القاهرة – سمر سيد
لقد شاركت المرأة المصرية منذ مطلع التاريخ مع الرجل في جميع مراحل الحياة وفي شتى المجالات؛ وساعدت في خلق المجتمع المصري.. وعلى مدى العصور يوضح التاريخ أن المرأة المصرية أثبتت أنها قادرة على القيادة والريادة على أعلى مستوى منذ قديم الزمن؛ فسطرت في العصور القديمة والحديثة أسطراً من النجاح في جميع المجالات، حيث كانت ملكة وقاضية وشاعرة وفنانة وأديبة وفقيهة ومحاربة، ويعود أول ظهور سجله التاريخ للمرأة المصرية إلى...
العصر الفرعوني للملكة "حتشبسوت" حيث تساوت مع الرجل وتقلدت أمور السياسة والحكم فقد حكمت "حتشبسوت" مصر وكان لها دور تاريخي في ازدهار الدولة في جميع المجالات الدينية والتجارية والسياسة الداخلية والخارجية، وعلى هذا النهج سارت "نفرتيتي" و"كليوباترا".
المرأة في العهد الإسلامي
ولم يقتصر الأمر على تلك الفترة القديمة من التاريخ المصري، فقد شهدت مصر حكما لسيدة أخرى وهي "شجرة الدر" وهي من سيدات العصر الحديث والتي سيظل التاريخ يذكرها دائما.
وكانت مصر في ذلك الوقت دولة إسلامية وهذا ما يؤكد حقيقة أن الدين الإسلامي لم يكن يوما ما ضد مشاركة المرأة في الحياة السياسية كما يدعي البعض! بل إنه في ظل انتشار الإسلام في مصر تولت سيدة حكم البلاد وكان لها بصمة واضحة في ارتفاع شأن مصر؛ وجاء غيرهن الكثير ممن تقلدن أمور الحكم، واشتغلن بالسياسة عبر مراحل التاريخ المختلفة.
وكانت المرأة ولازالت جزءا من ثقافة صناعة الحياة المصرية فكان لها الدور الفعال في الثورات منذ أن خرجت جنبا إلي جنب مع الرجل في ثورة 1919 المصرية واستشهدت؛ وكان ذلك دلالة واضحة علي انخراطها في الحركة الوطنية المصرية رافضة السلبية والدور المهمش لها، وقد شهد لها وحياها الزعيم الراحل سعد زغلول و اعترف بشجاعتها ودورها في ثورة 1919 قائلا في أول خطاب له بعد عودته من المنفى: "لتحيا السيدة المصرية" وكان بعدها أول اعتراف بدور المرأة في المجتمع وكانت ثورة 1919 هي الشرارة الحقيقية للمرأة المصرية والتي بدأت من بعد ذلك مشاركتها في جميع النواحي السياسية تأخذ أشكالا عديدة .. وبالرغم من ذلك فقد صدر دستور 1923 دون أن يعطيها حقوقها السياسية! ما أدى إلى تصاعد الدعوة للمطالبة بحصول المرأة على هذه الحقوق ، إلى أن تم تأسيس أول حزب سياسي للمرأة تحت اسم الحزب "النسائي المصري" عام 1942 وطالب "الاتحاد النسائي المصري" في عام 1947 بضرورة تعديل قانون الانتخاب بإشراك النساء مع الرجال في حق التصويت وضرورة أن يكون للمرأة جميع الحقوق السياسية وعضوية المجالس المحلية والنيابية.
كما خرجت مظاهرات نسائية خلال المؤتمر النسائي الذي عقد في 19 فبراير عام 1951 تهتف بأن البرلمان للنساء وللرجال.
المرأة في ثورة يوليو
ثم جأت بعد ذلك ثورة 23 يوليو 1952 لترسخ مفهوم مشاركة المرأة أكثر فأكثر في كافة مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فبعد قيام ثورة يوليو 1952 نص دستور 1956 على منح المرأة حقوقها السياسية الكاملة حيث سادت قناعة بأن حرمان المرأة من هذه الحقوق يتنافى مع قواعد الديمقراطية التي تجعل الحكم للشعب كله وليست جزءاً منه فقط، وبناء على ذلك دخلت المرأة المصرية لأول مرة البرلمان إثر انتخابات عام 1957 ... وكان حصول المرأة على حقوقها السياسية بداية لتمتعها بمزيد من الحقوق الأخرى مثل الحق في تقلد الوظائف العامة والعليا، وفي الاعتراف بها كقوة إنتاجية على قدم المساواة مع الرجل وقد توج هذا التطور بتعيين أول وزيرة للشئون الاجتماعية في مصر عام 1962، ومن ذلك التاريخ استمر إسناد مناصب سياسية للمرأة وتقلدت الوظائف العليا في كافة ميادين الحياة فأصبحت وزيرة واشتركت في الحياة الحزبية وتولت مناصب قيادية داخل تلك الأحزاب، وتوج ذلك بتعيينها قاضية وباتت عنصرا مهما ومؤثرا في عملية الإصلاح السياسي التي شهدتها البلاد خلال الفترة الأخيرة.
وضع المرأة بعد ثورة 25 يناير الشبابية
وهكذا جاءت المرأة المصرية أمس لتضيف لتاريخها المشرف عملا بطوليا جديدا وهو مشاركتها في "ثورة 25 يناير" مثلها مثل الرجل وأكثر؛ فوقفت جنبا إلى جنب مع الرجل واعتصمت في "ميدان التحرير" وشاهدها العالم كله وهي تتعرض للضرب والتعذيب، ولم يفرق الرصاص الحي والمطاطي بينها وبين الرجل في الميدان، وتطور الأمر إلى استشهادها أيضا، ومازال يسجل التاريخ للمرأة المصرية ما تتعرض له إلى اليوم في المظاهرات من سجن وضرب وتعريه أثناء مطالبتها بحقوقها.
وبعد كل هذه المخاطرة وهذا المشوار الطويل لم تجن المرأة المصرية ثمار تلك الانجازات لم تحظ بأية مكاسب بعد الثورة؛ وفوجئت بتهميش وإقصاء لها في جميع مجالات الحياة بداية من القوانين التي استمرت تناضل من اجل الحصول عليها إلى استبعادها تماما من كل مواقع صنع القرار، وتم تقليص مساهمتها في المرحلة الحالية ولم تجد لها دورا في المشهد السياسي!!.
ثم جاءت مرحلة الانتخابات البرلمانية وأصبحت المرأة في متاهة كبيرة نتيجة اصطدام المرأة بإلغاء "الكوتة" بدون وجود بديل، فكانت الكوته في البرلمان ب٦٤ مقعدا للمرأة وكانت سائدة في الانتخابات لعام ٢٠١٠ وقد تقدم الترحيب بالكوته النسائية في السابق كمكسب لتمثيل المرأة السياسي في مصر، ولكن شعر البعض أن الكوته لم تطبق كما يجب، وسعى الناشطون إلى إلغاء نظام الكوته النسائية الخاص بالأنظمة السابقة آملين في استبدالها ببديل أفضل لتعزيز المشاركة السياسية للمرأة بدلا من ذلك، وفي انتخابات برلمان 2011 يوجد إجراءات تحد من عدد المقاعد التي يمكن المرأة أن تحصل عليها في الانتخابات التي جرت مؤخرا، وبحسب القانون المصاغ حديثا، يطلب من كل حزب أن يعين امرأة واحدة على الأقل على لائحته الحزبية هذا ما جعل الناشطون يعربون عن خشيتهم من هذا الإجراء خوفا ألايمثل البرلمان القادم نصف المجتمع المصري "النساء" ونتيجة لكل ذلك تجتمع الأغلبية علي أن الدور السياسي للمرأة أصبح مهمشا بعد الثورة ...
والسؤال هنا؛ ماهي قدرة المرأة ودورها السياسي في المرحلة القادمة خاصة بعد فوز الإسلاميين بأغلبية مقاعد مجلس الشعب الأمر الذي أثار مخاوف جمعيات حقوق المرأة والناشطين وقاعدة عريضة من النساء .... !!!! و للتعرف على هذه المخاوف أجرت مجلة الحوار هذا التحقيق للإطلاع على آراء الأحزاب، ومنظمات المجتمع المدني، والمدافعات عن حقوق المرأة.
"الإعلام والحاقدين يصدروا مفاهيم مغلوطة عن التيارات الإسلامية"
كانت البداية مع الدكتورة "منال أبو الحسن" مرشحة حزب الحرية والعدالة عن دائرة مدينة نصر؛ وأستاذة الإعلام بجامعة6 أكتوبر حيث قالت:
"المرأة جزء رئيسي من المجتمع المصري، ولابد من احترم الدولة لها؛ فالمرأة المصرية جزء أصيل من ثورة يناير ومن يتخيل أن هدف التيار الإسلامي هو تهميش المرأة وإجلاسها في المنزل، وتراجع دورها في الحياة السياسية والاجتماعية فهو مخطىء، فالمرأة على مدى التاريخ وفي الإسلام لا يقدر أحد على إنكار دورها أو تهميشه فالإسلام عظم مكانة المرأة، وكل هذه المخاوف هواجس زائفة والسبب فيها هو وسائل الإعلام وليس لها علاقة بالواقع وبالإسلاميين، ونتجت هذه الفوبيا من الأشخاص الذين يملكون ثروة ونفوذا قبل ثورة يناير ويخشون عليها أن تسلب منهم الآن، بالإضافة إلى خوفهم من ممارسة الضغوط والقهر الذي كانوا يمارسونه ضد الإسلاميين في عهد النظام السابق حيث كان يمنع الإسلاميون من الوصول الى أي مناصب قيادي أو سياسي في الدولة، وان ما يحدث من تشويه لصورة الإسلاميين هو حقد عليهم نتيجة تكون إرادة شعبية قوية مؤيدة للإخوان، بالإضافة إلى أنه يصعب تصديق هذه الفوبيا لطبيعية الوضع السياسي الحالي لما به من تعددية ومشاركة جميع الطوائف".
وترد الدكتورة "منال ابوالحسن" علي الخوف من فرض الحجاب على النساء غير المحجبات بالقول:
"الكثير من الأخوات المسلمات تقلدن مناصب في اغلب الجامعات والنقابات والجمعيات الأهلية ولم نفرض الحجاب عليهن مطلقا؛ ما نقوم به هو تقديم النصيحة فقط وإعطاء نموذج إيجابي للإسلاميين بحسن الالتزام بالدين والمعاملة الجيدة، اما أن تقتدي به المرأة أو ترفضه فهي حرة في حياتها الشخصية، ويجب الاتفاق على قضية واحدة وهى أننا مواطنون مصريون وهدفنا إصلاح المجتمع والنهوض به.. الادعاء بأن تهميش المرأة في البرلمان وراءه وجود التيارات الإسلامية ادعاء غير صحيح؛ والدليل على ذلك أن حزب الحرية والعدالة دفع بعدد كبير من المرشحات لإيمانه بدورهن القوي، والإخوان لهم تاريخ في ترشيح النساء وكانوا لا يترددون في تقديم رموز نسائية أمام النظام السابق".
وأكدت منال أن "حزب الحرية والعدالة الذي تنتمي إليه ليس حزبا دينيا فقط، ولكنه حزب للمصريين كافة" وأرجعت غياب دور المرأة عن المشهد السياسي إلى اللجنة العليا للانتخابات، وحملتها مسئولية هذا التراجع على الساحة السياسية، موضحة أن "اللجنة العليا للانتخابات اشترطت على جميع الأحزاب ضرورة أن تضم قوائمها المرأة ولم تضع أي ضوابط ومعايير لحماية مكانها".
وعن احتياجات المرأة بعد الثورة تحدثت الدكتورة منال قائلة:
"المرأة المصرية لديها الكثير من القضايا التي يجب أن توضع في الاعتبار بعد ثورة 25 يناير مثل قوانين الأسرة الحالية إذ لابد ان تقنن بما يتفق مع الشريعة الإسلامية، حيث إن هذه القوانين الحالية بها ظلم جائر يسلب حقوق المرأة التي شرعها الإسلام، هذا بالإضافة الى جميع المجالس القومية التي أنشأها النظام السابق لابد من تغير هيكلتها ولوائحها وعناصرها بالكامل حتى تؤتي ثمارها في التنمية الفعلية، لكن ما يتم الآن من تغييرات في اسمائها وترك عناصر الفساد فيها هو خسارة لمصر والمصريين" وتتساءل: "لماذا الخوف من الإسلاميين؟ إذا نجحوا بالفعل في تطبيق الشريعة الإسلامية بالطريقة الحسنة، سوف يؤدى هذا إلى مطالبة الجهات غير الإسلامية مثل الجهات الدولية بتطبيق الأمور الشرعية في قطاع المرأة والطفل باعتباره نموذجاً جيدا يحتذى به في كثير من حقوق المرأة الطبيعية التي منحها لها الإسلام .
الناشطة النسوية ورئيس المركز المصري لحقوق المرأة
"نهاد ابو القمصان" تحدثت للحوار عن رأيها في قضية تهميش المرأة بعد ثورة 25 يناير قائلة:
"مع الأسف الشديد لم تحصل المرأة علي مكانتها في الحياة السياسية لا قبل ثورة 25 يناير ولا بعدها؛ فالمرأة المصرية تتعرض للتهميش والإقصاء والعنف بجميع أشكاله بعد الثورة! وهذا واضح للجميع وآخر ما تعرضت له كان في الأحداث الأخيرة لمجلس الوزراء التي كشفت عن عنف موجه ومهين وواضح لها بشكل خاص، تجسد في تعرضها للضرب والسحل والتعرية، هذه الانتهاكات التي أطلع عليها العالم أجمع وأثارت غضب الشارع المصري لابد لها من إجراء وتحقيق عادل وشفاف فيما أقدم عليه جنود الشرطة العسكرية ومعهم القيادات التي سمحت لهم بالقيام بذلك، لان ما حدث جريمة بشعة لايمكن التغاضي عنها أبدا، وما حصل للنساء والفتيات يتنافى مع جميع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن "هذه الانتهاكات ليست الأولى ضد المرأة المصرية فقبل هذه الأحداث تم ممارسة كشف العذرية التي قام بها المجلس العسكري وترويج إشاعات عن ممارسات لا أخلاقية في ميدان التحرير، كل ذلك كان محاولة للتأثير على عنصر مهم في التظاهر والاعتصام ودعم الثورة، وأعتقد أن ذلك يشكل استغلالا سيئا للغاية للجانب الأخلاقي في المجتمع لتشويه صورة المرأة وتوجيه رسالة محتواها أن أي امرأة سوف تشارك في التظاهر أو تطالب بحقها سوف تواجه المصير ذاته من عنف وضرب وانتهاكات، وما حدث مؤخراً من "سحل" لعدد من المتظاهرات في الشوارع يعد دليلاً واضحاً على ذلك، وحالة الاستهداف هذه لا تقتصر على هذه الأحداث الأخيرة فقط وإنما كانت هناك العديد من الحالات التي تؤكد على تهميش المرأة".
ولفتت الناشطة "نهاد أبو القمصان" أن "المرأة المصرية كانت شريكاً أساسياً في نجاح ثورة 25 يناير، و في إسقاط النظام السابق، وكان دورها فعالاً في ميدان التحرير، ولا يستطيع احد إنكار هذا الدور العظيم، وما يحدث الآن شيء مؤسف ضد المرأة بتجاهلها والنظر إليها نظرة دونية تقليدية وكأنها كائن درجة ثانية، وهو لا يتناسب تماماً مع حجم مشاركتها في الثورة، فالمساواة في النضال تعني المساواة في الحقوق والواجبات وتشير "ابو القمصان" إلى أن هناك شواهد في الآونة الأخيرة تشير إلى وجود اتجاهات تريد تقليص دور النساء في مصر في المرحلة الحالية مما قد يؤدي إلي تراجع مساهمتها في مرحلة ما بعد الثورة" وأوضحت أن "الإقصاء بدأ منذ تشكيل اللجنة التي قامت بإجراء التعديلات الدستورية؛ وهذه اللجنة خلت تماما من أي وجه نسائي، بالرغم من وجود عدد كبير من الكفاءات النسائية التي تصلح لهذه المهمة، وأيضا عند تشكيل حكومة الدكتور "عصام شرف" تجاهل المرأة المصرية في كل شيء، وحدث للمرأة استبعاد فعدد الوزيرات تقلص بشكل كبير في حكومة شرف" وتم اختيار سيدة واحدة هي الوزيرة "فايزة ابو النجا" وحدث إقصاء أيضا للمرأة في التشكيل الوزاري الأخير، حيث أن هذا التشكيل مخيب للآمال، فبعد سلسلة من التأجيلات والمشاورات لاختيار حكومة إنقاذ وطني تعبر عن الثورة ومطالبها جاء هذا العدد القليل من الوزيرات،فكيف ستكون حكومة إنقاذ وطني دون أن تحتوي على عدد من الحقائب النسائية التي تضمن مشاركة فعالة للمرأة في صنع القرار وتحقق مطالب الثورة التي صنعتها النساء كما صنعها الرجال؟! فقد أسندت للمرأة حقائب وزارية تقليدية ولم تكن حيوية مثل الصحة، الإعلام، التعليم؛ رغم أن هذه الوزارات تحتوي علي عدد كبير من النساء أكثر من الرجال وهذا يؤكد أن إقصاء المرأة من مواقع صنع القرار هو قرار سياسي في المقام الأول...
وعن الانتخابات البرلمانية أرجعت "نهاد ابو القمصان" أسباب فشل المرأة في انتخابات برلمان الثورة إلى عوامل عديدة من بينها:
"إلغاء ألكوته النسائية في البرلمان، وتعديل قانون الانتخابات الجديد الذي جاء في صالح الرجل؛ والذي يقضي بان يكون في قائمة كل حزب امرأة واحدة على الأقل دون أن يلزم بوضع المرأة في مركز متقدم في القائمة، أصبح هذا القانون "ظالم للمرأة" وهذا الأمر سيهدد بعدم وجود المرأة بمجلس الشعب القادم، هذا بالإضافة إلى ضيق الوقت المخصص للدعاية الانتخابية في ظل معركة شرسة مع التيار الإسلامي الذي أكد سيطرته على الشارع، ومن هنا كان من الصعب وجود مكان للمرأة يخولها الدخول في منافسة عادلة، من ناحية أخرى فإن نظرة المجتمع للمرأة لم تتغير بشكل ملحوظ بعد الثورة فما زال البعض يرى أن دورها ينحصر في وظائف معينة، وأن حصولها على مقعد برلماني يعد بمثابة حلم وشرف لها، ويكفي أن أحد التيارات الدينية اعتبر أن صورة المرأة عورة، ورفض إضافة صورة المرشحة، واكتفى بوضع اسمها فقط!! إن السلوكيات التي تنتهجها الأحزاب الدينية بشكل عام مثل حجب صورة المرشحة واستبدال صورتها في الدعاية الانتخابية بصورة وردة، أو صورة زوجها في بعض الأحزاب الدينية هذا الأمر إهانه وإهدار لحقها في التعبير والمشاركة السياسيه في المجتمع، بالإضافة إلى القوي السياسية الدينية والمؤسسات الإسلامية والمسيحية التي مازال يهيمن عليها أيضا الفقه التقليدي الذي يضع المرأة في دور هامشي في الحياة السياسية والأنشطة العامة، لذلك يقوم بعضهم بفرض أفكار فقهية تحط من دور المرأة تحت مقولات شعاراتية بأن دور المرأة في المجتمع عظيم ولكن يتمركز في تربية الأسرة فقط!!".
وعن الرأي القانوني والدستوري لوضع المرأة المصرية بعد الثورة التقينا بالمستشارة "تهاني الجبالي" نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا حيث قالت:
"المرأة المصرية أبهرت العالم كله بما قدمته في الثورة لأنها كانت في مقدمة الصفوف؛ ولا يستطيع أحد أن ينكر أنها كانت بكل أجيالها وأطيافها في مقدمة المشهد الثوري ليس ذلك فقط، فهي مازالت أيضا حاضرة إلى اليوم في مقدمة مشهد المطالبين بالعدالة الاجتماعية، وللأسف هذا المشهد لم يحترمه كل أطراف المعادلة السياسية في مصر! فقد تم إقصاء المرأة من كل الأدوار التي حصلت بعد الثورة وبالتالي لم تأخذ حقها، خاصة داخل الدوائر التي تصنع القرار في هذه المرحلة الحرجة، وكأنها لم تشارك في الثورة التي يحكي عنها العالم كله اليوم، هذه الثورة التي قامت من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية التي لا يمكن أن تستقيم في ظل تغييب المرأة التي تعتبر جزء لا يتجزأ من النسيج السياسي المصري".
وأرجعت "المستشارة تهاني" سبب هذا الإقصاء إلى "عدم نضج المشهد السياسي الذي أدى إلى تراجع نسبى في الاهتمام بالمرأة التي تعتبر جزء من المجتمع؛ بالإضافة إلى انعدام الرشد السياسي الذي نقول انه ما دمنا جادين في حماية هذه الثورة التي قامت من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية التي لا يمكن أن تستقيم في ظل تغييب المرأة وإقصائها، لذلك المرأة المصرية في مرحلة فارقة عليها أن تظل في مقدمة الصفوف ولابد أن يكون لها دور فاعل في كافة المستويات لاننا على اعتاب مرحلة انتقالية هامة جدا وفيها يتم رسم مستقبل مصر وبالتالي نحن نحتاج إلى مشروع نهضوي شامل يشارك فيه كل مصري من منطق المواطنة وليس بسبب الجنس باعتباره رجلا أو امرأة أو غنيا أو فقيرا او مسلما أو مسيحيا، إننا بالفعل في حاجة إلي مشروع مصر النهضوي والذي تشارك فيه المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل، وهذا يتطلب منها ان تشارك أيضا في وضع دستور مصر القادم لرسم السياسات الاجتماعية والاقتصادية، وان تشارك في عمليات البناء في كل مكان وفق ما حصلته من تعليم وثقافة، وهذا لن يتم إلا في إطار بناء وعي جديد ...
وعن غياب المرأة في برلمان الثورة تقول "المستشارة تهاني الجبالي":
"إن هذا تحديدا يعد جريمة في حق المرأة ويمحي صورتها من مستقبل مصر؛ وقد مارست التيارات السياسية المصرية سواء الليبرالية أو الإسلامية إقصاء واضحا ضد المرأة وأتضح ذلك في قائمة مرشحيهم للانتخابات البرلمانية".
وأكدت "الجبالي" في هذا السياق أن "جميع القوى السياسية لم تقم بدفع المرأة في مقدمة المشهد السياسي بالرغم من الملايين من النساء في مصر حيث تركوا المرأة تقوم بهذا الدور بنفسها من خلال مبادرات فردية أو بمساعدة منظمات المجتمع المدني لخوض الانتخابات"
وأعربت "الجبالى" عن تخوفها من عدم احتفاظ المرأة بمكانها ووضعها في الدستور مطالبة بأن يكرس القانون هذا الحق وأن تحافظ النساء على حقوقهن، وان أي اعتداء على الحقوق الدستورية الأساسية للمرأة المصرية هو في حقيقته اعتداء على الحقوق الأساسية لكل الشعب المصري لأنه مخالف لمبدأ المساواة أمام القانون كما خالف مبادئ الشريعة الإسلامية التي تحاسب المرأة والرجل على أي جريمة بنفس العقاب ...
وفي البعد النفسي السياسي لهذا الموضع كان لهذا التحقيق وقفة مع الدكتورة "زهرة خليل" أستاذة علم النفس السياسي في جامعة القاهرة حيث قالت:
"المرأة المصرية تعاني بدرجة كبيرة من الاضطهاد والاستبعاد على كل المستويات؛ فهي تعيش في مجتمع ذكوري ودائما ما ينظر لها على أنها اقل، ونتيجة لهذا الاستبعاد أصبح وضع المرأة مهينا، واتضح ذلك في الأحزاب السياسية التي لم تضع امرأة على رأس قائمة بل كانت تأتي في ذيل القوائم معللين ذلك بأن المجتمع نفسه ليس جاهزا لقبول امرأة في البرلمان!.
وتوضح الدكتورة "زهرة" أن التيارات والأحزاب السياسية المختلفة في مصر لا يهمها الحياة الديمقراطية؛ ولا دور المرأة، فكل ما يهمهم الحصول على المقاعد في البرلمان بأي ثمن" وتؤكد على انه "كان يجب أن تكون في القائمة الواحدة أكثر من سيدة وفي موقع متقدم في الترتيب حتى يكون في البرلمان القادم نسبة منهن تسعى لتحقيق التوازن والديمقراطية، فالبرلمان بهذا الشكل سيكون غير متزن".
وطالبت الدكتورة "زهرة" في الختام بضرورة عودة الكوتة في صياغة الدستور الجديد بما يتناسب مع مكانة المرأة المصرية بعد الثورة".
ختاما أقول
المرأة المصرية تستحق أكثر من ذلك بكثير وتستحق ان تكرم بدل ان تهمش ويأتي عليها الوقت التي نبحث لها في عن دور في الحياة السياسية الجديدة ...فوجود المرأة المصرية في الحياة السياسية يصب في مصلحة الوطن و سيكون اضافة لمصر كلها r.
يانهار اسود
ردحذف