30‏/06‏/2018

مرافئ/ حين تُوأد الديمقراطية

د. يحيى عمر ريشاوي
  ما حدث في الانتخابات العراقية من تزوير فاضح ولعب بأصوات الناخبين، كشف عن خبايا ونقاط عديدة:
- كشف عن زيف العملية الديمقراطية في العراق وادعاءات التداول السلمي للسلطة. حيث لم تكتف بعض هذه الأحزاب بأساليبها التقليدية والقديمة؛ من اقتراع متكرر وتزوير لأصوات الناخبين، بل تفنّنت هذه المرة في استخدام التكنولوجيا وآخر إبداعات الاقتراع الإلكتروني، والتي صنعت أصلاً بهدف الحدّ من التزوير والتلاعب بأصوات الناخبين ونتائج الانتخابات!!
- وكشفت هذه العملية أيضاً عن إفلاس بعض القوى السياسية، وتدني مستوى جماهيريتها، وخوفها الحقيقي من فقدان السلطة.. هذه القوى بعد أن فشلت في الحكم وأوصلت البلاد والعباد إلى هذا المصير المؤلم، لجأت إلى هذه الوسيلة القذرة، لا لشـيء سوى البقاء لعدّة سنوات أخرى في سدة الحكم.

- هذه العملية القذرة سياسياً، كشفت النقاب أيضاً عن أكذوبة من يسمّون أنفسم برعاة الديمقراطية، وحماة القوانين، من الدول الكبرى والمنظمات الدولية.. هذه الدول والمنظمات، سكتت سكوت الأصم والأبكم والأعمى عن ماجرى في العراق، والإقليم، وكأنها معنية فقط بثروات وخيرات هذا البلد، إذ لم تصدر حتى بيان شجب أو استنكار لهذه المسـرحية ذات الإخراج السيء. وهكذا تأكّد أن سياسة هذا الزمن البائس تحكمها المصالح وليس المبادئ، وتسيّرها المنافع لا الحقائق، وتتحكّم بها الأهواء لا الوقائع.
- ما جرى في هذه العملية، أكد على ضعف أركان الدولة، وأن دولاً بعينها هي التي تتحكم بمصير هذا البلد. هذه الدول كانت، في السابق، تنأى بنفسها عن الحديث عن التدخل في شؤون العراق، وتحاول بشقّ الأنفس أن تقنع الجميع بأنها بريئة من هذه (الاتهامات)، ولكنها الآن تتحدث، على مرأى ومسمع من العالم، عن ميلها ورغبتها في قوى سياسية دون غيرها، بل وفي أشخاص دون غيرهم، وكأن العراق ساحة مستباحة لكل من هب ودب، أو كأن العراقيين قاصرون سياسياً، ويحتاجون للغير كي يقرر مصيرهم، ويحدد مستقبلهم. 
- ويبدو أننا أمام حقيقة مؤلمة أخرى كشفتها انتخابات 12/5، وهي أن استقرار العراق، وترسيخ ركائز الديمقراطية الحقيقية، والازدهار الحقيقي، بات في خبر كان، وأن هذه القوى السياسية لديها رسالة واحدة فقط، وهي: لن أترك السلطة حتى ولو أغرقت البلاد في بحر من الدماء. هذه القوى مسؤولة أمام الله، وأمام خلقه، عن هذا المصير المجهول الذي تتجه نحوه البلاد، والذي لا يعلم سوى ربّ العباد الى أيّ هاوية سيؤول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق