17‏/10‏/2010

تنويه

سوق الطيور شيء من أسرار البصرة القديمة

سوق الطيور
شيء من أسرار البصرة القديمة




هالة جابر المنصور – البصرة

بصرة الـ(شناشيل) أو البصرة الـ(قديمة) كما يطلق عليها أبناءها، حيث جاءت هذه التسمية لكونها مازالت تحتفظ ببعض تراثها القائم في طلعات الشرفات وواجهاتها المزخرفة على اجود انواع الاخشاب الذي يعكس ضوء الشمس عند طلاءه بالزيت، في نفس الوقت الزجاج الملون المثبت على الشبابيك يعطي روعة الذوق والمهارة الفنية التي امتازت بها، كما انها تميزت ايضا بتقوسات الابواب والشبابيك دلالة على طابعها الشرقي الذي مزج بالمهارة الهندية، هذا التراث الذي بدأ"يندرس" تدريجيا ويصبح في طي النسيان بني بشكل يلائم اجواء هذه المدينة ذات الجو الحار المصحوب برطوبة عالية جدا في الصيف،حيث استخدم الطابوق في البناء فيما كان الخشب المادة الأساسية في هذا البناء، ودخلت أخشاب البلوط المستوردة والجاوة والجندل في هذه التركيبة، وكذلك تدخل الحصيرة المصنوعة من القصب كغطاء لعمل الاسقف ما يضفي على  الغرف أجواء باردة نسبيا.لم يبقى من هذه البيوتات سوى واجهات شاحبة تطل على نهر من المياه الاسنة والازبال بعدما كان هذا النهر يشهد حركة غير طبيعية من الزوارق والابلام "واللنجات" القادمة من دول الخليج والهند وغيرها لتفرغ بضاعتها وتحميل التمور البصرية المتنوعة!!.شارع البصرة القديمة الذي يزدحم بالباعة والبسطات يخفي خلفه الطرقات ذات الدهاليز الترابية الكثيرة؛ وأسرار لا يمكن فك رموزها بسهولة الا اذا كنت تعرف غورها.. ففي صباح  كل يوم جمعة يدخل الشارع المؤدي الى العشار في إنذار شديد بسبب جمهرة الناس الذين يتزاحمون قدوما إلى سوق الجمعة أو سوق (الحرامية) كما يسمى من كل المحافظة، ولا تجد النساء بين الجموع إلا ما ندر لكثرة الرجال الذين يعيقون حركتنهن. ظاهرة غريبة تسود وسط البصرة لتربك حركة العجلات والمرور بسبب قطع الشارع بالكامل،كما انه يتحول الى "بازار" غير حضاري لبيع الحيوانات الأليفة من مختلف الفصائل، فتجد فتيان وصبية يعرضون بضاعتهم من الطيور الداجنة والمتوحشة الهائجة وحيوانات مقيدة بالحبال في أقفاص إما حديدية أو مصنوعة من جريد النخل الأخضر، وبينما يتعالى صوت الباعة وصراخهم المرتفع في مزاد عشوائي يتجمهر محبي ومقتني الحيوانات للمزايدة للحصول على ما يبتغون وبسعر يناسبهم ، عالم غريب جدا ....منافسة محتدمة بين تجار ورواد هذا السوق، من يحصل على أعلى سعر؟ ومن  يشتري أجمل طائر بأرخص سعر..؟.لمعرفة المزيد عن هذا السوق كان لمجلة الحوار هذه الجولة واستفسرنا من الناس هناك عن عدة أمور شاهدناها في جولتنا، فهناك العشرات من الأقفاص لطيور مختلفة الألوان والأنواع، وحيوانات مثل القردة تسنفر عيونها الرحمة ،وكلاب مختلفة الأنواع  تثير فضول المشاهد لتلك الحيوانات،وأرانب يبتاعها المارة للتدجين والأكل، وقطط مختلفة الأشكال بائسة تبحث عن من يقتنيها ويدفع عنها ظلم القفص المقيت.أكد لي أبو عبدحسين وهو "احد الباعة " انه شاهد من يبيع الذئاب والحيوانات الغريبة والصقور والنسور أيضا في هذا السوق ثم بدء يصفها لي، لذلك الباعة يتعرضون بين فينة وأخرى إلى مداهمات من قبل القوى الأمنية للحد من ممارسة عملهم الذي يتجاوز القوانين ويضيق الخناق على الشارع ويعيق الحركة.إن كنت هاويا حقيقيا؛ تستوقفك أسئلة كثيرة، اولها ما مدى صحة بيع هذه الحيوانات؟ وأين قانون حماية الحيوان، أو اتفاقية المتاجرة بالأحياء البرية المهددة بالانقراض؟ ومن يقول أن الحيوانات المعروضة في السوق  موطنها العراق أو العيش فيه يلائمها؟ .غياب الرقابة والاهمال الكبير في عدم العناية الصحية بالمكان؛  والسلوكيات الخاطئة في التعامل مع الطيور التي يمكن ان تحمل بعض الامراض .سيما أن أنفلونزا الطيور مرض عالمي لم ينتهي خطره. باعة هذا السوق من الطبقة الفقيرة المعدمة وأكثرهم من الأطفال، هؤلاء يعتاشون على البيع والشراء ، فقد أوضح لي احد الفتيان ان الظروف الصعبة التي مرت بها عائلته في زمن الحصار ورؤيته والدته تعاني من شظف العيش جعله يفكر في مساعدتها، وهذا ما جعله يساهم في معيشة عائلته منذ الصغر ،حيث اعتاد ومنذ زمن ان يقوم بتربية الطيور، وجعل اسطح منزله مليء بالأقفاص والطيور والتي تصل اعدادها الى حوالي 70 _75 زوج ،يبيع منها ويعيل أسرته.يضحك بقوة (مهدي) هذا اسمه عندما طلبت منه أن يعدد أسماء وانواع "الحمام " الذي يتعامل به، ومن الواضح تماما أنه ماهر في تعداد الأسماء والانواع فقد اصبح خبيرا بسبب طول الفترة التي تعامل فيها بهذه التجارة، فالطيور أصبحن عالمه وعائلته الثانية.من طرف السوق سمعت صوت فتى يقلد صوت طائر نادر يحمله معه في قفص حديدي، هذا الطير من اجمل ما رأيت شكلا وصوتا الصبي يقلد صوت الطائر كأسلوب من أساليب لفت انظار الزبائن كي يبيعه بأعلى ثمن ممكن، وقد لايدرك هذا الصبي بان الطير الذي معه ينتمي الى الطيور التي تتعرض لخطر الانقراض، لذلك يباع بأسعار غالية كما أخبرني الفتى (أحمد) الطالب في المرحلة الاعدادية، وهو يجمع مابين الدراسة والمتاجرة بالطيور، وقد علل ذلك لي بالقول العوز أرغمني على ان أمارس هذا العمل كي أخفف عن أسرتي أعباء مصاريف دراستي، ويضيف(أحمد) ان هذا النوع من الطيور الذي يبيعه من الممكن أن يصل سعره الى ارقام خيالية؛ وشرح لي مسهبا عن كيفية تدجين الطير من قبل مربيه للوصول الى مواصفات عالية توافق رغبات الزبائن.ويطلق العامة على السوق اسم سوق الحرامية لوجود الكثير من الحيوانات المسروقة التي تباع هنا. هذا السوق يطرح أمام المسئولين تساؤلا مشروعا، لماذا لازالت مثل هذه الأسواق العشوائية منتشرة في العراق؟ وهي تشكل خطرا حقيقيا من عدة نواحي أهمها البيئية على حياة الناس، بالإضافة إلى كونها تشوه المظهر الحضاري للبلد.ويشير عدد من المهتمين بالبيئة إلى أن القوانين العراقية والمحميات التي قامت الدولة باستحداثها لضمان التوازن البيئي لم تحقق أهدافها المرجوة  وهو ما يؤشر إلى وجود خلل كبير في الجانب التنظيمي للمدن العراقية، وهو ما نضعه أمام أنظار السادة المسؤولين في الدولة العراقية من خلال هذا التقرير لعله يجد الحلول لديهم .

حرب التهويد مستعرة في أسواق القدس العتيقة التهويد يتربص بأسواق القدس




حرب التهويد مستعرة في أسواق القدس العتيقة
التهويد يتربص بأسواق القدس



سليمان بشارا – اون اسلام 

 
ما إن تحط قدماك على أعتابها حتى تنسيك نفسك، فسرعان ما تختلط أنفاسك برائحة البخور والعطور الممزوجة بأصوات الباعة الذين يحاول كل منهم أن تكون زبونه.. تسير خطواتك وتقلب بصرك في كل ما ينتشر من نحاسيات وتماثيل نقشت عليها قباب ومآذن، لكن فجأة تصطدم بذلك الجندي الذي يرتدي بزته العسكرية ويحمل بندقيته ويرتكز بالقرب من جدار يحكي تاريخ المدينة منذ نشأتها.
وتشهد أسوار سوق القدس العتيقة ما يشبه الحرب التي يشنها الاحتلال لتهويد هذه الأسواق من خلال ممارسة الضغوط والمضايقات ضد الفلسطينيين من أصحاب المحال التجارية والتأثير على السياح الأجانب لمقاطعة بضائعهم وذلك لإجبارهم على الرحيل، إلا أن الفلسطينيين أمام مخططات التهويد هذه ينظمون رحلات لأسواق المدينة ليقاوموا من خلالها خطط الاحتلال بما يسمى السياحة الداخلية.
 فبينما يحاول البائع "أبو سمير صادق" عرض ما يزخر به محله من تحف وهدايا، يقول لـ"أون إسلام": "نأتي منذ ساعات الصباح ونبقى لساعة متأخرة من الليل بانتظار أن يدخل علينا بعض الزبائن الزائرين للمدينة، لكن هذا الأمر أصبح صعبا فالشركات السياحية الإسرائيلية تعطي تعليمات للسياح بشراء كافة احتياجاتهم من المحال الإسرائيلية المتواجدة في منطقة حي الشرف والتي يسمونها الحي اليهودي". لكن يبقى موقنا أن الرزق من عند الله، فيضيف قائلا:
"هم (الاحتلال) يحاولون بكل الوسائل إجبارنا على ترك هذه البلدة أو إغلاق محالنا التجارية، لكن لن نسمح لهم بهذا، وسنبقى موجودين مهما كلفنا هذا الأمر".سرقة للسياح
لا يختلف الشعور بين بائع وآخر، فجميعهم يتخوفون من استمرار الضغوط والمضايقات من قبل الاحتلال، ما قد يجعلهم يفقدون محالهم التجارية التي تشكل مصدر رزقهم. بائع التحف والهدايا "أحمد حرز الله" يقارن ما بين الماضي واليوم ويقول:
"في السنوات العشر الأخيرة بتنا نشعر بفرق كبير بين أعداد المتسوقين، فأهالي الضفة الغربية لم يعد بمقدورهم الوصول لأسواق القدس إلا بأعداد محدودة".ويتابع لـ"أون إسلام": "أبيع التحف والهدايا التي تحمل صور ورموز مدينة القدس، وهي جزء من تاريخنا يجب أن نحافظ عليه ونعرف به أطفالنا، لكن اليوم هناك الكثير من المحال الأخرى الإسرائيلية التي تبيع هذه التحف وتروج لها على أنها معالم تاريخية إسرائيلية، وهذا يعتبر سرقة للتاريخ". وبينما يتنقل الزائر لأسواق المدينة العتيقة يلمس بعضا من ملامح التغير والتهويد، فهناك علم إسرائيلي يرفرف على إحدى النوافذ المطلة، وهناك حواجز شرطة مقامة يتترس حولها جنود مدججون بالسلاح، بينما تنتشر كاميرات المراقبة في كل ناحية. 
تقول الباحثة المقدسية عبير زياد:
"أسواق القدس تشهد استهدافا إسرائيليا مستمرا، وهذا يأتي بشكل مبرمج وعلى خطوات، وقد يأتي اليوم الذي تستطيع فيه جعلها جزءا من التاريخ اليهودي وسلخها عن المدينة المقدسية". تضيف لـ"أون إسلام" قائلة: "الشركات السياحية الإسرائيلية هي المسيطرة على القطاع السياحي بالمدينة، وهي من خلال إدلائها المرافقين لهؤلاء السياح تنفذ مخططاتها بتغيير الحقائق وتزوير التاريخ".وتستدرك قائلة:
"لا يتوقف الأمر عند ذلك، فهذه الشركات السياحية تجبر السياح الأجانب على الشراء من المحال التجارية الإسرائيلية وعدم الشراء من المحال العربية، وهذا يشكل نوعا من مقاطعة التجارة المقدسية بهدف إضعافها". وترى زياد أنه إذا لم يكن هناك أي خطط لمواجهة هذا التهديد للاقتصاد السياحي المقدسي فقد نشهد إغلاق الكثير من المحال داخل أسواق البلدة القديمة، وقد يضطر بعض التجار والباعة للرحيل للعمل بأماكن أخرى.السياحة الداخلية.. البديل ورغم كل التضييقات فإن ملامح الاستبشار ترتسم على وجوه عدد من الباعة، خاصة عندما يرى تحدي الإنسان الفلسطيني في التكافل والتعاضد لمقاومة مخططات الاحتلال.وفيق درويش، مدير مؤسسة البيارق في فلسطين48، يوضح لـ"أون إسلام" الدور الذي تقوم به مؤسسته في تدعيم الاقتصاد المقدسي للصمود في وجه التهويد قائلا: "مؤسسة البيارق تعمل على تسيير رحلات من كافة المدن الفلسطينية المحتلة عام48، وهذه الرحلات تسعى لتحقيق هدفين أولهما إعمار المسجد الأقصى، والثاني إحياء كل ما هو محيط بالمسجد الأقصى من خلال تنشيط الحركة الاقتصادية". 
يضيف درويش:
"مع نهاية العام الحالي 2010 سيصل عدد الرحلات التي تم تسييرها إلى مدينة القدس إلى 7500 حافلة، بمعدل 50 شخصا بالحافلة الواحدة، وهذه تنطلق من كافة مدن الداخل بشكل شبه يومي".ولا يقتصر الأمر على نقل المواطنين إلى المدينة المقدسة فحسب، بل تعمل المؤسسة على توزيع نشرات توعية بأهمية الدور الذي يمكن أن يقوموا به من إحياء المدينة وتحريك اقتصادها لمواجهة تهويد الاحتلال، كما يوضح درويش. ومن أجل تحقيق أفضل النتائج في تعريف الناس بالمعالم التاريخية وتقديم المعلومات الدقيقة لهم يبين درويش أن المؤسسة تقوم بإرفاق الحافلات بأدلاء مدربين ويخضعون لدورات مستمرة، بحيث يقومون بإرشاد الناس وتوعيتهم حول واقع المدينة المقدسة.ويبرهن درويش على أهمية هذه الرحلات بإحياء الحياة الاقتصادية بالمدينة فيقول: "نتلقى رسائل شكر بشكل مستمر من الباعة والتجار الذين يؤكدون أنه لولا هذه الرحلات التي يتم تنظيمها لما استمر وجودهم داخل أسواق البلدة القديمة".وتتعرض مدينة القدس لتضييقات مستمرة من قبل الاحتلال، إذ يمنع أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول للمدينة كما كان الحال قبل نحو عشر سنوات، وهذا بالتالي ينعكس على حجم الحركة الاقتصادية بالمدينة التي تقبع تحت الاحتلال منذ عام 1967م.

أطفال العراق يلعبون بالهاون والرشاشات!


أطفال العراق يلعبون
بالهاون والرشاشات!
محمد العرب*


لاحظ علماء النفس والاجتماع أن ظاهرة العنف باتت من أكثر ثقافات الأطفال انتشاراً في العراق، وهو ما يشكل خطورة جسيمة على نشأة تلك الشريحة من المجتمع، فقد تنعكس بشكل لافت في المستقبل القريب على الواقع؛ حيث يغرق سوق ألعاب الأطفال في العراق بالأسلحة البلاستيكة من مختلف الأصناف العسكرية. فلم تعد المسدسات والبنادق هي الأسلحة البلاستيكة الوحيدة في الشارع العراقي بل أضيف إليها الهاون والقاذفة والقنابل الهجومية والدفاعية، وتطور الأمر لمجسمات الدبابة والطائرات والهمرات في محال بيع ألعاب الأطفال، مما يرسخ مبدأ العنف، خاصة مع انفتاح السوق العراقي على الأصناف الفاخرة وجيدة الصنع من تلك الألعاب الصينية المنشأ. وأصبحت السوق العراقية مصدراً جيداً للربح لدى تجار الصين الذين لا يكفون عن ابتكار ألعاب جديدة تحتل مكان القديمة في سلم اهتمام الطفل العراقي؛ وسط غياب الوعي الحكومي المنشغل في جدلية تشكيل الحكومة وحل الملفات العالقة.
قتل خطأ
وتشبه بعض بنادق الأطفال إلى حد كبيرة تلك الحقيقية التي يحملها الجنود العراقيون والأمريكيون، فضلاً عن أنواع أخرى كثيراً ما تشاهد في أفلام الخيال العلمي أو أفلام الكرتون، وقد حذرت القوات الأمريكية من مغبة انتشارها لأن الأمر قد يكون صعب التمييز في بعض الأحيان ما قد يتسبب في حالات من القتل الخطأ. وتنتشر الأسلحة البلاستيكية بشكل لافت في شوارع وأزقة المدن العراقية في الأعياد والمناسبات، حتى يصبح المشهد وكأنه ساحة حرب يتقاسمها المنتصر والمهزوم ولكن بلا قتلى.
يقول بائع الألعاب محمد الدليمي إن "ألعاب الأسلحة والقتال ومجسمات الآليات العسكرية تجذب لنا نسبة كبيرة من الزبائن، خاصة من الأطفال الذين يفضلونها على ألعاب أخرى متوافرة؛ والكثير من أولياء الأمور يخوضون نقاشات مطولة مع أطفالهم لإقناعهم بالعدول عن شراء مجسمات الأسلحة، إلا أن إرادة الأطفال كثيراً ما تنتصر وسط إلحاحهم ودموعهم أحياناً".
أما نوري البدراني (بائع حلوى) فيخبرنا أن سوق ألعاب الفتيات تأثر هو الآخر؛ حيث نجد كثيراً من الفتيات يبحثن عن لعب محاربات وأسلحة بناتية، كما هو الحال مع المسلسل الكرتوني الشهير الجاسوسات ومحاربات الأمازون. وكانت لجنة المرأة والطفولة في البرلمان العراقي قد تقدمت بمشروع قانون إلى مجلس النواب يقضي بمنع استيراد ألعاب الأطفال المحرضة على العنف إلا أنه ضاع وسط تغيرات المشهد السياسي العام الذي يبدو أنه مهتم بأمور كثيرة غير أطفال المجتمع.
حروب إلكترونية
كذلك يدخل أطفال العراق ميداناً آخر للعنف، هو ميدان الحروب الإلكترونية والافتراضية حيث تنتشر مئات الصالات التي تجعل الطفل يقتل ويناور ويهاجم ويدافع من دون دراية بخطورة هذه الألعاب.
ويرى اختصاصي الطب النفسي الدكتور عقيل الصباغ أن الأطفال الذكور يمتازون بالميل إلى استخدام السلاح والألعاب التي فيها قوة وعنف، مشدداً على أن العنف بصورة عامة عند الأطفال هو جزء من مفهوم العنف العام لدى الكائن البشري والحيواني، وهو جزء من هذا السلوك الذي يمتاز بالقوة والتهور وإبراز الشجاعة وإبراز الغلبة على الغير.
ويشير الصباغ إلى أن هذا السلوك لا يوجد في كل المجتمعات بل يختلف، وهو ثقافة وحضارة وعادات وتقاليد واكتساب خبرة من خلال المجتمع الذي نعيش فيه. ويبين أن المجتمع العراقي مر بظروف قاسية وحروب وعنف شديدة خلال الثلاثين سنة الأخيرة بداخل هذه الظروف تعود الطفل على السلاح والعنف وإيذاء الآخرين واستخدام اللعب كالأسلحة، كما نشاهد هذا من خلال رسوماتهم فهو يرسم الدبابة والمسدس وغيره.
ويضيف: في فترة الأعياد نرى مجاميع وكأنها عصابات، يمكن أن نطلق عليها العصابات الكاذبة، لأنهم مجموعة من الأفراد يحملون مسدسات، لكنها مجرد مسدسات مائية أو مسدسات لعب.
من جهتها، ترى رئيسة قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة بغداد ناهد عبد الكريم أن الإقبال على اقتناء اللعب النارية ظاهرة خطيرة يمارسها الأطفال، لها نتائج سلبية كثيرة على حياتهم وحياة الآخرين ومن ثم خلق نوع من الاضطراب لديهم "فالطفل لا يستطيع أن يعي ما تؤدي إليه هذه اللعبة فهو قد يتصورها لعبة يتسلى بها ولكن نتائجها وخيمة".
وتحصر الدكتورة ناهد عبد الكريم أسباباً عديدة لهذه الظاهرة منها تأثره بما يشاهده سواء في الوسط الذي يعيشه أو عن طريق وسائل الإعلام كالفضائيات أو ما يشاهده في الشارع من خلال مرورالأرتال العسكرية سواء كانت أمريكية أم عراقية؛ والطفل بطبيعته يحب التقليد وعن طريق الإيحاء وطريق العدوى الاجتماعية يمكن انتشار استعمال هذه اللعب بين الأطفال؛ وناشدت الأسر أن تكون واعية لتصرفات أطفالها وما يستعملونه في ألعابهم، "وأن يكونوا على حذر من اقتناء لعب الأسلحة لأن لها نتائج وخيمة على حياة الأبرياء".
 وكانت نقابة أطباء العراق قد حذرت من هذه الألعاب بعد انتشار حالات الإصابة بالعيارات البلاستيكية خاصة في منطقة العين أثناء المعارك الوهمية بين الأطفال.
* نقلا عن العربية نت


16‏/10‏/2010


مؤتمرات «التغطية» على صنّاع الموت




شعـبـان عـبـد الرحـمـن


 

تكاثرت مؤتمرات الأمم المتحدة عن مقاومة «الفقر والجوع» حتى أصبح المرء يظن أن تلك المنظمة باتت تسخّر نفسها من أجل فقراء العالم؛ ففي كل عام نتابع مهرجاناً دعائياً يصاحب قمم الثماني الكبار السنوية؛ حيث يجري إيهام العالم - خاصة العالم الثالث - بأن مشكلاته باتت قاب قوسين أو أدنى من الحل، بينما الفقر يزداد توحشاً والجوع يرعى في خلق الله، فقد تابع العالم يوم الاثنين 20/9/2010م قمة «أهداف الألفية للتنمية» الذي عقدته الأمم المتحدة لمدة  ثلاثة أيام؛  لاستعراض جهود المنظمة الدولية لخفض مستويات الفقر إلى النصف - وفق إعلان المؤتمر - بحلول العام 2015م.   ولم يملك الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» إلا الإعراب عن ثقته - كما يعرب في كل مؤتمر-  بأن القمة ستتمكن من جمع مليارات الدولارات.وهكذا بتنا بين الحين والآخر نعيش مع مثل هذه المؤتمرات  تمثيلية كبرى تحاول إقناعنا بأن شيئاً يتم فعله من قبل الكبار لإنقاذ العالم من «الفقر والجوع والموت»،  بينما تؤكد كل الوقائع والأحداث الماثلة أمامنا على الأرض أن تلك القوى الكبرى هي الصانع الأكبر لذلك الفقر والجوع والموت..!! إنها صانعة الكارثة بكل ما تعني الكلمة، صحيح أن الفساد والإفساد ضارب بكل مستوياته «للركب» في شتى الميادين، وصحيح أن الدول الكبرى لا تتأخر عن تقديم مساعداتها، لكن معظم قادة الفساد هم صنائع تلك القوى الكبرى التي لا تدفع دولار مساعدة واحداً، ولا تقدِّّم كِسْرة خبز لشعب من الشعوب إلا ويكون مقابلها  خصم من حريته واستقلال قراره، ومن يتوقف أمام الخارطة يكتشف ذلك بسهولة، ولو كانت الـ 52 مليار دولار التي أعلن الرئيس الأمريكي «أوباما» عن رصدها كميزانية لمساعدة الدول الفقيرة قد تم رصدها لوجه الله أو رحمة بالجوعى والفقراء حول العالم وإنقاذاً لاقتصادات الدول الفقيرة فقط؛ فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: إن كانت أمريكا بهذه الرحمة بفقراء العالم؛ فلماذا تنفق مئات المليارات على تدمير أمة بأكملها في العراق وأفغانستان وتعيدهما إلى ما تحت الصفر بمراحل؟! ولماذا رفعت ميزانية وزارة دفاعها إلى 693 مليار دولار في عام 2010م، ومن المنتظر أن ترتفع إلى 708 مليارات دولار في عام  2011م (وكالات - نقلاً عن مسؤولين دفاعيين أمريكيين - 14/1/2010م)؟ ألا يتم إنفاق معظم هذه الميزانيات على الحروب التي تعد أول مقومات إفقار الشعوب.وإذا كانت القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة بهذه الشفقة والرحمة على الشعوب التي يحصدها الفقر في العالم الثالث؛ فإننا نسأل: أليس الشعب الفلسطيني واحداً من تلك الشعوب؛ حيث تفعل مقصلة الفقر والجوع والإبادة أفاعيلها على أيدي الصهاينة وبدعم مالي وعسكري أمريكي بلغ - وفق صحيفة «كريتسان ساينس منيتور» الأمريكية في  26/5/2010م - منذ العام 1973م بلغ 1.6 تريليون دولار (أي 1600 مليار دولار)، أي أن كل مواطن أمريكي دفع 5700 دولار للكيان الصهيوني؛ ليكرس احتلاله لفلسطين ويقتل ويشرد ويحاصر شعبها!!.وفي مارس 2009م، حذر تقرير لمعهد التنمية الخارجية من أن انهيار الاقتصاد العالمي سيؤثر في نحو تسعين مليون شخص حول العالم، وهو ما يرفع تعداد الجياع إلى ما يقرب من المليار، ويكلّف الدول النامية 750 مليار دولار من التنمية الضائعة (حسب التقرير)!! وفي التوقيت ذاته تقريباً، حذّر البنك الدولي - بحسب صحيفة «أوبزرفر» - من أن موجة من القلق السياسي والاجتماعي يمكن أن تجتاح أفقر دول العالم إذا فشل زعماء مجموعة العشرين في التحرك لنجدتهم وذلك بسبب الانهيارات الاقتصادية العالمية.وفي 5 أبريل عام 2009م طالب الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» بتخصيص ثلاثمائة مليار دولار على الأقل لمساعدة الدول النامية، من الميزانية الحفزية التي وافق عليها قادة مجموعة العشرين بقمتهم وقدرها 1.1 تريليون دولار. (رويترز).. لكن مطالبات «بان كي مون» ذهبت أدراج الرياح، ومرة أخرى نسأل: من صانع تلك الانهيارات الاقتصادية العالمية؟.. أليست الدول الكبار؟!.ولنستمع إلى شاهد من أهلها، هو الناشط الأمريكي «نيكولاس جونز»: «ولأولئك الذين لا يعرفون، فإن الولايات المتحدة هي التي خلّقت «الإيدز» في المختبرات.. و«مركز السيطرة على الأمراض»، و«منظمة الصحة العالمية» هما الجهتان اللتان قامتا بحقن منهجي لفيروس التهاب الكبد الوبائي واللقاحات الأخرى في أفريقيا وبعض المدن الأمريكية، بما في ذلك «نيويورك»، و«سان فرانسيسكو».وقامت الولايات المتحدة بتصدير مرض «الإيدز» إلى الخارج من خلال أكياس الدم، وهي التي أعلنت عن وجوده قبل فترة طويلة! والآن تقوم بتصدير مرض «حرب الخليج» أيضاً من خلال إمدادات الدم!!.إذن الذي حدث ويحدث قتلٌ مدبَّر من قِبَل عدد قليل لكثير من البشر.. إنه قتلٌ منظَّم وإبادة ممنهجة»!!(1) وفي التحليل نقول: لو كانت الدول الثماني الكبرى بحق لديها رحمة بالبشر، لا أقول: أن تغدق مساعداتها، ولكن أقول: أن تكفّ أيديها فقط، وترفع سيف الإبادة عن أعناقهم، ولو كانت الأمم المتحدة فعلاً تشعر بمأساة الدول الفقيرة لكفت - فقط - عن تنظيم تلك المؤتمرات السخيفة التي لا طائل من ورائها، سوى أنها تمثل غطاء لجريمة إبادة البشرية!.ألم يقل «هنري كيسنجر» مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق: «إن تخفيض نسبة السكان في دول العالم الثالث مسألة حيوية للأمن القومي الأمريكي...»(2).
................................
(1 ، 2) «في أمريكا حكومة خفية»: مقال مترجم للكاتب الأمريكي «نيكولاس جونز» - نشر بالعدد 1919 من مجلة «المجتمع» ضمن ملفات خاصة عن مخطط إبادة البشر والعبث بمصير العالم.  (*)كاتب مصري ومدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية

كاريكاتير



جدلية الثقافة والمعرفة الغربية
وموقف الفكر الإسلامي منهما





د. سعد سعيد الديوه جي



 
1-    مقدمة
مما لاشك فيه بأن تعريف الثقافة تعريفاً محدداً صارماً، أمر في غاية الصعوبة، إن لم يكن مستحيلاً، وهذا الأمر ينسحب على كل مقوماتها وأسسها والمصطلحات المتداخلة فيها.والتداخل بين مفهومي الحضارة والثقافة وهو أمر حتمي زاد من تعقيد الأمور، في عالم أصبح فيه الحصول على المعرفة المطلوبة لا يستغرق إلا دقائق معدودة .وفي هذا المجال سنحاول الوقوف على رؤية الثقافة أو المعرفة كانعكاس في سلوك الأمة ومنهاجاً لها نابعاً من معتقدات دينية أو عقائد إيديولوجية وما يتبعها من عادات وسلوك وتطلعات مشتركة، وهي وسائل وطرق ما يسمى بالتصرفات الحضارية واختلافها من أمة إلى أمة أو من شعب إلى شعب، حتى أن هينتنتغون في مؤلفه ذائع الصيت "صدام الحضارات" يقول: "ولعل من الأفضل الآن تصنيف الدول ليس من خلال أنظمتها السياسية والاقتصادية أو شروط تطورها الاقتصادي بل من خلال شروط ثقافتها وحضارتها" ثم يعرف الحضارة "بأنها هوية ثقافية" .لقد كان هينتنتغون صريحاً جداً في التعبير عن المكنون الغربي الحقيقي لباقي الأمم، وسد الطريق أمام من يضعون التطور الاقتصادي كمقياس للتفاضل الحضاري، وكان أكثر صراحة في تقسيماته عندما جعل الإسلام كعامل فاصل وحاد في تحديد الثقافة، وما ذلك إلا انعكاساً واضحاً للادرك الغربي لمكنون الثقافة الإسلامية الذي عبر عنه سمث بقوله "كان الإسلام من فجره أكثر من دين في المفهوم العقائدي والأصل السلوكي وهو جوهرياً نظام سياسي واجتماعي شامل فيه أمور الدنيا ليست بأقل أهمية من شؤون الحياة الأخرى وفي مسرى تاريخه استطاع أن يخلق مدينة كاملة خالدة" .وتأتي هذه النظرة من الذين درسوا الإسلام بعناية ويدركون تكامل الثقافة الإسلامية بإيمانها بالتوحيد الكامل وإقرارها باستمرار الحياة ما بعد الموت وعلى أساس الجزاء من جنس العمل .وأما الزاوية الأخرى التي سندخلها فهي مقدار الاتساع المعرفي للأشخاص أو الأمم لا على أساس كمية الصحف أو الكتب أو المجلات المقروءة اعتياديا أو الكترونياً أو عبر الانترنيت أو الأفلام والمسرحيات المعروضة وحفلات الرقص والغناء وعروض الأزياء ... الخ، فمقياس الكم لوحده لا يكفي للمقارنة إذا تم إهمال النوع وباقي العوامل الموضوعية كالمستوى المعاشي للأمة ونسبة الأمية والجو السياسي العام، كل هذه العوامل وغيرها يتم إهمالها تماماً بصورة غير علمية عندما تتم مقارنة المستويات الثقافية للأمم بالأرقام المجردة .ويشير المرحوم علي عزت بكوفتش في كتابه القيم "الإسلام بين الشرق والغرب"، إلى نقطة نادراً لم يلتفت إليها منظرو الثقافة، وهي علاقة الفن بها، فالفن كعامل من عوامل الثقافة خارج عن الزمن وخارج عن التاريخ، حيث دلت كثيراً من التجارب التاريخية بأنه في فترة الهبوط الحضاري يرتفع الفن إلى قمته، حيث يؤكد رحمه الله بأنه إذا كانت أفريقيا متخلفة من وجهة نظر العالم والتكنولوجيا، فإنها ليست كذلك في حقل الفن على الإطلاق! علماً أن الثقافة الأفريقية تتخذ كنموذج للتندر وكمثال للثقافة البدائية الهابطة .من هذه المفاهيم المتباينة والمتداخلة والتي تجعل من تاريخ الثقافة أمراً متناقضاً، نستطيع إعطاء تصوراً إسلامياً للثقافة كسلوك فردي واجتماعي يمكن توظيفه لخدمة المجتمع الإنساني في جانب أخلاقي مواز للجانب المعرفي، وانطلاقاً من مفهوم الثقافة – الحكمة – أي الأخلاق، بقوله تعالى {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً}البقرة وقوله تعالى {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} 125 النحل "وهي دعوة لإقامة الجسور الثقافية بالحوار والهدوء والأخلاق الحسنة وهي سنام الثقافة وقمتها!
ونستطيع في نفس الوقت تقديم تصوراً سريعاً للثقافة الغربية التي تستمد جذورها من التعاليم اليهودية – المسيحية، والمتأثرة بصورة حادة بالثقافة اليونانية والرومانية الوثنية، ومن هذه المنطلقات صارت الثقافة الغربية منبعاً لنظريات القوة النيتشوية والشيوعية والصهيونية والنازية وكلها مبادئ تقوم على الإلحاد أو وحدة الوجود وإرادة القوة وتمجيد الذات القومية والبقاء للأقوى، وعدم الإقرار إلا بالماديات على أساس أن الغيبيات لا يدركها العقل المحسوس، وبذلك تم إلغاء الآخر لا شعوريا من حيث الإحساس بالتفوق، وهو تفوق مرحلي لا يشكل نهاية للتاريخ .
    2- مفترق الطريق
كل ما ذكرناه آنفاً كان كلاماً عمومياً لا يقترب كثيراً من نقطة مهمة هي خصوصية الثقافة، وفي هذه النقطة يحصل الافتراق الفعلي بين ما هو شرقي عموماً وإسلامي خصوصاً؛ والغربي ذي الصبغة المسيحية بذي الصبغة المسيحية بجذورها الوثنية – اليونانية والرومانية، والممزوجة بالتعاليم اليهودية التوراتية القائمة على تمجيد العنصرية .والغرب يدرك هذه المسألة قبل الشرق وبعمق؛ وقد عبر عنها في أدبياته كثيراً، فقد قال رود يارد كيبلنغ شاعر الإمبراطورية البريطانية عام 1865م "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا أبداً". وفي هذا العصر عبر عن هذا الاتجاه بيرنارد لويس صاحب مصطلح "صدام الحضارات"، والذي استعاره منه تلميذه الراحل المتعصب صموئيل هنتنغتون في كتابه الذي يحمل نفس العنوان، عندما قال "بأن التراث الإسلامي شيء والتراث اليهودي – المسيحي شيء آخر ولا يمكن أن يلتقيا أبداً ... !.والثقافة الغربية في الوقت الحاضر ذات سمات استقلالية واستخفاف بالآخر كنتيجة حتمية للتفوق المادي والمدني والعسكري والاقتصادي، وهي مجالات لا تدخل في المفهوم الأخلاقي للثقافة، ولذلك فمن غير المستغرب أن يدلي ريتشارد بيرل محاضرة على مستوى مستشاري وزارة الدفاع الأمريكية عن "تخلف" الثقافة الإسلامية وضرورة إنهاء الالتفاف الإسلامي حول مكة المكرمة باعتبارها نواة تجمع العالم الإسلامي يجب تدميرها! ولا مانع حتى من ضربها بقنبلة نووية إذا اقتضى الأمر ... !.
وثقافة الإنسان الخارق "السوبر" موجودة في صلب الثقافة وخصوصياً الأمريكية، وهو ما نلاحظه بدون عناء في أفلامهم ومسلسلاتهم ومجلاتهم، وهو خط مستمد من النيتشوية والأفكار التوراتية عن المنتظر الموعود الذي سينتقم من أعداء إسرائيل في نهاية الزمان ويقيم مملكة الرب الموعود على الأرض .ولذلك لم يتردد جورج ستيفانيو لوس كبير مستشاري الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون في كتابة مقال في النيوزويك في كانون الأول 1996م، وصف فيه سفك الدماء من أجل أمريكا وحلفائها بأنه عمل نبيل وأن القتل أحياناً عمل إنساني ... ! وتزداد الهوة يوماً بعد يوم في انتشار ظواهر العنف والقتل والإباحية في الحياة الثقافية الغربية وانتشار الإلحاد، وفي هذا الخضم ظهرت مصطلحات عجيبة غريبة مثل "اسلاموفوبيا"، وهو الخوف من الفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية في تماسكها وبساطتها وطرحها لفكرة التوحيد الخالص البسيطة، والتي تقف حجر عثرة أمام الإلحاد، عكس الثقافة الغربية – المسيحية والتي تعاني من الاضطراب الشديد في مسألة تفسير الإلوهية والعلاقة الجدلية بين الخالق والمخلوق، فابتعدت عن التقدم العلمي والمدني الذي اقترن بصورة مطلقة بالابتعاد عن الدين والكنيسة، وفي ذلك فهو على عكس الفكر الإسلامي المواكب للعلوم الحديثة ولكل ما هو منطقي وعقلاني .
والعواقب الوخيمة التي تواجه الفكر الغربي عموماً وعلى المدى الطويل هي ضبابية فكرة الإلوهية أو تجاهل وجود الله، والاعتداد بالفكر المادي المحدد بالحواس وتقديم كل المصطلحات بإطار الموقع المتناقض للدين وخصوصاً العلمانية التي نشأت في أوروبا بعد التخلص من سطوة الكنيسة وهو ما لا ينطبق تماماً على نفس المفهوم من وجهة نظر إسلامية، وما لم يحدث خلال التاريخ الإسلامي .
وغرق الثقافة الغربية وبشكل متعمد في الاعتداد بالنفس جعلها تتبنى مصطلحات مبهمة مثل الليبرالية، وسار في ذلك من سار من أهل الشرق خلفهم، ثم وضعوها من خلال أجهزة إعلامهم في موقع المدعي العام، وكل ما هو ديني – روحاني، في موضع الاتهام، حتى صار التمسك بالقيم والأخلاق التي أقرتها الأديان السماوية قاطبة موضع استهزاء وسخرية، إن لم تكن قسم منها قد اختفت تماماً من الحياة الغربية كالحياء والخجل والاحترام العائلي، ثم صارت العائلة شيئاً نادراً بقيمها وأخلاقها وتماسكها، وهذا المنحى في الثقافة الغربية يعتبر على المقياس الإسلامي، أسوأ ما وصلت إليه هذه الثقافة من انحطاط على مدى التاريخ، وهنا يحصل افتراق لا مثيل له بين توجهين لن يلتقيا على هذا الصعيد مطلقاً . لقد بات المثقفون المسلمون على علم ودراية بأن المدنية والتقدم العلمي والتقني شيء؛ وان الحضارة بصورتها الأخلاقية شيء آخر، فبعد الثورة الصناعية وما أعقبها من ثورة الكترونية إلى ثورة المعلوماتية وتقنياتها، الثقافة الغربية المنفلتة قد زادت متاعبها وازدادت فيها الحروب حتى أفرزت عن حربين عالميتين استخدمت فيها أشد الأسلحة فتكاً ودماراً وخرابا في بيئة الأرض نتج عن كوارث طبيعية حادة وانقراض جزء كبير من الحياة البرية بشقيها الحيواني والنباتي، حتى بات الهاجس البيئي يقلق مضاجع البشرية جمعاء .وقد يدافع أحدهم بأن هذا التقدم هو الذي قدم وسائل الراحة للإنسانية في مجالات شتى والأمر صحيح جداً، ولكن لم يقدم متوازناً مع صاحب الأمر من شقاء روحي مدمر سنقف على بعض أوجهه من خلال الأرقام والحقائق الدامغة، وكأن البشرية صارت تدفع ضريبة المدنية من رصيد أخلاقها وروحها .نقطة أخرى من نقاط الافتراق الحتمي تتعلق بثقافة القرآن وتفرده وخصوصيته في الحياة الثقافية الإسلامية وفي بساطته ومخاطبته للفطرة وحتى في خصوصية ترتيله، بينما فقد الكتاب المقدس هالته المقدسة من خلال تناقضاته واضطرابه، وهو برأينا هذا كان دافعاً مباشراً في الغرب نحو معظم الظواهر الشاذة من الإلحاد والقسوة وارتفاع الفكرة النيتشوية وغيرها من الأفكار الشاذة التي ذكرناها آنفاً؛ وهناك نقطة افتراق أخرى خطيرة جداً وهي مسألة مفصلية وحادة ألا وهي مسألة الانفلات الجنسي المفرط وهو أحد العوامل المهمة في تحديد توجهات الثقافة الغربية وتحديد مساراتها .لقد نتج عن هذه المسألة – ثقافة الإباحية – إنسانا يقترب في بعض خواص شخصيته من الحيوانية الجنسية المنفلتة ويتعامل بنفس الوقت مع أفراد مجتمعه بآلية منتظمة وبمستوى علمي راق خال من القيم والروحانيات ولذلك طغت صفات القلق والتوتر العصبي والقسوة واستفحال استعمال المخدرات والمسكرات إلى مستويات مذهلة .
3- جدلية المقارنة بين الثقافتين
مما لاشك فيه أن المقارنة بين الثقافتين لو قامت على أسس الكم من المطبوع والمنتج من أعمال فنية ودرامية، لكانت الثقافة الشرقية – الإسلامية في موقع خاسر لا جدال حوله؛ ولكن هل المقارنة على أساس الكم هي مقارنة صحيحة بعيداً عن العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتطور التاريخي لذلك المجتمع وتداخل الثقافة بالتجارة ومدى فعالية تجارة الثقافة والقراءة ؟!. وسنتناول هذا الجانب من زوايا معينة منها جهلهم بثقافات الأمم وخصوصاً الثقافة الإسلامية، حتى أن إحدى الدراسات الجادة مؤخراً أقرت بأن أكثر من 80% من الأمريكان لا يعرفون شيئاً عن الإسلام؛ وان مادلين أولبرايت وكانت وزيرة خارجية أمريكا قد اعترفت في مقابلة تلفزيونية وفي برنامج (VIEW POINT) بتاريخ 5/6/2006م بأن معلوماتنا عن الإسلام قليلة جداً ويجب أن نفهم الإسلام "ومع هذا لا يفتئون عن مهاجمة ما لا يفهمونه ثم يدعون الموضوعية! .اذاً ماذا يعرف المثقف الغربي، انه يعرف بالتأكيد الكثير عن ثقافة "الفم والفرج" طالما دخلت بالثقافة كمادة تجارية؛ حتى صار شرب الكوكا كولا وتناول الوجبات السريعة جزءاً من الثقافة الجديدة، والاهتمام بحياة النجوم من ممثلين ومغنيين وراقصين وألوان فساتينهم وأثمانها وأنواع أحذيتهم تأخذ حيزاً كبيراً من هذه الثقافة الشوهاء ثم انتقلت العدوى إلينا، وهذا الأمر لا يبرره إلا الخواء الفكري الذي بات يشتكي منه مفكرون كثيرون، فصارت مواقع الانترنت مجالاً لنشر الغسيل الوسخ لكل شخص مهما كانت خصوصيته .وإذا رجعنا إلى الكم والعدد، فإننا لا نستغرب بأن الدول العشرة في استضافة المواقع الإباحية، والتي يقضي ملايين الشباب جل وقتهم في مشاهدتها هي دول غربية تأتي في المقدمة ألمانيا بعشرة ملايين موقع، تليها بريطانيا بثمانية ملايين موقع، فاستراليا بخمسة ملايين ... الخ .وهذه الثقافة هي ثقافة دغدغة المشاعر الجنسية إلى مستويات خارجة عن كل القيم التي لم يعد لها مفهوم في قيمة عموم الثقافة الغربية .وفي عرضنا هذا فإننا لا نبخس قيمة عموم الثقافة الغربية الأعمال العظيمة للأدب الغربي، والتي بدأت تختفي رويداً رويداً خلف سحابة الانفلات والدعارة وهي المولود المسخ للثقافة الإباحية، حتى صارت تجارة الدعارة ثالث أكبر مصدر للجريمة المنظمة بعد المخدرات والقمار، وكل هذه الأمور تمثل انحطاطاً للقيم والفطرة لا مثيل له، ويزداد الأمر سوءاً كلما تقدمت ثورة المعلوماتية وزادت سهولة تقديم المعلومة من خلال الانترنت .وتشير إحدى الدراسات الجادة إلى أن دخل المواد الإباحية يبلغ حوالي 14 مليار دولار في الولايات المتحدة فقط، وينفق المستخدم العالمي 3075دولار كل ثانية على المواد الإباحية، كما وصلت نسبة الحلقات التي يتم تحميلها عبر الانترنت إلى 35% من جملة ما يتم تحميله، وهذا يعني بأن ثلث المواد الثقافية لهذا النظام المعلوماتي يذهب للإباحية الجنسية وثقافتها المتدنية الساقطة!.ويقف "تجار الثقافة" والمؤسسات التي تخطط لقيادة هذه المجتمعات خلف هذا المنحى وباسم الديمقراطية والليبرالية وحرية التعبير، ناسين أو متناسين بأن البشرية بمعناها المطلوب هي أسمى من هذا الانفلات الحيواني، وكمثال واحد لهذا المنحى من ألوف الأمثلة ما قام به الملياردير اليهودي الأمريكي الجنسية روبرت مودوخ والذي يملك شركات هائلة في مجال الإعلام والثقافة عندما اشترى صحيفة (The sun) البريطانية في بدايات ثمانينات القرن الماضي، ووضع في كل عدد على الصفحة الثانية صورة فتاة عارية تماماًًً لترتفع مبيعات الجريدة من مئات الألوف إلى ستة ملايين نسخة يومياً. والثقافة المفتوحة بدون خجل ولا وجل صارت السمة الأبرز لبرامج الفضائيات ومواقع الانترنت، والتي بدأت تحتل مكان الكتاب يوماً بعد يوم وذلك لسهولة التعامل معها، حتى أن فتاة عمرها (16سنة)  ومن أبوين مطلقين، اعترفت في برنامج شعبي أمريكي وأمام الملايين بأنها عاشرت (22) رجلاً فقط، ولم تشعر بالسعادة إلا مع ثلاثة فقط، رغم تعاطيها للمخدرات بانتظام!.هذه الإباحية المفرطة صارت جزءاً من الثقافة الغربية و "ديناً " جديداً يستتر خلف الصليب زوراً وبهتاناً، وبتشجيع رسمي علني، كما حدث أخيراً في حفلة عامة في شوارع أمستردام للزواج المثلي شارك فيه أفراد من القوات العسكرية!.وعلى هذا النسق فان النقص في الكم الثقافي ليس عيباً ثقيلاً، لأنه ليس هو المقياس الحقيقي للمعنى الأخلاقي لثقافة الأمم والشعوب، وهذا التركيز من جانبنا على هذا الجانب من الثقافة الغربية لا يعني أنها مسخ أو لا يجب التعامل معها ونسيان بعض عيوبنا؛ كالتعلق المفرط بالماضي، وإهمال التفكير المستقبلي، وعدم توظيف الذات توظيفاً ناجحاً، والانسياق نحو التبعية الفكرية وعبادة الأنا، وتقديس الرموز البشرية تقديساًَ مفرطاً، ولكن موروثنا الروحي هو السمة الأبرز لشخصيتنا يجب أن لا نفرّط به تحت وطأة أسطورة الثورة المعلوماتية أو غيرها من المسميات، لان ما نحن عليه يضفي على وجودنا حتى لو لم يكن بالمستوى المطلوب بعداً روحياً وسعادة روحية يفتقدها غيرنا .
4- الطريق الجديد والنتائج
  في هذه النوعية من الثقافة والتي صارت ديناً جديداً كما نوهنا لذلك، يحق للمرء أن يتساءل أين ستصل البشرية ونحو أي طريق، خصوصاً بعد أن صار إجراءا قمعياً بدل أن يكون حافزاً أخلاقياً، وكما يقول علي عزت بيجوفيتش رحمه الله بأن الخوف من العقاب هو بداية الأخلاق، كما أن خوف الله هو بداية لحب الله، بينما تصور الثقافة الغربية هذه الناحية في الإسلام بأنه "دين خوف" في حين أن المسلم يفتخر بخوفه من خالقه وبارئه ومصوره والذي يتوجه إليه دائماً بمخاطبته وفي هذا الدين الجديد صار الإنسان المتعلم والذي يحسن التعامل مع كل وسائل الحياة الحديثة هو الإنسان المتحضر، حتى لو لم يمتلك ذرة واحدة من حسن الخلق، ناسين او متناسين أن العرف السائد يعرف الإنسان المتحضر بذلك الإنسان الذي يتعامل بتسامح وإنسانية وشفافية مع كل بني البشر حتى لو لم يكن يحسن القراءة والكتابة .
وهذا النهج تجاوز على فطرة الإنسان إلى دين جديد بإباحية مفرطة لم تعرف لها البشرية مثيلاً وبأخلاق تعزل الفرد تدريجياً عن العائلة إن لم تكن العائلة نفسها صارت أمراً يصعب تحديد هويتها على ضوء الترويج والاعتراف بما يسمى بالزواج المثلي، وهكذا صارت هذه الأخلاق ديناً آخر لا يمت لمفهوم الدين المتعارف عليه بصلة، وهو كما نوهنا سابقاً بأنه يعني الأخلاق والثوابت؛ وان الشخصيات المثالية من الأنبياء والصالحين يجب أن لا تغيب تحت وطأة التقدم المدني السريع ، فالمثل هي المثل؛ والأخلاق القائمة على الفطرة هي التي ترتفع بالإنسان نحو الإنسانية التي خلق عليها وارتفع بها عن مستوى الحيوانات والبهائم. والبشرية عموماً والمجتمع الغربي خصوصاً خرج بعد الحربين العالميتين وهو منهك ثقافياً من هذه الأيديولوجيات التي تبحث عن القتل والدمار تحت مسميات شتى، فزادت نسبة الجرائم بشكل مذهل، في الأدب والسينما والتلفزيون، حتى أن إحدى الدراسات تشير إلى أن الطفل الأمريكي العادي يشاهد ما يقارب 20 ألف جريمة قتل على التلفزيون قبل أن ينهي دراسته الثانوية! وعلى هذا المنوال فقد صار نزلاء العقلية يمثلون النسبة الأعلى بين النزلاء في مستشفيات أوربا وأمريكا وهذه نتيجة الثقافة المادية القائمة على القوة والمادة فخرجت علينا هذه الأجيال الهاربة نحو المخدرات والمنكرات والغرق بفلسفة العبث؛ ويمكن للقارئ الكريم أن يرجع لمواقع الانترنت المتخصصة في هذا المجال ليحصل على أرقام مذهلة بهذا الشأن .ومن غريب الأمور بأن السويد تنفرد بالرقم القياسي في عدد حالات الانتحار ومدمني المخدرات والأمراض العقلية، وفي نفس الوقت فهي تقف على قمة الهرم العالمي بنسبة أمية تكاد تقترب من الصفر وبمعدل دخل لا مثيل، كل ذلك مواز لأسوأ نظام عالمي منها على مستوى العالم فماذا نستنتج من هذا غير الفراغ الروحي القاتل لهذه الأمم .ويشير المرحوم علي عزت بيجوفيتش الى مسألة غاية في النباهة، حيث يشير إلى أن عدد حالات الانتحار في الجامعات البريطانية العتيدة أكبر ست مرات عن المتوسط القومي، لترتفع هذه النسبة في جامعة كمبريدج إلى عشر مرات من عدد حالات الانتحار بين الشباب البريطاني من السن نفسه، وهذا المثال يعد نموذجاً صارخاً للثقافة المشوهة والتي كلما ارتفع مريدوها زادت عندهم حالات القلق والكآبة والوحدانية! وهذه الثقافة القلقة يزداد اضطرابها بازدياد مساحتها، وهي على العكس تماماً من الثقافة الإسلامية التي تزدهر بين أوساط الطبقات المتعلمة والمتخصصة في مجال العلوم والإنسانيات.ومع استخدامنا لتعبير الثقافة الغربية، فان هذا التعبير ينطبق على بعض الدول الشرقية مثل اليابان التي تخلت عن ثقافتها الى حد ما وراحت في طريق التغريب وبدأت هذه الآفات تفتك بهذا المجتمع المتطور إلى أقصى الحدود .وأخيراً فان ثقافتنا ليست نابعة كلها من المادة التي خلق منها الإنسان على ما أعتقد بها فلاسفة المادة، فالإنسان لا يصلح بحواسه فقط، ولكن روحه تصلحه نحو بشريته والروح لا تسمو الا بالأخلاق كما جاء بها الرسل والأنبياء .ونرجو أن لا تكون طروحاتنا هنا دعوة لنبذ الاستزادة من المعرفة والحكمة، فهذا هو الهراء بعينه، ولكنها دعوة لكي لا يكون الكم على حساب النوع الذي افتقدناه، وهذا النوع هو تلك الروحانيات التي تمتلئ بها ثقافتنا والتي تعيد للإنسان إنسانيته من خلال تأملاته وإيمانه بالله وقدرته والتسليم له بكل شيء
دور المسجد في الإسلام

بقلم: حسين أحمد زنكنة


كان المسجد على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هو الجامعة، والبرلمان، وهو المنتدى الإسلامي. وكان هو المحكمة التي تقضي بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم). وكان مركز التجمع ونقطة الانطلاق، منه انطلقت الفتوحات الإسلامية لتعم أرجاء الكون شرقاً وغرباً.المسجد هو مكان العبادة والاعتكاف، ومكان التعليم والتوجيه، ومكان تشاور المسلمين وتناصحهم، ومركز القيادة المؤمنة، ومقر القيادة العسكرية وعقد ألوية الجيوش المجاهدة في سبيل الله، ومكان استقبال الوفود القادمة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، حتى إن الحبشة كانت تلعب بالحراب في المسجد، ويقول لهم (صلى الله عليه وسلم):_ (دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ) متفق عليه.فالمسجد موضوع لكل ما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين، ولذلك أول ما قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة اعتنى ببناء المسجد، وحث الإسلامُ على بناء المساجد، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):_ (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.وكان الكبار والصغار والرجال والنساء يؤمًّون المسجدَ للصلاة والاعتكاف فيه، وحضور صلاة الجمعة، ودروس العلم، ولم يثبت منعُ أحد من دخول المسجد، والأحاديث التي فيها "جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم" أحاديث ضعيفة لا حجة فيها، بل هي متصادمة مع الأحاديث الصحيحة كحديث الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ: (أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ: مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ. فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ) متفق عليه.فإن لم تتربَّ الأجيال في بيوت الله، فأين تتربى؟! وإن لم تتعلق القلوب بالمساجد فبأي شيء تتعلق؟! فهي حاضن الأجيال الصالحة، ومراكز تربية قادة وجنود المستقبل ورجال الغد المشرق وحماة العقيدة الصحيحة وهم فلذات أكبادنا وحملة لواء الإسلام .ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (وَرَجُلٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ) رواه مسلم.وقد رُبِط ثمامة بن أثال بسارية المسجد، وكان مشركاً، فيجوز دخول المشرك بإذن المسلم، وأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) بأن تأتيه بالخـُمرة من المسجد وكانت حائضاً، وقال لها: (إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِى يَدِكِ) رواه مسلم، فيجوز دخول الحائض المسجد لحاجة تقضيها وتخرج دون مكث وإقامة، وقد اعتكفت أمهات المؤمنين في المسجد حال حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) وبعد وفاته.فلا يجوز تنفير الصغار من دخول المسجد، كما لا يجوز تكدير المرأة بسبب صياح أولادها؛ إذ المرأة قلما تنفك عن صغار، وقد تحتاج لسماع وعظ وتذكير، فمنعها من المسجد بسبب أولادها فيه تفويت لمصلحتها، والنساء شقائق الرجال في الأحكام، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يخفف من صلاته إذا سمع بكاء الصبي وذلك لما يعلم من وَجْدِ أُمِّهِ عليه.لابد وأن نعمل على إعادة المسجد إلى دورِه القيادي وعملِهِ الرائد الشامل الذي كان عليه على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلا يُستبْدل بغيره، ولا يصح أن تقتصر دائرة العلاقة به على مجرد تأدية الصلوات الخمس، ثم يتم إغلاقه، كما جرى الأمر فيما مضى.كما لا ينبغي أن تنصرف الهمم إلى تحمير وتصفير المساجد، ووضع التحف الفاخر ومما نسميه (بالزرق والورق)، مع إضاعة الجوهر والمهمة الأساسية لبناء المسجد، إن المسجد على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يكن مفروشاً، كما لم يكن مُضاءً، وعلى الرغم من ذلك فقد خرَّج رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، رجالاً آمنوا بالله وصدقوا المرسلين.ونحن اليوم بحاجة لرجال يصلون الأرض بالسماء والدنيا بالآخرة، يعمرون المساجد بطاعة الله، ويهتمون بشؤون المسلمين في شتى بقاع الأرض؛ فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.ينبغي على من يتصدر لرسالة المسجد من أئمة وخطباء ومدرسين أن يكونوا على مستوى هذه المهمة الشريفة، بحيث يصبح المسجد مصدر إشعاع للحي والبلد الذي يتواجد فيه، ولابد من مواجهة التحديات المعاصرة، وتقديم الحلول للمشاكل المطروحة، وإقامة الواجبات وسد الثغرات، وتشغيل الطاقات المعطلة، فواحد في الجيش يفسد تدبيره، فكيف بألف؟! والمعسكر الذي تكثر فيه البطالة يجيد المشاغبات والفتن،والمهمات كثيرة عديدة تحتاج لفريق عمل وخلية نحلٍ؛ فهذا يهتم بالصغار، والثاني يقوم على دعوة النساء، والثالث يتفقد أحوال المصلين، والرابع يهيئ المسجد... وتنظيف المسجد عن مثل القذى في العين طاعة وقربة لله، وهكذا فالمهمة لا تقتصر على مجرد الإمامة والخطبة والدرس.. لقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) هو الإمام الأول، وخلفه أبو بكر في الإمامة، فلما مات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واختلف المسلمون يوم سقيفة بني ساعدة فيمن يتولى إمرة المسلمين قال الإمام عليٌ (رضي الله عنه): "رضيك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لديننا أفلا نرضاك لدنيانا؟"؟! ثم كان الخلفاء بعد ذلك يخطبون في الناس ويؤمونهم في الصلاة، وظل المسجد مقر الحاكم المسلم ودار حكومته حيناً من الدهر، يتم من خلاله تعبيد الدنيا بدين الله، وإقامة حضارة على منهاج النبوة؛ منهج العقيدة السليمة والسلف الصالح(رضي الله عنهم أجمعين). فإذا أردنا للمسجد أن يؤدي رسالته فعلينا أن نكون على مثل ما كان عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصحابته الكرام (رضي الله عنهم أجمعين) (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)(الأحزاب:21) - (لقد كان لكم في رسول الله أسوة) بكسر الهمزة وضمها (حسنة) اقتداء به في القتال والثبات في مواطنه (لمن) بدل من لكم (كان يرجو الله) يخافه (واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) بخلاف من ليس كذلك(تفسير الجلالين).وكل خير في اتباع من سلف:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}الأحزاب23 - (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) من الثبات مع النبي صلى الله عليه وسلم (فمنهم من قضى نحبه) مات أو قتل في سبيل الله (ومنهم من ينتظر) ذلك (وما بدلوا تبديلا) في العهد، وهم بخلاف حال المنافقين /تفسير الجلالين/. وكل شر في ابتداع من خلف، للتفرقة والاختلاف والمجاملة والمجادلة خدمة لأعداء الإسلام والمسلمين، وما لم يكن يومئذ ديناً فليس اليوم ديناً، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.إن التقدم المادي لا ينبغي أن يأتي على حساب المسجد، ولا أن يـُفرِغ رسالة المسجد من محتواها، فنكون من المستفيدين من ايجابياتها ونترك سلبياتها، فالعلم النافع يدعو للإيمان، ولابد من دعوة جادة تعيد شباب الأندية والمقاهي والكازينو والملاهي ودور اللهو الأخرى إلى بيوت الله.. لم يرخص النبي (صلى الله عليه وسلم) لابن أم مكتوم في أن يصلي منفرداً في بيته، قال: (أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً) رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني، رغم أن ابن مكتوم كان يسكن أعالي المدينة، والصحراء كثيرة الهوام والحشرات، وكان أحياناً لا يجد من يقوده إلى المسجد.فليتقِ اللهَ هؤلاءِ الذين يمنعون أبناءهم من الذهاب إلى المسجد، ويعتبرون ذلك إضاعة للوقت، وكذلك الأمر بالنسبة للأساتذة الذين يعقدون الدروس الخصوصية والتقوية وقت صلاة الجمعة، لا بورك في دنيا تأتي على حساب الدين؛ فركعتا الفجر خير من الدنيا جميعاً.لابد أن يقوم المسجد بإعلاء كلمة الإسلام واضحة جلية في الصغير والكبير، والرجل والمرأة، وأن تتكاتف الجهود لتبليغ الرسالة وتأدية الأمانة، فدعوتنا دعوة عالمية {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}(الفرقان:)1.إن الأعداء يحاولون تخريب المسجد وتقليص دوره حتى وقف "غلادستون" يوماً في مجلس العموم البريطاني، وقال: "إن العقبة الكئود أمام استقرارنا بمستعمراتنا في بلاد الإسلام هذا الكتاب وهذا البيت، وأمسك بالمصحف بيد، وأشار بالثانية إلى الكعبة (أفضل المساجد وأشرف بقاع الأرض).
فعلى كل من تشرَّف بالانتساب لهذا الدين، وانتسب لخير أمة أخرجت للناس أن يكون له دوره في إقامة الحق في الخلق، وأن يعمل على إرجاع المسجد إلى صورته وقيمته الأولى، فهو نقطة الانطلاق لإقامة دولتنا العالمية، وتطبيق حكم الله في الأرض، وتعبيد الناس بدين الله، مستعينين بالله، ومستشعرين أنه لا حول ولا قوة إلا بالله.


استطلاع رأي حول عزم الحكومة العراقية تعويض أمريكيين تضرروا نفسيا من غزو العراق للكويت عام 1990




مراسل الحوار – الموصل



فجرت الحكومة العراقية (المنتهية ولايتها) قنبلة من الوزن الثقيل بموافقتها على تعويض أمريكيين تضرروا (نفسياً) جراء الغزو العراقي للكويت عام 1990، متناسية بهذا القرار أمورا كثيرة لعل أولها كون هذه الحكومة ليست مؤهلة للموافقة على قرارات من هذا الحجم والنوع سوى أنها حكومة (تصريف أعمال) فقط، فمثل هذه القرارات المهمة والتي تتعلق بمستقبل البلد والشعب، يتم البت فيها من قبل البرلمان المنتخب والحكومة الجديدة، وثانيها أن هذه الحكومة (المنتهية)، تناست حال العراقيين وحجم معاناتهم اليومية بسبب الظروف التي سببها احتلال العراق من قبل الأمريكان أنفسهم الذين تريد الحكومة اليوم تعويضهم، ولعل القائمة تطول وتطول، ما حدا بالبعض للتعبير عن استيائهم من هذا القرار والتوقيت الذي جاء به.
مجلة الحوار استطلعت آراء شريحة من الجمهور العراقي في مدينة الموصل للتعرف على رأيهم بالموضوع.
-السيد محمد ابراهيم. (عسكري متقاعد).
ليس غريبا أن نرى هذا (الوفاء) من قبل مسؤولي الحكومة العراقية الحالية (لأمهم الحنون) أمريكا، كيف لا وهي التي حضنتهم سنين طوال، وأرضعتهم من الحقد والغل على العراقيين، وعلمتهم الحيل والتصنع والأكاذيب التي جعلت منهم أسيادا على رقاب العراقيين الشرفاء، بعد أن كانوا أذلاء أرقاء لدى أسيادهم الأمريكان، ولازالوا، وخير دليل ما نراه من الخنوع وقبول المهانة من المحتل.
وأريد أن أسأل الحكومة التي تدعي بأنها جاءت من أجل العراقيين، أين التعويض  لذوي الشهداء، وذوي المعتقلين. والذين فقدوا الغالي والنفيس في (ابي غريب وبوكا وكروبر)، إذا كان لدى أحد المسؤولين ذرة غيرة؟ فليجبني.
-السيد عزيز عز الدين. (كاسب).
أنا أقول بأن (خير الكلام ما قل ودل). فالمالكي يريد أن يحسن صورته لدى أمريكا على حساب الشعب العراقي منذ زمن، ولما رأى بأن ميول أمريكا توجهت لغيره، أراد بالمبلغ الضخم هذا أن يشتري عطف الإدارة الأمريكية لطماعه بالبقاء على كرسي الرئاسة.
-السيد مأمون الطائي. (نجار).أنا أرى في خطوة المالكي وحكومته أنهم يلعبون بمقدرات الشعب العراقي كما يلعبون بالورق، الواحدة تلو الأخرى من أجل الظفر بكعكة الرئاسة للمرة الثانية، ولكن، الثمن سيكون من جيوب العراقيين. كما وأريد أن أسأل الحكومة أليس العراقيون أحق بهذا المال من الأمريكان؟.
-السيد مهند الطائي. (فني كهرباء).
أنا موظف فيما يسمى (عقود إسناد أم الربيعين). ومنذ بداية العام الحالي لم تصرف لنا الحكومة رواتبنا المستحقة، ونحن مازلنا مستمرين على العمل ولم ننقطع عنه بالرغم من كل المشاكل المادية التي تواجهنا، فيا رئيس الوزراء، أليس صرف رواتب الموظفين أولى بالمبلغ من جيوب أسيادك الأمريكان؟، ثم من قال بأن هؤلاء قد تضرروا بالشكل الذي يدعو الحكومة العراقية لتعويضهم على هذا النحو؟، وإن يكن ؟ أليس الشعب العراقي هو أكبر المتضررين من السياسات الرعناء للحكام السابقين، والجدد على حد سواء؟
-السيد محمد أبو آمنة (حلاق).شعب العراق يعاني ما لا يعانيه شعب في العالم لديه ما لدى العراق من خيرات وثروات، فسوء الخدمات والفساد الإداري والمالي الذي جعل من العراق يتربع على عرش الدول الأكثر فسادا على مستوى العالم من الناحية المادية والإدارية، لذا فمن المعقول أن يكون جانب من جوانب الفساد المالي والإداري أن يتم تبذير أموال العراق بهذه الطريقة الرخيصة.وأنا أرى أن تصرف هذه الأموال في مجالات إصلاح وتطوير البنية التحتية التي عانت على مدى سنوات من الإهمال والتخريب.
-السيد محمد الدباغ (ميكانيكي سيارات).
أرجو من الله العظيم أن يأخذ حقي وحقوق العراقيين جميعا من هؤلاء الذين في الحكومة الذين ما تركوا للعراقيين شيئاً من خيرات البلد، فمن سرقات ما شهد لها تاريخ العراق والعالم مثيلا، لتمتلئ بنوك أوربا وأمريكا بأرصدة (علي بابا القرن الحادي والعشرين)، إلى تبرعات لبناء حسينيات ضخمة في قم الإيرانية، وأخيرا وليس آخراً ما جرى هذه المرة من تبذير أموال العراق بهذه المهزلة الرخيصة.
-السيد محمد ذنون ( صاحب مخبز).
العالم كله شعوبا وحكومات، الكل يعمل من أجل التطور وتقديم أفضل ما لديه كي يرتقي لأننا نعيش في عصر جعل من العالم كله أشبه بالقرية الصغيرة، ففي هذا العالم المتسارع الحركة، يعيش العراق من دون كهرباء مستقرة، وحتى لا نظلم وزارة الكهرباء والحق يقال فإن الوزارة قد تقدمت بوعود للشعب العراقي منذ سنين بأن تصلح حال الكهرباء (والكذاب يروح للنار)،. أنا هنا أريد أن أسأل السيد رئيس الوزراء: دولة جنوب أفريقيا التي نالت الحرية منذ عقدين من الزمن، نظمت بطولة كأس العالم وكانت مثالا للدول النامية والتي تريد اللحاق بالعالم المتقدم، والعراق الذي كان قبلة العالم العربي في الثقافة والأدب والعلوم منذ أن نال استقلاله من الاستعمار البريطاني قبل عقود، ماذا قدمتم له أنتم منذ أن أعدتموه للاحتلال من جديد؟.
-السيد فارس النعيمي. (حداد)
بالأمس تبرع نظام صدام حسين لزنوج أمريكا من أموال العراقيين، وقبل أيام كان النظام الإيراني يطالب العراق بتعويض إيران عن سنين الحرب الثمانية، واليوم يتقدم نوري المالكي لتعويض ضحايا (التأثر النفسي) من الأمريكيين بـ(400) مليون دولار، فلا أرى لهذا المجال من مقال سوى المثل الشعبي العراقي (الجمل لو طاح كثرت سكاكينه).
-السيد محمد أحمد(كاسب). أتساءل، ألهذا الحد أصبح دم العراقيين وأموالهم رخيصة؟.
وإلا، كيف يمكن تفسير التصرف الغير مسؤول من قبل الحكومة العراقية التي يجدر بها أن تكون هي المسؤولة عن حماية أموال الشعب والدفاع عن ممتلكاته في وجه كل معتد أثيم.
أقول للمالكي (والأربعين .......) معه، أين مفردات الحصة التموينية التي أنقذت ماء وجه الكثير من العراقيين فصانتهم من مد يد الاستجداء لفترة حرجة من تاريخ العراق وأقصد بها فترة الحصار الظالم الذي تعرض له الشعب العراقي، بحيث أننا بدأنا نحس بقيمة كل غرام من تلك المواد التي كانت تصلنا (كاملة) من قبل (النظام المقبور) كما يحلو للبعض من سياسيي اليوم تسميته؟. أين الكهرباء؟ أين الماء؟ أين الخدمات العامة؟ أين الوظائف؟ أين وأين فكثيرة هي النواحي التي يجدر بالحكومة التفكير بها قبل أن تفكر بتعويض الكذابين من الأمريكان وغيرهم، ذلك إن كان في جبين أحدهم ذرة من غيرة على العراق وأهله.
-السيد عمار النعيمي (مدرس).
لله درك ياعراق، فالحكام الذين رزئت بهم استكثروا عليك وعلى شعبك طيب الحياة. فقاموا بتبذير أموالك وثرواتك و(التبرع) بها لشعوب الغير.وياليت هذه الأموال كانت ستصير في النهاية لمن يستحقها مثل متضرري الفيضانات في باكستان أو متضرري المجاعة في الصومال وغيرهم كثير، لكن أن تذهب لمن قتل العراقيين بدم بارد في الفلوجة وديالى والنجف والموصل بل في العراق بشكل عام، فلا وألف لا، وليذهب إلى الجحيم كل من يفعل ذلك.
- السيد عبد الرزاق الهلالي(ضابط في الجيش العراقي المنحل).
منذ أن دخل الاحتلال الأمريكي إلى بلدنا الطاهر ودخل معه أعوانه الذين كان البعض منهم يبيع (السبح والخواتم وخرز الحظ) في شوارع سوريا وغيرها، دخلوا ليصبحوا أسيادا بفضل المحتل، وجاء اليوم الذي عليهم أن يقدموا فيه الثمن، ثمن انتشالهم من مزابل دول المهجر ليدخلوا مزابل التاريخ. فأنا والكثير من ضباط الجيش العراقي البطل مازلنا إلى هذا اليوم لم نستلم حقوقنا سوى (دفعات الطوارئ) التي لاتكاد تسد الرمق.  ونحن كسائر العراقيين نقول للحكومة، أليس (جحا أولى بلحم ثوره) كما يقول المثل العراقي؟ ونقول لهم، من الذي سيعوض العراقيين عن كل ما تعرضوا له من انتهاكات لحقوق الإنسان التي لم يشهد لها العالم مثيل، والتي يندى لها جبين البشرية خجلاً؟.انا على يقين بأن كلامي هذا وكلام غيري لن يحرك شعرة من شوارب أي مسؤول في الحكومة العراقية الحالية، لأنهم وكما قال الشاعر،
(أسمعت لو ناديت حياً      ولكن لا حياة لمن تنادي).
أسئلة كثيرة، وحيرة كبيرة علت وجوه كل من حاورته وتجاذبت معه أطراف الحديث في سبيل الإعداد لهذا الموضوع.فالكل يسأل عن السبب والتوقيت وأهمية (التأثير النفسي) مقارنة بما هو حال العراقيين من الشمال إلى الجنوب من انتهاكات من المحتل ومن قبل القوات الأمنية العراقية في بعض الأحيان. من حرمان من أبسط صور العيش الكريم. من شحة الكهرباء والماء. من حرمان من مفردات الحصة التموينية. من غلق الشوارع والمناطق السكنية بوجه المواطن الذي أصبح يفكر بالانتحار كل يوم وكل وقت.كل ذلك وأكثر بكثير ما يعانيه المواطن العراقي يوميا، من جراء الاحتلال البغيض، والحكومة وبكل سخرية وبرود أعصاب تريد تعويض المتضررين(نفسيا) منذ عشرين سنة.جاء دوري أنا الآن لأسأل حكومة المالكي وبكل أدب ولن أتجاوز على مقامهم الكريم كما فعل البعض من ضيوفي.
. من سيعوض اليتيم الذي فقد والده؟ وعدد الأيتام في عموم العراق قرابة المليون بسبب جرائم المحتل والأعمال التخريبية والعنف الطائفي المقيت.
. من سيعوض الأرملة التي فقد عمود دارها وشريك حياتها؟.
. من سيعوض الثكلى التي فقدت فلذة كبدها؟.
. من سيعوض الحرة الطاهرة التي فقدت أغلى ما لديها في سجون المحتل وأذنابه(والحكومة دام ظلها تفهم قصدي).من سيعوض هؤلاء جميعاً؟؟.
هذا كله، ناهيك أيتها الحكومة الموقرة عن التذكير بواجباتك، من توفير الخدمات والعيش الكريم للمواطن العراقي الذي لا يستحق منك إلا كل تقدير، لأنه وببساطة سبب وجودكم أيها المسؤولون، على كراسي الحكم.
وأخيرا أقول (الحر تكفيه الإشارة).



تنـقيــة النفــس وتهذيبـهــا
لا يستوجب الخلـوة

تعقيبا على مقال

خلوات الدعاة .. سفن النجاة

بقلم: شيخ فائق نامق


نشرت مجلة الحوار الغراء في عددها 93 الصادر بتاريخ 2\10\2010 مقالا تحت عنوان (خلوات الدعاة .. سفن النجاة)  في عمود (كلام من القلب) للزميل محمد صادق أمين .وأنا أعلم من معاشرتي للزميل (محمد صادق) أنه كتب مقاله من وحي  حرصه على دينه وأبناء أمته الإسلامية؛ وهو موضوع حيوي وذو فاعلية لمساسه بواقع حياة الدعوة والدعاة اليومية، إلا أنني أريد أن أختلف معه في بعض جزئيات ما طرحه في مقاله من خلال هذا التعقيب على الموضوع .في البداية لابد أن أشير إلى أن الأنبياء عموما عليهم الصلاة والسلام؛ ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) خصوصا مسيرتهم وأعمالهم ودعوتهم وحتى خطاهم تأتي بتوجيه رباني والهام من الله سبحانه وتعالى بهدف تعزيز الرسالة ودعم استمرارها  وبلوغها على الوجه الأتم الأكمل، فينزل الملك جبرائيل بالوحي ليبلغ ما يأمر به الخالق سبحانه من توجيه وأوامر تتطلب التنفيذ، فيأخذ نبينا الكريم أوامر ربه على محمل الجد وبالتشاور مع صحابته الكرام يطبقونها نقطة بنقطة لما فيه مصلحة الدين والبلاد والعباد.أما مسألة خلوه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم صاحب الرسالة العظمى الذي تتعلق به مصير البشرية فهي كانت قبل البعثة، بينما نجده بعد البعثة يخطط ليل نهار كيف يبلغ رسالة ربه وينقذ البشرية ويصل بها إلى شاطئ السلامة، فا لعمر الدعوي لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حافلا بالعطاء والعمل. أما صحابته الكرام رضوان الله عليهم فقد امنوا وترعرعوا في المدرسة المحمدية، وكان سبيلهم للاستعانة على مشوار الدعوة هو التذاكر والتناصح مستهدين بقول الله تعالى: {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} فكان احدهم يقول لصاحبه تعال نؤمن ساعة؛ وهنا سؤال يستحق أن يطرح الم يكن هذا الصحابي صاحب إيمان؟ نعم قد آمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ولكن كلا منهم يطلب من الآخر أن يعين صاحبه على الإيمان حتى يترسخ ويستقر في القلب ويتواصل العمل به  والعطاء من خلاله، من هذا المنطلق يتذاكرون ويتشاورون ويتناصحون للتعاون على البر  والتقوى، ولم يكونوا في تقديري بحاجة إلى الخلوة الصوفية التي تمثل الانقطاع عن الدنيا كما هي معروفة عندنا اليوم.هناك بدائل أخرى لو اتبعناها لأغنتنا عن الخلوة لحفظ القلوب من الصدأ، على سبيل المثال قبل أن ينام المسلم يجب أن يحاسب نفسه ويعرض أعماله كشؤيط سينمائي أمامه، فان كانت حسنة يشكر الله على توفيقه، وان كانت غير ذلك يستغفر ربه ويتوب إليه.أما الخلوة التي اقترحها كاتب المقال في رمضان فهي من الأعمال التي كان يتطوع بها المتصوفون؛ فمن بداية الشهر إلى صباح العيد يعتكفون في التكايا او المساجد  في  القرن الماضي، فكانوا لا يخرجون إلى الناس ولاينامون من الليل إلا قليلا، ولا يأكلون المنتوج الحيواني كاللحوم والدهون، وينامون في النهار إلا قليلا، هذه الحالة أصبحت غير موجودة في زماننا هذا؛ وغير مطلوبة للدعاة، لأنهم اليوم يقومون بعمل عبادي منهجي جماعي من خلال القيام بواجبات الدعوة، ومن خلال العبادات الجماعية التي تؤدى ليلال مثل قيام الليل والصلاة والأذكار وقراءة القرآن، وفي النهار الصيام  والسعي وراء الرزق، وهم  بذلك يقومون بعمل منظم يشرف عليه إخوة وأخوات من أهل الدعوة والسبق.طريقة القيام الجماعي ومنهجته وأسلوبه شيء عبادي مهم وجيد في التربية وتنقية الروح، خصوصا إذا تتخله إلقاء المحاضرات والدروس،  ففيه إحياء للقلوب، وهو اعتكاف تتخلله بين الحين والحين عباده فرديه من دعاء واستغفار وتوبة وتواصل مع الباري عزوجل .وبخصوص ما تفضل به الأستاذ محمد صادق حول المشاغل والواجبات والالتزامات الكثيرة وأنها من أسباب قسوة القلب فهذا كلام وجيه وصحيح، وتمليه الظروف الدعوية، فحينما تكون الدعوة سرية ومؤسساتها وآليات عملها غير معلنة يتحجم مستوى الأعمال وتقل الواجبات، وتصبح العبادات والطاعات محور عمل وحياة الداعية كما كان الأمر في دعوه الرسول صلى الله عليه وسلم في المرحلة السرية. وعندما خرجت الدعوة من طور السرية إلى العلنية كان الرسول وصحابته الكرام مشغولون ليل نهار ليس في الجزيرة العربية وحسب بل وصلت فتوحاتهم إلى أقاصي الدنيا، وكان الفاتحون يبقون اشهرا وأياما وليالي عديدة بعيدين عن أهلهم وذويهم، فهذه طبيعة عمل الدعوة في الماضي والحاضر .أما الإنسان المسلم الموفق الناجح فهو الذي يوفق بين أعماله الدعوية ومتطلبات حياته في بيته ومسجده ومعيشته ودعوته إلى الله تعالى، الى جانب حقوق الأهل والأقرباء ثم نفسه في غذائه الروحي والبدني.السبيل إلى التوفيق في هذه الأمور والنجاح في ذلك هو قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أعطى كل ذي حق حقه.ختاما أقول؛ إن الدعاة إلى الله بحاجة ملحة إلى مراجعة الذات وتنقية النفس والأخلاق والروح والوجدان حتى تصفو الدعوة من المكدرات كما ذكر الزميل (محمد صادق) ولكنني أختلف معه في السبيل للوصول إلى هذه النتيجة، فهو يقترح أن يكون للدعاة خلوات للمحاسبة والمراجعة، وأنا أرى أن يبقى الداعية في رباطه وعمله ودعوته، ثم يراجع نفسه في أثناء العمل ويحاسبها ويزن عليها أعمالها قبل أن توزن عليه.


التقليد النافع منه والضار






إعداد :
رمزية عبد الله محمد
(أم إسراء)




    كثير من الناس يذم التقليد ويراه مصدرا للشرور والآثام؛ ويلعن التشبه بلغير ويعده سبب الاباحية والخلاعة،ويشتاق بعضنا الى سماع الكلام القارص من الخطباء في ذم التقليد وأضراره، بعد ما رأوا من تمرد المرأة على الاخلاق والفضائل والعادات المألوفة وتجاوزها الحدود، وتخطيها القيود وتبرجها الشنيع، واستهتارها الزائد بالشرف والكرامة، وخلع عذار الحياء ولثام العرض وليس التقليد قاصرا على تقليد المرأة الشرقية بالأجنبية فالرجال منا يقلدون الأجانب، وليس كل تقليد بمذموم، ولاكل تشبه بالغير قبيح، فالله خلق غريزة التقليد في الطفل من صغره، وبقيت ملازمة له في شبابه وهرمه، ولن يخلق الله شيأ عبثا، ولن يسلح الله خلقه بسلاح، مغلول، بل لمولانا تعالى حكمة فيما يخلق، وهو العليم الحكيم {فتبارك الله أحسن الخالقين}. التقليد عن الطفل يساعده على النطق والتكلم، والادراك والتفهم، ويعلمه كيف يأكل ويشرب، وينام ويلعب، وكل أعمال الأطفال تقليد لآبائهم والمختلطين بهم؛ فإذا صار تلميذا بالمدرسة فلن يعرف اللغة إلا بالتقليد لأهل البلاغة، والبيان، وعلم الرسم عموما، وعلم الخط خصوصا، نقلد فيهما ما أمامنا  من رسوم وخطوط، فاذا كان صانعا أو عاملا قلد رئيسه وتشبه بمدربه، حتى يتقن الصنعة ويضبطها، فأذا صارا شابا واراد ان يعرف العبادة الدينية فلابد له من تقليد شخص يعلّمه الوضوء وحركات الصلات، وكذا كل عبادة بدنية ضاهرة لابد فيها من التقليد، حتى الحجاج لبيت الله، اتخذوا المطوف يعلمهم مناسك الحج وهم كما يعمل يعملون. والتشبه بالعظماء في فضائلهم، وبالرجال في عزائمهم وبالأبطال في شجاعتهم ومروءتهم، وتقليد كل خلق فاضل وفعل حميد، امر لايذم ولا يقبح، وكيف نذم كل تقليد والله تعالى قد امر نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقلد من سبقه من الرسل في الثبات والقوى والصبر والعزم، بعد ان ادبه ربه فأحسن تأديبه، ونشا على احسن الكمال واعلى المكرومات، فقال الله تعالى {فصبر كما صبر الوا العزم من الرسل}، وقالى تعالى بعد ان ذكر بعض الرسل صلوات الله عليهم {اولائك اللذين هدى الله فبهداهم اقتده}، وقص الله تعلى على نبيه عليه الصلات والسلام أخبار الرسل ومصارعتهم للشرك، ومقاومتهم للضلال، ليقلدهم في ثباتهم واحتمالهم قالى تعالى {وكلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به فؤادك}. فاذا كان الرسول الكامل المختار قلد الرسل من قبله في خلقهم، فكيف نستغني عن التقليد النافع، والتشبه الطيب المفيد، ومحاكات الغير في الخير وحسن الخلق؟ لابد من القدوة، لاغنى عن الأسوة، فالتقليد الحسن يسهل علينا كثيرا من أعمالنا ويربي خلقنا ويغرس الفضائل في نفوسنا حتى تصير عادة ملازمة، وصفة ثابتة، وما حبنا للعضماء الا لرغبتنا في تقليدهم والتشبه بهم (إن التشبه بالرجال فلاح). لذلك الزمنا الله بتقليد سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، والتأسي به في قوله وفعله، ومحاكاته عي ادبه ونبله فقال جل ذكره {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}، وقالى تعالى {لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا} وقال تعالى {قل ان كنتم تحبون الله فتبعوني يحببكم الله}. أما التقليد المذموم، والتشبه المضر فهو يصادم أوامر الله، ويخالف عمل رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن المؤسف ان المسلمين تركوا تقليد رسولهم، وقلدوا الكافرين، وأهملوا التشبه بأبطال الإسلام وتمدحوا باعمال الفرنجة، واستخدموا غريزة التقليد فيما ضرهم وابعدهم عن الله واضلهم. نحارب تقبيل الاعتاب، والاستنجاد بغير الله، والبدع والتخريف، فيقول الجاهل: هذا ما وجدنا عليه ابأنا، ندعوا الى الله وتنزيهه عن الشريك، والمساعد والتوسيط فيقولون: دعونا في شأننا، نشنع بخروج النساء للمقابر والمبيت عليها وببدعة الزار، ونسفه عمل المنجمين والدجالين، فيقول الكثير هكذا يفعل كل الناس ننهى عن بدع الافراح والمآتم، والإسراف في الحفلات، فلا يستجيب احد ولا يطيعنا انسان، وهذا من الجمود على التقليد اللاحق للسابق، والتشبه بالعاقة في عوائدهم، ولو خالفت الدين والادب والعقل؛ وليس عمل الآباء حجة على الدين حتى يقلدهم الأبناء، وليس مألوف عذرا في مخالفة سير المرسلين، فهذا النوع من التقليد يميت العقل ويفقد الانسان قوة التمييز بين الحق والباطل، والخير والشر، والهدى والضلالة، ذمة الله في كتابه وبكت أهله بقوله (وإذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أولو كان آبائهم لا يعقلون شيا ولا يهتدون ) .ومثل هذه الاية في القرأن كثير في سورة الانبياء، والصافات، وسورة الشعراء، والزخرف، وكلها تعني التقليد للآباء، والجمود على العرف، والقرأن يدعو الى التعقل والتدبر والتفكر، والتماس الدليل والحجة، والبرهان، ليطمئن القلب الى اليقين والاعتقاد السليم. ومن شر انواع التقليد واعضمه تقليدنا، للغربيين في الاتجار بالخمور وشربها علنا، واتخاذ بيوت البغاء الرسمي، واماكن القمار والميسر والاختلاط الشائن بين الشبان الشهوانيين، و الشابات المستهترات،حتى الرقص الخليع والسفور الفاضح، الذي عم جسم المراة، قلدناهم في ضننا ان لا تقدم ولا رقي الا بذلك، وهل التقدم في خدمة اللذه الحيوانية؟ وهل الرقي في ان يستمتع الرجل بكل امراة يصادفها؟ ام هذه بهيمية وفجور؟. يامن تنشدون التقدم وتبغون الاصلاح لما لاتقلدونهم في الاختراعات واتقان الصناعات!؟ لما لا تقلدونهم في اتخاذ الطائرات والغواصات وضروب التفنن العملي؟! لما لا تقلدونهم في النشاط وتأدية الواجب والتعصب للوطن والعقيدة ؟!.والله ان الاجانب يحتقروننا مع اننا نقلدهم، ويسخرون منا ونحن نتبعهم، فقد برهنا على ضياع شخصيتنا، وعزتنا، وفرطنا في  عوائدنا ومميزاتنا، واغضبنا ديننا وخالقنا والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (من تشبه بقوم فهو منهم )وفي رواية(حشر معهم). وكان يكره للمسلم ان يقلد مسيحيا في عاداته، او يتشبه في لبسه وشكله وزيه، ولاكنا نستتر بخدمة قضية المراة الشرقية لنشبع شهواتنا، ونرضى الانانية المتأصلة فينا وان لم نرجع لتقليد نبينا ضعفنا وذهبت ريحنا.قالى نبينا صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن من قبلكم شرا بشر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه وراءهم قلنا: اليهود والنصارى يا رسول الله؟ قال: فمن غيرهم).

أعظم وأعجب محاكمة
 سمعت بها أذن التاريخ!!!



الشيخ  على الطنطاوى
 يرحمه الله



نادى الغلام : ياقتيبة (هكذا بلا لقب ).
فجاء قتيبة وجلس هو مع كبير الكهنة أمام القاضي (جُميْع).
ثم قال القاضي : ما دعواك يا سمرقندي؟.
قال: اجتاحنا قتيبة بجيشه ولم يدعنا إلى الإسلام ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا .
ألتفت القاضي إلى قتيبة وقال: وما تقول في هذا يا قتيبة؟.
قال قتيبة: الحرب خدعة وهذا بلد عظيم وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية ...
قال القاضي: يا قتيبة هل دعوتهم للإسلام أو الجزية  أو الحرب؟.
قال قتيبة: لا إنما باغتناهم لما ذكرت لك ...
قال القاضي: أراك قد أقررت، وإذا أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة، يا قتيبة ما نصر الله هذه الأمة إلا بالدين واجتناب  الغدر وإقامة العدل .
ثم قال: قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند من  حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء وأن تترك الدكاكين  والدور، وأنْ لا يبق في سمرقند أحد، على أنْ ينذرهم  المسلمون بعد ذلك!!.
لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه، فلا شهود ولا أدلة ولم  تدم المحاكمة إلا دقائق معدودة، ولم يشعورا إلا والقاضي والغلام وقتيبة ينصرفون أمامهم، وبعد ساعات قليلة سمع أهل  سمرقند بجلبة تعلو وأصوات ترتفع وغبار يعم الجنبات، ورايات تلوح خلال الغبار، فسألوا فقيل لهم إنَّ الحكم قد نُفِذَ  وأنَّ الجيش قد انسحب، في مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به ..وما إنْ غرُبت شمس ذلك اليوم إلا والكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية، وصوت بكاءٍ يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم، ولم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم أكثر من ساعات، حتى خرجوا أفواجاً وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون شهادة أن لا إله إلا الله محمدا رسول الله ..
فيا لله ما أعظمها من قصة، وما أنصعها من صفحة من صفحات تاريخنا المشرق، أريتم جيشاً يفتح مدينة ثم يشتكي أهل المدينة للدولة المنتصرة، فيحكم قضاؤها على الجيش  الظافر بالخروج؟.
والله لا نعلم شبه لهذا الموقف لأمة من الأمم .
بقي أن تعرف أن هذه الحادثة كانت في عهد الخليفة الصالح (عمر بن عبدالعزيز) حيث أرسل أهل سمرقند رسولهم إليه بعد دخول الجيش الإسلامي لأراضيهم دون إنذار أو دعوة فكتب مع رسولهم للقاضي أن احكم بينهم فكانت هذه القصة التي تعتبر من الأساطير .
-------
من كتاب (قصص من التاريخ) للشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله  وأصلها التاريخي في الصفحة 411 من ( فتوح البلدان )  للبلاذري - طبعة مصر سنة 1932م

تنهيدة وفاء للشهيد (ميَفان سالم بالتةيى)


تنهيدة وفاء للشهيد (ميَفان سالم بالتةيى)



كروان صالح ئاميَدى



في صباح أحد الأيام تلقيت رسالة على هاتفي وياليتني لم استلمها طوال عمري تخبرني بوفاة صديقي العزيز ميفان اثر حادث مروري مؤسف؛ وكان نص الرسالة كالآتي ( اعلم ان ميفان سالم انتقل إلى رحمة الله فأدعو له)، عندما فتحت الرسالة وقراءتها بقيت في الفراش مصدوماً وضاقت عليّ الأرض بما رحبت فحاولت الاحتيال على نفسي بالقول انه لا ليس هو! ربما احدٌ آخر! أو المرسل اخطأ بالاسم! مع العلم أن الرسالة كانت واضحة وضوح الشمس؛ ولا يوجد عندي صديق آخر بهذا الاسم!! كيف لي أن اصدق هذا الأمر وقد ذهبت إلى عرسه قبل سبعة اشهر، كيف اصدق وقد ذهبت برفقته مع شلة من الأصدقاء كي نبارك لأحد إخوتنا بمناسبة شراء دار قبل  شهر تقريباً، كيف اصدق وأنا كلما اذهب إلى المدينة أزوره في محله فنتمازح مع بعضنا لأنه كان من اقرب أصدقائي لذلك رفعنا بيننا الحواجز والرسميات، كان مرحاً رحمه الله لم أره حزيناً قط أو لديه مشكلة؛ كنت أغبطه على هذا التحمل والصبر، فقد كان سهلاً وحلالاً لجميع المشاكل، كان يحب الخير للجميع ومن يرافقه حتى وان كان عبوسا متشائما معقداً كان يصبح مثله في فترة قصيرة من مخالطته، كان كريماً في مساعدة المحتاجين، كان بشوشاً كبشر الورد في صباحٍ هادئ، كان بريئاً براءة الطفل، كانت ابتسامته تدخل السرور إلى أعماق القلب، كان كالمطر أينما وقع نفع، ما يمتاز به من أخلاق والتزام بالدين يطبقه على الواقع؛ حيث كان حفل زفافه وفق الضوابط الشرعية بعيداً عن ما يغضب الله. يا ترى هل رحل بهذه السهولة؟ يبدو أن الجواب نعم (إنا لله وإنا إليه راجعون) إذا كان الموت اقرب إلينا من حبل الوريد لابد أن نصدق، فكل  شيء مصيره الفناء:
 كل ابن آدم وان طالت سلامته .. 
                              يوماً على آلة الحدباء محمولُ.    
 ولكن الموت ليس المشكلة؛ ولكن المشكلة كيف يموت الشخص. يبدو أن رحيل صديق عزيز علينا يذكرنا أن الموت لا يستثني احد، ولا يميز بين الأعمار، ولكي لا يتوقع احد أن يصبح كل يوم ينتظر الليل ويمسى في الليل ينتظر الصباح، صحيح أن الحادثة كانت مريعة ولكنها كانت درساً لنا لكي لا نتشبث بحطام الدنيا ونتكالب ونتقاتل عليها..! حتى لا نتوهم أننا نستطيع أن نخرق الأرض ونبلغ الجبال طولاُ!!. إذا الحياة تبدأ بنفخ الروح في الجسد؛ وتنتهي بقبضها منه في اجل ومكان نجهله، لذا هذا هو رأسمالنا لابد ان نستثمره خير الاستثمار، ولكي تكون حياتنا ومماتنا درساً أخلاقيا لنا لابد أن نعتبر أن من كان ميراثه حسن الخلق خيرٌ ممن ملك الدنيا وما فيها. من عرف (ميفان) وصادقه إلى يوم وفاته يعلم انه كان من الصالحين ممن يبتليه الله عزوجل بالمصائب لكي يقربه إليه جل جلاله، لأن فضل الشهادة لا يرزقها الله أيا كان، بل يعطيها لمن يستحقها، والحادثة المرورية التي ذهب ميفان ضحيتها لاشك جعلت منه شهيداً وطوبى لمن رزقه الله الشهادة. لو كانت الشهادة هي العقبى فمرحباً بالموت، في أول يوم عزاء رأيت أن أكثر المعزيَن هم من أساتذة وطلبة كلية الطب؛ لأنه كان مدير التسجيل في الكلية، ذكرني هذا بوفاة ابنة عمي (ضرا) كانت وفاتها بحادثة سيارة كذلك، كانت يومها طالبة في كلية الطب وكيف تأثرت الكلية بأكملها بوفاتها رحمها الله. لا ادري هل هذا هو قدر هذه الكلية؟ من أصبح محبوباً لديهم ويتعلقون به يفقدونه في النهاية؟ أدعو الله العلي القدير أن يلهم والديه وأهله وأصدقاءه ومعارفه الصبر والسلوان، وان يرزقه الله فضل الشهداء، ويجعله الله من الذين يأخذون سبعين من أهلهم إلى الجنة وأن يعطي العوض لأهله لأن خسارتهم فيه ونحن معهم كبيرة.

لعبة على الإنترنت تطعم الجياع في باكستان


لعبة على الإنترنت تطعم الجياع في باكستان




قد تأتي المساعدة لملايين المتضررين من الفيضانات الأخيرة التي اجتاحت باكستان من مصدر غير عادي من خلال لعبة على الإنترنت تطعم الجياع.ولعبة "فري رايس دوت كوم" التي تجذب حوالي 40 ألف شخص يومياً تطلب من المتسابقين تخمين المعنى الصحيح لكلمة من بين أربعة اختيارات وتكون المكافأة أن يذهب أرز لمساعدة النازحين عن ديارهم في باكستان.وتبدأ اللعبة بكلمات سهلة ثم تتدرج إلى الاصعب وتجني كل إجابة صحيحة عشر حبات من الأرز يتم منحها من خلال برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة وتغطي الاعلانات ثمن هذا الأرز.ومن جانبها، أكدت نانسي رومان مديرة الاتصالات ببرنامج الأغذية العالمي "هذا مثال ممتاز عن كيفية تسخير فكرة بسيطة ومسلية لامكانات الانترنت للمساهمة في القضية الأكثر إلحاحاً في العالم وهى الجوع."ومنذ انطلاقها في عام 2007 جمعت اللعبة بالفعل أرزاً لإطعام أكثر من 4.2 مليون شخص لمدة يوم في دول مثل أوغندا وبنجلادش وتحاول الآن مساعدة ضحايا الأمطار الموسمية الغزيرة في باكستان. وتتزامن الحملة الاخيرة مع اطلاق نسخة جديدة من "فري رايس" تهدف إلى مزج اللعبة بمواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك" و"تويتر" في محاولة لزيادة شعبيتها وجذب لاعبين جدد

باحثون : عدوى التثاؤب لا تصيب الأطفال دون الرابعة


باحثون : عدوى التثاؤب لا تصيب الأطفال دون الرابعة




أكد باحثون أمريكيون أن الأطفال الصغار دون سن الرابعة لا يصابون بـ"عدوى" التثاؤب.وتوصل الباحثون لهذه النتيجة بعد مراقبة 120 طفلاً في سن عام إلى ستة أعوام، كما أظهرت إحدى التجارب أن الأطفال المصابين بالتوحد لا يتأثرون بالمتثائبين إلى جوارهم حتى وإن كانت أعمارهم فوق أربعة أعوام.ورجح الباحثون تحت إشراف الأستاذة ديبورا فاين من جامعة كونيكتكوت الأمريكية أن يكون السبب وراء ذلك هو عدم تطور قدرة الأطفال على التعاطف مع الآخرين في هذا السن بعد.وقام الباحثون بقراءة قصص على المئة والعشرين طفلاً بواقع عشرين طفلاً لكل مرحلة من المراحل العمرية المذكورة وتظاهروا بالتثاؤب أربع مرات أثناء القراءة ثم سجلوا عدد الأطفال الذين تثاءبوا خلال 90 ثانية عقب التظاهر بالتثاؤب. البطيء للأحداث المحيطة بألا يكون هذا البطء في الإدراك سبباً في استبعادهم من التأثر بتثاؤب الآخرين .وكرر الباحثون نفس التجارب على أطفال في سن 6 إلى 15 عاماً ولكن مصابين بالتوحد فوجدوا أن أيا من الأطفال الخمسة عشرة الذين تنطبق عليهم جميع أعراض التوحد لم يصب بعدوى التثاؤب في حين أن 23% من الأطفال الذين تنطبق عليهم بعض هذه الأعراض تثاءبوا تأثرا بمتثائبين آخرين.وللمقارنة فإن 10 من 28 من الأطفال الأصحاء "36%" تثاءبوا مع المتثائبين. وأوضح الباحثون أن دراستهم تؤكد أن القدرة على التعاطف مع الآخرين تتطور تدريجياً في السنوات الأولى للإنسان باعتبار أن التثاؤب المعدي مؤشر على القدرة على مشاركة الآخرين مشاعرهم.


مقاعد "ذكية" تنبه السائق من النعاس



     يعمل باحثون على إنتاح نسيج للمستقبل مزود بأجهزة استشعار لا تعمل وحسب على ضبط المقعد بصورة تلقائية ليكون في أفضل وضعية جلوس وإنما تعمل أيضاً على تنبيه السائق إذا كان معرضا لخطر النوم خلف مقود السيارة.ويدرس مشروع بحثي بعنوان " إنسيتكس" ـ والذي يضم خبراء من شركة دايملر الألمانية و"معهد فراونهوفر" في برلين حالياً كيفية تحسين النسيج الذكي لسلامة الركاب بمساعدة أجهز استشعار دقيقة يجرى وضعها في المقاعد والسقف وحزام الأمان وعجلة القيادة.وتسجل أجهزة الاستشعار قياسات مختلفة تشمل نبض القلب والتنفس ووضع الرأس للسائق، وبالتالي معرفة حجم الاعياء أو التوتر الذي يتعرض له السائق. وإما أن يتلقي السائق حينها تحذيرا مسموعا أو يبدأ المقعد في الاهتزاز على سبيل التنبيه.حتى أن المعهد الألماني لأبحاث النسيج "إف كيه تي" توقع حدوث ثورة فنية طفيفة في قمرة قيادة السيارات خلال العامين القادمين من خلال برامج تدفئة خاصةً تنظم درجة الحرارة اللازمة ونظامللإضاءة فى السطح العلوي للنسيج.ونظراً لأن العديد من سيارات الجيل المقبل ستعمل على الأرجح بالطاقة الكهربائية، فإن الباحثين يتطلعون أيضاً إلى استخدام مواد أخف وزناً، وذلك وفقاً لما ذكره المعهد الألماني لأبحاث النسيج
 

دراسة دولية : غابات الأمازون تصنع أمطارها بنفسها


دراسة دولية : غابات الأمازون تصنع أمطارها بنفسها
 


    أكدت دراسة دولية أن غابات الأمازون المدارية تعد "مفاعلاً حيوياً مستقلاً" يصنع أمطاره بنفسه وبدون أي تدخل من الإنسان.وتطلق الغابات غبار اللقاح وحبيباته والكثير من الجزيئات الدقيقة في الهواء فتعلق بها بلورات الماء وقطراته الدقيقة ثم تتجمع في السماء مكونة سحابة ثم تسقط على شكل مطر.ونجح فريق من الباحثين الدوليين في دراسة عملية تكون المطر في سماء غابات الأمازون دون تدخل من الإنسان. ويعد هواء الأمازون من أنقى الهواءات في العالم خلال موسم المطر. وستساهم نتائج الدراسة بشكل كبير في إعداد نماذج لمناخ الأرض والعوامل التي تدخل فيه.وأقام الباحثون وسط حوض الأمازون برجاً عالياً جمعوا من خلاله جزيئات عالقة بهواء الغابات . وظل الهواء الذي أخذت عينة منه يحلق في سماء غابات الأمازون على مدى يومين معاتجاه الريح السائد مما أدى إلى تنقيتها جراء المطر من الجزيئات التي علقت بها قادمة من مسافات بعيدة عن الأمازون حسبما أوضح الباحثون في العدد الأخير من مجلة "ساينس".وفوجئ العلماء بمدى رقة سمك طبقة "الايروزول"، الجزيئات، المنتشرة في هواء غابات الأمازون مقارنة بجزيئات هواء المدن الكبيرة التي تصل إلى عدة آلاف في كل واحد سنتمتر مكعب. كما أن أكثر من 80% من الجزيئات المنتشرة فوق سماء الأمازون تتكون مواد عضوية .