03‏/10‏/2022

الطاعات وأثرها في الصلح والإصلاح


د. دحام إبراهيم الهسنياني

أولاً: الصلاة وتأثيرها في الإصلاح

أبرز السمات الأخلاقية للمجتمع المسلم ذلك الارتباط الوثيق بين العبادة والأخلاق، إذ إن العبادة تزكي نفس صاحبها، وتوجه سلوكه توجيهاً شفافاً متورعاً عن الحرمات، وتهذب أخلاقه وتقومها باستمرار.

لذلك للطاعات أثر بالغ في التقليل من النزاعات والخصومات بين الناس، وذلك لأن الغاية من الطاعات تقوية الجانب الإيماني في الإنسان حتى يقرب به من الخير، ويبعد عن الشـر، وعلى ذلك فالطاعة، والتذكير بها، والتركيز عليها، من لوازم الإصلاح بين الناس.

إن للصلاة تأثيراً كبيراً في تثبيت القيم الأخلاقية، فهي التي تجعل المؤمن وقّافاً عند حدود الله، وتعدّه إعداداً أخلاقياً راقياً، إذ يحرص دائماً على الطهارة والنظافة طوال اليوم والليلة، كما تعوده ضبط الوقت، وعدم تأخير واجباته عن موعدها، كما أنها تعلمه السكينة والوقار والاحترام، ومراعاة نفوس الآخرين ومشاعرهم.

وللصلاة تأثير كبير في صـرف النفس عن الأخلاق الرذيلة، كما قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ([89])}. يقول ابن كثير: "إن الصلاة تشتمل على شيئين: على ترك الفواحش والمنكرات، والمراد أن المواظبة تحمل على ترك ذلك... قال أبو العالية: إن الصلاة فيها ثلاث خصال، فكل صلاة لا يكون فيها شيء من هذه الخلال فليست بصلاة: الإخلاص والخشية وذكر الله، فالإخلاص يأمره بالمعروف، والخشية تنهاه عن المنكر، وذكر الله يأمره وينهاه"([90]).

الصلاة تربّي الإنسان خلقياً وعقلياً، فهي تربط الإنسان بالله تعالى، كما أنها تقوي إرادة الإنسان، وتعوّده على ضبط النفس والمثابرة، وكان من دعاء الرسول – صلى الله عليه وسلم - في افتتاح الصلاة: (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصـرف عني سوء الأخلاق، لا يصـرف سيّئها إلا أنت).

فالصلاة التي نصليها في اليوم خمس مرات، إنما هي صلة بالرب ومناجاة للخالق، والنفس في هذه اللحظة القدسية تستشعر العظمة الإلهية، فتتطهر من صنوف الرذائل، وشتى الشوائب.

- أول ما نلاحظ اقتران الصلاة بلفظ {أَقِيمُوا}: للإشعار بأدائها بإخلاص لله وحده، مع صدق التوجه إليه سبحانه، والخشوع لعظمته وجلاله، والاستكانة لعز سلطانه، ورعاية ما اقترنت به من أخلاق عليا ومبادئ مثلى، حتى ترتقي بها إلى القبول.

- اقتران الصلاة بالقول الحسن. قال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ}([91]). فينبغي أن يكون المصلي متعاهدًا نفسه لتربيتها على القول الحسن. وليس القول الحسن خاصًا بالمؤمنين فقط، بل لجميع الخلق؛ مؤمنهم وكافرهم، فهو على العموم، وذلك أنّ كلام الناس مع الناس في الأمور الدينية إن كان بالدعوة إلى الإيمان، وجب أن يكون بالرفق واللين، كما قال الله لموسى – عليه السلام -: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا}([92])، وقال لنبينا محمد – صلى الله عليه وسلم –: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}([93]).

ـ الصلاة مقترنة بالإعراض عن اللغو، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}([94]). الصلاة حين تقام، تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهي اتصال بالله تعالى، يخجل صاحبه ويستحيي أن يصطحب معه كبائر الذنوب وفواحشها ليلقى الله بها. وهي تطهّرٌ وتجرّد لا يتسق معها دنس الفحشاء والمنكر وثقلتهما: (من صلى صلاة لم تنهه عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد بها من الله إلا بعداً)([95])، ومثل هذا لم يقم الصلاة كما هي، وإنما أداها أداء ولم يقمها.. وفرق كبير بينهما.. فهي حين تقام ذكر لله {ولذكر الله أكبر}، أكبر إطلاقاً، أكبر من كل اندفاع، ومن كل تعبد وخشوع([96]).

والآية الكريمة تنهانا عن الجلوس في مجالس اللغو والنميمة، أو الخوض في هذه الأحاديث، وتأمرنا بأن نستبدلها بمجالس تحضُّ على العمل البنَّاء الخيِّر المثمر، وتهدف المسامرة فيها إلى ما فيه خير الأمَّة وصلاحها، وتبيِّن لنا ما يليق بالمؤمن من أحاديث تهدي إلى البرِّ والتَّقوى؛ وأهمُّها ذكر الله، وقراءة القرآن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومناقشة السُّبُل لتحسين أحوال المسلمين في المجالات كافَّة. لذا، كانت المحاور الأساسية الَّتي ينبغي أن يدور حولها حوار المجالس ثلاثة: أوَّلها الترغيب بالصدقة، والحثُّ على الإنفاق، ودراسة شؤون الفقراء والمحتاجين الَّذين لا يجدون ضـروريات الحياة، ووضع منهج منظَّم لجمع ما يفيض عن حاجاتنا، واستثماره في خدمتهم، من خلال عمل بنَّاء، يوظِّف الأيدي العاملة، ويعود بالنفع على الجميع.

وثانيها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا خير في مجتمع يعيش أفراده حسب أهوائهم دون رادع أو وازع، ولا بدَّ من وجود عين يقظة ترصد الخطأ، وضمير حيٍّ يقوِّم الاعوجاج ويصلح الخلل بلطف ورويَّة.

أمَّا ثالثها: فهو القيام بالعمل المجدي الخلاَّق، الَّذي نزلت به الشـرائع السماوية في بعض ما نزلت من أجله، وهو نشـر المحبَّة والسَّلام بين الناس جميعاً، لتسود المجتمع رابطة الأُخوَّة الَّتي تحقق التماسك والقوَّة. إن نشـر المحبَّة بين الناس يعني فيما يعنيه الإصلاح بين المتخاصمين، فالخصومات والشحناء تنتشـر في كلِّ المجتمعات؛ صغيرها وكبيرها، ففي الأسـرة الواحدة خلافات وخصومات، وفي الحيِّ الواحد والبلد الواحد أيضاً، وكذلك بين الدول، ممَّا يؤدِّي إلى الفشل وتردِّي الأخلاق وتدهور المجتمعات.

فالمؤمن لا يدَّخر جهداً لرأب الصدع بين المتخاصمين، وتحويل ما بينهم من النزاع والعداوة إلى محبَّة وسلام، باذلاً في سبيل ذلك جهده ووقته وماله، إذا اقتضـى الأمر، لعلَّ المحبَّة تنتشر بين الأفراد، ثمَّ تشمل الشعوب والدول، فتتحوَّل هذه الأرض إلى كوكب تغمره الطمأنينة والسعادة([97]).

وفي الصلاة قوة خلقية، ومدد لضمير المؤمن، يقويه على فعل الخير، وترك الشـر، ومجانبة المنكرات، ومقاومة الجزع عند الشـر، والمنع عند الخير، فهي تغرس في القلب مراقبة الله تعالى، ورعاية حدوده، والحرص على المواقيت، والدقة في المواعيد، والتغلب على نوازع الكسل والهوى، وجوانب الضعف الإنساني([98]).

وتؤثر الصلاة تأثيرًا إيجابيًا فتجعل صاحبها يعي ما يتكلم به، بحيث يكون عقله قبل لسانه، فلا يلغو ولا يفحش، وإذا سمعه يعرض عنه: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}([99])، وعن معنى اللغو يقول ابن منظور: اللغو واللغا: السقط، وما لا يعتد به من كلام وغيره، ولا يحصل منه فائدة ولا نفع، لقلته أو لخروجه على غير جهة الاعتماد من فاعله([100]).

وقال الراغب: هو ما لا يعتد به، وهو الذي يرد لا عن روية وفكر، فيجري مجرى اللغا ـ وهو صوت العصافير ـ، وقد يسمى كل كلام قبيح لغوًا([101]).

وفي التعبير بـ (معرضون) يفيد أنهم على هذه الأخلاق في عامة أوقاتهم - أي: تربوا على ذلك - ، كما ينبئ عنه الاسم الدال على الاستمرار، فيدخل في ذلك إعراضهم عنه حال اشتغالهم بالصلاة دخولاً أولياً، وإقامة الإعراض مقام الترك؛ ليدل على تباعدهم عنه رأساً؛ مباشرة، وتسبباً، وميلاً، وحضوراً([102]).

ـ الصلاة مقترنة بتطهير النفس من براثن الفواحش والمنكر، قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر}([103]). ومن التطبيق العملي لهذه الآية، ما رواه أنس بن مالك قال: كان فتى من الأنصار يصلي مع النبي – صلى الله عليه وسلم - ولا يدع شيئاً من الفواحش والسـرقة إلاّ ركبه، فذكر للنبي، فقال عليه الصلاة والسلام: (إنّ الصلاة ستنهاه) فلم يلبث أن تاب، وصلحت حاله، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: (ألم أقل لكم) ([104]).

وأصل الفاحش: "السيئ الخلق. والفحش: كل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي. وقيل: كل ما نهى الله عنه. وقيل: كل خصلة قبيحة من الأقوال والأفعال" ([105]).

وكفى بصاحبه منزلة، أن قال ابن حجر الهيتمي: "إنّ ملازمة الشـر والفحش من الكبائر"([106])، مستدلاً بقوله – صلى الله عليه وسلم -: (إنّ شـر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس ـ أو ودعه الناس ـ اتقاء فحشه) ([107]).

فالصلاة باب مفتوح لمن عزم على اجتناب الفحشاء، وطريق ذلك: أن يحضـر قلبه، ويفرغه عمّا سوى ربّه، ويقبل بفهمه لما يتلو، وكم من معان لطيفة يدركها المصلي أثناء صلاته تمنعه من الفحشاء والمنكر. ثم العزيمة والمجاهدة لحسن الخُلق؛ عملاً وسلوكًا. والمسلم الذي يصلي راكعاً ساجداً لربه - جل وعلا - يأبى كل الإباء أن تنحني هذه الجباه إلا لله، فهو عزيز النفس، لا يخشـى في الله لومة لائم، لا تستذله الأموال، ولا يعطي الدنية في دينه، ولا يرضى سوى العزة والكرامة لدينه.

وهكذا، تبيّن أن عبادة الصلاة تعوّد المؤمن كل القيم الأخلاقية؛ من الصبر والدأب والإخلاص والنظام، حتى تصبح جميعاً خلقاً راسخاً في النفس؛ فالمسلم النائم حين يقوم من لذة النوم على نداء المؤذن (الصلاة خير من النوم)، وكذلك حين ينسحب من ضجيج الأسواق والبيع والشـراء ملبياً لنداء (حي على الصلاة)، ثم لا يزال دأبه هكذا عبر الساعات والأيام والأعوام، فهذا وأمثاله لا بد أن تتربى فيهم هذه المعاني الخلقية العالية. وهكذا، كما أن الصلاة عماد الدين، فإنها تثبت في نفس المؤمن عماد القيم الأخلاقية.

لا يفسد هذا الحال إلا جندي من جنود إبليس، فهو الذي تسـره الفوضى، ويسوؤه النظام: (الذي يركع ويسجد قبل الإمام، إنما ناصيته بيد شيطان([108]))([109]).

وهذه الصلاة اليومية المتكررة خمس مرات كل يوم وليلة، أقامها الله تعالى على النظام والتحديد، ولم يدعها مبهمة غامضة متروكة لهوى المرء، الذي قد يضل وقد ينسـى، فقال الله – جل وعلا –: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}([110])، أي فرضاً ثابتاً ثبوت الكتابة في اللوح! وموقوتاً أي منجماً في أوقات معلومة محدودة، لا بد من أدائها فيها قدر الإمكان. والله يطالب بها حتى في مواطن عدم الاستقرار، فهو يقبل الصلاة مقصورة في السفر، ومقسومة في حال الحرب، وغير كاملة الهيئات والحركات في المرض المانع من الإتيان بكل حركاتها؛ فذلك الأداء المحدود في الموعد المحدد، خير من تأخيرها عن ميقاتها لتأديتها كاملة فيما بعد؛ وهذا تنظيم بليغ، وربط حكيم بين الوقت والعمل المخصص له.

ونظراً لما للصلاة من أهمية وتأثير في القلب والبدن والحياة، فقد هيأ الله لها بتشـريعه الحكيم جواً من الإجلال والتعظيم، ومن الخشوع والرقة، ومن الجد والرزانة، ومن الوقار والسكينة، ومن التعاون والاجتماع، ما لا يوجد له نظير لعبادة أو نسك في دين آخر. فمن ذلك الأذان والإقامة والطهارة والقبلة والوقت والجماعة ومتابعة الإمام والمساواة... إلخ.

روي عن حاتم الأصم وقد سئل: كيف تقيم صلاتك؟ فقال: أتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم آتي موضع الصلاة بسكينة ووقار، فأكبر تكبيراً بتوقير، وأقرأ قراءةً بترتيل، وأركع ركوعاً بتخشع، وأسجد سجوداً بتذلل، وأتمثل الجنة عن يميني، والنار عن شمالي، والصـراط تحت قدمي، والكعبة بين حاجبي، وملك الموت على رأسي، وذنوبي محيطة بي، وعين الله ناظرة إليَّ، واعتبرها آخر صلاة لي، وأتبعها الإخلاص ما استطعت، ثم أسلّم وأنا لا أدري أيقبلها الله مني، أم يردها عليّ([111]).

ومما لا شك فيه أن أداء الصلاة بهذه الصورة يجعل من مؤديها ملاكاً على الأرض يمشـي بين الناس بالخير، ويفيض الخير من بين يديه.

وعن بعض مظاهر النظام في الصلاة تحدث بعض العلماء، فمن ذلك قول السيد أبو الحسن الندوي: "وفي الجماعة حكم دقيقة، ومصالح عظيمة للمسلمين؛ منها ما هي اجتماعية وخلقية؛ كالوحدة والاجتماع والتعاون والتعارف، وقد بحث عنها علماء المسلمين وحملة الأقلام وأفاضوا فيها، ومنها ما هي أدق، ولم يفطن لها كثير من الباحثين والكتاب العصـريين، منها:

 أن لاجتماع المسلمين، راغبين في الله تعالى، راجين، راهبين، مسلمين وجوههم إليه، خاصية عجيبة في نزول البركات وتدلي الرحمة، وهذا هو السر في دعاء الاستسقاء، وفي جمع الحج. ومنها التشجيع على العبادة، والمحافظة على الصلوات، والتنافس في إحسانها، وإتقانها، والإكثار منها، وإصلاح ما قد يطرأ عليها من فساد أو خلل.. ومنها أن إخلاص بعض المخلصين، وإخباته، وخشوعه، يؤثر في الجماعة كلها، ويوقظ النفوس الخامدة، ويحرك الهمم الفاترة، وقد يكون سبباً في قبول عبادة الجميع"([112]).

لذلك حثت السنة النبوية على صلاة الجماعة، وبينت عظم الأجر فيها، فكان الهدف من هذا الاجتماع على طاعة الله تعالى، تحصيل منفعة التعارف والتآلف، وإنهاء النزاع، وإزالة الخلاف فيما بينهم.

عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (صَلاَةُ الرَّجُلِ في الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاَتِهِ في بَيْتِهِ وَفِى سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلاَّ رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَيْهِ مَا دَامَ في مُصَلاَّهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. وَلاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ في صَلاَةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ)([113]).

قال ابن حجر: "وفي المحافظة على صلاة الجماعة انتظام الألفة بين الناس، وذلك لاجتماعهم على طاعة الله. ثم قال: وفيه نظام الألفة بين الجيران، وحصول تعاهدهم في أوقات الصلاة"([114]).

وهناك حقائقُ ومعانٍ تتحقّق للفرد والجماعة والأمّة في إقامة هذه الشعيرة العظيمة، والمحافظة عليها، هي أسباب رئيسة فيما ذُكر في الحديث من المضاعفة والدرجات:

1.             تحقيق اجتماع كلمة المسلمين، وتآلفهم وتآخيهم، وتعاونهم على البرّ والتقوى. وفي صلاة الجماعة دعم لعاطفة الأخوة، وتقوية لروابط المحبة، وإظهار للقوة، فبالاجتماع تذهب الضغائن، وتزول الأحقاد، وتتآلف القلوب، وتتحد الكلمة.

2.             تثبيت قلوب المؤمنين، وتقوية ضعفائهم، واستبشارهم باجتماع كلمتهم، وقيام كيان لهم، وبخاصّة في البلاد التي يكونون فيها أقلّية مستضعفة.

3.             إظهار شوكة المسلمين أمام أعدائهم، وإرهاب عدوّ الله وعدوّهم.

4.             الدعوة العمليّة لغير المسلمين إلى الإسلام، عن طريق إظهار شعائر الدين، وإسماعهم آيات الله، ورؤيتهم عبادة المسلمين، وما تشتمل عليه من فضائل دينيّة وتربويّة واجتماعيّة متعدّدة.

5.             ذوبان الفوارق الاجتماعيّة، وتحقّق المساواة بين المسلمين، ومواساة الفقراء والمحتاجين، والتكافل الاجتماعيّ بين مختلف فئات الأمّة.

6.             التعارف بين المسلمين، وما يترتّب عليه من أداء حقّ المسلم على المسلم في الحيّ الواحد؛ من عيادة المريض، وإغاثة اللهفان، وتشييع الميّت، والتعزية به، والتهنئة بالأفراح، والمشاركة فيها.

7.             أنّ صلاةَ الجماعةِ في المسجد سبيل التلقّي عن أهل العلم الثقات، والتَّأسّي بهم في علمهم ودينهم، وإشاعة العلم بالصَّلاة وأحكامها بين فئات الأمّة، وتناقُل ذلك جيلاً بعْد جيل، ممّا يُبعد الصلاة عن التحريف أو الابتِداعِ، أو الخروج بهَا عَن هدي النبوَّة الثابت..

وفي الجماعة تربية على الطاعة والنظام، وما أحوج الأمم الناشئة – كالعرب في أيام الرسول – أن يتعلموا عملياً طاعة الأمر، والانقياد للنظام، والخضوع للقانون، واحترام الرؤساء، وهذا ما تصنعه صلاة الجماعة.

وهل رأيت نظاماً أكمل وأجمل من صفوف الجماعة وقد وقفت مستقيمة فلا عوج، متلاصقة فلا فرجة: المنكب إلى المنكب، والقدم إلى القدم، ينذرهم إمامهم بأن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج، ويعلمهم أن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة وتمامها، ويحدثهم عن نبيهم: أن سدّوا الفرج، وسووا الصفوف، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم.

فإذا كبّر الإمام كبّروا، وإذا قرأ أنصتوا، وإذا ركع ركعوا، وإذا سجد سجدوا، وإذا سلم سلموا.

من خرج على هذا النظام فكأنما خرج على الإنسانية. يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم –: (ألا يخشـى إذا ركع أحدكم أو سجد قبل الإمام، أن يمسخ الله رأسه رأس حمار([115] ) )([116]).

فالسنة النبوية حثت على استقامة الصفوف في صلاة الجماعة، وبيّنت أن عدم الاستقامة فيها يكون سبباً في إيقاع العداوة والبغضاء، واختلاف القلوب. فعن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يقول: (لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ)([117]). فظهر بهذا الحديث أن الجماعة في الصلاة، مظهر قوي للتطبيق العملي لمبادئ الإسلام الاجتماعية في النظام والتراص والاعتدال واستواء الصفوف، ووحدة الاتجاه، وهي مرآة تعكس المعاني والأفكار التي يتبناها المجتمع المسلم.

يقول الإمام النووي في شـرحه للحديث: (وَالْأَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَعْنَاهُ يُوقِعُ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ وَاخْتِلَافَ الْقُلُوبِ، كَمَا يُقَالُ: تَغَيَّرَ وَجْهُ فُلَانٍ عَلَيَّ، أَيْ: ظَهَرَ لِي مِنْ وَجْهِهِ كَرَاهَةٌ لِي، وَتَغَيَّرَ قَلْبُهُ عَلَيَّ، لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُمْ فِي الصُّفُوفِ مُخَالَفَةٌ فِي ظَوَاهِرِهِمْ، وَاخْتِلَافُ الظَّوَاهِرِ سَبَبٌ لِاخْتِلَافِ الْبَوَاطِنِ)([118]).

 

ثانياً: الزكاة وتأثيرها في الإصلاح

الزكاة تزكي المال وتنميه، وتطهر النفس وتبرئها من أسقامها وأدوائها، ولها آثار كثيرة في إصلاح أخلاق المسلم من جوانب عديدة، فهي من أهم الأسباب في تنقية النفس من أشد الأمراض وأسوأها وهو داء الشح والبخل والإمساك، وهذا الشح الذي يورث الإنسان غضب الله تعالى، وعداوة الخلق، تعالجه الزكاة والصدقات علاجاً جذرياً، لأنها تعوّده دوام البذل، حتى ولو كان مكرهاً، خائفاً من عذاب الله، فلا يزال العبد يجاهد نفسه حتى يسلس له قيادها، ويلين زمامها، فلا يمسك في مواطن البذل، ولا يحجم في مواضع الإقدام.

إنها تخرج الأضغان من قلوب البائسين، وحقدهم على الأغنياء المترفين، وتملأ قلوبهم بمحبتهم، وتمنعهم من الإساءة إليهم، وبذلك يسود الأمن، وبذلك تكون الألفة والإخاء.

والزكاة إذا عالجت داء الشح في نفس الغني المنفق، فهي تعالج داء الحقد والحسد في نفس الفقير الآخذ من هذه الأموال. ولو تكاثر هذا المرض؛ الحقد والحسد، في المجتمع المسلم – بل أي مجتمع – أفضـى إلى تدميره، ويعيش هذا الفقير يمتلئ صدره ناراً ساحقة، وهذا يودي به، ويزري أخلاقه، لكن إعطاءه والحنو عليه يخلق فيه روح الحب، وتدب فيه سلامة الصدر ونقاء القلب، ولا يلبث إذا أفاض الله عليه بخير، أن يبذل هو أيضاً من خاصته ما يحتاج إليه غيره، لأن إعطاءه يدفعه إلى الإحساس بغيره أكثر من إحساسه بخاصة نفسه. وهذا التعايش الآمن معناه أن غاية الإسلام ليست القضاء على الأغنياء، وإنما دائماً القضاء على الفقر([119]).

والإنسان إذا تطهر من الشح والبخل، واعتاد البذل والإنفاق، ارتقى من حضيض الشح الإنساني {وَكَانَ الإنسان قَتُورًا([120])واقترب من أفق الكمالات (الربانية)، فإن من صفات الحق تعالى إفاضة الخير والرحمة والجود والإحسان، دون نفع يعود عليه. والسعي في تحصيل هذه الصفات - بقدر الطاقة البشـرية - تخلّق بأخلاق الله، وذلك منتهى كمالات الإنسانية([121]).

قال الإمام الرازي: "إن النفس الناطقة - يعني تلك التي صار بها الإنسان إنساناً بها - قوتان: نظرية وعملية، فالقوة النظرية كمالها في التعظيم لأمر الله، والقوة العملية كمالها في الشفقة على خلق الله، فأوجب الله الزكاة، ليحصل لجوهر الروح هذا الكمال، وهو اتصافه بكونه محسناً إلى الخلق، ساعياً في إيصال الخيرات إليهم، رافعاً للآفات عنهم.."([122]).

وأما الشيخ محمد الغزالي، فيرى أن الزكاة المفروضة ليست ضـريبة تؤخذ من الجيوب، بل هي -أولاً- غرس لمشاعر الحنان والرأفة، وتوطيد لعلاقات التعاون والألفة بين شتى الطبقات... وقد نص القرآن على الغاية من إخراج الزكاة بقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا([123])}... فتنظيف النفس من أدران النقص، والتسامي بالمجتمع إلى مستوى أنبل، هو الحكمة الأولى... ومن أجل ذلك وسّع النبي – صلى الله عليه وسلم – في دلالة كلمة الصدقة التي ينبغي أن يبذلها المسلم، فقال: (تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة، وبصـرك للرجل الرديء البصـر لك صدقة)([124]).

وهذه التعاليم في البيئة الصحراوية، التي عاشت دهوراً على التخاصم والنزق، تشير إلى الأهداف التي رسمها الإسلام، وقاد العرب في الجاهلية المظلمة إليها([125]).

كما أن تشـريعات الزكاة تعلم المسلم العفة وعزة النفس، وهي طرقٌ لكل أبواب العمل المباح الذي يعفّه عن ذل السؤال، ويبذل قصارى جهده لينفع نفسه أو يتصدق لتكون يده هي العليا في العطاء. وبذلك يتخلق المسلم بأخلاق الكرم والجود والبذل والتضحية، وتؤثر الزكاة فيه حب الآخرين، والإحساس بهم، وتنمي التربية الجماعية، والميل إلى معرفة الآخرين، وتحري ظروفهم، والنهوض لنجدتهم، والسعي لكفالتهم.

كما يربي القرآن الكريم المتصدق على خلق راقٍ، بأن ينتقي من ماله أجوده وأحبه، وأجلّه وأطيبه؛ فإنه يقع في يد الله تعالى قبل أن يقع في يد السائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}([126]).

وفي سبب نزول هذه الآية عن البراء قال: (نزلت فينا، كنا أصحاب نخل، فكان الرجل يأتي من نخله بقدر كثرته وقلته، فيأتي الرجل بالقنو فيعلقه في المسجد، وكان أهل الصُفة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاع جاء فضـربه بعصاه، فسقط منه البسـر والتمر فيأكل، وكان أناس ممن لا يرغبون في الخير يأتي بالقنو الحشف والشيص، فيأتي بالقنو قد انكسـر، فيعلقه، فنزلت: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ قال: لو أنّ أحدكم أهدي له مثل ما أعطى، ما أخذه إلا على إغماض وحياء، فكنا بعد ذلك يجيء الرجل منا بصالح ما عنده)([127]).

كما ربّى القرآن الكريم متعلمه على تجرد الصدقة من المنّ والأذى، قال تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ}([128]). و(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ): كلمة طيبة، ودعاء لمسلم، (وَمَغْفِرَةٌ): أي عفو عن ظلم؛ قولي أو فعلي، خير أن يذكرها المتصدق، ويتحدث بها، أو يستخدمه بالعطاء، أو يتكبر عليه لأجل إعطائه. والأذى: أن يظهرها، أو يعيّره بالفقر، أو ينتهره، أو يوبخه بالمسألة([129]).

ولهذا قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى}([130])، فأخبر أنّ الصدقة تبطل بما يتبعها من المن والأذى، فما يفي ثواب الصدقة بخطيئة المن والأذى. ثم قال تعالى: {كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} أي: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى، كما تبطل صدقة من راءى بها الناس، فأظهر لهم أنه يريد وجه الله، وإنما قصده مدح الناس له، أو شهرته بالصفات الجميلة ليشكر بين الناس أو يقال: إنه كريم، ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية، مع قطع نظره عن معاملة الله، وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه.

والأصل أن يرى المتصدقُ الفقيرَ محسنًا إليه، بقبول حق الله تعالى منه، الذي هو طهرته ونجاته من النار، وأنه لو لم يقبلها لبقي مرتهنًا به، وأن يستصغرَ الصدقة، وقد قيل: لا يتم المعروف إلا بثلاث: تصغيره، وتعجيله، وستره.

ومن التطبيق العملي لهذه الآية، ما روت السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت: أتي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بضب، فلم يأكله، ولم ينه عنه. قلت يا رسول الله: نطعمه المساكين؟ قال: (لا تطعموهم مما لا تأكلون)([131]). ولهذا قال: {وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ أي: لو أعطيتموه ما أخذتموه إلا أن تتغاضوا فيه، فالله أغنى عنكم، فلا تجعلوا لله ما تكرهون.

روى ابن جرير بسنده عن البراء، في قوله تعالى: {وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ يقول: لو كان لرجل على رجل فأعطاه ذلك، لم يأخذه، إلا أن يرى أنه قد نقصه من حقه. فهذا من سوء الأدب مع الله أن يمسك الجيد لنفسه أو لأهله، ولو فعل هذا بضيفه، وقدم له ما يخرجه من رديء ماله، لأوغر صدره.

ولنعلم أن الزكاة هي نصيب الفقراء في مال الأغنياء، وهي الحق الواجب للسائل والمحروم، لم يتركها الله غامضة مبهمة، ولم يكلها - في مقاديرها ومواعيدها - إلى النفوس التي قد تشح، وقد تبخس، بل حدد الإسلام مواعيدها ومصارفها. وأحصت السنة الأشياء التي تجب فيها، وفصلت الكثير من أمورها؛ قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}([132]).

فزكاة الزرع تجب يوم القطاف والجني، عندما يطيب المزروع، وزكاة المال تجب عندما يحول عليه الحول، ويتم على حيازته العام. والمقدار معلوم، فهو إما العشـر، وإما نصف العشـر. والمستحقون للزكاة حددتهم آية التوبة، والآية الكريمة السابقة تنهى عن الإسـراف وتذم أمره، والإسـراف إما إفراط أو تفريط، وليس بينهما إلا التوسط والاعتدال، وذلك هو عين النظام.

والزكاة ركن من أركان الإسلام، ودعامة من دعائم الإيمان، وايتاؤها – مع إقامة الصلاة والشهادة لله بالوحدانية ولمحمد بالرسالة – عنوان على الدخول في الإسلام، واستحقاق أخوة المسلمين. قال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}([133]). وقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}([134]).

إنها فريضة لازمة، يكفر من جحدها، ويفسق من منعها، ويقاتل من تحدى جماعة المسلمين بتركها. وحسبنا أن الخليفة أبا بكر  - رضي الله عنه - جهز أحد عشـر لواء لمقاتلة قوم امتنعوا عن أداء الزكاة، وقال كلمته الشهيرة: (والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. والله لو منعوني عقالاً([135]) كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه)([136]).

والزكاة في الاسلام ليست (تبرعاً) يتفضل به غني على فقير، أو يحسن به واجد إلى معدوم. إنها أبعد من ذلك غوراً، وأوسع أفقاً.

إنها جزء هام من نظام الإسلام الاقتصادي، ذلك النظام الفريد الذي عالج مشكلة الفقر، أو مشكلة المال على وجه عام، قبل أن تعرف الدنيا نظاماً عني بعلاج هذا الجانب الخطير من حياة الإنسان.

حدد الإسلام الأموال التي تجب فيها الزكاة، والحد الأدنى لما يجب فيه الزكاة، ومتى تجب الزكاة على المال، والمقدار الذي يجب إخراجه في كل منها. فهناك مال يجب فيه العشـر، كالزروع التي يخرجها الله من الأرض، بغير جهد يذكر من الإنسان.. فإن كانت تسقى بالآلات، كان فيها نصف العشـر، وهذه الزكاة تجب في كل مزرعة.

وهناك مال يجب فيه ربع العشـر (2.5 بالمئة)، كالنقدين – الذهب والفضة –، وعروض التجارة مقومة بأحد النقدين. وهذه الزكاة تجب في المال كلما حال عليه الحول – اثنا عشـر شهراً قمرياً.

وهناك مال يتمثل في الحيوانات، مثل الإبل والبقر والغنم، وقد وضع الإسلام لها نظاماً خاصاً.

والحكمة في تفاوت المقادير المطلوبة من الزكاة: أنه كلما كان جهد الإنسان في المال أقل، وعمل القدرة الإلهية أظهر، كانت النسبة الواجبة أكثر.. والعكس بالعكس.

وقد عبر الإمام الدهلوي عن النظام الدقيق في فريضة الزكاة، فقال: "ومصلحته ترجع إلى المدينة، وهي أنها تجمع - لا محالة - الضعفاء وذوي الحاجة، وتلك الحوادث تغدو على قوم، وتروح على آخرين، فلو لم تكن السنة بينهم مواساة الفقراء وأهل الحاجات، لهلكوا وماتوا جوعاً. وأيضاً فنظام المدينة يتوقف على مال يكون به قوام معيشة الحفظة الذابين عنها، والمدبرين السائسين لها، ولما كانوا عاملين للمدينة عملاً نافعاً، مشغولين عن اكتساب كفافهم، وجب أن يكون قوام معيشتهم عليها"([137]).

وكما أشار الدهلوي إلى الحكمة من مشـروعية الزكاة، بيّن الحكمة من تعيينها وتحديد مقاديرها وأوقاتها، وذلك أيضاً لما له المظاهر الدقيقة والرائعة في النظام، فقال: ثم مسّت الحاجة إلى تعيين الزكاة، إذ لولا التقدير، لفرّط المفرّط، ولاعتدى المعتدي. ويجب أن تكون غير يسيرة، لا يجدون بها بالاً، ولا تنجع من بخلهم، ولا ثقيلة يعسـر عليهم أداؤها، وإلى تعيين المدة التي تجبى فيها الزكاة، وتجب ألا تكون قصيرة يسـرع دورانها، فتعسـر إقامتها فيها، وأن لا تكون طويلة لا تنجع من بخلهم، ولا تدر على المحتاجين والحفظة إلا بعد انتظام شديد([138]).

وبيّن ابن القيم أن الهدف من هذا التحديد هو مصلحة الجميع، فقال: "إذ وجوبها كل شهر أو كل جمعة يضـر بأرباب الأموال، ووجوبها في العمر مرة يضـر بالمسكين، فلم يكن أعدل من وجوبها كل عام مرة"([139]).

فالزكاة نظام اجتماعي عام، ومصدر تدخر به الأمة الإسلامية ما تمد به الفقراء وتغنيهم، وذلك على طريقة نظامية قويمة، لا استبدادية تحكمية، ولا عرضية زائلة. وهذا النظام البديع كان الإسلام أول من وضع أساسه في تاريخ البشـرية عامة، لم يسبق إليه تشـريع سماوي، ولا تنظيم وضعي، فهي نظام مالي واقتصادي واجتماعي وسياسي وخلقي وديني معاً.. "ومن فوائد الزكاة في الدنيا أن يتناصر المسلمون فيتكافئوا فيما بينهم، حتى لا يبقى فيهم عار ولا جائع ولا مهين، ويكفل غنيهم فقيرهم، ويعاف فقيرهم أن يبسط يده إلى الغني بالاستمداد، ولا ينفق أحد أمواله في البذخ والترف، ويعلم أن في أمواله حقاً لليتامى والأيامى والفقراء والمساكين من أبناء أمته، وأن فيها حقاً للذين يقدرون على العمل، ولكن لا يجدون إليه سبيلاً لما يعوزهم من المال، وأن فيها حقاً للأطفال الذي فطروا على الذكاء والفطنة، ولكن لا يقدرون على تحصيل العلم بسبب فقرهم، وأن فيها حقاً للعجزة الذين لم يعودوا قادرين على العمل. فكل غني لا يعترف في ثروته بهذه الحقوق ظالم، وأي ظلم أشنع من أن يكون عندك من الثروة الضخمة، وأسباب الترف والرفاه، ما لا يكاد يأتي تحت الحصـر، وتترفل في قصورك الشامخة، وتتنعم بركوب سيارتك الفاخرة، وحولك ألوف من إخوانك الفقراء الذي لا يكادون يجدون سبيلاً إلى كسـرة من الخبز، وألوف من القادرين على العمل يهيمون على وجوههم عاطلين! إن الإسلام يبغض هذا الرجل، ويحارب عاطفة أثرته، وما هذه الأثرة إلا من شيمة الكفار، الذين تعلمهم مدنيتهم أن يدخروا عندهم كل ما تصل إليه أيديهم من الثروة، ويربوا بها، ويجلبوا منها إلى أنفسهم كل ما في أيدي الناس الآخرين. أما المسلمون، فيعلمهم دينهم أنه إذا وهب الله لكم من الرزق ما زاد عن حاجتكم فلا تكنزوه، وأعطوه إخوانكم الذين يفقدونه ليسدوا حاجتهم، ويعودوا قادرين على كسب معيشتهم، كما تكسبون معيشتكم أنتم"([140]).

كما أن الزكاة تعمل على إزالة الأحقاد والضغائن بين القادرين والعاجزين، وتذهب الشحناء فيما بينهم، كما أنها نظام خلقي يهدف إلى تطهير نفوس الأغنياء من دنس الشح المهلك، ورجس الأنانية الممقوتة، وتزكيتها بالبذل وحب الخير، والمشاركة الوجدانية والعملية للآخرين، كما تعمل على إطفاء نار الحسد في قلوب المحرومين، وإشاعة المحبة والإخاء بين الناس، وذلك كله من شأنه أن تضعف معه النزاعات ودواعي الخصومات([141]).



(1) ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، مقدمة ابن خلدون، مصدر سابق، ص156.[1]

(2) الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: عبد الفتاح الحلو، مطبعة حكومة الكويت، الكويت، 1401ه-1986م، باب الفاء، ج23، ص53.[2]

(3) سورة الإسراء، الآية 16.[3]

(4) ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، تاريخ ابن خلدون، مصدر سابق، ج3، ص247.[4]

(5) البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، تاريخ مدينة السلام، مصدر سابق، م1، ص378.[5]

(6) البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت،1421ه-2000م، البخلاء، اعتنى به: بسام عبد الوهاب الجابي، دار ابن حزم، بيروت، لبنان، ط1، ج3، ص107.[6]

(7) أبو محمد موسى بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور، بويع له بالخلافة 169ه، وكانت مدة خلافته سنة وشهراً واحداً، عرف بالجود، ودفن بقصـره الذي بناه بعيساباذ، وكان عمره يوم وفاته ثلاثاً وعشرين سنة. ابن الكازروني، مختصر التاريخ، ص123.  [7]

(8) الأربلي، عبد الرحمن سنبط، خلاصة الذهب المسبوك، مصدر سابق، ص106.[8]

(9) هارون بن أبي عبد الله محمد المهدي بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، ولد بالري سنة 150ه، وبويع له بالخلافة سنة 170ه، توفي سنة 193ه في طوس، ودفن هناك. ابن الكازروني، مختصر التاريخ، ص127.[9]

(10) الأصفهاني، علي بن الحسين، كتاب الأغاني، م5، ص109.[10]

(11) البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، تاريخ مدينة السلام، مصدر سابق، ج1، ص415.[11]

(12)الشابشتي، أبو الحسن علي بن محمد، 1386ه-1966م، الديارات، تح: كوركيس عواد، مطبعة المعارف، بغداد، ط2، ص283.[12]

(13) الكارزوني، ظهير الدين، 1962م، مقامة في قواعد بغداد في الدولة العباسية، تح: كوركيس عواد وميخائيل عواد، مطبعة الإرشاد، بغداد، ص17.[13]

(14) البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، تاريخ مدينة السلام، م1، مصدر سابق، ص415.[14]

(15)الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، مصدر سابق، ج، ص212.[15]

(16) الشابشتي، أبو الحسن علي بن محمد، الديارات، مصدر سابق، ص364. [16]

(17) أبو العباس أحمد بن أبي أحمد طلحة الموفق بن جعفر المتوكل، بويع له بالخلافة سنة 279ه وعمره سبع وثلاثون سنة، وهو أول من سكن القصر الحسني من الخلفاء على شاطئ دجلة، رممته زوجته بأجمل الفرش، وملأت خزائنه، ورتبت فيه الجواري والخدم، فلما فرغت انتقلت، وراسلته بالانتقال، فانتقل واستحسنه ووسع الدار وعمل عليها سوراً. الكازروني، مختصر التاريخ، ص164.[17]

(18) ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد، المنتظم، مصدر سابق، ج12، ص336.[18]

(19) المكتفي بالله هو أبو محمد علي بن أحمد المعتضد، بويع له بالخلافة سنة 289ه بعد وفاة والده المعتضد، وهو إذ ذاك في (الرقة) وعمره خمس وعشرون سنة، هدم المطامير التي بناها والده في القصر الحسني، وحوله إلى جامع يصلي فيه الناس، فصار الناس يأتون إليه يوم الجمعة فلا يمنعون من الدخول ويقعدون فيه إلى آخر النهار. فتحت في أيامه انطاكيا عنوة، وانتزعها من الروم. توفي سنة 295ه، وكانت مدة خلافته ست سنين وستة أشهر وعشرين يوماً. الأربلي، خلاصة الذهب المسبوك، ص237-238.[19]

(20) البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، تاريخ مدينة السلام، م1، مصدر سابق، م1، ص416.[20]

(21)المقتدر بالله وهو أبو الفضل جعفر بن أحمد المعتضد، بويع له بالخلافة سنة 295ه، يوم مات أخوه المكتفي، وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ولم يلي الخلافة قبله من هو أصغر سناً منه. وخلع مرتين ثم أعيد. قتل سنة 320ه وقد خرج لقتال مؤنس، وهو على فرسه، ودفن هناك، وأخفي قبره. الأربلي، خلاصة الذهب المسبوك، ص239.[21]

(22) البغدادي، المصدر نفسه، م1، ص417-418.[22]

(23) البغدادي، المصدر نفسه، م1، ص420.[23]

(24)  الراضي بالله العباسي: هو أبو العباس محمد بن جعفر المقتدر بن المعتضد، بويع له بالخلافة سنة 322ه وعمره يومئذ أربع وعشرون سنة وسبعة أشهر. كان جواداً، أديباً، وهو آخر خليفة قال الشعر المدون. توفي سنة 329ه، ودفن بالرصافة، فكانت خلافته ست سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام. ابن الكازروني، مختصر التاريخ، ص180.[24]

(25)  التنوخي، أبو علي المحسن بن علي، نشوار المحاضرة، مصدر سابق، ج1،ص298.[25]

(26)  المطيع لله أبو القاسم الفضل بن جعفر المقتدر، بويع له بالخلافة سنة 334ه، وعمره يومئذ ثلاث وثلاثون سنة، وأصابته علة منعته من الحركة، فخلع نفسه غير مكره سنة 363ه، وولي ابنه الأكبر الطائع لله الخلافة بعده. توفي المطيع سنة 364ه وعمره ثلاث وستين سنة، ودفن بالرصافة، في تربة عملها لنفسه. ابن الكازروني، مختصر التاريخ، ص189.[26]

(27)  الحموي، شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت، معجم البلدان، مصدر سابق، م2، ص422-423.[27]

(28)  مسكويه، أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب، 1424ه-2002م، تجارب الأمم وتعاقب الهمم، تح: سيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، ج5، ص329. [28]

(29)  الحموي، شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت، معجم البلدان، مصدر سابق، م2، ص251. [29]

(30)  التطيلي، بنيامين، رحلة بنيامين، مصدر سابق، ص293.[30]

(31)  الأيوبي، محمد بن تقي الدين عمر، مضمار الحقائق وسر الخلائق، مصدر سابق، ص179.[31]

(32)  الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد، 1999م، دول الإسلام، تح: حسن إسماعيل مروة، دار صادر، بيروت، لبنان، ط1، ج2، ص319.[32]

(33)  ابن الطقطقا، محمد بن علي، الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، مصدر سابق، ص322.[33]

(34) الغساني، الأشرف، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص594.[34]

(35) ابن الفوطي، الحوادث الجامعة، مصدر سابق، ص207. الغساني، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص594.[35]

(36)  ابن واصل، جمال الدين محمد بن سالم بن نصر، 1431ه-2010م، التاريخ الصالحي، تح: عمر عبد السلام تدمري، المكتبة العصرية، بيروت، لبنان، ط1، ج2،ص290. [36]

(37)  ابن كثير، عماد الدين أبي الفداء إسماعيل، البداية والنهاية، مصدر سابق، ج13، ص159.[37]

(38)  أبي الفداء، عماد الدين إسماعيل، د.ت، المختصر في اخبار البشر، المطبعة الحسينية المصرية، ط1، ج3، ص171.[38]

(39)  التطيلي، بنيامين، رحلة بنيامين، مصدر سابق، ص296.[39]

(40)  ابن الكازروني، ظهير الدين، مقامة في قواعد بغداد، ص26.[40]

(41)  ابن النجار، محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود، ذيل تاريخ بغداد، مصدر سابق، ج2، ص5.[41]

(42)  ابن الكازروني، نفس المصدر، ص26.[42]

(43)  التطيلي، بنيامين، رحلة بنيامين، مصدر سابق، 295.[43]

(44)  ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، مصدر سابق، ص265.[44]

(45)  الغساني، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص491.[45]

(46)  المصدر نفسه، ص543.[46]

(47)  الصابىء، أبو الحسين هلال بن المحسن، 1406ه-1986م، رسوم دار الخلافة، تح: ميخائيل عواد، دار الرائد العربي، بيروت، لبنان، ط2، ص10.[47]

(48) الأيوبي، محمد تقي الدين عمر، مضمار الحقائق وسر الخلائق، ص188.[48]

(49) ابن الكازروني، ظهير الدين، مقامة في قواعد بغداد، مصدر سابق، ص27.[49]

(50) الأيوبي، محمد تقي الدين عمر، مضمار الحقائق وسر الخلائق، ص188.[50]

(51) الكازروني، ظهير الدين، مقامة في قواعد الدولة العباسية، مصدر سابق، ص26.[51]

(52)  القدحات، محمد عبد الله أحمد، الحياة الاجتماعية في بغداد، مرجع سابق، ص77.[52]

(53) الغساني، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص491.[53]

(54)  مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير، مقدم جيوش العراق، زوج بنت بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل. كان شجاعاً، وله رغبة في الكيمياء، له دار فيه عدة رجال يعملون في هذه الصناعة. قتل على يد المغول أيام غزو بغداد سنة 656ه. الذهبي، تاريخ الإسلام، وفيات عام 656ه، ص281.[54]

(55) ابن الفوطي، كمال الدين أبو الفضل عبد الرزاق، الحوادث الجامعة والتجارب النافعة، مصدر سابق، ص71.[55]

(56)  الأيوبي، مضمار الحقائق وسر الخلائق، نفس المصدر، ص75.[56]

(57) الغساني، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص430.[57]

(58)  الغساني،  العسجد المسبوك، المصدر السابق، ص544.[58]

(59)  ابن الساعي، تاج الدين أبي طالب علي، تاريخ ابن الساعي، مصدر سابق، ص350. [59]

(60)  علاء الدين أبو شجاع الطبرسي بن عبد الله التركي الظاهري الأمير، اشتراه الإمام الظاهر بأمر الله، وحصل له القرب والاختصاص، ولما بويع للمستنصر بالله قرّبه واجتباه وجعله برسم حمل الدواة وأمره، في المحرم سنة 625ه. ورغب فيه بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل أن يكون صهره، فأذن له في ذلك، وأقطع قوسان، وتأثلت حاله، وكثر ماله. (ابن الفوطي، مجمع الآداب في معجم الألقاب، ص999).

(61)  ابن الفوطي، كمال الدين أبو الفضل عبد الرزاق، الحوادث الجامعة، مصدر سابق، ص77.[61]

(62)  المصدر نفسه، ص86.[62]

(93)  الغساني، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص633.[63]

(64)   ابن الفوطي، الحوادث الجامعة، المصدر نفسه، ص77.[64]

(65)   الغساني، العسجد المسبوك، ص544.[65]

(66)  مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير، مقدم جيوش العراق، زوج بنت بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل. تقدمت ترجمته. الذهبي، تاريخ الإسلام، وفيات عام 656ه، ص281.[66]  

(67)  الغساني، نفس المصدر، ص527.[67]

(68)   ابن الفوطي، كمال الدين أبو الفضل عبد الرزاق، مجمع الآداب في معجم الألقاب، مصدر سابق، م3، ص384. [68]

(69)  كان عز الدين قراجة من الأمراء الذي تقربوا من المستنصر، واستدعي إلى دار الوزير، وخلع عليه، وتولى الشحنة بدجيل. وكان جميل السيرة. توفي سنة 745ه. ابن الفوطي، مجمع الآداب ومعجم الألقاب، م1، ص280.[69]

(70)   ابن الفوطي، كمال الدين أبي الفضل عبد الرزاق، الحوادث الجامعة والتجارب النافعة، مصدر سابق، ص196.[70]

(71)   الغساني، العسجد المسبوك، مصدر سابق، ص581.[71]

(72)   الأيوبي، محمد بن تقي الدين عمر، مضمار الحقائق وسر الخلائق، مصدر سابق، ص124.[72]

(73)   الأيوبي، المصدر نفسه، ص124.[73]

(74)   القدحات، محمد عبد الله أحمد، الحياة الاجتماعية في بغداد في العصر العباسي الأخير، مرجع سابق، ص68.[74]

(75)   ابن الساعي، تاج الدين أبي طالب علي، تاريخ ابن الساعي، مصدر سابق، ص350. [75]

(76)  الصابئ، أبي الحسين هلال بن المحسن، رسوم دار الخلافة، مصدر سابق، ص22. [76]

(77)   المصدر نفسه، ص23.[77]

(78)   الأزدي، محمد بن أحمد، حكاية أبي القاسم البغدادي، مصدر سابق، ص41.[78]

(79)   الكاتب البغدادي، محمد بن الحسن بن محمد، 1353ه-1934م، كتاب الطبيخ، مطبعة أم الربيعين، الموصل، ص13.[79]

(80)   الأزدي، محمد بن أحمد، حكاية أبي القاسم البغدادي، مصدر سابق، ص44.[80]

(81)   القلقشندي، أبي العباس أحمد، صبح الأعشى، مصدر سابق، ج4، ص10.[81]

(82) ابن الساعي، تاج الدين أبي طالب علي، تاريخ ابن الساعي، مصدر سابق، ص250.[82]

(83)   الكاتب البغدادي، محمد بن الحسن بن محمد، كتاب الطبيخ، مصدر سابق، ص75.[83]

(84)   المصدر نفسه، ص76.[84]

(85)   المصدر نفسه، ص76.[85]

(86)   ابن الساعي، تاج الدين أبي طالب علي، تاريخ ابن الساعي، مصدر سابق، ص251.[86]

(87)   المصدر نفسه، ص251.[87]

(88)   الكاتب البغدادي، محمد بن الحسن بن محمد، كتاب الطبيخ، مصدر سابق، ص80. [88]

([89]) سورة العنكبوت، الآية: 45.

([90]) تفسير ابن كثير: 3/416.

([91]) سورة البقرة، الآية: 83.

([92]) سورة طه، الآية: 44.

([93]) سورة آل عمران، الآية: 159.

([94]) سورة المؤمنون، الآيات: 1ـ4.

([95]) رواه ابن جرير في تفسيره، والبيهقى في شعب الإيمان: 3/174، رقم (3262)، والطبراني: 11/54، رقم (11025).

([96]) في ظلال القرآن للأستاذ سيد قطب: 5/2738.

([97]) القرآن منهاج حياة: 2/274-275.

([98]) العبادة في الإسلام للقرضاوي: 271.

([99]) سورة القصص، الآية: 55.

([100]) لسان العرب: 15/4501.

([101]) المفردات للراغب الأصفهاني: 451.

([102]) إرشاد العقل السليم، أبو السعود: 6/124 بتصرف.

([103]) سورة العنكبوت، الآية: 45.

([104]) رواه البيهقي في شعب الإيمان: 3/174 رقم (3261).

([105]) تاج العروس للزبيدي: 9/157.

([106]) الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي: 152.

([107]) رواه البخاري في صحيحه رقم 6054 ومسلم في صحيحه (2591) من رواية السيدة عائشة رضي الله عنها.

([108]) رواه مالك في الموطأ، ورواه الطبراني والبزار وإسناده حسن. المنتقى من الترغيب والترهيب: 1/180، رقم (250).

([109]) العبادة في الإسلام: 224.

([110]) سورة النساء، الآية: 103.

([111]) العبادة في الإسلام، د. يوسف القرضاوي: 302.

([112]) الأركان الأربعة، الشيخ أبو الحسن الندوي: 56.

([113]) رواه البخاري في كتاب الآذان، باب فضل صلاة الجماعة (647)،

([114]) فتح الباري لابن حجر العسقلاني: 2/349.

([115]) صلاة الجماعة مدرسة يومية لتعليم القيم والمبادئ الإسلامية، وخصوصاً تلك القيم التي تقوم عليها حياة الجماعة الإسلامية، وهي قيم النظام والتعاون والتساند والتعارف والوحدة والاجتماع على الخير، واستقامة الصف، والطاعة في المعروف، واحترام القيادة، والرد عليها إذا أخطأت، لهذا شدد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) فيمن يرفع رأسه قبل الإمام، لأنه يثير الفوضى في الصف، ويقوى الروح الفردية في المصلين، وهذا هو مصدر الخطر. ولهذا كان هذا التهديد في هذا الحديث، والحديث الذي بعده، حتى لا يسبق أحد الإمام وإلاّ كانت ناصيته بيد شيطان.

([116]) رواه البخاري (691) في كتاب الأذان، باب: إثم من رفع رأسه قبل الإمام، ومسلم (427) في كتاب الصلاة، باب: النهي عن سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما. اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان: 493، رقم (247). وأصحاب السنن. المنتقى من الترغيب والترهيب: 1/180، رقم (249).

([117]) رواه البخاري (717)، كتاب الآذان، باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها. ومسلم في الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها.. رقم 436

([118]) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج: 4/157.

([119]) الآثار التربوية للعبادات د. صلاح الدين سلطان: 55.

([120]) سورة الإسراء، الآية: 100.

([121]) فقه الزكاة د. يوسف القرضاوي: 2/862.

([122]) التفسير الكبير للإمام الفخر الرازي: 8/65.

([123]) سورة التوبة، الآية: 103.

([124]) رواه أحمد: 5/167، والترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في صنائع المعروف رقم (1956) وقال: حسن غريب. والبخاري في (الأدب المفرد) (227).

([125]) خلق المسلم للشيخ محمد الغزالي: 8.

([126]) سورة البقرة، الآيتان: 267ـ268.

([127]) جامع البيان، ابن جرير الطبري: 3/84.

([128]) سورة البقرة، الآية: 263.

([129]) موعظة المؤمنين، جمال الدين القاسمي: 1/57.

([130]) سورة البقرة، الآية: 264.

([131]) رواه أحمد: 6/123، رقم (24961)، والطبراني في الأوسط: 5/212، رقم (5116)، والبيهقي: 9/325، رقم (19210) باب ما جاء في الضب.

([132]) سورة الأنعام، الآية: 141.

([133]) سورة التوبة، الآية: 5.

([134]) سورة التوبة، الآية: 11.

([135]) العقال: الحبل الذى تشد به الإبل.

([136]) رواه البخاري رقم 7285 في كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله (صلى الله عليه وسلم). ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله..

([137]) حجة الله البالغة للكاندهلوي: 2/29.

([138]) المصدر السابق.

([139]) زاد المعاد: 1/246.

([140]) مبادىء الإسلام، السيد أبو الأعلى المودودي: 107.

([141]) الصلح في ضوء الكتاب والسنة: 223.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق