25‏/12‏/2011

أين مؤمن آل فرعون ... ؟


محمد نورالدين خليل أسوم*

لطالما وقفت مطولا أمام سورة غافر والآيات تسرد لنا تلك المواجهة الرائعة بين مؤمن من آل فرعون كان يكتم إيمانه؛ وبين من تأله في الأرض وقال أنا ربكم الأعلى وعاث فيها فسادا يرتكب المذابح تلو المذابح.
هل تعلمون أن فرعون ارتكب مذبحتين بأبناء بني إسرائيل:
الأولى عندما كان خائفا من موسى الجنين؛ فصار يذبح كل وليد ذكر ولم يكن يحتسب أن موسى سيساق إلى قصره ليكون ربيبه فيه!!.
الثانية عندما اتبع بنو إسرائيل موسى عليه السلام وقرروا أن ينالوا حريتهم من فرعون وحكمه وآله، فذبح أبناءهم ليخضعهم ويعيدهم إلى العبودية مرة أخرى....


مذبحتان تذكراني تماما بالمذبحتين اللتين ارتكبتا في سوريا في ظل حكم فرعونها الأكبر والأصغر؛ مذبحة حماة عام  1981حيث قتل الفرعون الأكبر من أبنائها 40 ألفا أو يزيدون.
ومذبحة سوريا بأكملها التي تحدث اليوم بهدف إعادة الأحرار إلى عبودية المتأله في الأرض الذي يجبر الناس على السجود له والكفر بالله تعالى!! أمام هول المجزرة التي ارتكبها فرعون مصر وأمام تخطيطه لقتل موسى عليه السلام، انفجر المؤمن الذي يكتم إيمانه ليتحدى الزعيم ويجادله ويوجه كلامه إلى كل القادة الذين معه دون أن يجرأ فرعون على المساس به لأنه من كبار قادته، أو لأنه يمثل فخذا من أفخاذ الفراعنة لا  يستطيع فرعون ان يقترب منهم ... ولنترك القرآن الكريم يحدثنا في سورة غافر عن هذا الحدث الكبير  وهو انشقاق مؤمن من آل فرعون وتحديه له علنا :
{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ(26)وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ(27) وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ(28)}.
وتمضي الآيات لتتحدث عن هذا الانشقاق الكبير وفي صفحتين كاملتين  وليختم ربنا المشهد بإخبارنا بأن الله نجاه من بطش فرعون وسلمه،
{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ(45)} أين هذا المؤمن الذي انتظرناه طويلا في قصر جبابرة الشام اليوم..؟ أليس في قصر الظالمين رجل واحد قادر على أن ينطق بالحق ويعلن انشقاقه عن النظام نصرة للأطفال والنساء والشيوخ في سوريا، نصرة لحمزة الخطيب الذي مزق جسده بالمقادح وطقت رقبته وقطع عضوه، نصرة لزينب الحمصي التي اغتصبت وسلخ جلدها وقطعت أياديها ثم ذبحت وفصل رأسها عن جسدها..؟ نصرة لإبراهيم قاشوش الذي اقتلعت حنجرته لأنه نطق بالأغنية التي يرددها مئات الآلاف اليوم؟ نصرة لمن تقلع عيونهم وتكسر ظهورهم وتقطع أطرافهم؟ نصرة لمن يذبح أبناؤه أمام عينيه ولمن تغتصب نساؤه أمام عينيه ولمن يهدم بيته وتسلب أمواله؟ نصرة لبيوت الله التي هدمت وللمآذن التي دمرت وللمصاحف التي دنست وللأئمة الذين أهينوا وضربوا وعذبوا؟ أين انتم يا قادة سوريا الشرفاء؟ أليس فيكم رجل رشيد؟ يقوم كما قام مؤمن آل فرعون ليتصدى وينشق ويعلن كفره  بالنظام ورموزه، أما آن الأوان؟! أم أنكم أشربتم العجل في قلوبكم وصار الإيمان بعيدا عنكم بعد المشرق عن المغرب.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق