك اعتمدت على الزهد والتقشف كمنهج لحياة أنصارها، حوربت هذه الفرقة بشدة وقسوة متناهية من قبل باباوات روما.  

 13- عبد القادر أحمد اليوسف: المرجع السابق، ص247، 250 – 251.

 14- الأب سليم دكاش: المسيحية عبر تاريخها في المشـرق، مجلس كنائس الشـرق الأوسط، بيروت، الطبعة الثانية 2000م، ص689 – 690. 

 15- الأب سليم دكاش: المرجع السابق، ص690 نقلاً عن برنار هيبرجيه.

 16-  الكرمليون: وهم رهبان كاثوليك، نشأت طائفتهم في أول الأمر على جبل الكرمل في فلسطين، ثم نزحوا إلى قبرص عام 1238، ومنها إلى أوروبا. ينظر: غسان دمشقية: لاهوت التحرير، الأهالي للطباعة والنشـر، دمشق الطبقة الأولى 1990، ص 188.

 17-  الأوغسطينيون: إحدى الرهبانيات الكاثوليكية مؤسسها القديس أوغسطين، سافر أتباعه إلى الهند الشـرقية في 18 آذار 1578م، وكانوا في مضيق هرمز منذ سنة 1576م، ومن هناك توغلوا في إيران في عهد الشاه عباس الأول، وقد أحسن إليهم هذا الشاه الصفوي. ينظر: اوجين تسـران: خلاصة تاريخية للكنيسة الكلدانية، نقلها إلى العربية: القس سليمان صائغ، الموصل 1939، ص176.

 18- الفرنسيسكان: وهم أتباع القديس فرنسيس، ينقسمون إلى ثلاث طوائف، وهم: الرهبان الصغار، وهم أكبر الطوائف، والكبوشيون والديريون، تمسك الفرنسيسكان منذ البداية بحياة الفقر المدقع، ولم يسمحوا لأنفسهم بامتلاك شيء مطلقاً، كانت لهم في القرون الوسطى حركة علمية مرموقة. ينظر: غسان دمشقية، دار الأهالي، دمشق،1990م، ص183.

 19- اللعازريون: رهبانية فرنسية مؤسسها (أوجين بوره)، جاء بمهمة إلى إيران من قبل مديرية معارف فرنسا والمجمع العلمي للخطوط والآداب. ينظر: أوجين تسران: خلاصة تاريخية للكنيسة الكلدانية، ص 182 – 183.

 20- الأب البير أبونا: تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج3، ص 230.

 21-  عماد عبد السلام رؤوف: الموصل في العهد العثماني، مطبعة الآداب – النجف، 1395هـ - 1975م، ص 327.

 22- المطران عمانويل دلي: مبادرات الاتحاد بين بطاركة بابل وروما في القرن السابع عشر، القسم الخامس، مجلة نجم المشرق، العدد 27 في 2001م، ص 349 – 350.

 23-  المطران عمانوئيل دلي: مبادرات الاتحاد بين بطاركة بابل وروما في القرن السابع عشر، القسم السادس، مجلة نجم المشرق، العدد 28 في 2001، ص486 – 493. 

 24- يوسف حبي: التراث الكوردي في مؤلفات الإيطاليين: مجلة المجمع العلمي العراقي الهيئة الكوردية، المجلد الثامن، 1981، ص239.

 25- م. ابراهيم: الدومنيكيون – نشأتهم – إرساليتهم ودورهم الإنساني والثقافي والعلمي في البلاد، مجلة الصوت الكلداني، العدد 4، 1999، ص 45 – 46.

 26- الأب بطرس نصـري الكلداني: كتاب ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة والسريان، دير الآباء الدومنيكان، الموصل 1913، ج2، ص 356 – 357. 

 27-  الكاردينال اوجين تيسـران: خلاصة تاريخية للكنيسة الكلدانية، نقلها إلى العربية القس سليمان الصائغ. الموصل 1939، ص 178 – 179.

 28- بطرس نصـري: ذخيرة الأذهان، ج2 ص 357.

 29-  م. إبراهيم: الدومنيكيون، ص46.

 30- بطرس نصـري: ذخيرة الأذهان، ج2 ص 391.

 31- بطرس نصـري: المرجع السابق، ج2، ص 390 – 391.

  32-  الصحيح: قرية هيران، التي هي الآن مركز ناحية هيران التابعة لقضاء شقلاوة، وجل سكانها كورد مسلمون. ينظر: السيرة الذاتية للبطريرك يوحنا هرمزد، عرّبها وحققها: الأب الدكتور بطرس حداد، مجلة بين النهرين، العدد 34-35، 1981م، ص251.

 33- السيرة الذاتية للبطريرك يوحنا هرمزد: عربها وحققها: بطرس حداد، مجلة بين النهرين، الموصل، العدد 34-35، 1981، ص251.

34- خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية، https://saint-adday.com/

  35-  موفق نيسكو، مسيحيو العراق والرحَّالة كارستن نيبور، https://www.ahewar.org

 36-  عماد عبد السلام: الموصل في العهد العثماني: ص163 – 167، بطرس نصـري: ذخيرة الأذهان، ج2، ص 390.

 37-  حوليات الرهبنة الهرمزدية الكلدانية، ترجمة وتحقيق بنيامين حداد الموصل، منشورات مركز جبرائيل دنبو الثقافي،2008، ص 203.

 38- حوليات الرهبنة الهرمزدية الكلدانية، ص 282-283.

 39- المرجع نفسه، ص 286 – 287.

 40- هرمز أبونا: الآشوريون بعد سقوط نينوى - القبائل الآشورية المستقلة، الولايات المتحدة الأمريكية، الينوي- شيكاغو، 2005، ج5، ص 189-190.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق