03‏/04‏/2022

نمط الحياة الصحي (H.L.S)

مثنى قانوني

عضو أرارات گروب للرحلات الجبلية

  قد نرى شاباً يتسكع في أحد النوادي الليلية حتى وقت متأخر من الليل، ونجده في الصباح الباكر مرمياً في إحدى طرقات الأزقة الضيقة وهو لا يعلم مالذي حصل معه من خزعبلات. وعلى الجانب الآخر من العالم نرى معمراً يابانياً مثل (يويتشير ميورا) يضيف إنجازاً جديداً لسجله الحافل، بعد أن وصل إلى قمة أفرست - أعلى قمة جبل في العالم - وللمرة الرابعة على التوالي، وهو في الثمانينات من العمر، وهو متبسم وواثق جداً من نفسه، وإن أجريت له أربع عمليات في القلب - إنها ابتسامة الفارس المنتصـر - في حين ينتظر جاري الموت بمجرد إحالته على التقاعد وهو لا يزال في الـ ٦٥ من عمره!

وقد نرى شخصاً آخر يجري في الصباح الباكر على ضفاف نهر (الراين)، ودرجة الحرارة التي تحيط به تحت الصفر، وهو لا يشعر إلا بالدفء، والسعادة تغمر قلبه، لأنه يعلم بأن الناجحين يستيقظون مبكراً لتحقيق أهدافهم، وأنها مجرد بداية ليوم حافل ومفعم بالحيوية، ويدفعه شغفه للحياة إلى التمسك بخيوط الأمل. في حين ترى زميله جالساً في المنزل بعد أن نهض متأخراً كعادته، وهو لا يزال لصيق المدفئة التي لا تكاد تفارقه لمجرد شعوره بالبرد.. هكذا يعيش البعض..

وقد نجد شخصاً رابعاً يتعاطى التدخين، ويخرج يده من نافذة سيارته ليرمي سيكارته، أو علبة سكائره، في الشارع، لتأتي أمرأة مسنة أحدودب ظهرها لتحمل تلك العلبة وترميها في سلة النفايات..

إن هذه الصور المختلفة عن أنماط الحياة المعاصرة لبعض الناس، تدفعنا للتساؤل :

- ما هو نمط الحياة..؟ وما هي أهميته..؟ وما أنواعه..؟

بدايةً، نمط حياة كل فرد ينبع من تصوره واعتقاده ونظرته وفهمه لذاته ولمجتمعه وللبيئة التي يعيش فيها، ولدوره ككائن حي، بحيث تترجم تلك المفاهيم والمعتقدات في صورة قرارات وسلوكيات يعتاد عليها؛ من خلال كثرة تكرارها، حتى تترسخ في شخصه، ولا يمكنه التخلي عنها أو تغييرها بسهولة مع مرور الوقت، لأنها أمست قناعات ثابتة وراسخة ومتجذرة .

 إن نمط الحياة - ببساطة - هو أسلوب حياة، أو نظام حياة، يمارسه الفرد، ويتشكل بدءاً من مرحلة الطفولة، عن طريق عملية التنشئة الاجتماعية التي تقوم بها الأسرة والمدرسة والشارع، ومروراً بمرحلة المراهقة والشباب، وبتأثير باقي مؤسسات التنشئة الاجتماعية؛ كالجامعة، والمدرسة، ومحل العمل، ودور العبادة، ووسائل الإعلام، حتى يصل إلى مرحلة النضج واكتمال الوعي، حينها يقرر إما الاستمرار على هذا النمط أو تغييره..

تكمن أهمية اتباع الأنماط الصحية في الحياة كونها تعتبر أحد مؤشرات أو معايير تحقيق جودة الحياة، أي تلك الغاية التي تتنافس من أجلها الدول التي تسعى إلى رفع مستويات الرفاهية والتمدن لمواطنيها. لهذا، فإن بعض الدول انتبهت إلى أهمية هذا الموضوع، فعملت على إدراجه ضمن مشاريع وخطط التنمية، ومنها بعض الدول العربية؛ كالسعودية، والإمارات؛ التي أعلنت عن ذلك في برامجها التنموية للسنوات القادمة، سعياً للوصول إلى أعلى مستويات الجودة في الحياة..

 هذا، ووصف نمط حياة ما بأنه نمط صحي، لا يعني ولا يقتصـر على الجانب الفسيولوجي فحسب، بل يقصد به نمط الحياة الصحي النفسـي والاجتماعي والمادي والثقافي وغيره، بحيث يلعب دوراً محورياً في إطالة متوسط أعمار الأفراد، ويتبين ذلك من خلال التعرف على الأنواع المختلفة والمتنوعة للأنماط.. وهي عموماً، تكون إما أنماطاً صحية أو غير صحية، وقد يجمع الشخص بين بعض الأنماط من كلا النوعين، فتجده يدخن ويمارس الرياضة، وهذا ببساطة لأنه إنسان في مرحلة النضج، حتى وإن كبر سنه.

سأذكر مجموعة من الأنماط الصحية وغير الصحية أيضا،ً وكيفية تغييرها، وسأبدأ أولاً بذكر الأنماط غير الصحية :

 - قلة ساعات النوم.

-  النوم المتأخر.

-  الأكل غير الصحي.

 - قلة شرب الماء.

 - التدخين.

-  شرب الكحول.

-  الجلوس كثيراً، أو قلّة الحركة.

-  عدم إجراء الكشف الطبي الدوري.

 - انعدام أو ضعف العلاقات الاجتماعية.

- عدم ممارسة الهوايات.

 - عدم المشاركة في النشاطات الثقافية.

 - عدم الخروج والتنزه في الحدائق العامة.

 - انعدام السفر إلى الداخل أو الخارج.

 - عدم ممارسة العبادات.

-  ممارسة التوتر والقلق.

-  تعاطي المخدرات والمسكنات والأدوية.

 - انعدام أو قلة القراءة والتعلم.

-  سوء الإدارة وتنظيم الوقت.

- إدمان وسائل التواصل الاجتماعي.

 - العبثية في الفكر والممارسة، وانعدام الأهداف.

 - الفوضوية في الفكر والممارسة.

 - التشاؤم والنظرة السلبية للحياة.

 - الاكتفاء وعدم تطوير الذات.

.. هذه الأنماط، وغيرها، تمثل نموذجاً لأنماط غير صحية..

 أما الأنماط الصحية، فأذكر منها :

 - اتباع نمط غذاء صحي.

 - ممارسة نشاط رياضي.

-  الكشف الطبي الدوري.

-  تنظيم النوم.

-  الابتعاد عن التدخين والكحول.

 - البعد عن الأدوية والمهدئات.

 - السفر والرحلات.

 - التعلم واكتساب المهارات.

-  ممارسة الهوايات.

-  القراءة والكتابة.

 - التسوق مع العائلة.

-  التنزه في الحدائق.

-  التفاؤل والنظر والتفكير الإيجابي.

 - تنظيم وإدارة الوقت.

-  ممارسة العبادات.

-  وجود الأهداف.

-  القابلية للتطوير، والتكيف، ومواجهة المشكلات .

إن الانتقال إلى ممارسة الأنماط الصحية يعتمد على وجود الرغبة والاستعداد التام لتقبل عملية التغيير، ونتائجها، ومتطلباتها، وضرورة وجود الإرادة لتحمل تلك التبعات، والوعي بكل ما هو مطلوب.

بداية تبدأ عملية التغيير من الجانب الفكري والقناعات الراسخة، وذلك من خلال إدراك لمساوئ وسلبيات ممارسة تلك الأنماط غير الصحية على صحة الفرد والأسرة والمجتمع، ومعرفة الإيجابيات والفوائد التي تعود على ممارسة الأنماط الإيجابية. وبعد ذلك تتم عملية وضع الخطط والبرامج والسقف الزمني المطلوب لتنفيذها، ومن ثم بدء العمل بجد وصبر حتى تتحقق النتائج المرجوة، وهي الوصول إلى مستوى جودة الحياة في تأسيس مجتمع صحي لا يعاني الكثير من المشاكل والأزمات، ويشعر فيه جميع الأفراد بالرضا والسعادة عن حياتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق