30‏/06‏/2018

بصراحة/ الانقلاب الإلكتروني!

صلاح سعيد أمين
 منذ سقوط النظام في العراق سنة 2003، جرت أربعة انتخابات برلمانية، كان آخرها في الثاني عشر من أيار الماضي، وأعلنت مفوضية الانتخابات للمرة الأولى - وربما ستكون الأخيرة - استخدام الأجهزة الإلكترونية للعد والفرز، بدلاً من العد والفرز اليدويين.
   دون أدنى شك، ولحد هذه اللحظة، لم تجر أي انتخابات، سواء في العراق أو إقليم كوردستان، لم تحدث فيها خروقات انتخابية، أو تزويرات منظمة، لصالح قائمة معينة، أو مرشح محدد، ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، وإن تقارير المراقبين الدوليين والمحليين، بعد إجراء أي عملية انتخابية، تؤكد هذه الحقيقة المسلمة، التي أصبحت نقطة سوداء، ليس فقط للذين لجأوا إلى التزويرات كي يفرضوا أنفسهم على الشعب، بل لكل أبناء البلد، الذين دائماً ما كانوا ضحايا، مرة بالانقلاب العسكري التقليدي، ومرة أخرى بالانقلاب الإلكتروني الحديث!

   وببساطة، الانقلاب الإلكتروني هو: أن يقوم حزب سياسي معين بسرقة أصوات الناخبيين عن طريق برمجة الأجهزة الإلكترونية لصالحه.. ومن الواضح أن ما جرى هو أحدث نسخة من نسخ الفساد والسـرقة التي جرت في الإقليم، وقام بها كل من: الاتحاد الوطني، والديمقراطي الكوردستاني، في مناطق نفوذهما، وبعض الأطراف الأخرى في المحافظات العراقية الباقية.
   وعليه، إن لم تصحح الأمور، فسيدخل البرلمان الجديد بعض النواب الإلكترونيين، الذين سيجلسون على مقاعد غيرهم، وإن المشكلة لم تأت من سرقة أصوات الناخبين فقط، ولا من تعطيل العملية الانتخابية وتفريغها من معانيها، بل الأخطر هو ليس فقط أن يكون الانقلاب الإلكتروني مجرد سرقة لإرادة الناخبين، وسلب طموحهم وتطلعهم نحو غد أفضل من اليوم، وإنما هو تفكير هؤلاء الذين لجأوا إلى هذا الانقلاب الحديث، شكلاً ومضموناً، والتفكير الذي يبيح عمل كل شيء من أجل البقاء، والتفكير الذي يمارس كل صور الدكتاتورية والشوفينية بغية عدم التخلي عن الكرسي للآخرين الشرعيين، والتفكير الذي ينادي ليل نهار بالديمقراطية، و قبول الآخر المختلف، لكن على شروطه هو، والتي ترى أن يبقى في الحكم إلى أبد الآبدين!
   نحن الآن أمام مرحلة مفصلية وصعبة، ويجب أن نختار بين شيئين لا ثالث لهما، إما القبول بما يحدث كل مرة في الانتخابات؛ من سرقة أصواتنا، وسلب آمالنا في التغيير، أو الرفض التام للانقلاب الإلكتروني، كمنطلق حاسم لبداية جديدة، تتغير فيها الأمور، وترجع معها الآمال للمواطنين المستلبة حقوقهم.
   وأخيراً، فالانقلاب الإلكتروني بمثابة آخر مسمار يغرس في نعش الانقلابيين، وهذا، بالتأكيد، لا يمد عمر الانقلابيين ساعة واحدة، ولا يشفع لهم بتاتاً، ونحن لا نقول ذلك جزافاً، بل استنبطنا من تجارب الانقلابيين الآخرين المحيطين بنا، الذين قبل الإطاحة بهم بفترة قليلة حصلوا على أكثر من 90% من أصوات الناخبيين في بلدانهم!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق