09‏/01‏/2020

مفهوم الحوار.. نماذج من الكتاب والسنة


حسن سعيد بيريادي
 مفهوم الحوار في اللغة:
   أصل كلمة (الحوار) هو: (الحاء ـ الواو ـ الراء).. وقد بيّن ابن فارس في (معجم المقاييس في اللغة) أن: (الحاء والواو والراء) ثلاثة أصول: أحدها لون، والآخر الرجوع، والثالث أن يدور الشيء دوراً ([1]).
       وتعود أصل كلمة الحوار إلى (الحَوْر)، وهو الرجوع عن الشيء وإلى الشـيء. يقال: (حار بعدما كار). والحوْر: النقصان بعد الزيادة، لأنه رجوع من حال إلى حال. وفي الحديث الشـريف: (نعوذ بالله من الحور بعد الكور)([2])، معناه من (النقصان بعد الزيادة). التحاور: التجاوب، تقول: كلّمته فما حار إليّ جواباً، أي: ما ردّ جواباً([3]). قال الله تعالى: [إنه ظن أن لن يحور](الانشقاق: 14)، أي: لن يرجع([4]). وهم يتحاورون، أي: يتراجعون الكلام. والمحاورة: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة([5]).

       وفي أساس البلاغة: (حاورته: راجعته الكلام، وهو حسن الحوار، وكلّمته فما ردّ عليّ محورة)([6]).
      وفي القاموس المحيط: (تحاوروا: تراجعوا الكلام بينهم)([7] ).. وقد ورد ذلك أيضاَ في المعجم الوسيط([8]).
        أما في تاج العروس: فيقصد بالمحاورة (المجاوبة ومراجعة النطق والكلام في المخاطبة)([9]).
        قد ذهب آخرون إلى أن الحوار لغة: المجاوبة، والمجادلة، والمراجعة([10]).

 مفهوم الحوار في الاصطلاح .
ـ الحوار هو : نوع من الحديث بين شخصين أو فريقين، يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة فلا يستأثر به أحدهما دون الآخر، ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب([11]).
أو هو: أن يتناول الحديث طرفان أو أكثر عن طريق السؤال والجواب، بشـرط وحدة الموضوع أو الهدف، فيتبادلان النقاش حول أمر معين، وقد يصلان إلى نتيجة، وقد لا يقنع أحدهما الآخر، ولكن السامع يأخذ العبرة ويكوّن لنفسه موقفاً([12]).
أو هو: محادثة بين شخصين أو فريقين، حول موضوع محدد، لكل منهما وجهة نظر خاصة به، هدفها الوصول إلى الحقيقة، أو إلى أكبر قدر ممكن من تطابق وجهات النظر، بعيداً عن الخصومة أو التعصب، بطريق يعتمد على العلم والعقل، مع استعداد كلا الطرفين لقبول الحقيقة ولو ظهرت على يد الطرف الآخر([13]).
  ومعنى آخر للحوار هو: حديث بين طرفين أو أكثر حول قضية معينة، الهدف منها الوصول إلى الحقيقة، بعيداً عن الخصومة والتعصب، بل بطريقة علمية إقناعية، ولا يُشترط فيها الحصول على نتائج فورية([14]).
الجدال: هو المنازعة ليس بهدف إظهار الحق، إنما لإلزام الخصم أو الطرف الآخر بمجرد التنازل عن رأيه والاقتناع برأي الآخر، كما أنه يشير إلى العناد والتعصب والتمسك بالرأي.
ومفهوم آخر للجدال هو أن المادة التي أخذت منها لفظة الجدال هي (ج د ل)، وهي تشير إلى المحاججة والغلبة  وشدة الخصومة، والغرض الأساسي من الجدال هو تعجيز الطرف الآخر وإفحامه. 
  والجدير بالذكر أن الحوار والجدال لا يلتقيان إلا في أن كليهما فقط حديث بين طرفين، أما الأهداف فمختلفة كلياً، لذا سنضرب صفحاً عن الجدال، إنما موضوعنا هو الحوار.
والفرق بين الحوار والجدال هو أن الجدال شدة في الكلام، مع التمسك بالرأي والتعصب له، وأما الحوار فهو مجرد مراجعة الكلام بين الطرفين دون وجود خصومة بالضـرورة، بل الغالب عليه الهدوء والبعد عن التعصب.
   والحوار أسلوب حضاري إنساني إسلامي وجد للتفاهم والنقاش بين بني آدم ليعيشوا على هذه الأرض ويكونوا خليفة الله فيها يقيمون أمره ونواهيه، ليعيشوا سعداء في عيش مشترك حر بحب ووئام وتفاهم، حتى إذا حدث بينهم خلاف على حدث أو أمر ما جلسوا وتحاوروا وتناقشوا ليصلوا إلى المفهوم المشترك أو أكثر النقاط المشتركة بينهم في هذه المسألة، وربما يحدث شقاق بسيط أو معقد، كبير أو صغير، لأن الأمزجة مختلفة والرؤى متباينة والعقول متفاوتة والفهم يتنوع حول قضية أو مسألة أو حق من الحقوق، وربما يؤدي إلى حرب طاحنة ودمار كبير، ومهما طال هذا الشقاق والاختلاف والحرب والدمار، لا بد أخيراً الجلوس إلى طاولة الحوار.
[وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا، فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ، فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ]الحجرات: 9.
     وهذه قاعدة تشريعية عملية لصيانة المجتمع المؤمن من الخصام والتفكك، تحت النزوات والاندفاعات. تأتي تعقيباً على تبيّن خبر الفاسق، وعدم العجلة والاندفاع وراء الحمية والحماسة، قبل التثبت والاستيقان. [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ]الحجرات: 6.
     وسواء كان نزول هذه الآية بسبب حادث معين، كما ذكرت الروايات، أم كان تشريعاً لتلافي مثل هذه الحالة، فهو يمثل قاعدة عامة محكمة لصيانة الجماعة الإسلامية من التفكك والتفرق. ثم لإقرار الحق والعدل والصلاح. والارتكان في هذا كله إلى تقوى الله ورجاء رحمته بإقرار العدل والصلاح.
     والقرآن قد واجه - أو هو يفترض - إمكان وقوع القتال بين طائفتين من المؤمنين. و مع هذا يستبقي لكلتا الطائفتين وصف الإيمان مع اقتتالهما، ومع احتمال أن إحداهما قد تكون باغية على الأخرى، بل مع احتمال أن تكون كلتاهما باغية في جانب من الجوانب.
       وهو يكلف الذين آمنوا - من غير الطائفتين المتقاتلتين طبعاً - أن يقوموا بالإصلاح بين المتقاتلين. فإن بغت إحداهما، فلم تقبل الرجوع إلى الحق - ومثله أن تبغيا معاً، برفض الصلح، أو رفض قبول حكم الله في المسائل المتنازع عليها - فعلى المؤمنين أن يقاتلوا البغاة إذن، وأن يظلوا يقاتلونهم حتى يرجعوا إلى أمر الله. وأمر الله هو وضع الخصومة بين المؤمنين، وقبول حكم الله فيما اختلفوا فيه، وأدى إلى الخصام والقتال. فإذا تمّ قبول البغاة لحكم الله، قام المؤمنون بالإصلاح القائم على العدل الدقيق، طاعة لله، وطلباً لرضاه.. إن الله يحب المقسطين ..
  ويعقب على هذه الدعوة وهذا الحكم باستجاشة قلوب الذين آمنوا واستحياء الرابطة الوثيقة بينهم، والتي جمعتهم بعد تفرق، وألفت بينهم بعد خصام؛ وتذكيرهم بتقوى الله، والتلويح لهم برحمته، التي تنال بتقواه.
[إنما المؤمنون إخوة، فأصلحوا بين أخويكم، واتقوا الله لعلكم ترحمون] ..
      ومما يترتب على هذه الأخوة أن يكون الحب والسلام والتعاون والوحدة هي الأصل في الجماعة المسلمة، وأن يكون الخلاف أو القتال هو الاستثناء الذي يجب أن يرد إلى الأصل فور وقوعه؛ وأن يستباح في سبيل تقريره قتال المؤمنين الآخرين للبغاة من إخوانهم ليردوهم إلى الصف، وليزيلوا هذا الخروج على الأصل والقاعدة. وهو إجراء صارم وحازم كذلك.
      وهذه القاعدة يمكن أن تعمم على الأمم جميعاً، وهو الموجود الآن في مجلس الأمن والأمم المتحدة، ولكن العيب فيها أن أمر هذا الإصلاح أنيط بالدول الكبرى التي تحكمها مصالحها الخاصة، وكانت النتيجة هذه المظالم التي نراها في عالمنا اليوم، والتي لا تحصر في مثال، وأكثر المظلومين من هذه الأحكام الجهوية المصلحية للدول الكبرى المعروفة في مجلس الأمن هي المجتمعات الإسلامية.
    ومن مقتضيات هذه القاعدة كذلك ألا يجهز على جريح في معارك التحكيم هذه، وألا يقتل أسير، وألا يتعقب مدبر ترك المعركة، وألقى السلاح، ولا تؤخذ أموال البغاة غنيمة. لأن الغرض من قتالهم ليس هو القضاء عليهم، وإنما هو ردّهم إلى الصف، ولكن الذي نراه اليوم عكس هذه القاعدة، فأكثر المتضررين هم المدنيون، وما يجري في منطقتنا الإسلامية العربية شاهد بارز.
   وواضح أن هذا النظام؛ نظام التحكيم وقتال الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله، نظام له السبق من حيث الزمن على كل محاولات البشـرية في هذا الطريق. وله الكمال والبراءة من العيب والنقص الواضحين في كل محاولات البشـرية البائسة القاصرة التي حاولتها في كل تجاربها الكسيحة! وله بعد هذا وذاك صفة النظافة والأمانة والعدل المطلق، لأن الاحتكام فيه إلى أمر الله الذي لا يشوبه غرض ولا هوى، ولا يتعلق به نقص أو قصور.. ولكن البشرية البائسة تطلع وتعرج، وتكبو وتتعثر. وأمامها الطريق الواضح الممهد المستقيم!([15])

الحوار في القرآن:
1-حوار الله مع الملائكة
[وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً، قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ. وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ. قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا، إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ، فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ. وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ].
   وهو حوار جميل في قمة الرقي والاحترام، يعلّمنا الله وهو الخالق القادر العليم العظيم المقتدر الجبار المتكبر، يتحاور مع الملائكة وأمره بين الكاف والنون، ولكن انظر إلى قول ربك وهو العظيم بعظمته وكبريائه وقوته وجبروته ينتظر الجواب من الملائكة المخلوقين الضعاف الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ومع كل هذا يحاورهم الله تعالى في خلق خليفته في الأرض، ولكن هنا يعترض أحد مخلوقاته الضعيفة، وهو إبليس، على هذا القرار، ويأبى السجود لأمر الله.
2-حوار إبليس مع الله :
[وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ. وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ. وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ. فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ. قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ. قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ. إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ].
وهنا هذا الحوار الجميل الراقي بين الله جل جلاله، الخالق البارئ المصور، وبين إبليس العاصي المتمرد المشاكس الحسود الحقود، ولكن الله سبحانه وتعالى قبل أن يطرده من رحمته يحاوره تعليماً لنا وتفهيماً أن نسأل ونستمع ونتحاور بالتي هي أحسن حتى مع المتمرد الحقود، فلما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم أبى هذا المتمرد على أمره أن يسجد لآدم، ومع هذا والله العظيم يسأله تقريباً لعقولنا، والحوار يبدأ ابتداءً (من الله): [قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين]؟ استفهام وسؤال من الله الخالق، وهو أعلم بسبب عدم سجوده، ولكنه مرة أخرى تعليم لنا. وتجري المحاورة بين قال الله وقال إبليس، وحتى بعد طرده من رحمته، يستجيب لطلبه، ليكون من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم.

   حوار الله مع الأنبياء
الحوار مع النبي إبراهيم  عليه السلام:
[وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ، قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن، قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي، قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ]260/ البقرة.
الحوار مع الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها:
[أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ، قَالَ كَمْ لَبِثْتَ، قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَام].
فهذا الحوار الراقي، والقرآن كلّه رقي، ومن يتأدب به في حياته فهو يرتقى إلى العلى في إنسانيته وحضارته وحياته، ثم الفردوس في الآخرة وحسن مآب.

حوار الله مع النبي نوح
[وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ. قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ، إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ، فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ. قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ، وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ](هود: 45- 47)
    فهذا حوار وسؤال من نبي إلى ربه؛ يسأله ويحاوره ويحاججه أن ابنه من أهله، وقد وعده ربه بالنجاة لهم.
وهناك حوارات بين الأنبياء وأقوامهم، وهي حوارات طويلة، ومحاولات كثيرة من الأنبياء لإقناعهم بما جاءوا به من عند الله من الهداية والسعادة في الدارين. ومن ذلك:
 محاولة النبي شعيب لإقناع قومه، كما في الآيات التالية من سورة هود: [وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا، قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ، وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ. وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ، وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ. بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ. قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ، إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ. قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا، وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ، إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ]هود:84- 88.
  وحتى لا أطيل عليكم، فكل محتوى الحوار هو: قال شعيب وقالوا، أي قومه الكفار، وهو حوار بأسلوب راق، يسمع الكفار من النبي، ثم يردّون عليه، ثم يسمع النبي منهم، ويردّ عليهم، وكل يرمي بحججه حتى يقنع الآخر، في أسلوب هادئ، ليس فيه صياح ولا زعيق ولا شتيمة، وإن كان في بعض محاوره تهديد مبطن.
         يقول الدكتور علي محمد الصلابي (مؤرخ وفقيه ومفكر سياسي ليبي)([16]) :
    أنعم الله على مريم العذراء بأن ألبسها أعظم شرفٍ نالته امرأة في الزمان، وهو شرف لا تساويه ألقاب الأمراء وأوسمتهم، ولا تيجان الملوك وعظمتهم، حين بعث بالملك جبريل وبشّرها بقدوم الغلام الزكي (عيسى عليه السلام)، قال الله عزَّ وجل: [وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا *
 قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا *
قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا *
قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا *
قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا](مريم: 16: 21).
            والحوارات في القرآن كثيرة ومتنوعة، ولو تتبعنا كلها لاحتجنا إلى كتب ومجلدات، ولكن نكتفي بأمثلة معينة، وهدفنا أن نبيّن أن الحوار أساس للوصول إلى الرؤيا المشتركة، وسبب في سبيل نزع فتيل الاختلاف والحرب والدمار، التي لا تؤدي إلا إلى إزهاق الأنفس، وطمس الحقوق، وإبادة البشـرية. وقد رأينا وقرأنا عبر الإعلام عن الحربين العالميتين، اللتان قضتا على أعداد كبيرة من ملايين البشرية، وآثارها لا زالت مؤثرة سلباً في حياة البشرية، وكلنا نرى تذكر اليابان كل سنة في ذكرى القنبلتين الذريتين في (ناكازاكي) و(هيروشيما)، وآثار الدمار لا زالت موجودة على حياة البشرية هناك، ونرى اليوم الحروب والدمار وإبادة بشرية في كل المنطقة العربية والإسلامية؛ في سوريا وليبيا واليمن والعراق والصومال والسودان، وإن نسينا شيئاً من هذا الدمار، فلا ننسـى مأساة الشعب الكوردي أيام النظام البعثي من عمليات دفن 185 ألف إنسان كوردي في حفر، ودفنهم تحت التراب وهم أحياء، ولا زالت القبور الجماعية تتكشف يومياً، وما مأساة حلبجة الشهيدة غائبة أمام أعيننا، وفي ذاكرتنا التي تخزن كثيراً من المآسي في حياة الشعب الكوردي، منذ تقسيم وطنه للمرة الثانية في الاتفاقية المشؤومة (سايكس بيكو)، وقبلها في اتفاقية (جالديران) بين الدولة العثمانية والصفوية، وفي كل هذه الاتفاقات بين الدول الكبرى أو دول المنطقة فالشعب الكوردي هو الضحية، وربما لكون كوردستان تقع بين أطماع كل دول الجوار، وخاصة تركيا وإيران وسوريا والعراق.
الحوار في السنة النبوية
حوار النبي مع المشركين
     اجتمع عدد من وجهاء مشركي مكة، وقرروا أن يتحاوروا مع الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) فيما يقول، فذهبوا إليه، وتحدثوا معه، بعرض دنيوي مغرٍ، ظناً أن الرسول يمكن أن يتم احتواؤه بهذه الطريقة.
" فقالوا‏:‏ يا محمد، إنا قد بعثنا إليك لنعذر فيك، وإنا والله لا نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، لقد شتمت الآباء، وعبت الدين، وسفهت الأحلام، وشتمت الآلهة، وفرقت الجماعة، وما بقي من قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك‏.‏ فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سودناك علينا، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئياً تراه قد غلب عليك - وكان يسمون التابع من الجن الرئي - فربما كان ذلك؛ بذلنا لك أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه، أو نعذر فيك‏؟‏ "
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏ما بي ما تقولون، ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولاً، وأنزل علي كتاباً، وأمرني أن أكون لكم بشيراً نذيراً، فبلغتكم رسالة ربي، ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم من الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليَّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم‏ ([17] ).
حوار بين النبي صلى الله عليه وسلم وعتبة بن ربيعة
قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، قال: حدثت أن عتبة بن ربيعة - وكان سيّداً - قال يوماً وهو جالس في نادي قريش ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجد وحده: يا معشـر قريش، ألا أقوم إلى محمد فأكلّمه وأعرض عليه أموراً لعلّه يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء، ويكفّ عنّا؟
ـ وذلك حين أسلم حمزة ، ورأوا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيدون ويكثرون ـ فقالوا : بلى يا أبا الوليد، قم إليه فكلّمه، فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم –، فقال: يا ابن أخي، إنك منّا حيث قد علمت من السّطة في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضـى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها.
قال: فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قل يا أبا الوليد أسمع.
قال: يا ابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً، جمعنا لك من أموالنا، حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفاً سوّدناك علينا، حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك، طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا، حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه، أو كما قال له، حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمع منه،
قال: أقد فرغت يا أبا الوليد؟
قال: نعم.
قال: فاسمع مني.
قال: أفعل.
قَالَ: بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ [حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ] [فُصّلَتْ1 - 5].
ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها يقرؤها عليه، فلما سمعها منه عتبة أنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمداً عليهما، يسمع منه، ثم انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السجدة منها، فسجد، ثم قال: قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت، فأنت وذاك .
فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟
قال: ورائي أني قد سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر، ولا بالسحر، ولا بالكهانة. يا معشر قريش، أطيعوني واجعلوها بي، وخلّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فوالله ليكونّن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم، فإنْ تصبه العرب، فقد كفيتموه بغيركم، وإنْ يظهر على العرب، فملكه ملككم، وعزّه عزّكم، وكنتم أسعد الناس به.
قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه.
قال: هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم . .( [18])

صلح الحديبية
أسلوب الحوار في هذا الصلح وانظر إلى حكمة وعبقرية الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
  يُعَد الإمام علي (رض) هو الشخص الذي كتب شروط صلح الحديبية، وذلك بأمر من الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، حيث أملى رسول الله شروط الصلح، وكتبها علي (رض)، إذ قال النبي (بسم الله الرحمن الرحيم).
 قال سهيل بن عمرو (الذي كان رئيس وفد كفار قريش): أمّا الرحمن، فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب: باسمك اللهم، كما كنت تكتب.
فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم .
فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): اكتب: باسمك اللهم.
ثم قال (صلى الله عليه وسلم): اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله.
فقال سهيل: والله، لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله.
فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): والله اني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبدالله([19] ).
   تميّزت معاهدات الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع غير المسلمين بأنها معاهدت قائمة على العدل، والوفاء، والإخلاص، وحب الأمن والسلام. وما يدلل على ذلك  هو تنازل الرسول (صلى عليه وسلم) عن كتابة البسملة، ومن ثم عن كتابة محمد رسول الله، والعودة إلى المدينة دون إتمام مناسك العمرة، والموافقة على جميع شروط الصلح، وتنازله عن كثير من الأشياء، حتى أن الصحابة اعترضوا، ولكنهم أمام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليس لهم إلا السمع والطاعة.
                           
ما قصة سهيل بن عمرو؟
        وسهيل بن الذي سمعنا حواره المتشدد مع رسول الله أسلم وآمن يوم فتح مكة، ومن يومها أقبل على العبادة، فأكثر من الصلاة والصوم والصدقة.
  وبعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) في السنة الحادية للهجرة، اضطربت شبه الجزيرة العربية، وعمّت الفوضى أرجاءها، وارتدّ الكثيرون عن دين الإسلام، ولم تكن مكة بمنأى عن ذلك، حيث حاول البعض استغلال الموقف والانفصال عن سلطة المسلمين في المدينة المنورة، حتى أن عتاب بن أسيد، والي النبي على مكة، اختفى خوفاً على حياته.
    وهنا يأتي دور سهيل المتشدد في صلح الحديبية، ولكن ما رأى من خلق النبي (صلى الله عليه وسلم) وصدقه وثباته، بعد أن زالت الغشاوة عن عينيه، قام خطيباً في أهل مكة، وخطب خطبة بليغة، فثبتت قريش، وعاد الوالي عتاب بن سهيل.
    وسهيل هذا (رضي الله عنه) خرج للمشاركة في الفتح الإسلامي للشام، ويوم اليرموك كان قائداً لإحدى كتائب المسلمين، وبقي هناك إلى مات مع أبي عبيدة في طاعون (عمواس)( [20]).

أسلوب الحوار الناجح
 وللحوار أساليب متعددة وأشكال مختلفة، ومستويات المحاورين كذلك. ولكن لنجاح الحوار شروط متعددة وحسب آراء وأفكار مختلفة. ونحن في خلال قراءاتنا المختلفة لعدد من أساليب الحوار، وما يجب أن يتصف به الحوار لإنجاح الحوار، توصلنا إلى نقاط نذكرها فيما يلي:
1- القرآن الكريم: قال تعالى: [ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ان ربك هو اعلم بمن ضل سبيله وهو أعلم بالمهتدين](سورة النحل الآية: 125).
قال (صلى الله عليه وسلم): (أنا زعيم ببيت في رَبَض الجنة  لمن ترك المراء ولو كان محقّاً).
2- لا تكثر الجدل في أي شأن من الشؤون أياً كان، فإن المراء لا يأتي بخير. الوصية الرابعة من الوصايا العشرين للإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله([21]).
3- سلامة القلب من الحقد والكراهية.
4- النية الصافية للوصول إلى حل.
5- استخدام الألفاظ المهذبة، واللغة اللطيفة، بعيداً عن التشهير والشتائم والعنف.
احترام رأي الطرف الآخر، لأنه جزء من الحوار.
6- ثقة المحاور بنفسه، وإيمانه بقضيته.
7-  البعد عن التوتر والعصبية والغضب.
8- ابتداء الحوار بنقاط مشتركة، ثم الصعود تدريجياً إلى نقاط الخلاف الحادة.
9- مواصلة الحوار حتى النهاية، وربما يمتد الحوار إلى عدة جلسات، وإلى أيام وأسابيع وأشهر، وحتى سنين، في القضايا المهمة الكبرى.
10- محاولة إدخال الآخر إلى ساحة الأدب والتهذيب، عن طريق أسلوب المحاور المهذب. فإن رفض ذلك، فلا يجب على المحاور المهذب الدخول في مهاترة أو جدال عقيم دون هدف أو معنى، لأنه مضيعة للوقت، وهدر للطاقات، وطريق إلى تعقيد الحوار.
11-  الابتعاد عن التعصب للرأي، والابتعاد عن الأهواء والمصالح الشخصية.
12- السعي لإيصال الحقيقة بكلام مفيد ومفهوم وواضح.
13- الثبات على مبدأ ونقطة حوار واحدة، والابتعاد عن التناقض في الردود والمطالب.
14- التواضع في الأقوال والأفعال.
15- والأهم من كل هذا: فهم ودراسة شخصية الطرف الآخر.
      وأخيراً، نختم بقول الرسول معلم البشرية وهاديهم إلى الحضارة والتمدن الإنساني الإسلامي بشريعته الغراء وقرآنه العظيم وسنته الشريفة وهديه المبارك الحكيم. يقول (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الذي رواه أبو داود بإسناد صحيح (630/10عن أبي أمامة الباهلي ورواه الترمذي بإسناد حسن631/11 عن جابر قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة  لمن ترك المراء  وإن كان محقّاً، وببيت في وسط الجنة  لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن  خلقه) رواه أبو داود.


([1])  أبو الحسين أحمد ابن فارس، معجم المقاييس في اللغة، (بيروت: دار الفكر، 1418هـ )، ص 287.
([2])  صحيح الإمام مسلم، الحج، باب 75، الحديث 3340.
([3])  ابن منظور جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري، لسان العرب، بيروت، دار صادر، 1412هـ، الجزء الخامس، ص297.
([4])  محمد بن علي الشوكاني، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، راجعه وعلّق عليه الشيخ: هشام البخاري، والشيخ: خضر عكاري، الطبعة الأولى، بيروت، المكتبة العصرية، 1418هـ، الجزء الخامس، ص 515.
([5])  ابن منظور، مرجع سابق، ص 218.
([6])  جار الله محمود بن عمر الزمخشري، أساس البلاغة، بيروت، دار المعرفة، ص 98.
([7])  مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، القاموس المحيط، ص 487.
([8])  إبراهيم أنيس وآخرون، المعجم الوسيط، الطبعة الثانية، ص 205.
([9])  محمد مرتضى الزبيدي، تاج العروس، بيروت، دار الفكر، 1414هـ ، الجزء السادس، ص 317.
([10])  يحي بن محمد زمزمي، الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، ط 2، عمان، دار المعالي، 1422هـ، ص32.
([11])  الندوة العالمية للشباب الإسلامي، في أصول الحوار، الرياض، الندوة العالمية، 1415هـ، ص 11.
([12])  عبدالرحمن النحلاوي، أصول التربية الإسلامية وأساليبها، الطبعة الثانية، دمشق، دار الفكر، 1995م، ص 206.
([13])  بسام عجك، الحوار الإسلامي المسيحي، دمشق، دار قتيبة، 1418هـ، ص 20.
([14])  خالد بن محمد المغامسي، الحوار آدابه وتطبيقاته في التربية الإسلامية، ط1، الرياض، مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، 1425هـ، ص32.
([15])  ينظر في ظلال القرآن: سورة الحجرات.
([16])  \-httbs||blogs.aljazeera.net في الحوار الملائكي بين الروح الأمين ومريم العذراء، قبل النفخ (مدونات الجزيرة):
([17])  رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/124331/#ixzz5wOfANKCh
([18])  الموقع الألكتروني https://mawdoo3.com
([19])  صلح الحديبية السيرة النبوية، د.علي محمد الصلابي.
([20])  انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي.
([21]) رسالة التعاليم.

هناك تعليقان (2):

  1. جزاكم الله خيرا نرجو تنزيل مصطلحات السؤالمن حاوار وحجة وتقرير واستفسار

    ردحذف