01‏/07‏/2020

الفكر النقدي المقاصدي عنـد الإمـام الشـاطبي


د. أمين حجي محمد أمين الدوسكي
  تمهيد
 الحمد لله الذي خصّ شكره بحمده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد،
مفهوم النقد قد تبلور في ظل عملية التفكّر، وهو إعمال العقل لأجل الوصول إلى الحقّ؛ وقد حثّ الله تعالى في آيات كثيرة على التفكّر والتذكّر والتعمقّ(1).
     ومن طرق التفكّر الصحيح العلم، وقد رفع الله قدر العلم، وأهله، وجعله رديف الإيمان، فقال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾، المجادلة:11، وفي السنة النبوية: (طلب العلم فريضة على كل مسلم)([2])؛ فبالعلم يميّز نور المعرفة من دامس ظلام الجهل المؤدّي إلى الهلاك.
 ومن معالم الفكر النقدي العلمي في الإسلام: العملية الاجتهادية التي رسمها الشـرع الحنيف، وذلك أن الأدلة
الشـرعية محصورة معدودة، والمستجدات غير متناهية وغير محدودة، ولكن الأدلة الشـرعية تنطوي على معان كليّة، وضوابط أصولية؛ تهيمن على النوازل المستجدة، من جهة مقتضى الشريعة([3]). وهذا سـرّ مقولة صلاحية الشـريعة لكلّ زمان ومكان؛ فكانت معدودية تلك الأصول، والمنطوية تحتها معان كليّة مهيمنة على الحوادث المستجدة؛ سببًا في إبراز العمل الاجتهادي لتنزيل فقه النوازل على تلك الأصول. وما إن برز؛ بعملية لحوق الفروع بالأصول؛ القياس، والذي يعتبر مادة الاجتهاد، فكانت العملية الاجتهادية بابًا من أبواب النقد الفكري على صعيد الاجتهاد في معرض النص الظاهر والمجمل والمشكل، وعلى صعيد القياس، والأدلة المختلف فيها، كالعرف والاستصحاب والمصلحة المرسلة وغيرها.
وأول من أصّل مفهومه الاصطلاحي، والكلي، وربط الجزئيات به: إمام الحرمين الجويني، في كتابيه: (البرهان في أصول الفقه)، و(غياث الأمم في التياث الظلم)، حيث يصرح لمفهوم مقاصد الشريعة بلفظه الاصطلاحي في قوله لمن يقول بأنه: "لا غرض للشارع في تخصيص التكبير، وفي الاستمرار عليه... فقد نادى على نفسه بالجهل بمقاصد الشـريعة"([4]). ويقصد بلفظ التكبير (الله أكبر) في الصلاة، لأن الأحناف يجوّزون تبديله بغيره من الألفاظ، لأنه أمر وفاقي عندهم، وليس توقيفياً.
وهو الذي أصَّل للكليات الثلاث: الضـروريات، والحاجيات، والتحسينيات([5])، في كتابه (البرهان)، وقعّد في ضوئها جزئيات من المعاملات؛ كالبيع، والإجارة، ومن الحدود، كالقصاص([6]).. وكتبه التي بيّن فيها مفهوم مقاصد الشـريعة، وكليّاتها، هي كتب أصولية فقهية؛ وكأن مقاصد الشريعة جزء لا يتجزأ من أصول الفقه، وليس بعلم مستقل. ولذلك اتّبع العلماء الذين أتوا بعده، وخاضوا في بيان معالم مقاصد الشـريعة، نفس منهج الجويني؛ فلم يفردوا للفكر المقاصدي في كتاب، أو جزء من كتاب؛ بل نثرو مواضيعه في كتب أصول الفقه، والسياسة الشرعية؛ حتى مجيء الإمام الشاطبي الغرناطي، في القرن الثامن الهجري، فأسّس نظريته المقاصدية في كتابيه: (الموافقات)، و(الاعتصام)، وخصّص جزءًا مستقلاً من (الموافقات) لها.
هيكل البحث:
يشتمل هيكل البحث على الآتي:
مشكلة البحث. أسئلة البحث. أهداف البحث. محاور البحث.
مشكلة البحث.
تكمن مشكلة البحث في جريان تطبيق الشـرع، أو الاجتهاد، في أدلّته، والاستنباط منه؛ حومًا حول جزئياته فحسب؛ بعيدًا عن كلّياته وأصوله وقواعده المقاصدية.

أسئلة البحث: تتضمن أسئلة البحث ما يلي:
1.       ما مفهوم الفكر النقدي المقاصدي؟
2.       ما مفهوم مقاصد الشريعة؟
3.       ما مضامين الفكر النقدي المقاصدي، التي تحلّ بها مشكلة اجتزاء الفروع من كلّياتها؛ ومحاولة الجمع، ودفع التعارض بينهما؟

أهداف البحث: البحث يهدف إلى بيان النقاط التالية:
1.       مفهوم الفكر النقدي المقاصدي.
2.       مفهوم مقاصد الشريعة.
3.       مضامين الفكر النقدي المقاصدي عند الإمام الشاطبي، ومعالمه، الناجعة في حلّ مشكلة اجتزاء الفروع من كلّياتها، وذلك بعملية الجمع والتوفيق، ودفع التعارض بينهما.

محاور البحث:
المحور الأول: الجمع بين كلّيات الشريعة وجزئياتها، والفكر النقدي المقاصدي عند الإمام الشاطبي.
المحور الثاني: تطبيقات توفيقية للجمع بين الكليات والجزئيات، وما يؤول إليها الحكم.
المحور الثالث: درء التعارض بين الكليات والجزئيات، في ضوء الفكر النقدي المقاصدي.
المحور الأول
الجمع بين كليات الشريعة وجزئياتها، والفكر النقدي المقاصدي عند الإمام الشاطبي.

أولًا: مفهوم الفكر والنقد ومقاصد الشريعة.
ثانيًا: مفهوم الفكر النقدي المقاصدي.
ثالثًا: القصد من الجمع بين كليات الشريعة وجزئياتها.

أولًا: مفهوم الفكر والنقد ومقاصد الشريعة.
فالفكر هو: إعمال العقل للوصول إلى معمول([7]).
والنقد هو: التمييز بين جيّد الشيء ورديئه([8]).
تعريف مقاصد الشريعة، لغة واصطلاحًا:
 المقاصد في اللغة: من القصْد، وهو استقامةُ الطّريق. وقصد يقصِدُ قصداً، فهو قاصِدٌ. والقصْد: ألا تسرف ولا تقتر. وفي الحديث: (ما عال مقتصدٌ، ولا يعيل)([9]).
والشريعة في اللغة من الشرع، وهو الطريق المشـروع([10]). وفي الاصطلاح: هي الائتمار بالتزام العبودية([11]).
ومقاصد الشـريعة اصطلاحًا: "الحِكم التي أرادها الله من أوامره، ونواهيه، لتحقيق عبوديّته، وإصلاح العباد في المعاش والمعاد"([12]).
فلله في أوامره؛ سواء كان الأمر للوجوب أو الاستحباب، ونواهيه؛ سواء كان النهي للتحريم أو الكراهة([13])، حِكم وأسرار لمقصدين أساسين، عليهما حقيقة الحياة، وهما: أوّلًا: لتحقيق عبودية العباد، وخضوعهم له، وفقرهم إليه. وثانيًا: لإصلاح حال العباد؛ المعيشية، والأخلاقية، والسلوكية، بها.

ثانيًا: مفهوم الفكر النقدي المقاصدي.
فالفكر النقدي المقاصدي هو: إعمال العقل في العملية الاجتهادية؛ للوصول إلى الحكم الشرعي، بعد التمييز بين ما هو مقصود للشارع، ممّا هو ليس بمقصود له، أو هو مقصود له بالتبع لا بالأصل.
مثاله: قوله صلى الله عليه وسلم: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم؛ فإنما أهلك الذين من قبلكم: كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم"([14]).
فممّا يوصل إلى الحكم الشرعي في أصل الترك، وهو العفو وعدم التحريم في فعله؛ بعد التمييز بين قصد الشارع في الحديث، ممّا ليس من قصده، الذي هو إفادة التحريم فيما لم يلق من المسألة جوابًا من الشارع بالفعل؛ يبيّنه ما جاء في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أيّها النّاس، قد فرض الله عليكم الحجّ، فحجّوا". فقال رجل: أكلُّ عام، يا رسول الله؟ فسكت، حتّى قالها ثلاثًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم"، ثم قال: "ذروني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه"([15]).
فبيَّن الحديث قصد الشارع من الترك، غير المبيّن فعله أو تركه من قبله؛ أنه باقٍ على أصل الإباحة وجواز الفعل؛ حتّى يأتي من الشـرع دليل عليه بالفعل، أو الترك. ويبيّنه آخر الحديث: "فإذا أمرتكم بشيء، فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه".
وبالرجوع إلى أئمّة الفكر المقاصدي؛ كالجويني، والغزالي، والعزّ بن عبد السلام، والشاطبي، والطاهر ابن عاشور، رحمهم الله؛ لا تجد أنهم جعلوا سكوت الشارع، في كتبهم، طريقًا ومسلكًا يبيّن من خلاله قصد الشارع في أوامره ونواهيه. وما تقوّل عنهم، خصوصًا ما يتعلّق بالشاطبي، فلا تجده مصـرّحًا به، لا في الموافقات ولا الاعتصام([16])؛ ولا ينسب للساكت قول، سواءً كان لفظًا أو كتابةً، إذا لم يرد نصّاً عن صاحبه. أمّا ابن عاشور، فلم يدخله ضمن طرق معرفة قصد الشارع؛ ممّا يدل أنه باق على مبناه، وهو السكوت، إلا أن ينطقه حكم شرعي؛ من أمر أو نهي. 
وهذا أصل عظيم من أصول الشرع، قد وقع الكثير من النّاس، بسبب الجهل به، في التنطّع والتشدّد، بتحريم وتبديع ما أصله الإباحة وجواز الإتيان به في العبادات؛ بله في المعاملات.
ومثال ما هو مقصود للشارع بالتبع لا بالأصل، قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ سورة (الجمعة: 9).
فقصد الشارع الأصلي في الآية، هو الحثّ على البكور إلى صلاة الجمعة، وحضور النفس، والهيئة، لها، وعدم الانشغال بأمور الدنيا حينها. والقصد التبعي له فيها، هو: ترك البيع وقت النداء، لأن فعله وسيلة إلى هدر الغاية والقصد الأساس من الآية؛ وهو الحضور من يوم الجمعة لسماع الخطبة، والقيام بالصلاة.. وتباعًا على القصد التبعي، بنى الفقهاء أحكامًا فقهية عليه، منها: هل النهي في الآية يجرّ عقد البيع إلى البطلان؟ أم هو للإثم والحرج لا غير؟ وإذا لم يعدْ على الأحكام المبنيّة على القصد التبعي بالبطلان، والنيل من الأحكام المبنيّة على القصد الأصلي، فلا بأس، والله أعلم.

ثالثًا: القصد من الجمع بين كليات الشريعة وجزئياتها.
والقصد بالجمع بين الكليات والجزئيات الشـرعية؛ الجمع بين الأدلة المستقرأة من جزئيات، والتي أفادت مدلول الكلّيات القطع بها؛ كالضروري، والحاجيّ، والتحسيني، مثل: (الضـرورات تبيح المحظورات)، و(تقدّر بقدرها)، و(المشقة تجلب التيسير).. وهناك الكلّيات النصّيّة العامّة، كقوله تعالى: ﴿إنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدْلِ وَالإحْسَان...﴾ (النحل: 90)، وقوله: ﴿إن الله يَأمُرُكُمْ أنْ تُؤَدُّوا الأمانَاتِ إلَى أهْلِهَا وَإذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْل...﴾ (النساء: 58)، و﴿وَأوْفُوا بِالعُقُود﴾ (المائدة: 1) و﴿وَأوْفُوا بِالعَهْد﴾ (الإسراء: 34) و﴿الاَّ تَزِرُوا وَازِرَةٌ وِزْرُ أخْرَى﴾ (النجم: 38)، وفي الحديث: (لا ضرر ولا ضرار)، (إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرّماً، فلا تظالموا)، (إن الله كتب الإحسان على كلّ شيء)، (إنّما الأعمال بالنيّات).
فيجب الجمع بين هذه الكلّيات، وبين تلك الأجزاء؛ التي بجمعها، ولمِّ شتاتها، أعطت الكلّي منه صورة قطعية ثابتة الحكم.
فمعرفة حقيقة الجزئي، ومفاده العلمي، لا يرى إلا من خلال الأدلة الكلّية. وكذلك الكلّي بدون الجزئي لا حقيقة لوجوده إلا في الأذهان والعقول؛ لا الخارج الواقعي.. ومفاد القول بالجمع بينهما؛ أنه لا يجوز الاستغناء في استنباط الأحكام الشـرعية من الأدلّة التفصيلية وحدها، دون الرجوع إلى القواعد الأصولية المقصودة للشارع، وكذلك لا يجوز الركون على القواعد، بدون عرضها على التفصيليات، فثمرة الاجتهاد التكاملي موقوفة على معيّة الجمع بين الكليات والجزئيات، وهذا نوع من ضروب الاجتهاد المقاصدي([17]).
يقول الإمام الشاطبي: "لمّا انبنت الشريعة على قصد المحافظة على المراتب الثلاث من الضروريات والحاجيات والتحسينات، وكانت هذه الوجوه مبثوثة في أبواب الشـريعة، وأدلّتها، غير مختصّة بمحلّ دون محل، ولا بباب دون باب، ولا بقاعدة دون قاعدة؛ كان النظر الشرعي فيها أيضًا عامًا، لا يختصّ بجزئية دون أخرى؛ لأنها كلّيات تقضـي على كل جزئي تحتها... وليس فوق هذه الكلّيات كلّيّ تنتهي إليه، بل هي أصول الشـريعة، وقد تمّت، فلا يصحّ أن يفقد بعضها، حتّى يفتقر إلى إثباتها بقياس، أو غيره، فهي الكافية في مصالح الخلق، عموماً وخصوصًا؛ لأن الله تعالى قال: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُم﴾ (المائدة: 3)، وقال: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِيْ الكِتَابِ مِنْ شَيء﴾ (الأنعام: 38)، وفي الحديث: (تركتكم على الجادة)([18])، وقوله صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: (لا يهلك على الله إلا هالك)([19]).
وإذا كان كذلك، وكانت الكلّيات - والتي هي أصول الشريعة - فما تحتها من الجزئيات، مستمدّة من تلك الأصول الكلّية؛ فمن الواجب اعتبار تلك الجزئيات بهذه الكلّيات، عند إجراء الأدلّة الخاصّة من الكتاب والسنّة والإجماع والقياس.
وإشكالية النقد المقاصدي عند الإمام الشاطبي تتبلور هنا - عند من يقوم بالعملية الاجتهادية، أو الفتوى- عند استنباط الأحكام، أو عرض مسألة شرعية، مستندًا إلى جزئيات الشريعة، معرضًا عن كلّياتها، وكأنّها مستغنية عنها، أو الذي يأخذ بالكلّي تاركاً الجزئي.. والعملية الأولى أقرب ما يكون هدم الكلّي بالجزئي، فيكون هدمًا للشـريعة. والعملية الثانية هي ابتناء للأحكام على الفكر الذهني غير الموجود في الخارج، فيكون وهمًا؛ لأن بدون الجزئي لا وجود للكلّيّ.
يقول الشاطبي: "محال أن تكون الجزئيات مستغنية عن كلّياتها... وكما أن من أخذ بالجزئي معرضًا عن كلّيه، فهو مخطئ، كذلك من أخذ بالكلّي معرضاً عن جزئيّه"([20])، وبيان ذلك:
1.       أن تلقّي العلم بالكلّي إنّما هو من عرض الجزئيات، واستقرائها. فالكلّي؛ من حيث هو كلّي، غير معلوم لنا قبل العلم بالجزئيات، لأنه ليس بموجود في الخارج، وإنما هو مضمّن في الجزئيات([21]). 
2.       الجزئي لم يوضع جزئيًا إلا لكون الكلّي فيه على التمام، وبه قوامه. فالإعراض عن الجزئي؛ من حيث هو جزئي، إعراض عن الكلّي نفسه([22]).
3.       أن الإعراض عن الجزئي جملةً، يؤدّي إلى الشكّ في الكلّي، من جهة أن الإعراض عنه إنّما يكون عند مخالفته للكلّي، أو توهّم المخالفة له. وإذا خالف الكلّي الجزئي، مع أنّنا إنّما نأخذه من الجزئي، دلّ على أن ذلك الكلّي لم يتحقّق العلم به...  وهذا كلّه يؤكّد لك أن المطلوب المحافظة على قصد الشارع([23]). 
4.       إذا ثبتت بالاستقراء قاعدة كلّية، ثم أتى النصّ على جزئي يخالف القاعدة، بوجه من وجوه المخالفة، فلا بد من الجمع في النظر بينهما([24]).
5.       لو أعرض عن الجزئيات بإطلاق، لدخلت مفاسد، ولفاتت مصالح، وهو مناقض لمقصود الشارع، ولأنّه من جملة المحافظة على الكلّيات، لأنها يخدم بعضها بعضاً.. وقد علم أن بعضها قد يعارض بعضاً، فيقدّم الأهم حسبما هو مبيّن في كتاب الترجيح والنصوص والأقيسة المعتبرة([25]).
المحور الثاني
تطبيقات توفيقية للجمع بين الكلّيات والجزئيّات، وما يؤول إليها الحكم.
وقد ضرب للجمع التوفيقي بين الكلّيات وجزئيّاتها؛ في حفظ النفس والدين والمال من الضروريات، والذي يستلزم العلم بجهة الحفظ؛ لئلا يؤدّي إلى الإخلال بها، أو مكمّلاتها. مثال:
1.      يجب القصاص بالقتل بالمثقل، وفق قصد الشارع في تثبيت القصاص حفظًا للحياة، ولو اقتصر على المحدّد لم ينسدّ باب القتل. وهذا مخالف لقصد الشارع([26]).
2.      إقامة الصلاة بتمامها ضروري، ورخصة القصـر والجمع، وعدم القيام للمريض، فيها، حاجيّ. فجمع الشـرع بين الضـروري (حفظ الدين)، والحاجيّ (رفع الحرج)، وفق قاعدة: المشقة تجلب التيسير.. وهكذا مع الرخص الأخرى([27]).
3.            الغرر مدفوع بقاعدة حفظ المال، وهو من الضـروري.. وبيع السلم مخصّص منه، وفق قاعدة رفع الحرج، وهو من الحاجي([28]).
4.      الربا مدفوع بقاعدة حفظ المال، وغيره، وبيع العرايا مخصّص دفعًا للحرج، فجمع بين الأصل والتبع، لأنهما مكمّلان للبعض. يقول الشاطبي: "إن تلك المراتب الثلاث يخدم بعضها بعضاً، ويخصّ بعضها بعضًا. فإذا كان كذلك، فلا بد من اعتبار الكلّ في مواردها، وبحسب أحوالها"([29]).


المحور الثالث
درء التعارض بين الكلّيات والجزئيّات في ضوء الفكر النقدي المقاصدي.
وقد مثّل الإمام الشاطبي، عند حصول التعارض بين الكلّيات والجزئيات، بخبر الواحد مع كلّيّات الشريعة.
فخبر الواحد يعتبر من الأدلّة الظنيّة في وروده، وفي دلالة بعض معانيه. وهو عند الشاطبي من الأدلّة التوفيقية؛ إذا كملت شـروط صحته. فهل يجب عرض هذا الظنّي على الكلّي، فإن وافق قبل، وإلا رُدَّ؛ أم لا؟ عند الإمام الشافعي لا يجب، وعند عيسـى بن أبان يجب. وقال الشاطبي: وللمسألة أصل عند السلف الصالح. وإليك بعض الأمثلة في ردّ الجزئي بالكلّي، والظني بالقطعي:
1.      حديث: (إن الميّت ليعذّب ببكاء أهله عليه)([30])، رواه ابن عمر رضي الله عنهما، وردّت عائشة رضي الله عنها هذا الحديث، لقوله تعالى: ﴿ألا تزر وازرة وزر أخرى وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى﴾ (النجم: 38-39)([31]).. كما أهمل الإمام مالك اعتبار حديث (من مات وعليه صيام، صام عنه وليّه)، و(أرأيت لو كان على أبيك دين)، لمنافاته لذلك الأصل القرآني الكلّي([32]) .
2.      وردَّت أم المؤمنين عائشة حديث رؤية النبي لربّه ليلة الإسراء([33])، لقوله تعالى: ﴿لا تدركه الأبصار﴾(الأنعام: 103). ورُدَّ على النافين بأن أدلّة الرؤية مشفوعةٌ بأدلّة أخرى قطعية، وهي الرؤية يوم القيامة، ولا فرق في صحّة الرؤيا في الدنيا والآخرة([34]).
3.            وردَّت هي وابن عباس خبر أبي هريرة (في غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء)، استنادًا إلى أصل مقطوع به، وهو رفع الحرج([35]).
4.      وردّت أيضًا خبر ابن عمر في الشؤم، وقالت: "إنما كان رسول الله يحدِّث عن أقوال الجاهلية"، لمعارضته الأصل القطعي أن الأمر كلّه لله، وأن شيئًا من الأشياء لا يفعل شيئًا، ولا طيرة، ولا عدوى([36]).
5.            وردَّ مالك بن أنس حديث غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعًا: وكان يضعّفه، ويقول: يؤكل صيده، فكيف يكره لعابه. وغيره كثير([37]).
وقد عدّ الأستاذ أحمد الريسوني من هذا المنحى الاجتهادي، عرض الجزئي على الكلّي، والجمع بينهما؛ بقاعدتين:
الأولى: تقييد التصـرّف في الحقوق المشروعة الثابتة. مثل تقييد تصـرّف المالك في ملكه وحقّه، إذا عارض مقصد الشريعة، والقواعد العامة. وهو المسمّى في الاصطلاح القانوني: (منع التعسّف في استعمال الحق)، ولخّصه الدكتور وهبة الزحيلي على النحو التالي:
أ‌.       قصد الإضرار بالغير.
ب‌.     قصد غرض غير مشروع.
ج‌.      رتّب ضرراً أعظم من المصلحة.
د‌.       الاستعمال غير المعتاد، وترتّب ضررٍ للغير.
ه‌.      استعمال الحقّ مع الإهمال أو الخطأ([38]).
وهذا التقييد يكون حسب المصلحة، إمّا تقييدًا جُزئيًا، أو تقييدًا كليًا.
هذا هو الجانب العملي للفكر النقدي المقاصدي، وذلك في التمييز بين الحقوق العامة من الخاصة.. وحين التعارض بينهما؛ تقدّم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وإن كان في الظاهر جور بحقّ المحقّ للحقّ، ولكن في الحقيقة دفع المضـرّة العامة منفعتها مقدّمة على جلب المصلحة الخاصة عند التعارض. وهذا يتعلّق أيضًا بقاعدة: (درء المفسدة أولى من جلب المصلحة).
الثانية: تقييد إلزامية العقود الصحيحة المستوفية لشروطها الشكلية. فمستند ذلك راجع إلى قصد الشارع في رفع الظلم وإقامة العدل، في المعاملات عامّة، والعقود خاصّة. وليس (العقد شريعة المتعاقدين)، إلا إذا جاء موافقًا لقصد الشارع، فإذا تجاوزه وجب نقضه أو تعديله.
ومن الأدلّة على ذلك قوله صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة، فلا يحلّ لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حقّ)([39]). وأمر صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (بوضع الجوائح)([40]).

الخاتمة
أهمّ النتائج التي توصّل إليها البحث:
1.       مصدر إلهام الفكر عند المسلمين، ومنبته، هو القرآن الكريم والسنّة النبوية؛ فبهما عرف قدر العقل وقيمته، وعنهما استرشد العقلُ الطريقَ السويّ في التعلّم والتدبّر والتفكّر؛ ونتيجته الرقيّ إلى العلى.
2.       ومادة النقد العلمي، هو بالتفكّر للوصول إلى معمول حسن، وعمل خير.
3.       وأهمّ معالم النقد، وأسسه، في الإسلام: عملية الاجتهاد في المنصوص حالة الإعمال به، وفي غير المنصوص حالة استنباط الحكم للفرع المستجدّ من المنصوص المعلول، وذلك بعملية القياس؛ والذي يعتبر الجذر الأصيل للفكر المقاصدي -والذي انبنت عليه محاور البحث- لأنه إن كان الجامع بين الفرع النازل المحدث، وبين الأصل الراسخ، في الحكم، هي علّة الأصل الدالّة على الحكمة في تشريع جزئيتها.. فإن الجامع بين الجزئي المستجدّ، وبين الكلّي، في الحكم، هو القصد العام الشامل القاطع، والمستنبط مفاده الحكميّ، من المنفعة أو المفسدة المتضمّنة فيه، من الكلّي القاطع..
4.       وأوّل من أصّل مصطلحات مقاصد الشـريعة، وقام بتأسيس كلّياتها، وبيان مسالكها، وطرق معرفتها، هو إمام الحرمين الجويني (المتوفى 478هـ) في كتبه: البرهان في أصول الفقه، وغياث الأمم في التياث الظلم في السياسة الشـرعية، والتلخيص في أصول الفقه.
5.       والذي أصّل لعلم مقاصد الشـريعة؛ تدوينًا واستقلالًا وطرحًا بنيويًا، بحيث يستغنى فكره، ومصطلحاته، وكلّياته، ومسالك الكشف عنه، من علم أصول الفقه؛ هو الإمام الشاطبي الغرناطي (المتوفى 790هـ)، في كتابيه: الموافقات في أصول الشـريعة، والاعتصام.
6.       وتعريف مقاصد الشـريعة: هي الحكم والغايات التي أرادها الله، في أوامره ونواهيه، لتحقيق عبوديّته، وإصلاح حال العباد في الدارين. فقصد الشارع من إيداع الحكم، والغايات، في أوامره ونواهيه، لإحكام ألوهيّته وربوبيته على العباد، فتتحقّق عبوديّتهم وخضوعهم له؛ ولأجل إصلاح حالهم في الدنيا قبل الآخرة.
7.       والفكر النقدي المقاصدي مبنيّ على الجمع بين أصول الشـريعة وفروعها، قواعدها وجزئياتها؛ كي يظهر أثر الأصول على الفروع، والقواعد على الجزئيات، وهو اصطباغها وتمظهرها بصبغ ومظهر القطعيّ، في إفادة دلالتها ومراميها ومقاصدها. ولكي يصدق وجود الكلّي، بفروعه، والقواعد، بجزئياتها، في واقع حال المسلمين؛ مثل قاعدة (لا ضرر ولا ضـرار)، و(الضـرورات تبيح المحظورات)، و(تقدّر بقدرها)، و(المشقّة تجلب التيسير)، مع جزئياتها. فهما معًا يجريان لأجل مقصود واحد، وهو القيام بأحسن الأعمال.
8.       ومن التطبيقات التي تجمع بين الكلّيات والجزئيات، لأجل حفظ الدين والنفس والمال:
أ‌.       من ضـروريات حفظ الدين: إقامة الصلاة، والصيام، والعبادات بتمامها، بينما رخصة القصـر، والجمع، وفطر الصوم، في السفر، وعدم قيام المريض في الصلاة، كلها من الحاجيات، وتهدف إلى رفع الحرج والمشقة على المكلف.. فجمع الشـرع بين الضـروري في الحضـر وحال الصحّة، وبين الحاجيّ في السفر وحال المرض، لأجل حفظ الدين.
ب‌.     من ضـروريات حفظ النفس: أخذ القصاص من القتل العمد، والعدوان بالآلة الحادّة، وكان القتل ممكنًا بالآلة المثقلة؛ فجمع الشـرع بين القصاص بالقتل العمد (العدوان بالمحدّد)، وبين القتل العمد (العدوان بالمثقل)؛ لأجل حفظ النفس المتضمّن لقصد الشارع في القصاص. 
ج‌.      من ضـروريات حفظ المال: البيع بالمعلوم، والبعد عن بيع الغرر، ولكن خصّص الشـرع بيع السلم منه، وفق قاعدة رفع الحرج، وهي من الحاجيّات، فجمع الشـرع بين البيع بالمعلوم؛ ضـرورة وأصالة، وبين البيع بالغرر، كالسلم والقراض والاستصناع، تبعاً ورخصة، لسبب الحاجة؛ لأجل حفظ المال.
9.       ومن التطبيقات التي تبيّن وقوع التعارض بين الكلّي والجزئي، حالة التفرّق بينهما وقت الإعمال، في ضوء الفكر المقاصدي:
أ‌.       خبر الواحد؛ المعتبر من الأدلّة الظنية في وروده، وفي دلالة بعض معانيه، وهو عند الشاطبي يجب عرضه على الكلّي حال العمل به، فإن وافق قبل، وإلا رُدَّ؛ وبيّن أن للمسألة أصلاً عند السلف الصالح، وضرب على ذلك بأمثلة عدّة.
ب‌.     استنباط قواعد فقهية وفق المنهجية تلك، منها: تقييد التصـرّف في الحقوق المشروعة الثابتة، وتقييد إلزامية العقود الصحيحة المستوفية لشروطها الشكلية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر والمراجع:
1. إمام الحرمين، عبد الملك الجويني، البرهان في أصول الفقه، تحقيق: عبد العظيم الديب، قطر، طبع على نفقة خليفة بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر. ط1. 1399هـ..
2. البدوي، يوسف أحمد محمد، مقاصد الشريعة عند ابن تيمية، الأردن، دار النفائس، 2000م.
3. كميل الحاج، الموسوعة الميسرة في الفكر الفلسفي والاجتماعي عربي انكليزي، بيروت، مكتبة لبنان ناشرون، ط1، 2000م.
4. الجرجاني، علي بن محمد الشريف، التعريفات، بيروت، مكتبة لبنان، د: ط. ت.
5. الرازي، أبو بكر، مختار الصحاح، مصر، مطبعة الكلية، ط1، 1329هـ.
6. الريسوني، أحمد، نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي، تقديم: طه جابر العلواني، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط4، 1995م.
7. الزحيلي، وهبة، الفقه الإسلامي وأدلته، دمشق، دار الفكر، ط2، 1984.
8. الزمخشري، محمود بن عمر، أساس البلاغة، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1998م.         
9. الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين، ترتيب: د. عبد الحميد هنداوي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 2003م.
10.     الشاطبي، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي المالكي، الموافقات في أصول الشـريعة، ضبط وتقديم وتعليق وتخريج الأحاديث: أبو عبيدة مشهور آل سلمان، دار ابن عفان، د: ط. ت.
11.     الشاطبي، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي المالكي، الموافقات في أصول الشـريعة، تحقيق: الشيخ عبدالله دراز، القاهرة، دار الحديث، ط 2006.
12.    المجالي، محمد خازر، مصطلح التفكر كما جاء في القرآن دراسة موضوعية، مجلة الشـريعة والقانون، العدد 23، ربيع الأول 1426هـ-2005م.

قائمة المصادر:
1-      إبراهيم مصطفى وآخرون (د. ت)، المعجم الوسيط، دار الدعوة، ج1، ت: مجمع اللغة العربية، ص520.
2-      ابن منظور، لسان العرب، بيروت، لبنان، دار صادر، ط3، مج8، 2000م.
3-      أبو البقاء أيوب بن موسى الحسين الكفوي، الكليّات، بيروت، لبنان، مؤسسة الرسالة، ط2،1419هـ/1998م.
4-      أحمد شفيق الخطيب، حول توحيد المصطلحات العلمية، لبنان، دائرة المعاجم، مكتبة لبنان، د. ط، 1993م.
5-      الأزهري، تهذيب اللغة، ت: أحمد عبد الرحمن مخيمر، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، مج10، ط3،2004م/1425هـ.
6-      خليفة الميساوي، المصطلح اللساني وتأسيس المفهوم، منشورات الاختلاف، دار الأمان، منشورات ضفاف، الجزائر، ط1، 1434ه-2013م.
7-        الخليل بن أحمد الفراهيدي، كتاب العين، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، ج2، ط1، ترتيب وتصنيف: عبدالحميد الهنداوي،2003هـ/1424م.
8-      الراغب الأصفهاني، حسين بن محمد، معجم مفردات ألفاظ القرآن، ت: إبراهيم شمس الدين، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، د: ط، 2004م/1425هـ .
9-      رجاء وحيد دويدري، المصطلح العلمي في اللغة العربية، دار الفكر، دمشق، ط1، 1431ه-2010م.
10-    رياض مصطفى عثمان، المصطلح النحوي عند الزمخشـري، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان،ط1، 2010.
11-    الزمخشـري، أساس البلاغة، بيروت، لبنان، دار صادر، ج1، 1399هـ/1979م.
12-    سعيد شبار، المصطلح خيار لغوي...وسمة حضارية، سلسلة كتاب الأمّة، عدد (78)، قطر، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية . http://www.islamweb.net
13-    عامر الزّناتي الجابري، إشكالية ترجمة المصطلح، مجلة البحوث والدراسات القرآنية، العدد التاسع، د. ت، المملكة العربية السعودية.
14-    علي القاسمي، علم المصطلح، بيروت، لبنان، مكتبة لبنان ناشرون، ط 1،2008م.
15-    علي بن محمد بن علي الجرجاني: التعريفات، دار الكتب العلمية، بيروت –لبنان، ط1، 1403هـ -1983م.
16-    عوض أحمد القوزي، المصطلح النحوي نشأته وتطوّره حتّى أواخر القرن الثالث الهجري، الرياض-السعودية، عمادة شؤون المكتبات – جامعة الرياض، ط1، 1401 هـ/1981م.
17-    القاضي عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد النكري، جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، مج1، ط1،1421هـ/2000م.
18-    مجمع اللغة العربية، المعجم الوجيز، ج1، مصـر، مجمع اللغة العربية، ط1، 1400هـ / 1980م.
19-    مجموعة من الباحثين، الأمّة وأزمة الثقافة والتنمية، مدخل تأسيسـي لمفاهيم المؤتمر، عبد الرحمن النقيب، القاهرة-مصـر، المعهد العالمي للفكر الإسلامي-دار السلام، مج1، ط1،1428هـ/2007م.
20-    مجموعة من المؤلفين، قاموس المصطلحات اللغوية والأدبية، بيروت، لبنان، دار العلم للملايين، ط1،1987م.
21-    محسن عبد الحميد، المذهبية الإسلامية والتغيير الحضاري، قطر، مطابع الدولة الحديثة ، ط1، 1404هـ.
22-    محمد علي التهانوي، كشاف اصطلاحات الفنون، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، المجلد الأول، ط1،1418هـ/1998م.
23-    محمد عماره، معركه المصطلحات بين الغرب والإسلام، نهضه مصر، ط2، 2004م.
24-    مصطفى طاهر الحيادرة، من قضايا المصطلح اللغوي العربي، الكتاب الثالث، عالم الكتب الحديث، أربد، الأردن، ط1، 1424ه-2003م.
25-    ممدوح محمد خسارة، علم المصطلح، دمشق-سورية، دار الفكر، ط1،2008م.
26-    نعمان عبد الرزاق السامرائي، نحن والحضارة والشهود، سلسلة كتاب الأمّة، عدد (80)، ج1، قطر، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط1،1421/2001م.
27-    هاني محي الدين عطية، نحو منهج لتنظيم المصطلح الشـرعي، القاهرة، مصر، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1،1417هـ/1997م.
28-    يوسف مقران، المصطلح اللساني المترجم، دار رسلان، سوريا، دمشق، ط1، 2009م.
29-    يوسف وغليسي، إشكالية المصطلح في الخطاب النقدي العربي الجديد، الجزائر، منشورات الاختلاف، بيروت،  الدار العربية للعلوم ناشرون، ط1، 1429هـ/2008م.



([1]) وقد ورد ذكر العقل في القرآن الكريم 49 مرة، والفكر 18 مرة، والتذكر ومشتقاته أكثر من 200 مرة، والتدبر 4 مرات، والنظر 36 مرة، والفقه 20 مرة، وذكرت حاسة السمع 102 مرة، وحاسة البصر 52، وأولوا الألباب 16 مرة، وأولوا النهى مرتين، أما كلمة العلم ومشتقاتها فقد وردت 582 مرة. ينظر: محمد خازر المجالي، مصطلح التفكر كما جاء في القران، دراسة موضوعية، (مجلة الشريعة والقانون، العدد 23 ربيع الأول 1426هـ-2005م)، ص27.          
([2])  رواه ابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم 3913.
([3])  الاقتضاء مصطلح يطلق عند الأصوليين على الأحكام الشرعية الخمسة: (الواجب، المندوب، الحرام، المكروه، المباح).
([4])  إمام الحرمين عبد الملك الجويني، البرهان في أصول الفقه، تحقيق: عبد العظيم الديب، (قطر: طبع على نفقة خليفة بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، ط1، 1399هـ)، ج2، ص961، فقرة:949.
([5])  المصدر نفسه، ج2، ص923، فقرة:901. 
([6])  ينظر: المصدر نفسه، ج2، ص923-925، فقرة:902-93.
([7])  ينظر: الحميل الحاج، الموسوعة الميسّرة في الفكر الفلسفي والاجتماعي، عربي إنكليزي، بيروت، مكتبة لبنان ناشرون، ط1، 2000م، ص406.
([8])  ينظر: محمود بن عمر الزمخشري، أساس البلاغة، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1998م، ج2، ص297، أبو بكر الرازي، مختار الصحاح، مصر، مطبعة الكلية، ط1، 1329هـ، ص128، مادة (ن ق د).
([9])  الخليل بن أحمد الفراهيدي، كتاب العين، ترتيب: د. عبد الحميد هنداوي، بيروت، دار الكتب العلمية ط1، 2003م، ج3، ص393-394، مادة ق ص د .         
([10])  ينظر: الزمخشري، مصدر سابق، 1/503. علي بن محمد الشريف الجرجاني، التعريفات، بيروت، مكتبة لبنان، د: ط، ت، ص132.
([11])  الجرجاني، المصدر نفسه.
([12])  يوسف أحمد محمد البدوي، مقاصد الشريعة عند ابن تيمية، الأردن، دار النفائس، 2000م، ص54. وقد ألّف الأستاذ يوسف البدوي هذا التعريف، وجمعه، من مضامين مقاصدية عند شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمهُ الله).
([13])  وغير الأمر والنهي هو الباقي على أصل الإباحة، سواء بدليل أو بسكوت الشارع في بيان اقتضائه. وللشرع في إبقاء الشيء على الإباحة مقاصده وحكمه وغاياته كذلك.
([14])  رواه البخاري ومسلم.
([15]) متفق عليه.
([16])  نعم، إن أريد أنه مسلك لمعرفة قصد الشارع في أنّ ما تعلّق به باق على الإباحة والعفو، فصحيح. وقد أدرج الأستاذ الريسوني سكوت الشارع ضمن مسالك الكشف عن مقاصد الشريعة عند الإمام الشاطبي، وهو خطأ غير مصرّح به في كتبه. ينظر: أحمد الريسوني، نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي، تقديم: طه جابر العلواني، هيرندن فيرجينيا، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط4، 1995م، ص305 وما بعدها.
([17])  أحمد الريسوني، المصدر السابق، ص369-372.
([18])  أخرجه في التيسير عن رزين.
([19]) رواه الشيخان.
([20])  أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي الغرناطي المالكي، الموافقات في أصول الشريعة، ضبط وتعليق وتخريج الأحاديث: أبو عبيدة مشهور آل سلمان، دار ابن عفان، د، ط، ت، ج3، ص174.
([21])  ينظر: الشاطبي، المصدر السابق ج3، ص175..
([22])  ينظر: الشاطبي، المصدر نفسه.
([23]) المصدر نفسه.
([24])  ينظر: المصدر نفسه، ج3، ص176.
([25])  ينظر: المصدر نفسه، ج3، ص180. 
([26])  ينظر: الشاطبي، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي المالكي، الموافقات في أصول الشريعة، تحقيق: الشيخ عبدالله دراز (القاهرة: دار الحديث، ط 2006م)، ج3، ص9.
([27])  ينظر: الشاطبي، المصدر نفسه، ج3، ص9-10.
([28])  ينظر: المصدر نفسه، ج3، ص 10.
([29])  المصدر نفسه.
([30]) متفق عليه.
([31])  ينظر: الشاطبي، المصدر السابق، ج3، ص14.
([32])  ينظر: المصدر نفسه، ج3، ص14-15.
([33])  رواه الحاكم والنسائي والطبراني عن ابن عباس.
([34])  ينظر: الشاطبي، المصدر السابق، ج3، ص15-16.
([35])  ينظر: المصدر نفسه، ج3، ص16-17.
([36])  ينظر: المصدر السابق، ج3، ص17-18.
([37])  ينظر: المصدر نفسه، ج3، ص19.
([38])  وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، (دمشق: دار الفكر، ط2، 1984م)، ج4، ص32-38، نقلًا من الريسوني، نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي، ص373.
([39])  رواه مسلم وأبو داود. 
([40])  رواه مسلم. ينظر: الريسوني، المصدر السابق، ص372-375.



منشور في مجلة الحوار | العدد 171 – 172 | صيف 2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق