08‏/01‏/2023

آخر الكلام/ صراع بين الحق والباطل لن ينتهي!‏

محمد واني

لا توجد قوة تضاهي الفساد في تدمير الشعوب والبلدان؛ قديماً وحديثاً، ما إن يبتلى به إنسان أو دولة أو مجتمع حتى يكون ‏قد حكم على نفسه بالفناء والاستئصال بمرور الزمن، فالتدمير أحد تعريفات كلمة (الفساد) في أصلها اللاتيني‎ ‎‎(corruptusوهي النعت الماضي من (corrumpereالتي تعني بدورها: أفسدَ، ورَشَا، ودَمّر. يعني أن ‏الفساد بذاته مدمر، وقد حذر منه الأنبياء والمصلحون، وتصدوا له على مر العصور والأزمان، وخاضوا ضده صراعاً ‏مريراً، وذكره الله في القرآن، وجعله محوراً أساسياً للصـراع بين الحق والباطل، وبين الخير والشـر، والنور والظلام، ‏وحثّ الإنسان على اتخاذ موقف مسؤول ضده؛ سواء

بالقوة أو بالقلب، وذلك أضعف الإيمان، فيما يصطلح عليه ‏بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالقرآن يذكر أنواع الفساد المختلفة (السياسي والاقتصادي والعقدي والأخلاقي ‏...)، بالتفصيل، من خلال سـرد قصص الأمم الغابرة، ويعدّ الشـرك بالله من أخطر أنواع الفساد، ثم يليه فساد ‏الأخلاق الاجتماعي (قوم لوط)، والفساد المالي (قوم شعيب)، وفساد الميليشيات المهيمنة على الحكم {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ ‏تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ}، ميليشيات تتحكم بدولة (ثمود)، التي تشبه - إلى حد كبير - عراق ‏اليوم، مع فارق أن الميليشيات التي تتحكم في مؤسساته المؤثرة (الحكومة والبرلمان والمالية والنفط) يزيد عددها عن 67 ‏رهطاً ميليشياوياً! وكذلك الفساد السياسي والإنساني والاقتصادي، الذي كان يمارسه ‏فرعون وهامان وقارون، وما كانوا يقترفونه من جرائم التطهير العرقي ضد الإسرائيليين، وكذلك الأمر بالنسبة ‏لأصحاب الأخدود الذين تعرّضوا لسياسة التطهير الديني.‏

‏ وقد حارب الإسلام كل أشكال الفساد، بالتفصيل، وكلاً على حدة، وبيّن خطورته على المجتمع؛ كالكذب، وإخلاف الوعد، ‏وخيانة الأمانة، والرشوة والمحسوبية والاختلاس (نهب المال العام). وقولُ الزور يعتبر من أكبر الكبائر، ‏و"ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ؛ العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والديوث"، كما ذكرها الرّسول في ‏حديث شريف، وهي تشكل خطورة على المجتمع والأمة.‏

ومن البدهي أن الفساد له أصحاب يعملون من أجل نشـره وترسيخه، والإصلاح أيضاً له أصحابه، وكلا الفريقين ‏يتصارعان منذ أن وجد الإنسان، ويشنّان الحروب والغزوات ضد بعضهما البعض إلى يوم القيامة، حرب لا هوادة فيها، ‏يستعملون فيها كافة الأسلحة التدميرية النووية، ولكن في النهاية تكون الغلبة للمصلحين الصالحين {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ‏الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق