10‏/12‏/2010

العمال العرب في إقليم كردستان العراق.. استطلاع رأي حول أوضاعهم وظروف عملهم

علي عرفة - اربيل
كثيرة هي الظروف التي تجبر الإنسان بشكل عام على الهجرة والاغتراب، أحيانا خارج مدينته، وأحيانا خارج بلده، هذه الحالة صارت من الأمور المألوفة في العراق اليوم، فالإنسان العراقي باتت جل الظروف تحاصره؛ سواء أكان متعلما وحاملا للشهادات،أو إنسانا بسيطا كاسبا يبحث عن الكفاف في الرزق الحلال، ويقف وراء ذلك أسباب عديدة؛ فعلى الصعيد الاقتصادي هناك استشراء البطالة التي أصبحت صنوا لتدهور الوضع الامني والسياسي في البلد،الانفلات الأمني هو السبب الثاني من الاسباب الدافعة للانسان يف العراق إلى الاغتراب والهجرة، ففقدان الأمان صار الشبح المفترس المهدد لمعظم أطياف الشعب العراقي، وعلى الرغم من ذلك فثمة اماكن في العراق أنعم الله تعالى على أهلها بنعمة الامن والامان، وفيها من السياسة والتخطيط العاقل ما يجعلها بيئة جالبة للاستثمار، فعم فيها بفضل الله وحده الامن والرخاء، إننا نتحدث طبعا عن إقليم كردستان العراق، هذا الوضع المثالي جعل الإقليم احد أهم ملاذات العراقيين للهجرة والاغتراب، سعيا وراء الرزق او الأمن، فباتت الهجرة إلى إقليم كردستان الحل الأمثل والأنسب بنظر الشخص العراقي الذي لايريد أن يترك بلده؛ وفي نفس الوقت يبحث عن مصدر للرزق.
مجلة الحوار استفسرت عن أحوال شريحة من العاملين العرب في مدينة اربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، من خلال هذا الاستطلاع..

السيد (فراس شمعون) من محافظة (نينوى) متزوج وأب لطفلين، يعمل موظفا امنيا في أحد الفنادق المهمة في اربيل، الظروف المعيشة الصعبة وسوء الظروف الأمنية في الموصل جاءت به إلى اربيل للعمل وكسب الرزق؛ حيث كان يعمل عهناك في محطة وقود.. سألته عن تحصيله الدراسي أجاب أنه حاصل على شهادة الثالث المتوسط، لكن زوجته حاصلة على شهادة جامعية وهي تعاني من البطالة حالها كحال أفواج الخريجين العاطلين عن العمل في العراق، مؤكدا أن المردود المادي الذي يحصل عليه من عمله الحالي بالكاد يسد رمق العيش لعائلة تتكون من أب وأم وطفلين .
الشاب (رامي عماد) يبلغ من العمر 20 عاماً أعزب، جاء من محافظة نينوى ناحية تلكيف، يقول رامي ان سبب مجيئه إلى أربيل لايتعلق بالجانب الأمني أو الاقتصادي، بل بدافع السفر إلى خارج العراق، وأن إقامته هنا مؤقتة لحين حصوله على فرصة السفر المناسبة، وهو يعمل إلى حين الحصول على الفرصة، سألته عن عمله في اربيل، وهل يواجه أية مصاعب أو مشاكل في العمل او التعامل مع الناس؟ فأكد لي أنه مرتاح تماما ولم يواجه أية مشكلة تذكر أثناء فترة تواجده في اربيل، علماً أنه كان طالباً جامعياً وترك الدراسة بسبب اليأس والإحباط من الظروف التي يمر بها العراق من أوضاع مأساوية .
وممن التقيت بهم السيد (سمير جرجيس) البالغ من العمر 41 سنة وهو متزوج حديثا، وقد ترك مدينته بغداد حيث كان يملك فيها فرن للصمون الحجري ودارا هجرها وتركها فارغة بعد أن لجأ للعيش بمحافظة اربيل،وهو الآن يدفع مبلغا مقداره ستمائة دولار مقابل سكنه في بيت متواضع، وعن سبب مجيئه للإقليم عام 2008 قال "الوضع الأمني، وقلة فرص العمل في العاصمة بغداد".
وأكد على انه لم يواجه صعوبات في التكيف مع الحياة في محافظة اربيل حيث لديه أقرباء فيها وقد كانوا له خير معين على مشاق الحياة، وهو يعمل في نفس عمله الاصلي الذي تركه في مجال أفران صناعة الصمون، إلا انه الآن شريك لمواطن كردي في الافران التي يعمل بها.
السيد (دريد) 26 سنة متزوج حديثا..
جاء من مدينة الموصل قبل سنتين للعمل بعد أن لم يتمكن من الحصول على عمل في مدينته، أشار (دريد) إلى أن التعامل بشكل عام من قبل أهالي اربيل يعتمد على الإجادة في العمل وليس على نواحيأخرى كالعرقية وغيرها، كما بين ان ما يحصل عليه في اليوم من مردود مادي لايقل عن 25 ألف دينار عراقي يومياً وهو مبلغ أعلى مما يحصل عليه لو كان في مدينته التي جاء منها.
السيد (نشوان ابراهيم) 32عاماً أعزب .. 
جاء من مدينة الموصل بداية هذا العام حيث كان يتردد على مدينة اربيل بين الحين والآخر ليحصل على عمل مناسب يتناسب مع مؤهلاته وإمكانياته.
وأخيرا حصل على عمل في معمل للألمونيوم في اربيل، وأعرب عن سروره بهذا العمل حيث ذكر أنه يحصل على حوالي 450 دولار شهريا وهو مبلغ مناسب في الوقت الحالي، ولكنه قال بأن الغربة صعبة ولهذا فهو يزور الأهل يومين أو ثلاثة كل شهر.
أخيراً..
المواطن العراقي العربي (مع الاعتذار للتحديد) ضاقت به السبل، وأغلقت في وجهه الأبواب، فلم يجد بدا من الاغتراب داخل الوطن بحثا عن ما يعول به نفسه وعياله، وقد وجد ضالته في الهجرة الداخلية إلى جهة آمنة حيث وجد من يحتضنه في إقليم كردستان العراق، حيث الامن وفرص العمل، والمعاملة الحسنة، لكن تبقى الغربة ومفارقة الاهل والاحبة من الامور الشاقة على النفس، وهو ما يجعلنا نطرح سؤال أمام أنظار السادة المسؤولين في العراق؛ لماذا تمكنت السلطات في كردستان العراق من توفير الأمان والاستثمار والرخاء الاقتصادي لسكان الإقليم رغم محدودية الإمكانات المالية؟ ولم تتمكن حكومةالمركز من توفير ذلك للناس في كل محافظات العراق على الرغم من وجود الكثير من المحافظات الامنة في جنوب ووسط العراق!!؟؟ وعلى الرغم من الامكانات المادية الهائلة لحكومة المركز؟ أليس هذا أمر يثير الاستغراب ويضعنا أمام علامات استفهام وتعجب كبيرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق