تقرير/ سمر سيد - القاهرة
بدأت الخطوة الأولى في طريق الديمقراطية المصرية بانطلاق أهم انتخابات تشريعية لم تعرف مثلها مصر منذ أكثر من 60 عاما؛ أي منذ ثورة 23 يوليو 1952، فمنذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر والحياة البرلمانية السياسية الحقيقية النزيهة غير موجودة في مصر؛ فبصدور قراره الشهير بحل جميع الاحزاب في مصر وجعل الحزب الناصري بدون اي منافس له اصبحت مصر تسير من ذلك الوقت بنظام الحزب الواحد، إلى ان تغيرت الحياة البرلمانية السياسية بعد ثورة 25 يناير التي قلبت كل الموازين فأصبح البرلمان المصري الجديد يسعى إليه جميع الأحزاب والقوى السياسية بمختلف أطيافهم.....
ومن المعرف للشارع المصري ان البرلمان القادم هو الاهم والاخطر لانه سيكتب الدستور الجديد ويحدد شكل النظام القادم سوء كان رئاسيا ام برلمانيا، لذلك كان لدى المصريين رغبة قوية في صناعة مستقبل سياسي أفضل لبلدهم وهو ما يفسر الإقبال الشديد على التصويت منذ اللحظة الأولى للانتخابات من جميع فئات الشعب المصري، حيث احتشد الناخبون أمام أبواب اللجان الانتخابية في مشهد غير متوقع للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى في تسع من محافظات مصرية تشملها المرحلة الأولى وهي "القاهرة، الإسكندرية، بورسعيد، دمياط، كفرالشيخ، البحر الأحمر، الفيوم،أسيوط،الأقصر، حيث ان هذه الانتخابات ستتم على ثلاث مراحل بدأت من يوم 28 نوفمبر وستنتهي في 10 يناير 2012، ويليها انتخابات مجلس الشورى التي ستجرى بعد ذلك بشهرين في 22 من يناير2012 لكي تتمكن الأجهزة الأمنية من السيطرة على الانتخابات ومواجهة أي عملية شغب.
وقد تم تقسم الجمهورية إلى ثلاث أقسام؛ كل قسم يمثل مرحلة، وتشمل المرحلة الاولى انتخاب 168 نائبا بينهم 56 على المقاعد الفردية، و112 بنظام القوائم الانتخابية، ويتنافس في المرحلة الأولى 3809 مرشحا، بينهم 2357 على المقاعد الفردية، و1452 على القوائم الحزبية، وتتم الانتخابات تحت إشراف 9841 قاضياً حيث أشرف كل قاض على مقر انتخابي يضم لجنتين فرعيتين، وقد تجاوزت نسبة الإقبال في المرحلة الأولى الـ 60% ممن حق لهم التصويت.
الاغلبية الصامتة تخرج في اول انتخابات ثورية لمصر بعد رحيل مبارك والسيدات فرضن أنفسهن بقوة على المشهد الانتخابى
فبرغم من سابق العداوة التي تربطنا نحن المصريين بالانتخابات نتيجة لما كنا نراه من تزوير في الاصوات وعزوف المشاركين عن عمليات التصويت الانتخابية اثناء حكم الرئيس السابق "مبارك" الا ان الامر انتهي مع رياح ثورة 25 يناير 2011 والدليل على ذلك وجود اقبال واسع لا سابق له على المشاركة في التصويت من جميع الفئات العمرية من الجنسين حتي الغير منتمين لاي تيارات سياسية والرافضين من الاساس المشاركة او الانخراط في العمل السياسي ممن عروفوا "بالاغلبية الصامتة" خرجوا عن صمتهم وشاركوا في الانتخابات بعد صمت دام تسع شهور كاملة، وعلى الرغم من تعقيد النظام الانتخابي من خلال التقسيم الجديد للدوائر، وعشرات المرشحين في كل دائرة، وبطاقات انتخاب ضخمة عليها أسماء القوائم واخرى صغيرة عليها اسماء المرشحين الافراد؛ الا ان المصريين تدفقوا بحماس واصطفوا من أجل الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، وكان للسيدات ايضا اقبال كبير على التصويت، وقد فرضن أنفسهن بقوة على المشهد الانتخابى فى أول انتخابات برلمانية تجرى بعد ثورة 25 يناير وخاصة فى المحافظات والاحتفاظ بحقهن الانتخابى، وكان الحضور والتواجد أمام المقرات الانتخابية فى القاهرة من جانب النساء والفتيات كثيف للغاية، لدرجة أنه يقترب طول الطوابير النسائية من طول طوابير الرجال.
وشهدت مختلف الدوائر اقبالا ملحوظا من الأقباط علي الإدلاء بأصواتهم، ولذلك كانت الانتخابات بمثابة احتفال بالديمقراطية، فعلى الرغم من أن هذه الانتخابات جاءت بعد أسبوع واحد من الأحداث الاخيرة التي شهدها ميدان التحرير والتي كانت بمثابة تهديد لعدم نجاح هذه الانتخابات، وتوقع الكثيرون أن يبقي المصريين في منازلهم إلا أن النتائج جائت بالعكس فتحولت الشوارع التي شهدت أعمال عنف منذ بضعة أيام إلى شوارع هادئة بدرجة كبيرة وقد شارك الجميع في لانتخابات، وهذا الإقبال الشديد على صناديق الانتخابات البرلمانية لم يقتصر فقط علي الشعب الذي يشعر لأول مرة أن صوته له قيمة، بل حرص كل المسؤولين والمرشحين المحتملين للرئاسة والمشاهير علي الإدلاء بأصواتهم وأصروا على الوقوف في الطوابير احتراما للمواطنين، ونظرا لإقبال المصريين على الانتخابات قرر المجلس الأعلى مد التصويت ليكون علي يومين في كل مرحلة للسماح لأكبر عدد ممكن بالمشاركة .
القوات المسلحة تؤمن اللجان
شهدت جميع اللجان الانتخابية تواجدا امنيا مكثفا حيث فرضت القوات المسلحة طوقا امنيا بالتعاون مع الشرطة حول اللجان الانتخابية وتولت تنظيم دخول الناخبين ومنع المشتبة فيهم من الدخول والتحقق من هويتهم .
سلبيات المرحلة الاولي في الانتخابات المصرية "طفيفة"
لايوجد انتخابات مثالية في العالم والسلبيات في هذه الانتخابات لا ترقى إلى مستوى الانتهاكات التي جرت في انتخابات سابقة في عصر "مبارك"،فالانتخابات مرت دون أعمال عنف، لكن يوجد بعض التجاوزات والشكاوي التى لا تؤثر على سير العملية الانتخابية، مثل تأخر فتح مقار الاقتراع، وتأخر وصول بطاقات الاقتراع لبعض المقار، تاخر كشوف الناخبين، عدم ختم بعض بطاقات الاقتراع، بالاضافة الى ان شكاوى بعض المرشحين من حزب الحرية والعدالة واتهامة بتوزيع ملصقات دعاية انتخابية له ولبعض المرشحين امام بعض اللجان الانتخابية، وقيام التيار الاسلامي بالسيطرة علي الناخبين خاصة كبار السن والاميين وهو ماوصفة بعض المرشحين بانة اخلال واضح بقواعد العملية الانتخابية.
المؤشرات الاولية لنتائج الانتخابات
بحسب المؤشرات الأولية للنتائج تدل على تقدم حزب الحرية والعدالة الحزب السياسي "للاخوان"، ويلية حزب النور "السلفي"، ثم الكتلة المصرية التي تضم عدة احزاب منها العلماني والليبرالي " فيما احتل حزب الوفد ذيل الترتيب ....
ومما لاشك فيه بان بعض القوى ذات التوجه العلماني او الليبرالي متخوفة من نتائج انتخابات مجلسي الشعب والشورى وانها تشك في ان الانتخابات ستكون لصالح احزاب الاسلام السياسي وتحديدا حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي للإخوان، ومن بعده حزب النور، وبعض الأحزاب الأخرى، إلا انه ومهما كانت النتيجة فهذا هو مايعبر عنة الشارع المصري الذي يطالب في هذه الانتخابات الحرة باحترام ارادة الشعب الذي اختارهم وهذه هي الديمقراطية فأول مرة يشعر الجميع باللهفة لمعرفة نتائج انتخابات غير معروف نتائجها مسبقاً.
راهن الكثير علي ان الانتخابات لن تكون معبرة عن الشارع المصري وسيفوز فيها الاكثر شطارة والاكثر قدرة على الحشد لكن بخروج الشعب المصري بهذه الكثافة فسدت كل محاولات الحشد وستكون النتيجة معبرة عنه وسوف يحدد الشعب لمصر المستقبل خلال السنوات القادمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق