29‏/12‏/2020

بصراحة/ السلم الاجتماعي ومهمة الإعلام الهادف

صلاح سعيد أمين

?    لا أحد ينكر أن المجتمع العراقي - بكل أطيافه، وقومياته، ومذاهبه - منهك حتى النخاع، وأن الإنسان العراقي - منذ تأسيس دولته في بدايات القرن المنصرم، لحد هذه اللحظة- لم يهدأ باله، ولم تستقر حياته، بل عاش فصولاً متأججة في جغرافية مليئة بالتقلبات.

 لقد مرّ العراق بمحطات عديدة؛ من الملكية إلى الجمهورية، ومن انقلاب عسكري إلى آخر، ومن ثورة إلى أخرى، ومن التعددية السياسية إلى الحزب الواحد، وإلى القائد الأوحد، ومن انتفاضة شعبانية في الجنوب والوسط، إلى انتفاضة آذار في إقليم كوردستان عام 1991، وإلى التغيرات الدراماتيكية عام 2003، ومن حكم (بريمر)، الحاكم المدني الأمريكي، إلى مجلس الحكم المؤقت، مروراً بكتابة الدستور في 2005، وإلى زمن التوافقات السياسية، ومرحلة المحاصصة الطائفية، وإلى هجوم تنظيم داعش واحتلاله ثلث مساحة العراق، وإلى استفتاء إقليم كوردستان، وانتهاءً بما نراه اليوم.

لقد ذاق الإنسان العراقي في هذه الجغرافية، مرارة كل الويلات والمآسي.. نقول الإنسان العراقي، دون أن نستثني من ذلك طائفة، أو قومية، أو مذهباً، لأن الكل - دون أي استثناء – ذاق منها، وسحق كيانه الإنساني، في باطنه وظاهره.

إن الأمر الوحيد، الذي نستطيع - إلى حد ما - أن نفتخر به جميعاً، في كل هذه الفترة من عمر البلد، هو – ولله الحمد - سلامة النسيج الاجتماعي، وثبات السلم الأهلي؛ من كل ماجرى ويجري على أيدي السياسيين والقابضين على السلطة.. وهناك قصص واقعية، تدعم ما قلنا وتؤكد متانة الأواصـر الاجتماعية بين أبناء هذه الجغرافية، ولا داعي لذكرها هنا، لأنها معروفة للجميع.

ومع هذا، وللأسف الشديد نرى ونسمع، هنا وهناك، بعض الأصوات النشاز التي تحاول تأجيج النعرة الطائفية، أو القومية، أو الحزبية، وتنفث في نار الفتنة القومية والمذهبية، وتسعى لهدم سلمنا الاجتماعي.

وأرى أن ثمة مسؤولية كبرى تقع على عاتق الإعلاميين الرساليين، خاصة، في الدفاع عن هذا السلم، ولجم هذه الأصوات، أيّاً كانت.

إن الإعلامي الملتزم يتعامل مع محيطه بأمانة، ويدافع عن حقوق الكل، ويحب للآخرين ما يحب لنفسه، ويتعامل مع محيطه بأفق واسع، ويخلق بيئة اجتماعية منفتحة رافضة لكل أشكال التعصب والعنصـرية، ويقدم المصلحة العامة على الشخصية والخاصة. فهو يدافع عن الإنسان قبل كل شيء، دون أن يسأل عن جنسه ولونه، ويخدم الحياة والإنسانية، ولا يقبل أبداً أن يكون متجاوزاً على إنسانية الآخرين المختلفين معه، شعاره (الإنسانية أولاً) وقبل كل شيء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق