د. عمر عبد العزيز
تحدثنا في مقالات سابقة عن رؤية
العلامة ناصـر سبحاني حول فهم التصوّرات الدينية، فأشرنا - في ذلك السياق - إلى
رؤيته حول المذاهب الفكرية والكلامية والفلسفة والفلاسفة، ونظريته تجاه القيم
الدينية، ودورها في الحياة الاجتماعية، وعلاقتها بالحكم الابتلائي كشطر للألوهية،
وكذلك أقسام القيم والأحكام، وكيفيّة تلقّيها من قبل الإنسان.
سنخصّص هذا المقال
لاعتناء العلامة سبحاني بموضوع مصادر المعرفة لدى الإنسان، فلقد اعتنى به عناية
فائقة، حيث رأى أن إدراكها خطوة أوّليّة لمعرفة مؤهّلات الإنسان الفطرية، ومن ثمّ
طريق لتلقّي التصوّرات والقيم، وبالأحرى طريق ضروري لتلقّي ما شـرعه الله للإنسان،
كي يقوم بدوره المنوط به؛ من تزكية نفسه، وإعمار الأرض. ولهذا مهّد - رحمه الله -
لمعظم تأليفاته ودروسه بهذا الموضوع، الذي يتعلّق بما يسمّى بـ(نظرية
المعرفة)،
بطريقة علمية فريدة، والتي شغلت حيّزاً كبيراً من مباحث المنطق والفلسفة، قديماً
وحديثاً.
ولا شكّ أن البحث عن
المعرفة ضـرورة علمية، وحاجة فكرية وثقافية، فهي الوسيلة لتحديد موقف الإنسان ممّا
حوله. ولقد تعدّدت التيارات حول تحديد مصدر المعرفة الأوّل، فيرى الفلاسفة أنّه
العقل، ويذهب أصحاب الفلسفة الوجودية([1]) إلى
أن العقل لا يستطيع إدراك التجربة الحيّة. ويرى أصحاب النزعة العلمية أنّ الحقائق
لا تكون إلا في العلم الطبيعي وحده.
ولكن ما المعرفة من
الأساس؟ وما المقصود بها كمصطلح؟ هذا ما سنناقشه في الفقرات التالية.
أوّلاً/ المعرفة في اللغة والاصطلاح: حديثنا عن مصادر
المعرفة يجرّنا إلى الحديث عن المعرفة، ماهيّتها وتعريفها، ومقصود اللغويين من المصطلح، وكذلك
ما ورد في القرآن الكريم من مشتّقاته.
1- المعرفة في اللغة: أتت على معنيين، أوّلهما: يدلّ على تتابع الشيء بعد الشـيء.
حيث إن (العَرف) جاء بمعنى الريح، لتتابعها. و(عُرف الفرس) معلوم، لتتابع الشَّعر
عليه. وكذلك جاء (العُرف) بمعنى موج البحر، لتتابعه أيضاً"([2]).
قال ابن الأثير: "في حديث كعب بن عُجْرة: جاءوا كأنهم عُرْف، أي يتبع بعضهم
بعضاً"([3]).
وثاني المعنيين يدلّ على السكون والطمأنينة. قال أبو الحسن ابن فارس (ت:395هـ/
1004م) في معجم مقاييس اللغة: "تقول: عرف فلان فلاناً، عرفاناً ومعرفة. وهذا
أمر معروف. وهذا يدلّ على سكونه إليه، لأنّ من أنكر شيئاً توحّش منه، ونبا
عنه"([4]).
وممّا ينبغي التنويه إليه، أن معظم علماء اللغة القدماء لم
يذكروا بناء (المعرفة) من مادة (عرف). فالفراهيدي (ت: 175هـ) ـ وهو أوّل من ألّف
معجماً لغوياً ـ لم يذكر كلمة المعرفة كمصطلح في كتابه (العين). وأبو بكر الرازي
أورد كلمة (المَعْرَفة) ـ بفتح الراء ـ بمعنى الموضع الذي ينبت فيه العرف([5]).
ولم يشـر الفيروز آبادي إلى معناها في قاموسه الجامع، رغم ذكره الكلمة مع مصادر
فعل (عرف).
بقي أن نقول: "إن مشتّقات كلمة (المعرفة) قد تكرّرت في
القرآن الكريم (67) مرّة، إلا أن بناء (المعرفة) لم يرد فيه، ولكن جلّ معاني
مشتّقاتها الواردة في القرآن تعطي معنى إدراك الشـيء، وتتّبع أثره، كقوله تعالى: [يَعْرِفُونَ
نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا] النحل/٨٣ . وقوله: [وَإِذَا سَمِعُوا مَا
أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا
عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ] المائدة/٨٣.
وقد فسّـر الراغب الأصفهاني ـ الخبير بمعاني مفردات القرآن ـ المعرفة بمعنى:
"إدراك الشـيء بتفكّر، وتدبّر أثره. وهو
أخصّ من العلم، ويضادّه الإنكار"([6]).
وذلك بعد أن مثّل بالآيتين السالفتين،
وغيرهما، من الآيات التي وردت فيها مشتّقات كلمة المعرفة.
2- المعرفة في الاصطلاح:
لإدراك تعريف المعرفة ـ كمصطلح ـ لا بدّ من فهم الفرق اللغوي
بينها وبين العلم، حيث فرّق اللغويون بينهما. فالمعرفة ـ كما يقول الراغب
الأصفهاني ـ : إدراك الشـيء بتفكّر وتدبّر لأثره، وهو أخصّ من العلم، ويضادّه
الإنكار ـ كما نقلنا عنه آنفا ـ . إذاً "المعرفة: تستعمل في العلم القاصـر
المتوصّل به بتفكّر"([7])،
بينما "العلم هو: "إدراك الشـيء بحقيقته"([8]).
وقال الشريف الجرجاني: "المعرفة إدراك الشـيء على ما هو عليه، والعلم كذلك،
سوى أن المعرفة مسبوقة بجهل، خلافاً للعلم، ولهذا يسمى الحقّ - سبحانه - بالعالم،
دون العارف"([9]).
وبناءً على هذا التعريف، عرّف بعض من يسمّون بالفلاسفة
المسلمين العارف بأنّه: "الذي يريد الحقّ الأوّل لا لشيء غيره، ولا يؤْثر
شيئاً على عرفانه"([10]).
أمّا الرازي، فقد عرّف المعرفة بأنها: "الاعتقاد الجازم، سواء أكان اعتقاداً
تقليديّاً أو كان علماً صادراً عن دليل. ومنهم من فسّـرها بالعلم الصادر عن
الدليل"([11]).
ولكنّ الغزالي يعرّف المعرفة بأنها: "العلم الذي لا يقبل الشكّ"([12]).
وهذا يعني أن المعرفة عنده أخصّ من العلم. بينما يرى المعتزلة أن العلم والمعرفة
مترادفان"([13]).
ويشير أبو حيان التوحيدي إلى الفرق بينهما قائلاً: "إن المعرفة أخصّ
بالمحسوسات والمعاني الجزئية، في حين إن العلم أخصّ بالمعقولات والمباني
الكلّيّة"([14]).
3- نظرية المعرفة (إبستمولوجيا):
نظرية المعرفة، أو ما يعرف بـ(الإبستمولوجيا)، هي النظرية التي
تبحث في مبادئ المعرفة الإنسانية، وطبيعتها، وحدودها، وفي الصلة بين الذات المدركة
والموضوع المدرك، وبيان إلى أيّ مدى تكون تصوّراتنا مطابقة لواقع الشـيء المستقلّ
عن الذهن، الذي تناوله([15]).
وبهذا يظهر أن المعرفة تعتبر أحد فروع الفلسفة. ولكن لم يجتمع المعاصـرون على
تعريف جامع مانع للمعرفة كمصطلح؛ فقاموس (أوكسفورد) يحدّدها بأنّها: "الخبرات
والمهارات المكتسبة من خلال التجربة أو التعليم"([16]).
والفرق بين هذه النظرية وما يتناوله علم المنطق وعلم النفس هو: "أن نظرية
المعرفة تتناول مجالاً أوسع من هذه العلوم الجزئية، وأشمل، حيث تبحث في أصول
المعرفة العامّة، التي تشترك أغلب العلوم الجزئية في الانتفاع بها، وإنْ كانت ليست
بمعزل عن تلك العلوم، بصفتها الأساس الذي تقوم عليه مناهجها"([17]).
ولقد مرّت هذه النظرية بمراحل غير واضحة، يصعب تحديد ميلادها
ونشأتها الأولى، فبعض الباحثين يرى أن أوّل محاولة مستقلّة لطرح النظرية، هي
المقالة التي كتبها (جون لوك)، الفيلسوف الإنجليزي (1632-1704م)، حول العقل
البشـري، عام (1690م)"([18]).
ولكنّه حتّى إذا اعتبرناه المؤسس الحقيقي لتلك النظرية في العصـر الحديث، إلا أن
مصطلح (نظرية المعرفة) لم يظهر إلا بعده بقرابة قرن كامل، "حيث يعتبر
(إيمانوئيل كانت) (ت: 1804م) أقوى من كتب في المعرفة، ووصفها على أساس علميّ متين،
واعتبرها نقطة البدء في كلّ فلسفة"([19]).
على كلّ حال، تمثّل نظرية المعرفة وسيلة علمية لتحديد موقف
الإنسان من كلّ حقيقة يبحث عنها، سواء فيما يتعلّق بنفسه، أو بالكون حوله، أو
بالحياة، أو بما وراء الطبيعة بإطلاق. ولقد خاض كبار علماء المسلمين غوار مواضيع
هذه النظرية، في أثناء حديثهم عن حدود العلم، والنظر، والأدلّة العقلية والسمعية،
وطرق تحصيل الحقائق وإثباتها، وكذلك في ثنايا مناقشاتهم لأفكار الفرق الكلامية،
دون أن يتصدّى أحدهم لدراسة منهجية متخصّصة، كما حدث بعد (إيمانوئيل كانت) في
القرن الثامن عشر، وما بعده.
ثانياً/ أصول نظرية المعرفة القرآنية في نظر العلامة سبحاني:
استلهم
العلامة سبحاني فهمه ـ لتحديد مصادر المعرفة ـ من آيات القرآن الكريم، وعلى رأسها
قوله تعالى: [وَاللَّهُ
أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ
السَّمْعَ وَالْأَبصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] النحل/٧٨. وقوله تعالى: [قَالَ
رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى] طه/٥٠، وقوله: [علّم الإنسان ما لم
يَعْلَم] العلق/٥، وغيرها من الآيات..
بعد تدبّر وإمعان شديدين في هذه الآيات، ذكر سبحاني أن الإنسان
يتميّز عن غيره من المخلوقات بقوّتين، هما: (العلم والإرادة)، ثم شرحهما بإسهاب،
فقال: "إن ما يتحلّى به الإنسان ـ إضافة إلى ما قد أُعطي غيره من الحيوان ـ
الذي مظاهر حياته النمو والنسل والإحساس والتحرّك ـ روح من الله سبحانه، حاملة
لحياة تظهر في صورة علم وإرادة.. فأمّا العلم، فله أسباب ثلاثة، تستخدم النفس كلا
منها لكسب نوع من أنواعه:
الأوّل منها: البصـر، وهو قوّة للنفس، عاملة عن طريق استخدام العين، ترى بها النفس
آيات الله في الآفاق والأنفس، من عالم الشهادة.
والثاني: القلب، (أو الفؤاد)،"[20] وهو قوّة للنفس ـ أيضاً ـ تجعل من
مدركات البصـر أدلّة على ذات الله، وصفاته، وحقائق عالم الغيب الذي هو غائب عن
البصـر، الذي إنما يدرك ما تأخذ العين منه صورة، ممّا له شكل أو لون، فتعرف من
التصوّرات عن ذلك ما فيه الكفاية.
والثالث: السمع،
وهو قوّة للنفس أيضاً، عاملة عن طريق استخدام الأذن، تتلقّى بها ما ليس من عالم
الشهادة، فيراه البصـر، ولا ممّا وراء ذلك فيعرفه القلب، ألا وهو الحكم الربّاني
والشـرع الإلهي، الذي ينزل لينسّق بين حركات الإنسان الاختيارية وحركاته
التسخيرية، وبينها ـ أيضا ـ وبين حركات سائر أجزاء العالم، بعد أن أعطى كل شيء من
المسخّرات ـ في خلقه وبرئه وتصويره وتسويته
وتقديره ـ ما لا تكون الحركة الناشئة منه إلا متناسقة وحركات سائر الأشياء،
وأعطى كل ذي إرادة ما تكون الحركة الناشئة منه ـ التي يرضاها الله، ويأمر بها ـ
متناسقة وتلك الحركات. وتتلقّى بها ـ كذلك ـ هدايات علويّة للبصـر والقلب، لا غنى لها عنها، في قيامهما بما عليهما من
التكاليف.
وبعد هذا الذي يحدث من الانقلاب والتفؤد (التوقّد)، يأني ([21])
لقوّة الإرادة ـ وهي ممّا يتّصف به القلب أيضاً ـ أن تسلّم لربّها الذي له الخلق والأمر تسليماً، وتختار سلوك سبيل الحق
والخير"([22]).
هذا هو جوهر ما قاله الشهيد سبحاني في تحديد مصادر المعرفة
للإنسان في ضوء آيات الكتاب العزيز، ولم أعلم طيلة ملازمتي له أنه قد قرأ كتاباً
معاصـراً حول ما يسمّى بـ(نظرية المعرفة)، سواء ما كتبه (إيمانوئيل كانت)، أو
غيره، أو ما تناوله الباحثون المعاصـرون من تفاصيل تلك النظرية، التي راج الحديث
عنها في العقود الأخيرة. ولكنّه كان يعتمد على آيات القرآن الكريم في تناوله
لموضوع المعرفة، فكان يستدلّ ـ مثلاً ـ بقوله تعالى: [إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ] النجم/٢٣ على أن اليقين
هو معيار في المعرفة، وبقوله:[وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ] يوسف/٧٦. وقوله:
[وما أوتيتُم مِن العِلم إلا قليلا]. الإسراء/٨٥، على نسبية المعرفة"([23])،
وهكذا.
هذا، ولقد كان للشهيد سبحاني ملاحظات على ما قاله العلامة
المودودي في بعض مصنفاته، منها: ما يتعلّق بشرحه لمصطلحات الإله والعبادة والربّ
والدين، في كتابه القيّم (المصطلحات الأربعة في القرآن) ـ الذي كان من أسباب
تحوّله الفكري في أثناء تأثّره بالصوفية-، ومنها: ما يتعلّق بتفسير المودودي
لمقصود الله سبحانه من السمع والبصـر والفؤاد. يرى سبحاني أن العلامة المودودي قد
وقع في خطأ منهجي عندما قال: "المقصود بالسمع إحراز المعرفة السابقة التي
اكتسبها الآخرون. والبصـر: تنميتها بما يضاف إليها من ثمرات الملاحظة. والفؤاد
معناه: تنقيتها من أدرانها، واستخلاص النتائج التي تقدّم بها الإنسان في عالم
الطبيعة"([24]).
صحّح سبحاني ما قاله الأستاذ المودودي، موضّحاً أن الآيات التي تحدّثت عن السمع
والبصر والفؤاد، إنّما حدّدت مصادر العلم والمعرفة للإنسان، وفق التقسيم الذي
أشرنا إليه آنفاً، والذي استند فيه على أدلّة قرآنية كريمة قطعية الدلالة، لا حاجة
في فهمها والاستنباط منها إلى أيّ تأويل بعيد لا تتحمله قواعد لغة القرآن.
ولكن على كلّ حال، هنا
يتبادر إلى الذهن سؤال مفاده: ما محلّ العقل لدى سبحاني، في محاولته الاستقرائية
لتحديد مصادر المعرفة للإنسان؟ هذا ما سأتناوله في الفقرة التالية.
ثالثاً/ توصيف الشهيد للعقل، وحقيقته، وعلاقته بالنفس:
صحيح أن عدداً ممّن اشتهروا بالفلاسفة المسلمين قد ألّفوا
كتباً حول النفس والعقل، والفرق بينهما، وقواهما.. فألّف الفارابي (ت: 339هـ/950م)
كتاباً حول العقل المعقول. وابن سينا (ت:428هـ/1036م) له رسائل حول النفس([25])،
وألّف الكندي (ت:873ه/ 1468م) كتاباً حول النفس.. إلا أنني على يقين بأن العلامة
سبحاني لم يجعل من تلكم الكتب مرجعاً لتحرير موضوع مصادر المعرفة الإنسانية، وتبنّيها، بل أستطيع أن أجزم أنه ـرحمه
الله ـ لم يطّلع على تلك المؤلّفات، اللهم إلا بعض ما كتبه ابن سينا في
ثنايا بعض مصنّفاته، بل إنه استلهم جلّ ما قاله حول الروح والنفس والعقل والقلب من
القرآن الكريم مباشرة، بطريقته الفريدة.
ولكي نَلْمس تميّز تصوّر سبحاني للعقل، وماهيّته، وحقيقته، لا
بدّ من ذكر بعض ما قاله الأقدمون: فالحارث المحاسبي (ت: 243ه/857م) - وهو أقدم من
ألّف كتاباً حول العقل وماهيّته-"([26])، عرّف
العقل بأنّه: "غريزة جعلها الله -عزّ وجلّ- في الممتحنين من عباده، أقام به
على البالغين للحلم الحجّة"([27]).
ثم وصفه بأنّه: "غريزة لا يُعرَف إلا بفعاله في القلب والجوارح، لا يقدر أحد
أن يصفه في نفسه، ولا في غيره، بغير أفعاله"([28]). وذكر
أبو يعلى الفرّاء (ت: 458هـ/1065م)- في سياق إثبات الإمامة، وأن طريق وجوبها السمع
لا العقل-: "أن العقل لا يعلم به فرض شيء ولا إباحته، ولا تحليل شيء ولا
تحريمه"([29]).
وأكثر من كتب عن العقل من (الفلاسفة) المسلمين الفارابي، الذي
فصّل الحديث عنه في (المدينة الفاضلة)، فلقد قسّم العقل الإنساني إلى عقل عملي
وعقل نظري. ثمّ قسّم العقل النظري إلى: عقل بالقوّة، وعقل بالعقل، وعقل مستفاد،
وربط العقل المستفاد بالعقل الفعّال، لكي تحصل المعرفة الإنسانية([30]).
هذا، ولقد اعترف الغزّالي بأنه "يقلّ في فحول العلماء من يحيط بهذه الأسامي:
(الروح، والنفس، والقلب، والعقل)، واختلاف معانيها، وحدودها، ومسمّياتها. وأكثر
الأغاليط منشؤها الجهل بمعنى هذه الأسماء، واشتراكها بين مسمّيات مختلفة"([31]).
بين هؤلاء وأولئك، يستدلّ سبحاني بآيات قرآنية عديدة على أنّ
العقل ليس غريزة، كما قال الحارث المحاسبي، وليس مخلوقاً مستقلاً بذاته، كما توهّم
الفلاسفة، بل هو فعل من أفعال قوّة القلب، ولهذا لم يرد لفظ (العقل) - كاسم وبصيغة
مصدر - قطّ، في جميع الموارد القرآنية
التي أشير فيها إلى مشتّقات العقل بصيغ الفعْل فقط. ممّا يؤكّد أن العقل في
التصوّر القرآني ليس له ماهيّة قائمة بذاته، ولا يمثّل إلا وظيفة من وظائف قوّة
القلب، ليس إلّا. قال تعالى: [يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ
مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ] البقرة/٧٥. ولقد وردت صيغ: (يَعقِلون)، و(لا يَعقلون)،
و(يعقلها)، و(تعقلون)، في (49) آية، وباستقراء الآيات تلك يتبيّن أن العقل هو
إعمال قلبيّ ووظيفة قلبية، كغيرها من الوظائف الأخرى، التي أشير إليها في آيات
صريحة، كالتفقّه في مثل قوله تعالى: [لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا] الأعراف/١٧٩. والتدبّر، في مثل قوله: [وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو
الْأَلْبَابِ] ص/٢٩، وقوله: [أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ
أَقْفَالُهَا] محمد/ ٢٤، والتفكّر، في مثل قوله تعالى: [يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ
الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ] البقرة/٢١٩، والتذكّر، في مثله قوله:
[إنّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ] الرعد/١٩. ولم يذكر القرآن العقل كعضو
أو جوهر مستقلّ بذاته، ولم يعز أيّ صفة عقلية، أو فعل عقلي، إلى شيء اسمه الدماغ -
كما يرى كثير من المعاصـرين - بل عزاها إلى القلب، تلك اللطيفة المدركة، التي هي
إحدى قوى النفس البشـرية، لا باعتباره الغدّة
الصنوبرية الواقعة في الجانب الأيسـر من صدر الإنسان. ويمكن أن نستأنس لهذا الأمر
بأنّه ـ على ما أعلم ـ لم يرد في أيّ حديث صحيح عن رسول الله - صلوات الله عليه - لفظ العقل بصيغة الاسم، اللهم إلا
ما ورد بمعنى الدية.
والدليل القرآني الصريح الذي كان يستند إليه العلامة سبحاني
على أنّ العقل ليس إلا فعلاً من أفعال القلب، قوله تعالى: [أَفَلَمْ
يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ
بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ
وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ] الحج/46، فكان يستند إلى
مدلول لفظ العقل، الذي يعني الضبط والإمساك، حيث فاعل الضبط وعامله هو القلب،
والفعل هو التعقّل، الذي يقوم به في أيّ أمر ينوي مسكه وضبطه"([32]).
قال الراغب: "أصل العقل: الإمساك والاستمساك، كعقل البعير بالعقال، ويقال:
عقلت المرأة شعرها"([33]).
ولم أر قولاً للعلماء قريباً لما قاله سبحاني، غير قول ابن
القيّم، الذي عرّف العقل بقوله: "هو ضبط ما وصل إلى القلب، وإمساكه حتى لا
يتفلّت منه"([34])،
ولكنّه أنهى الكلام عند هذا الحدّ، دون توضيح.
وقال الشوكاني في تفسير قوله تعالى: [لَهُمْ قُلُوبٌ
يَعْقِلُونَ بِهَا] الحج/٤٦: "أسند التعقّل إلى القلوب، لأنّها محلّ العقل،
كما أن الآذان محلّ السمع. وقيل: إنّ العقل محلّه الدماغ، ولا مانع من ذلك، فإنّ القلب هو الذي يبعث على
إدراك العقل، وإنْ كان محلّه خارجاً عنه"([35]).
إذنْ تأكّد - كما قلنا - أنّ العقل هو عمل من أعمال القلب،
والقلب هو أحد القوى الرئيسة التي زُوّدت بها النفس التي تقوم بوظائف عدّة عن طريق
قواها. لذا لا يمكن وصف العقل بأنه مصدر من مصادر المعرفة، إلا بالاعتبار المذكور،
أيْ كونه عملاً قلبياً فقط.
أمّا المعاصـرون،
فيرون أن العقل وصف لوظيفة من وظائف الدماغ البشـري، ليس إلا. إذنْ، فهو ظاهرة
تتعلّق بعلم النفس، ولكن كيف يقوم الدماغ بهذه الوظيفة؟ وأيّ جزء في الإنسان ـ
تحديداً ـ يساهم في تكوين العقل؟، فلا تزال هذه الأمور محلّ خلاف"([36]).
وهذا الخلاف جعل كثيراً من الفلاسفة المعاصـرين يسلكون مسلكاً خطيراً، جعلهم
يتصوّرون العقل مصدراً للمعرفة، ومن ثمّ يعتبرون الخوض في عالم ما وراء الشهادة -
ما يسمّونه (ميتافيزيقيا)، أو ما وراء الطبيعة - عملاً لا فائدة فيه، حيث لا يمكن
إخضاع ذلك العالم لتفحّص العقل. ولكونهم لم يصلوا إلى كشف مصدر معرفي بديل عن
العقل، اضطروا أن يلجؤوا إلى العلم التجريبي الذي ولّد (الفلسفة الوضعية) المعادية للغَيْب، ومن ثمّ لم يبق أمامهم إلا خيار
الإنكار، إنكار كلّ ما لا يخضع لقوانين المشاهدة والتجربة.
رابعاً/ السمع وحده هو مصدر تلقّي الأحكام الأساسية:
قلنا -في الفقرة الثالثة من هذا المبحث- أن سبحاني أشار إلى أن
الإنسان يتميّز عن غيره من المخلوقات بقوّتين عظيمتين، هما: العلم والإرادة. وقلنا
إن للنفس البشـرية ثلاث وسائل لتلقّي العلم، هي: السمع، والبصـر، والفؤاد. وأوضحنا
رأيه في أن الإنسان يرى آيات الله في الآفاق، وفي الأنفس، عن طريق البصـر والقلب،
ولا يمكنه أن يتلقّى الأحكام والقيم إلا عن طريق السمع، الذي هو وعاء أخذ ما يمليه
الوحي([37])
الإلهي، عن طريق أنبيائه -عليهم السلام-.
دعنا ننتقل مباشرة إلى ما قاله الشهيد في هذا الصدد، قال - في
مورد الردّ على الفلاسفة، الذين وقعوا في التيه، برأيه -: "بما أنّ الإنسان
جزء من جهاز هذا الكون العظيم، لا بدّ أن تتناغم حركته مع حركة سائر أجزاء هذا
الكون، ومنسجماً وأسرار خلقته وفطرته. وبما أنّه لا يعلم كثيراً عن حركات هذا
الكون، لا بدّ أن يتلقّى الهدى من خالقه العظيم وحده، الذي هو بكلّ شـيء محيط.
ولهذا نرى أن كلّ من حاول أن يحصل على التصوّرات، أو على علوم عالم الشهادة والغيب
- بمن فيهم من يسمّون بالفلاسفة، وغيرهم - لم يحصلوا على شـيء يذكر، بل أكثر ما
حصلوا عليه، وتوصّلوا إليه، غير صحيح، والقليل من الحقّ الذي توصّلوا إليه لم
ينجهم من الحيرة والتّيه والضلال، الذي فارق معظمهم الدنيا عليه. ولهذا تكفّل الله
صون عباده - برحمته - بأمرين، أوّلهما: إرسال كلّيّات الأحكام مهيّأة ليتلقّاها
الإنسان عن طريق سمعه. وثانيهما: إرسال مجموعة تعليمات وهدايات لقوّتي البصـر والقلب،
لتوجيههما بما عليهما القيام به، لكي يشاهدوا آيات الله في الآفاق، وفي الأنفس،
كقوله تعالى: [أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى
السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى
الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)]
الغاشية: 17ـ20. وهذا يمثّل أكثر آي
القرآن، حيث يتكوّن مقدار (1/13) فقط من القرآن من آيات الأحكام، وبقيّتها هدايات
وتعليمات ترشد قوى الإنسان، وتوجّهها"([38]).
ولقد أبدع سبحاني في تسمية ما يتحقّق للإنسان من المعلومات عن
طريق قوّة البصـر، فاقترح أن تبدّل تسمية (العلوم التجريبية) بـ(العلوم البصـرية)،
أو (البصـريات)، لكون البصـر يعرّف الإنسان بعالم الشهادة، وبالسنن والقوانين
الحاكمة عليه"([39]).
وحول قوّة السمع، التي هي إحدى قوى النفس البشـرية، قال: "أمّا قوّة (السمع)،
فهي قوّة للنفس ـأيضاًـ عاملة عن طريق استخدام الأذن، تتلقّى بها ما ليس من عالم
الشهادة، فيراه (البصـر)، ولا ممّا وراء ذلك، فيدركه (القلب)، ألا وهو الحكم
الربّاني، والشرع الإلهي، الذي ينزل لينسّق بين حركات الإنسان الاختيارية، وحركاته
التسخيرية، وبينها – أيضاً - وبين حركات سائر أجزاء العالم، بعد أن أعطي كلّ شيء
من المسخّرات - في خلقه، وبرئه، وتصويره، وتسويته، وتقديره - ما لا تكون الحركة
الناشئة منه إلا متناسقة وحركات سائر الأشياء، وأعطى كلّ ذي إرادة ما تكون الحركة
الناشئة منه - التي يرضاها الله، ويأمر بها - متناسقة وتلك الحركات، وتتلقّى بها
-كذلك- هدايات علوّية للبصـر والقلب، لا غنى لهما عنها في قيامهما بما عليهما من
التكاليف"([40]).
ولقد أشار سبحاني - استكمالاً للموضوع - إلى بعض
الأمور الأخرى، كالإلهام([41]) والحدس والكشف([42])،
وغيرها، ممّا أثارته بعض المصادر الصوفيّة، فقال: "المكاشفات ـ عند أهل الطريقة
ـ وما يشبهها من الرياضات، التي يقوم بها بعض الأقوام من غير المسلمين، أو التنويم (المغناطيسي)، أو غيرها من هذا القبيل، فليست
مصدراً للعلم، أو معرفة الغيب، كما
يزعم أصحابها. كلّ ما في الأمر هو أنّه يمكن أن يحصل الإنسان، عن هذه
الطرق، على أمور ظنّية غير يقينية، بصـرف النظر عن أن صاحبه اعتبره يقيناً، أو لا، لأنّ ظنّه أنّه على يقين، هو بسبب ضعف
تبيّنه فقط.
على كلّ حال، من المؤكّد أنّ كلّ علم حاصل عن مثل هذه الطرق لا
يعطي يقيناً جازماً، وإنْ ادّعى أصحابه ذلك، بل يعطي ظنّاً"([43]).
أمّا حول الإلهام، وكونه مصدراً للعلم والمعرفة، أو لا، فقال: "هذا - أي ما
ذكرناه سابقاً - لا يعني إنكار وقوع بعض الأمور في قلوب أهل التقوى، في حالة صفاء
روحي عالٍ، في صورة إلهام، سواء فيما يتعلّق بمعلومات حول الأمور العابرة في زمن
الماضي، أو ما يتعلّق بزمن المستقبل، أو حول أيّ أمر بعيد عن أنظار الناس. ولكن
ينبغي أن يُعلم أن الإلهام أيضاً لا يعطي إلا الظنّ.. ومن المؤكّد أن قلوب أهل
التقوى – ممّن تنزّهت قلوبهم عن حبّ التعلّقات المادية والمتاع الدنيوي- أكثر
استعداداّ لتلقّي الخواطر، ولكن كلّ ما ينتج عنها ليس علماً، ولا يعطي يقيناً. ولهذا،
لا تعتبر مثل هذه الأمور في الشـريعة مصدراً علمياً، ولا يستنبط منها حكم شـرعي،
ولا ينبنى عليها تحريم، أو تحليل، أو فدية ..إلخ، كلّ ما في الأمر أنها قد تؤتي
بشارة، كما سمّى رسول الله - صلى الله عليه وبارك- بعض الأحلام مبشـّرات"([44]).
[1]- الوجودية: مذهب فكري وتيار لاعقلاني في الفلسفة، نشأت كردّ فعل
على عقلانية عصـر التنوير، ولها شكلان: الوجودية الدينية المؤمنة بالله، والوجودية
اللادينية، التي تنكر الدين والغيب. والوجودية مذهب يغلو في قيمة الإنسان، ويبالغ
في التأكيد على تفرّده، وأنه لا يحتاج إلى موجّه. مؤسّس هذا الاتّجاه (سورين كيركجورد) (1813-1855م)، ومن زعمائه المشهورين:
الفيلسوف الفرنسـي (جان بول سارتر). (انظر: تاريخ الفكر الأوروبيّ
الحديث، تأليف: رونالد سترو مبرج، ترجمة: أحمد الشيباني، دار القارئ العربي،
القاهرة، ط 3، 1415هـ/1994م، ص: 778. وكذلك: نعمان السامرائي، مباحث في الثقافة
الإسلامية).
[2]- انظر: الفراهيدي، أبو عبد الرحمن، الخليل بن أحمد (ت 175ه/791م)،
العين، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط2، 1426هـ/ 2005م، 624. والرازي، مختار
الصحاح، 427. والفيروز آبادي، قاموس
المحيط، 1081.
[3]- ابن الأثير: مجد الدين، أبو السعادات، المبارك بن محمد الجزري
(606هـ/ 1209م)، النهاية في غريب الحديث والأثر، الدمّام، دار ابن الجوزي،
ط 5، 1430هـ/2008م، 608.
[5]- الرازي، مختار الصحاح، ص: 427.
[20]- أوضح الشهيد في مواقع عديدة الفرق بين القلب والفؤاد، فقال -
مثلاً -: "سُمّيَ القلب قلباً، باعتبار كون كسب المعلومات يسبّب تقلّباً
وتغيّراً في الإنسان، وسمّي فؤاداً - وهو من الفأد، بمعنى الحرق - باعتبار كون المعلومات
الحاصلة عن طريقه معلومات متفاعلة غير جامدة، لا كالتي يحصل عليها الإنسان غير
الكامل، أي: يشعل في الإنسان جذوة الرغبة والرهبة تجاه ربّه سبحانه". انظر: ناصر سبحاني، دروس في شرح الأسماء الحسنى،
الدرس الثاني.
[22]- ناصر سبحاني، أسس التصوّرات القيم، 87-88. وكذلك انظر له:
رسالة في علوم الحديث، 14، والولاية والإمامة، 17-18.
[25]- انظر: القفطي، أخبار الحكماء، ص: 279. وتيسير شيخ الأرض، المدخل
إلى فلسفة ابن سينا، بيروت، 1967، ص: 384، نقلاً عن: (شاخت) و (بورزوث)، تراث
الإسلام، ترجمة: حسين مؤنس وإحسان هدفي، 2/72.
[30]- انظر: الفارابي، أبو نصـر، محمد بن محمد، الخراساني، (-339ه/950م)،
آراء أهل المدينة الفاضلة، بيروت، دار المشرق، ط 8، 1423ه/2002م، ص 101.
[32]- أكّد على ذلك في كثير من كتبه ورسائله. انظر مثلاً: مذكرة في
علوم الحديث، ص14، وأسس التصوّرات والقيم، ص 87.
[37]- الوحي في اللغة هو: الإشارة والإلهام، أو الكتاب والرسالة. قال
ابن فارس: "أن الواو والحاء والحرف المعتل، أصل يدلّ على إلقاء علم من أحد
لغيره. وكلّ ما ألقيته إلى غيرك، فعلمه، فهو وحي. (معجم مقاييس اللغة، مادة
(وحي). والوحي في الاصطلاح هو: إرسال الله كلامه لأحد من أنبيائه، بطرق مختلفة،
قال تعالى: [وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ
مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ
إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ] الشورى/٥١.
[41]- الإلهام: "إلقاء الشيء في الروع، ويختصّ ذلك بما كان من جهة
الله وجهة الملأ الأعلى"، (الراغب، مفردات ألفاظ القرآن، ص 74). ويعتبر ابن
سينا الحدس ثمرة الإلهام. وللصوفيّة مصطلحات أخرى قريبة من هذه، كالإشراق والذوق
والبصيرة، شرحها الجرجاني في تعريفاته.
[42]- الكَشف هو ـ عند الصوفيّة ـ رفع الحجاب إثر رياضة طويلة. بينما
الحدس: سرعة انتقال الذهن من المبادئ إلى المطالب. (الجرجاني، تعريفات، 83).
منشور في مجلة الحوار | العدد 171 – 172 | صيف 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق