30‏/03‏/2021

نظرات حول المقاصد العقدية من خلال القرآن الكريم

رشيد لبريجة

المغرب

مقدمة:

يعتبر القرآن الكريم المصدر الأول والأساس لاستنباط المقاصد والعلل والأسـرار، لأنه تنزيل الحكيم الحميد، وقد أفاض القرآن الكريم في بيان ذلك تكريماً لهذا الإنسان، وتحقيقاً لمصالحه الدنيوية والأخروية، والعاجلة والآجلة، كما احتوى على أصول المقاصد من ضـروريات وحاجيات وتحسينيات، بالإضافة إلى العديد من المقاصد العامة،

والخاصة، والجزئية.

وسيتناول هذا البحث بالدراسة والتحليل مقاصد العقيدة، وذلك من خلال دراسة مجموعة من الأمثلة للمقاصد العقدية التي أشار إليها القرآن الكريم.

اهتم القرآن الكريم بتصحيح المفاهيم العقدية، وبناء العقيدة الصحيحة، باعتبارها القاعدة الأساسية في بناء الإنسان، ومن خلالها يضبط المؤمن تصـرفاته، وتساعده على فهم الوجود. لذا، ركز على سلامة الفطرة الأولى، وبناء العقل، مع سهولة في البيان. هذا الاختلاف في الخطاب القرآني جعله قاصداً في بيان العقيدة، خلافاً لاستعمالات المتكلمين المعقدة، والتي سيقت وفق ظروف زمانية ومكانية جعلتهم مضطرين إلى استعمالها. إلا أن خطاب القرآن لم يقتصـر على فئة دون أخرى، لذا كان خطابه ميسراً للجميع، فلا شك أنه اشتمل على الكثير من الآيات التي تثبت العقيدة بهذا الشكل، وفي إطار مقاصدي واضح، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾[1] فمن الواضح والمنطقي أن يشتمل القرآن على مقاصد متنوعة لتثبيت العقيدة، وتحبيبها للقلوب، لتحقق المقصد الأعلى المتمثل في الهداية، قال تعالى: ﴿ومَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[2] .

وتأتي أهمية هذا الموضوع كون البحوث المتعلقة بمقاصد العقيدة من خلال القرآن الكريم قليلة، ولم تعط الأهمية التي تستحقها، مقارنة مع البحوث المتعلقة بمقاصد الشـريعة. كما يندرج البحث في العلاقة بين البحوث العقدية الإسلامية وعلاقتها بالمقاصد، في إطار الدفاع عن أصالة المعرفة الإسلامية، من خلال الرجوع إلى المنبع الأول في تعليم العقيدة الصحيحة، إضافة إلى قيمة الموضوع، لأنه يعني باستخراج المقاصد العقدية من خلال القرآن الكريم.

ومن الأسباب التي دفعتني لاختيار موضوع المقال، كون البحث في مقاصد الدين وثمراته يعد من أهم ما ينبغي توجيه النظر إليه، وإعمال الفكر فيه، مع قلة البحوث في مجال مقاصد العقائد، مقارنة مع أختها مقاصد الشـريعة.

يتناول المقال إشكالية العلاقة بين المقاصد والعقائد، وبشكل دقيق سنركز على الإجابة على تساؤلين، فحواهما: هل يمكن  إثبات علاقة بين علم العقيدة والمقاصد، كإطار يجتهد الباحثون من خلاله على استخراج مقاصد العقيدة في القرآن الكريم، كما هو الشأن مع مقاصد الشـريعة؟ وهل استعراض القرآن الكريم للعقيدة يتسم بالتقصيد والتعليل، على نحو يسمح باستنباطها وبيان أثرها؟

ولا بد من الإشارة إلى أن  القليل من الباحثين من تناول الموضوع بالدراسة، وهنا أستحضـر دراستين بشكل موجز:

ü   (المقاصد العقدية في القصص القرآني: قضايا ونماذج - أبعاد ودلالات)، للباحث: طويل الزايدي، تاريخ النشر 2011، في بيروت، دار صادر.

ü  (المقاصد العقدية في القرآن الكريم، ملامح منهجية ومعرفية)، للأستاذ الدكتور مولاي مصطفى الهند، من إصدرات الدار العالمية للكتاب ومغرب الكتاب، ضمن سلسلة تجديد الخطاب الديني، سنة 1440ه/2019م، وقد استفدت منه في بعض الأمثلة.

أما منهج العرض الذي سأعتمده في تقديم عناصـر هذا البحث، فهو المنهج التحليلي الذي يساعد في تحليل النماذج المختارة، بعد جمع المعلومات، وملاحظتها، باستقراء النصوص التي تناولت قضايا العقيدة.

وهدف البحث هو الكشف عن العلاقة بين العقيدة والمقاصد، وإبراز أهداف العقيدة من خلال استعراض ملامح من المقاصد العقدية في الخطاب القرآني، وبيان عناية القرآن الكريم بالمقاصد، باعتباره المصدر الأول والأساس لاستنباط المقاصد والعلل والأسـرار، لأنه تنزيل الحكيم الحميد.

*     وأما خطة البحث، فقد جاءت في مقدمة وثلاث مباحث، هي:

*     المبحث الأول: نمط التعليل القرآني في عرض معاني ومقتضيات العقيدة.

*      المبحث الثاني: نظرات عامة في مقاصد العقيدة.

*      المبحث الثالث: المقاصد العقدية في القرآن الكريم (نماذج مختارة).

*     ثم خاتمة.

 

المبحث الأول: نمط التعليل القرآني في عرض معاني ومقتضيات العقيدة:

من أهم المباحث التي تطرق إليها بعض المتكلمين[3] ، وعلماء الأصول: مبحث التعليل، حيث فتشوا عن المعاني والعلل والأسـرار والمقاصد المبثوثة في النصوص الشـرعية، ولكنهم اختلفوا في ذلك اختلافاً كثيراً، وتعددت مسالكهم، وتشعبت طرائقهم.. بينما عند الرجوع الى طريقة القرآن الكريم في عرض معاني العقائد؛ نجدها سهلة، ميسـرة، بعيدة عن أي تقعر كلامي، أو تعمق فلسفي، وفي الوقت نفسه تيسـر فهم القرآن الكريم بلغة سلسة لا تحجر فيها، و غير بعيدة عن مدارك الفهم والتفكر عند كل العقول.

  ويعرض القرآن الكريم قضية غاية الخلق في قوله تعالى: :﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[4] ، وقوله تعالى:  ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾[5] ، ونفى العبث عن نفسه في خلقه قائلاً: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ [6]فهذا النمط من التعليل يعطينا سهولة في فهم الخطاب القرآني الذي يركز على أهداف سهلة ميسـرة للجميع، تتلخص في معرفة حقيقة الوجود، والغاية من الخلق، لربطها بالاستعداد لليوم الآخر، وإجادة العمل والصنع في الحياة، بربط حركات الإنسان بالله تعالى، والتركيز على ما ينفعه في الدنيا، دون ضياع الوقت فيما لا يفيد من المسائل التي لا يرجى من ورائها نفع ولا عمل.

يحدثنا الإمام الغزالي - رحمه الله - عن أسلوب القرآن في عرض المقاصد، فيقول: "في حصـر مقاصد القرآن ونفائسه سـر القرآن، ولبابه الأصفى، ومقصده الأقصـى: دعوة العباد إلى الجبار الأعلى، رب الآخرة والأولى، خالق السماوات العلى، والأرضين السفلى، وما بينهما وما تحت الثرى، فلذلك انحصرت سور القرآن وآياته في ستة أنواع... أما الثلاثة المهمة، فهي: تعريف المدعو إليه، وتعريف الصـراط المستقيم الذي تجب ملازمته في السلوك إليه، وتعريف الحال عند الوصول إليه.." [7].

  وبنفس الأسلوب عرض الله تعالى الغاية من نزول القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿إنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾[8] ، وقوله تعالى:﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾، فمقصود الآيات واضح: الهداية، والتدبر، والتفكر، بعيداً عن التقعيد الكلامي، والجدل الفلسفي. كما تحدث القرآن الكريم عن الرسل، وأهدافهم، وغايتهم، في مواطن عديدة، من بينها: قوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾[9] ، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾[10] ، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[11]. فالنمط التعليلي القرآني في بيان مقاصد العقائد يركز أساساً على الآثار السلوكية المترتبة على التصور الحقيقي لمفهوم العقيدة، فعقيدة دون عمل، ولا علم، ولا معرفة لحقيقة أسماء الله الحسنى وسماتها العلى، لا معنى لها في مفهوم القرآن، وهذا الأفق من النظر يجعل للتوحيد معنى، باعتباره محور الفهم والتفسير والتدبر والتفكر والاتعاظ.

يحدد لنا الطاهر بن عاشور بعض سمات القرآن في خطابه، مقارنة بغيره، فيقول رحمه الله: "فمراد الله من كتابه هو بيان تصاريف ما يرجع إلى حفظ مقاصد الدين، وقد أودع ذلك في ألفاظ القرآن التي خاطبنا بها خطاباً بيناً، وتعبدنا بمعرفة مراده، والاطلاع عليه، فقال: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ[12]"[13]

هذا النمط التعليلي في القرآن الكريم ينسجم تماماً مع مقتضـى أفعاله سبحانه وتعالى، التي تتسم بالحكمة ورعاية المصلحة، "إن الله تعالى لم يخلق شيئاً إلا وفيه حكمة، ولا خلق شيئاً إلا وفيه نعمة؛ إما على جميع عباده، وإما على بعضهم" [14]، هذه الحكم الإلهية لا يمكن حصـرها، أو عدها، وإلى هذا المعنى أشار أبو حامد بقوله: "فجميع أجزاء العالم؛ سماؤه، وكواكبه، ورياحه، وبحاره، وجباله، ومعادنه، ونباته، وحيواناته، وأعضاء حيواناته، لا تخلو ذرة من ذراته عن حكم كثيرة؛ من حكمه واحدة، إلى عشرة، إلى ألف، إلى عشرة آلاف"[15]

خلاصة هذا المبحث تتضح بإدراك الفرق بين النمط التعليلي، الذي اهتم به القرآن في معالجة القضايا العقدية، مقارنة بغيره من المناهج الكلامية، التي استعملت مصطلحات معقدة، يصعب على عموم الناس إدراكها. فالإيمان في القرآن الكريم يعتمد على التدبر والتفكر بمفاهيم يسيرة وسهلة، تتطابق تماماً مع فطرة الإنسان، هذه الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وأكدها، من خلال دعوة الناس إلى استعمال حواسهم وعقولهم للنظر والتفكر في حكم الله التي لا تنتهي. ولم يقتصر خطابه على التنظير للتصورات العقدية فقط، حيث عززها بالعلم والعمل. فالملاحظ أن الخطاب القرآني وجه نظره للعمل، بمعنى آخر: ربط العقيدة بالعمل، وعدم انفصالها عنه، فالإصرار على الطهارة والتزكية والعلم والعمل، مؤشـر على صحة العقيدة وسلامتها.

 

 

المبحث الثاني: نظرات عامة في مقاصد العقيدة:

إنَّ المقصد الأعلى للإسلام، بشـريعته وعقيدته، هو الوصول بالإنسان إلى مرتبة الأحسن، من حيث التقويم والكينونة البشرية، كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم﴾[16]. وهذه المرتبة العالية تتطلب تقويم جميع أركان الإنسان واختياراته، وذلك لعلاج الاعوجاج القائم بهذا الإنسان، للوصول به إلى مرتبة الكمال البشـري الذي لا نقص فيه، من خلال تصحيح مسار عقائده، وتحديد مقاصدها وغاياتها الكبرى، فالأقوال والأفعال نتاج الاعتقاد، من هنا اهتم الإسلام في بدايته بإصلاح عقائد الناس وتصوراتهم..

يحدد لنا الإمام الغزالي - رحمه الله - المقصود من العقيدة، فيقول: "حفظ عقيدة أهل السنة، وحراستها عن تشويش أهل البدعة، فقد ألقى الله تعالى إلى عباده، على لسان رسوله، عقيدة هي الحق. على ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، كما نطق بمعرفته القرآن و الأخبار"[17].  ينطلق الإمام الغزالي هنا من الصـراعات التي دارت بين أهل السنة والجماعة وباقي المخالفين من الفلاسفة والفرق الإسلامية؛ كالجهمية، والمعتزلة، والمجسمة، وإلا فإن متعلقات علم العقيدة أعم وأشمل. وهذا ما ركز عليه القرآن الكريم في عرضه لمعاني ومقتضيات العقيدة الإسلامية. ومن بين الآيات الكلية التي تعبر عن المقصود من الخلق، قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون﴾[18]، وقوله تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾[19]. فهذا النمط من التعليل يعطينا سهولة في فهم الخطاب القرآني، الذي يركز على أهداف سهلة ميسـرة للجميع، تتلخص في معرفة حقيقة الوجود، والغاية من الخلق، لربطها بالاستعداد لليوم الآخر، وإجادة العمل والصنع في الحياة، بربط حركات الإنسان بالله تعالى، والتركيز على ما ينفعه في الدنيا، دون ضياع الوقت فيما لا يفيد من المسائل التي لا يرجى من ورائها نفع ولا عمل.

فكانت الحقائق التي دعا إليها القرآن، وكررها في مواطن متعددة:

ü       الإيمان بالله تعالى، والدعوة إلى توحيده.

ü       الإيمان بالرسالة والنبوة، لأنها الطريق للتعرف على الله تعالى، وأحكامه، وشـرائعه.

ü       الإيمان باليوم الآخر، حتى يتسنى للإنسان تحمل مسؤولياته، وتحديد مصيره.

إن أهداف مقاصد العقيدة، على حد تعبير الإمام التفتازني: "وغايته تحلية الإيمان باليقين، وغايته الفوز بنظام المعاش، ونجاة المعاد. وغاية الكلام أن يصير الإيمان، والتصديق بالأحكام الشـرعية، متيقناً، محكوماً، لا تزلزله شبه المبطلين. ومنفعته في الدنيا: انتظام أمر المعاش، بالمحافظة على العدل، والمعاملة التي يحتاج إليها في بقاء النوع على وجه لا يؤدي إلى الفساد، وفي الآخرة: النجاة من العذاب المترتب على الكفر، وسوء الاعتقاد"[20].

غاية الشـرع ومقصوده من العقيدة: تحقيق الكمال البشـري، وتنقية الإنسان من براثن الشرك والبدعة، وتحريره من سلطان الخرافات والأساطير، وتوجيه نظره إلى الكون للتعرف على الله تعالى. يقول ابن برجان [21]-رحمه الله- في نص طويل، مبيناً المقاصد العظمى من نزول القرآن الكريم: "ثم فصل: الوحدانية، وفيه العلم كله، ثم فصل: الربوبية، وفي ذلك الوقوف على معرفة النعم، والتذكار بالعهد الأول، وإثبات الأمانة التي ائتمنوا عليها، حين التزام ربقة العبودية بشروطها، والإقرار بالربوبية لوليها، والتزام حقيقة التوحيد، وتصديق الرسل، ووجوب الاقتداء بهم، ونصـرهم، والتبليغ عنهم. ثم فصل: النبوة، ومعرفة خاصيتها، وفي ذلك معرفة فرقان ما بين النبي والمتنبي، ومعرفة خاصة المعجزة من الكرامة، من المعهود الجاري على العوائد، وأن ذلك من المقدور الغائب..." [22].

هذا النسق المقاصدي في العقيدة، طبّقه الأنبياء - عليهم السلام - في دعوتهم لأقوامهم. وقد اعتبر الفخر الرازي -رحمه الله - هذا المنهج حرفة الأنبياء، وضرب لذلك أمثلة، من بينها: حال إبراهيم - عليه السلام - مع نفسه، وأبيه، وقومه، وملك زمانه. يقول في هذا الصدد: "وأما إبراهيم - عليه الصلاة والسلام-، فالاستقصاء في شـرح أحواله في هذا الباب يطول، وله مقامات:

ü       أحدهما: مع نفسه، وهو قوله عز وجل: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ﴾[23]..

ü       وثانيها: حاله مع أبيه، وهو قوله تبارك وتعالى: ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا  أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا﴾ [24] .

ü       ثالثها: حاله مع قومه، تارة بالقول، وأخرى بالفعل..

ü        ورابعها: حاله مع ملك زمانه، في قوله عز من قائل: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[25]..."[26]

والمتأمل في هذا النص يكتشف أن ما ذكر الفخر الرازي من أعظم المقاصد العقدية في القرآن الكريم، فلا بد من اعتماد الحجة والبرهان والدليل أثناء تقديم القضايا العقدية، لتحقيق المعرفة الحقة، وطمأنينة النفس، وإزالة الشك والريب، لإنقاذ الناس من الضلال، وهدايتهم للطريق المستقيم.

وبالنظر إلى هاته الأقوال، يمكن تلخيص أهم الأهداف العقدية المرجوة من هذا العلم فيما يلي:

ü        تأكيد الحقائق الإيمانية بالدفاع عنها بالحجج والبراهين العقلية.

ü       تيسير العقيدة، وربطها معرفة، وسلوكاً ووجداناً، بحياة الإنسان، وتصـرفاته.

ü       رد الشبهات المثارة حول العقيدة، من خلال أسلوب القرآن، وطريقته في تناولها.

ü       تعميق الجانب الإيماني بتجنب الجدل السلبي في العقيدة، لأنه لا يفي بالمقصود.

ومن هنا يمكن القول: إن العقيدة لم تنشأ رغبة في إثارة الجدال والمعارضة، وهذا واضح من خلال أسلوب القرآن، الذي يعتبر أصلاً لا ينبغي الفكاك عنه، لكن الدفاع عن العقيدة من خلال البراهين العقلية، والحجج النظرية، مطلوب للرد على المشككين الطاعنين في العقيدة، ومقصودها، وهذا أحد أسباب نشوء علم الكلام.

 

المبحث الثالث: المقاصد العقدية في القرآن الكريم ( نماذج مختارة):

إن المستقرئ لآيات القرآن الكريم التي تناولت قضايا الاعتقاد يلمس مجموعة من التوجيهات التي تهدف بالأساس إلى تحقيق مجموعة من المقتضيات المقاصدية تكريماً لهذا الإنسان، فكان الخطاب القرآني قاصداً في توجهه في أمور الإيمانيات والغيبيات، فأكد على العمل مع الاعتقاد، وأن كل ما أخبر الله به من غيبيات له هدف وأثر في حياة المسلم من جهة سلوكه وأخلاقه واختياراته العملية، بعيداً عن التجريد والتعقيد الذي طغى على علم الكلام أثناء تناولهم لموضوعات العقيدة.

من هنا  حدد القرآن الكريم المقصد العام من إرسال الأنبياء والرسل - عليهم السلام-، وقد ذكرت الآيات مجموعة من المهمات، يمكن إجمالها من خلال ما يلي:

- قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ..﴾[27](الآية)، فالمقصد من بعثة الرسل عام ومشترك بينهم: هداية الناس إلى عبادة الخالق، وإفراده بالوحدانية والطاعة، وحفظ عقول الناس من كل أصناف الشـرك والهوى، وإقامة القسط.

- كان من مهمات الرسل تصحيح الاعتقاد، فبعثهم الله تعالى لينقذوا الناس من الاختلاف في أصول حياتهم، وليدلوهم إلى الحق الذي يريده خالقهم. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾[28].

- بعث الله تعالى الرسل - عليهم السلام - لتعليم الناس الأعمال الصالحة، ولتزكية نفوسهم وتطهيرها من الأدناس، ولغرس الخير والصلاح فيها. قال الله تبارك وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾[29]

 - أرسلوا - عليهم السلام - لإقامة الدين، وللحفاظ عليه، وللنهي عن التفرق فيه، وللحكم بما أنزل الله. قال الله تبارك وتعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾[30] ، وقال جلّ ثناؤه: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾[31] .

 - بعثوا لإعطاء القدوة والأسوة الحسنة للناس في السلوك والأخلاق الحميدة والطريق المستقيم على هدى الله. قال الله تعالى في نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾[32] .

 - أرسلهم الله تعالى ليبشروا المؤمنين بما أعدَّ لهم من النعيم الدائم، جزاءً لطاعتهم، ولينذروا الكافرين بعواقب كفرهم، وإقامة الحجة على الناس من ربهم، وإسقاط كلِّ عذر. قال الله تبارك وتعالى: ﴿رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لئلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾[33] 

والغرض من هذا المبحث اختيار نماذج معينة من المقاصد العقدية ركز عليها القرآن الكريم بشكل كبير، حيث جعلها محورية في الخطاب، مع تكرارها في مواطن متعددة، وليس القصد حصـر المقاصد في عدد معين، وإنما الاكتفاء بكليات المقاصد العقدية، حتى يتسنى للقارئ معرفتها، والاطلاع عليها. ومن بين هذه المقاصد العقدية:

 

المقصد الأول: التوحيد:

فمعرفة التوحيد، والعلم به، هو المقصد الأول من مقاصد الاعتقاد التي ركز عليها القرآن الكريم في خطابه للناس، وهذا ما جاء في الآيات، مجملاً ومفصلاً. قال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ)[34]، وقال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ...﴾[35](الآية). وقال جل شأنه: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَانِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾[36]. وقد أجاد ابن القيم - رحمه الله - في تناول هذا المقصد، فقال: إن "كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه. فإن القرآن إمّا خبر عن الله، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري. وإمّا دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع كل ما يعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي. وإمّا أمر ونهي وإلزام بطاعته في نهيه وأمره، فهي حقوق التوحيد، ومكملاته. وإمّا خبر عن كرامة الله لأهل توحيده. وإمّا خبر عن أهل الشـرك، وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحل بهم في العقبى من العذاب، فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد. فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشـرك وأهله وجزائهم"[37] .  

فمدار الآيات القرآنية قائم على التوحيد، من حيث أصله أو كماله، فلا بد من النظر إلى مقاصده، ومعرفة علة الإقرار به. يقول الدكتور عبد الرحمن العضـرواي: "وتبصـر مقاصد الخلق الإلهي وحكمه، يعين على النظر في مقاصد التوحيد، ومعرفة علة الإقرار به. فالتوحيد هو أصل العقيدة الإسلامية منذ أن انعقدت بين السماء والإنسان أسباب الهداية والإرشاد، فالألوهية والعمل الصالح، والحساب والجزاء، هي أصول الدين الواحد"[38] .

يمكن القول إن أهم المقاصد العقدية تتجلى بوضوح في العلاقة الجامعة بين الخالق والعبد، القائمة على توحيده تعالى، وعبوديته في الباطن والظاهر.

المقصد الثاني: الفطرة:

يؤكد المنطلق القرآني أن الإنسان خلق على الفطرة، بحيث تعتبر في الإسلام حقيقة عقدية بحد ذاتها، وسلامة خلقية، حيث لو ترك الإنسان لحاله، دون تدخل عوامل خارجية، لاختار رسالة التوحيد. "وإذا كان القرآن الكريم قد أثبت في المقصد العقدي الأول (التوحيد) حرية الإنسان في التصديق، فإنه في هذا المقصد الثاني يلفت انتباهه إلى واعظ في أعماق نفسه ووجدانه. ومن هنا، فإن كتاب الله العزيز أثبت هذا المقصد باعتباره تقريراً حاسماً يجيب عن جملة من الأسئلة الوجودية، التي حالت فيها السلطة البشرية بين الإنسان وفطرته، ومنعته من الاستماع الجيد لها"[39].

وإذا كان المقصد العام من التشريع عموماً: "حفظ نظام العالم، واستدامة صلاحه، بصلاح المهيمن عليه، وهو نوع الإنسان"[40]، فلا بد من حفظ الفطرة، والحذر من خرقها واختلالها، لكونها محل صدور الفضائل، على حد تعبير ابن عاشور. فنفور الإنسان من العادات الفاسدة، والذنوب العظيمة، يعود بالأساس إلى استقامة فطرته، وعدم اعوجاجها. وقد أكد ابن عاشور على أهمية الفطرة، كونها أعظم صرح تشاد عليها مقاصد الشـريعة، "ولما أراد الشـرع جعل الشـريعة عامة خالدة مناسبة لجميع العصور، وصالحة لجميع الأمم، جعل أحكامها متجاوبة تجاوباً كاملاً مع النظام الجسدي والعقلي المتقرر في نفوس الخلق. ولا يستَتِبُّ وصف الشـرع بالعموم والدوام، إلا إذا بُنيت أحكامه على أصول الفطرة الإنسانية"[41]. يقول سيد قطب عن دور الفطرة في توجيه الإنسان الى حقيقة الألوهية: "إنه مشهد رائع باهر هذا الذي يرسمه السياق القرآني... مشهد الفطرة وهي - للوهلة الأولى- تنكر تصورات الجاهلية في الأصنام وتستنكرها. وهي تنطلق، بعد إذ نفضت عنها هذه الخرافة، في شوق عميق دافق تبحث عن إلهها الحق، الذي تجده في ضميرها، ولكنها لا تتبيّنه في وعيها وإدراكها. وهي تتعلق في لهفتها المكنونة بكل ما يلوح أنه يمكن أن يكون هو هذا الإله، حتى إذا اختبرته وجدته زائفاً، ولم تجد فيه المطابقة لما هو مكنون فيها من حقيقة الإله وصفته"[42].

وخلاصة الكلام أن الإنسان مخلوق على أساس النظام بمعنى الاتساق والانسجام، فهو صاحب طبيعة خيرة، وما الشـر والفساد إلا انحراف عن هاته الفطرة. فالرجوع إلى الفطرة هو رجوع إلى الحق والصواب، لذلك كانت مصدراً مهماً، ومقصداً مراداً للشارع في تحديد الأحكام، والحكم عليها بالحق أو الباطل.

المقصد الثالث: العلم:

وهذا المقصد من أعظم ما جاء به الرسل، فقد ذكر القرآن الكريم وظائف الرسل، وحددها في مجموعة من المعاني، من بينها وظيفة التعليم، والبيان. قال تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ[43]، والآيات في هذا الصدد كثيرة. والقرآن الكريم كان دقيقاً في ذكره للعقائد بصيغة العلم والمعرفة، قال تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[44]، وقال: ﴿..وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾[45](الآية)، وقال: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ...﴾[46](الآية) "حيث جرت العادة باعتبار العلم وسيلة إلى المقاصد، إلا أن القرآن الكريم لفت الانتباه إلى أن العلم، حين ارتباطه بالجانب العقدي، يصبح مقصداً في حد ذاته، وتصبح العقيدة وسيلة إليه، وهذا واضح في قوله تعالى: ﴿... وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[47](الآية)"[48].  فالعلم يجلي النظر، ويحقق معاني التفكر، ويجعل الإنسان أكثر معرفة بالله تعالى، واستشعاراً لعظمته، فكان من شـروط التوحيد والعقيدة وجود العلم والمعرفة، قال تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ..﴾[49](الآية). ويكفي للمتدبر أن يقف مع هاته الآية مرات ومرات، ويعيد النظر فيها، خاصة أنها نزلت بعد تمكن التوحيد في قلوب المسلمين، ومع ذلك كان الأمر قاطعاً من الله لرسوله بتعلم ومعرفة معنى هاته الكلمة، لأن العادة قد جرت بترسخ الإيمان، وقوّته، مع العلم والمعرفة، لأن الشيطان قد أقسم بالله بإضلال بني آدم وغوايتهم. من هنا، كان الأمر بالعلم والمعرفة لحقائق التوحيد، واجبة، ترسيخاً لدعائم العقيدة، وذلك من خلال التفكر والنظر في آيات الله الكونية والمتلوة.

المقصد الرابع: التزكية:

ويقصد به التزكية القرآنية، فقد كانت أصول مقاصد بعثة المصطفى - صلى الله عليه وسلم – واضحة، حددت في تلاوة الآيات، والتعليم، والتزكية. ذكرها الله تعالى في أربع آيات:

v      قوله سبحانه وتعالى :﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[50]

v      قوله تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾[51]

v      قوله سبحانه وتعالى:﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾[52]

v      قوله تبارك وتعالى:﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾[53]

"وفي هذه الآيات إشارة واضحة إلى مكانة التزكية في هذا النسق القرآني الرباعي المحكم، فهو مترابط بحيث لا يقبل الفصل والتجزيء والتبعيض، بل إن التزكية هي الضمان الأوكد الذي به تستمر العناصـر الأخرى دون نكوص" [54].

لقد كان بناء الجيل الأول يرتكز بالأساس على هاته المقومات، فكان الاهتمام بتزكية القلوب، وتنقيتها من مختلف الأمراض، الباطنة والظاهرة، لما لها من دور كبير في بناء الإنسان، واختياراته العقدية، فيتم الربط من خلاله بين المجرد والواقع، والنظر والتطبيق.

المقصد الخامس: العدل:

اهتم القرآن الكريم بمقصد العدل اهتماماً بالغاً، وأولى له عناية منقطعة النظير، فأوجبه في جميع المجالات والميادين والحقوق، والأقوال والأفعال، وذكر مرات متعددة بصيغ مختلفة، وجعله من مهمات الأنبياء والرسل. قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾[55]، ولم يفرق سبحانه وتعالى في تطبيقه بين الأصدقاء والأعداء، قال تعالى: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾[56]، كما أن العدل قرين للتوحيد، والظلم قرين للشـرك، و هو مرجعية أساسية لكل إنسان. يقول ابن القيم - رحمه الله-: "فإن الشـرك أظلم الظلم، كما أن أعدل العدل التوحيد. فالعدل قرين التوحيد، والظلم قرين الشـرك، ولهذا يجمع سبحانه بينهما. أما الأول ففي قوله تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[57]. وأما الثاني فكقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾[58]"[59].

المقصد السادس: تكريم الإنسان:

من مقاصد القرآن الكريم  العقدية: تكريم الإنسان، وقد تجلى هذا التكريم في أسمى معانيه القرآنية، بداية من النفخة الأولى، وكيف خلق الله آدم - عليه السلام – بيده، تمييزاً له عن باقي المخلوقات والموجودات، فميزه الله في شكله وعقله ومنطق لسانه، فجعل له لساناً وشفتين، وهداه النجدين. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾[60]، واستمر هذا التكريم الإلهي بتكليف الإنسان، دون غيره، بعمارة الأرض، وحمل الأمانة، والاستخلاف فيها، بعد أن امتنعت الجبال والأرض والسماء بتحمل عناء هذا العبء. ومن كرامة الإنسان أن الله تعالى خلقه على الفطرة، فهو مجبول على العقيدة الحقة، والتدين الصحيح، قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾[61]"، ولهذا أرسلت الرسل والأنبياء، وأنزلت الكتب، وشـرعت الشـرائع لصون كرامة الأدمي، ولو في حدها الأدنى، المتمثل في الضـروريات الخمس، التي لا يمكن التفريط فيها إطلاقاً، فحفظت بذلك عليه دينه ونفسه وعقله ونسله وماله. ومن ثمة أضحت المصلحة المعتبرة شـرعاً في كل ما يتضمن معاني تكريم الإنسان، وأمست المفسدة في كل ما يهينه ويشينه ويحط من قيمته. وما مقاصد الشـريعة، وما ألّف فيها، بدءاً وانتهاءً، إلا ترجمة واقعية لحقيقة عقيدة التكريم الإلهي للإنسان، كما صورها القرآن الكريم"[62].

المقصد السابع: الوسطية:

حرص الإسلام في دعوته على الوسطية، وجعلها خياراً ومنهجا للأمة، لتحقيق الأمن والسلام والطمأنينة، وتحقيق التعاون والتكافل بين أفرادها. قال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾[63]، وسياق الآية يدل على ما ذكرناه من اعتبار الوسطية مقصداً عقدياً، حيث كان الربط بينها وبين الشهادة واضحاً، للدلالة على أهميتها كخاصية مميزة لشـريعة الإسلام عن غيرها.

فقد ظهر الإسلام لا روحياً مجرداً، ولا جسداً هامداً، بل وسطياً معتدلاً يأخذ من كل شيء بنصيب، موافقاً في ذلك فطرة الإنسان البشـرية، ولا يقصد بذلك أن تبقى مجردة بدون سلوك، أو فكر، أو معاملة. يقول الإمام الشاطبي - رحمه الله- في كتابه (الموافقات): "الشـريعة جارية في التكليف بمقتضاها على الطريق الوسط الأعدل، الآخِذ من الطرفين بقسط لا مَيْل فيه، الداخلِ تحت كسْبِ العبد من غير مشقة عليه ولا انحلال، بل هو تكليف جارٍ على موازنة تقتضـي في جميع المكلفين غاية الاعتدال"[64]، والقصد من الوسطية في الاعتقاد هو التطبيق الفعلي لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم-، لأنه النموذج العملي المحدد لحقيقتها، دون إفراط أو تفريط، وذلك بالجمع بين الروح والجسد، ومصالح الدنيا والآخرة. يقول ابن تيمية - رحمه الله-: "فإن الإسلام وسط في الملل بين الأطراف المتجاذبة، والسنة في الإسلام كالإسلام في الملل"[65]. ويبرز الإمام البيضاوي بعض دلالات الوسطية في الاعتقاد بقوله: "(إن الله يأمر بالعدل) بالتوسط في الأمور: اعتقاداً؛ كالتوحيد المتوسط بين التعطيل والتشـريك، والقول بالكسب المتوسط بين المحض الجبر والقدر، وعملاً؛ كالتعبد بأداء الواجبات المتوسط بين البطالة والترهب، وخلقاً؛ كالجود المتوسط بين البخل والتبذير"[66]. والحقيقة أن الوسطية مقصد عقدي بمحددات الشـرع، فلا تحدد بأهواء الناس وأعرافهم.

لذا، كان التعامل مع الإنسان وفق دائرة معتدلة، فلم يعامله الله تعالى معاملة الملائكة ولا الشياطين، فكان بين هذا وذاك، فلا هو ملك كريم، ولا شيطان رجيم. فالمقاصد العقدية تهدف إلى التوسط والاعتدال بين مطالب الجسد والروح، وبين مطالب الدنيا والآخرة.

وبالرجوع إلى (آية الوسطية)[67]، التي صرحت باصطفاء الله لهذه الأمة، وتفضيلها على غيرها من الأمم، فليس "القصد فقط في الآية أن الأمة الإسلامية أمّة عدل بين ظلمين، أو أمّة توسط بين إفراطين، أو أمّة استقامة بين اعوجاجين، أو أمّة اعتدال بين تطرفين، أو ما شابه ذلك من هذه  المعاني المحمودة شرعاً وعرفاً، التي انصرفت إليها أغلب الأذهان والمعاني والتآليف، بل إن الوسطية في هذه الآية تحمل معنى عقدياً أعمق وأكبر وأوسع وأشمل من هذه المعاني كلها، إنه معنى الشهادة على الناس، كما جاء في سياق الآية نفسها. وهذا المعنى الذي أكسب الأمة الإسلامية صفة الخيرية التي وصفها بها رب العالمين في كتابه العزيز"[68].

والحديث حول الموضوع طويل الذيل، كثير الكلام، لكن نكتفي بما عرضناه من أهمية هذا المقصد، وهو خاتمة المقاصد العقدية التي تمت الإشارة إليها، رغم وجود مقاصد أخرى، كمقصد عمارة الأرض، والاستخلاف، ومقصد الحرية، ومقصد الحاكمية.. لاندراجها في المقاصد السابقة. وقد حاولنا استنتاج بعض المقاصد العامة، لأهمية هذا المنحى في عرض العقيدة الإسلامية بشكل ميسـر، يسهل فهمه واستيعابه، بعيداً عن التعقيد والتجريد الكلامي.

خاتمة:

الحديث عن مقاصد العقائد في القرآن الكريم متشعب الأبعاد، متعدد الأهداف، فعلم مقاصد العقيدة مما ينبغي أن تصـرف فيه الأوقات، حتى لا تبقى مجردة في الأذهان، دون تنزيل حقيقي لمقتضياتها، فقد كان هدف القرآن من الإنسان إصلاح باطنه وظاهره، ولا يمكننا أن نتحدث عن هذا الأمر بدون استحضار لمقاصد العقيدة في القرآن الكريم. ومن هنا، تنوعت مقاصد القرآن في العرض بين التوحيد والعلم والعدل وتزكية النفس، بعيداً عن الجدل الكلامي الذي طال العقيدة الإسلامية، مما أفقدها بريقها بتعقيد المصطلحات الإيمانية، فالمطلوب من المكلف تحقيق مراد الله في الأرض: عبادة وصلاحاً، وتزكية وتعليماً.

ومن هذا المنطلق نخلص إلى أهم النتائج، والتي قد تجيب عن الإشكال المطروح في المقدمة، وهي:

ü       وجود علاقة بين المقاصد والعقيدة.

ü       حضور مقاصد العقيدة في القرآن الكريم كان بارزاً من خلال النماذج المختارة          ( التوحيد- العدل- الفطرة- العلم...).

ü       القرآن الكريم يقدم – غالباً - مقررات العقيدة، مؤسسة على المقاصد والحكم.

ü       غاية القرآن الكريم استهداف العقل بالتدبر والنظر، لذلك كان خطابه معللاً في الغالب.

فهم القرآن وتفسيره، فغاية المقاصد استثمار النص، وفهمه، على الوجه الصحيح.

 

 

المصادر والمراجع:

1)    القرآن الكريم.

2)    إحياء علوم الدين، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي،  4ج ( بيروت: دار المعرفة، د، ت).

3)    الأربعين في الأصول، الفخر الرازي: ( الهند: مطبعة حيدر آباد، 1353ه).

4)    أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي، 5ج، الطبعة الأولى، تحقيق: محمد عبد الرحمن المرعشلي (بيروت:  دار إحياء التراث العربي 1418 هـ).

5)     بحث المقاصد العقدية في القرآن الكريم، مولاي مصطفى الهند ،ضمن كتاب مقاصد القرآن الكريم الجزء الثاني، منشورات مؤسسة الفرقان، مركز دراسات مقاصد الشـريعة الإسلامية ، الطبعة الأولى 1437ه/2016/.

6)     تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد، محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسـي، 30ج، ( تونس: الدار التونسية للنشر، 1984م) .

7)    تنبيه الأفهام إلى تدبر الكتاب الحكيم وتعرف الآيات والنبأ العظيم، ابن برجان، 5ج، الطبعة الأولى،  تحقيق الدكتور فالح حسن عبد الكريم، ( الأردن- عمان: دار النور المبين للنشـر والتوزيع، 2016م).

8)    جواهر القرآن، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، الطبعة الثانية، تحقيق الدكتور الشيخ محمد رشيد رضا القباني، (بيروت: دار إحياء العلوم، 1406 هـ - 1986 م).

9)     الحكمة والتعليل في القرآن والسنة: دراسة تحليلية للعلاقة بين العقيدة والمقاصد)، عارف علي عارف: مجلة التجديد، ماليزيا، العدد التاسع والثلاثون، 1438/2016.

10)شرح المقاصد ، سعد الدين التفتازني، 5ج، الطبعة الثانية، تحقيق و تعليق عبد الرحمن عميرة، ( بيروت: عالم الكتب، 1419هـ-1998م).

11)الصفدية لابن تيمية، 2ج في مجلد واحد ، الطبعة الثانية، (مصر: مكتبة ابن تيمية،1406هـ) .

12)الفوائد، ، ابن القيم الجوزية، الطبعة الثانية  (بيروت: دار الكتب العلمية  ، 1393 هـ - 1973 م ،).

13)في ظلال القرآن،  سيد قطب، 6ج، الطبعة السابعة عشـرة ( القاهرة: دار الشروق، 1400ه/1980م،).

14)المحصول في علم الأصول، الفخر الرازي، 5ج، الطبعة الثانية، دراسة وتحقيق: د. طه جابر العلواني، ( بيروت: مؤسسة الرسالة، 1410ه،1990م).

15)مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ابن القيم، 3ج، الطبعة الثالثة ،( بيروت: دار الكتاب العربي، ، 1416 هـ - 1996م).

16)مدخل تأسيسي في الفكر المقاصدي، عبد الرحيم العضـرواي، الطبعة الأولى، (بيروت: مركز نماء للبحوث والدراسات.

17)مفاتيح الغيب = التفسير الكبير، فخر الدين الرازي، 30ج،  الطبعة الثالثة، (بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1420 ه) .

18)مقاصد الشريعة الإسلامية، الطاهر بن عاشور، 3ج، تحقيق: محمد الحبيب ابن الخوجة، (قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1425 هـ - 2004 م).

19)المنقذ من الضلال، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، الطبعة الأولى، تحقيق: الدكتور عبد الحليم محمود (مصر: دار الكتب الحديثة، د،ت).

20)الموافقات، أبو اسحاق الشاطبي: 7ج، الطبعة الأولى  تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان (مصر: دار ابن عفان 1417هـ/ 1997م).

21)وفيات الأعيان، ابن خلكان، الطبعة الأولى، 8ج ، تحقيق: إحسان عباس (الناشر: دار صادر – بيروت، سنة النشر: 1972.



[1] سورة يونس: الآية 57

[2] سورة الذاريات: آلآية 56

[3]  انظر مبحث التعليل عند المتكلمين وعلماء الأصول في المصادر التالية:

-         الفخر الرازي: الأربعين في الأصول، ( الهند: مطبعة حيدر آباد، 1353ه) ص 249-251.

-         الفخر الرازي: المحصول في علم الأصول، 6ج، الطبعة الثانية، دراسة وتحقيق: د. طه جابر العلواني، ( بيروت: مؤسسة الرسالة، 1410ه،1990م) ج5 ص 176.

-         الغزالي: أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، إحياء علوم الدين، 4ج ( بيروت: دار المعرفة، د، ت)  ج4 ص 168.

-         عارف علي عارف: ( الحكمة والتعليل في القرآن والسنة: دراسة تحليلية للعلاقة بين العقيدة والمقاصد) مجلة التجديد، ماليزيا، العدد التاسع والثلاثون، 1438/2016.

[4] سورة الذاريات: الآية 56.

[5]  سورة الأنبياء: الآية 16.

[6] سورة المؤمنون: الآية 115.

[7]  أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، جواهر القرآن، الطبعة الثانية، تحقيق الدكتور الشيخ محمد رشيد رضا القباني، (بيروت: دار إحياء العلوم، 1406 هـ - 1986 م) ص 23.

[8]  سورة الإسراء: الآية 09.

[9]  سورةالحديد: الآية 25.

[10]  سورة الأنبياء:الآية 107.

[11]  سورة إبراهيم:الآية 04.

[12]  سورة ص: الآية 26.

[13]   محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي، تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد، 30ج، ( تونس: الدار التونسية للنشر، 1984م) ج1، ص 39.

[14]  أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، إحياء علوم الدين، ج4، ص 28.

[15]  المرجع السابق: ج4،ص 90.

[16] سورة التين، الآية: 4.

[17]  أبو حامد الغزالي، المنقذ من الضلال،  الطبعة الأولى، تحقيق: الدكتور عبد الحليم محمود (مصر: دار الكتب الحديثة، د،ت ) ص 21.

[18]  سورة الذاريات : الآية  53.

[19]  اسورة المؤمنون: الآية 115.

[20]سعد الدين التفتازني، شرح المقاصد ، 5ج، الطبعة الثانية، تحقيق و تعليق عبد الرحمن عميرة، ( بيروت: عالم الكتب، 1419هـ-1998م)

ج1 ص175.

[21]  هو: "أبو الحكم عبد السلام بن عبد الرحمان بن محمد بن عبد الرحمان اللخمي، عرف بابن بَرَّجان وكان عبداً صالحاً، وأكثر كلامه على طريق أرباب الأحوال والمقامات" انظر: ، ابن خلكان، وفيات الأعيان، 8ج ، الطبعة الأولى، تحقيق: إحسان عباس (بيروت: دار صادر 1972م) ج 4 ص 230.

[22]  ابن برجان: تنبيه الأفهام إلى تدبر الكتاب الحكيم وتعرف الآيات والنبأ العظيم،5ج ،الطبعة الأولى، تحقيق الدكتور فالح حسن عبد الكريم، (الأردن-عمان: : دار النور المبين للنشر والتوزيع، 2016م،)  ج1،ص68.

[23]  سورة الأنعام، الآية: 76.

[24]  سورة مريم: الآية 42.

[25] سورة  البقرة ،الآية: 258.

[26] فخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب = التفسير الكبير،30ج،  الطبعة الثالثة، (بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1420 ه) ج2،ص 325.

[27]  سورة الحديد: الآية 25.

[28]   سورة النحل: الآية 64.

[29]  سورة الجمعة: الآية02.

[30]  سورة الشورى:  الآية 13.

[31]  سورة النساء: الآية 105.

[32]  سورة الأحزاب الآية 21.

[33]  سورة النساء: الآية 165.

[34]  سورة الأنبياء: الآية 25.

[35]  سورة النحل : الآية 36.

[36]  سورة  الزخرف، الآية : 45.

[37]    ابن القيم: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، 3ج، الطبعة الثالثة ،( بيروت: دار الكتاب العربي، ، 1416 هـ - 1996م) ج3،ص450.

[38]  د- عبد الرحيم العضرواي مدخل تأسيسي في الفكر المقاصدي ، الطبعة الأولى، (بيروت: مركز نماء للبحوث والدراسات،  ص57-58.

[39]مولاي مصطفى الهند: بحث المقاصد العقدية في القرآن الكريم، ،ضمن كتاب مقاصد القرآن الكريم الجزء الثاني، الطبعة الأولى (لندن: مؤسسة الفرقان، مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية ، 1437ه/2016/) ص 234.

[40] الطاهر بن عاشور، مقاصد الشريعة الإسلامية، 3ج، تحقيق: محمد الحبيب ابن الخوجة،( قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1425 هـ - 2004 م) ج3،ص63.

[41]المرجع نفسه: ج 3،ص262.

[42] سيد قطب: في ظلال القرآن،  6ج، الطبعة السابعة عشرة ( القاهرة: دار الشروق، 1400ه/1980م،)ج 2،ص 1137.

[43] سورة البقرة ، الآية : 151.

[44] سورة الحديد: الآية :17.

 [45]سورة البقرة : الآية : 203. 

[46]  سورة الحديد: الآية 20.

[47] سورة البقرة: 282.

[48]مولاي مصطفى الهند:  المقاصد العقدية في القرآن الكريم قراءة في النسق المنهجي والمعرفي، ص 238.

[49] سورة محمد: الآية 19.

[50]سورة البقرة: الآية 129.

[51] سورة البقرة: الآية 151.

[52] سورة ال عمران: الآية 164.

[53]سورة الجمعة : الآية 2.

 [54]المرجع السابق: ص 241.

[55]سورة الحديد: الآية 25.

[56] سورة المائدة: الآية: 8.

[57] سورة ال عمران: الآية :18.

[58]سورة  لقمان، الآية : 13.

[59]ابن القيم الجوزية: الفوائد، الطبعة الثانية ، (بيروت: دار الكتب العلمية  ، 1393 هـ - 1973 م ،) ص 81.

[60]سورة الإسراء، الآية: 7.

[61] سورة  الروم ، الآية : 3.

[62]  المقاصد العقدية في القرآن الكريم قراءة في النسق المنهجي والمعرفي: ص 238.

[63]  سورة البقرة: الآية 143.

[64]  الشاطبي: الموافقات،7ج، الطبعة الأولى  تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان (مصر: دار ابن عفان 1417هـ/ 1997م)ج 2،ص279.

[65]الصفدية لابن تيمية، 2ج في مجلد واحد ، الطبعة الثانية، (مصر: مكتبة ابن تيمية،1406هـ) ، ج2،ص310. 

[66] البيضاوي ،أنوار التنزيل وأسرار التأويل ،5ج، الطبعة الأولى، تحقيق: محمد عبد الرحمن المرعشلي، (بيروت: دار إحياء التراث العربي 1418 هـ ) ، ج3،ص238.

[67] سورة البقرة: الآية 143.

[68]المقاصد العقدية في القرآن الكريم قراءة في النسق المنهجي والمعرفي ص 247.

هناك 3 تعليقات:

  1. ممكن دكر منهج الراغب الأصفهاني في مقاصد العقيدة

    ردحذف
  2. السلام عليكم دكتور بدي مساعدتك

    ردحذف
  3. السلام عليكم دكتور

    ردحذف