07‏/04‏/2014

شبكة الإعلام العراقي

صلاح سعيد أمين
كلنا سمعنا عن حادثة تدخل رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي - شخصياً - لمنع قناة "العراقية" الفضائية من تغطية ما يجري في مجلس النواب. ومن المعروف أن قناة "العراقية" الفضائية ضمن باقة شبكة الإعلام العراقي التي تُموّل من قبل الدولة، ومن المال العام. ويبرر رئيس مجلس النواب موقفه من قناة "العراقية" بأنها لم تكن حيادية في تغطيتها لما جرى في مجلس النواب، في حال يجب أن تتعامل شبكة الإعلام العراقي عامة بأقصى درجات الحيادية، وتقف على مسافة واحدة من جميع أطياف الشعب العراقي، على اختلاف أجناسهم وأعراقهم ومذاهبم.
إن المتابع لشبكة الإعلام العراقي يُلاحظ - ببساطة - أنها تعاني من أزمة عميقة في وقوفها "حيادية" مما جرى ويجري في الساحة العراقية من أزمات مختلفة بين الكتل السياسية! ويكاد القارئ، وهو يقلب صفحات جريدة "الصباح" اليومية، ويطالع مانشيتاتها، أو حتى نهجها في التعامل مع الأحداث، أن يصل إلى نتيجة مفادها أن هذه الصحيفة ليست صحيفة تابعة للدولة العراقية، وتمول من قبل الدولة، ومن المال العام، بل يشعر أنها تابعة لمكتب إعلام حزبي أو فصيل معين! والبلد مبتلى بأزمات لا تعد ولا تحصى، من عدم توفير الخدمات الأساسية، إلى عدم سيادة القانون، ومن فشل الحكومة في تثبيت الأمن وترسيخ الاستقرار، إلى توظيف المادة الرابعة من قانون "الإرهاب" لأغراض طائفية مقيتة، ومن الانتهاكات التي تمارس بحق المعتقلين والمعتقلات في السجون العراقية، إلى سيطرة رئيس الوزراء "المالكي" وأقربائه على المفاصل الهامة في الجيش والحكومة والمؤسسات التابعة للاستخبارات والسلك الدبلوماسي، ومن تسييس المؤسسات القضائية، إلى تعطيل مجلس النواب، بسبب الائتلاف البرلماني الداعم للمالكي.. باختصار شديد: إن البلد، وبمرور الزمن، بدلاً من أن يقلص أزماته، وينهي معاناة أبنائه، فإن معاناته في تصاعد مستمر، وآلام أبنائه تزداد يوماً بعد يوم. ويحتل العراق، حسب التقارير الدولية، مكان الصدارة في الفساد وعدم الشفافية، ولكن شبكة الإعلام العراقي لم تهتم بكل هذه المشكلات الموجودة على أرض الواقع، وكأن العراق بخير! وكأن المواطن العراقي يتمتع بكل ما يحلم به أي إنسان في المعمورة! 
كأي بلد آخر، هناك ثلاث سلطات في العراق: "التشريعية، والتنفذية، والقضائية"، وتُحدد صلاحيات كل سلطة من هذه السلطات حسب القانون والدستور، وعلى شبكة الإعلام العراقي أن تقف من هذه السلطات على مسافة واحدة، وأن تقف لها بالمرصاد، بغية الدفاع عن حقوق المواطنين، وممارسة دور السلطة الرابعة فعلياً، لا أن تكون ذراعاً لإحدى السلطات في البلد على حساب الأخرى.
في الحقيقة ليس من مهمة أي شبكة إعلامية، خاصةً إذا كانت مُمولةً من المال العام، تغطية ما تفعله الحكومة أو السلطة، بقدر التركيز على ما لا تفعله السلطة أو تهمله أو تتجاهله، أو تحدث خرقاً قانونياً فيه. وعلى سبيل المثال لا الحصر: فالكل يعلم أن الفساد متجذر في مفاصل الحكومة ومؤسسات الدولة العراقية، والتقارير الدولية تؤكد ذلك، ولكن هل من الصدفة أن لا يكون ذلك ضمن مانشيتات وعناوين شبكة الإعلام العراقي؟ ولذلك أكرر ما أشار إليه بعض النواب، من ضرورة قطع تخصيصات شبكة الإعلام العراقي، ومحاكمة المسؤولين فيها على أدائها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق