30‏/03‏/2024

الاختلاف حول صحة إمامة المتغلب وتحقيق نصوص طاعة ولي الأمر (القسم الأول)

 صالح شيخو الهسنياني 

 اختلف الفقهاء والعلماء والقانونيون في صحة إمامة رجل مسلم خرج على الإمام الذي ثبتت إمامته بالبيعة، فقهره، وغلب بسيفه، وكانوا في ذلك على قولين:

القول الأول - الاعتراف بإمامة المتغلب:

 ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه إذا غلب على الناس رجل، وقهرهم بسيفه، حتى أقروا له، وأذعنوا بطاعته، وتابعوه، صار إماماً يحرم قتاله والخروج عليه، إذ المدار على درء المفاسد، وارتكاب أخف الضررين، وصوناً لإراقة دماء المسلمين، وذهاب أموالهم. قال الشافعية: بشرط أن تكون غلبته بعد موت الإمام الذي ثبتت إمامته ببيعة أهل الاختيار، أو أن يتغلّب على متغلّب مثله، أمّا إذا تغلّب على إمام حيّ ثبتت بيعته عن طريق أهل الاختيار، فلا تنعقد إمامته. زاد الشافعية؛ في قول عندهم أيضاً: ويشترط أن يكون المتغلّب جامعاً للشروط المعتبرة في الإمامة، وإلَّا فلا تصح إمامته([1]).

قال الماوردي: "اختلف أهل العلم في ثبوت إمامة المتغلب، وانعقاد ولايته، بغير عقد ولا اختيار، فذهب بعض فقهاء العراق إلى ثبوت ولايته، وانعقاد إمامته، وحمل الأمة على طاعته، وإنْ لم يعقدها أهل الاختيار، لأن مقصود الاختيار تمييز المولى، وقد تميز هذا بصفته"([2]).

 ومن الفقهاء والعلماء الذين قالوا بالاعتراف بإمامة المتغلب، وحرموا الخروج عليه، وأوجبوا طاعته، واعتبروا إمامة المتغلب من طرق انعقاد الإمامة:

- ابن بطال، قال: "أهل السنة مجمعون على أن المتغلّب يقوم مقام الإمام العدل في إقامة الحدود، وجهاد العدو، وإقامة الجمعات والأعياد، وإنكاح من لا ولي لها"([3]).

- وقال ابن قدامة المقدسي، في (لمعة الاعتقاد): "السمع والطاعة لأئمة المسلمين وأمراء المؤمنين - برّهم وفاجرهم - ما لم يأمروا بمعصية الله، فإنه لا طاعة لأحد في معصية الله. ومن ولي الخلافة، واجتمع عليه الناس، ورضوا به، أو غلبهم بسيفه، حتى صار الخليفة، وسمّي أمير المؤمنين، وجبت طاعته، وحرمت مخالفته، والخروج عليه، وشق عصا المسلمين"([4]).

- وقال الخطيب الشربيني: "تنعقد الخلافة بالبيعة والاستخلاف، وباستيلاء شخص متغلّب جامع للشروط"([5]).

- وقال النووي: "وأما الطريق الثالث، فهو القهر والاستيلاء، فإذا مات الإمام، فتصدى للإمامة من جمع شرائطها، من غير استخلاف ولا بيعة، وقهر الناس بشوكته وجنوده، انعقدت خلافته، لينتظم شمل المسلمين، فإن لم يكن جامعاً للشرائط؛ بأن كان فاسقاً، أو جاهلاً، فوجهان، أصحهما: انعقادها"([6]).

- وقال القلقشندي: "ولأنّا لو قلنا لا تنعقد إمامته، لم تنعقد أحكامه، ويلزم من ذلك الإضرار بالناس"([7]).

- وقال الكمال بن الهمام: "والمتغلب تصح منه هذه الأمور للضرورة، كما لو لم يوجد قرشي عدل، أو وجد ولم يقدر على توليته، لغلبة الجورة"([8]). 

- وقال الشيخ محمد رشيد رضا: "اتفق محققو العلماء على أنه لا يجوز أن يبايع بالخلافة إلَّا من كان مستجمعاً لما ذكروه من شرائطها، وخاصة العدالة والكفاءة والقرشية، فإذا تعذر وجود بعض الشروط، تدخل المسألة في حكم الضرورات، والضرورات تقدّر بقدرها، فيكون الواجب حينئذٍ مبايعة من كان مستجمعاً لأكثر الشرائط من أهلها، مع الاجتهاد والسعي لاستجماعها كلها"([9]).

- وقال الشيخ محمد أبو زهرة: "والمروي عن مالك والشافعي وأحمد، أنه إذا تغلب شخص على الحكم، وكان عادلاً، وارتضاه الناس لعدله، فإنه يكون إماماً، وذلك لأن العبرة بالرضا، ولو مآلاً، والعدالة متوفرة، فهو إمام عدل مستوفٍ للشروط"([10]). 

- وقال عبد القادر عودة: "يرى بعض الفقهاء أن الإمامة تثبت أيضًا بطريق التغلب، كما تثبت باختيار أهل الرأي، ويسمّون هذا النوع من الإمامة بإمامة المتغلّب، أو إمامة الضرورة، لأنها تقبل تحت تأثير الضرورة، خشية الفتنة، ونتيجة لتغلب شخص ذي عصبية على الحكم. ويرتبون على التغلب طاعة المتغلب، والاعتراف بإمامته، ولو لم تتوفر فيه شروط الإمامة، إذا كان في صرفه عن الإمامة فتنة لا تطاق. فإن لم يترتب على صرفه فتنة، أو كان في صرفه أخف الضررين، وجب صرفه عن الإمامة، وإخراجه منها.

   ويمثل الفقهاء لإمامة المتغلب بما حدث من عبد الملك بن مروان، حين خرج على عبد الله بن الزبير فقتله، واستولى على البلاد، وحمل أهلها على مبايعته؛ طوعًا وكرهًا، وعلى أن يدعوه إمامًا.

ويشبّه البعض إمامة المتغلب بأكل الميتة، ولحم الخنزير، عند الضرورة، ويرى أن السعي واجب دائمًا لإزالتها عند الإمكان، ولا يجوز أن توطن الأنفس على دوامها"([11]).

- وقال الدكتور وهبة الزحيلي: "القهر حالة استثنائية غير متفقة مع الأصل الموجب لكون السلطة قائمة بالاختيار، وإقرارها فيه مراعاة لحالٍ واقعة، للضرورة، ومنعاً من سفك الدماء"([12]).

- وقال الدكتور أحمد أحمد غلوش (عميد كلية الدعوة الإسلامية الأسبق- جامعة الازهر): "قد يستعمل إنسان ما، قوته وسطوته، ويغلب على السلطة، ويتولى الأمر بلا بيعة، وهذه حالة استثنائية يجب التعامل معها بكل هدوء، حتى لا تحدث فتنة تؤدي إلى فساد لا ينتهي، ومن المعلوم أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، ولا يجوز الخروج على من ولي الأمر بهذه الطريقة، إلَّا إذا قام في الناس بكفر بواح، لا تأويل معه"([13]).

القول الثاني- الإمامة لا تنعقد:

قال الماوردي: "ذهب جمهور الفقهاء، والمتكلمين، إلى أن إمامته لا تنعقد إلَّا بالرضا والاختيار، لكن يلزم أهل الاختيار عقد الإمامة له، فإن توقفوا أثموا، لأن الإمامة عقد لا يتم إلَّا بعاقد"([14]).

مناقشة القولين: 

1. الخروج على قواعد الشريعة أعظم فتنة من الخروج على الإمام المتغلب:

  قال عبد القادر عودة : "قَبل الفقهاء إمامة المتغلب اتقاء للفتنة وخشية الفرقة، ولكنها أدت إلى أشد الفتن، وإلى تفريق الجماعة الإسلامية، وإضعاف المسلمين، وهدم قواعد الإسلام. ولو علم الفقهاء الذين أجازوا، ما سوف تؤدي إليه، لما أجازوها لحظة واحدة؛ فالمتغلب الذي يطلب السلطان على الأمة من غير طريق الشورى، إنما هو رجل لا يؤمن بقوله تعالى: [وَأَمرُهُم شُورَىٰ بَينَهُم وَمِمَّا رَزَقنَٰهُم يُنفِقُونَ](الشورى: 38)، ومن كان لا يؤمن بقول الله، فليس أهلاً لولاية أمر المسلمين، فما يقوم أمر المسلمين إلَّا على إقامة أمر الله. والمتغلب الذي تسلط على المسلمين بما ينافي أمر الله، ليرضي أهواء نفسه، لن يتأخر عن إرضاء نفسه في كل وقت، وعلى حساب أمر الله، كلما نازعه إلى ذلك هواه.

إن المسلمين رضوا بولاية العهد، وبإمامة المتغلب، وبالسكوت على الأئمة الظلمة والفسقة، وكان رضاؤهم يرجع إلى الخشية من الفتنة، وما علموا أنهم في الفتنة سقطوا، بما رضوا من الخروج على أمر الله، وبما سكتوا عن إقامة أمر الله"([15]). 

 

2. فتن زادت بالتغلب:

 عن المهلب، قال: الحرص على الولاية هو السبب في اقتتال الناس عليها، حتى سفكت الدماء، واستبيحت الأموال والفروج، وعظم الفساد في الأرض بذلك([16]).

قال محمد رشيد رضا : "ولو حافظ المسلمون على أصل الشرع، الذي قرر في عهد الراشدين، في أمر الخلافة، لما وقعت تلك الفتن والمفاسد، ولعمّ الإسلام الأرض كلها. وقد قال عالم ألماني لشريف حجازي، في الآستانة (اسطنبول): إنه كان ينبغي لنا أن نضع لمعاوية تمثالاً من الذهب في عواصمنا؛ لأنه لو لم يحوّل سلطة الخلافة عمّا وضعها عليه الشرع، وجرى عليه الراشدون، لملك العرب بلادنا كلها، وصيّروها إسلامية عربية"([17]).

إن التاريخ الإسلامي يدل على أن الفتن زادت بالتغلب على الحكم، أو بالخروج على قواعد الشريعة الإسلامية، وهذا ما حصل بعد خلافة يزيد بن معاوية؛ فقد كثرت الثورات، وأهدر الدم المسلم المحرم؛ لأن الخروج على قواعد الشريعة فتنة أعظم من الخروج على الإمام([18]).

كما أن إمامة المتغلب، أو حكومة الضرورة، أو الحكومة الفعلية، أو السلطة المغتصبة، وغيرها من الأوصاف، أو التسميات، تدل على أن من يتولى الحكم بغير بيعة، لا يعتبر شرعياً، وولايته غير صحيحة([19]). وهذا ما تدل عليه نصوص العلماء؛ لأنهم حرموا الخروج، واعترفوا بإمامة المتغلب، خشية حصول فتنة، فالقبول بها - كما يرى هؤلاء- كقبول المضطر لأكل الميتة؛ والضرورات تبيح المحظورات. فاعتراف العلماء بها اعتراف ضرورة، لذلك سمّوها: حكومة الأمر الواقع([20]).

 

3. الاغتصاب معصية:

 قال الدكتور محمد خير هيكل: "إن الاغتصاب معصية، وقتل المغتصب لدفعه عن الاغتصاب، إذا لزم الأمر، ليس بمعصية. بل هو ما جاءت به النصوص الشرعية. وسواء قُتل المغتصِب وحده، أو قُتل معه كل من يناصره على المعصية - مهما كثروا - فهو أمر مشروع، وهم إلى النار.

ومن المشروع أيضاً أن يُقاتل أصحاب الحق المغتصَب، لاسترجاع حقهم، إذا اقتضى الأمر ذلك. وإذا استشهدوا، فهم إلى الجنة. وقد جاء في الحديث: (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ)"([21]).

واغتصاب السلطان من المسلمين هو من أعظم المظالم، فيُشرَع القتال لرد هذه المظلمة. والمقتول من أصحاب الحق في هذا القتال، يعتبر شهيداً من شهداء الآخرة([22]).

أجاز الشرع لصاحب المال القتال دون حقه، وأجاز للمسلمين الآخرين مناصرته بالقتال حتى الاستشهاد، عملاً بحديث: (مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فَهُوَ شَهيدٌ)([23])، وبحديث: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا)، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا، كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: (تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ)([24]).

 ولو نظرنا نظرة عقلية إلى المسألة، لرأينا أن التضحية بمالٍ مسلوب، أخف ضرراً من التضحية بدماء المسلمين في سبيل استرجاع المال المسلوب. ومع ذلك، فإن النص الشرعي هنا يرى غير ما يراه العقل، إذ أباح الدفاع عن المال المسلوب بالقتال، دون تحديد لكمية الضحايا المقدمة في هذا السبيل!

وعلى هذا، فالدماء التي تسيل في ثورة ضد المغتصِب للسلطة، لا ينبغي أن يُنظر إليها من زاوية الموازنة بين ضررين، بحسب النظر العقلي. بل يجب النظر إليها من زاوية الوقوف في وجه معصية من المعاصي تُرتكب، وهي جريمة الاغتصاب!

ثم إننا حتى لو نظرنا من زاوية اختيار أخف الضررين؛ الذي يقول به أصحاب نظرية القوة في الوصول إلى السلطة، فيجب ألَّا نحصر هذا النظر في اللحظة الحاضرة فقط، بل يجب أن ننظر إلى ما يمكن أن ينشأ عن اختيار أخف الضررين من أضرار، يأخذ بعضها برقاب بعض، بحيث ينقلب ميزان الضرر، فيصبح الأخف ضرراً - وهو السكوت على مغتصب السلطة - هو الضرر الأشد، بالنظر إلى مضاعفاته، وأن ما كان يعتبر ضرراً أشد - وهو قتال مغتصِب السلطة - يصبح بالقياس إلى مقابله، هو الضرر الأخف، الذي ينبغي أن يُلجأ إليه لتفادي الضرر الآخر! أعني: إن تساهل المسلمين في مقاومة مغتصِب السلطة، بدافع اختيار أهون الضررين، واعتبار الاغتصاب طريقة تنعقد بها الإمامة للمتغلِّب، جعل أصحاب الطموح - ممن ضعفت التقوى في نفوسهم - يتخذون من القوة العسكرية، وقتال أصحاب الحق، طريقاً للوصول إلى السلطة؛ بحجة أن على المسلمين شرعاً أن يسمعوا ويطيعوا لكل متغَلِّبٍ، تأَمَّر عليهم، أي: تسلَّط عليهم بقوة عسكرية، رغماً عنهم.

وهكذا كثرت الحروب الأهلية بين أصحاب الطموح، من أجل الوصول إلى السلطة المشروعة بزعمهم. فمن المسؤول عن هذه الدماء الغزيرة التي سالت على مذبح السلطة؟

إنني أرى - والقول لــ(محمد هيكل) - أن الحرص على احتمال الضرر الأخف - بالنظر العقلي القريب -، المتمثل في السكوت على مغتصب السلطة، ومن ثَمَّ: التقاعس عن مساندة الثائرين في وجه مغتصبي السلطة، وتركهم ليلاقوا مصيرهم المأساوي على يد السفاحين المغتصبين. أقول: هذا الحرص على احتمال الضرر الأخف المزعوم، هو الذي جرَّ إلى ويلات تلك الأضرار التي لم تلاحظها عينُ من قالوا بفكرة الاختيار بين أهون الشرَّين في هذه المسألة!

وعلى هذا، ما دامت التجربة التاريخية قد أثبتت أن أهون الضررين، أي: السكوت على مغتصِب السلطة، قد أدى إلى أضرار أكثر مما لو كان أشد الضررين - أي: قتال المغتصِب -، أقول: ما دام الأمر كذلك، فإنه حتى من مُنطلق أخف الضررين.. سيكون قتال مغتصِب السلطة هو أخف من السكوت عليه، نظراً لما يستتبع السكوت عليه من أضرار وفتن، رأينا مصداقها في مسيرة التاريخ الإسلامي([25])!

آراء الفقهاء في مبدأ الخروج على الحاكم

أولاً- الحاكم إن كفر أو أمر بمعصية:

عدم جواز الخروج إلَّا بإعلان الكفر صراحة:

  قال أهل الحديث([26]) بوجوب الصبر وعدم جواز الخروج على الحاكم مطلقاً، عملاً بالأحاديث الواردة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) الآمرة بالصبر، مثل: (إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَحْدَاثٌ وَفِتَنٌ وَاخْتِلَافٌ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ عَبْدَ اللهِ الْمَقْتُولَ لَا الْقَاتِلَ، فَافْعَلْ)([27])، ورعايةً لوحدة الأمة، وعدم الفرقة، واجتماع الكلمة، واحتمال أخف الضررين، ولأن كثيراً من الصحابة والتابعين امتنعوا عن الخروج، بل اعتزلوا الفتنة، ولم يساعدوا الخارجين. وبناءً عليه، لا يجوز الخروج على الحاكم، إلَّا إذا أعلن الكفر صراحة، فإذا كفر بإنكار أمر من ضروريات أو بدهيات الدين، حل قتاله، بل وجب، منعاً من فساده وفوات مصلحة تعيينه، وإلَّا فلا، حفاظاً على وحدة الأمة، وعدم الفوضى. قال (صلى الله عليه وسلم): (السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ؛ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ)([28]).

 وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، عن خلع الحكام: (خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ)، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ: (لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ)([29]). وقال: (إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ)([30]).

قال الحافظ ابن حجر: "وإذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك، بل تجب مجاهدته، لمن قدر عليها "([31]).

وقال أيضاً: "قال النووي: المراد بالكفر هنا: المعصية، ومعنى الحديث: لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم، ولا تعترضوا عليهم، إلَّا أن تروا منهم منكراً محققاً تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأنكروا عليهم، وقولوا بالحق حيثما كنتم. انتهى. وقال غيره: المراد بالإثم هنا المعصية والكفر، فلا يعترض على السلطان إلَّا إذا وقع في الكفر الظاهر. والذي يظهر حمل رواية الكفر على ما إذا كانت المنازعة في الولاية، فلا ينازعه بما يقدح في الولاية، إلَّا إذا ارتكب الكفر. وحمل رواية المعصية على ما إذا كانت المنازعة فيما عدا الولاية، فإذا لم يقدح في الولاية، نازعه في المعصية، بأن ينكر عليه برفق، ويتوصل إلى تثبيت الحق له بغير عنف. ومحل ذلك، إذا كان قادراً، والله أعلم"([32]).

وقال في موضع آخر: "إنه - أي الحاكم - ينعزل بالكفر إجماعاً، فيجب على كل مسلم القيام في ذلك، فمن قوي على ذلك، فله الثواب، ومن داهن، فعليه الإثم، ومن عجز، وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض"([33]).

وعن أقل درجات الخروج، يقول عبد القادر عودة – رحمه الله –: الخروج على الحاكم المسلم، إذا ارتد، واجب على المسلمين. وأقل درجات الخروج على ولي الأمر: عصيان أوامره، ونواهيه، المخالفة للشريعة([34]).

 

ضوابط الخروج:

يقول الدكتور جمال الحسيني: "يحرم منابذة الحاكم بالسيف، ما لم يترك الصلاة([35])، وما لم يظهر كفراً بواحاً ظاهراً لا خلاف عليه([36]). فإن فعل ذلك، وجب على المسلمين الخروج عليه"([37])، لكن بضوابط، منها:

1. القدرة على التغلب على الحاكم وأعوانه وحاشيته وجنده، واستئصال ذيوله وأفكاره.

2. ما لم يترتب على الخروج المسلح فتنة أكبر، أو فتن يصعب السيطرة عليها.

3. وجود بديل مناسب (قائد) ذو كفاءة ودراية بشؤون الحكم والدولة، غير عميل لجهة خارجية، أو مخترق فكرياً وسياسياً واقتصاديًا وعسكرياً وأمنياً.

4. وجود مشروع إصلاحي عام يشمل جميع مرافق الحياة، يحفظ أرواح العباد وأمن البلاد.

5. مشاركة ذوي الرأي والعقل والمشورة والعلم والحكمة في صنع القرار، وصياغة القوانين، وإدارة الدولة.

6. تهيئة قوة عسكرية وأمنية تحافظ على الأمن الخارجي، والداخلي، والأمن السيبيراني.

7. ضمان قوة اقتصادية لمواجهة حالات الطوارئ، أو سحب الشرعية، من قبل القوى العظمى.

8. وجود رجال دبلوماسيين أكفاء، وأمناء لقضيتهم، وطرحها في المحافل الدولية.

9. أن تمتلك الجهة المتغلبة قراراتها، أي: ألّا تكون قراراتها شرقية ولا غربية، تضر بمصالح الشعب ومصيره.

10. وجود الخطط البديلة لمعالجة حالات الطوارئ، وعلى قيادة الخروج توقع هذه الحالات؛ من تغيير مسار الثورة قبل الخروج وأثناءه وبعده.

 

ثانياً- الحاكم الفاسق الفاجر:

في انعقاد إمامة الفاسق، العلماء والفقهاء على رأيين:

 

الأول- لا تنعقد إمامته، ويجب أن يخلع:

 قال الماوردي: "الفسق على ضربين: أحدهما ما تبع فيه الشهوة، والثاني ما تعلق فيه بشبهة. فأما الأول منهما، فمتعلّق بأفعال الجوارح، وهو ارتكابه للمحظورات، وإقدامه على المنكرات، تحكيماً للشهوة، وانقياداً للهوى، فهذا فسق يمنع من انعقاد الإمامة، ومن استدامتها.

وأما الثاني منهما، فمتعلق بالاعتقاد المتأول بشبهة تعترض، فيتأول لها خلاف الحق، فقد اختلف العلماء فيها: فذهب فريق منهم إلى أنها تمنع من انعقاد الإمامة، ومن استدامتها. ويخرج منها بحدوثه، لأنه لما استوى حكم الكفر بتأويل وغير تأويل، وجب أن يستوي حال الفسق بتأويل وغير تأويل"([38]).

وجاء في (المحلى)، لابن حزم، ما يفيد بأن إسقاط الحاكم المنحرف بالقوة واجب، إذا كان الثائرون عليه يملكون القدرة على ذلك، وأن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي هو فرض لم ينسخ، وأن كل الأحاديث التي تدل على السمع والطاعة للحاكم الفاسق المنحرف هي منسوخة. وحجته في الحكم عليها بالنسخ، هي أن عدم القتال، الذي تدل عليه أحاديث الصبر على الحاكم الفاسق، إنما توافق ما كان عليه الدِّين قبل الأمر بالقتال، ثم نسخت هذه الحال بالأمر بالقتال. ثم يذكر أن هذا الرأي هو رأي علي بن أبي طالب، ومن معه من الصحابة، ورأي أم المؤمنين عائشة، وطلحة، والزبير، وكل من معهم من الصحابة، ورأي معاوية، وكل من معه من الصحابة،

ورأي ابن الزبير، والحسين بن علي، وكل من قام في (الحرَّة) من الصحابة، والتابعين، وغيرهم"([39]).

وقال القرطبي: "قال الجمهور: إنه تنفسخ إمامته، ويخلع بالفسق الظاهر المعلوم، لأنه قد ثبت أن الإمام إنما يقام لإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وحفظ أموال الأيتام، والمجانين، والنظر في أمورهم. وما فيه من الفسق يقعده عن القيام بهذه الأمور، والنهوض بها. فلو جوزنا أن يكون فاسقاً، أدى إلى إبطال ما أقيم لأجله. ألا ترى في الابتداء إنما لم يجز أن يعقد للفاسق، لأجل أنه يؤدي إلى إبطال ما أقيم له"([40]).

 

 

من المهم التفريق بين أنواع الفسق:

قال كامل علي ربّاع: "إن المسلم؛ حاكماً كان أو غير ذلك، بشر يصيب ويخطئ، ويمكن أن تقع منه زلات وأخطاء ومعاص دون الكبائر، فهذا لا يخلو منه مسلم؛ باعتبار بشريته، وهي لا تستوجب الخروج، خاصة إذا تاب ورجع إلى الحق؛ لأننا لو قلنا بذلك، لما استقر الحكم ساعة، لإمكانية حصول خطأ في أي لحظة؛ ولقلل ذلك من هيبة الإمامة؛ وأوقع الأمة الإسلامية في حرج وصراع وفتنة لا تحمد عقباها"([41]). وفي ذلك يقول الإمام الجويني: "والذي يجب القطع به أن الفسق الصادر عن الإمام لا يقطع نظره، ومن الممكن أن يتوب ويسترجع ويؤوب. وقد قررنا بكل عبرة أن في الذهاب إلى خلعه، أو انخلاعه، بكل عثرة، رفض الإمامة ونقضها، واستئصال فائدتها، ورفع عائدتها، وإسقاط الثقة بها، واستحثاث الناس على سل الأيدي عن ربقة الطاعة"([42]). 

  وذهب بعض العلماء إلى التفريق بين أنواع الفسق، وفي ذلك يقول الدكتور محمد نعيم ياسين: "ينبغي التفريق بين أنواع الفسق والمعاصي التي يقع فيها الحكام المسلمون: فإن كانت هذه المعاصي أموراً شخصية تعود على الحاكم بالضرر في دينه، أو كانت توقع ضرراً بعدد محدود من الرعية، دون أن تصل إلى حد يدل على أن هذا الحاكم قد اتخذ منهجاً منحرفاً عن منهج الله - عز وجل - في سياسة الأمة، فلا يكون هذا الفسوق، وهذه المعاصي، مبرراً شرعياً للخروج على الحاكم، والقيام عليه، وتجميع الأعوان، وشهر السلاح في وجهه، فإنه ما دام يأخذ الناس بمنهج الله وشرعه بصورة عامة، فإنه لا يضرهم في دينهم، وإنما يضر نفسه، بما يرتكب من المعاصي، وما يعود من ضرر على بعض الأفراد خاصة، لا يوازي ما يكون من فتنة تفريق الصف، وسفك الدماء، إذا ما شهر في وجهه السلاح.

 وإمّا إذا كان فسوق الحاكم، وعصيانه، يشكل منهجاً يأخذ به رعيته، ويظهر من خلاله عزمه على الانحراف بالأمة عن منهج ربها؛ في العقيدة والأخلاق والشرائع، وقيادتها بغير كتاب الله - عز وجل -، وسنّة رسوله، فإن فتنة الصبر على هذا المنكر، أشد وأعظم من أية فتنة تنتج عن القيام على هذا الحاكم، وشهر السلاح في وجهه. فيجب على المسلمين أن يجاهدوا هذا الحاكم، ويستعملوا كل وسيلة مشروعة لإزاحته عن سدة الحكم، واستبداله بمن يأخذهم بدين الله سبحانه وتعالى"([43]).

ويقول محمد خير هيكل: "قد يتساءل المرء، فيقول: في حالات الانحراف([44])، التي لا يسوغ فيها استعمال السلاح لتقويم الأوضاع؛ كالفسق غير البواح، والظلم، وما إليهما، هل يعني أن النظام الإسلامي يحمي مثل هذه الأوضاع المنحرفة الجائرة، إذ يوجب على الأمة السمع والطاعة، ويحرِّم القتال لتصحيح الأوضاع؟

والجواب على هذا التساؤل هو:

- إن من الاجتهادات الإسلامية؛ القديمة والحديثة، ما يوجب قتال الحاكم المنحرف، لتصحيح الأوضاع في كل انحراف صغير أو كبير.

- ولكن الجمهور يمنع ذلك؛ أي في الانحرافات ما دون الكفر البواح.

جاء في شرح النووي لصحيح مسلم، ما نصّه: "قال العلماء: وسبب عدم انعزاله – أي الحاكم الفاسق، أو الجائر- وتحريم الخروج عليه، ما يترتب على ذلك من الفتن، وإراقة الدماء، وفساد ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه"([45]).

أي: أن السكوت على الأوضاع المنحرفة الجائرة – بمعنى عدم مشروعية القتال – ليس من قبيل الرضا والإقرار من النظام الإسلامي بهذا الوضع، وإنما هو من قبيل الاختيار بين أهون الشرين.

وعلى كل حال؛ فإن الجواب الوافي الذي يغطي زوايا هذا التساؤل، هو أن ظهور هذه الانحرافات – التي لم يشرع فيها القتال – يوجب على الأمة رفعها إلى قضاء المظالم، ليزيلها"([46]). 

وذهب آخرون من العلماء إلى التفريق بين فسق الإمام في نفسه، وبين فسق النظام وكفره، وذلك أن النظام (الدولة) يحكم عليه بالإسلام، إذا كان قائماً على العقيدة الإسلامية، ويطبق شرع الله. ويحكم عليه بالكفر، إذا طبق شريعة غير شريعة الله([47]).

كيفية عزل الإمام الفاسق (المنحرف):

اختلف العلماء في ذلك إلى رأيين؛ هما:

1. عن طريق أهل الحل والعقد، فهم الذين يملكون عزل الخليفة. وإلى هذا الرأي ذهب الإمام الجويني، والماوردي، ومحمد أبو فارس، وعلي جريشة([48]).

2. عزل الخليفة من اختصاص محكمة المظالم، وقضاء المظالم. وهنا ينظر:

- إن كان الحاكم يستجيب لحكم القضاء بخلعه، فإنه يخلعه.

- وإن كان لا يستجيب لذلك، بل يستتبع الأمر نشوب قتال بين المؤيدين للحاكم، والمعارضين له. ففي هذه الحالة يوازن قضاء المظالم بين حالتين:

- حالة الصبر على الوضع المنحرف، وما ينجم عنه من أضرار.

- وحالة الحكم بخلع الحاكم، والمغامرة بنشوب القتال بين المؤيدين للسلطة، والمعارضين له، وما ينجم عنه من أضرار. فإذا رجحت كفة أضرار القتال، أو كان النجاح في إسقاط الحاكم ضعيفاً، امتنع القضاء عن إصدار الحكم بخلع الحاكم، واستمر وجوب طاعة هذا الحاكم – في غير المعصية –، مع الاستمرار في وعظه، وتخويفه، ومحاسبته. أما إذا رجحت كفة أضرار الصبر على الوضع المنحرف، وغلب على الظن نجاح القوى المعارضة للسلطة في إسقاط الحاكم، جرى الحكم بخلعه. فإذا لم يتخل الحاكم عن السلطة قِبل نفسه، اعتُبر مغتصباً لها، وجرى قتاله على أساس اغتصابه للسلطة، كما يقاتل كل مغتصب ليرُد ما اغتصب([49]).

 

الثاني- تنعقد إمامته:

قال الماوردي: "قال كثير من علماء البصرة: إنه لا يمنع من انعقاد الإمامة، ولا يخرج به منها، كما لا يمنع من ولاية القضاء، وجواز الشهادة "([50]).

وقال الجويني: "ولو فرض فاسق يشرب الخمر، أو غيره من الموبقات، وكنا نراه حريصاً - مع ما يخامره من الزلات، وضروب المخالفات - على الذبّ عن حوزة الإسلام، مشمّراً في الدين، لانتصاب أسباب الصلاح العام العائد إلى الإسلام، وكان ذا كفاية، ولم نجد غيره، فالظاهر عندي نصبه، مع القيام بتقويم أوده، على أقصى الإمكان"([51]). 

وقال ابن تيمية: "اجتماع القوة والأمانة في الناس قليل... فإذا تعيّن رجلان؛ أحدهما أعظم أمانة، والآخر أعظم قوة؛ قدم أنفعهما لتلك الولاية، وأقلهما ضرراً فيها؛ فيقدّم في إمارة الحروب([52]) الرجل القوي الشجاع، وإن كان فيه فجور، على الرجل الضعيف العاجز، وإن كان أميناً... [وقد] سئل الإمام أحمد: عن الرجلين يكونان أميرين في الغزو، وأحدهما قوي فاجر، والآخر صالح ضعيف، مع أيهما يغزى؟ فقال: أما الفاجر القوي، فقوته للمسلمين، وفجوره على نفسه؛ وأما الصالح الضعيف، فصلاحه لنفسه، وضعفه على المسلمين، فيغزى مع القوي الفاجر"([53]).

وقال القاري: "أجمع أهل السنة([54]) على أن السلطان لا ينعزل بالفسق، لتهيج الفتن في عزله، وإراقة الدماء، وتفريق ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه"([55]). ويقول هذا الرأي أيضاً بدر الدين العيني في (العمدة)([56])، والقسطلاني في (شرح البخاري)([57]).



([1]) الموسوعة الفقهية الكويتية: (31/263). 

([2]) الأحكام السلطانية: (ص28).

([3]) فتح الباري: (1/125).

([4]) لمعة الاعتقاد: (ص40)، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية، ط2، 1420هـ / 2000م.

([5]) مغني المحتاج: (4/132).

([6]) روضة الطالبين: (10/46).

([7]) مآثر الأناقة: (1/58).

([8]) المسامرة بشرح المسايرة: (ص279)، المطبعة الكبرى الأميرية – بولاق، مصر، 1317هـ/1899م).

([9]) الخلافة لمحمد رشيد رضا: (ص38)، مؤسسة هنداوي.

([10]) الجريمة والعقوبة: (ص166).

([11]) الإسلام وأوضاعنا السياسية: (ص169-170).

([12]) الفقه الإسلامي: (8/6167).

([13]) النظام السياسي في الإسلام: (ص237)، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط2، 1405هـ/2004م.

([14]) الأحكام السلطانية: (ص 28).

([15]) الإسلام وأوضاعنا السياسية: (ص170).

([16]) فتح الباري لابن حجر: (13/126).

([17]) الخلافة: (ص37-38)، مؤسسة هنداوي.

([18]) نظرية الخروج: (103).

([19]) وذلك للأسباب التالية:

1. الخلافة عقد، والعقد قائم على الرضا والاختيار، والتغلب على الحكم اغتصاب لحق المسلمين في الاختيار.

2. إن الاعتراف بإمامة المتغلب هدر وهدم لأهم مبادئ الشريعة الإسلامية، وهي " الشورى" ولو فتح الباب لكل متغلب من غير مسوغ لهدمت الشورى.

3. إن مصلحة المسلمين في الوحدة، وفي التغلب على الحكم سبب لحصول الفرقة والاختلاف والقتال.

4. إن التغلب على الحكم فيه مخالفة صريحة لهدي الخلفاء الراشدين، الذين تولوا عن طريق البيعة. علي رباع، نظرية الخروج: (ص103-104).

([20]) نظرية الخروج: (ص103).

([21]) مسند الإمام احمد: (4/496؛ رقم: 2779)؛ سنن النسائي: (7/117؛ رقم: 4096)، حكم الألباني: صحيح.

([22]) قال جمال الحسيني: " يجب التفريق بين مشروعية الدفاع عن النفس والعرض والمال ضد كل معتد حتى وإن كان شخص الحاكم نفسه، وبين الخروج على الدولة الفاسقة بسيف يهدف إسقاط نظام الحكم. فلذلك شرائط بينتها سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في كثير من الأحاديث الصحيحة الصريحة وهي: أن يترك الحاكم الصلاة أو أن يظهر كفراً بواحاً لا خلاف عليه". الخروج على الحاكم في الفكر السياسي الإسلامي: (ص103).

([23]) اللؤلؤ والمرجان: (رقم: 85).

([24]) صحيح البخاري: (9/22؛ رقم: 6952).

([25]) الجهاد والقتال في السياسة الشرعية: (ص187-190)، مختصراً.

([26]) ينظر: الفقه الإسلامي: (8/6195-6196).

([27]) سند الإمام أحمد: (37/177؛ رقم: 22499)؛ حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف.

([28]) تقدم شرحه في نظريات المواجهة.

([29]) صحيح مسلم: (3/1481؛ رقم: 1855).

([30]) اللؤلؤ والمرجان: (رقم: 1207).

([31]) فتح الباري: (13/7).

([32]) - فتح الباري: (13/8).

([33]) - فتح الباري: (13/123).

([34]) - التشريع الجنائي الإسلامي: (1/232).

([35]) - الحاكم الذي لا يصلي تكاسلاً يستحق العزل، وذلك للأدلة النبوية الصريحة التالية:

1. عن أم سلمة ل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (إِنَّهُ سَتَكُونُ أُمَرَاءُ تَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ أَنْكَرَ، فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ كَرِهَ، فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: (لَا، مَا صَلَّوْا لَكُمُ الْخَمْسَ). مسند الإمام أحمد: (44/149؛ رقم: 26528)، إسناده صحيح على شرط مسلم. 

وفي رواية أخرى: (لَا، مَا صَلَّوْا). مسند الإمام أحمد: (44/202؛ رقم: 26577)؛ صحيح مسلم: (3/1480؛ رقم: 1854).

2. عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ)، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ: (لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ). صحيح مسلم: (3/1481؛ رقم: 1855).

فالحديثان يدلان بصراحة على أن الحكام الذين يتركون الصلاة يقاتلون بسبب ذلك، ولا يقاتلون إلَّا باستحقاقهم العزل، لذا أخذ بعض العلماء من هذه الأحاديث أن ترك الصلاة موجب للعزل. نظرية الخروج: (ص116-117).

قال القرطبي: " قال آخرون: لا ينخلع إلَّا بالكفر أو بترك إقامة الصلاة أو الترك إلى دعائها أو شي من الشريعة". الجانع لاحكام القرآن: (1/271).

([36]) - الكفر البواح: الكفر البواح: يعني الكفر الصريح، البواح الشيء البين الظاهر، فأما ما يحتمل التأويل فلا يجوز الخروج عليهم، يعني لو قدرنا أنهم فعلوا شيئاً نرى أنه كفر، لكن فيه احتمال أنه ليس بكفر، فإنه لا يجوز أن ننازعهم أو نخرج عليهم، ونولهم ما تولوا. العثيمين، شرح رياض الصالحين: (2/422).

 وقيل: يقصد بالكفر البواح، الكفر الأكبر وليس الأصغر أو الذي دونه كفر، لأن الأخير ليس سوى معصية بولغ في وصفها للتنفير منها، والكفر الأكبر (الاعتقادي) الذي يخرج صاحبه عن الملة، ويرفع عن دمه وماله العصمة. فالكفر الأصغر لا يدخل في موجبات الخروج على الحاكم بالسلاح. إياد كامل الزيباري، التداول السلمي للسلطة: (ص273)، بتصرف يسير.

([37]) - د. جمال الحسيني أبو فرحة، الخروج على الحاكم في الفكر السياسي الإسلامي: (ص103)، مركز الحضارة العربية – القاهرة، ط1، 2004م.

([38]) الأحكام السلطانية: (ص42).

([39]) المحلى: (8/425)؛ الجهاد والقتال في السياسة الشرعية: (ص120-121).

([40]) الجامع لأحكام القرآن: (1/271).

([41]) نظرية الخروج: (ص199).

([42]) غياث الأمم: (ص103-104).

([43]) الجهاد ميادينه وأساليبه: (ص202-203)، دار النفائس – عمان، ط4، 1413هـ/1993م.

([44]) من انحرافات الحاكم:

- أمر الرعية بالمعاصي.

- ارتكاب المنكرات، ومنها الاستئثار بالحظوظ الدنيوية، وهذا الاستئثار يشمل الاستئثار بالأموال، أو بالمناصب والوظائف، والمميزات التي يحتكرها لنفسه، أو لذوي قرباه، وجماعته، دون باقي أفراد الأمة.

- أن يسطو على أفراد من الأمة بالإيذاء من ضرب وتعذيب، ومصادرة للأموال. الجهاد والقتال في السياسة الشرعية: (ص116).

([45]) شرح مسلم: (6/472).

([46]) الجهاد والقتال في السياسة الشرعية: (ص134-135).

([47]) نظرية الخروج: (ص200).

([48]) نظرية الخروج: (203).

([49]) محمد هيكل، م، س: (ص134-135).

([50]) الأحكام السلطانية: (ص42).

([51]) غياث الأمم: (ص312).

([52]) يجب ألّا ننسى أن شروط إمارة الحروب والمعارك تختلف عن شروط الإمامة العظمى والخلافة.

([53]) - مجموع الفتاوى: (28/254-255).

([54]) - كيف يجمع بين قول الإمام القرطبي القائل: "قال الجمهور: إنه تنفسخ إمامته ويخلع بالفسق الظاهر المعلوم". وهذا القول " أجمع أهل السنة". قيل أن منسوب إلى الإمام النووي. نظرية الخروج: (ص123).

([55]) - مرقاة المفاتيح: (6/2393).

([56]) - عمدة القاري: (24/178).

([57]) - إرشاد الساري: (10/169).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق