20‏/11‏/2013

الانتخابات الكردستانية.. إلى الأمام سر

ناخب كوردستاني
هفال برواري
بعد انتهاء الانتخابات الكردستانية بسلام وبجو مشحون بمخاوف جمة، أفرزت نتائج مفرحة ومرضية إلى حد كبير لأغلب الفصائل السياسية؛ فالمراقبون للوضع الكردستاني يدركون أنها كانت انتخابات حساسة للغاية، بل هي خارطة طريق جديدة للتوازنات السياسية في مستقبل هذا الإقليم الذي يشهد تحولات وتغيرات جذرية في ظل تردي الأوضاع في الجوار الذي يحيط به؛ حيث يتطلع ليكون رقما صعبا بالنسبة لموقعه الحساس والاستراتيجي مع اكتشافات رهيبة لمخزونات النفط على أراضيه التي ستغير معادلات وموازنات إقليمية .
لذلك كله كانت المخاوف تنتاب كل الفصائل السياسية التي تشكل المعادلة السياسية على الساحة؛ لأنه ولأول مرة سينزل كل حزب لوحده إلى ساحة الانتخابات، أي أن كل حزب سيعلم وزنه الحقيقي، وهي سابقة لم تعهدها الساحة السياسية الكردستانية؛ فغالبا ما كانت الأحزاب تتحالف مع بعضها البعض، خاصة بعد الاتفاق الاستراتيجي للحزبين الرئيسيين في كوردستان (الحزب الديموقراطي الكردستاني) و (الاتحاد الوطني الكردستاني) عام 2000، وتقاسم السلطة فيما بينهم لمدة 15 عاما، بعد صراع دامٍ استمر سنوات، ومنذ ذاك الاتفاق أصبحت الساحة السياسية في ركود شبه تام، حتى أن حزب الاتحاد الإسلامي الكردستاني تعرض عام 2005 إلى حرق مقراته واغتيال بعض قادته في انتخابات البرلمان العراقي، لكونه نزل بقائمة مستقلة، ولم يرض بالتماهي في تحالف الغريمين، اللذين كانا يريدان أن تذوب كل الفصائل السياسية في بوتقتهما، لكي يفرضا أمرا واقعا لصالح مصاحهما الحزبية لا أكثر من ذلك!.
وبعد تفكك هذا التحالف الثنائي، وانهيار الاتفاقية عمليا شيئا فشيئا، خاصة بعد خسارات شعبية مني بها الاتحاد الوطني الكردستاني؛ وانبعاث حركة التغيير في السليمانية المنشقة عن هذا الحزب، وكتحصيل حاصل لمرارة الوضع بعد هذا التحالف، الذي فقد فيه الشارع الكردي الكثير من حقوقه، وبعد اتفاقات وتحالفات لرسم خارطة طريق لخلق معارضة قوية في هذا الإقليم تواجه هذا الاتفاق الجائر مكونة من حركات علمانية وهي؛ حركة التغيير، وحركات إسلامية؛ هي الاتحاد الإسلامي الكردستاني، والجماعة الإسلامية الكردستانية، والتي تعتبر سابقة صحية لحلف مكون من علمانيين وإسلاميين يجتمعون على أرضية مشتركة في دحر أيدولوجية الفساد المستشرية! وغياب سيادة القانون! حيث ارتأت أن تكون المعارضة هي كذلك مستقلة في نزولها إلى هذه الانتخابات، كل منها في قائمة خاصة به، وبهذا شهد الإقليم انتخابات محفزة للجميع؛ فكل حزب بما فيها الأحزاب المعارضة تريد أن تعرف حجمها الطبيعي. والشيء الجديد أيضا أن الانتخابات كانت شبه مفتوحة، أي أن المرشحين معلومين، وليس كما كان الأمر عليه سابقا، عندما كان المصوت يعطي صوته لقائمة فقط؛ فقد أصبح الآن يعطي صوته لقائمة، وكذلك لمرشح يختاره في هذه القائمة، ولذلك نزل كل حزب بكل ما أوتي من قوة ليثبت تواجده وثقله وقوته في الساحة السياسية. ويقال أن الأحزاب السلطوية، والتي تمتلك نفوذا سلطويا وماليا كبيرا، استنجدت بشركات عالمية لها خبرات عالية في كيفية خوض الانتخابات وكسب كراسي البرلمان، وكذلك شركات عالمية في كيفية الدعاية الإعلامية لها (وهذا أمر قانوني وجائز طبعا)، وقامت بضخ أموال هائلة لكي تتمكن من الاستحواذ على أكبر قدر من أصوات الناخبين.
ومن الوسائل التي قامت بها:
اختيار أشخاص لهم نفوذ عشائري، من مختلف العشائر الكردستانية، لكي يوظفوا البعد العشائري لصالحهم، فكردستان معروفة بقوة رابطة العشيرة فيها؛ وتكون المحصلة الاستحواذ على أكبر قدر من الأصوات لقائمة أحزاب السلطة.
2-استخدام مرشحين من حملة الشهادات المرموقة؛ للوصول إلى النخب المثقفة.
3-استخدام مرشحين من الفنانات والفانيين لكسب عوطف الشباب المتحمس للفن، حتى لوحظ أنه تم اختيار مرشحات جميلات وحسناوات لهذا الغرض، وقد شاهدت شخصيا صورة لمرشحة أسلوب الدعاية وكأنها تعرض ألبومها الغنائي!.
4- تم استخدام ذوي الهيئات الدينية في هذه القوائم، لكي يكسبوا أصوات الذين يحبون الدين والتدين.
على الطرف الآخر؛ قامت المعارضة بتقديم مرشحين أكفاء، ولهم شهرة في جانب كشف الأسرار والأموال المنهوبة من المال العام، ومن هم أكفاء في الجانب الدعوي، لكي يجذبوا عواطف المتعاطفين معهم.
في المحصلة كل الأطراف أتت بما تملك من مرشحين، لكي يجذبوا أصوات الشعب؛ وكل أدلى بدلوه، وكانت معركة ديموقراطية حامية لها إيجابيات عدة، يمكنني أن أجملها بما يلي: 
-أنها أول انتخابات لم تشهد حرق مقرات لأحزاب مشاركة فيها.
-لم تشهد حالات التخوين والتهديد والوعد والوعيد.
-لم تشهد تمزيقا منظما لصور المرشحين، أو الاستهزاء بها.
-لم تشهد انفلاتا أمنيا، بل كان الأمن والجيش في غاية الانضباط.
-لم تشهد تزويرا واضحا مكشوفا في يوم الانتخابات، كما كان يحصل بشكل ملفت قبل أعوام.
من إيجابيات الأحزاب السلطوية أنها كانت تمتلك كل وسائل القهر والقوة، لأن الأمن والعسكر بيدها، إلا أنها لم تستعملهما قط، بل استعملتهما في تثبيت الأمن وراهنت على تاريخها النضالي وأموالها وتنظيماتها الكبيرة، وهذا سيحسب لها.
نعم؛ كانت شهدت بعض أماكن الاقتراع توجيها للناخب للتصويت لقائمة معينة أو شخص ما؛ لكن الأمر لم يكن ملزما، سيما أن الأوراق غير مكشوفة، فكل أحد يستطيع أن يعطي لمن يرغب أو يريد، والعراك والصراع كان في حدود الجدل الكلامي فقط، والحملات الانتخابية كانت لا تتعرض لتحرشات متبادلة، وهي حالة صحية وارتقاء توعوي لم نشهده من قبل. لذلك فالعملية الانتخابية مرت بسلام وأمان، وتوجت بنجاح العملية وفوز الديموقراطية، وأصبحت بذلك المعادلات الصفرية وإلغاء الآخر في خبر كان في إقليم كردستان، وسيراهن الكل في المستقبل على كسب الشعب؛ الذي سيكون هو المنتصر، وأن الأمل في التقدم أصبح حلم كل فرد كوردي، لذلك أقول وبكل صــراحة إن الانتخابات الكردستانية انتهت بنتيجة محصلتها إلى الأمام ســــــر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق