26‏/09‏/2013

القصة الكاملة لميدان رابعة العدوية من الاحتشاد السلمي إلى مجزرة فض الاعتصام

مراسل الحوار - القاهرة 
يقع ميدان (رابعة العدوية) في مدينة نصر شرقي القاهرة وتحديدا في الحي السابع من هذه المدينة على الطريق المؤدي للمطار، غير بعيد عن نصب الجندي المجهول، الذي بني تخليدا لأرواح شهداء حرب أكتوبر ضد الكيان الصهيوني في تشرين الأول 1973.
سمي الميدان على اسم المسجد الذي يطل عليه والمعروف بـ(مسجد رابعة العدوية)، حيث سمي المسجد على اسم الزاهدة المتصوفة المعروفة (رابعة العدوية)، التي عاشت في القرن الثاني الهجري، واشتهرت بالصلاح والورع والعبادة.
ميدان التحرير هو ميدان ثورة 25 يناير ورمزها، لكن اللافت أن هذا الميدان احتل من قبل معارضي حكم الإسلاميين في مصر، وهي القوى العلمانية، حيث اعتمدت هذه القوى العنف أسلوبا في مواجهة السلطة التي فاز بها الإخوان ومناصروهم، لذلك لم يتمكن التيار الإسلامي من التظاهر في ميدان الثورة بسبب هذا العنف، والأمر لا يتعلق بخشيتهم من المواجهة مع القوى العنفية العلمانية، بل برغبة الإسلاميين في عدم المواجهة الدموية التي تستغل من قبل إعلام الفلول، لتصور الإسلاميين قتلة وإن كانوا هم المقتولين! كما سنلاحظ ذلك في تغطية الإعلام المصري لمجريات مواجهة الإسلاميين بعد أن تم مواجهتهم بعنف وإرهاب الدولة! لذلك اختارت جماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤها ميدان رابعة العدوية ملتقا لمسيراتها الشعبية الموازية لتلك التي كان ينظمها المعارضون في ميدان التحرير، لذلك دخل اسم الميدان بقوة إلى ساحة التداول الإعلامي العالمي، خصوصا بعد الانقلاب الدموي في الثالث من يوليو/تموز، حيث اتخذه أنصار الرئيس الشرعي (محمد مرسي) مقرا للاعتصام المفتوح الذي طالبوا فيه بعودة الشرعية، وهو ما أزعج قادة الانقلاب؛ فكان لا بد من إجراء لوقف المد الإعلامي للاعتصام.

تاريخ الاعتصام 
كما أسلفنا كان لا بد من أن يتخذ أنصار الإسلاميين موقعا مناسبا في القاهرة للتظاهر والاعتصام السلمي والتعبير عن الرأي، وفي الثامن والعشرين من يونيو/حزيران 2013، أعلن ما يعرف بتحالف دعم الشرعية عن دخوله في اعتصام مفتوح في الميدان دفاعا عن الشرعية ونصرة للرئيس مرسي، الذي كان خصومه يتهيؤون وقتها لتنظيم حشد شعبي يوم 30 من حزيران بميدان التحرير للمطالبة بانتخابات مبكرة وبإسقاط جماعة الإخوان المسلمين؛ ويتكون التحالف من 40 فصيلا من بينها أحزاب سياسية وهيئات ونقابات واتحادات ومنظمات مجتمع مدني.
تزايد الزخم الشعبي والإعلامي والسياسي للاعتصام بعد عزل الرئيس الشرعي من قبل الانقلاب العسكري؛ حيث نصبت الكثير من الخيم وأقيمت عيادات طبية متنقلة في جوانبه، كما انتشرت لجان شبابية في أطرافه كلفت بمهام التنظيم والتأمين ومعرفة هويات الداخلين ومنع أي محاولة لتسلل البلطجية.

قصص وبطولات لنساء الميدان
أحببت أن أبدأ قصص رابعة بالمرأة لأنها عادة الحلقة الأضعف في مجتمعنا! وهي بحكم ضعفها بدنياً ونفسياً لا تشارك في المواجهات، والأماكن التي يحتمل فيها العنف، لذلك هي غير مكلفة بالجهاد في الإسلام، لكن المرأة المصرية أثبتت قدرتها على التفاعل والحراك منذ ثورة 25 يناير، لذلك تواجدت في ميادين الثورة؛ وخصوصا في ميادين الدفاع عن الشرعية، وفي ميدان رابعة العدوية تحديدا، فالميدان يرسم صورة تلاحم الثوار نساءً ورجالًا في مشهد غاية في الروعة، حتى في أماكن الخطر الشديد.
خلال تجولي في الميدان وجدت أدوارًا كثيرة للنساء؛ بداية من اللحظة الأولى للدخول من مداخل الميدان؛ فهن متواجدات للتفتيش بهدف تأمين المكان من دخول البلطجية، ومن هؤلاء السيدة (سهام الشرقاوي) التي قالت لي: "استشعرت الخطر على مستقبل مصر لذلك انتفضت وشاركت في الدفاع عن الشرعية والحرية، فكان دوري هنا لتأمين الميدان ومنع دخول البلطجية، أو اندساس مثيري الشغب ومطلقي الشائعات".
وأضافت الشرقاوي: إن وقوفها لتأمين رابعة لم يكن الأول، فقد سبق لها أن شاركت في تأمين ميدان التحرير أيام ثورة 25 يناير طوال الـ 18 يوما مع غيرها؛ ورغم ما لاحظته من ملامح التعب والإرهاق على وجه هيام من عناء الصيام -وكانت زيارتي في رمضان- بسبب حرارة الجو ومشقة الاعتصام إلا أنها ثابتة صابرة محتسبة لتحافظ على مستقبل مصر ومستقبل أولادها، كما قالت لي.
-أما "فيروز عبد الله" فقد جاءت من أقصى أطراف محافظة القاهرة للقيام بدورها وأداء واجبها نحو وطنها، الذي ناداها لتلبية نداء عودة الشرعية، والحفاظ على مكتسبات ثورة 25 يناير، لتقف على تأمين الميدان، وكذلك المشاركة في إعداد الطعام للصائمين.
ولـ (رحمة) و (آية) توأمان من قرى محافظة الجيزة حكاية سيسطرها التاريخ بماء الذهب في المستقبل القريب، حيث قالتا: إن ابني خالتهما؛ أحدهما ضابط في الجيش؛ والآخر ضابط في الشرطة، وكلاهما كان معتقدا أن المعتصمين في الميدان هم مجموعة من الإرهابيين، ولم يسمحا لهما بالخروج أو المشاركة في مظاهرات نصرة الشرعية، ولكن بعد مجزرة الحرس الجمهوري قررتا الخروج حتى لا تضيع ثورة 25 يناير التي شاركتا فيها كما قالتا، وبالفعل نزلتا ميدان رابعة واتصلتا بابني خالتهما وقالتا لهما: إذا أردتما أن تضربا المعتصمين فسنكون في بداية الصفوف، وسوف نتلقى الرصاصات بصدورنا، لأننا ببساطة نعلم أن هؤلاء ليسوا إرهابيين، وليس معهم أية أسلحة، وها نحن نبيت معهم طوال أيام وليال.
وقالت (رحمة): حين أكون في البيت أموت ألف مرة غيضا وكمدا بسبب تعمد القنوات الفضائية المصرية تشويه صورة المعتصمين في ميادين الشرعية بإشاعات وادعائات كاذبة بغرض إثارة الكراهية، فهي ادعاءات تصيب أي إنسان عاقل بكل أمراض الدنيا بسبب الكذب والتزوير والخداع وإطلاق الشائعات بصورة ممنهجة.
ومن البطولات النسائية في ميدان رابعة العدوية أيضًا (أم أحمد) التي جاءت من محافظة الشرقية، ولم تر أبناءها الثلاثة منذ أسبوع، فلم تصطحب معها إلا أصغر أبنائها وعمره 10 سنوات، وهي تطمئن على زوجها وأبنائها باتصالات هاتفية فقط، وتحتسبهم جميعًا مشاريع شهادة، مؤكدة على أنها لن تعود لبيتها إلا بعودة الشرعية، وإنهاء الانقلاب العسكري.

لايقتصر الميدان على الإخوان
لعل الغالب على الأذهان أن الميدان يضم الإخوان ومناصريهم؛ ولكن من يدخل الميدان يجده مجتمعا مصريا مصغرا، فيه من كل الطبقات، ومن كل المهن، ومن كل المحافظات، فيه المثقف، والأمي، والطبيب، والمهندس.....الخ.
الحاج (سيد) رجل في أواخر الستينيات من عمره قال:
"أتيت من مدينة مرسى مطروح في شمالي غربي مصر لأشد من أزر إخواني في الميدان وأطالب بعودة مرسي والشرعية".
-(عبد الله عبد الرحمن) من مدينة أسيوط من التيار السلفي الذي تتواجد أعداد كبيرة من أتباعه في الميدان، قال:
"إن ما يحدث لا يسر المصريين ولا أصدقاء مصر لكنه يسر أعداء مصر، وقد تركت ألوفاً من مواطني مدينتي في طريقهم الآن إلى الميدان".
وأضاف: "رغم أنني رجل أمي لا أقرأ ولا أكتب إلا أنني أدرك تماماً حجم المؤامرة على الإسلام في مصر؛ وأوجه كلامي لأميركا فأقول لها: إن لم تتركونا وشأننا فأنتم من يزرع الإرهاب في أرضنا، لكنكم أنتم من سيحصد أشواكه بإذن الله، لأنه سيرتد عليكم".
-(محمد حمزة محمود) طالب يدرس الشريعة والقانون بجامعة الأزهر؛ يقول: "جئت إلى الميدان دفاعاً عن الشرعية والديمقراطية وأنا لا أنتمي لأي تيار ديني أو سياسي، أنا فقط مصري وطني".
وأضاف: "أغلبية الشعب المصري اختارت عبر صناديق الاقتراع مرسي رئيساً، فكيف للسيسي أن يعزله!؟ إنها الدكتاتورية بعينها، ولا تعريف لما أقدم عليه السيسي غير ذلك".

شهادات على مجزرة فض الاعتصام
اتخذت حكومة الانقلاب قرارا نهائيا بفض الاعتصام السلمي، وقررت سفك دماء الأبرياء في مجزرة تم التخطيط لها مسبقا مع سبق الإصرار والترصد، بهدف إثارة الرعب في قلوب أبناء التيار الإسلامي ومناصريهم، وهذه شهادات جمعتها لأشخاص كانوا شهودا على الحدث، بعضهم قتل ورويت شهادته، وبعضهم كان متواجدا بالصدفة أو لأنه صحافي، ليكون شاهدا على الجرم.
-(خالد لطفى) شارك في مظاهرات تفويض السيسي فقتلته رصاصة غدر في ميدان رابعة
كعادته كل يوم، خرج من بيته صباحا للذهاب إلى مقر عمله في أكتوبر، قبل أن يقرر عقب وصوله بساعات مغادرة الفندق الذى يعمل فيه والذهاب دون أن يخبر أحدا من أهله إلى ميدان رابعة العدوية لمشاهدة ما يحدث بنفسه، بعد أن احتار في فهم مشاهد فض الاعنصام في الميدان التي رآها على التليفزيون.
-المواطن المصري (محمود أحمد) كان برفق شخصين اثنين هما (عبد الله سليمان) موظف بشركة مصر للطيران، و(صباح حمامو) صحفية بجريدة الأهرام، يروي الثلاثة شهادة مروعة لمذبحة فض الاعتصام؛ يقول محمود: إنه لا ينتمي إلى أي حزب سياسي أو ديني، كما أنه لا ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، وأنه ضد عودة الرئيس المعزول محمد مرسي، وضد فض الاعتصام، وضد الانقلاب العسكري، وضد أي قمع للحريات.
ويؤكد أن شهادته تتعارض مع كافة ما بثه الإعلام المصري المضلل بكل أنواعه، ويوضح في شهادته أنه كان في الميدان وفي "مسجد رابعة والمستشفى الميداني" وأن الوقت من السابعة مساء وحتى العاشرة والنصف مساء 14 أغسطس/آب 2013؛ تمكن مع زميله وزميلته من التسلل والدخول إلى الميدان، لأن قوات الجيش كانت تمنع دخول أي أحد إلى الميدان".
و‏يضيف: "دخلنا الميدان حيث صوت الجرافات والرائحة الكريهة المنبعثة من الميدان، نتيجة الحرائق، والدماء، والجثث المحترقة، والجثث التي بدأت تتعفن، بجانب بدء حرق كل الخيام المتبقية، رأيت في المستشفى الميداني جثثاً ملقاة على الأرض ملفوفة بقماش أبيض، كلها مجهولة وأصحابها غير معروفين، وعلى أغلبهم مصاحف صغيرة، رائحة بشعة تفوح بكل أرجاء المكان، جثث متفحمة، غاز مسيل للدموع، أدخنة الخيام المحترقة، وأغراض المعتصمين المتفحمة، جرافات وكاسحات ضخمة في كل مكان".
ويقول محمود: كنا دائما نتساءل: من أحرق هذه الجثث؟ وكان الجميع يقول: الجيش والشرطة أشعلوا النيران في المستشفى الميداني وتركوا المصابين يحترقون حتى التفحم.
ويضيف: "كانت هناك سيارات جيش تفوق عدد سيارات الأمن المركزي وأمن الدولة في كل مكان؛ عدد لا نهائي من مجموعات العساكر، بقيادة ضابطهم أو من غيرهم، يتحدثون أو يأكلون أو يشربون، أو يقومون بسرقة أي شيء له منفعة من أغراض المعتصمين الذين فروا هاربين من رصاص وغاز الجيش والشرطة".
ويشير إلى أن "مدخل مستشفى رابعة العدوية الرسمي كانت أمامه مدرعات جيش وأمن مركزي، وفي مقدمة المدخل وداخل الاستقبال عدد كبير جدا من الضباط والعساكر، من جيش وشرطة وأمن مركزي وأمن دولة، الجميع يضحكون أو يأكلون "بسكويت" أو يشربون عصيرا أو مياها، أو يتحدثون في هواتفهم أو يدخنون".
خالد لطفي عبدالعزيز، 44 عاما، يعمل بالصيانة في فندق بمدينة 6 أكتوبر، لم يكن يدري وهو فى طريقه للالتحاق بمسيرة لمؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، عندما مررت بجواره عند مبنى وزارة المالية أن رصاصة ستخترق رأسه من الأمام قبل أن تخرج من الجهة الأخرى معلنة عن وفاته فى الحال.
بجوار أخيها، جلست جيهان لطفى لمدة 15 ساعة داخل مشرحة زينهم في انتظار الانتهاء من إجراءات التشريح والغسل، استعدادا للدفن، تقول والألم يعتصر قلبها على فراق أخيها الذي تقول إن علاقتها به تتجاوز كونه أخاها، وتصفه بـ«صديق عمرها»: (فضلت قاعدة جنبه، كل شوية أحط الثلج عليه، وأغير من أماكن وضعه، وسط روائح وأشكال غريبة، والمشرحة بهدلتنا لحد ما استلمنا الجثمان).
وتضيف: (إحنا خرجنا فى كل المسيرات المؤيدة للجيش، قبل 30 يونيو، وبعد ذلك، ونزلنا لتفويض الجيش بعد كده)، تتوقف «جيهان» برهة من الوقت، ثم تعود لتطرح سؤالا لم تجد له إجابة: 
(هو أنا كده فوضت الجيش لقتل أخويا؟)، ثم تضيف: (الإخوان استغلوا حزن وغضب الناس عشان يحشدوهم فى المظاهرات تانى).

فريق العمل الإعلامي 
لا بد من الإشارة هنا، ونحن بصدد الحديث عن التغطية الإعلامية للمظاهرات المؤيدة للإخوان، ولمؤيدي الشرعية، ولأحداث مجزرة فض اعتصام الميادين، ومن قبلها مجزرتي المنصة والحرس الجمهوري؛ لا بد من الإشارة إلى أن الإعلام المصري وقف وقفة مخزية في انحياز تام وكامل ومكشوف للانقلاب، ما يؤكد وجود مؤامرة مسبقة تم التخطيط لها ليكون ذراعيها العسكر والإعلام المسيطر عليه من قبل رجال حزب مبارك، والفاسدين من الدولة العميقة.
وأمام هذا الانحياز لقنوات مثل العربية، وقنوات الإمارات، وغيرها، وقف الشباب الثوري المنتفض أمام تحدٍ خطير بعد إغلاق 15 قناة فضائية إسلامية؛ كيف يمكن نقل الحدث للعالم الخارجي الذي لا يمكن أن يعرف الحقيقة إلا من خلال الصورة التي يراها، لذلك سخر هؤلاء المجاهدون بحق أوقاتهم، وأموالهم، وحياتهم، في سبيل نقل الحقيقة للناس، وبحهود فردية تم بنجاح نقل الصورة بشكل مباشر على مدار الساعة من ميادين الاعتصام، ومع وجود قنوات شريفة ومحايدة مثل الجزيرة وصلت الصورة للعالم، لكن الثمن كان باهضا: تم إصابة وقتل وأسر العشرات من الشباب العاملين في هذا المجال، ومن نجا منهم فهو مطارد من قبل الأجهزة الامنية، أو جيش البلطجية الذي يعمل معها، لذلك لم أتمكن من مقابلة أي شخص من الزملاء لنقل صورة وواقع العمل الإعلامي في ميادين الاعتصام، ولكني أنقل لكم ما كتبه الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل على صفحته في الفيس بوك؛ ففيه وصف مفصل؛ وشرح دقيق لما جرى عن فض الاعتصام. 
الوحدة ١٩ رابعة العدوية؛ قصة أبطال كسروا التعتيم الإعلامي وفضحو مجزرة فض رابعة؛ كان البث المباشر من رابعة أكثر ما يقلق ويؤرق هؤلاء المجرمين، إذ كيف سيصنع السيسي مذبحة تحت سمع وبصر العالم، لذلك في بداية الهجوم يوم الأربعاء الدامي كان أول ما فعلته مليشيات السيسي هو ضرب طبق البث الخاص بسيارة البث عن طريق طائرات الهليوكوبتر؛ وكانوا يظنون أن البث قد توقف وأن الناس لن تشاهد ما سيحدث وأن السفاح سيكمل مجزرته دون عوائق، ولكن إرادة الله تأبى ذلك، فلم يكن يعلم هؤلاء المجرمون أن هناك وحدة بث احتياطية جهزها فريق العمل لتلك اللحظة.
وفوجئ السيسي ومليشياته بعودة البث مرة أخري بعد أول انقطاع في بداية الهجوم؛ فجن جنونهم وبدأو بإطلاق الرصاص الحي على المصورين، واستطاع المصورون الأبطال الصمود لأكثر من ساعتين من إطلاق الرصاص المباشر، استشهد فيها اثنان من فريق العمل وهما يحاولان حماية الكاميرات.
ثم كانت المرحلة الثانية بإطلاق الرصاص على الكامرات نفسها، وتم اصابة الكامرا الموضوعة على المأذنة، لأنها كانت تكشف الميدان بالكامل؛ ثم الكامرا التي تنقل صورة المنصة لأنهم لا يريدون أن يرى الناس الصمود الأسطوري لمن فوق المنصة وسط الصدادات التي تحميهم من الرصاص ووسط القنابل المسيلة التي تطلق على المنصة مباشرة.
وعندها اكتشف الأغبياء أن هناك كاميرات أخرى لا زالت تنقل الصورة فتذكرو حينها أن يقطعوا الكهرباء بأي شكل عن السيارة، فبدأو بقطع التيار الكهربائي عن رابعة العدوية، ثم بتعطيل بعض المولدات القريبة من المستشفي الميداني.
وانقطع البث للمرة الثانية وظن المجرمون أنه لن تقوم قائمة لهؤلاء الأبطال مرة أخرى! ولكن الله ثبت فريق العمل بثبات أسطوري، فكونوا مجموعة من الفرق؛ كل فريق كانت معه مهمة محددة، الفريق الأول لتشغيل مولد آخر لتغذية السيارة بالكهرباء، والفريق الثاني لتغيير الكامرات التي تم تعطيلها بكاميرات أخرى، والفريق الثالث لتوصيل كاميرا داخل المستشفى الميداني لنقل صور المصابين والشهداء.
كانت مهمة الفريق الأول والثاني في غاية الصعوبة، فهم يعملون تحت إطلاق نار كثيف وقناصة واستهداف مباشر ..
ولكن بتوفيق الله وفضله وفي أقل من ربع ساعة كانت السيارة تعمل مرة أخرى، وعادت إشارة البث ليرى العالم مجازر السيسي ويرى صور الشهداء والمصابين ويسمع بكاء الأمهات وأنات المصابين ..
فوجئ المجرم السفاح بعودة البث مرة أخرى، وكانت هذه صفعة شديدة على وجهه؛ جن جنونه ولم يدر ماذا يفعل، فصدرت الأوامر لمليشياته بإطلاق النار علي السيارة ومحيطها؛ فبدأت الطائرات بإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز على محيط السيارة، وكان الدخول أو الخروج من السيارة بمثابة مهمة انتحارية.
وظل فريق العمل بكامل طاقته يعمل لآخر لحظة؛ لم يتركو السيارة أو يخرجو منها حتى اقتحمت قوات الجيش والأمن مسجد رابعة وبدأو بإطلاق النار على من في ساحة المسجد وحاصروا السيارة..
وكانت هذه اللحظة من لحظات التضحية والبطولة التي لا تنسي لأفراد الأمن من الشباب، الذين كانوا يتطوعون لحماية السيارة بصدورهم العارية؛ كانوا يعرفون أن مهمتهم هي حماية السيارة وفريق العمل، لذلك وقف هؤلاء الأبطال كحائط صد بين مليشيات السيسي وبين فريق العمل، وطلبوا من فريق العمل الخروج والاندماج وسط المعتصمين ولم يتحركوا من أماكنهم قيد أنملة حتى لم يأخذوا ساترا ليحتمو من الرصاص.
فتح المجرمون بنادقهم الآلية وأطلقوا الرصاص عليهم بشكل عشوائي، وسقط كل منهم في مكانه دون أن يتحرك أو يهرب؛ كانت مجزرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
إننا نكتب هذه الأحداث لكي يتذكرها التاريخ ولكي يعلم الناس أن هناك أبطالا ضحو بحياتهم من اجل أن يرى العالم الحقيقة؛ ومن أجل أن تشاهد الملايين مجازر السفاح المجرم، ومن أجل أن يكسروا التعتيم الإعلامي لهؤلاء الانقلابيين الإرهابيين.

هناك 3 تعليقات:

  1. الله ينتقم منكم ياخرفااان دم الناس الا مات في رابعة وغيرة في رقبتكم ليوم القيامة
    حسبي الله ونعم الوكيا في الاخوانوالخرفان كلاب النار وخوارج العصر

    ردحذف
  2. من اروع ما قرات جعله الله في موازين حسناتك الى يوم الدين
    لطالما بحثت عن تقرير مماثل

    لانشرة واوصله الى العالم اجمع

    وحسبنا الله ونعم الوكيل في العسكر الخونة القتلة
    واصحاب الالسنة المتسخة ...

    اللهم انصرنا على القوم الظالمين :,(

    ردحذف
  3. هونجا بونجا

    ردحذف