01‏/07‏/2020

آخر الكلام/ دور الإعلام الحزبي في انتكاسة القضية الكوردية!


محمد واني
 من بين القنوات الفضائية، ومئات الصحف والمجلات الحزبية، في إقليم كوردستان، لا يوجد إعلام يمكن أن نطلق عليه اسم الإعلام المستقل، أو الإعلام الحر، يمارس دوره الريادي في توجيه أعمال الحكومة ومراقبتها، ومقارعة الفساد المستشـري في مؤسسات الإقليم، والمساهمة في معالجة الأزمات..
وكان بالإمكان للإعلام الكوردي - الذي بدأ أولى خطواته نحو (الديمقراطية) مبكّراً ، منذ عام 1992- أن يضطلع بدور مؤثّر في ترسيخ مبادئ الديمقراطية في المجتمع العراقي، عموماً، وليس في كوردستان وحدها، حاملاً راية الحرّية والعدالة الاجتماعية، ويكون بذلك أنموذجاً يقتدى به في العراق، والمنطقة. ولكنّه لم يقم بهذا الدور؛ لأنّه - في الأساس - إعلام حزبي يمثّل السياسة (الحزبية) السّائدة في الإقليم، يتكلّم باسمها، ويدافع عن مصالحها، ويعمل على تعميق مبادئها في المجتمع. علماً أنّه لا توجد صحيفة واحدة، أو قناة فضائية، تمثّل حكومة الإقليم بشكل رسمي، والقنوات الإعلامية كلّها، حزبية أو شبه حزبية، تأخذ تمويلها من أحد حزبي السلطة.
وقد عمل الإعلام الكوردي - الذي هو في مجمله إعلام حزبي، كما ذكرنا - بكلّ ما أوتي من دعمٍ مالي وسياسي، أن
ينشر الثقافة الحزبية في المجتمع على أنها الثقافة القومية الحقيقية، ونجح ببراعة في اختزال القضية القومية العليا في الحزب، فأصبح الحزب هو القضية، والقضية هي الحزب. وبدلاً من أن يخدم الحزب القضية، انعكست الحالة، وغدت القضية هي التي تخدم الحزب. ومن الطبيعي – وفقاً لهذه القاعدة (الجدلية) - أن يدّعي كلّ حزب أنه الممثل الحقيقي للقضية الكوردية، وأن الآخرين ليسوا على شيء!
 وقد خسر المجتمع الكوردي الكثير؛ جرّاء تنفيذ هذه السياسة الإعلامية الخاطئة، ومن أهمّ خسائره أنه ظلّ لأكثر من خمسة وعشرين سنة يراوح مكانه، ولا يتقدّم، منقطعاً - بشكل كامل - عن العالم الخارجي، لا يواكب تطوّراته الديمقراطية. ولو ارتقت الأحزاب المهيمنة على السلطة، إلى مستوى المسؤولية التاريخية، ووجّهت إعلامها لخدمة القضية الوطنية الأساسية، والتزمت المهنية، لقدّمت أروع تجربة في الممارسة الديمقراطية في المنطقة. لكنّها سارت على الطريق نفسه الذي اعتادت أن تسير عليه أيام النضال المسلح في الجبال، واستعملت الأسلوب القديم عينه الذي أثبت فشله على أكثر من صعيد...

منشور في مجلة الحوار، العدد 171-172 | السنة السابعة عشرة | صيف 2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق