10‏/12‏/2010



عن المرأة(1)
المرأة ووسائل الإعلام



خديجة عبدالخالق- دهوك



هل استطاع الإعلام أن يخاطب المرأة كعقل يفكر و يبدع؟.
- هل خاطب الإعلام شخصية المرأة وإنسانيتها ضمن مؤشرات طبيعية تعكس صورتها و دورها في الحياة العامة وفي المهن السامية؟.
- هل المرأة وسيلة ترفيهية وسلعة جنسية كما يروج في الإعلام؟.
- هل الإعلام أمين وموضوعي وعادل؛ أم متحيز عندما يركز على جسد المرأة و يلخص دورها في هذا الجانب؟.
- هل وجود المرأة الكياني يختصر عند حدود جغرافية جسدها المثير؟.
- هل المرأة مجرد أداة أو رمز؟ أم هي عقل ومؤهلات وخبرة وثقافة؟.
- هل تحرير المرأة وتقدمها هو التمرد على ضوابط اجتماعية وأخلاقية وقيمية تقود بالتالي إلى ابتذالها؟ .. إذن
* الإعلام مهتم بتقديم صورة للمرأة (إبراز الجانب السلبي والصورة الجسدية) المتحررة من الضوابط؛ في ظل نسق المفاهيم والقيم التي تنكر إنسانيتها  وحقوقها؟
* أليست المرأة شريكا في صناعة الحياة، ولها دور سياسي واقتصادي وعلمي وتربوي؟
* أليست المرأة في اغتراب عن أدوارها الجادة والمتعددة والمطلوبة منها كمواطن منتج وكائن بشري، بل وكإنسان له حقوقه ومتطلباته!؟.
* أين القدوة الحقيقية والمثالية للمرأة }الأستاذة، الطالبة، العاملة، المضحية من اجل الأسرة، ربة البيت{ أين هي في الإعلام ؟؟!.
* هل هناك خطة لإدخال ثقافات دخيلة ولتمييع شخصية المجتمع وصرف توجهاته المبدئية (مســـــــخ شخصية المرأة)؟
* هل هناك خطة لتفريغ دور المرأة من محتواه الحقيقي وإبعادها عن فطرتها وأصالتها بتوجيه اهتمامـــــــها وصرف نظرها صوب أمور شكلية وظاهرية تلهيها عن الاهتمام بما يجري حولها؟
* أين المرأة كوجود ورسالة ودور وطني وقومي وإنساني؟ كيف نواجه عدواً ونبني وطناً؟
* وأخيراً: هل ساهم الإعلام في خلق فراغ فكري وثقافي، وأغرق المرأة في الهامشية؟.
الترويج لنمط الغرائز:
مع ضعف العقيدة في النفوس، ومع تطور تقنية الاتصال السريع تمكن الغرب من ترويج أنماط فكره الفارغة والتي تشكل نكبة للإنسانية في مجال الأدب والثقافة والإعلام لضحالتها وتفاهتها واعتمادها على الغرائز في صورة مقززة وبربرية، ولا يخفى على احد ما للإعلام من تأثير على أفكار واتجاهات الناس؛ وهو باعتباره وسيلة تختصر الزمن والمسافات لإيصال رسالته إلى أكبر عدد من الناس؛ ساعد على سرعة نشر الأفكار وبلورتها وتسريع تداولها وانتقالها، وبذلك كان له دور كبير في خدمة المبادئ التي يروج لها، والإعلام شأنه شأن أي شيء آخرالأصل في استخدامه خدمة أغراض وغايات إنسانية من اجل خدمة الإنسان وسعادته، وأنا هنا في هذه المقالة بصدد مناقشة تعامل الإعلام مع قضايا المرأة، وأرى أن الإعلام ساهم في حجب وجه الحقيقة عن الناس بهذا الخصوص؛ حيث اختلطت الأمور ولم نعد قادرين على التمييز بين الحقيقة والباطل، فمن هم الذين يدعون إلى تحرير المرأة ومنحها حقوقها التي سلبت منها؟ ومن هم الذين تبنوا قضيتها؟ هل هم الذين يشجعونها على الرذيلة والإباحية باسم الحرية؟ أم هم الذين يجعلونها سلعة للهوهم ومتعتهم باسم التحرر؟ أم هم الذين يتركونها بلا معيل وينكلون عن الإنفاق عليها باسم المساواة؟ إننا لنصدم بالواقع عندما نرى كمّاً هائلا من المجلات والصفحات الفنية في الجرائد والصحف التي تحصر هموم المرأة العصرية في أمور لا تتعدى جمال مظهرها وطرق اختيار الأزياء حسب الفصول ووفق الموضات التي ترسمها دور الأزياء، ومتابعة أخبار مسابقات الجمال، بالإضافة إلى أخبار السمنة والرشاقة،  وجبال من قصص وروايات الحب والغرام والأغاني الملتهبة ليل نهار والتي بدورها تجسد ثقافة الجسد. أما التلفزيون والسينما فحدث ولا حرج عن الأدوار التي تؤديها النساء، والتي تحصر في ادوار سلبية مقيتة ونماذج مبتذلة لا تتعدى الإغراء والإباحية؛ فضلا عن مواد تفرض أنماطا سلوكية وعادات اجتماعية لا تعبر عن واقعنا الاجتماعي والأخلاقي بل تعالجهما بأسلوب يختلف تماما عن أدبياتنا وشريعتنا.. فيا ترى هل هذه حالة طبيعية؟ وهل يسهم هذا الكمالهائل من الغثاء الفكري والسفه الثقافي والخواء الروحي في بناء أمة ونهضتها؟ وهل يسهم في النهوض بالمرأة وتنمية شخصيتها؟.تسليع جسد المرأة باختصار شديد تلخص هذه المنابر الإعلامية المرأة كمخلوق وجد للهو والمتعة، ونشرت ثقافة مفادها أن المرأة لا تصلح إلا أن تكون تبعا وأداة للمتعة الرخيصة والإباحية. وهكذا أدت وسائل الإعلام الحديثة إلى ترسيخ ثقافة هابطة رخيصة لترويجها بواسطة الأفلام المحشوة بالعنف والجنس والأغاني التي تدعو إلى الإباحية، والمرأة بحكم وضعها الاجتماعي الضعيف تعد من أوسع قواعد الاستهلاك الإعلامي؛ وبالتالي الأكثر تعرضا لتأثيره، وهكذا تم تحويل المرأة إلى وسيلة للربح بصرف النظر عن كيانها كإنسان، لأن المرأة من وجهة نظر أصحاب هذه المدرسة عنصر اقتصادي؛ وكل ما يجلب المال جيد في نظرهم، فقد استغلت من أجل مكاسب تجارية حيث جرت عملية تسويق الجسد الأنثوي بواسطة آليات الرشاقة والأدوية والمساحيق وتغيير الموضات؛ وهكذا تم استغلالها من جهتين الأولى كونها امرأة تستعمل كأداة لتسويق المنتوج والترويج له، والثانية استغلالها كسوق مفتوح لتصريف البضائع.. وبذلك أصبح الجسد وحده ولاشيء آخر هو الطريق إلى الوظيفة والشهرة والشهادة والحياة الجميلة، أصبح الشكل هو معيار قبول ونجاح الموظفات، (الجسد) وليس الكفاءة والمؤهلات العلمية والخبرة والثقافة والعقل.لاشك عندي أن تعرية جسد المرأة هو تعرية لها من إنسانيتها، واختزال لجميع مواهبها ومكوناتها، فصناعة السينما ودور الأزياء ومستحضرات التجميل أعادت صياغة المرأة في الوجدان العام ونزعت عنها مكانتها ودورها الإنساني الذي خلقها الله تعالى له وكينونتها الحضارية وخصوصياتها الثقافية بحيث تصبح إنسانا بلا وعي ولا ذاكرة ولا تاريخ.وهكذا فعل الإعلام فعله في تضييق آفاق المرأة بعزلها عن هموم المجتمع ومشاغله السياسية والثقافية، فغدت مجتمعات النساء مشغولة بتوافه الأمور، كل ذلك بسبب العزلة التي فرضت على المرأة بإبعادها المتعمد عن قضايا ومشاغل المجتمع، وتحويلها إلى آلة للإباحية والتلذذ ،وهذا تخطيط ماكر وخبيث لتفريغ دور المرأة من محتواه الحقيقي وإبعادها عن فطرتها وأصالتها وشل جميع قابلياتها وطاقاتها خلال توجيه اهتمامها وصرف نظرها صوب أمور هامشية وسطحية تلهيها وتشغلها عن الاهتمام بما يجري حولها من حوادث وما تمر به الإنسانية من مآس. لاشك أن تمييع شخصية المرأة وصرفها عن رسالتها الإنسانية الحقيقة التي خلقت لها، أدى إلى ضياع الأسرة، لأن قوام المجتمع وقوته يتوقفان على الأسرة وتماسكها، باعتبارها الخلية الأولى ونواة المجتمع، وتماسكها وقوتها يتوقف على قوة من يقوم بإدارتها والإشراف على تربية إفرادها. لقد أبعدت المرأة عن هذا الدور العظيم،ربما نوجه اللوم إلى المرأة، وقد نكون على حق؛ فهي من ناحية قد استسلمت لهذا التوجه الذي يروج له الإعلام بعلم أو بغيره، بما ساعد على هضم حقوقها والتقليل من شأنها ومكانتها، من خلال شغلها بأمور ثانوية تتعلق بما تستهلكه وما يجب أن تلبسه وتتجمل به فقط، وهذا يضعف مكانة  المرأة ويقلل من فعالية دورها في المجتمع. لذلك ادعو من هنا المجتمع بشكل عام، ووسائل الإعلام بشكل خاص، إلى إعادة النظر في طريقة التعامل مع المرأة وقضاياها من خلال احترام حقوقها، وإبراز النساء المثقفات الفاعلات اللواتي يمتلكن حضورا فكريا وعمقا اجتماعيا، وإطلاق الطاقات الخلاقة للمرأة واستثمارها في مجالات الحياة، ومنحها حقها الكامل في عملية صنع القرار وتوجيه السياسات الاجتماعية والتربوية والإعلامية، مع وضع حد للعبث ومظاهر الفساد في وسائل الإعلام بصورتها الحالية.وادعو المرأة إلى أن تصبح ارفع صوتا وأجرأ حركة وأقدر على لفت الانتباه إلى حضورها وأهمية دورها، ولا تصبح مجرد مستهلك للمادة الإعلامية، ولكن تساهم في صناعة هذه المادة بما يحفظ مكانتها ودورها ووظيفتها في إطار الأسرة والمجتمع، ولايتم لها ذلك إلا بالعودة إلى مرجعياتنا الثقافية والفكرية التي تنسجم مع طبيعة مجتمعاتنا المسلمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق