02‏/10‏/2019

رؤية/ مفهوم النقد الإيماني


شيروان الشميراني
 مفهوم أخذته من المفكر المغربي طه عبدالرحمن، لم أره عند غيره، الجميع يتحدّثون عن النقد الأدبي أو العلمي، أو النقد الموضوعي أو المحايد والنزيه، لكن مفهوم النقد الإيماني من المفاهيم الجديدة التي لا بدّ للعمل الإسلامي أن يدخلها في دائرة مهنجه التثقيفي التربوي.. من ضمن المفاهيم غير المعتادة التي يأتي بها الفيلسوف المفكّر في مجمل مشروعه الإيماني الروحي الذي يصارع به الفلسفة الغربية الحديثة و العلمانية اللائكية بجميع مدارسها، فيما يسميها ( الإئتمانية).
 مفهومه:-   هو يأتي في مقابل النقد التاريخي، وهو النقد الذي مارسه من هم خارج الدائرة الإسلامية، وأخرجوا المنظومة التربوية الإسلامية من عالم
الدين، من الذين قيّموا الفكر الإسلامي وفق الأدوات الغربية الحديثة في التفكير والتقييم، فوجب اللجوء إلى النقد الإيماني لكل المنظومة التربوية لإعادة الإنسان إلى عالم الدين، بمعنى النظر إلى كل الأمور وكل مفاصل التربية من منطلق إيماني، أي مدى تحقّق الإيمان أو حضوره في هذا الجانب أو ذاك، ما يحقق التأصيل الإيماني للفعل. والتأصيل الإيماني - من منظور طه عبدالرحمن - له علاقة مباشرة باستئناف العطاء الحضاري للأمّة الإسلامية، لأنّ الإسلام ليس رسالة يتديّن بها المسلم كما يتدين غيره بغيره من الأديان، بل هو رسالة وجودية لا يحملها غير الإنسان المسلم ..فرسالة الإنسان المسلم في الحياة ليست كالآخرين من الذين يحملون الدين البشري، أو الذي له جذر من الوحي السماوي..
  يخرج الفيلسوف طه عبدالرحمن المفهوم من القساوة التي يمارسها السلفيون النجديون، أو غيرهم من المتشددين تجاه المخالفين أو العاصين، فليس المقصود بالنقد الإيماني مطلقاً هو التعرّض للعقائد والمسالك الشخصية كما يفعل هؤلاء، بل القصد منه هو نقطتين:-
1- بيان حقيقة الانفصال في المعاني التربوية المنقولة عن الإيمان، بمعنى كيف وقع الانفصال بين القيم التربوية التي جاء بها الوحي عن البعد الإيماني، بحيث تحوّل إلى مفاهيم عقلية مجردة لا تأخذ من الوحي الإلهي أساساً، ولا تحدّد القيم والمنافع المرجوّة منها حسب ما يحدّدها الوحي، بل حسب تقديرات العقل البشري، الذي هو عقل مجرد غير مهتد.
2- و كيفية إعادة الاتصال بين تلك المفاهيم  بما يجدّد فاعلية الحقيقة الدينية، بمعنى ربط الأمور بالغايات التي حدّدها الله سبحانه في القرآن الكريم، وهذا ما يعطي للتربية بعداً غيبياً روحياً يزوّد المفردات التربوية والعادات التي اكتسبها الإنسان ثباتاً، لا يتزحزح بمجرد غياب المنفعة المادية العاجلة من هذا الفعل أو ذلك. فعملية الربط بين المفاهيم من جانب، والإيمان من جانب ثان، ثم تقدير مدى تحقّق الحضور الإيماني في جميع التصرّفات هو ما يجب أن يكون حاضراً في عمليات التعليم والتربية.
  وفي هذا السياق ينتقد غياب مصطلحات دينية في الحقل التربوي العام، من مثل: (الحكمة والتذكر والتدبر والتفكر والتطهر والهدى والضلال والبصيرة والنور والظلمة والغشاوة والصراط، و يركّز على مفهوم التزكية) ويصف غيابها بالشنيع لأنه الأصل في السياق القرآني، وأدلّ على المفهوم المقصود من التربية على تعاليم الدين.
{ يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة}. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق