01‏/07‏/2020

تأملات في سورة الكوثر واختراق حاجزي الزمان والمكان


صالح شيخو الهسنياني
تسلسل سورة الكوثر (108) في القرآن الكريم، قبلها سورة الماعون (107)، وبعدها سورة الكافرون (109)، حسب ترتيب سور القرآن.
ترتيب النزول: هي السورة رقم (15) في ترتيب النزول.. وقد نزلت قبلها سورة العاديات (14)، وبعدها نزلت سورة التكاثر رقم (16).. ﴿ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ﴿1 فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴿2 إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴿3
تعريف موجز للسورة:
   هذه السورة خالصة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ كسورتي (الضحى)، و(الشرح)، يسرّي عنه ربّه فيها، ويعده بالخير، ويوعد أعداءه بالبتر، ويوجّهه إلى طريق الشكر.
السّورة مكِّيّة. آياتها ثلاث بالإِجماع. وكلماتها عشر. وحروفها اثنتان وأَربعون. فواصل آياتها على الرّاءِ.
  معظم مقصود السّورة: بيان المِنَّة على سيّد المرسلين، وأَمره بالصّلاة والقُرْبان، وإِخباره بإِهلاك أَعدائه، أَهل الخيبة والخذلان.
حياة الدعوة والداعية:
تمثّل السورة صورة من حياة الدعوة، وحياة الداعية، في أوّل العهد بمكة. صورة من الكيد والأذى للنبيّ (صلى الله عليه وسلم)، ودعوة الله، التي يبشّر بها. وصورة من رعاية الله المباشرة لعبده، وللقلّة المؤمنة معه، ومن تثبيت الله، وتطمينه، وجميل وعده لنبيّه، ومرهوب وعيده لشانئه.
كذلك تمثّل حقيقة الهدى والخير والإيمان، وحقيقة الضلال والشر والكفران.. الأولى: كثرة وفيض وامتداد. والثانية: قلّة وانحسار وانبتار، وإن ظنّ الغافلون غير هذا وذاك..
الربط بين السور الثلاثة:
  قريش كذّبت بالدين، ومنعت الماعون عن المسلمين، فعوّض الله تعالى نبيّه بالكوثر، وهو الخير الجزيل في الدنيا والآخرة، أو: وهو الدّين الكثير النفع. ثمّ أمره أن يصلّي له شكراً عليه، وينحر للفقراء، حتى لا يكون مثل من يصلّي ويمنع الماعون، في السورة السابقة([1]). مناسبتها لما قبلها:
  في سورة [الماعون]، توعّد اللّه الذين لا يقيمون الصلاة، ولا يؤدّون الزكاة، لأنهم مكذّبون بالدين، غير مؤمنين بالبعث والحساب والجزاء، توعّد اللّه - سبحانه - هؤلاء، بالويل والهلاك، والعذاب الشديد في نار جهنم.. وفي مقابل هذا، جاءت (سورة الكوثر) تزفّ إلى سيد المؤمنين باللّه واليوم الآخر، هذا العطاء الجزيل، وذلك الفضل الكبير من ربّه. ومن هذا العطاء، وذلك الفضل، ينال كلّ مؤمن ومؤمنة نصيبه من فضل اللّه، وعطائه على قدر ما عمل([2]).
أربعة في أربعة:
هذه السورة كالمقابلة للسورة المتقدّمة [سورة الماعون]، وذلك لأن في السورة المتقدمة وصف الله تعالى المنافق بأمور أربعة:
أوّلها: البخل، وهو المراد من قوله: ﴿فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ [الماعون: 2- 3]. فذكر في مقابلة البخل قوله: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ أي إنا أعطيناك الكثير، فاعط أنت الكثير، ولا تبخل.
 الثاني: ترك الصلاة، وهو المراد من قوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون: 5]. وذكر في مقابلة ذلك: قوله: ﴿فَصَلِّ أي: دمْ على الصلاة.
 والثالث: المراءاة في الصلاة، هو المراد من قوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ [الماعون: 6]. وذكر في مقابلة ذلك قوله: ﴿لِرَبِّكَ﴾، أي: ائت بالصلاة لرضا ربّك، لا لمراءاة الناس.
 والرابع: المنع من الزكاة، وهو المراد من قوله: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ [الماعون: 7]. وذكر في مقابلة ذلك: قوله: ﴿وَانْحَرْ وأراد به: التصدّق بلحم الأضاحي.
 فذكر في هذه السورة في مقابلة تلك الصفات الأربع السلبيّة، صفات أربعة إيجابيّة.
  ثم ختم السورة بقوله: إن شانئك هو الأبتر، أيْ المنافق الذي يأتي بتلك الأفعال القبيحة المذكورة في تلك السورة، سيموت ولا يبقى من دنياه أثر ولا خبر، وأمّا أنت فيبقى لك في الدنيا الذكر الجميل، وفي الآخرة الثواب الجزيل.
مناسبتها لما بعدها:
وجه اتّصالها بما قبلها أنه تعالى لما قال: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾، أمر رسوله (صلى الله عليه وسلم) أن يخاطب الكافرين بأنه لا يعبد إلا ربّه، ولا يعبد ما يعبدون. وبالغ في ذلك، فكرّر، وانفصل منهم على أن لهم دينهم، وله دينه.
  خاطب الله تعالى رسوله ﴿إِنَّا أَعْطَيْناكَ﴾، ممّا يزيل الخوف عن القلب، والجبن عن النفس، فقدّم هذه السورة على سورة: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾، حتى يمكنه الاشتغال بذلك التكليف الشاق، والإقدام على بيان كفر غير المسلمين، وإظهار البراءة من معبودهم. فلما امتثلتَ أمري، فانظر كيف أنجزتُ لك الوعد، وأعطيتك كثرة الأتباع والأشياع. إن أهل الدنيا يدخلون في دين الله أفواجاً، أي لمّا أعطاك خالق السموات والأرض خيرات الدنيا والآخرة، فلا تغترّ بمالهم، ومراعاتهم.
مناسبتها لما قبلها (سورة العاديات)، حسب ترتيب النزول:
    مشهد القتال الذي يعدّ له المؤمنون، ترى فيه الأفراس تعدو في سبيل الله، فتضبح (أي تحمحم)، فالضبح صوت أنفاس الخيل إذا عدوْنَ. والعدوُ تباعد الأرجل في سرعة المشي. فالخيل من شدّة عدوها تقدح النار بحوافرها. والخيل كذلك تثير الغبار لشدّة عدوها، حتى تتوسط الأعداء، فتفرّقهم، وتشتّت شملهم. فهذه المشاهد للخيل عندما تذكر للمؤمنين، قبل أن يؤذن لهم بالقتال، توجيه لهم، وتهيئة للنفوس، لتعدّ نفسها، ولترتفع النفسية المؤمنة ثقةً بأن العاقبة لها، وأنها ستخوض هذه الغمار، ويكون لخيلها هذا النشاط، وهذه الحركة السريعة، التي تربك العدو وتشتّته.
   وأمّا المقسم عليه، بعد هذه التهيئة بذكر الخيل، على ما سبق، فيتمثّل في حقائق يشاهدها المؤمنون في الناس. وهذا نوع من بسط الحقائق النفسية التي تفسّر للمؤمنين إعراض الإنسان عن ربّه، وجحوده، وعدم الإقرار بما لزمه من شكر خالقه، والخضوع له ﴿إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾. قيل: الكنود هو الذي يأكل وحده، ويمنع رفده، ويضرب عبده. وهو مع هذا الجحود شهيد على نفسه بما يصنع. وعلى الوجهين، فإن هذا الكشف للنفس الإنسانية أمام المؤمنين، يخفّف عنهم ما يرونه من جحود الكافرين من ناحية، ويعينهم على النفور من الجحود، ومقاومة النفس من الوقوع فيه، من ناحية أخرى. ومع هذا الجحود في الإنسان، حبّ شديد للمال، وهذا الحبّ يجعله متعلّقاً به، شديد البخل، فلا ينفق منه. وعلى ذلك، تكون التهيئة للبذل من النفس والمال في سبيل الله مبكّرة، في مشهد الخيل في ساحات الجهاد، وفي نزع حبّ المال من النفس، والتنفير من البخل. 
 تأتي (سورة الكوثر) لتبيّن الخير الجزيل، والعطاء الكثير، الذي سيناله المؤمن في الدنيا والآخرة، إن أعد نفسه وماله في سبيل الله، وتخلّص من حظوظ النفس، كالبخل والشحّ والجحود، وشكر ربّه المنعم عليه بالنعم الوفيرة، لتكون صدقة واصلةً موصولة له، حتى بعد مماته، ولا يبتر من عمله.  
مناسبتها لما بعدها (سورة التكاثر)، حسب ترتيب النزول:
   الربط بين السورتين: في (الكوثر) حيث الخير الجزيل المصحوب بالشكر والصلاة والنحر، والتقرّب إلى الله تعالى بالخير غير المنقطع، جاءت (سورة التكاثر) لتبيّن حال المتكاثرين، والمتفاخرين، والمتباهين، بحطام الدنيا.. "هذه السورة الكريمة تعالج ظاهرة إنسانية، تستبد بالإنسان عندما يغفل، وينسى مصيره، وهي ظاهرة التكاثر. وهذا التفاخر من الأمور التي تقف عقبة في طريق إسلام الناس، واتّباعهم للهدى. وقال ابن عباس في بيان معنى التكاثر: قرأ النبي (صلى الله عليه وسلم): ﴿ألهاكم التكاثر قال: "تكاثر الأموال، جمعها من غير حقّها، ومنعها من حقّها، وشدّها في الأوعية". وذكر المقابر مع ظاهرة التكاثر، سبيل قوي من سبل معالجة هذه الظاهرة، وما تحدثه في القلب من فتن لا ينزعها من القلب إلا بذكر الموت، وما يتبعه من قبر، وأمام النّاس السؤال عن النعيم الذي عاشوا فيه بدنياهم، قبل أن يزوروا المقابر بالموت، فهل قاموا بشكره، وأدّوا حقّه، ولم يستعينوا به على معصية المنعم سبحانه، فيجزيهم بهذا نعيماً أفضل منه؟ أم اغترّوا به، ولم يقوموا بشكره، واستعانوا به على معصية المنعم سبحانه، فيعاقبون على ذلك؟
إن عقيدة عذاب القبر، ونعيمه، وما يكون بعده من رؤية الحقائق المرتبطة بالنعيم، والعذاب، في الجنّة والنّار، تغرس في نفوس الناس، ويذكّرون بهذه الحقائق حتى يتخلّصوا من القيم الفاسدة التي عاشوا عليها، ومنها هذا التكاثر الذي عالجته هذه السورة الكريمة علاجاً شاملاً، حيث ذكر التكاثر الملهي، ولم يذكر المتكاثرون به، ليشمل كلّ ما يتكاثر به المتكاثرون، ويفتخر به المفتخرون، في غمرة وغفلة نسيانهم لربّهم".
سبب نزول السورة:
  هناك روايات عديدة تبيّن سبب نزول السورة، ومجمل الروايات كلّها: أن سبب نزول هذه السورة: هو استضعاف النبي (صلى الله عليه وسلم)، واستصغار أتباعه، والشماتة بموت أولاده الذكور (ابنه القاسم بمكة، وإبراهيم بالمدينة)، والفرح بوقوع شدّة أو محنة بالمؤمنين. فنزلت هذه السورة إعلاماً بأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قوي منتصر، وأتباعه هم الغالبون، وأن موت أبناء الرسول (صلى الله عليه وسلم) لا يضعف من شأنه، وأن مبغضيه هم المنقطعون، الذين لن يبقى لهم ذكر وسمعة ولا أثر، البعيدون عن كل خير، المحرومون من أيّ فضل.
أغراض السورة:
1.                 اشتملت على بشارة النبي (صلى الله عليه وسلم) بأنه أعطي الخير الكثير، في الدنيا والآخرة. يقول الرازي: السورة مكيّة في أصحّ الأقوال. وكان الأمر بالنحر جارياً مجرى البشارة بحصول الدولة، وزوال الفقر والخوف.
2.                 وأمره بأن يشكر الله على ذلك بالإقبال على العبادة.
3.                 وأن ذلك هو الكمال الحقّ، لا ما يتطاول به المشركون على المسلمين بالثروة والنعمة، وهم مغضوب عليهم من الله تعالى، لأنهم أبغضوا رسوله. وغضب الله بتر لهم، إذا كانوا بمحلّ السخط من الله.
4.                 وإن انقطاع الولد الذكر ليس بتراً، لأن ذلك لا أثر له في كمال الإنسان. والكلام مسوق مساق البشارة، وإنشاء العطاء، لا مساق الإخبارِ بعطاءٍ سابق.
5.                 تقوية في القلب، وإزالة الجبن عن النفس.
6.                 الثبات على منهج الله تعالى، حتّى يتحقّق وعده ووعيده.
7.                 تفضيل الدين على المال والولد.
8.                 حثّ المؤمنين على فعل الخير، الذي يتجاوز حدود الزمان الأرضي، ويصعد إلى الملأ الأعلى، ويتجاوز المكان، بحيث لا تحصـره الأبعاد الثلاثة الأرضية، حيث غاية المؤمن رضى الله تعالى وجنّته.
9.                 تسلية لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن صدّ المشركين إياه عن البيت في الحديبية، فأعلمه الله تعالى بأنه أعطاه خيراً كثيراً، أيْ قدّره له في المستقبل (وعبّر عنه بالماضي لتحقيق وقوعه).
10.             شتم الكفّار: لمّا شتم الكفّار رسول الله(صلى الله عليه وسلم)، أجاب عنه الله تعالى من غير واسطة، فقال: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ. وهكذا سنّة الأحباب، فإن الحبيب إذا سمع من يشتم حبيبه، تولّى بنفسه جوابه. فههنا تولّى الحقّ سبحانه جوابهم.
11.             قهر العدو: اعلم أنه تعالى لما بشّره بالنعم العظيمة، وعلم تعالى أن النعمة لا تهنأ إلا إذا صار العدو مقهوراً، لا جرم وعده بقهر العدو، فقال: إن شانئك هو الأبتر.
12.             تحثّ السورة على أن ينشغل العبد بعباداته (القولية والعملية والقلبية)، دون الالتفات إلى ما يقوله المغرضون لإخراجه عن مساره، والعكوف والإنزواء في الظل، من دون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى إصلاح المجتمع.
13.             تبيّن السورة الكريمة رصيد المؤمن الإيماني، إن هو قام بالشعائر التعبدية والشعائر التعاملية بالصورة التي جاءت بها الشريعة، وهو الفوز بالكوثر، ووجود من يدافع عنه في الدنيا، ويحميه من كيد المبغضين والحاقدين والملحدين، ويبتر أعمالهم ومخططاتهم ومؤامراتهم... 
14.             طعن في الأمّة، وفي دينها، والتشكيك بثوابت الدين ومقدساته ورجالاته، بوسائل وأساليب متنوعة (حرية التعبير- الإعلام الحر- الأفكار المستوردة - صناعة الإرهاب - صناعة النجوم). ولا يغيب عن الأذهان في هذا الشأن قاعدة التعامل مع أعداء الإسلام في حال الضعف والقوة، وأن هذه القاعدة لا تختصّ بعهد النبوة وصدر الإسلام فحسب؛ بل هي عامّة في كل زمان يجري على الأمّة الإسلامية.
15.             تعالج النظرية النسبية لآينشتاين أبعاداً أربعة (الطول- العرض - الارتفاع- الزمكان)، بينما (سورة الكوثر) تعالج أبعاداً أكثر، أبعاداً ملائكية تخترق حجاب السموات حتّى تصل إلى ملكوت الله سبحانه، تصل إلى نهر الكوثر في الجنّة.
16.             قوله: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ يدلّ على أن هذا الإعطاء كان حاصلاً في الماضي، ولا ماض في علم الله تعالى.. ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ يفيد الوعد التام والمتحقق، الوعد الذي يتشوّق الوصول إليه في المستقبل بالنسبة للبشر، ولا مستقبل في علم الله تعالى، حيث الزمن مطلق، بينما النظرية النسبية تعالج المتغيّرات في حدود سرعة الضوء (300 ألف كلم في الثانية).
17.             تخترق السورة - كما قلنا - حاجز الزمان والمكان، لتبيّن وتكشف أن في كل عصر وأوان مبغضون لهذا الدين، وملحدون، أو منكرون لما جاء به الرسول (صلى الله عليه وسلم) (منكرو الحديث النبوي)، أو بعض ما جاء به (منكرو السنّة القولية فقط دون الفعلية)، أو منكرو الأحاديث التي لا تستوعبها عقولهم القاصرة، أو أنها لا تتوافق مع ما جاء به العلم، لأنها لا تتفق مع التقدم العلمي والتكنولوجي، حسب زعمهم الأبتر.
18.             السورة مكيّة بالإجماع([3])، وذكر الصلاة فيها جاء بصيغة الأمر ﴿فَصَلِّ، حيث لم تفرض الصلاة بعدُ، إلّا بعد سنوات (الإسراء والمعراج)؛ كأنها تهيئ القلوب والعقول لما هو آت في المستقبل (اختراق حاجز الزمن - استشراف المستقبل) حيث تفرض الصلوات الخمس، وتصبح ركناً من أركان الإسلام (الركن الثاني).
19.             قوله: ﴿وَانْحَرْ تعني، على أصح الأقوال: نحر الذبائح (القرابين) يوم النحر (عيد الأضحى المبارك). وترتيب نزولها تعطي بشارة مستقبلية، تهيئ المسلمين للاستعداد بنحر الإبل أو البقر أو الغنم، تقرّباً لله تعالى، وإطعام الفقراء والمساكين، والتوسعة على الأهل والأقارب والجيران في يوم النحر المبارك.
20.             الردّ على المبغضين جاء من الله سبحانه، وهذا فضل عظيم، ومنزلة كبيرة للرسول (صلى الله عليه وسلم). يعني إذا كان علينا الردّ، فعليك بالصلاة والتقرّب إلى الله تعالى بالقرابين، وفعل الخيرات، وعدم الالتفات إلى هؤلاء المنكرين، لئلا يلهوك عن مهمام الدعوة والتبليغ.
21.              تدعو السورة إلى التفقّه في العلوم العقلية والنقلية، وصنع علماء متخصصين، وجهات منظّمة في الردّ على منكري العقيدة (الملحدين)، أو منكري الحديث النبوي الشريف، لبتر أفكارهم، ومخطّطاتهم، وتعطيل شبهاتهم.
تعظيم محمد (صلى الله عليه وسلم) :
قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ يفيد تعظيم حال محمد (صلى الله عليه وسلم) من وجوه:
 أحدها: يعني هذا الحوض كالشيء القليل بالنسبة إلى ما هو مدّخر لك من الدرجات العالية والمراتب الشريفة، فهو يتضمن البشارة بأشياء هي أعظم من هذا المذكور.
وثانيها: أن الكوثر إشارة إلى الماء، كأنه تعالى يقول: الماء في الدنيا دون الطعام، فإذا كان نعيم الماء كوثراً، فكيف سائر النعيم؟
وثالثها: أن نعيم الماء إعطاء، ونعيم الجنة إيتاء.
ورابعها: كأنّه تعالى يقول: هذا الذي أعطيتك، وإن كان كوثراً، لكنّه في حقّك إعطاء لا إيتاء، لأنّه دون حقّك.
وخامسها: أن نقول: إنّما قال - فيما أعطاه من الكوثر -: أعطيناك، لأنّه دنيا. وأمّا القرآن، فهو إيتاء، لأنه دين.
فــوائــد ولـطــائــف:
قوله تعالى: ﴿إِنَّاضمير العظمة مشعر بالامتنان بعطاء عظيم، وافتتاح الكلام بحرف التأكيد، للاهتمام بالخبر. والإشعار بأنه شيء عظيم، يستتبع الإشعار بتنويه شأن النبي (صلى الله عليه وسلم).
قوله تعالى: ﴿أَعْطَيْناكَ إنعاماً منّا عليك به، وتكرمةً منّا لك.
قال الله تعالى: ﴿أَعْطَيْناكَ﴾، ولم يقل: سنعطيك، للدلالة على تحقّق وقوع الوعد، مبالغةً، كأنّه حدث ووقع. لأن قوله: ﴿أَعْطَيْناكَ يدلّ على أن هذا الإعطاء كان حاصلاً في الماضي. وهذا فيه أنواع من الفوائد:
1.     ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ يفيد الوعد الجميل في المستقبل أنه يربّيه ولا يتركه.
2.      أن من كان في الزمان الماضي أبداً عزيزاً، مرعيّ الجانب، مقضيّ الحاجة، أشرف ممّن سيصير كذلك.
3.      أنّها إشارة إلى أنّ حكم الله بالإسعاد والإشقاء والإغناء والإفقار، ليس أمراً يحدث الآن، بل كان حاصلاً في الأزل.
4.      كأنه يقول: إنّا قد هيّأنا أسباب سعادتك قبل دخولك في الوجود، فكيف نهمل أمرك بعد وجودك واشتغالك بالعبودية.
5.      كأنّه تعالى يقول: نحن ما اخترناك وما فضّلناك لأجل طاعتك، وإلا كان يجب أن لا نعطيك إلا بعد إقدامك على الطاعة، بل إنما اخترناك بمجرد الفضل والإحسان منّا إليك، من غير موجب.
6.      قال: ﴿أَعْطَيْناكَ﴾، ولم يقل: أعطينا الرسول أو النبي أو العالم أو المطيع، لأنه لو قال ذلك لأشعر أن تلك العطيّة وقعت معلّلة بذلك الوصف، فلما قال: ﴿أَعْطَيْناكَ﴾، علم أن تلك العطيّة غير معلّلة بعلّة أصلاً، بل هي محض الاختيار والمشيئة.
7.     الهداية، وإن كانت قليلة، لكنّها بسبب كونها واصلة من المهديّ العظيم، تصير عظيمة. فههنا الكوثر، وإن كان في نفسه في غاية الكثرة، لكنه بسبب صدوره من ملك الخلائق، يزداد عظمة وكمالاً.
8.     أنّه لما قال: ﴿أَعْطَيْناكَ﴾، قرن به قرينة دالّة على أنه لا يسترجعها، ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ طلب منه الصلاة والنحر، وفائدته إسقاط حقّ الرجوع.
9.     أنّه بنى الفعل على المبتدأ، وذلك يفيد التأكيد، والدليل عليه أنّك لمّا ذكرت الاسم المحدث عنه، عرف العقل أنه يخبر عنه بأمر، فيصبر مشتاقاً إلى معرفة ما يخبر عنه، فإذا ذكر ذلك الخبر، قبله قبول العاشق لمعشوقه، فيكون ذلك أبلغ في التحقيق ونفي الشبهة.
10.أنه تعالى صدّر الجملة بحرف التأكيد ﴿إِنَّا﴾، الجاري مجرى القسم، وكلام الصادق مصون عن الخُلْف، فكيف إذا بالغ في التأكيد.

معنى الكوثر
لغة([4]):
الكوثر فوعل، من الكثرة، والواو فيه زائدة، وهو نهر في الجنّة، وسمّي كوثراً لكثرة مائه. الكَوْثَر: مبالغة الكثير، فهو: ذو كثرة عظيمة، وبركة، وثروة. فإن الكُثرْ هو: الثروة.  ويقال للرّجل السّخيّ: كَوْثَرٌ، لأنه كثير العطايا والخير. والكوثر من الرجال: السيّد الكثير الخير.
ويقال: تَكَوْثَرَ الشيءُ: كَثُرَ كَثْرَةً متناهية.
وقيل: بل هو الخير العظيم الذي أعطيه النبيّ (صلى الله عليه وسلم) .
والكوثر: العدد الكثير من الأصحاب والأشياع. والكوثر من الغبار: الكثير.
وعبّر بصيغة الماضي، المفيدة للوقوع. والعرب تسمّي كلّ شيء كثير في العدد والقدر والخطر، كوثراً.
يجوز أن يسمّى ذلك النهر أو الحوض كوثراً، لكثرة الواردة والشاربة من أمّة محمّد عليه السلام هناك. ويسمّى به لما فيه من الخير الكثير، والماء الكثير.
الْكَوْثَرَ: المفرط في كثرة الخير من العلم والعمل، وشرف الدارين بالنبوّة والقرآن والدين الحق والشفاعة ونحوها.
معنى الكوثر في الأثر:
أوّلاً - نهر في الجنّة:
هو نهر في الجنّة أعطاه الله نبيّه محمّداً (صلى الله عليه وسلم).
1.                 عَنْ أَنَسٍ (رض)، قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: (أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ)([5]).
2.                 عن أنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: (بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ، الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ - أَوْ طِيبُهُ - مِسْكٌ أَذْفَرُ)([6]).
3.                 عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): (دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِنَهْرٍ حَافَتَاهُ خِيَامُ اللُّؤْلُؤِ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي إِلَى مَا يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ، فَإِذَا مِسْكٌ أَذْفَرُ. قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللهُ)([7]).
4.                 عَنْ أَنَسٍ، قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الكوثر، فقال: (هُوَ نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ في الجَنَّةِ، تُرَابُهُ مِسْكٌ أبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وأحْلَى مِنَ العَسَلِ، تَرِدُهُ طَيْرٌ أعنَاقُهَا مِثْلُ أعناقِ الجُزُرِ)، قال أبو بكر: يا رسول الله، إنها لناعمة؟ قال: (آكِلُها أنْعَمُ مِنْها)([8]).
5.                 عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا. فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ)، فَقَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر. ثُمَّ قَالَ: (أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟)، فَقُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: (فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ، فَأَقُولُ: رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي، فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ)([9]).
6.                 عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): (الْكَوْثَرُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَالْمَاءُ يَجْرِي عَلَى اللُّؤْلُؤِ، وَمَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ)([10]).
ثانياً: حوض في الجنّة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: (إِنَّ حَوْضِي أَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ مِنْ عَدَنٍ لَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ بِاللَّبَنِ، وَلَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ النُّجُومِ، وَإِنِّي لَأَصُدُّ النَّاسَ عَنْهُ، كَمَا يَصُدُّ الرَّجُلُ إِبِلَ النَّاسِ عَنْ حَوْضِهِ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَعْرِفُنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا، مُحَجَّلِينَ، مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ)([11]).
عن عطاء ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾، قال: حوض في الجنّة أُعطيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وهذان القولان (الأوّل والثاني) هما أصحّ الأقوال، فيكون الكوثر شاملاً نهراً في الجنّة، وحوضاً ترد عليه أمّة النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم القيامة.
ثالثا- الخير الكثير:
عُنِي بالكوثر: الخير الكثير. عن ابن عباس أنه قال في الكوثر: هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إيّاه.
قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير: فإن ناساً يزعمون أنه نهر في الجنّة. قال: فقال سعيد: النهر الذي في الجنّة من الخير الذي أعطاه الله إيّاه.
رابعاً: القرآن والحكمة:
عن عكرمة في قول الله: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ قال: الخير الكثير، والقرآن والحكمة والعلم.
خامساً: النبوّة والإسلام:
عن عكرمة، قوله: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ قال: الخير الذي أعطاه الله: النبوّة والإسلام والكتاب.
سادساً: الأمّة:
أنّه كثرة أتباعه، وأمّته.
سابعاً: رفعةٌ وذكر:
أنّه رفعةُ الذكر، وأنّه نور القلب، وأنّه الشفاعة، وأنّه الإيثار.
ثامناً: نور في القلب:
أنّه نور في قلبك، دلّك عليّ، وقطعك عمّا سواي.
تاسعاً: المعجزات:
وقيل: معجزات الرب،ّ هدي بها أهل الإجابة لدعوتك.
عاشراً: كلمة التوحيد:
هو: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله.
حادي عشر: الفقه والصلوات:
وقيل: الفقه في الدين. وقيل: الصلوات الخمس.
ثاني عشر: الذرية:
الكوثر: أولاده من فاطمة (رض)، أي: نسله باق إلى يوم القيامة.
ثالث عشر: العلماء:
الكوثر: علماء أمّته، الداعين بدعوته إلى يوم القيامة.
خامس عشر: الخلق:
الكوثر: الخلق الحسن، والفضائل الكثيرة، التي وهبه الله تعالى إيّاها.
سادس عشر: جميع النعم:
أن المراد من الكوثر جميع نعم الله على محمّد عليه السلام، وهو المنقول عن ابن عباس، لأن لفظ الكوثر يتناول الكثرة الكثيرة.
سابع عشر: مرونة الشريعة:
الكوثر: هو تيسير القرآن، وتخفيف الشرائع.
ثامن عشر: الكوثر كثرة غير محدودة، لا في الزمان ولا في المكان:
إنّا أعطيناك ما هو كثير فائض غزير، غير ممنوع ولا مبتور.. فإذا أراد أحد أن يتتبع هذا الكوثر الذي أعطاه الله لنبيّه، فهو واجده حيثما نظر أو تصوّر. هو واجده في النبوة. في هذا الاتّصال بالحقّ الكبير، والوجود الكبير. الوجود الذي لا وجود غيره، ولا شيء في الحقيقة سواه.
وهو واجده في هذا القرآن الذي نزل عليه. وهو واجده في الملأ الأعلى الذي يصلّي عليه، ويصلّي على من يصلّي عليه في الأرض، حيث يقترن اسمه باسم الله في الأرض والسماء.
وهو واجده في سنّته الممتدة على مدار القرون، في أرجاء الأرض. وفي الملايين بعد الملايين السائرة على أثره، وملايين الملايين من الألسنة والشفاه الهاتفة باسمه، وملايين الملايين من القلوب المحبّة لسيرته وذكراه إلى يوم القيامة.
وهو واجده في الخير الكثير الذي فاض على البشرية، في جميع أجيالها، بسببه، وعن طريقه. سواء من عرفوا هذا الخير، فآمنوا به، ومن لم يعرفوه، ولكنّه فاض عليهم فيما فاض!
وهو واجده في مظاهر شتّى، محاولةُ إحصائها ضربٌ من تقليلها وتصغيرها! إنه الكوثر، الذي لا نهاية لفيضه، ولا إحصاء لعوارفه، ولا حدّ لمدلوله.
قوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ
 اختلف أهل التأويل في الصلاة التي أمر الله نبيّه (صلى الله عليه وسلم) أن يصلّيها، بهذا الخطاب، فقال بعضهم: حضّه على المواظبة على الصلاة المكتوبة، وعلى الحفظ عليها في أوقاتها.
عن علي (رض) في قوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَقال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة.
وعنه أيضاً ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَقال: وضع يده اليمنى على وسط ساعده اليسرى، ثم وضعهما على صدره.
وقيل: يشكر ربّه، ويسبّح بحمده، عرفاناً بهذا العطاء الجزيل، وتقديراً لقدره.
وقال آخرون: بل عُنِيَ بقوله ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ: الصلاة المكتوبة، لأنها أفضل القربات إلى اللّه، وأعظم وسائل الزّلفى إليه، والولاء له. واللام في قوله تعالى: ﴿لِرَبِّكَ لام الملكية، أيْ صلّ الصلاة للّه وحده، واجعلها خالصة له سبحانه، لا يدخل عليها شيء من الغفلة، أو الاشتغال بغير اللّه. فإن الصلاة أفعال وأقوال دالّة على تعظيم الله، والثناء عليه، وذلك شكر لنعمته.
وقيل هي صلاة الصبح بمزدلفة. وقيل: صلاة الغداة بجمع. وقيل: صلاة الفجر. وقيل: صلّ يوم النحر صلاة العيد. وقيل: استقبل القبلة في الصلاة بنحرك.

فــــــوائــــد ولـطــائـف:
 قوله: ﴿فَصَلِّ﴾، إشارة إلى التعظيم لأمر الله.
قوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَأبلغ من قوله: فصلّ لله، لأن لفظ الربّ يفيد التربية. وإضافة (ربّ) إلى ضمير المخاطب، لقصد تشريف النبي (صلى الله عليه وسلم)، وتقريبه، وفيه تعريض بأنه يربّه ويرأف به.
وقيل: هي الصلاة، مطلقة في فرائضها، وسننها.. ونوافلها.. وهي صلاة تكاد تكون مستغرقة معظم الأيام والليالي مدى العمر.. وهذا ما يمكن أن يكون في مقام الحمد والشكر على ما أعطي النبي الكريم من ربّه، هذا العطاء الجليل الكثير، الذي لا حدود له..

محاربة نفسية:
  وناسب أن يكون الشكر بالازدياد ممّا عاداه عليه المشركون وغيرهم، ممّن قالوا مقالتهم الشنعاء: إنه أبتر، فإن الصلاة لله شكر له، وإغاظة للذين ينهونه عن الصلاة ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ دون: فصلّ لنا، لما في لفظ الربّ من الإيماء إلى استحقاقه العبادة لأجل ربوبيّته، فضلاً عن فرط إنعامه.
قوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَاعتراض، والفاء للتفريع على هذه البشارة بأن يشكر ربّه عليها، فإن الصلاة أفعال وأقوال دالّة على تعظيم الله، والثناء عليه، وذلك شكر لنعمته([12]).
قوله تعالى: ﴿وَانْحَرْ
قيل: أن يرفع يديه إلى النحر عند افتتاح الصلاة، والدخول فيها.
وقيل: يرفع يديه أول ما يكبر في الافتتاح.
وقيل: نحر البُدن بمنًى.
عن ابن عباس: والنحر، النسك والذبح يوم الأضحى.
وقيل: يراد بمطلق النحر، إطعام الفقراء والمساكين. وعبّر عن إطعامهم بما ينحر من ذبائح، لأن ذلك خير ما يطعمونه.
وقيل: حثٌّ على قَتْل النفس بقمع الشهوة، وتنزيه النفس عن هواها.
وقيل معناه: اقعد بين السجدتين، حتى يبدو نحرك.
وقيل معناه: ارفع يديك، عقيب الدعاء، إلى نحرك.
فــوائـــد ولـطــائــــف:
قوله: ﴿وَانْحَرْ إشارة إلى الشفقة على خلق الله، وجملة العالمين.
وأولى هذه الأقوال: قول من قال: معنى ذلك: فاجعل صلاتك كلّها لربّك خالصاً دون ما سواه من الأنداد والآلهة، وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان؛ شكراً له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كفء له، وخصّك به، من إعطائه إيّاك الكوثر.

لماذا قرن بين الصلاة والنحر؟
  لأن أعزّ الأموال عند العرب هو الإبل، فأمره بنحرها، وصرفها إلى طاعة الله تعالى، تنبيهاً على قطع العلائق النفسانية عن لذّات الدنيا وطيّباتها، وأن الصلاة أعظم العبادات البدنية، فقرن بها أعظم أنواع الضحايا. وأيضاً فيه إشارة إلى أنك بعد فقرك، تصير بحيث تنحر المائة من الإبل.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ
معنى الشانئ([13]): جاء في لسان العرب: شنأ: الشَّنَاءَة مثل الشناعة: البغض. شَنِئَ الشيءَ وشنَأَه: أبغضه. والشانئ: المبغض. والشَّنء والشِّنء: البِغضة.
ويكون في معنى الشناءة والبغض: الطعن والسبّ والاستهزاء. ولا يكون الطعن والسبّ والاستهزاء إلا من مبغض عدوّ خبيث.
فالشانئ: المبغض والعدوّ، وكل سابّ، أو شاتم، أو طاعن، أو مستهزئ، فهو شانئٌ مبغض.
معنى الأبتر([14]):
الأبتر: من البَتْر، وهو: استئصال الشيء قطعاً. فقيل: فلان أَبْتَر، إذا لم يكن له عقب يخلفه. ورجل أَبْتَر وأَبَاتِر: انقطع ذكره عن الخير. ورجل أَبَاتِر: يقطع رحمه.
ويقال للرجُلِ الأبتر الذي لم يبق له ولَدٌ من بعده. يقال: سيف بَاتِر، أي قاطع، وبَتّار: قطّاع. بَتَرَ فلان رَحِمَه: قطعها. الأُبَاتِر: قاطع الرحم. أبْتَرَ الرجلُ: إذا أعطى ثمّ منع. الحجّة البَتْراء: القاطعة. في حديث الأضاحي: أنه نهى عن المبتورة، وهي ما قطع ذنبها. الأبْتَر من الحيّات: نوع منها قصير الذنَب. الأبتَر: مَنْ لا عَقِبَ له. 
الأَبْتَرُ: (العيْرُ، والعَبْدُ، وهما الأَبْتَرانِ)؛ سُمِّيَا أَبْتَرَيْنِ لقِلَّةِ خيرِهما.
الخطبة التي لم تبدأ بذكر الله والصلاة على رسوله سمّيت: بَتْرَاء.
يقال: بَتَرتُ الشيءَ بتراً: قطعته قبل الإتمام. والانبتار: الانقطاع.
والأبتر: المقطوع الذَّنَب - من أيّ موضع كان - من جميع الدوابّ، ثم أجري قطع العقب مجراه فقيل: فلان أبتر، إذا لم يكن له عقب يخلفه.
ورجل أبتر: انقطع ذكره عن الخير.
الأبتر: الحقير الدقيق الذليل. فتبيَّن أن معنى هذه الكلمة تدرَّج من المقطوع إلى الصغير القصير، وإلى المخذول الحقير، وإلى كلّ أمر منقطع من الخير.
التفسير:
عني بقوله جلّ ثناؤه: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ إن مبغضك يا محمّد وعدوّك ﴿هُوَ الأبْتَرُ يعني بالأبتر: الأقلّ والأذلّ المنقطع دابره، الذي لا عقب له. زعموا أنه أبتر، لأنه ليس له ناصر ومعين.
واختلف أهل التأويل في المعنيّ بذلك، فقال بعضهم: عني به العاص بن وائل السهميّ. وقال آخرون: بل عني بذلك: عقبة بن أبي معيط. وقيل: نزلت في أبي جهل. وقيل: هو أبو لهب. وقيل: كعب بن الأشرف. وقال آخرون: بل عني بذلك جماعة من قريش.
فــــــوائــد ولـطـائــــف:
الشانئ موجود في كل زمان ومكان:
 الشانئ لم يسمّ السورة باسمه، ليشمل كلّ من اتّصف بهذه الصفة القبيحة، ولو كان المراد به شخصاً معيّناً، لعيّنه الله.
ومنها: التنبيه بذكر هذه الصفة القبيحة على أنه لم يتّصف إلا بمجرد قيام الصفة به، من غير أن يؤثّر فيه شيئاً البتة؛ لأنّ من شنأ شخصاً قد يؤثّر فيه شنؤه.
محاربة نفسية أخرى:
وصف المبغض بكونه شانئاً، كأنّه تعالى يقول: هذا الذي يبغضك لا يقدر على شيء آخر سوى أنه يبغضك، والمبغض إذا عجز عن الإيذاء، فحينئذ يحترق قلبه غيظاً وحسداً، فتصير العداوة من أعظم أسباب حصول المحنة لذلك العدو.
مقابلة مفحمة:
وأريد من هذا الخبر ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ بشارة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإزالة ما عسى أن يكون في خاطره من قول من قال فيه: هو أبتر، فقوبل معنى الأبتر بمعنى الكوثر، إبطالاً لقولهم. أي إن مبغضك يا محمّد، ومبغض ما جئت به من الهدى والحقّ والبرهان الساطع والنور المبين، هو الأبتر الأقلّ الأذلّ المنقطع عن خيري الدنيا والآخرة، والذي لا يبقى ذكره بعد موته.

ضمير غائب يقلب الصفة رأساً على عقب:
  يقول ابن عاشور: "واشتمال الكلام على صيغة قصر، وعلى ضمير غائب، وعلى لفظ الأبتر، مؤذن بأن المقصود به ردّ كلامٍ صادرٍ من معيّن، وكانوا يصفون من ليس له ابن بأنه أبتر، فأنزل الله هذه السورة، فحصل القصر في قوله: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ﴾، لأن ضمير الفصل يفيد قصر صفة الأبتر على الموصوف، وهو شانىء النبي (صلى الله عليه وسلم)، قصر المسند على المسند إليه، وهو قصـر قلب، أي هو الأبتر لا أنت.
والأبتر، حقيقته: المقطوع بعضه، وغلب على المقطوع ذنبه من الدوابّ، ويستعار لمن نقص منه ما هو من الخير في نظر الناس. يقال: بتر شيئاً، إذا قطع بعضه. وبتر بالكسر كفرح، فهو أبتر. ويقال للذي لا عقب له ذكوراً، هو أبتر، على الاستعارة، تشبيه متخيّل بمحسوس، شبّهوه بالدابّة المقطوع ذنبها، لأنه قطع أثره، في تخيّل أهل العرف.
 فقوله تعالى: ﴿هُوَ الأبْتَرُ﴾، اقتضت صيغة القصر إثبات صفة الأبتر لشانىء النبي (صلى الله عليه وسلم)، ونفيها عن النبي (عليه الصلاة والسلام). وهو الأبتر بمعنى الذي لا خير فيه. وهذا يعمّ جميع من اتّصف بعداوة النبي (صلى الله عليه وسلم) ممّن ذكر في سبب النزول، وغيرهم"([15]).
يقول سيد قطب: "ولقد صدق فيهم وعيد الله، فقد انقطع ذكرهم وانطوى. بينما امتدّ ذكر محمّد (صلى الله عليه وسلم) وعلا. ونحن نشهد اليوم مصداق هذا القول الكريم، في صورة باهرة، واسعة المدى، كما لم يشهده سامعوه الأوّلون! إن الإيمان والحق والخير لا يمكن أن يكون أبتر. فهو ممتدّ الفروع، عميق الجذور. وإنما الكفر والباطل والشرّ هو الأبتر، مهما ترعرع وزها وتجبّر"([16]).
لكل شانئ نصيب من العذاب:
   يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فإنّه سبحانه وتعالى بتر شانئ رسول الله من كل خير، فيبتر ذكره، وأهله، وماله، فيخسر ذلك في الآخرة. ويبتر حياته، فلا ينتفع بها، ولا يتزوّد فيها صالحاً لمعاده. ويبتر قلبه، فلا يعي الخير، ولا يؤهّله لمعرفته ومحبّته، والإيمان برسله. ويبتر أعماله، فلا يستعمله في طاعة. ويبتره من الأنصار، فلا يجد له ناصراً، ولا عوناً. ويبتره من جميع القرب والأعمال الصالحة، فلا يذوق لها طعماً، ولا يجد لها حلاوة، وإنْ باشرها بظاهره، فقلبه شارد عنها. وهذا جزاء من شنأ بعض ما جاء به الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وردّه، لأجل هواه، أو متبوعه، أو شيخه، أو أميره، أو كبيره... وكل من شنأه، له نصيب من الانبتار على قدر شناءته له، فهؤلاء لمّا شنؤوه، وعادوه، جازاهم الله بأن جعل الخير كلّه معادياً لهم، فبترهم منه، وخصّ نبيّه (صلى الله عليه وسلم) بضدّ ذلك"([17]).

المصادر:
1.                ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث.
2.                ابن الجوزي: زاد المسير.
3.                ابن تيمية: مجموع الفتاوى.
4.                ابن عاشور، التحرير والتنوير.
5.                ابن منظور: لسان العرب.
6.                أبو منصور الهروي: تهذيب اللغة.
7.                جعفر شرف الدين: الموسوعة القرآنية، خصائص السور، دار التقريب بين المذاهب الإسلامية – بيروت، الطبعة: الأولى - 1420 هـ.
8.                خالد بن سليمان المزيني: المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة دراسة الأسباب، دار ابن الجوزي، الدمام - المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، (1427 هـ - 2006 م).
9.                الرازي: مفاتيح الغيب.
10.            الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن. 
11.            سيد قطب: في ظلال القرآن.
12.            الطبري: جامع البيان.
13.            عبد الحميد الفراهي الهندي، مفردات القرآن - نظرات جديدة في تفسير ألفاظ قرآنية.
14.            عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبو الفضل، أسرار ترتيب القرآن، دار الاعتصام – القاهرة.
15.            الفراهيدي: العين.
16.            الفيروز آبادي: بصائر ذوي التمييز.
17.            القرطبي: أحكام القرآن.
18.            الماوردي: النكت والعيون.
19.            محمد رأفت سعيد: تاريخ نزول القرآن. دار الوفاء - المنصورة، مصر، الطبعة: الأولى، 1422 هـ - 2002م.
20.            المرتضى الزبيدي: تاج العروس.
21.            وهبة الزحيلي، التفسير المنير.
22.                   وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط.




[1] - التويجري، الموسوعة القرآنية، خصائص السور، (12/244).
[2] - عبد الكريم الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، (16/1689).
[3] - قال ابن عاشور: "وهل هي مكية أو مدنية؟ تعارضت الأقوال والآثار في أنها مكية أو مدنية تعارضاً شديداً، فهي مكية عند الجمهور، واقتصر عليه أكثر المفسرين. وعن الحسن وقتادة ومجاهد وعكرمة هي مدنية، ويشهد لهم ما في صحيح مسلم عن أنس، وأنس أسلم في صدر الهجرة، فإذا كان لفظ (آنفاً) في كلام النبي (صلى الله عليه وسلم) مستعملاً في ظاهر معناه، وهو الزمن القريب، فالسورة نزلت منذ وقت قريب من حصول تلك الرؤيا. ومقتضى ما يروى في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ أن تكون السورة مكية. ومقتضى ظاهر تفسير قوله تعالى: ﴿وَانْحَرْ﴾، من أن النحر في الحج أو يوم الأضحى، تكون السورة مدنيةً". اهـ. باختصار. التحرير والتنوير: (30/571).
حجيّة مدنية السورة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا قَدِمَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ مَكَّةَ، قَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ: أَنْتَ خَيْرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسَيِّدُهُمْ، قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا الْمُنْبَتِرُ مِنْ قَوْمِهِ، يَزْعُمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَّا، وَنَحْنُ - يَعْنِي: أَهْلُ الْحَجِيجِ، وَأَهْلُ السِّدَانَةِ - قَالَ: أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ، فَنَزَلَتْ ﴿إِنْ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [الكوثر: 3]، وَنَزَلَتْ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ [النساء: 51] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا [النساء: 52]. سنن النسائي: (10/347؛ رقم: 11643).
يقول ابن عاشور: وإن كانت السورة مدنية، وكان نزولها قبل فرض الحج، كان النحر مراداً به الضحايا يوم عيد النحر، ولذلك قال كثير من الفقهاء: إن قوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ مراد به صلاة العيد. (التحرير والتنوير: 30/575).
  يقول خالد المزيني: "أمّا الجمع بين حديث أنس وابن عبَّاسٍ، في قصة كعب بن الأشرف، فالجمع بينهما ممكن بأن يقال: بعد أن هاجر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة، واستقرّ بها، بدأ اليهود يكيدون له؛ تارةً فيما بينهم، وتارةً فيما بينهم وبين قريش. ومن هذا قدوم كعب بن الأشرف إلى مكة، وحديثهم إليه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بأنه المنبتر من قومه، وردّه عليهم بأنهم خير من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأنزل الله السورة على رسوله بالمدينة، مبشّراً إيّاه بالكوثر، ومخبره بأن مبغضه هو الأقطع". المحرّر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة: (2/1097-1098).
[4] - الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، الفيروز آبادي، بصائر ذوي التمييز؛ عبد الحميد الفراهي الهندي، مفردات القرآن، نظرات جديدة في تفسير ألفاظ قرآنية.
[5] - صحيح البخاري: (رقم: 4964).
[6] - صحيح البخاري: (رقم: 6581).
[7] - مسند الإمام أحمد: (رقم: 12008).
[8] - مسند الإمام أحمد: (رقم: 13475).
[9] - صحيح مسلم: (1/300؛  رقم: 400).
[10] - مسند الإمام أحمد: (رقم: 5355).
[11] - صحيح مسلم: (رقم: 247).
[12] - التحرير والتنوير: (30/573-574).
[13] - أبو منصور الهروي، تهذيب اللغة (شنأ). ابن منظور، لسان العرب (شنأ).
[14] - الفراهيدي، العين. ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث. ابن منظور، لسان العرب. المرتضى الزبيدي، تاج العروس.
[15] - التحرير والتنوير: (30/575).
[16] - في ظلال القرآن: (6/3989).
[17] - ابن تيمية: مجموع الفتاوى: (16/526).



منشور في مجلة الحوار | العدد 171 – 172 | صيف 2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق