06‏/07‏/2023

آخر الكلام/ سقوط الديمقراطية الليبرالية في العراق بالضربة القاضية‎!‎

محمد واني

الليبرالية وقيمها عن الحرية والفردية والمساواة والعولمة والليبرالية الاقتصادية التي روجتها ‏الدول الغربية لردح من الزمن، وصدرتها إلى العالم على أنها ذروة التطور الآيديولوجي للإنسان ونهاية ‏تاريخه، وفق ما طرحه المفكر السياسي الأمريكي (فوكوياما)، وقبل أن تواجه نظريته الضـربة القاضية ‏بسبب الحرب الأوكرانية الروسية، وعواقبها (الجيوسياسية) المحتملة على أوكرانيا وأوروبا والعالم، وعلى ‏مستقبل الديمقراطية الليبرالية، فإنها كانت قد منيت بإخفاق كبير على النطاق التطبيقي العملي في العراق، حيث ‏أسست قائدة النظام

العالمي الجديد لنظامٍ سياسي متخلِّف على عكس ما كانت تبشـر به.. وقد ‏نجحت الحكومات التي تعاقبت على الحكم في العراق في تكبيل المجتمع العراقي وتصفيده بالفساد والمفسدين، ‏ودفعه إلى القبول والتسليم في النهاية بالأمر الواقع (الفاسد) المتردِّي، والتعايش معه كأمر طبيعي!‏ وإذا ظننت لبرهة أن هذا التمدّد الخطير لغول الفساد في العراق جاء بدون برنامج شامل معد له سابقاً، فأنت ‏مخطىء، فكل الحكومات المتعاقبة، منذ 2005، أسهمت بشكل أو بآخر في تفاقم الفساد، وتحويله إلى ‏بعبع يبلع العراق والعراقيين جميعاً، فلا يمكن لمافيا الفساد أن تتغلغل في أهم مفاصل الدولة، وتخضعها ‏لإرادتها، بينما تبقى تلك الحكومات ساكنة لا تتحرّك لمواجهتها، إلا إذا كانت تشارك تلك المافيات في نهب ‏البلد وتدميره!

أرادت ‏أمريكا تطبيق أنموذجها الديمقراطي في العراق، والمنطقة فيما بعد، ولكنها تجاهلت القوى الدينية التي جاءت من عمق التاريخ، متمثلة بالميليشيات المتعددة سنية أو شيعية، وتحت ‏ضغوط تهديدات هذه القوى الضاغطة، أصيب المشـروع الأمريكي بانتكاسة وفشل ذريع، الأمر الذي ‏اضطرت فيه أمريكا إلى مجاراة الواقع، وعقد نوع من الاتفاق أو الشـراكة الضمنية لإدارة الحكم، لكي تحافظ على ‏وجودها ومصالحها الحيوية في العراق والمنطقة..‏ وفي ظل استمرار الحرب الأوكرانية الروسية، والهيمنة الصينية على التجارة العالمية، قد تضطرّ إلى الخضوع ‏أكثر لأجندات الميليشيات، وتضحي بحلفائها وأصدقائها التاريخيين (الكورد). إن التقارب الجاري بين المشـروع الأمريكي (الليبرالي)، والنظام القائم في العراق، سيصب في النهاية لصالح القوى المتحالفة مع المحور (الصيني الروسي الكوري ‏الشمالي)، للهيمنة على المنطقة والعالم.. ولو حدث ذلك، فعندئذ سنعيش حقاً نهاية نهاية التاريخ، بحسب ‏فوكوياما!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق