03‏/10‏/2022

أثر الترف والبذخ في سقوط الدول والمجتمعات.. الدولة العباسية نموذجاً

بشار نافگوندی

الترف والبذخ من الأمراض الاجتماعية التي تبتلى بها بعض المجتمعات، وتجر أفرادها نحو انحدار خطير يوردهم الهاوية، إذا لم يتم تدارك الأمر. وليس من الضـرورة أن يتعلق الغنى بالترف، فالغنى قد يؤدي إلى الترف ويسوق إليه، لكن ليس ذلك حتماً، فالترف هو من المخرجات السلبية للغنى، والتأثير السلبي الذي يتركه الغنى على الفرد، فيجعله ينحرف عن الجادة ويدفعه إلى كفران النعمة، هو الذي يسمى الترف. أما الغنى، فهو مرتبة اقتصادية تعني زيادة ثروة الفرد وقدرته المالية.. ومستوى التأثر لدى الفرد بهذا الغنى، هو الذي يحدد مكانه من الترف أو غيره؛ فإذا ما كان التأثير سلبياً، يندفع الثري نحو

الترف وتجاوز الحدود الاعتيادية من إشباع الحاجات، نحو التبذير والإسـراف والطغيان. وتكمن الخطورة في تغلغل هذا الداء في نفوس أرباب الدولة، فيوردهم العواقب التي لا يحمد عقباها.

 يقول ابن خلدون في مقدمته: الترف والدعة والانفراد بالمجد تذهب بالدولة إلى نهايتها الحتمية([1]). والترف هو النعمة وسعة العيش الذي يقود إلى البذخ والطغيان. والترف لغة طغيان النعمة([2]). وقد جاء ذكر الترف والمترفين مراراً في القرآن الكريم مقروناً بالظلم والهلاك كسبب ونتيجة، قال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}([3])، أي سلّطنا أشـرارها عليها، فعصوا فيها. والمترفون في كل أمّة هم كبراء القوم المنعمين، الذين يجدون الراحة والسيادة، حتى ترتع نفوسهم وتميل إلى المجون، ويعيثون في الأرض الفساد، إذا لم يتحكم بهم ضابط شـرعي أو قانوني. ومن المجتمعات التي ابتليت بهذا، وأوردتهم المهالك، هو المجتمع المسلم في الدولة العباسية، وعاصمتها بغداد، الذين انتهجوا نهج الأمم السابقة في الترف والطغيان، فأوردهم ذلك الهلاك والسقوط تحت سيوف الغزاة القادمين من الشـرق.

 ويمكننا تشخيص ظاهرة انتشار البذخ والترف بين حكام ورجال الدولة العباسية من عدة جوانب، منها: -

أولاً: البذخ في بناء القصور واقتناء الأثاث:

بدأ الخلفاء من بنو العباس منذ البداية في بناء القصور الفخمة التي تدل على الأبهة والعظمة، فبالغوا كثيراً في تفاصيلها، فالمنصور صـرف مبالغ ضخمة على بناء قصـره في بغداد، إلى درجة أنه جعل عرض أساس قصـره من الأسفل خمسون ذراعاً، ومن أعلاه عشـرين([4])، وصـرف ملايين الدنانير من خزينة دولته الناشئة على محل سكنه والمنشآت العمرانية العامة في مدينته الجديدة([5])، ليفتح بذلك صفحة من حياة الخلفاء مليئة بالترف والبذخ والأبهة والشعور بالعظمة في الحكم، وليضع بينه وبين الرعية حاجزاً منيعاً، وهو الحاجز المعنوي والتعالي عليهم، قبل الحاجز المادي الذي هو الصخور والجدران. إلا أنه -ورغم الترف والبذخ الذي عاشه وحاشيته في قصـره - عرف بالبخل والتشدد في صـرف الأموال للآخرين، وله مواقف مشهورة في كتب التاريخ تشير إلى هذه النقطة، فعندما طلب منه واليه على (مكة) زيادة العطاء والأرزاق، رد عليه المنصور: إن الغنى والبلاغة إذا اجتمعا في رجل أبطراه، فاكتف بالبلاغة([6]).

وبمرور الوقت، ومع زيادة رفاهية بني العباس، وانغماسهم في الترف ورغد العيش، ازداد البعد بينهم وبين الرعية، باستثناء البعض من أفراد المجتمع وخاصته، الذين تقربوا من الخلفاء العباسيين، وتم إغداق النعم والهدايا عليهم دون رقيب أو حسيب، إلى درجة أن الخليفة محمد الهادي([7]) أكرم أحد الشعراء، بعد أن استطاب قصيدة منه، بأن يأمر بإدخاله بيت المال ليأخذ ما يشاء منه، فأخذ الأخير سبعة بدر وانصـرف([8]). أما هارون الرشيد([9])، فهو يعطي عشـرات الآلاف من الدنانير لأحد الشعراء المغنين، لأنه سمع منه ما أعجبه([10])، ويعطي لشاعر آخر أربعين ألف درهم، لأنه رثى جاريته بعد وفاتها بقصيدة أعجبته([11]). ولم يكن المأمون ببعيد عن هذا السلوك، عندما أعطى آلاف الدنانير لشاعر امتدحه([12]).

 استمر الخلفاء والحكام من بني العباس – أغلبهم – على هذا المنوال، متأثرين ببهرج الدنيا وزينتها، فانخرطوا وانغمسوا فيها، وبنوا القصور الفخمة، وتفننوا في البناء المزخرف بأحدث النقوش، وملأوها بالستائر والبسط والأثاث والأواني، وتخللت القصور الرفيعة البناء الأروقة الواسعة التي تحتضن بداخلها الأمراء والحشم وأجنحة خاصة للخدم والجواري، وتجاوره الأسطبلات، وجناح الساعاتية، لإدراك وقت الصلاة، فيضـربون النوبة لإعلام أهل الدار بحلول وقت الصلاة([13]).

وازداد شغف الخلفاء بالقصور الفاخرة بعد المنصور، حيث عرف هارون الرشيد بميله إلى البذخ والترف وتشييد القصور وتزيينها وزخرفتها وتأثيثها بالفرش النادرة. وسار ولداه الأمين والمأمون على نفس المنوال، حيث أصلح المأمون القصـر الحسني، مضيفاً إليها ميداناً للخيل واللعب وساحات لجمع الحيوانات المختلفة، وصـرف عليها مبالغ طائلة لتكون دار مقامه في بغداد([14]).

أما من أحدث ثورة في بناء القصور، وتخطى حدود المعقول، فهو الخليفة العباسي المتوكل على الله (232ه-247ه)، فقد كان له هوس عجيب في البناء، وكرس الجزء الأكبر من اهتمامه في الاستزادة من بناء القصور، وصـرف ثروات الدولة عليها، حيث أمر ببناء مدينة الجعفري، وأقطعها للقواد وأصحابه، وبنى قصـراً شاهقاً له سماه لؤلؤة، وصـرف ملايين الدراهم على شـراء الأملاك المجاورة لها، واستعمل عشـرة آلاف رجل لحفر نهر ينساب إلى مدينته، وبدأ يستنزف خزينة الدولة بمبالغ طائلة ليغذي هوسه بالبناء، إلى أن قتل، فخربت الجعفرية، ولم يتم أمر النهر([15]). وكان هذا الخليفة لا يهتم بالمال في سبيل تحقيق رغباته، لذلك صـرف أغلب أموال خزانة دولته في بناء القصور الفخمة، التي بلغ عددها تسعة عشـر قصـراً، أنفق عليها مبالغ وأموالاً لا يكاد يصدقها العقل([16])، ما يدفعنا إلى التساؤل حول مدى أهليته للحكم، ومدى اهتمامه بالأولويات الواجبة في حكمه، وندرك مدى استهتاره وهدره للمال العام في أمور غير ضـرورية. علماً أن كل هذه القصور الكثيرة بناها في مدة زمنية قصيرة نسبياً لا تتجاوز خمسة عشرة سنة من حكمه.

واستمر الخلفاء بعده على المنوال نفسه في الاستزادة من القصور الفخمة، خصوصاً بعد انتقال مقر الخلافة إلى الجانب الشـرقي من بغداد، حيث اشتهرت القصور بأروقتها الواسعة، وكثرة الحدائق والمتنزهات التي تحيط بها، وزخرفتها الخارجية والداخلية المميزة والمرصعة بالجواهر الثمينة وأنواع الفرش النادرة في ذلك الزمان، حيث بنى الخليفة المعتضد([17]) قصـراً من هذا القبيل سماه (الثريا)، سنة 280ه، بعد أن منع زراعة الرز وغرس النخل حول بغداد، وأوصله بالقصـر الحسني، وبنى قصـراً آخر فوق الشماسية سماه (الفردوس)([18]). ثم قام المكتفي بالله([19]) بعده ببناء قصـر (التاج) على دجلة، مضيفاً إليه القباب والمجالس الواسعة والعالية، ثم زاد المقتدر بعده في إضافاته([20]).

ولم يختلف الخلفاء الذين جاءوا بعد ذلك عن سابقيهم، بل زادوا في أسلوبهم المعتاد، فيصف الخطيب البغدادي الأبهة التي كان يعيش فيها الخليفة المقتدر بالله([21])، إلى درجة أن عدد الخدم العاملين في قصـره؛ من صقالبة وروم وأفارقه، بلغ الآلاف. ويمكننا معرفة حجم وضخامة قصور الخلافة، وملحقاتها الكثيرة، من خلال زيارة وفد صاحب الروم لهذا الخليفة، حيث انبهر هذا الوفد من عدد جند الخلافة أمام أبواب القصور والأبواب والدهاليز والأروقة الكثيرة، التي عبروها إلى أن وصلوا إلى قصـر التاج؛ محل جلوس الخليفة، فقد عبروا ثلاثة وعشـرين قصـراً، واستراحوا في سبعة مواضع، واستقوا الماء، وشاهدوا الآلاف من قطع الأسلحة المذهبة، والسيوف والخوذ والدروع المعلقة، وآلاف الحراس والغلمان على جانبي الطريق([22])، في مشهد يوحي للناظر بمدى الإسـراف في إظهار الترف والدعة والأبهة والعظمة، والكثير من المبالغة في إظهار الجانب المادي والكمالي لناظر الضيوف، ويظهر ذلك من آلاف الستور المعلقة على الجدران، والديباج المذهبة بالطرز الجميلة المصورة بالفيلة والخيول والجمال والسباع، إضافة إلى البسط الراقية التي مددت في الممرات، والتي تقدر تكاليفها بعشـرات الآلاف من الدنانير، سوى ما في المجالس من مختلف أنماط الأثاث الراقي([23]).

ومن الخلفاء المولعين بالبناء والإسـراف على تجهيزها الخليفة الراضي بالله([24]) (322ه-329ه)، فضلاً عن البذخ والإسـراف في صـرف الهبات لمن يشاء بأسلوب غريب وعشوائي. فمما يروى عنه أنه بينما كان جالساً مع ندمائه في موقع للبناء، أهدى ما قيمته وزن قطعتين من الآجر كان أحد ضيوفه قد جلس عليهما، وما يعادل وزن الآجر الذي جلس عليه كل واحد من ندمائه في المجلس، دراهم ودنانير([25])، مما يعني عشـرات الآلاف، وربما مئات الآلاف من الدنانير صـرفت من الخزينة العامة للدولة في لحظة نشوة من قبل الخليفة. كما بنى الخليفة المطيع لله (334ه-363ه)([26]) عدة دور وقصور في بغداد؛ منها دار الطواويس والدار المربعة والدار المثمنة([27]). وقد توقف هذا الاندفاع الأعمى للخلفاء العباسيين نحو البناء في زمن البويهيين، الذين سيطروا على مقاليد الأمور، وحددوا من سلطات الخلفاء، حتى باتوا تحت رحمة وزرائهم الذين حددوا راتباً شهرياً للخليفة، وبدأوا بدورهم بالانفراد ببناء القصور الفخمة لأنفسهم، منها الدار المعزية، التي بناها معز الدولة البويهي (320ه-356ه) في الجانب الشـرقي بجوار باب الشماسية، حيث صـرف في بنائها ما يقارب ثلاثة عشـر ألف ألف درهم([28]).

 شملت قصور الخلافة، التي كانت تسمى بحريم دار الخلافة، مساحات واسعة من مدينة بغداد، يحددها صاحب (معجم البلدان) بثلث مساحة المدينة، وهو يتوسطها، وله سور يبدأ من دجلة وينتهي إلى دجلة، كهيئة نصف دائرة، وله عدة أبواب؛ أولها من جهة الغرب، ثم باب سوق التمر الشاهق البناء، الذي أغلق على يد الخليفة الناصر لدين الله، وعدة أبواب أخرى، ويمتد طول السور لأميال عديدة تحتضن دور الخليفة وحاشيته([29]).

وكانت دار الخلافة، في زمن الناصر لدين الله، واسعة الأرجاء، وتقترب استدارتها على الثلاثة أميال، تتوسطها الحدائق ذات الأشجار المثمرة، وفيها الكثير من الحيوانات، وأنواع الطيور، وبحيرة واسعة يأتيها الماء من دجلة([30]). ولم يكتف هذا الخليفة بذلك، بل أمر أستاذ الدار أن يبني له داراً خارج بغداد، وأمره بالتعجيل في إنهائها، فتم البناء في فترة يسيرة، بعد تجميع الصناع والبنائين بكثرة لهذا الغرض. واستخدمه الخليفة للتنزه وقضاء ساعات الراحة واللهو برمي البندق بالمقلاع، بحيث كان يلبس ثياب الرماة، ويرمي مع جماعة منهم([31]).

ولم تتوقف شهية الخلفاء في الاستزادة من القصور، وجمع التحف والأثاث الراقي، وأواني الذهب والفضة، في قصورهم. ويكفي أن نذكر أن قيمة ما احترق في حريق دار الخلافة سنة 601ه، أيام حكم الخليفة الناصر لدين الله، بلغ ثلاثة آلاف ألف دينار وسبعمائة ألف دينار([32])، على الرغم من أن هذا الخليفة كان مشهوراً بالبخل والتركيز على المصادرات وتحصيل الأموال، حتى قيل عنه إنه خصص بركة لوضع الذهب فيها، وأودع فيها كميات ضخمة منها لدرجة أوشكت البركة على الامتلاء، فقال: ترى أعيش حتى إملائها؟([33]) فمات ولم يحقق أمنيته. فجاء بعده ابنه الظاهر بأمر الله، فأفرغ جزءاً كبيراً منها، وصـرفها في فعل الخيرات والخدمات، وسار عكس سيرة أبيه. ولكن سـرعان ما رجع حفيده المستعصم بالله (640ه-656ه) إلى ممارسة هواية أغلب أجداده من خلفاء بني العباس في بناء القصور وتجميع كل التحف والمجوهرات النادرة داخلها، لدرجة أن الحريق الذي وقع سنة 651ه في بعض دور الخلافة، أدى إلى إتلاف الكثير من التحف والأثاث النادر، وكان من جملة ما تم استخراجه من الأواني الذهبية والفضية من بين الأنقاض ما يزيد قيمته عن مائتي ألف دينار([34])، أما ما أحرقته النار وأتلفته، فيعجز عن حصـره، وبينما كانت هذه الدار تحترق بما فيها من كنوز وثروات، كان الخليفة المستعصم بالله مشغولاً ببناء قصـره الجديد في منطقة المحول، بعد أن صـرف عليها أكثر من مائتي ألف([35]). وهذا ما يدعو إلى التساؤل والاستغراب، فمن المعلوم أن هذا الخليفة اضطر إلى صـرف العساكر والجنود بسبب قلة المؤونة وشح الأموال في خزينة الدولة، بينما نرى استمرار البناء في قصوره، وصـرف الأموال على مصالحه الشخصية، والتي تكلف مئات الآلاف من خزينة الدولة! وهذا ما يولد الانطباع أن الحياة، وكل ما كان في الدولة، إنما كانت تدور حول شخص الخليفة، والمجموعة الضيقة المحيطة به؛ من وزراء وقادة عسكريين وحاشية قصـره والخدم، وأن الدولة تعتبر ملكاً شخصياً له، أما الشعب والأمة فمجرد مماليك ورعايا تحت يده، يفعل بمقدراتهم ما يشاء دون رقيب أو حسيب، فهو قد يكرم خادمه لسبب بسيط وتافه بمبلغ من المال يكفي لإعاله أسـرة عادية داخل بغداد لسنين طويلة، وقد ينعم على شاعر لأجل قصيدة تمدحه وتمجده، بأموال تكفي لدفع رواتب معلم في المدرسة المستنصـرية لسنين طويلة.. وبطون المصادر التاريخية تشير إلى العديد من هكذا مواقف، والتي تؤكد على أن هؤلاء استباحوا أموال الدولة لأنفسهم، يتصـرفون بها، ويتنعمون بها كيفما يشاؤون، دون رادع أخلاقي أو شـرعي، في حين كان الشعب يكدح ويتحمل أعباء الحياة وبؤسها في سبيل توفير لقمة العيش، ويدفع المكوس والضـرائب التي تفرضها الدولة عليه، لتذهب تلك الأموال إلى الخزينة العامة، التي هي ملك مشاع للحاكم الأوحد وحاشيته.

 وليس من الإنصاف القول إن هذا كان شأن كل خلفاء بني العباس، إلا أنه كان - على ما يبدو - السمة الغالبة لأكثرهم.. فالخليفة الظاهر بأمر الله (622ه-623ه)، التي كانت مدة خلافته أقل من سنة، صـرف أموالاً طائلة على بناء جسـر كبير على دجلة يربط بين جانبي المدينة، حيث كان لبغداد منذ ما يقارب القرنين جسـر واحد فقط([36]). أما ابنه الخليفة المستنصـر فسار في الناس سيرة حسنة مثل أبيه، حيث بنى منشآت خدمية كثيرة داخل العاصمة بغداد؛ من بناء الربط والخانات والقناطر من سائر الجهات، حتى أنه بنى بكل محلة من مناطق بغداد دار ضيافة للفقراء، وكان يعتق الجواري اللاتي بلغن الأربعين، ويجهزهن ويزوجهن، ويساعد الأرامل والأيتام وذوي الحاجات([37]). ومن أعظم إنجازاته الحضارية على الإطلاق بناء المدرسة المستنصـرية على شط دجلة من الجانب الشرقي، مما يلي دار الخلافة، وجعل لها أوقافاً جليلة على أنواع البر([38])، والتي كانت بحق صرحاً حضارياً رائداً قل نظيره في العالم حينذاك. وقدمت هذه المؤسسة خدمات علمية وحضارية جليلة للأمة، واحتضنت في أروقتها أكابر العلماء وفقهاء الدين في ذلك العصـر، وصارت قبلة لطلبة العلم في العالم الإسلامي. ومن المهم أن نفتخر بإنجاز من هذا النوع لحاكم مسلم، عاش في فترة زمنية كانت السمة الغالبة على حكامها ما نحن بصدد كتابته في هذا المبحث.

 

ثانياً: البذخ والترف في المناسبات العامة والخاصة:

كانت الأعياد من المناسبات التي يشارك بها الخليفة وأعيان المجتمع وكبار رجال الدولة الناس في فرحتهم، إلا أن طبيعة هذه المشاركة تعطينا انطباعاً عن مدى سيطرة المظاهر البراقة والكاذبة والأبهة والاهتمام بالفخفخة على نفوس هؤلاء القوم، فموكب الخليفة الذي كان يخرج للناس، ويعبر الشوارع والطرقات، في أبهى زينة وأجمل ملبس، كان كالسيل في جمع من نجوم الليل كما يوصف، حيث يرتدي الخليفة بردته المقصبة بفضة وذهب، وفوق القلنسوة قطعة قماش مرصعة بالأحجار الكريمة التي لا تقدر بثمن، وتزين الطرقات والأسواق التي يمر عبرها بالقماش الحرير ذي الألوان الزاهية([39])، ويتجمع الناس على جانبي الطريق لمشاهدة موكبه، يرافقه العساكر المدججين بالسلاح والخيول النادرة التي يمتطيها هو وكبار موظفي الدولة في أبهى صورة وأجمل زينة، وكذا الحال لثلاثة أيام متتالية([40]).

ويبدو أن هذه المراسيم والمظاهر شغلت الناس كثيراً، إلى درجة أنهم كانوا حريصين على حضورها، خصوصاً في صبيحة العيد، حيث يتزينون بأجمل الملابس لحضور صلاة العيد([41])، حيث يتواجد هناك الخليفة وكبار رجال الدولة. وبعد انتهاء الصلاة في المسجد الجامع، يعود الخليفة إلى داره لاستقبال المهنئين([42])، وتتخلل مقابلة الناس للخليفة سلوكيات تنم عن المبالغة في تقديس شخصه؛ من تقبيل اليد، ولثم بردته، وتقبيل الأرض بين يديه بما يشبه السجود([43])، وكلها سلوكيات غير اعتيادية تنم عن حالة من جنون العظمة التي كان يعيشها هؤلاء الخلفاء، وضخامة هالة التقديس التي أحاطوا أنفسهم بها، وهو في حقيقة الأمر كان مجرد وهم لا يغني عنهم شيئاً على أرض الواقع، عسكرياً ولا سياسياً، خارج حدود مدينتهم. فأمير واحد – مثلاً – من أمراء الأقاليم المجاورة في الشام، يمكن أن يمتلك سلطة سياسية وعسكرية وجغرافية أكبر من خليفة بغداد، الذي لا يملك سوى مدينته وبعض القصبات الأخرى القريبة التابعة لها، وليس له سلطة فعلية على أي من الأقاليم المجاورة، إلا أنه الترف والظلم والانغماس في الشهوات، الذي أفسد النفوس والفطرة البشرية.

كانت بعض الأعياد مناسبة للخلفاء لتوزيع الهدايا والإكراميات على حاشيتهم والمقربين منهم، ففي سنة 623ه أمر الخليفة الظاهر بأمر الله، في ليلة العيد، بالتصدق بمائة ألف دينار([44]). وفي عيد الفطر من سنة 637ه، وزع الخليفة المستنصـر بالله ثلاثة عشـر ألف هدية وخلعة من القمصان الراقية على مماليكه والوزير وكافة الأمراء في دولته، فعمت الهدايا خلقاً كثيراً في المجتمع([45]). وكانت هذه المظاهر والمراسيم في العيد – أحياناً – سبباً في تأخير صلاة العيد، مثلما حدث في سنة 644ه، حيث انشغل الأمراء والقادة وعامة الناس بالخروج إلى ظاهر البلد على مواكب وأرتال، كل أمير يخرج مع حراسه وحشمه بأبهى صورة وأجمل زينة، فما زالوا مجدّين في الخروج إلى ما بعد المغرب، إلى أن خرج موكب الخليفة متزيناً بأبهى صورة بما يشبه الاستعراض العسكري، وكان الوقت بعد الغروب، فاضطر الإمام أن يصلي صلاة العيد بالناس قضاءً([46]). وكانت مواكب الخلفاء تنار بالأضواء والشموع الموكبية الكبيرة، التي يحملها مئات الفراشين، ويرافقهم النفاطون من حاملي مشاعل النفط، في مشهد مهيب([47]).

وكان الناس أحياناً يبتكرون بعض العادات الطريفة بعد المناسبات الدينية الرئيسة، كما فعل سكان بغداد عندما مارسوا عادة دفن العيد، وهي عادة هزلية يمارسها البغداديون بعد أسبوع من العيد لغرض المتعة والضحك، حيث يخرج الناس، وعلى رأسهم رؤساء المحال، في الرياض والحدائق، للتنزه والفرجة، مدعين دفن العيد، ويأتون بشخص يكفنونه كالميت، ويلعبون معه ويضحكون([48]). وكان من طباع أهل بغداد الاستمتاع بأوقاتهم، وفيهم روح الدعابة وحب التنزه، حيث يخرجون إلى الحدائق والبساتين الخضـراء، خاصة أيام الربيع، ويصطحبون معهم عوائلهم وجواريهم للفسحة وقضاء الأوقات على ضفاف النهر والبساتين الخضـراء([49]). وأراد الخليفة الناصر لدين الله مشاركة العامة هذه الاحتفالات، فأمر بدفن العيد سنة 580ه في أحد البساتين القريبة من قصـره، فتجمع عدد كبير من الأهالي لهذه المناسبة، وجاءوا بالشخص المكفون يبكون عليه، والبعض الآخر يضحك، ثم يلقونه في الماء، والخليفة ينظر إليهم من شباك قصـره، ويضحك عليهم، فينزل متقدم الفراشين ومعه مائة دينار إمامية لمقدم العوام قائلاً له هذه مائة دينار لأجل الميت، فحينئذ يقوم الميت المكفون، فيتصارخ الناس ويضحكون. وكان على سطح الدار مجموعة من المماليك الخواص، فخرجوا بعد انتهاء الحفلة بأحصنتهم وسـرجهم المذهبة، وعليهم ملابس مزركشة زاهية، فكان أهل بغداد يتفرجون عليهم ويقولون: "كنا نتفرج على الميت، فلم لا نتفرج على هؤلاء الملائكة الذين قد خرجوا"([50]).

كما كان لكبار رجال الدولة موعد سنوي مع قبور الخلفاء في (الرصافة)، حيث يركب الخليفة والوزير والأمراء والصدور والكبراء في مواكب مهيبة، مليئة بالأبهة والترف، إلى مقبرة دار الخلافة في الرصافة، فيجتمعون للقراءة والدعاء وإهداء الثواب للخلفاء، وتستمر المراسيم طول النهار والليل، حيث توزع الحلوى وأطايب الطعام بغزارة([51]).

كما يعتبر الزواج لدى الطبقة الخاصة من المناسبات الأخرى التي تتجلى فيها مظاهر الترف والبذخ، حيث تصـرف فيها الأموال الطائلة، وتنثر على الحضور، وكانت الهبات الكبيرة تمنح في مناسبات كهذه، فقد وهب المستنصـر بالله لأحد مماليكه المختصين، ليلة زواجه بابنة صاحب الموصل، مبلغ مائة ألف دينار، وكان الصداق مقداره عشـرون ألف دينار، وكانت له أملاك تدر عليه مائتي ألف دينار في السنة([52]). وتميزت الزيجات بين أبناء الطبقة العليا بالصداق الكبير، والمبالغ الضخمة التي تنثر في حفلات الزفاف، ففي سنة 637ه بلغ صداق عقد قران أحد الأمراء مبلغ عشـرة آلاف دينار([53]). وقبل ذلك، وفي سنة 632ه، كان زواج الدويدار الصغير مجاهد الدين أيبك([54])، وهو من كبار أمراء بغداد، من ابنة بدر الدين لؤلؤ؛ صاحب الموصل، بصداق بلغ قدره عشـرون ألف دينار، وهدايا وجواهر عظيمة رافقت هذه الزيجة، وأقيمت ولائم كبيرة، وتم توزيع الخلع على الحضور([55])

كما كانت حفلات ختان أولاد الخلفاء من المشاهد المميزة والمثيرة للانتباه في المجتمع البغدادي، ابتدأها الخليفة الناصـر لدين الله بختان ولديه، وبحضور كبار رجال الدولة والأمراء والخواص، وقام بنثر أموال لا تحصـى ولا تعد لكثرتها، كما أمر بحضور المغنين والمطربين وأصحاب الملاهي، واستمرت الاحتفالات والفعاليات لسبعة أيام متتالية، وفي اليوم السابع وزع الناصر الخلع والهدايا على خواصه والأمراء، وأنشد الشعراء القصائد الخاصة بهذه المناسبة السعيدة([56]). وفي سنة 624ه ختن ولدا الخليفة الظاهر بأمر الله، في حضور حافل للأمراء وكبار الرجالات في الدولة، وأفيضت الخلع والهدايا على خلق كثير من الخدم والأطباء ومؤدب الأميرين؛ ولدي الخليفة([57]). ولم يختلف الأمر كثيراً، من حيث التفاصيل، في مراسيم ختان ابني الخليفة المستعصم بالله سنة 644ه، حيث وزعت الهدايا والإكراميات على الخدم الفراشين والبوابين وحاشية دار التشـريفات، وعددهم أكثر من أربعمائة، ونثرت آلاف الدنانير بهذه المناسبة، وحضـر المغنون، الذين أكرموا بمبلغ عشـرة آلاف دينار([58]).

وفي سنة 644ه حمل شقيق الخليفة المستعصم بالله، بمراسيم خاصة، في محفة مغشاة بأسود، يحملها مملوكان من مماليك قائد الجيش الشـرابي، الذي كان هو وجماعة من كبراء الأمراء والخدم والغلمان بين يدي شقيق الخليفة، وحمل معه مبلغ عشـرة آلاف دينار، وثياباً بقيمة آلاف الدنانير، وزعت على الحضور، فأعطي اثنان من الأمراء المتواجدين مبلغ ثلاثة آلاف وبقجة فيها ثياب فاخرة لكل واحد منهما([59]). وهكذا كانت ثروات الدولة ودنانيرها تفرق وتنثر في المناسبات الخاصة بالطبقة الحاكمة دون رقيب أو حسيب. وفي الوقت الذي كان المغول قد اقتربوا من تخوم بغداد، ووصل تهديدهم إلى عقر دارهم وعاصمتهم، كان آل العباس وحاشيتهم، ومن يدور في بلاطهم، مشغولين بصـرف الجنود، وتقليل عددهم، بحجة وجود أزمة مالية وقلة سيولة، بينما كانت عشـرات الآلاف من الدنانير والذهب تنثر وتهدر في أمور تافهة لا جدوى منها.

 

ثالثاً: البذخ والترف لدى حاشية الخليفة وكبار رجال الدولة والأمراء:

تغلل الأمراء ورجال الدولة ومماليك البيت العباسي، وخدم وحشم قصور الخلفاء، في مفاصل الدولة، فسيطروا عليها، وكرسوها لخدمة مصالحهم الشخصية، حتى تكونت طبقة ارستقراطية مترفة ومهيمنة على الدولة العميقة، فزادت ثروتهم وإمكاناتهم وسلطتهم، إلى درجة لا يكاد المرء يصدقها.. فمملوك مثل علاء الدين الطبرسي الظاهري، على سبيل المثال، كان الربح والوارد السنوي الذي يصله من أملاكه نحو ثلاثمائة ألف دينار، بل كانت داره من أجمل الدور السكنية في بغداد كلها([60])، وكان يمتلك نخبة من الخيول العربية الأصيلة، والتي أهدى عشـرة منها لشقيق زوجته القادم من الموصل، بعد أن عمل له دعوة جميلة، وأهداه أيضاً عشـرة أكياس من أنواع الثياب الغالية، وخمسة آلاف دينار([61]). وهو الذي أهداه الخليفة المستنصـر بالله، في ليلة دخوله بزوجته، مائة ألف دينار([62])، واجتمع له في ليلة زفافه من أواني الذهب والفضة والثياب والجواهر ما يزيد على ثلاثمائة ألف دينار، وبلغ من الجاه الوفير ما جعله يترفع على وزير الدولة، الذي هو الشخص الثاني في الدولة بعد الخليفة، وينوب عنه([63]).

أما شـرف الدين إقبال الشـرابي، فكان من الشخصيات التي حظيت بسمعة عسكرية طيبة في بغداد، بعد انتصاراته على عساكر المغول، إلا أنه كان أيضاً من أصحاب المال الوفير، لدرجة أنه أهدى أحد ضيوفه من الأمراء، وأصحابه، بذهب كثير وخيول وتحف وهدايا([64]). وعندما ختن ولدا الخليفة سنة 644ه، نثر الشـرابي ألف دينار، وثياباً قيمتها خمسمائة دينار([65]).

وكانت الخلع والهدايا والعطايا تنهال على أفراد هذه الشـريحة باستمرار، ففي سنة 642ه استدعى الخليفة المستعصم بالله أمير الحج مجاهد الدين أيبك([66]) إلى دار الخلافة، فكسـي كسوة فاخرة، ومنح سيفين، وفرساً عربياً بعدّة كاملة، ومركب ذهب، مع مبلغ عشـرة آلاف دينار، وخلع على مماليكه بأجمل كسوة([67]). علاوة على ذلك، كان للأمراء رواتب معيشة، وصلت إلى خمسة آلاف دينار([68])، بينما كانت المخصصات المالية للأمير عز الدين قراجة المستنصـري، سنة 645ه، ألف دينار، وعدّته خمسون فارساً([69])، وكذلك كان العديد من نظرائه.

كانت الفروقات في توزيع الثروة واضحة، وفيها الكثير من الحيف والظلم، فثروة موظف بسيط في قصـر الخلافة، وهو رئيس الفراشين، بلغت حداً جعلته من المنعمين في المجتمع، ويتشبه بالملوك في أسلوب حياته داخل داره الفخمة، حيث يصـرف مئات الدنانير شهرياً على الخدم، والجواري، وتربية الطيور على سطح منزلـه([70]). أما جواري دار الخلافة، فكن يعشن في مستوى عالٍ من الثراء والنعمة، إلى درجة أن الواحدة منهن كانت تحمل معها جواهر وحلي تساوي آلاف الدنانير، حصلت عليها كهبات وهدايا وعطايا من الخليفة. ولك أن تتخيل أنه في سنة 649ه غرقت سفينة في دجلة، تحمل على متنها إحدى عشـرة جارية من جواري دار الخلافة، وكن فيها على سبيل التنزه والفرجة، وكان عليهن من الجواهر والحلي والذهب ما قيمته مائة ألف دينار، فغاص الغواصون، وطرحت الشبكات، فوجدوا البعض منها، أما الجواري ومعهن خادم فهلكن جميعاً([71]).

 بل وصل البذخ والترف والبطر إلى التفاصيل المتعلقة بغسل الميت، فعندما توفي أخو الخليفة الناصر لدين الله تم غسَله وكفنه، وكان من جملة ما أخذه الفراش من سلبه؛ من أثاث وقماش وفضة ومسند زركش وطرحة مزركشة والطاسات الفضية، يساوي عشـرة آلاف دينار([72]). بل وصل الأمر لدى نساء دار الخلافة أن يزينوا أحذيتهن باللؤلؤ، فعندما توفيت العباسة - إحدى زوجات والد الناصـر لدين الله - خلفت أموالاً كثيرة وأثاثاً فاخراً وقبقاب وثوب كبير الأكمام وحذاء، كلها مزينة باللؤلؤ([73]).

كانت دار الخلافة هي أعلى مؤسسات الدولة، وهي بمثابة القصـر الجمهوري أو الديوان الملكي في الوقت الحالي، وكان الخليفة على رأسها، وتضم الموظفين والخدم والحشم وأفراد عائلة الخليفة وحاشيتهم، وكانت المصاريف والحاجات اليومية لهذه المؤسسة تأتي من المخزن التابع لبيت المال، حيث ارتفعت المصاريف السنوية من ستين ألف دينار، أيام حكم الناصر لدين الله، إلى المائتي ألف دينار، وحتى أوائل سني خلافة المستنصـر بالله([74]).

أما حاجات المطبخ الخاصة بقصور الخلافة، فقد شملت أطناناً من المواد الغذائية، وكل ما يحتاجه الطباخ لإعداد الوجبات الغذائية لموائد دور الخلافة.. ولك أن تتخيل أن المواد الغذائية التي حملت من المخزن العام إلى مطبخ دار الخلافة في شهر ذي الحجة من العام 644ه، شملت (100 رطل من الخبز، و 2900 دجاجة، و1400 رطل سكر، و 3900 مقلوبة، و 5000 رطل شمع، و 61 موكبية، و70 ظرف ماء ورد، و 300 إبريق خزف، و 200 جرة، و50 صحن مهلبية، و 300 سلة فاكهة، وحملان وكبش الجبل وزرافة وكباش تركية، وغيرها من المواد([75]).

وتعود هذه الآلية، وهذه الرسوم، إلى زمن الخلفاء السابقين، الذين دأبوا على توفير مصـروف قصورهم ونفقاتهم الباهظة من الخزينة العامة للدولة. فعلى سبيل المثال، كانت مصاريف السنة الواحدة لقصـر الخليفة المعتضد بالله، ونفقات المطبخ، وكراع الطير والحيوانات الأخرى، تصل إلى خمسمائة ألف وثمانية وعشـرين ألفاً وثمانمائة وأربعين دينار([76]). وهذه المصاريف العالية كانت تصـرف على حاشية القصـر، والجواري، وقاطنيه من العمال والرقيق والفراشين والخدم، ويتم طبخ أشهى الأكلات وتقديمها في موائد القصـر. بينما وصلت النفقات السنوية لأمّ الخليفة المقتدر، واسمها شغب، والأمراء والحرم والخدم التابعين لها، إلى سبعمائة ألف وثلاثة وأربعين ألفاً ومائة وستة وتسعين ديناراً([77]).

 وكانت موائد الخلفاء والطبقة الحاكمة مليئة بالأطباق الشهية والغالية، وتعكس الهوة الموجودة بين هذه الطبقة المترفة بأموال الدولـة، على حساب الطبقات الكادحة وعامة الناس. حيث كانت الأكلات التي تقدم على موائدهم غير موجودة بتاتاً على موائد أغلب أفراد الشعب، وقد تفنن طباخو دار الخلافة في الطبخ بمختلف أنواعه، وأعدوا أطباقاً مميزة لأسيادهم الخلفاء وحاشيتهم، وكانت لحوم الحيوانات والطير تمثل العنصـر الرئيسي في تكوينها([78])، منها على سبيل المثال أطباق السكباج والإبراهيمية والحماضية وزيرباج وغيرها من أطباق الطبقة العليا والأغنياء([79])، التي يشكل اللحم بأنواعه، والمنكهات والتوابل، مكوناً رئيساً من مكوناتها، في حين كان طعام الفقراء وعامة الناس في بغداد، بسيطاً يعتمد على الحبوب بالدرجة الأساس؛ كالباقلاء، وعلى لحوم البقر الغليظة التي لا يرغبها الأغنياء، كونها تؤدي إلى خلق مشاكل في الهضم، فضلاً عن الشلجم والأرز والماش والعدس وبطون الماشية وأمعائها والكوارع والرؤوس، في حال توفرها([80]).

وتقدم أنواع الأشـربة في مجالس الخلفاء والأمراء من قبل الموظف المختص بذلـك، ويسمى الشرابي، حيث يقدم الأشـربة المعمولة من السكر والفواكه، بأواني الصيني الفاخرة، أو المصنوعة من اللازورد، وغيرها من الآنية الغالية([81]). وكانت موائد بغداد تتزين بأنواع، منها الحلواء بنوعيها الرطب واليابسة([82])، كذلك الفستقية، التي تعمل من خلال طرح الفستق على محلول السكر المغلي والمخلوط بالعسل وبعض المنكهات الأخرى([83])، إضافة إلى حلوى الصابونية من السكر واللوز والعسل والمنكهات الأخرى، وحلوى المكشوفة المصنوعة من اللوز والفستق والسكر وبعض المنكهات الأخرى([84])، والفالوذج الذي يتكون من السكر والماء واللوز؛ المدقوق دقاً ناعماً، والمعجون عجناً قوياً، ثم يصف في صحن أو طبق، بعد أن يعمل منه أوساط ويستعمل([85]). وقد وصل مطبخ دار الخلافة، في شهر واحد، 900 رطل من الفستق والبندق، و 300 و 30 قطعة صور سكر غزال([86]). ولم ينس هؤلاء أن يزينوا موائدهم بالمكسـرات والمأكولات الخفيفة؛ كالقند واللوز وحب الرمان([87])، فضلاً عن الفطائر ولقم القاضي والرطب المعسل([88])، وأنواع المحليات والأطايـب من المأكولات التي كانت متوفرة تحت أيديهم.

كل هذا العز والترف والفخفخة الكاذبة والأبهة والتكبر انتهى خلال أيام معدودة، حيث سلط عليهم هولاكو سيفه، وتم ضـرب عنق معظم هؤلاء الأمراء والأعيان والوزراء والقضاة والقادة في يوم واحد أمام خيمة هولاكو على أسوار بغداد، بعد تجمعيهم خلال استسلام العباسيين. أما البقية، فذبحوا بعد ساعات أثناء دخول المقاتلين الغزاة داخل بغداد، وأحرقت بيوتهم، وسبيت بناتهم وأولادهم وجواريهم والخدم، وباتـت جنانهم التي كانوا يرتعون فيها، خلال يوم وليلة، رماداً يحكي قصة قوم لم يقدروا نعمة الله، فطغوا وأسـرفوا، فكانت العاقبة التي لا تحيد، وفق سنن الله؛ وهي الهلاك: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ  وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (هود. الآية 116.

 

قائمة المصادر والمراجع

1. ابن تغري بردي، جمال الدين أبي المحاسن يوسف، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، دار الكتب، القاهرة، ج6.

2. ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، تحقيق ومراجعة: محمد عبد القادر عطا وآخرون، ط2، ج7، 1415ه-1995م.

3. ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، مقدمة ابن خلدون، تحقيق: سعيد محمود عقيل، دار الجيل، بيروت، ط1، 2005م-1426ه.

4. ابن خلدون، عبد الرحمن، تاريخ ابن خلدون، ضبط ومراجعة: خليل شحادة، دار الفكر، بيروتـ لبنان، ج3، 1421ه-2000م.

5. الأربلي، عبد الرحمن سنبط قنيتو، خلاصة الذهب المسبوك مختصر من سير الملوك، مكتبة المثنى، بغداد، 1964م.

6. الأزدي، محمد بن أحمد أبي المطهر، حكاية أبي القاسم البغدادي، مكتبة المثنى، بغداد، 1967م.

7. ابن الساعي، تاج الدين أبي طالب علي، تاريخ ابن الساعي، تح: محمد عبد الله القدحات، دار الفاروق، عمان، الأردن، ط1، 1431ه-2010م.

8. الأصفهاني، أبي فرج علي بن الحسين، كتاب الأغاني، تحقيق: إحسان عباس وآخرون، دار صادر، بيروت، ط2، م9، 1423ه-2002م.

9. ابن الطقطقا، محمد بن علي بن طباطبا، الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، دار صادر، بيروت.

10. ابن الفوطي، كمال الدين أبي الفضل عبد الرزاق، الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة، تحقيق: مهدي النجم، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2002م.

11. ابن الفوطي، كمال الدين أبو الفضل عبد الرزاق، مجمع الآداب في معجم الألقاب، تح: مصطفى جواد، دار الكتب الظاهرية، دمشق، ج4، ق1.

12. ابن كثير، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، مكتبة المعارف، بيروت، ج12، 1991م.

13.ابن النجار، محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود، د.ت، ذيل تاريخ بغداد، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، ج3.

14. ابن واصل، جمال الدين محمد بن سالم بن نصر، التاريخ الصالحي، تح: عمر عبد السلام تدمري، المكتبة العصرية، بيروت، لبنان، ط1، ج2، 1431ه-2010م.

15. الأيوبي، محمد بن تقي الدين عمر بن شاهنشاه، مضمار الحقائق وسر الخلائق، تحقيق: حسن حبشى، عالم الكتب، القاهرة.

16. أبي الفداء، عماد الدين إسماعيل، المختصر في أخبار البشر، المطبعة الحسينية المصرية، ط1، ج3.

17. البغدادي، أبي بكر أحمد بن علي الخطيب، تاريخ بغداد، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ج1، 1422ه، 2001م.

18. البغدادي، أبو بكر احمد بن علي بن ثابت، البخلاء، اعتنى به: بسام عبد الوهاب الجابي، دار ابن حزم، بيروت، لبنان، ط1، ج3، 1421ه-2000م.

19. التطيلي، بنيامين بن يونة، رحلة بنيامين التطيلي، عرَبها (عزرا حداد)، دراسة وتقديم (عبدالرحمن عبدالله الشيخ)، المجمع الثقافي، أبوظبي، الإمارات، 2002م.

20. التنوخي، أبو علي المحسن بن علي، نشوار المحاضـرة وأخبار المذاكرة، تحقيق: عبود الشالجي، دار صادر، بيروت، ج2، ط2، 1995م.

21. الحموي، شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت، معجم البلدان، دار صادر، بيروت، م1، 1977م.

22. الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد، دول الإسلام، تح: حسن إسماعيل مروة، دار صادر، بيروت، لبنان، ط1، ج2، 1999م.

23. الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام، تح: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1417ه-1996م.

24. الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: عبد الفتاح الحلو، مطبعة حكومة الكويت، الكويت، 1401ه-1986م، باب الفاء، ج23.

25. الشابشتي، أبو الحسن علي بن محمد، الديارات، تح: كوركيس عواد، مطبعة المعارف، بغداد، ط2، 1386ه-1966م.

26. الصابىء، أبو الحسين هلال بن المحسن، رسوم دار الخلافة، تح: ميخائيل عواد، دار الرائد العربي، بيروت، لبنان، ط2، 1406ه-1986م.

27. الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، مصر، ط2، ج7، 1975م.

28. الغساني، إسماعيل بن العباس، 1975، العسجد المسبوك والجوهر المحكوك في طبقات الخلفاء والملوك، تحقيق: (شاكر محمود عبد المنعم)، دار البيان، بغداد، 1975م.

29. القدحات، محمد عبد الله أحمد، الحياة الاجتماعية في بغداد في العصـر العباسي الأخير، دار البشير، عمان، 2005م.

30. القلقشندي، أبو العباس أحمد، صبح الأعشى، المطبعة الاميرية، القاهرة، ج2، 1918م.

31. الكاتب البغدادي، محمد بن الحسن بن محمد، كتاب الطبيخ، مطبعة أم الربيعين، الموصل، 1353ه-1934م.

32. الكارزوني، ظهير الدين، مقامة في قواعد بغداد في الدولة العباسية، تح: كوركيس عواد وميخائيل عواد، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1962م.

33. مسكويه، أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب، تجارب الأمم وتعاقب الهمم، تح: سيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، ج5، 1424ه-2002م.



(1) ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، مقدمة ابن خلدون، مصدر سابق، ص156.[1]

(2) الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: عبد الفتاح الحلو، مطبعة حكومة الكويت، الكويت، 1401ه-1986م، باب الفاء، ج23، ص53.[2]

(3) سورة الإسراء، الآية 16.[3]

(4) ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، تاريخ ابن خلدون، مصدر سابق، ج3، ص247.[4]

(5) البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، تاريخ مدينة السلام، مصدر سابق، م1، ص378.[5]

(6) البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت،1421ه-2000م، البخلاء، اعتنى به: بسام عبد الوهاب الجابي، دار ابن حزم، بيروت، لبنان، ط1، ج3، ص107.[6]

(7) أبو محمد موسى بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور، بويع له بالخلافة 169ه، وكانت مدة خلافته سنة وشهراً واحداً، عرف بالجود، ودفن بقصـره الذي بناه بعيساباذ، وكان عمره يوم وفاته ثلاثاً وعشرين سنة. ابن الكازروني، مختصر التاريخ، ص123.  [7]

(8) الأربلي، عبد الرحمن سنبط، خلاصة الذهب المسبوك، مصدر سابق، ص106.[8]

(9) هارون بن أبي عبد الله محمد المهدي بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، ولد بالري سنة 150ه، وبويع له بالخلافة سنة 170ه، توفي سنة 193ه في طوس، ودفن هناك. ابن الكازروني، مختصر التاريخ، ص127.[9]

(10) الأصفهاني، علي بن الحسين، كتاب الأغاني، م5، ص109.[10]

(11) البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، تاريخ مدينة السلام، مصدر سابق، ج1، ص415.[11]

(12)الشابشتي، أبو الحسن علي بن محمد، 1386ه-1966م، الديارات، تح: كوركيس عواد، مطبعة المعارف، بغداد، ط2، ص283.[12]

(13) الكارزوني، ظهير الدين، 1962م، مقامة في قواعد بغداد في الدولة العباسية، تح: كوركيس عواد وميخائيل عواد، مطبعة الإرشاد، بغداد، ص17.[13]

(14) البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، تاريخ مدينة السلام، م1، مصدر سابق، ص415.[14]

(15)الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، مصدر سابق، ج، ص212.[15]

(16) الشابشتي، أبو الحسن علي بن محمد، الديارات، مصدر سابق، ص364. [16]

(17) أبو العباس أحمد بن أبي أحمد طلحة الموفق بن جعفر المتوكل، بويع له بالخلافة سنة 279ه وعمره سبع وثلاثون سنة، وهو أول من سكن القصر الحسني من الخلفاء على شاطئ دجلة، رممته زوجته بأجمل الفرش، وملأت خزائنه، ورتبت فيه الجواري والخدم، فلما فرغت انتقلت، وراسلته بالانتقال، فانتقل واستحسنه ووسع الدار وعمل عليها سوراً. الكازروني، مختصر التاريخ، ص164.[17]

(18) ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد، المنتظم، مصدر سابق، ج12، ص336.[18]

(19) المكتفي بالله هو أبو محمد علي بن أحمد المعتضد، بويع له بالخلافة سنة 289ه بعد وفاة والده المعتضد، وهو إذ ذاك في (الرقة) وعمره خمس وعشرون سنة، هدم المطامير التي بناها والده في القصر الحسني، وحوله إلى جامع يصلي فيه الناس، فصار الناس يأتون إليه يوم الجمعة فلا يمنعون من الدخول ويقعدون فيه إلى آخر النهار. فتحت في أيامه انطاكيا عنوة، وانتزعها من الروم. توفي سنة 295ه، وكانت مدة خلافته ست سنين وستة أشهر وعشرين يوماً. الأربلي، خلاصة الذهب المسبوك، ص237-238.[19]

(20) البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، تاريخ مدينة السلام، م1، مصدر سابق، م1، ص416.[20]

(21)المقتدر بالله وهو أبو الفضل جعفر بن أحمد المعتضد، بويع له بالخلافة سنة 295ه، يوم مات أخوه المكتفي، وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ولم يلي الخلافة قبله من هو أصغر سناً منه. وخلع مرتين ثم أعيد. قتل سنة 320ه وقد خرج لقتال مؤنس، وهو على فرسه، ودفن هناك، وأخفي قبره. الأربلي، خلاصة الذهب المسبوك، ص239.[21]

(22) البغدادي، المصدر نفسه، م1، ص417-418.[22]

(23) البغدادي، المصدر نفسه، م1، ص420.[23]

(24)  الراضي بالله العباسي: هو أبو العباس محمد بن جعفر المقتدر بن المعتضد، بويع له بالخلافة سنة 322ه وعمره يومئذ أربع وعشرون سنة وسبعة أشهر. كان جواداً، أديباً، وهو آخر خليفة قال الشعر المدون. توفي سنة 329ه، ودفن بالرصافة، فكانت خلافته ست سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام. ابن الكازروني، مختصر التاريخ، ص180.[24]

(25)  التنوخي، أبو علي المحسن بن علي، نشوار المحاضرة، مصدر سابق، ج1،ص298.[25]

(26)  المطيع لله أبو القاسم الفضل بن جعفر المقتدر، بويع له بالخلافة سنة 334ه، وعمره يومئذ ثلاث وثلاثون سنة، وأصابته علة منعته من الحركة، فخلع نفسه غير مكره سنة 363ه، وولي ابنه الأكبر الطائع لله الخلافة بعده. توفي المطيع سنة 364ه وعمره ثلاث وستين سنة، ودفن بالرصافة، في تربة عملها لنفسه. ابن الكازروني، مختصر التاريخ، ص189.[26]

(27)  الحموي، شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت، معجم البلدان، مصدر سابق، م2، ص422-423.[27]

(28)  مسكويه، أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب، 1424ه-2002م، تجارب الأمم وتعاقب الهمم، تح: سيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، ج5، ص329. [28]

(29)  الحموي، شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت، معجم البلدان، مصدر سابق، م2، ص251. [29]

(30)  التطيلي، بنيامين، رحلة بنيامين، مصدر سابق، ص293.[30]

(31)  الأيوبي، محمد بن تقي الدين عمر، مضمار الحقائق وسر الخلائق، مصدر سابق، ص179.[31]

(32)  الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد، 1999م، دول الإسلام، تح: حسن إسماعيل مروة، دار صادر، بيروت، لبنان، ط1، ج2، ص319.[32]

(33)  ابن الطقطقا، محمد بن علي، الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، مصدر سابق، ص322.[33]

(34) الغساني، الأشرف، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص594.[34]

(35) ابن الفوطي، الحوادث الجامعة، مصدر سابق، ص207. الغساني، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص594.[35]

(36)  ابن واصل، جمال الدين محمد بن سالم بن نصر، 1431ه-2010م، التاريخ الصالحي، تح: عمر عبد السلام تدمري، المكتبة العصرية، بيروت، لبنان، ط1، ج2،ص290. [36]

(37)  ابن كثير، عماد الدين أبي الفداء إسماعيل، البداية والنهاية، مصدر سابق، ج13، ص159.[37]

(38)  أبي الفداء، عماد الدين إسماعيل، د.ت، المختصر في اخبار البشر، المطبعة الحسينية المصرية، ط1، ج3، ص171.[38]

(39)  التطيلي، بنيامين، رحلة بنيامين، مصدر سابق، ص296.[39]

(40)  ابن الكازروني، ظهير الدين، مقامة في قواعد بغداد، ص26.[40]

(41)  ابن النجار، محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود، ذيل تاريخ بغداد، مصدر سابق، ج2، ص5.[41]

(42)  ابن الكازروني، نفس المصدر، ص26.[42]

(43)  التطيلي، بنيامين، رحلة بنيامين، مصدر سابق، 295.[43]

(44)  ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، مصدر سابق، ص265.[44]

(45)  الغساني، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص491.[45]

(46)  المصدر نفسه، ص543.[46]

(47)  الصابىء، أبو الحسين هلال بن المحسن، 1406ه-1986م، رسوم دار الخلافة، تح: ميخائيل عواد، دار الرائد العربي، بيروت، لبنان، ط2، ص10.[47]

(48) الأيوبي، محمد تقي الدين عمر، مضمار الحقائق وسر الخلائق، ص188.[48]

(49) ابن الكازروني، ظهير الدين، مقامة في قواعد بغداد، مصدر سابق، ص27.[49]

(50) الأيوبي، محمد تقي الدين عمر، مضمار الحقائق وسر الخلائق، ص188.[50]

(51) الكازروني، ظهير الدين، مقامة في قواعد الدولة العباسية، مصدر سابق، ص26.[51]

(52)  القدحات، محمد عبد الله أحمد، الحياة الاجتماعية في بغداد، مرجع سابق، ص77.[52]

(53) الغساني، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص491.[53]

(54)  مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير، مقدم جيوش العراق، زوج بنت بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل. كان شجاعاً، وله رغبة في الكيمياء، له دار فيه عدة رجال يعملون في هذه الصناعة. قتل على يد المغول أيام غزو بغداد سنة 656ه. الذهبي، تاريخ الإسلام، وفيات عام 656ه، ص281.[54]

(55) ابن الفوطي، كمال الدين أبو الفضل عبد الرزاق، الحوادث الجامعة والتجارب النافعة، مصدر سابق، ص71.[55]

(56)  الأيوبي، مضمار الحقائق وسر الخلائق، نفس المصدر، ص75.[56]

(57) الغساني، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص430.[57]

(58)  الغساني،  العسجد المسبوك، المصدر السابق، ص544.[58]

(59)  ابن الساعي، تاج الدين أبي طالب علي، تاريخ ابن الساعي، مصدر سابق، ص350. [59]

(60)  علاء الدين أبو شجاع الطبرسي بن عبد الله التركي الظاهري الأمير، اشتراه الإمام الظاهر بأمر الله، وحصل له القرب والاختصاص، ولما بويع للمستنصر بالله قرّبه واجتباه وجعله برسم حمل الدواة وأمره، في المحرم سنة 625ه. ورغب فيه بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل أن يكون صهره، فأذن له في ذلك، وأقطع قوسان، وتأثلت حاله، وكثر ماله. (ابن الفوطي، مجمع الآداب في معجم الألقاب، ص999).

(61)  ابن الفوطي، كمال الدين أبو الفضل عبد الرزاق، الحوادث الجامعة، مصدر سابق، ص77.[61]

(62)  المصدر نفسه، ص86.[62]

(93)  الغساني، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص633.[63]

(64)   ابن الفوطي، الحوادث الجامعة، المصدر نفسه، ص77.[64]

(65)   الغساني، العسجد المسبوك، ص544.[65]

(66)  مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير، مقدم جيوش العراق، زوج بنت بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل. تقدمت ترجمته. الذهبي، تاريخ الإسلام، وفيات عام 656ه، ص281.[66]  

(67)  الغساني، نفس المصدر، ص527.[67]

(68)   ابن الفوطي، كمال الدين أبو الفضل عبد الرزاق، مجمع الآداب في معجم الألقاب، مصدر سابق، م3، ص384. [68]

(69)  كان عز الدين قراجة من الأمراء الذي تقربوا من المستنصر، واستدعي إلى دار الوزير، وخلع عليه، وتولى الشحنة بدجيل. وكان جميل السيرة. توفي سنة 745ه. ابن الفوطي، مجمع الآداب ومعجم الألقاب، م1، ص280.[69]

(70)   ابن الفوطي، كمال الدين أبي الفضل عبد الرزاق، الحوادث الجامعة والتجارب النافعة، مصدر سابق، ص196.[70]

(71)   الغساني، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص581.[71]

(72)   الأيوبي، محمد بن تقي الدين عمر، مضمار الحقائق وسر الخلائق، مصدر سابق، ص124.[72]

(73)   الأيوبي، المصدر نفسه، ص124.[73]

(74)   القدحات، محمد عبد الله أحمد، الحياة الاجتماعية في بغداد في العصر العباسي الأخير، مرجع سابق، ص68.[74]

(75)   ابن الساعي، تاج الدين أبي طالب علي، تاريخ ابن الساعي، مصدر سابق، ص350. [75]

(76)  الصابئ، أبي الحسين هلال بن المحسن، رسوم دار الخلافة، مصدر سابق، ص22. [76]

(77)   المصدر نفسه، ص23.[77]

(78)   الأزدي، محمد بن أحمد، حكاية أبي القاسم البغدادي، مصدر سابق، ص41.[78]

(79)   الكاتب البغدادي، محمد بن الحسن بن محمد، 1353ه-1934م، كتاب الطبيخ، مطبعة أم الربيعين، الموصل، ص13.[79]

(80)   الأزدي، محمد بن أحمد، حكاية أبي القاسم البغدادي، مصدر سابق، ص44.[80]

(81)   القلقشندي، أبي العباس أحمد، صبح الأعشى، مصدر سابق، ج4، ص10.[81]

(82) ابن الساعي، تاج الدين أبي طالب علي، تاريخ ابن الساعي، مصدر سابق، ص250.[82]

(83)   الكاتب البغدادي، محمد بن الحسن بن محمد، كتاب الطبيخ، مصدر سابق، ص75.[83]

(84)   المصدر نفسه، ص76.[84]

(85)   المصدر نفسه، ص76.[85]

(86)   ابن الساعي، تاج الدين أبي طالب علي، تاريخ ابن الساعي، مصدر سابق، ص251.[86]

(87)   المصدر نفسه، ص251.[87]

(88)   الكاتب البغدادي، محمد بن الحسن بن محمد، كتاب الطبيخ، مصدر سابق، ص80. [88]

هناك تعليق واحد:

  1. هذا الكلام فيه كثير من المبالغة... فمثلا الخليفة هارون الرشيد كان من الخلفاء الأتقياء الصالحين.

    ردحذف