21‏/01‏/2022

الفضائح الجنسية تطال الكنيسة الكاثوليكية

أ. د. فرست مرعي

لمحة عن تاريخ الكنيسة الكاثوليكية

   الكنيسة الكاثوليكية في الحقيقة مصطلح واسع جداً، ظهر للمرة الأولى في عام 110م في رسالةٍ من القديس (إغناطيوس) إلى أهل سميرنا (أزمير)، حيث جاء فيها:" حيث يكون الأسقف هناك يجب أن تكون الرعية، كما أنه حيث يكون المسيح هناك تكون الكنيسة الكاثوليكية ".

بالطبع لم تكن حينها الكنيسة الكاثوليكية التي نعرفها اليوم قائمة، ويُعتقد أنّه قصد بذلك (الكنيسة الجامعة)، وذلك للتمييز عن باقي الكنائس التي كانت موجودة حينها، وقد تم التأكيد على مصطلح «الكنيسة الكاثوليكية»

في مرسوم (تسالونيكي) الذي أصدره  الامبراطور (ثيودوسيوس الأول) عام 380م، وهو آخر إمبراطور للإمبراطورية الرومانية الموحدة حيث انقسمت إلى شطرين  شرقية بيزنطية وغربية رومانية بعد وفاته، وقد جعل فيه المسيحية ديناً وحيداً  أي رسمياً للإمبراطورية، لكن ما ذُكر في المرسوم تحديداً هو المسيحية الكاثوليكية.

في عام 451م انعقد المجمع الخلقيدوني في مدينة خلقيدونية بالقرب من مدينة استنبول الحالية، والذي يُعد المجمع المسكوني الرابع، وقد نجم عنه انشقاقٌ بسبب الاختلافات في الكريستولوجيا ( طبيعة السيد المسيح هل هي الهية أم بشرية – أي طبيعة واحدة، أو طبيعتين)؛ أدى لحدوث الانفصال بين الكنائس المشرقية (السريانية والقبطية والأرمنية) من جهة والتي أدعت بأن للمسيح طبيعة واحدة إلهية، والكنيستين الرومانية والبيزنطية من جهة أخرى، واللتان كانتا حينها كنيسة واحدة، واللتان إدعتا بطبيعتان للسيد المسيح. إلهية وبشرية في آنٍ واحدٍ.

 وفي عام 1054م حدث ما سُمي الانشقاق العظيم، وهو انشقاق الكنائس الشرقية والغربية الخلقيدونية عن بعضها لأسباب عديدة عقائدية وقومية مشكلةً بذلك فرع غربي كاثوليكي في روما، وفرع شرقي بيزنطي أرثوذكسي في القسطنطبنبة (استنبول الحالية).

سبق الانشقاق العظيم الذي وقع بشكل رسميّ في العام 1054م، العديد من الخلافات الكنسيّة والنزاعات اللاهوتية بين الشرق الإغريقي والغرب اللاتيني، كان من بين هذه الخلافات البارزة مسألة انبثاق الروح القدس من الآب والابن Filioque كما هو الامر في الكنيسة الشرقية، أو من الآب لوحده في الكنيسة الغربية، وهذه إضافة تاريخية لم ترد في قانون الإيمان النيقاوي(= مجمع نيقية عام325م). ومسألة ما إذا يجب استعمال الخبز المخمّر في الأفخارستيا أم لا،  فالكاثوليك يقدمون القربان المقدس من الفطير وليس من الخمير، وسرالأفخارستيا أو سر التناول أو القربان المقدس كلمة معناها اللغوي الشُكر، وهي تعريب للكلمة اليونانية εχαριστέω (أقول شكرًا)، وسر الأفخارستيا هو أحد الأسرار السبعة المقدسة في الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية، أو أحد السرّين المقدسين في الكنيسة البروتستانتية، وهو تذكير بالعشاء الذي تناوله المسيح بصحبة تلاميذه عشيّة آلامه. (لوقا 19:22؛ متى 26:26 ؛ مر 22:14 ؛1قور 23:11-25). ويُحتفل بها في جماعة المؤمنين لأنها التعبير المرئي للكنيسة، والاحتفال يكون بصيغة تناول قطعة صغيرة ورقيقة من الخبز (تعرف بالـبرشان) التي تمثل جسد المسيح، وأحياناً تذوق أو غمس قطعة الخبز في القليل من الخمر الذي يمثل دم المسيح. والخلاف الآخر هو أحقية ادعاء بابا روما بامتلاكه سلطة بابوية عالمية.

ومما تجدر الاشارة إليه أن حملات الفرنجة التي سميت حروبا صليبية لإلباسها القناع الديني جاءت بحجة الانتصار لمسيحيي الشرق ضد الظلم الواقع عليهم من المسلمين!، فكانت النتيجة أن دمرت الحملة الصليبية الرابعة مدينة القسطنطينية عاصمة المسيحية الشرقية في شهر نيسان ع سنة 1204م بعدما انحرفت عن مسارها نحو الأراضي المقدسة تلبية لشهوات الأطماع، وارتكب الفرنجة اللاتين جرائم كبرى منها أنهم "في كنيسة آيا صوفيا العظيمة... أجلسوا مومسا فوق عرش البطريرك (الأرثوذكسي) حيث غنت أغنيات فرنسية فاحشة بينما أدخل آخرون خيولهم وبغالهم إلى الداخل لتبول وتتغوط فوق أرضها، أما في الشوارع فلم يوفروا أحدا، فجردت الراهبات وعرين من ملابسهن، وانتهكت أعراضهن، وأجبرت النساء والفتيات على البغاء والفحش بشكل لا يوصف، وحطمت رؤوس الأطفال مثل قشور البيض في ضربها على الجدران وضربها بأعقاب أحذية الجنود..."، وأقام الغزاة دولة لاتينية مكان الإمبراطورية البيزنطية استمرت إلى سنة 1261م، والمهم هو الأثر الدائم لذلك حيث لم تتعاف الإمبراطورية البيزنطية من الضعف الذي أصابها من الاجتياح اللاتيني حتى لحظة فتح العثمانيين القسطنطينية بعد قرنين. ينظر: (أنتوني بردج، تاريخ الحروب الصليبية، ترجمة: أحمد غسان سبانو ونبيل الجيرودي، دار قتيبة، دمشق، 1985م،  ص 234؛ أرنست باركر، الحروب الصليبية، ترجمة: السيد الباز العريني، دار النهضة العربية، بيروت، الطبعة الرابعة،  ص14).

 

 

ومن جهة أخرى فإن الكاثوليك برأوا اليهود من سفك دم السيد المسيح استناداً الى مقررات المجمع المسكوني الثاني الذي عقد في سنوات 1962 – 1965م، فيما لا يبرىء الأرثوذكس اليهود من تهمة قتل وصلب السيد المسيح (عليه السلام) لأنهم طالبوا (بيلاطس البنطي) الوالي الروماني على فلسطين بصلبه. انظر: (إنجيل يوحنا 6:19؛ يو 15:19؛ إنجيل متى 25:27؛ إنجيل مرقص 13:15؛ مر 15:15؛ إنجيل لوقا 22:23؛ لو 23:23.

 فضلاً عن ذلك فإن موقع بطريرك القسطنطينية المسكوني فيما يتعلق بالنظام البطريركي الخماسي، وهو نظام ترتيب كنسي دعمته الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية تاريخيًا، صيغت قواعده من قوانين الإمبراطور الروماني البيزنطي جستنيان الأول (527-565م)، في هذا النظام يحكم الكنيسة المسيحية بطاركة الكراسي الأسقفية الخمسة الرئيسية للإمبراطورية الرومانية: روما، والقسطنطينية، والأسكندرية ، وأنطاكية، والقدس.

ونتج عن الإصلاح البروتستانتي بين عام1517 الى 1530م الى انفصال الطوائف البروتستانتية عن الكنيسة الكاثوليكية على يد الراهب الالماني مارتن لوثر وآخرين جاؤوا من بعده كزوينكلي وغيره.

الكنيسة الرومانية الكاثوليكية هي أكبر الكنائس المسيحية، مع ما يقرب من 1.3 مليار كاثوليكي مُعمّد في جميع أنحاء العالم اعتباراً من عام 2016م، رأسها هو البابا أسقف روما وبحسب تقليدها الكنسي خليفة بطرس تلميذ المسيح، لقبها الرسمي هو الكنيسة المقدسة الكاثوليكية الرسولية، وباعتبارها "أقدم مؤسسة دولية تعمل باستمرار"، فقد لعبت دوراً بارزاً في تاريخ وتطور الحضارة الغربية إلى جانب الأرثوذكسية الشرقية والبروتستانتية.

تتبع الكنيسة الكاثوليكية في الشرق كنائس عديدة في شراكة كاملة معها تعرف بالكنائس الكاثوليكية الشرقية، وعلى مر القرون طورت الكنيسة الكاثوليكية منظومة لاهوتية معقدة وثبتت بنية إدارية فريدة تحكمها البابوية أقدم ملكية مطلقة مستمرة في العالم. رئيسها الحالي هو البابا فرانسيس، وتقع الإدارة المركزية للكرسي الرسولي في مدينة الفاتيكان، داخل مدينة روما في إيطاليا.

يستند اللاهوت الكاثوليكي على قانون نيقية للإيمان الذي صدر عام325م، تعلم الكنيسة الكاثوليكية أنها كنيسة واحدة جامعة مقدسة ورسوليَّة التي أسسها يسوع المسيح، وبأن أساقفتها هم خلفاء رسل يسوع، وأن البابا هو خليفة القديس بطرس وعليه مُنح الأسبقية من قبل يسوع المسيح، وتؤكد أنها تمارس الإيمان المسيحي الأصلي، وتحتفظ بالعصمة، وتنتقل من خلال التقاليد المقدسة. تعكس الكنيسة اللاتينية، والكنائس الكاثوليكية الشرقية الثلاثة والعشرون، إلى جانب الجماعات والأوامر الرهبانية المختلفة، مجموعة متنوعة من التأكيدات اللاهوتيَّة والروحيّة في الكنيسة.

من أسرارها السبعة: هو سر القربان المقدس الرئيسي، والذي يُحتفل به من خلال الليتورجية في القداس، كما يتم تبجيل مريم العذراء في الكنيسة الكاثوليكية كثيوتوكس وملكة السماء، وهو مصطلح لاهوتي مسيحي يطلق على السيدة مريم العذراء، ويستخدم في الأرثوذكسية المشرقية، والأرثوذكسية الشرقية والكنائس الكاثوليكية الشرقية. والمصطلح اليوناني مركب من كلمتين يونانيتين، وتعني الولادة أو الوضع، ولذا فإن ثيوتوكس تعني والدة الإله، وفي سنة 431، اعترف المجمع المسكوني الثالث بهذا المصطلح على أنه مصطلح صحيح وأن (مريم العذراء) هي والدة الإله لأن ابنها المسيح هو شخص يجمع بين كلا من صفتي الألوهية والبشرية، وتخص لها تكريماً في العقائد والإخلاصات، ويشمل تدريسها التقديس من خلال الإيمان والتبشير بالإنجيل وكذلك التعليم الاجتماعي الكاثوليكي، الذي يؤكد على الدعم التطوعي للمرضى والفقراء والمصابين من خلال أعمال الرحمة الجسدية والروحية.

ولا يمكن اعتبار رفض نسطوريوس(المتوفى سنة 451م) بطريرك القسطنطينية تسمية مريم والدة الله، مرتبطًا بها بشكل مباشر، بل إن نسطور وكذلك الكنائس التي لا تزال تتبع عقيدته وهي: كنيسة المشرق الآشورية، وكنيسة المشرق القديمة يقرون مبدأ تبجيل العذراء وإكرامها؛ غير أن الخلاف الناشئ حول اللقب يأت من الخلاف حول المسيح نفسه؛ آمن نسطور كسائر المسيحيين بالثالوث المقدس لكنه رفض اعتبار الابن ثاني الأقانيم الإلهية حسب المعتقدات المسيحية هو المسيح، بل ظهر الابن أو تجلى في المسيح وقت العماد، وبناءً على نظرته نحو المسيح وجد نسطور أن لقب “والدة الله” يعتبر هرطوقيًا وأنه يجب استبداله بلقب والدة المسيح.

الكنيسة الكاثوليكية هي أكبر مؤسسة غير حكومية للتعليم والرعاية الصحية في العالم. ومثلت هذه الكنيسة القوة الروحية الأساسية في تاريخ الحضارة الغربية، وتقوم الكنيسة بإدارة المدارس والجامعات والمستشفيات والملاجئ ودور العجزة حول العالم. وكوَّن الكاثوليك في بعض الأقطار التي تسكنها غالبية كاثوليكية أحزابًا سياسية قوية، وكان للكنيسة الكاثوليكية أثر كبير في تاريخ أوروبا السياسي والثقافي والأدبي والفني. لقد أثرت الكنيسة الكاثوليكية على الفلسفة والثقافة والعلوم والفن الغربي، يعيش الكاثوليك في جميع أنحاء العالم من خلال البعثات والشتات والتحولات. الدينية منذ القرن العشرين، يعيش الغالبية في نصف الكرة الجنوبي بسبب العلمنة في أوروبا، وزيادة الاضطهاد في الشرق الأوسط.

تعرف هذه الكنيسة بالرومانية بسبب جذورها التاريخية التي ترجع لمدينة روما، وبشكل عام فإن مصطلح "الرومانية الكاثوليكية" بدأ استخدامه في بريطانيا في القرن التاسع عشر وذلك للتمييز بين كنيسة روما والكنائس الأخرى التي تدعو نفسها كاثوليكية أيضاً، وعبارة "الكنيسة الرومانية" تستعمل رسمياً للحديث عن أسقفية روما، أما لفظة "الكاثوليكية" فتعني باليونانية "الجامعة"، ويعتبر إغناطيوس الأنطاكي أول آباء الكنيسة استعمالاً لهذا المصطلح، ويمكن تعريف الرومان الكاثوليك ببساطة على أنهم مسيحيون في شركة إيمانية مع البابا.

حسب التقليد الكاثوليكي والمذهب الكاثوليكي فقد تأسست الكنيسة الكاثوليكية من قبل السيد المسيح في القرن الأول في  منطقة يهودا(=  بيت القدس وأطرافها) ضمن الإمبراطورية الرومانية، ويسجل العهد الجديد أن السيد المسيح بدأ بالتعليم وعين الرسل وعلمهم لمواصلة عمله.

الكنيسة الكاثوليكية تقول أن الروح القدس حل على الرسل (= الحواريين)، في حدث يعرف باسم عيد العنصرة. المذهب الكاثوليكي يعلم أن الكنيسة الكاثوليكية المعاصرة هي استمرار للمجتمع المسيحي في وقت مبكر، فإنه يفسر اعتراف بطرس وجدت في إنجيل متى وتعيين المسيح الرسول بطرس وخلفائه الباباوات أساقفة روما ليكون الرئيس الزمني لكنيسته، وهو المذهب المعروفة باسم الخلافة الرسولية.

خلافاً لمعظم الديانات في الإمبراطورية الرومانية تطلب المسيحية من أتباعها على نبذ جميع الآلهة الأخرى، وهي ممارسة اعتمدت من اليهودية مما كان يعني رفض المسيحيين الانضمام لإحتفالات وثنية ولم يتمكنوا من المشاركة في الكثير من ميادين الحياة العامة، وهو ما تسبب في خوف غير المسيحيين بما في ذلك السلطات الحكومية، من اغضاب الالهة؛ مما قد يهدد السلام والرخاء للإمبراطورية؛ فبدئت الاضطهادات مما أدى إلى السمة المميزة لفهم الذات المسيحية حتى تم قبول المسيحية في القرن الرابع الميلادي في مرسوم ميلان عام 313م، الذي أصدره الامبراطور قسطنطين الاول (306 – 337م)، وفيما بعد تبنى الإمبراطور ثيودوسيوس الأول(347 – 395م) المسيحية في عام 380م، وجعل منها دينًا وحيدًا للامبراطورية في العام 391م، بعدها قسم ثيودوسيوس الأول (يطلق عليه أيضًا اسم العظيم) الإمبراطورية الرومانية الى قسمين: الاول القسم الشرقي منحها لولده آركاديوس وسماها الامبراطورية الرومانية الشرقية (وجعل عاصمتها القسطنطينية)، والقسم الثاني الغربي لولده هونوريوس وسماها الامبراطورية الرومانية الغربية (مع عاصمة بلاده في مدينة ميلانو).

وبعد تدمير الإمبراطورية الرومانية الغربية عام 476م على يد الهون، كانت المسيحية الغربية عاملاً رئيسياً في الحفاظ على الحضارة الكلاسيكية: الفن الكلاسيكي ومحو الأمية، وتجدر الاشارة إليه أن الاشارة  إليه أن البابا بنيديكتس السادس( 480 – 543م) من نورسيا  قد أسس الرهبنة الغربية وبدى لها تأثير هائل على الثقافة الأوروبية عن طريق الاستيلاء على التراث الروحي للكنيسة الرهبانية في وقت مبكر، وخلال هذه الفترة أصبحت أيرلندا مركزاً للتعلم والتبشير في وقت مبكر وساهمت بانتشار المسيحية في جميع أنحاء قارة أوروبا.

وخلال العصور الوسطى كان للكنيسة الكاثوليكية تأثير على الحضارة الغربية من العصور القديمة إلى العصور الحديثة،  ففي عصر النهضة اشتهر العديد من الناس مثل: رافاييل، مايكل أنجلو، ليوناردو دافينشي، بوتيتشيلي، انجيليكو فرا، تينتوريتو، تيتيان، برنيني وكارافاجيو وغيرهم من الفنانين الذين رعتهم الكنيسة، أما الرهبان الكاثوليك فعملوا نوتات موسيقية من أجل تلحين القداس في جميع أنحاء الكنيسة؛ مما ساعد على تطوير الموسيقى والتلحين وأدى هذا التقليد الكنيسة برعاية مباشرة إلى نشوء وتطور الموسيقى الكلاسيكية الأوروبية ومشتقاته الكثيرة.

قام القديسان فرنسيس الأسيزي ودومينيك دي غوزمان مؤسسي الاخويات اليسوعية (الجزويت) والدومنيكية خلال القرن الثالث عشر بتأسيس الكثير من المؤسسات الصحية والتعليمية وغيرها من المؤسسات الاجتماعية، وساهموا في اغناء الناحية الفكرية أيضاً.

وتشترك الكنيسة الرومانية الكاثوليكية بالمعتقدات الدينية الأساسية نفسها للكنائس المسيحية الأخرى، خصوصاً الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والمشرقية، بما في ذلك قبول تعاليم الكتاب المقدس (بحسب فهمها له) وقبول العقائد المقررة في المجامع الكنسية خلال القرون الميلادية الأربعة الأولى (مجمع نيقية 325م ومجمع القسطنطينية 381م).

وعلى أية حال ذلك فلعقيدة الخلافة الرسولية أهمية عظمى في الإيمان الكاثوليكي، لأنها تؤكد أن البابا (ممثل السيد المسيح على الأرض) والأساقفة يمتلكون – بدرجات مختلفة – السلطة الروحية التي وهبها المسيح لتلاميذه، فما يقرره البابا منفرداً أو مع بقية أساقفته في المجامع الكنسية يعتبر معصوماً عندما يتعلق بقضايا التعليم العقائدي أو الأخلاقي.

وبخصوص تنظيم الكنيسة يوجد داخل الكنيسة الكاثوليكية مجموعة من التقاليد الكنسية، فإلى جانب التقليد الروماني اللاتيني الذي ينتمي له غالبية الكاثوليك، تحتضن الكنيسة خمسة تقاليد شرقية تتبعها كنائس كاثوليكية شرقية، جميع هذه التقاليد والمرجعيات لها تنظيمها الخاص وقيادتها الذاتية تحت سلطة البابا، وهي محمية من أي محاولة لتحويلها للتقليد اللاتيني.

الكنائس الكاثوليكية الشرقية:

1-      التقليد البيزنطي: كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، تتشارك به مع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية (التي لا تتبع روما)، ويتواجد أتباعها في تركيا وسوريا والاردن ولبنان وفلسطين.

2-      التقليد الأنطاكي: الكنيسة المارونية والكنيسة السريانية الكاثوليكية، هو أيضاً تقليد الكنيسة السريانية الأرثوذكسية (التي لا تتبع روما)، ويتواجد اتباعها في لبنان وسوريا والاردن وفلسطين.

3-      التقليد الإسكندري: الكنيسة القبطية الكاثوليكية، هو أيضاً تقليد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية (التي لا تتبع روما)، ويتواجد أتباعها في مصر حصراً، وبصورة قليلة في أثيوبيا والسودان.

4-      التقليد الكلداني: الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، هو أيضاً تقليد الكنيسة النسطورية (التي لا تتبع روما). ويتواجد أتباعها في العراق حصراً.

5-      التقليد الأرمني: الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية، تتشارك به مع الكنيسة الأرمنية الرسولية الأرثوذكسية الشرقية (التي لا تتبع روما). ويتواجد أتباعها في لبنان حصراً وبصورة أقل في سوريا والعراق.

بغض النظر عن الكنائس الكاثوليكية الشرقية والإرساليات، تنتظم الكنيسة الكاثوليكية في أبرشيات (مفردها أبرشية) يرأسها أسقف يعين بشروط خاصة من قبل البابا، وتتألف كل أبرشية من مجموعة رعيات تمتلك كل واحدة منها كنيسة أو مبنى للصلاة وقسيس. يدير البابا الأساقفة بشكل أساسي عن طريق تشريع عام، وتنشغل حكومته المؤلفة من مجموعة من الكرادلة بأمور ذات أهمية عامة، كالإرساليات والعلاقات الدولية.

ومن جانب آخر هناك أخويات أو تنظيمات رهبانية للرجال والنساء: كاليسوعيين والدومنيكان والكبوشيين والكرمليين وغيرهم، تتقاطع مع الحدود الأبرشية، يكون مجال عملها الحياة الديرية والأنشطة غير الرعوية وأيضاً في المدارس، وتدير الجماعات الرهبانية عادةً إرساليات في الخارج ومستشفيات ومؤسسات تعليمية مختلفة المستويات، ويعتمد أعضاءها بشكل رئيسي على المعونات، بينما يعتاش قساوسة الكنائس المحلية من رواتب ثابتة يحددها الاساقفة.

والسواد الأعظم من رجال الدين الكاثوليك هم من القساوسة، يدربون عادة من أربع إلى ست سنوات في معاهد لاهوتية تتبع أبرشية المنطقة أو جماعة رهبانية أو الفاتيكان،ولا يسمح لرجال الدين الكاثوليك بالزواج (مع وجود استثناءات في الكنائس الكاثوليكية الشرقية التي تبيح زواج الكهنة فقط الذين لم يصلوا الى رتبة الاسقفية).

أما نسبة الكاثوليك في كل دولة حول العالم، فلا يوجد احصائية عالمية محددة لعدد الكاثوليك في العالم وذلك مع وجود معايير مختلفة لتحديد عضوية أو هوية الكاثوليكي، ومع ذلك فمن المقدر أن نسبة الكاثوليك بين جميع الكنائس المسيحية تبلغ النصف، مما يجعل الكنيسة الكاثوليكية أكبر الجماعات أو الطوائف الدينية في المسكونة بعدد أتباع يتجاوز المليار مؤمن موزعين على الشكل الآتي (بحسب إحصائية 2005م)

الأمريكيتين: 49.8 % من كاثوليك العالم (تقريباً 541 مليون).

أوروبا: 25.8 % من كاثوليك العالم (تقريباً 282 مليون).

أفريقيا: 13.2 % من كاثوليك العالم (تقريباً 143 مليون).

آسيا: 10.4 % من كاثوليك العالم (تقريباً 113 مليون).

أوقيانوسيا: 0.8 % من كاثوليك العالم (تقريباً 9 مليون).

ما معنى البابوية

إن البابا هو رئيس الكنيسة الاعلى، وعندما ذهب بعض الحواريين ( الرسل في المصطلح المسيحي) بالذهاب الى آسيا الصغرى واليونان لنشر المسيحية هناك، كان من بين المذكورين القديس بطرس الذي أقامه السيد المسيح رئيساً على الرسل.( يوحنا: 21/15 – 17).

وفي سنة 67م قتل الامبراطور الروماني الوثني نيرون كلاً من القديسين بطرس وبولص في روما وتم صلبهما مقلوبين، والذى يوصف عصره بعصر الاضطهاد المسيحى، إذ حصد أرواح الكثير من المسيحيين أثناء توليه الحكم.

ورغم أن الإصحاحات الأولى من سفر الأعمال لا تعرف الكثير عن حياة بطرس الرسول، سوى أنه ذهب إلى روما، ووفقا للوثائق المسيحية أن بطرس عاش فى روما، لكنها قطعها بسبب اضطهاد نيرون للمسيحيين، حيث نصحه أصدقاؤه بأن يترك المدينة حتى لا يخسر فرصة استمرار التبشير، ولكن أثناء خروجه من المدينة، رأى يسوع داخلا روما، فسأل يسوع عن وجهة ذهابه، فإجابه "أنا ذاهب لروما لأصلب" فعاد إلى نفسه و دخل المدينة ثانية فرحا، فقبض عليه وصلب مقلوبا حسب طلبه، لكن هذه القصة يراها المؤلف خيالية وتحمل الكثير من المبالغة. (جون درين، مدخل للعهد الجديد).

ويوضح الكتاب أيضا أنه يوجد فى روما هناك الكثير من بقايا العظام وقبور ترجع لوقت مبكر، بعضها يعود إلى القرن الأول الميلادي، ورغم أن هذا هو قبر بطرس، بينما  يشكك البعض في أن هذه القبور ليست لأشخاص مسيحيين، إلا أن الكاتب عاد وأكد أن لا يوجد شك فى استشهاد بطرس فى وقت حكم نيرون، وأن قبره موجود فى روما، رغم عدم وجود دليل على أنه مؤسس الكنيسة الرومانية مع بولس، وأن الكنيسة قد بنيت على قبره وقبر بولس.

 أما بولس الذي كان يلقب بشاؤول فبعد اعتناقه المسيحية، حيث كان يهوديا فى الأصل، جاب سوريا وآسيا الصغرى وقبرص واليونان، مبشرا بالدين الجديد، ومن ثم ذهب إلى  روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية وعاش فيها، حتى لاقى الاضطهاد على أيدى السلطات الرومانية فى زمن الإمبراطور نيرون، وبعد صدرو مرسوما إمبراطورى بألا يكون أحد مسيحيا قتل الكثير من المسيحيين ومنهم القديس بطرس والقديس بولس. ( مفيد الزيدي، موسوعة تاريخ أوروبا - الجزء الأول).

وفي نظر الكنيسة يجسد البابا وحدة الايمان المنظورة، فأولوية البابا هي اساس لاولوية القديس بطرس كما وردت على لسان السيد المسيح في الانجيل المقدس ( متى ١٨/١٦ )، و تقوم أولوية البابا على انه بقوة وظيفته هو الأول في مصف الاساقفة، فهو رئيس الكنيسة كلها ، لذلك فهو يشد عرى الوحدة بين مختلف الكنائس عـلى اختلاف طقوسها وتقاليدها. ويزاول سلطنه العليا عليها بالتعاون مع الاساقفة . بينما لا يحق للاساقفة مزاولة هذه السلطة وحدهم دون وجود رئيسهم اي البابا - ولما كان البابا راعي كل المؤمنين، فهو يضع نفسه في خدمة الكنيسة جمعاء ويشرف على الكنائس الخاصة على اختلاف طقوسها، متمتعا بالتقدم على الكنائس الخاصة أو المحلية . وبالرغم من ان الاساقفة يزاولون السلطة مباشرة في ابرشياتهم الخاصة فللبابا بقوة رئاسته الحق بالتدخل في الامور المهمـة فيبت فيها أو بعوض عنه شخصاً يوليه حق البت فيها أخيراً، فان لاولوية البابا شأن مهم في الامور العقائدية وفي ما يخص السلطة والولاية ولذلك فله الحق، بقوة رسالته التي هي نشر الانجيل، و بعد استشارة الاساقفة وطلب رأى المؤمنين أن يصدر التعليمات الضرورية في أمور الدين والآداب لانارة المؤمنين وهدايتهم ؛ وتعتبر تعاليمه معصومة من الغلط نظراً لكونها صادرة عنه بعد تبادل الرأي بين أعضاء الكنيسة.

 ونظراً للصلاحيات الدينية العظيمة التي يتمتع بها البابا ؛ يحق له أن يمارس مختلف السلطات : التشريعية والتدبيرية ( التنفيذية ) والقضائية وقد يطيب للقارىء الكريم التعمق في أوائل تاريخ الكنيسة ليبحث عن مواقف خاصة انخذتها روما أو أسقف روما، برهنت عن ممارسته للسلطـة العليا كخليفة بطرس .(فرنسيس المخلصي، مدينة الفاتيكان، تعريب: يوسف حداد، مطبعة الاديب البغدادية، 1974م، ص8).

فالبعودة إلى أصول المسيحية حيث نرى البابا كليمانس (88 – 97م)، رابع خلفـاء بطرس على كرسي روما يمارس سلطته على كنيسة قورنثيا وكان قسم من كبارالقوم قد أبعدوا عن مراكزهم بطرق غير شرعية؛ فشعر البابا بمسؤوليته وبسلطته فكتب اليهم موبخا وأمر باعادة المبعدين الى أماكنهم . وهذا القديس اغناطيوس الانطاكي( المتوفى سنة 86م) له رسالة حررها سنة 107م الى المؤمنين في روما، تؤكد مكانة خليفة بطرس وأوليته في الكنيسة الجامعة، يقول الانطاكي : " ان الكنيسة المتقدمة في عاصمة الرومانيين تتقدم أيضاً فـي المحبة ...".( فرنسيس المخلصي، مدينة الفاتيكان، المرجع السابق، ص8- 9).

اما القديس ايريناوس اسقف مدينة لوغدونوم - ليون في بلاد الغال - فرنسا (المتوفى سنة 202م) فأنه يشير في مؤلفاتـه الى الكنيسة المؤسسة في روما من قبل الرسولين المبجلين بطرس وبولس، ويضيف :" ... انها أعظم الكنائس وأقدمها واكثرها شهرة "،  ثم يعود ليؤكد انها تتقدم على كل الكنائس الاخرى فيكتب " من أراد أن يتعلـم العقيدة الحقيقية فأنه يجدها في هذه الكنيسة الوحيدة، اذ فيها عقيدة الايمان خالية من الشوائب وقد تسلسلت من أساقفة هذه الكنيسة" . (إيرينيوس ، كتابه ضد الهرطقات ، ج3، ص2- 3). https://arz.wikipedia.org

أما البابا اسطيفان الاول (254 – 257م)  فانه يؤكد ـ كما ذكر فيرميليان۔ بانه يدير كرسي بطرس الذي عليه أرسى المسيح أسس الكنيسة ( ذكرهـا القديس قبريانوس في رسالته 75 ، 17 ) . هذه بعض الشهادت المذكورة عند الآباء الاقدمين في أماكن مختلفة، وكلها تشير الى مكانة الكنيسة الرومانية المرموقة وتقدم استفها على سائر الكنائس • ولابد من الاعترف بأن هذه الصدارة توسعت و نضجت على مدى الاجيال وعلى اثر جولات لاهوتية طويلة.

ويلاحظ أن البابوات منذ القرنين الرابع ثم الخامس دافعوا عن الامتياز الذي كانوا يتمتعون به والذي جاءهم من المسيح . كما نرى الجماعات المسيحية تستعيث بالبابوات وترفع دعواها  إليهم في محنها طالبة البت في الأمور واصدار الحكم الاخير . وبعض المجامع ـ كالمجمع السرديني (343-344م) تعلن عن رأيها بان البابا هو حارس الحق الاصيل . ونقرأ عن البابا سيرقيوس (٣٨٤-٣٩٩م ) انه أرسل تعليماته الى أسقف تيراكونا في أسبانيا بخصوص منح سر العمـاد وأمره أن يعمل بها .

وكما حدث في كنائس الغرب كذلك في كنائس الشرق، حيث نرى الاساقفة الشرقيين يرفعون طلبهم الى البابا ليبت في بعض الامور ، كما حدث للقديس يوحنا فم الذهب(347–407م ) بطريرك القسطنطينية، وعندما النام مجمع خلقيدونية سنة 451م فان الاساقفة المجتمعين صرخوا بصوت واحد بعد أن قرئت عليهم رسالة البابا لاون الكبير(440 – 461م) : "هذا هو ايمان الرسل، فأن بطرس يكلمنا بفم لاون ".

 ان الاولوية التي نتكلم عنها لا تعني فقط البت في الامور العقائدية وحل المشاكل الايمانية، بل تنطبق على الامور الادارية أيضاً : كترشيح الاساقفة ورؤساء الاساقفة والبطاركة؛ لذا نرى البابوات يمارسون حقهم في هذه الامور في مختلف الاجيال، وكان الاساقفة يتداولون ألقاباً كثيرة مثل نائب المسيح وغيرها لكن هذه الالقاب انحصرت منذ القرن الخامس الميلادي في شخص البابا حسب، أما كلمة  (بابا) ، فهي يونانية الاصل PAPAS وتعنى الاب وكانت في القديم تطلق على رجال الاكليروس دون تمييز أو حصر، ثم انحصر استعمالها بالاساقفة ورؤساء الاديرة، ومنذ مطلع القرن الخامس أفرد بها شخص الحبر الروماني، اذ نرى البابا غريغوريوس الاول ( 590 – 604م) يأمر بعدم اطلاق هذا الاسم إلا على اساقفة روما . أما في الشرق فقد دام اطلاقها حقبة طويلـة وخاصة على بطاركة الكنيسة الشرقية وبطاركة الكنائس المشرقية الاخرى المستقلة كالنسطورية، والكلدانية، والقبطية والانطاكية بشقيها السريان الارثوذكس والسريان الكاثوليك، والروم السريان، والروم الكاثوليك، والارمن السريان، والارمن الكاثوليك.

وأخذت هذه الحقوق الاساسية تثبت تدريجياً منذ القرن السابع حتى الحادي عشر ولم يطرأ عليها تبدل جدير بالذكر، خاصة بالنسبة الى الاولوية في ميدان

التعليم والتدبير فان البابوات دافعوا عنها لانها من صلاحياتهم الخاصة . أما في الشرق فان الاعتراف بالزعامة البابوية كان بين مد وجزر اذ تارة يعترف بها و يخضع لها وتارة ترفض أو تنكر وهذا هو شأنها الى يومنا هذا -واستمرت الحالة هكذا حتى انتهت إلى مقاطعة نهائية بين الكنيسـة الشرقية والغربية سنة 1054م، وفي الغرب تداعت الاولوية في فترة من الزمن على اثر انحطاط السلطة الكارلونجية نسبة الى امبراطورية شارلمان(800 – 814م) اذ كان الارتباط بينهما وثيقا تدعم الواحدة الأخرى .

ولما جاء البابا غريغوريوس السابع (۱۰۷۳ – ١٠٨٥م) كان عهده عهد ازدهار الكنيسة فاستعادت الاولوية البابوية مكانتها وقوتها، ومما ساعد على تقويتها خلق المركزية في الدوائر البابوية . وأصدر البابا المذكور براءة منها ۲۷ بندا حدد فيها سلطة البابا المطلقة في الكنيسة ازاء الاساقفة وكل ذوى المقامات العليا، ومن بين هذه البنود قانون يعلن عدم شرعية المجمع الكنسي المنعقد دون اذن البابا.

ثم حدث في الكنيسة تجدد حمل أفكاراً في بعضها شطط ومبالغة بخصوص الاولوية ، فقال بعضهم ان السلطة المدنية تأخذ شرعيتها من السلطة الروحية - وعلى هذا المبدأ فللسلطة الروحية حق التدخل في الامور المدنية - ثم ظهر رأى جديد في العصور الوسطى أطلق عليه اسم (الحركة المجمعية) وخلاصة هذا الرأي ان المجمع المسكوني هو أعلى من البابا، وهكذا رفضت الأولوية البابوية، ودامت هذه الحركة بالرغم من تحريمها الى المجمع الفاتيكانی الاول (1869 ـ 1870م ) اذ حدد هذا المجمع مبدأ الاولوية البابوية بصريـح العبارة، وهذا نصه :" ان الاولوية البابوية لا تعني التقدم الشرقي فقط ، بل أولوية التصرف الحقيقية . اذ ان المسيح وعد بطرس بها ثم عهد بها اليه وحده وليس الى جماعة الرسل أو إلى الكنيسة بحد ذاتها ...". (وثائق المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، القاهرة، دار العالم العربي، ج1، ص58).

ثم جاء المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني ( 1962 – 1965م ) ليدعم تعليم المجمع السابق بخصوص الاولوية ويحدد علاقتها الصحيحة مع الدرجة الاسقفية، وهذا نص تعليمه كما جاء في الدستور العقائدي عن الكنيسة ( البند ۲۲ - فی مجرى كلامه عن الجماعة الاسقفية ) قال : "لا سلطة لهذه الجماعة أو الهيئة الاسففية ما لم تكن، في الوقت ذاته، متحدة مع الحبر الروماني خليفة بطرس ، بوصفه رأسها، ومع بقاء سلطان رئاسته كاملا على الجميع رعاة ومؤمنين . فالحبر الروماني في الكنيسة، بحكم وظيفته، أي بوصفه نائبا للمسيح وراعي الكنيسة جمعاء ؛ يمتلك السلطة الكاملة والعليا والشاملة ويستطيع أن يمارسها دائمـاً بحرية ".(وثائق المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، المرجع السابق، ج1، ص58 وما بعدها).

في سنة 795م توفي البابا أدريانوس لاول(772 – 795م)، وانتخب بابا جديد هو لاون - ليوالثالث (795 - 816م). ولكن نظراً للفوضى المستحكمة في روما في ذلك الزمن، ووضع البابوية المقلق وغير المستقرة قام مؤيدو أدريان المتوفي يخطف البابا الجديد عندما وجدوا أنه يختلف في سياسته عن البابا المتوفى ونقلوه إلى دير القديس (إبراسموس) وعاملوه معاملة في غاية الوحشية والسوء، بحيث أصبح عاجزاً عن التعليق والرؤية تقريباً، ولكنـه عـمـد إلـى الهرب، وبعد رحلة محفوفة بالأخطار، وصل إلى قلعة شارلمان في بادریون Buderboin ،  وقد اشتد غضب الإمبراطور عند سماعه ما حدث للبابا وتعهد بحمايته، ودخل إلى روما على رأس جيش، عندها بدل خصوم البابا (ليو) موقفهم المبني على العنف، واتخذوا موقفاً جديداً أساسه المطالبة بالاحتكام، وذلك الحق الذي كان شارلمان قد أمنه لهم ، ووعاء به كما ذكرنا آنفا، بعدها عقد مجلس اتهم خصوم ليو البابا باللا أخلاقية واليمين الكاذب، والحنث باليمين، وعندما أشار أنصار ليـو إلى المبـدأ القائل بعدم جواز محاكمة البابا من قبل أية سلطة مادام أنه هو ممثل المسيح ، نهض ليو بنفسه وبحركة درامية أمسك بالكتاب المقدس وأقسم أنه بريء، وهكذا انتهت المحاكمة ورضي الفريقان بهذا الوضع الذي إن دل على شيء فهو يدل على خضوع البابا، مع أنه لم تتخذ أية إجراءات رسمية في هذا المجال، وعد هذا الحل حلا بارعاً بديعا. ينظر: (واكيم برنز، باباوات يهود من غيتو روما، ترجمه وقدم له، سهيل زكار، ص105).

وبعد سنتين حدث حادث درامي آخر كانت له نتائجه العميقة في المستقبل بالنسبة لتاريخ البابوية وقد تم هذا الحدث أثناء القداس الإلهي في بازليكا القديس بطرس من في روسياء حالما ركع الإمبراطور أمام المذبح وهو يبدو غارقا في صلاته إذا بالبابا يتقدم منه ويضع التاج الإمبراطوري على رأسه، ومع أنه من الصعب أن تصدق أن شارلمان لم يكن على علم مسبق بهذه المناورة السياسية، إلا أنه يبدو أن المؤرخين متفقون أن هذا العمل كان مفاجأة الشارفات وسواء أكان مفاجأة أم لا فالحقيقة أن ملك ببلاد الفرنجة قد أصبح إمبراطوراً للإمبراطورية الرومانية المقدسة وهكذا حيا الأساقفة والنبلاء شارلمان بحماس، وهنؤوه وهم يشهدون هذا المشهد من كتب، وعليه أعلن على الملا: "إن شارل أوغسطوس المتوج من قبل الرابة قد أصبح الإمبراطور العظيم المسالم للرومان، وليعيش حياة ملكية بالنصر والظفر".(سانت موس، ميلاد العصور الوسطى، ترجمة: عبدالعزيز جاويد، 346 – 347).

 وهكذا أصبح شارلمان رجل المسيحية الغربية الأوحاء، ليصبح داود الجديد، والرجل الذي اختاره الرب وكرسه مرشدأ للشعوب المسيحية في مدينة الله على الأرض. (تاريخ كمبردج للعصور الوسطى). أمـا مـؤرخ شارلمان الخاص فقد لقبه: "بالسيد والأب والمليك والكاهن والزعيم المرشد لجميع المسيحيين"، وهكذا برع عصر جديد إذا أخذنا المقاييس الحديثة فإننا نعد شارلمان الملك الحديد مركباً من المتناقضات حقا إنه افتح عصراً جديداً من العلم والمعرفة ندعوه عصر النهضة الكارولجية، إلا أن هذا الإمبراطور لم يحسن القراءة حتى وقت متأخر من حياته، وحتى ذلك الوقت لم يحسن القراءة تماماً، وكان مسيحيا تقيا ورعا، ومع ذلك فلم يكن يتورع عن استعمال السيف لتحويل الناس إلى المسيحية قسراً، و كان لين العريكة، حسن الأخلاق ومع ذلك ففي يوم واحد وفي مدينة فيردين على الألير Verden on the Aller  تسبب في موت خمسة وأربعين ألف رجل سكسوني بتهمة الخيانة، ولكن بالنسبة لمقاييس العصور الوسطى، لم تعاد هذه الأمور تناقضات إذ كانوا يعدون أن كل ما يصدر عن القديس والفارس والراهب والمحارب يعد مغتفراً، ومن الأمور المحترمة التي لا يجوز التصدي لها، أو حتى بعدها. (عبدالقادر احمد اليوسف، العصور الوسطى الاوروبية، جامعة الموصل،1967م، ص94)، الذي حدد 4500 سكسوني فقط قتلوا في يوم واحد على يد شارلمان، كما شن حرب إبادة ضد الآفار سنة 799م، (المرجع نفسه، ص94 – 95).

 أما المستيرون حينها فكانوا يقولون إنه لأمير بغيض كريه مستهجن أن يجـبر السكسون، والاسكندنافيون على قبول مذهب الصليب، ويقولون إنه كان من الأفضل اللجوء إلى المبشرين بالدين وإلى الأتباع ذوي المصالح الذاتية، وكان من الواجب استعمال الإقناع، وليس القوة والوحشية في هذا السبيل، ولكن هذه الأمور لم تكن ذات بـال أو خطر بالنسبة لشارلمان، فكمـا عـد قسطنطين المسيحية وسيلة للمحافظة على تماسك الإمبراطورية الرومانية، هكذا تبنى شارلمان الخطة نفسها لحل مشاكله العسكرية مع السكسونيين الجامحين العنيدين، وذلك بتحويلهم إلى الديانة المسيحية بالقوة، فالديانة المسيحية لـم تنـم وتترعرع في أوروبا في ظل جلال ووقار الرسول بطرس، بل نمت وعظم أمرها في ميادين الحروب وهكذا أصبح شارلمان منظماً ممتازاً لا بل حتى مصلحاً للكنيسة (مع أن إصلاح الكنيسة كان سيأتي من داخلها، إلا أن بداية الإصلاح بدأت على يدي شارلمان وبناء على إصراره)، والحقيقة أن هذا التدخل له أسباب مادية وجيهة، فأملاك الكنيسة قد تضحمت زمن البابا غريغوري، وكانت بحاجة إلى أكثر من شخص واحد لإدارتها، لذلك عمـد شـارلمان إلى تنصيب نفسه فيما على ممتلكات الكنيسة، ولكنه اصطدم بقضية أكثر إلحاحا وهي معالجة الفساد الداخلي في الكنيسة، إذ أن الأساقفة كان قد سمح لهم بالاستقلال الداخلي في الكنيسة، لذلك أصبحوا شديدي الحرص على زيادة مدخولاتهم المادية، ولقد أظهر بعضهم إسفافاً باستعمال الوسائل الفاضحة في هذا السبيل، فقد عمد بعض الكهنـة والأساقفة الجشعين لانتهاز فرص تعوزها اللياقة والحكمة وذلك باستغلال توفير وافتتان بعض الناس بآثار القديسين، إذ اعتقدوا أن هذه الآثار قادرة على شفاء كل الأمراض، ولهذا فقد شجع هؤلاء الكهنة العائلات الفقيرة للتضحية بكل ما يملكونه من مال لشراء ما يستطيعون شراءه من البقايا المقدسة، وهكذا أهملت شؤون الفقراء وأصبح الكهنـة يتقاضون الأموال الطائلة لقاء الخدمات الشخصية البسيطة، دونما شفقة أو رحمة، ووجدت أموال الصدقات للكنيسة طريقها إلى جيوب الاكليروس بدلا من توزيعها علي الفقراء، وأهمل القداس الإلهي، وأصبح الكهنة يتفوهون بكلمات لا معنى لها أثناء القداس، ولم يكن أحد يبالي فيما إذا فهم المتعـبـدون شيئاً أو لم يفهموا، والحقيقة أنه لما كانت الأمية متفشية بين الاكليروس لذلك أصبح من المشكوك به أن يستطيع الكثيرون منهم أن يفهموا ما يقولونه، ولذلك ففي أثناء حكـم شـارلمان كان القانون الإمبراطوري (وليس القرارات البابوية) هو الذي يصل وينقل على جميع المستويات، وأصبحت القاعدة المتبعة تقديم الحسابات الدقيقة للبلاط، وكان على الأديرة الواسعة الثراء أن تنشئ وتبني المستشفيات، وبيوت الفقراء على نفقتها الخاصة، وكان على الاكليروس أن يساهموا في مساعدة الفقراء، وقد تحدد العمل بالقانون البندكتي الذي أهمل منذ زمن طويل، فأصح البر والإحسان ليس من واجب العلمانيين فحسب بل واجبا على الكهـة والاكليروس أيضا، ومهما كانت مجهودات شارلمان فعالة ومؤثرة إلا أن الكنيـسة كانت لا تزال بحاجة إلى إصلاحات روحية فضلاً عن الإصلاحات الإدارية، وإلى التأكيدات الأخلاقية للقيم والفضائل المسيحية، وهذا هو الهم الأكبر الذي تنوء به كواهل رجال الكنيسة، ولقد زجر العالم المسيحي بالشواهد، فمع أن الفساد لم يكن قد تسرب إلى البابوية بعد، إلا أن ذلك سرعان ما حدث إذ أن العرض البابوي سرعان ما تورط في حالة من الفساد الأخلاقي ألقت الكنيسة على حافة الهاوية التي كانت تنتظرها، وظهر للعيان أن الكنيسة الفرنجية التي كان شارلمان حريصا على دعمها وتقويتها، أصبحت في حالة تدعو للأسف، وقد كتب المبشر الانكليزي بونيفيس في تقرير بعث به إلى البابا زكريا (741 -752م) حول الكنيسة الفرنجية يقول: "تجد أنه في أكثر المدن سلمت الوظائف الكنسية الى رجال من العلمانيين الجشعين، والكتبة الفاسقين والزناة ومديري الحانات والخمارات، الذين يعيشون حياتهم، ويتمتعون باسلوب دنيوي صرف حالهم منذ طفولتهم بالفسوق والزنا وعاشوا حياة مستمرة مملوءة بالقذارة، والذين وصلوا إلى مناصبهه بمفصل قذارتهم وهم مع كونهم شمامسة يحتفظون في فراشهم باریع او خمس محطیات مومسات أو أكثر، ومع ذلك فهم لا يخجلون ولا يتورعون أن يدعوا أنفسهم بالشمامسة، وأن يقرؤوا الإنجيل أثناء القداس، ويأتون وهم في هذه الحالة من القذارة وعدم الطهارة ويحضرون اجتماعات الإخوانيات الكهنوتية وهم يصرون على ارتكاب الذنوب نفسها فيضيفون ذنباً الى ذنب . ومع ذلك فهم يقومون بالأعمال الكهنوتية ويدعون القدرة على الشفاعة و تقديم القربان المقدس، والأنكى أنه في هذه الأيام ويا للأسف، ترتفع درجاتهم يوماً بعد يوم، ويكرسون ويعلن ترفيعهم إلى مقام الاساقفة، ولذا أتوسل الى قداستكم أن تتفضلوا بإدانة هؤلاء وإدانة  هذه الاعمال كتابةً حتى يقتنع هؤلاء الخطاة ويشعروا بالخزي والعار عند استلام جوابكـم الرسولي، وفوق ذلـك هـنالك بعض الأساقفة مـن هـذه الزمرة الذين ينكرون صفة الزنا والفسق عـن أنفسهم، إلا أنه من الثابت أنهم سكيرون ومشاغبون أو صيـادون في الماء العكر، فهم رجـال يقاتلون بالسلاح في المعركة، ويريقون دماء الأبريـاء بأيديـهـم سـواء أكانت ضحاباهم من المسيحيين أو الوثنيين.( واكيم برنز، باباوات يهود في غيتو روما، ص108 – 109؛ سانت موس، ميلاد العصور الوسطى، ص 349 – 350).

أما النساء اللواتي يرتدين مسوح الراهبات فكتب المبشر يونيفيس نفسه عنهن ما يلي :"إنـا سنشعر ببعـض الراحة والتفريـج عـن الـعـاراللاحق بنا، لو أن مجمعكـم المقـدس وأمراء الكنيسة أشاروا وأمروا بمنع النساء اللواتي يرتدين مسـوح الـراهـات مـن تـكـرار الحج إلى روما ، والرجـوع مـن هنـاك، لأن معظمهن يتعرضـن لـهتك أعراضـهن، ولا يبقى إلا القليلات اللواتي يحتفطن ببكارتهن، لأنه قلما تجد أية مدينة في لومبارديا أو فرانكونيا، أو فرنسا تخلو من أعمال الغش والربا، والعاهرات من أصل إنكليري".( واكيم برونز، باباوات يهود، المرجع السابق، ص109).

كانت إصلاحات شارلمان معظمها تعتمد على القوة (مما يشبه النظام البروسي – قبل ظهور المانيا) فقد كان يطلب الإشراف التام الصارم على الحياة الخاصة للاكليروس، وأمرهـم بـارتداء ملابس خاصة في الكنيسة وفي الشوارع وذلك حتى يسهل ضبـط أي كاهن ينغمس في الملذات في الجرم المشهود، إذا صـدف وانغمس في اللذائد المخصصة للعلمانيين، وهـذا القانون له صلة بموضوع كتابنا ( = باباوات يهود في روما)هذا لأن نظاماً مشابهاً قـد اتبع فيما بعـد بالنسبة لليهود، إذ عندما لاحظت الكنيسة أثناء حكم البابـا أنوسـنت الثالث (1198 ـ 1216م) يكـل استياء أن هنالك اتصالات اجتماعية حسية بين اليهود والكفار، عمدت الكنيسة إلى ابتداع ملابس مميزة لليهود بحيث يمكن إلقاء القبض عليهم واعتقالهم بالجرم المشهود، وهكذا قررالمجمع اللاتيراني الرابع (1215م) : "إنه لا يحور ولا بحال من الأحوال أن يسمح هؤلاء لأنفسهم في المستقبل في الافراط في الاتصالات الجنسية، ويدعون بالوقوع في خطأ من هذا النوع، ولذلك قررنا أن يخصص لباس خاص لليهود لتسهيل معرفتهم على الجمهور". وهكذا ظهر الى الوجود  الرداء الكهنوتي، كما ظهرت القبعة اليهودية المدببة والشعار الاصفر. ( المرجع السابق، ص109).

  ولابد أن كل من قرأ عن خبر استقالة البابا الالماني“بنيديكتس السادس عشر” من قيادة الكنيسة الكاثوليكية بالڤاتيكان  في بداية عام 2013م، وهي قبلة ومحج المسيحيين الكاثوليك من أرجاء المعمورة، سيشك في صحة السبب الذي أعلن عنه الإعلام، والذي لُخِّص في كون سنه (85 ) سنة يمنعه من الاستمرار في أداء مهامه بشكلها التام، علما أن قيادة الكنيسة الكاثوليكية يقع عليها ما يقع من تشاحن وقتال بين الباباوات. ومهما كان السبب الخفي الذي يكمن وراء حجاب الكنيسة الساتر... لن يكون بقدر الفضائح التي اشتهر بها الباباوات السابقون ممن قادوا كنائس كاثوليكية... بين من عانى من مرض “الزهري” لدرجة لم يعد قادرا على الصلاة بالناس والوعظ، وبين آخر عرف بإقامة حفلات العري والثمالة لحد العربدة...

  ويسرد موقع هسبريس لمحة عبرالتاريخ لتكشف أكبر فضائح باباوات الكنيسة الكاثوليكية، من “بيدوفيليا” العصر الحديث إلى جرائم قتل حاكمت فيها الكنيسة جثة ميت سنة 897م!!

لم يكن إنكار فعالية حبوب منع الحمل في تحديد النسل أول مواجهة بين معتقدات الكنيسة الكاثوليكية والأبحاث العلمية، بل الأمر يعود إلى القرن  السادس عشر الميلادي، حين خرج العالم (غاليلو) يعلن كروية الأرض التي تدور حول نفسها وحول الشمس، وأنها كوكب من بين كواكب عديدة داخل المجموعة الشمسية. تضارب هذا الواقع الجديد مع قرار باباوات الكنيسة الذي اتخذ شكلا مسطحا، مؤمنين أن الأرض مستقيمة وأنها مركز الكون، جعل لعنة الكنيسة تحل على العالم (غاليلو)، فمنعت الكنيسة كتبه وصادرتها، وأمرت به إلى محاكم التفتيش ثم قادته معتقلا إلى وسط روما أمام حشود من الناس حيث هددوه بالتعذيب ليتوقف عن أبحاثه!. مرض العالم (غاليلو) ولم يعش طويلا حتى يرى الكنيسة ترفع الحظر عن كتبه سنة 1822م، حيث توفي سنة 1642م، وبقي الأمر كذلك حتى منتصف القرن الماضي سنة 1960م ليتقدم بابا الكنيسة يوحنا بولس الثاني(1978 – 2005م) باعتذار رسمي لغاليلو عن التعذيب والإهانة!!! التي لحقت به طيلة قرون.

ليس السياسيون وحدهم الذين يملؤون خزائنهم بأموال الشعب، بل باباوات الكنيسة عرفوا بذلك منذ القدم، حيث المقولة الشهيرة للبابا الالماني جوهان تيتزل(1465 – 1519م): "بمجرد أن ترمي الدرهم داخل هذا الصندوق الصغير.. ستتطهر روحك من المعاصي وترتاح من عذاب الضمير”! هكذا كان البابا (جوهان)، والبابا الايطالي ليو العاشر( 1513 – 1521م) الذي لحقه لا يعطيان لنفسهما حق غفران ذنوب الآخرين فقط، وإنما يشجعان الناس على دفع المال لتنمحي خطاياهم دون اعتراف لكاهن ولا دعاء!، وقد علقوا لائحة للأسعار، كل ذنب بثمنه، ابتداء بالكذب ثم الزنا إلى القتل، حتى تقوى النشاط الاقتصادي لكنيسة “پيترز باسيليسكا” (كنيسة بطرس) وتدفق على باباواتها وكاردينالاتها وأساقفتها المال من حيث لم تحتسب!

وقد استمر الوضع كذلك إلى أن زادت حنقة الناس والعاملين بالكنيسة، وانفجر أحد الرهبان الالمان الملقب ب(مارثن لوثر)، الذي طرح وثيقة يفضح فيها هذه النشاطات بعنوان: “95 أطروحة في عام1517م"!!.

لم تكن مفاجأة أن يصدر البابا يوليوس الثاني (1433 – 1513م) للملك الإنكليزي هنري الثامن( 1491 – 1547م) إعفاءً بالطلاق، الذي كان وقتها محرما في الكنيسة الكاثوليكية، ويسمح له بالزواج من حبيبته الإسبانية “كاثرين”، فقد كان البابا نفسه متزوجا قبل أن يلتحق بالكنيسة! لكن الرهبانية لم تنزع من قلب “خوليوس” حبه للمعاشرة، فقد أنجب على الأقل ابنة واحدة غير شرعية، وهي المعروفة، وكانت له أكثر من عشيقة!، ففي سنة 1511م وجهت الكنيسة ضده اتهامات لممارساته الجنسية البذيئة واصفة إياه حرفيا باللوطي: “اللوطي المغطى بقرحات مثيرة للاشمئزاز"!!!.

كان البابا المذكور معروفا بقضائه أغلب الوقت مع أطفال صغار، وذكور يمارسون البغاء، وكان أول بابا عرف بإصابته بمرض “الزهري”، وفي يوم من أيام الجمعة سنة 1508م، أصيب بقروح مرض الزهري لدرجة لم يستطع تقديم القداس!، وعرف أيضا بصداقاته مع الفنانين، ومن بينهم الرسام (مايكل أنجيلو) الذي أجبره على رسم سقف الكنيسة.

اتفق المؤرخون جميعا على أن أسوأ بابا في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، هو البابا ألكسندر السادس(1431 – 1503م) مؤسس السيمونية (= شراء المناصب) والمحسوبية، سليل عائلة “بورجيا” الشهيرة، عرف بحفلات الثمالة والعربدة، وأشهرها سنة 1501م التي أثارت حنقة الكنيسة وسكان مدينة روما، والتي سماها حفلة: “تنافس العاهرات”! حيث رقصت 50 امرأة من جميلات القرون الوسطى فوق طاولة البابا وأصدقائه، وكان أكثرهم جماعا تلك الليلة هو الفائز، حيث منحه البابا ملابس ومجوهرات ثمينة أخذ ثمنها من صندوق الكنيسة!!.

ونتيجة لتلك الحفلات، فقد أنجب البابا “ألكساندر السادس” 6 أولاد و3 بنات مع نساء مختلفات، وفرق عليهم وظائف ضمنت لهم حياة كريمة داخل الكنيسة، بين قساوسة وباباوات!!!، وأشيع أن أحد أبنائه البررة سممه بتفاحة ليأخذ مكانه في قيادة الكنسية!

فلو قمت بزيارة كنيسة “سيستن” بالڤاتيكان ستذكر البابا سيكستوس الرابع (1414 – 1484م)!! وهو بابا أنجب ستة أطفال، والسابعة من علاقة مع شقيقته... كان يجمع الضريبة من أرباح الباغيات، ويجمع الرشاوى من القساوسة مقابل جلب العاهرات وممارسة البغاء داخل غرفهم بالكنيسة، ورغم وجود النساء في دور الرهبان، لم يمنع ذلك انتشار الشذوذ الجنسي في تلك الحقبة بين رهابي الكنائس، كما يقول المؤرخون!

وأخيرا فضيحة ليس لها علاقة لها بالجنس!، هذه الفضيحة لها علاقة بالانتقام، وهي ليست قصة فلم مختلقة، إنما حقيقة البابا ستيفن السادس(896 – 897م) الذي أراد الانتقام من سلفه البابا فورموسس(891 – 896م)، رغم أن هذا الأخير كان قد مات مسبقا!!، وعلى ما يبدو أن تنصيب “ستيفن” على رأس الكنيسة لم يكن بمحض الصدفة، ولم يشف لا تنصيبه بابا للكنيسة ولا موت سلفه غليله حول ماهية الصراع الذي كان بينهما؛ فقرر “ستيفن” حفر قبر “فورموسس” وانتشال جثته بعد 9 أشهر من وفاته، ثم ألبس الجثة ووضعها على كرسي وأخذها ليحاكمها في قاعة المحكمة!، حوكمت الجثة، وقرر القاضي أن قيادة (فورموسس) للكنيسة باطلة، وأن أيا من القرارات التي اتخذها خلال مرحلة بابويته ملغاة ولن تأخذ بعين الاعتبار ابتداء من وقت صدور الحكم، ولم يكتفي “ستيفن” بذلك الحكم العدل على جثة، إنما قطع ثلاث أصابع كان يستعملها “فورموسس” خلال خطاباته قبل أن يعيد الجثة مكانها!.

لكن القدر لم يغب طويلا حتى حكم على )ستيفن( حكما أعدل من الأول، حيث قام شغب عارم بروما واقتحم المشاغبون الكنيسة واعتقلوه وجعلوه في زنزانة انفرادية، وعثر عليه لاحقا ميتا بالخنق!، هكذا استمرت فضائح الكنيسة الكاثوليكية عبر التاريخ.. حين تتحول الكنائس إلى مجالس خمر وقلع ملابس.. ويتحول الرهبان إلى فضائح جنسية تهز أركان الفاتيكان وتقوّض مصداقية الكنيسة. المصدر: موقع هسبريس. في 14/2/2013م.

ومن جانب آخر فإن القرار المفاجئ لاستقالة البابا “بنيديكتس السادس عشر” من قيادة الكنيسة الكاثوليكية بالڤاتيكان، والذي أعلته رسميا يوم 28 من فبراير/ شباط عام 2013م، شكل صدمة لدى المسيحيين عامة، وانقساما داخل الكنيسة بين مؤيد ومعارض لهذا القرار الذي لم يتخذه أحد قادة الكنيسة منذ 600عام، إذ أن الترتيب الطبقي داخل الكنيسة، والذي يكون أعلاه البابا القائد، وتحته الكرادلة، لم يسبق أن عرف عودة أحد الباباوات طبقة إلى الأسفل، كما سيحدث الآن حين يعود البابا “بنيديكتس” بعد استقالته إلى رتبة كاردينال تحت قيادة البابا الجديد الذي يخلفه!

ولذلك يقترح كثيرون أن تكون استقالة البابا بمثابة نهاية عمله داخل الكنيسة، وأن يذهب ويستريح في أحد أديرة الرهبان المشيّد عند حدود دولة الڤاتيكان!!!، فمنذ زمن والأقاويل تتناقل عن الاستغلال الجنسي للأطفال من طرف القساوسة الكاثوليك الأمريكان، أقاويل تعود إلى سنة 1950م مع ظهور أحد الاساقفة الذي ظل يحذر من العواقب الوخيمة التي ستلطخ سمعة الكنيسة من جراء هذه الجريمة الشنعاء، لكن تستر الكنيسة وصمتها انتهى سنة 2002م، حين نشرت صحيفة (بوستن ڭلوب) الامريكية تحقيقا معمقا  في شهر يونيو/ حزيران عام 2002م، عن الكاهن (جون جيوڭان) الذي اشتبه به التحرش بأكثر من 150 طفلا على مدى فترة 30 سنة، وقد أدين الكاهن (جيوڭان) بعشر سنوات سجن نافذ، وقُتل بعد سنتين من صدور الحكم، لكن الفضيحة الحقيقية هي أن الكنيسة كانت تعلم بجريمة (جيوڭان)، وكانت طوال تلك الفترة تنقله من “أبرشية” إلى أخرى، لتبعده عن التهم والأقاويل، وكانت ترسله للعلاج النفسي!! وبقيت تتستر عليه حتى بعد خلعه من منصبه سنة 1998م.

وبعد الكشف عن قضية ذاك الكاهن المغتصب، خرجت مئات القضايا الأخرى إلى النور، بما في ذلك ملف كنيسة (لوس أنجلوس)، حيث دفعت الكنيسة 600 مليون دولار لتسوية القضية مع ضحايا عقود وعقود ممن تجرعوا ظلم الاغتصاب في صمت!!!.

 

 

 

المدارس والمعاهد الكاثوليكية تنهارعلى وقع الفساد والشذوذ الجنسي

  أظهرت وثائق رسمية إيطالية لتسجيلات تعود لاتصالات هاتفية تحسست عليها الشرطة تورط مرتل في جوقة الفاتيكان بشبكة دعارة مثلية، أمّن من خلالها عددا من الرجال المستعدين لممارسة الشذوذ الجنسي مع موظف حكومي إيطالي، يتمتع في الوقت عينه بمنصب ضمن حاشية البابا بنيديكتس السادس عشر، بالمجموعة المعروفة بـ"نبلاء صاحب القداسة."

وجاء اكتشاف هذا الدور للمرتل النيجيري (طوماس شندو إيهيم)، والميول الشاذة للموظف (أنجيلو بالدوتشي)، خلال تحقيقات كانت ترمي إلى كشف إمكانية وجود فساد في صفقات حكومية، كان بالدوتشي يشرف على تحديد الشركات الفائزة بها، وبينها أعمال البناء في مطار بيروجيا، وتعمل مجموعة "نبلاء صاحب القداسة" ضمن مناصب شرفية دون رواتب، وهم بمثابة حجّاب للبابا، وتتركز مهماتهم في استقبال رؤساء الدول والحكومات ومرافقتهم إلى مكتب البابا.

وكانت الشرطة الإيطالية قد قبضت على بالدوتشي مع ثلاثة موظفين كبار آخرين ورجل أعمال بتهمة الحصول على رشى لقاء تسهيل الفوز بصفقات حكومية، وقالت الشرطة إن الرشى توزعت على شكل مبالغ مادية أو هدايا عقارية وخدمات جنسية، علماً أن القضاء لم ينظر بالقضية بعد. وأعرب فرانكو كوبي، محامي بالدوتشي، عن غضبه حيال كشف الصفقات الجنسية لموكله وطبيعتها، وقال إن عرض الأمور الشخصية التي لا صلة لها بالتحقيقات على حد قوله "معيبة،" كما رجح أن يقوم بملاحقة المصادر التي عرضت تفاصيل حياة بالدوتشي الخاصة.

وكانت مجلة (بانوراما) الإيطالية قد أجرت مقابلة مع المرتل النيجيري إيهيم، قال خلالها إنه كان يجلب الرجال إلى بالدوتشي ليمارس الجنس معهم مع مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك ممثلين ورياضيين وعاملين في عرض الأزياء، وصولاً إلى طلاب في معاهد لاهوتية. وبحسب إيهيم، فإن بالوتشي كان يفضل الرجال الذين هم فوق سن الأربعين، ويرى أن الشباب في منتصف العقد الثاني من عمرهم "صغار جداً بالنسبة له."بحسب سي ان ان.

وتشير وثائق تسجيلات الاتصالات الهاتفية عدد من المحادثات حول القضايا الجنسية بين بالدوتشي وإيهيم، حيث يقول المرتل النيجيري للمسؤول الإيطالي خلال اتصال معه: "لدي ثلاث أو أربع قضايا جيدة جداً لك إن لم تكن مشغولاً.. بينهم رجلان من كوبا.. لقد رأيتهما يا أنجيلو وهما يشكلان فرصة جيدة.. يمكن تدبير شيء ما فوراً."

وفي اتصال آخر قال إيهيم لبالدوتشي: "إذا كنت ترغب يمكنني أن ارتب حضورهما بشكل متتالي،" فيرد بالدوتشي: "من هم الأفضل بين من عرضت علي" فيجيبه إيهيم: "الأفضل هما من ذكرتهما لك أول الأمر، رجل من بالونيا والثاني من روما." وزعم المرتل النيجيري الذي يبلغ من العمر 39 سنة أنه كان يقوم بهذه المهمة لمساعدة عائلته مادياً في نيجيريا.

بالمقابل، ذكر مصدر رفض كشف اسمه في الفاتيكان، أن البابا قرر إعفاء إيهيم من منصبه ضمن جوقة الفاتيكان، أما بالنسبة لبالدوتشي، فأشار المصدر أنه لن يتمكن حالياً من ممارسة مهامه ضمن مجموعة "نبلاء صاحب القداسة" بسبب وجوده في السجن،" وأضاف أن القضاء لم يدن الموظف الإيطالي بعد، متوقعاً أن يكون هناك موقف آخر للكنيسة في حال حصل ذلك. المصدر: شبكة صباح، بقلم صباح جاسم.

وفي السياق نفسه صرحت مديرة إحدى المدارس التابعة للكنيسة الكاثوليكية في ألمانيا بضرورة حل مجلس إدارة المدرسة بصفة كاملة ليتسنى للمدرسة أن تبدأ بداية جديدة بعد فضيحة الاعتداء على بعض تلاميذها جنسيا. وقالت (مارجاريتا كاوفمان) مديرة مدرسة أودنفالد الواقعة في جنوبي ألمانيا إن الاتهامات التي وجهت للمدرسة أساءت لسمعتها وأن حل هذه المشكلة يتمثل في حل مجلس إدارتها بصورة كاملة لتمهيد الطريق أمام بداية جديدة. وصرحت كاوفمان لصحيفة (فرانكفورترروندشاو) الصادرة غدا الاثنين قائلة "أعتقد أن مجلس الإدارة الذي أنتمي إليه لابد أن يستقيل بصفة كاملة"، ومع ذلك أبدت كاوفمان رغبتها في إدارة المدرسة التي تقع في دائرة هيبنهايم جنوب ولاية هيسن الألمانية، مضيفة أنها "ستقوم بمهامها المنوطة بها كمديرة للمدرسة حاليا بصورة كاملة". وأعلنت كاوفمان التي تدير المدرسة منذ عام 2007م أنها ستقدم "المساعدة من الخارج" في التحقيقات الدائرة بشأن الفضيحة التي أساءت لسمعة المدرسة. ويضم مجلس إدارة المدرسة سبعة أشخاص من بينهم مديرتها كاوفمان.

الفاتيكان: من الخطأ التركيز على الكنيسة وحدها

وقال الفاتيكان رداً على هذه الانتهاكات التي تجري في المعاهد والمدارس التابعة له، انه من الخطأ القاء اللوم في اساءة معاملة الاطفال على الكنيسة الكاثوليكية ونفى اتهامات بأنه حاول التستر على أعمال تحرش جنسي بالاطفال لرجال دين تابعين له في انحاء اوروبا، واعترف الاب ( فيديريكو لومباردي) المتحدث باسم الفاتيكان "بعمق الازمة التي تمر بها الكنيسة" بعد ظهور ادعاءات جديدة في الاسابيع الاخيرة بشأن انتهاكات جنسية واسعة من جانب رجال دين في المانيا والنمسا وهولندا. ولكنه أنكر ادعاءات ساقها وزير في الحكومة الالمانية بأن الفاتيكان تواطأ للتستر على انتهاكات جنسية للاطفال، وزعمت تقارير الشهر الماضي ان قساوسة كاثوليك استغلوا جنسيا أكثر من 100 طفل في المدارس اليسوعية هناك بحسب رويترز.

وقال لومباردي لراديو الفاتيكان "ارتكبت اخطاء من جانب المؤسسات وأعضاء في الكنيسة وهناك لوم مستحق خاصة بالنظر الى المسؤولية التعليمية والاخلاقية للكنيسة."واضاف "ولكن كل شخص موضوعي ومتنور يعلم ان الامر اوسع كثيرا وتركيز الاتهامات على الكنيسة وحدها يجعل الامور تخرج عن نصابها." واستشهد لومباردي بتقرير حديث للسلطات النمساوية أورد تفصيلا 17 حالة انتهاك في مؤسسات ذات صلة بالكنيسة الكاثوليكية ولكنه تضمن ايضا 510 حالات في مؤسسات اخرى. وقال "سيكون من الافضل القلق بشأن هذه ايضا."

وجاءت أحدث الادعاءات بعد سنوات من فضيحة مدوية في ايرلندا والولايات المتحدة، ودفعت الكنيسة الامريكية الكاثوليكية نحو ملياري دولار لتسوية قضايا مع ضحايا منذ عام 1992م. وقالت الكنيسة الكاثوليكية الهولندية انها ستطلب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للنظر في أكثر من 200 تقرير عن مزاعم بانتهاكات جنسية من جانب قساوسة وذلك ردا على ظهور مزيد من الضحايا.

وغضب الالمان بسبب تقارير عن اساءة معاملة من جانب القائمين على المدارس اليسوعية وادعاءات بالضرب وانتهاكات جنسية في ثلاث مدارس كاثوليكية في بافاريا من بينها واقعة ذات صلة بجوقة راقية أدارها شقيق بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر من 1964 الى 1994م. واعترف جورج راتسينجر (86 عاما) بانه صفع التلاميذ على وجوههم لتأديبهم ولكنه نفى معرفته باي انتهاك جنسي.

شقيق البابا بنيديكتس السادس عشر: قضية الاستغلال الجنسي لم تُطرح يوما

  ومن ناحيته أكد المونسنيور (غيورغ راتسينغر) شقيق البابا بنيديكتس السادس عشر ان قضية الاستغلال الجنسي "لم تطرح يوما" في الجوقة الالمانية التي كان يقودها في ريغنسبورغ، ودان العقوبات الجسدية التي تعرض لها تلاميذ. وقال غيورغ راتسينغر (86 عاما) لصحيفة "باسوير نيوي بريسي" ان "مشكلة الاستغلال الجنسي التي كشفت الآن لم تبحث يوما"، مضيفا "لم نتحدث ابدا عن هذا النوع من الامور داخل كنيستنا".

وكان المخرج والمؤلف الموسيقي (فرانتس فيتنبرينك) الذي كان طالباً في مدرسة داخلية في الكنيسة وعضوا في الجوقة حتى عام 1967م تحدث عن استغلال جنسي تعرض له عدد كبير من التلاميذ من قبل مدير سابق للمؤسسة.

وكشفت هذه الفضيحة في نهاية كانون الثاني/يناير عام2010م بشأن معهد كانيسيوس اليسوعي في برلين الذي اعترف بحدوث انتهاكات جنسية في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، تورط فيها مدرسان سابقان على الاقل، ومنذ ذلك الحين كشفت حالات كثيرة اخرى يعود معظمها الى عقود في المانيا حيث استقال عدد كبير من رجال الدين. بحسب رويترز.

ودان شقيق البابا العنف الجسدي الذي تعرض له تلاميذ الجوقة من قبل مدير المدرسة، وقال "لو عرفت درجة العنف المفرط لتحركت، لقلت شيئا ما". واضاف "اطلب الصفح من الضحايا". وأوضح ان "تلاميذ رووا لي خلال جولات عن الطريقة التي يعاملون بها (...) لكن رواياتهم لم توح لي بان علي ان افعل شيئا ما". وتابع "كنت اعرف ان المدير العام السابق (للمدرسة) كان يصفع التلاميذ بقوة (...) ولاسباب سخيفة في بعض الاحيان". لكنه رأى في الوقت نفسه انه اسلوب كان شائعا في تلك الفترة.

وبينما تواصل فضيحة حالات الاستغلال الجنسي التي تهز الكنيسة الكاثوليكية في المانيا تصاعدها منذ كانون الثاني/يناير قالت وزيرة العدل الالمانية سابين لويتهويسر شنارنبرغر الثلاثاء انه يجب دفع تعويضات مالية للضحايا. وكانت الوزيرة الالمانية صرحت لاذاعة "دويتشلاندفونك" ان "جدارا من الصمت رفع في عدد كبير من المدارس والمؤسسات"، متهمة الفاتيكان بعرقلة التحقيقات في هذه الفضيحة.

وانتقلت القضية الى النمسا حيث اعلن مسؤول في كنيسة سالزبورغ انه يشتبه بحدوث حالات استغلال جنسي في مؤسستين دينيتين نمساويتين، واعترف في تصريح للاذاعة العامة بأنه استغل شابا نمساويا يبلغ من العمر اليوم 53 عاما، لكنه عرض عليه في نهاية 2009م تعويضا بمبلغ خمسة آلاف يورو مقابل صمته، وأكد اسقف سالزبورغ (الويس كوتغاسر) انه بمثابة "تعويض".

البابا يدعو الأساقفة إلى إعادة مصداقية الكنيسة

ومن جهته دعا البابا بنيديكتس السادس عشر حوالى عشرين من اساقفة ايرلندا استقبلهم مؤخرا في الفاتيكان الى اتخاذ اجراءات "عملية" من اجل "اعادة المصداقية الاخلاقية والروحية للكنيسة" التي تهزها فضيحة التحرش الجنسي بالاطفال. وتعهد الاساقفة الايرلنديون خلال اللقاء التعاون مع القضاء في بلدهم حيث اتهمت الكنيسة الكاثوليكية بالتغطية على ممارسات كهنة تحرشوا جنسيا بمئات الاطفال خلال عقود من الزمن على ما ذكر الفاتيكان. وفي بيان نشره الفاتيكان بعد اللقاء، وصف البابا هذه الاعمال بأنها "جريمة دنيئة" و"خطيئة مميتة تشكل اهانة للرب وتجرح كرامة البشر الذين خلقوا على مثاله".

وندد بنيديكتس السادس عشر ايضا ب"فشل سلطات الكنيسة الايرلندية طوال سنوات في العمل بفعالية لمواجهة هذه الحالات من الاستغلال الجنسي للاولاد من قبل افراد في السلك الكهنوتي الايرلندي ورجال دين". ودعا البابا الاساقفة الى "الانكباب على مشكلات الماضي بحزم ومواجهة الازمة الراهنة بكل صدق وشجاعة (...) مع الادراك بأن الوضع الحالي المؤلم لن يحل بسرعة". كما دعاهم الى اتخاذ "تدابير واضحة لتضميد جراح اولئك الذين تعرضوا للاستغلال الجنسي (...) واعادة المصداقية الروحية والاخلاقية للكنيسة". واعتبر ان "ضعف الايمان كان عاملا حاسما أسهمَ في ظاهرة الاستغلال الجنسي للقاصرين". وطلب في هذا الخصوص "تأملا لاهوتيا عميقا" ودعا الى "تحضير افضل بشري وروحي واكاديمي ورعوي للمرشحين لدخول السلك الكهنوتي والحياة الدينية." وقال البابا انه سيوجه خلال فترة الصوم رسالة رعوية الى الكاثوليكيين في ايرلندا تمت مناقشة مشروعها خلال لقاءات في الايام الاخيرة.

فضائح الاعتداءات الجنسية بالمعاهد اليسوعية في المانيا

  في أول رد فعل على فضيحة الاعتداءات الجنسية بالمعاهد اليسوعية في ألمانيا، أعلنت إدارة تلك المؤسسات أن عميد كلية الويسيوس في بون الأب (ثيوشنايدر) قد استقال من منصبه بأثر فوري، وكانت مجلة دير شبيغل الصادرة الاثنين قد نشرت تحقيقاً مثيراً تناول الاعتداءات الجنسية في المعاهد اليسوعية في ألمانيا حيث أظهر وجود هذه الحالات المخلة في أربعة وعشرين أبرشية من أصل سبعة وعشرين.

وكان طالب سابق في الكلية المذكورة يبلغ من العمر اثنين وستين عاماً، قد اشتكى من أنه تعرض في الماضي للاغتصاب على يد قس، ولاحقاً وجّهَ طالب آخر تهمة مماثلة، ثم اتهم طالب يدعى ميغيل ابرانتس عدداً من القساوسة بأنهم مارسوا اعتداءات جنسية ضده ورفاقه على مدى سنوات في مدرسة (باد غودسبرغ)، كما نشر طالب سابق يبلغ من العمر سبعة وثلاثين عاماً كتاباً تحت عنوان "بوب ساكرا" يروي فيه تجربته في إحدى المدارس الدينية. بحسب وكالة رويترز.

وجاءت خطوة الأب شنايدر بسبب الاتهامات الموجهة ضده حول تواطؤه في بعض من حالات الاعتداء الجنسي، حيث قبلت استقالته وسيعنى بتسيير الكلية مدير مؤقت، وفقاً لما نقلته وكالة "آكي" الإيطالية للأنباء. وكان البابا بنيديكتس السادس عشر قد دان الكهنة الذين قاموا باغتصاب الأطفال، وقال خلال كلمة أمام المجمع الفاتيكاني للأسرة "إن الكنيسة عززت على مر القرون مبدأ حماية كرامة وحقوق الأطفال واعتنت بهم." وأضاف قائلاً: "للأسف، في كثير من الحالات قام بعض أعضاء الكنيسة بانتهاك هذه الحقوق، والكنيسة لن تكل عن إدانة هذا السلوك واستنكاره."

وكانت الكنيسة في أيرلندا، قد تلقت ضربة موجعة للثقة فيها، بعد أن قال تقرير حكومي نشر في نوفمبر/تشرين ثاني عام2003م، إن "أبرشية دبلن، وعدد آخر من الكنائس والمؤسسات الكاثوليكية الأيرلندية أخفت عمليات تحرش جنسي ارتكبها كهنة بحق مئات الأطفال في التسعينيات." وقال تقرير لجنة التحقيق التي شكلتها أبرشية دبلن، والذي جاء في 720 صفحة إنه "مما لا شك فيه أن اعتداء الكهنة على الأطفال جنسيا تم التستر عليه،" بين يناير/كانون ثاني عام 1975م وحتى أيار/مايو 2004م وهو الوقت الذي غطاه التقرير.

الفاتيكان يطرد حاجبا للبابا متهم بالدعارة

ووردَ اسم حاجب للبابا بنيديكتس الستدس عشر وعضو بجوقة خاصة في كاتدرائية القديس بطرس ضمن شبكة دعارة للشواذ جنسيا وذلك في أحدث فضيحة جنسية تلطخ الفاتيكان.

وطرد الفاتيكان جيندو ايهايم -وهو نيجيري- من جوقة جوليا بعد ان ظهر اسمه في نصوص اتصالات هاتفية سجلتها الشرطة ونشرتها صحيفة ايطالية في اطار تحقيق في قضية اخرى. وقامت الشرطة بتسجيل تلك الاتصالات في اطار تحقيق في فساد في عقود لبناء أشغال عامة.

وكان اربعة اشخاص اعتقلوا الشهر الماضي في فضيحة الفساد من بينهم (انجيلو بالدوشي) وهو مهندس وعضو بمجلس ادارة الاشغال العامة الايطالية ومستشار انشاءات للفاتيكان. واعتقل بالدوشي بتهم الفساد، وتكشفت اتهامات الدعارة في وقت لاحق بحسب رويترز.

وبالدوشي عضو ايضا في جوقة مختارة تضم حجابا يستدعون للعمل في القصر الرسولي للفاتيكان في مناسبات مهمة مثل استقبالات البابا لرؤساء دول أو عندما يرأس البابا مناسبات كبيرة. وأفراد تلك الجوقة هم الذين حملوا نعش البابا يوحنا بولس اثناء مراسم جنازته في 2005م. واظهرت مقتطفات نشرت في صحيفة لاريبوبليكا الايطالية أن ايهايم (40 عاما) كان على اتصال منتظم مع بالدوشي قبل اعتقال الاخير الشهر الماضي وان موضوع محادثاتهما كان جنس الشواذ. المصدر: شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 14/آذار/2010 - ما ليس في الحسبان!

انتقادات جديدة للفاتيكان بشأن الشذوذ الجنسي

  لقد أثارت تصريحات وزير خارجية الفاتيكان (الكاردينال تارشيزيو بيرتوني) الأخيرة جدلاً حادا في الأوساط السياسية وجمعيات حقوق المثليين عندما شبّه الانتهاكات الجنسية التي هزت الكنيسة الكاثوليكية مؤخرا بسلوك المثليين. وقال بيرتوني للصحفيين، خلال زيارته لتشيلي "إن العديد من علماء النفس قد أثبتوا أنه لا يوجد أي ارتباط بين التحرش الجنسي والعزوبية، بينما أثبت آخرون أن التحرش الجنسي مرتبط بسلوك المثليين". تأتي هذه التصريحات في وقت تتعرض فيه الكنيسة الكاثوليكية لاتهامات بالتستر على فضائح جنسية ارتكبها قساوسة في مختلف الأبرشيات العالمية منذ أكثر من خمسين عامًا.

وتوجه أصابع الاتهام بشكل خاص إلى البابا بنيديكتس السادس عشر الذي تجاهل حسب صحيفة نيويورك تايمز شكاوى من انتهاكات جنسية قام بها كهنة، وذلك عندما كان مسؤولاً عن "هيئة عقيدة الإيمان".

وتعليقا على تلك الاتهامات قال الصحفي والخبير بشؤون الفاتيكان( أوراتسيولاروكا ): "إنها لمأساة أن تخفي الكنيسة قضايا الفضائح الجنسية"، لكنه أعرب عن شكوكه في أن تكون هناك هداف أخرى وراء هذه الحملة القادمة من الولايات المتحدة ضد بابا الفاتيكان. وذكّر لاروكا في حديث للجزيرة نت بأن أول مرة تحدثت فيها الصحف الأميركية عن التحرشات الجنسية بأطفال في الكنائس الكاثوليكية جاءت بعد انتقادات البابا الراحل (يوحنا بولص الثاني) للحرب الأميركية على العراق وانتقاده للرئيس جورج بوش، ووصف لاروكّا الكهنة الذين ارتكبوا الانتهاكات الجنسية بأنهم أنذال، وأعرب عن أمله في أن توقع بهم أقسى العقوبات لكنه رفض أن يربط انتهاكات الكاهن الشاذة بالعزوبية.

 ومن جهته قال عالم اللاهوت السويسري (هانس كونغ) المعروف بانتقاداته للفاتيكان إن سياسة البابا بنيديكت السادس عشر فشلت في إجراء تعديلات على المؤسسة الدينية، خاصة فيما يتعلق بالأخلاقيات الجنسية. وقال كونغ في مقال نشر بصحيفة لاريبوبليكا الإيطالية أمس الخميس إنه كان الأحرى ببابا الفاتيكان أن يتحدث خلال قداس الفصح الماضي عن قضايا التحرش الجنسي بدلاً من التزام الصمت. وأشار كونغ إلى أن قضايا التحرش جُمعت من قبل "هيئة عقيدة الإيمان" عندما كان البابا الحالي نفسه مسؤولاً عنها، لكنها عولجت بسرية تامة وفرض على الأساقفة الكتمان مع أن مرتكبي الانتهاكات قد نالوا عقوبات قاسية حسب القانون الكنسي.

وفي غضون ذلك، يعيش الفاتيكان حالة تأهب قبل زيارة البابا بنيديكتس السادس عشر لمالطا يومي 17 و 18 أبريل/نيسان عام2010م في ذكرى غرق سفينة القديس بولص قبالة سواحل الجزيرة منذ 1950عامًا. وأشار الناطق باسم الفاتيكان (فيديريكو لومباردي) في مؤتمر صحفي خاص برحلة البابا إلى مالطا إلى أنه لا يُستبعد أن يلتقي البابا بعض ضحايا التحرشات الجنسية في مالطا. وكان هناك تخوف من أن يتعرض البابا في رحلته إلى مالطا لمظاهرات أو شتائم، حيث نقلت الصحف الإيطالية صورًا لتظاهرة فنية للنحات المالطي (بول فيللا كريتيان) بينها عمود ذو إيحاء جنسي نُصب في بلدة لوكا التي سيمر بها البابا بعد دقائق من وصوله للجزيرة.

وقبل أيام من وصوله إلى مالطا تعرضت صور البابا التي وضعت على الطرقات استقبالا له، للتشويه حيث كتبت عليها شتائم ورسم شارب هتلر على وجهه.  وفي محاولة للدفاع عنه أعلن "مجلس الشورى العلماني الوطني" التابع لمجلس الأساقفة يوم 16 مايو/أيار 2010م يوم تضامن مع بابا الفاتيكان، حيث ستتجمع نحو 70 مؤسسة كنسية في ساحة القديس بطرس بوسط روما للإعراب عن تضامنها مع البابا ضد ما تعتبره حملة تعرض لها في الآونة الأخيرة. المصدر : الجزيرة نت. غادة دعيبس- روما في 16/4/2010.

شذوذ القساوسة الجنسي وراء استقالة البابا بنيديكتس السادس عشر

  وفي الصعيد نفسه ذكرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية في عددها 23/2/2013م أن تقريرا صحفيا عزا استقالة البابا بنيديكتس السادس عشر من منصبه راعياً للكنيسة الكاثوليكية إلى الكشف عن شبكة من الأساقفة الشاذين جنسياً داخل الفاتيكان، تعرض بعضهم للابتزاز من أشخاص في الخارج، وامتنع الناطق الرسمي باسم البابا عن تأكيد أو نفي التقرير الذي أوردته صحيفة "لاربوبليكا" اليومية الإيطالية، وقالت الصحيفة الإيطالية إن البابا اتخذ قرار استقالته في 17 ديسمبر/كانون الأول عام2012م، وهو اليوم الذي تلقى فيه ملفاً جمع بياناته ثلاثة من الكرادلة، أُنيطت بهم مهمة النظر في قضية تسريب وثائق سرية من الفاتيكان فيما عُرف بفضيحة "فاتيليكس".

وكان باولو غابرييلي - كبير خدم بابا الفاتيكان - قد اعتُقل في مايو/أيارعام2012م بتهمة سرقة وتسريب مراسلات بابوية صورت الفاتيكان على أنه بؤرة تمور بالدسائس والصراعات الداخلية. وطبقا لصحيفة "لا ربوبليكا"، فإن الملف الذي يتألف من "مجلدين من 300 صفحة تقريبا" أُودع في خزانة حديدية بالشقق البابوية، وسيسلم إلى البابا الجديد بعد انتخابه.

وفي اقتباس واضح من تقرير الكرادلة، قالت: "لاربوبليكا" إن بعض مسؤولي الفاتيكان خضعوا "لنفوذ خارجي من أشخاص عاديين تربطهم بهم علاقات ذات طبيعة دنيوية". ونقلت عن مصدر وصفته بأنه وثيق الصلة بمن أعد التقرير من الكرادلة، القول "إن كل شيء يدور حول عدم التقيد بما جاء في الوصيتين السادسة والسابعة من الوصايا العشر التي أنزلها الله تعالى على نبيه موسى (عليه السلام)". وهاتان الوصيتان تحرمان الزنا والسرقة على التوالي.

وفي تطور آخر ذي صلة بالديانة المسيحية، اقترح أكبر رجال المذهب الكاثوليكي في بريطانيا أن يُسمح للقساوسة بالزواج وممارسة الجنس، في خطوة اعتبرتها صحيفة "إندبندنت"  البريطانية انحرافاً كبيرا عن التعاليم السائدة حاليا في الكنيسة، وقال رئيس أساقفة سانت أندروزوإدنبره (الكاردينال كيث أوبراين) في مقابلة مع تلفزيون بي بي سي إن على البابا الجديد أن يعمل على تعديل القوانين المتعلقة بتبتل القساوسة "لأن ليس لها أصل في الدين". المصدر: صحيفتي الإندبندين والكارديان البريطانيتان.في 23/2/2013.

 

أسباب استقالة البابا بنيديكتس السادس عشر في عام2013م

  ومن جهته شكك كثيرون في تصريحات البابا والأسباب التي برر بها استقالته التي أعلنها مؤخرا، واعتبروها غير مقنعة، وتضاربت الآراء حول هذه الخطوة غير المسبوقة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية منذ 600عام، عندما قام البابا (شيليستينو الخامس) بالاستقالة، وإن كانت الأسباب والظروف مختلفة عن اليوم. واعتبر العالم الكاثوليكي والعالم الغربي إعلان بابا الفاتيكان بنيديكتس السادس عشر التنحي عن سدة البابوية يوم 28 فبراير/شباط عام2013م بالقرار الشجاع والاستثنائي، لما يحمل في طياته من مسؤولية كبيرة لرئيس الكنيسة الكاثوليكية.  وجاء قرار البابا المفاجئ خلال جلسة استثنائية للكرادلة على هامش اجتماع للمجلس البابوي، مبررا ذلك بأن صحته وسنه لم يعودا ملائمين لقيادة الكنيسة، وقال البابا "بعد أن فحصت ضميري أمام الله تيقنت بأن قوتي وتقدمي في السن أصبحا غير ملائمين لممارسة منصب الوزارة البطرسية، كما أن عالم اليوم يخضع لتغيرات سريعة، وتحركه مسائل لها أهمية كبيرة لحياة الإيمان، لهذا أُعلن تنازلي عن منصب أسقف روما".

ويرى أستاذ التاريخ في جامعة الدراسات العليا في مدينة بيزا الإيطالية (البروفيسور دانييلي مينوتسي) في حديث للجزيرة نت، أن مشاكل كثيرة هي التي قد تكون تسببت باستقالة البابا، ويذكر مينوتسي في هذا الصدد فضائح الفساد والاعتداءات الجنسية والصراع على السلطة والخلافات حول "عقيدة الإيمان"، معتبرا أن كل هذه المشاكل ألقت بثقلها على البابا بحيث لم يعد قادراً على إدارة الحكم بنفس النهج السياسي الذي اتبعه حتى الآن. لكن المشكلة الحقيقية كما أوضح مينوتسي، هي عدم مواكبة الكنيسة للعصر الحديث، "فمنذ تسلم البابا منصبه عام 2005م أصبحت الكنيسة أكثر تزمتاً، وخاصة فيما يتعلق بفرضية الحقيقة الحصرية الصالحة لكل زمان ومكان كمعيار عالمي". ويضيف أن هذه الفرضية خلفت اعتراضات كثيرة في كنيسة روما لأنها تصر على أن المبادئ والقيم الكاثوليكية غير قابلة للنقاش وتنطبق على كافة المجتمعات والسياسات بالتساوي، معتبرا أن هذا يدل على انغلاق الكنيسة تجاه العالم الآخر والحوار مع الديانات الأخرى.

من جهتها ذكرت الباحثة البلجيكية (البروفيسورماركو فينتورا)، أن البابا برر استقالته بمشكلة صحية "لكن المشكلة الحقيقية هي الصراع من أجل الدين في عالم علماني سريع التغيرات، فالبابا ضحية مثله مثل باقي القيادات الدينية للتغييرات السريعة، ولفكرة أن العلمانية تتناقض مع الدين". وأضاف فينتورا للجزيرة نت، أن البابا ركز على السلطة واللاهوت منذ المجمع الفاتيكاني الثاني ولم يترك حيزاً لإبداعات جديدة لإدخال تغييرات على الكنيسة، وركز على شخص الكاهن، واستثنى المرأة من الكهنوت ووطد السلطة الذكورية والهرمية للكنيسة، لكن استقالته أثبتت أنه لم يكن بمقدوره الاستمرار في هذه السياسة المتناقضة مع العصر الحديث.

وفيما يتعلق بالبابا القادم، توقع فينتورا أن يكون من الولايات المتحدة " لأنها أصبحت المكان الذي يشهد تزايدا في أتباع الديانة الكاثوليكية المتشددة، لكنه أبدى تخوفه من تأثير البابا المستقيل على البابا المنتخب، "لأنه سيكون هناك اثنان وليس واحداً، بما أن بنيديكتس السادس عشر تنحى عن منصبه ولم توافه المنية مثلما يحصل عادة في تاريخ الكنيسة".

وبحسب مينوتسي، سيعتمد ذلك على اختيار الكرادلة للبابا الجديد، وما إذا كانوا سيختارون بابا على نهج البابا المستقيل أم أنهم سيدركون أن سياسته أظهرت ضعفها وبالتالي يلزم الأمر اختيار بابا قادر على التغيير والتحديث؟. المصدر: الجزيرة نت.

بدايات التحرش الجنسي في عام 1985م

  قد تكون بدايات النحرش الجنسي لرجال الكنبسة الكاثولية بشتى مراتبهم الكنسية قديمة، ولكنها ظهرت للملاْ بحق الكرادلة في عام 1985م في  ولاية لويزيانا الأمريكية بعد ما اعترف الكاهن (جيلبرت جوث) بالاعتداء الجنسي وإساءة معاملة 37 صبيا، بالإضافة إلى اعترافه بأنه مُذنب في الـ34 تهمة جنائية الموجهة له بحسب صحيفة نيويورك تايمز، وحُكم على جوث بالسجن لمدة 20 عاماً، لكنه أفرج عنه بعد عشر سنوات فقط. وبحسب وكالة رويترز فإن البابا فرانسيس طالب بضرورة تسريع وتيرة التحقيقات التي يخضع لها الكرادلة المتهمين بالاعتداءات الجنسية. وأضافت أنه خلال اجتماع البابا بعدد من الكرادلة الذين يجتمعون في الفاتيكان 4 مرات خلال العام الواحد من أجل مناقشة عدد من الأمور الهامة والتي كان من بينها هذا العام قضية الاتهامات الجنسية.

وقال المتحدث باسم الفاتيكان (جريج بورك) أن البابا ناقش مع الكرادلة خلال الاجتماع الخطوات التي من الممكن أن يتخذوها من أجل الإسراع من وتيرة التحقيقات المتعلقة بالتحرش الجنسي. وأضاف أن من بين تلك الإجراءات هو إقامة عدد من المحاكم الإقليمية بعدد من الدول من أجل أن تتابع التحقيقات مع الكرادلة والكهنة المتورطين في تلك القضايا.

وتجدر الاشارة إليه أنه عندما اُنتخب البابا الارجنتيني فرانسيس زعيماً للكنيسة الكاثوليكية (بابا) منذ نحو ثمانية أعوام، وتحديداً في 13 مارس/ آذار من عام 2013، تم اصطحابه في جولة - مثله في ذلك مثل أي بابا سبقه - من كنيسة سيستين إلى "غرفة الدموع"، وهي المكان الذي يتوقف بداخله أي بابا جديد لبضع لحظات، ودون شك ذرف الكثير منهم بضع دمعاتٍ في هذه الغرفة وهم يفكرون في المسؤولية الضخمةالمُلقاة على عاتقهم، قبل أن يخرج ليطل من شُرفة كاتدرائية القديس بطرس ليحيي العالم كقائدٍ جديد للكنيسة الرومانية الكاثوليكية.

ووفقًا لما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية فإنه عند ظهور البابا فرانسيس، الذي كان يعرف حتى ذلك الوقت بـ"خورخي بيرغوليو"، أسقف العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، لأول مرةٍ في تلك الليلة، بدا متفائلاً بشكل ملحوظ، ومزح قائلاً إن الكرادلة قد ذهبوا إلى أطراف الكرة الأرضية لاختيار البابا الجديد. لكن لو كان البابا يعلم كيف ستسير السنوات الثماني الأخيرة، لكان انفجر في البكاء داخل "غرفة الدموع، حسب ما جاء في تقرير الصحيفة.

بينما حظى البابا فرانسيس بشعبيةٍ ضخمة في معظم أرجاء العالم سواء في الأوساط الكاثوليكية وغير الكاثوليكية، فقد عانى من معارضةٍ شرسةٍ داخل الفاتيكان بسبب سعيه لأن تواكب الكنيسة الكاثوليكية ما يجري في القرن الحادي والعشرين، حيث كافح من أجل إصلاح الحكومة، وحاول إقناع الكرادلة بمراجعة آرائهم بشأن الطلاق والزواج مرة أخرى، ولاقى معارضةً واضحة من بعض الأساقفة المتمردين.

و مع بداية "الصوم الكبير"، وهو واحدة من أهم الفترات في تقويم الكنيسة، وهي الفترة التي يصوم خلالها الكاثوليك، ويقدمون الصدقات ويتأملون في الذنوب البشرية، في الفترة التي تسبق إحياءهم لذكرى صلب المسيح وعيد الفصح. وتتميز هذه الفترة عادةً بالتقوى وفعل الخير، سيغادر البابا روما، الأحد 5 مارس/ آذار 2017م، بصحبة أعضاء الكوريا الرومانية، وهي الجهاز الإداري والتنفيذي والاستشاري الذي يساعده في الفاتيكان على إدارة مهامه المختلفة، من أجل بدء فترة اعتكاف روحي لمدة خمسة أيام.

البابا سيترك دولة محاطة بالاضطرابات والتمرد، وهناك شائعات تزعم أن أعداداً متزايدة من المواطنين في الفاتيكان ترى أنه يجب أن يرحل، وفي يوم أربعاء الرماد، أول أيام الصوم الكبير، تلقى البابا ضربة موجعة من أعدائه، حيث تقدمت (ماري كولينز) التي نجت من حادث اعتداء جنسي بالكنيسة في صغرها، وكانت آخر الأعضاء الباقين باللجنة التي فوضها البابا للتصدي لحالات الاعتداء الجسدي على الأطفال في الكنيسة، باستقالتها من اللجنة، معربة عن خيبة أملها بسبب عدم إحراز أي تقدم وما سمته "الغياب المخزي للتعاون" من جانب المسؤولين المعنيين بحالات الاعتداء الجسدي، لافتة إلى تعنت أعضاء الكوريا الرومانية أو الهيئة الحاكمة في الفاتيكان، وهي الهيئة التي يرغب البابا فرنسيس في إصلاحها.

وباستقالة كولينز من لجنة حماية القاصرين، التي شكلها البابا للتحقيق في فضائح الاعتداء الجنسي للكهنة والقساوسة بمختلف أنحاء العالم، وتواجد الباحث البريطاني (بيتر ساوندرز) عضو اللجنة والذي تعرض هو الآخر لاعتداء جنسي من أحد القساوسة، في إجازة لأجل غير مسمى، فقد فقدت اللجنة مصداقيتها.

واعترض مسؤولو الكوريا الرومانية =) الدائرة الرومانية Curia Romana) أي ما يقابل أمانة سر الدولة على توصية اللجنة بضرورة إنشاء محكمة للتعامل مع حالات الأساقفة المتهمين بالاعتداء الجنسي، على الرغم من موافقة البابا نفسه عليها، وتضع المعارضة التي يواجهها البابا فرانسيس الكنيسة في منطقة مجهولة، وقال (ماسيمو فاجيولي)، وهو عالم لاهوت بارز وصحفي متابع لأخبار الفاتيكان: "الوضع والحالة في الفاتيكان هي السبب وراء ذلك. إنها معارضة ثقافية وسياسية كانت ظاهرة بالفعل بعد أسابيع قليلة من انتخاب البابا فرانسيس، إنهم يعارضون تغيير أسلوب وموقف الكنيسة والتحول من التقاليد الغربية إلى التقاليد العالمية"..

في أيام فرانسيس الأولى كبابا للفاتيكان، ركَّزت الأصوات الخافتة في الفاتيكان على الإصلاحات المالية التي يريد القيام بها. استقال البابا بينيديكتس السادس عشر بعد سلسلةٍ من التسريبات عُرفت باسم "فاتيليكس"، والتي كشفت عن ممارساتٍ مالية فاسدة في الفاتيكان، وسعى البابا فرانسيس إلى إنهائها، ولكن الأصوات المعارضة للبابا تعالت بعد رغبته في الحوار بشأن الزواج والطلاق والمثليين والعائلة.

وبعد اجتماعين للكنيسة بشأن هذه القضايا عامي 2014م و2015م، أصدر البابا فرانسيس وثيقة (  Amoris Laetitia) التي يطلب فيها من أساقفة الكنيسة أن يتخذوا قرارات موضوعية بشأن المُطّلقين والمتزوجين مرة أخرى وتلقيهم للإرشاد الروحي، حيث إن تعاليم الكنيسة التقليدية تنص على أن الشخص الكاثوليكي الذي يتزوج مرة أخرى بعد الطلاق يمكنه أن يتلقى الإرشاد الروحي فقط إذا ألغت الكنيسة زواجه الأول. بعض الأساقفة رأوا وثيقة Amoris Laetitia  كتوجيه للترحيب بالأشخاص الذين لم تُبطِل الكنيسة زواجهم ولمنحهم الإرشاد الروحي.

أثار هذا الأمر غضب المحافظين، وأعلن أربعة كرادلة معارضين للتغيير بالكنيسة عن خطابٍ وجهوه إلى البابا فرانسيس، وأعرب الكرادلة في الخطاب الذي أخذ هيئة تعرف باسم "دوبيا"، عن شكوكهم، وطلبوا إجاباتٍ واضحة، وفي حقيقة الأمر تحدوا سلطة البابا من خلال مطالبته بتوضيح تعاليم الكنيسة بخصوص هذه القضية والحياة المسيحية. وخلال أيام، ظهرت ملصقات معارضة للبابا فرانسيس في شوارع روما، بالإضافة إلى انتشار أخبار وهمية وعبارات ساخرة منه على صفحات الجرائد بالفاتيكان. ويحاول البابا أن ينقل بعض القرارات على الأقل إلى الأساقفة والكنائس المحلية في مختلف أنحاء العالم من خلال السماح للكهنة والأساقفة باتخاذ القرارات بخصوص السماح للمُطّ     لقين بتلقي الإرشاد الروحي، وكان هذا الأمر بمثابة ناقوسِ خطرٍ بالنسبة للمحافظين. 

وبشأن حالات الاعتداء الجنسي الكاثوليكية التي اهتمت الصحافة الغربية بها كثيراً في الآونة الاخيرة، فهي سلسلة من الدعاوى القضائية، والملاحقات الجنائية والفضائح المتصلة بالاعتداءات الجنسية التي ارتكبها كهنة كاثوليك وأعضاء في النظام الديني من الرهبان، وكلاهما تحت السيطرة الأبرشية والأوامر تصدر منهم لهذه المؤسسات برعاية المرضى أو تعليم الأطفال.

 بدأ اهتمام الرأي العام بهذا الموضوع وعلى نطاق واسع في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، وعلى الرغم من الوعي الذي انتشر وعلى نطاق مدى واسع النطاق لهذه التجاوزات، كانت أول الدول المهتمة بهذه الانتهاكات الخطيرة وتلقى الموضوع اهتماما واسعا في وسائل الإعلام في كل من: فرنسا، المانيا، استراليا، كندا وأيرلندا والولايات المتحدة، وبدأت بعدها حالات أخرى يتم التبيلغ عنها بلدًا بعد اخر وحصلت الانتهاكات حتى في قارات مختلفة وفي بلدان عديدة.

 إن الكثير من الفضائح تركزت حول تصرفات بعض الأفراد من رجال الدين الكاثوليك الذين لم يتم الإبلاغ عن الجرائم الجنسية التي ارتكبوها إلى السلطات القانونية، في حين على العكس من ذلك فقد تم التستر عليهم ونقل الجناة إلى أماكن أخرى، في خطوة من شأنها التغطية على الفضائح وضمان عدم وصولها للسلطات القضائية وبالتالي الإعلام، في حين أن ذلك تركهم على اتصال مع الأطفال، وبالتالي إتاحة الفرصة لهم لمواصلة الاعتداء الجنسي على هؤلاء الأطفال، و في استجابة لهذه الفضائح بعض الأساقفة والأطباء النفسيين ادعوا أن علم النفس الحديث يشير إلى أنه من الممكن في بعض الأحيان إلى أن يتم الشفاء من مثل هذا سلوك من خلال تقديم المشورة.

وعلى الرغم من أن الفضائح الجنسية والاعتداءات على الأطفال والقصر حدثت في كثير من الكنائس لكن وقعها كان الأكبر على الكنيسة الكاثوليكية فقد كانت الأكثر تضررا من الفضائح التي تنطوي على البالغين من العاملين فيها الذين يمارسون الجنس مع الأطفال. وفي الولايات المتحدة الامريكية على سبيل ألمثال، دفعت الكنائس أكثر من 2 مليار دولار على سبيل تعويض مادي للضحايا. أما في أيرلندا مثلا، فقد هزت تقارير الاعتداءات الجنسية رجال الدين الكاثوليك في أعلى قمة التسلسل الهرمي والدولة على حد سواء مما أدى لاحقا إلى استقالة الحكومة. كما قد كشفت دراسة حكومية دامت لمدة تسع سنوات، تقرير ريان، الذي نشر في مايو/حزيران عام 2009م، كشفت عن أن عمليات الضرب والإهانة من قبل الراهبات والقساوسة أو الكهنة كانت حالة عامة في المؤسسات التي كانت ترعى ما يصل إلى 30000 طفل، وكشف التحقيق أن القساوسة الكاثوليك والراهبات وعلى مدى عقود قاموا ب "ترويع الآلاف من الفتيان والفتيات، في حين أن مفتشي الحكومة فشلوا في وقف مثل هذه الانتهاكات".

بلوغ الفضائح الجنسية حد العالمية

كانت الشرارات الأولى التي أشعلت فتيل فضائح الاعتداء الجنسي على الأطفال في الكنائس هي في: أيرلندا، والولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من أن ادعاءات حالات الاعتداء الجنسي الكاثوليكية من قبل رجال الدين ترددت في كثير من البلدان، والبلد الثاني من حيث عدد حالات الاعتداء الجنسي المكتشفة هو أيرلندا. وإضافة إلى كثير من البلدان التي شهدت حالات اعتداءات جنسية كثيرة مماثلة أيضا كشف الكثير منها في: أستراليا ونيوزيلندا وكندا، وبلدان في أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا.

وفي عام 2001م، برزت قضايا رئيسية في الولايات المتحدة وأيرلندا أيضا، والتي تزعم أن بعض الكهنة قد اعتدى جنسيا على أطفال قصر وأن رؤساءهم قد تآمروا لإخفاء جرائمهم خوفا من الفضيحة التي قد تمس الكنائس والتحريض على خلاف ذلك من سوء السلوك الإجرامي. وفي عام 2004م و في تقرير جون جاي جدول هذا التقرير مجموعة من 4392 من القساوسة والكهنة والشمامسة في الولايات المتحدة من الذين ظهرت ضدهم مزاعم الاعتداء الجنسي. وعلى الرغم من الفضائح في الولايات المتحدة وأيرلندا تكشفت خلال ما يقرب من نفس الفترة الزمنية، لكن هناك بعض الاختلافات بينهما. في الولايات المتحدة مثلا، كان معظم المعتدين من كهنة الرعية ويقعون تحت السيطرة الأبرشية. في حين كان هناك أيضا عدد كبير من الحالات التي تنطوي على اعتداءات على أطفال من قبل كهنة الرعية في أيرلندا، ولكن كانت آخر الفضائح الكبرى معنية بالاعتداءات الجنسية التي يرتكبها أعضاء الجماعات الدينية الذين يعملون في المؤسسات التي تديرها الكنيسة الكاثوليكية مثل: دورالأيتام، ومدارس الإصلاح. وفي الولايات المتحدة أيضا، كانت الاعتداءات معظمها جنسية في المقام الأول وكان ضحايا الاعتداءات الجنسية معظمهم من الفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاما؛ أما في أيرلندا، فكانت الاعتداءات تنقسم إلى نوعين اعتداءات الإيذاء البدني واعتداءات الإيذاء الجنسي، وكانت الضحايا من الأطفال من كلا الجنسين(ذكورا وأناثا)، وعلى الرغم من ذلك لكن الغالبية العظمى كانوا من الذكور. وفي بيان قرأه رئيس الأساقفة (سيلفانو توماسي) في أيلول/سبتمبرعام 2009م، ذكر الكرسي الرسولي أن "ونحن نعلم الآن أنه في السنوات ال 50 الماضية في مكان ما بين 1.5٪ و5٪ من رجال الدين الكاثوليك شاركوا في حالات الاعتداء الجنسي"، مضيفا ان هذا الرقم مماثل بالمقارنة مع الجماعات والطوائف الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، ووفقا لمجلة نيوزويك، فإن الرقم في الكنيسة الكاثوليكية هو مماثلة لتلك الأرقام مقارنة ببقية السكان البالغين. وفي المقابل وفقا لمجلة ذا إيكونومست أشارت إلى أن 45 من القساوسة والكهنة من مجموع 850 في مالطا أتهموا بالاعتداءات الجنسية ووصفت المشكلة على أنها مشكلة "واسعة النطاق على نحو مخيف".

لذلك تم تكليف المؤتمر الأميركي للأساقفة الكاثوليك المعرف اختصارا ب(USCCB)  في عام 2004م لاصدار تقرير جون جاي واستنادا إلى الدراسات الاستقصائية التي تم أنجازها في الأبرشيات الكاثوليكية في الولايات المتحدة. أستخرجت الدراسات الاستقصائية معلومات من الملفات الموجودة عن كل كاهن في الأبرشيات متهم بالاعتداء الجنسي على الأطفال والتقتيش عن كل من ضحايا الكهنة، في الشكل الذي لم يكشف عن أسماء المتهمين أو كهنة الابرشيات التي يعملون فيها. كما وشجعت الابرشيات لإصدار التقارير الخاصة بها استنادا إلى الدراسات الاستقصائية التي أنجزت فيها. وأفاد الفريق أنه من خلال (10667) شخص في الولايات المتحدة أدعوا أنهم ضحية الاعتداءات الحنسية شملهم التحقيق في مزاعم الاعتداءت الجنسية على الأطفال بين عامي 1950م و2002م موجهة ضد (4392) من الكهنة (وهذا العدد يمثل حوالي 4٪ من المجموع الكلي (109694) للكهنة الذين عملوا خلال الفترة الزمنية التي تغطيها الدراسة). وحدثت ثلث هذه الاتهامات بين الأعوام 2002م و2003م، وثلث آخر بين عامي 1993م و2001م. وهكذا، وقبل عام 1993م، إلا أن ثلث الحالات فقط كانت معروفة لمسؤولي الكنيسة"، كما يقول التقرير. من مجموع ادعاءات بلغ حوالي 11,000 ونيف، جرى التحقيق في 6700 حالة ودعمت بالأدلة الدامغة وتم إثباتها ضد 1872 من الكهنة أو القساوسة، وفي 1000 حالة أخرى كانت غير مدعمة بالأدلة ولم تثبت موجهة ضد 824 من الكهنة أو القساوسة. الحالات المتبقية 3300 حالة لم يتم التحقيق في الادعاءات بالاعتداءات الجنسية لأن الكهنة أو القساوسة المتهمين كانوا قد ماتوا بحلول الوقت الذي قدمت هذه الادعاءات والاتهامات اليهم.

ويعتقد أن هذه الادعاءات كانت ذات مصداقية ل1671 من الكهنة أو القساوسة وكانت ليس موثوقا بها ل345 حالة من المتهمين الكهنة.ولحوالي 1021 من الحالات تم الاتصال بالشرطة بشأن هؤلاء الكهنة أو القساوسة. وقد أدت هذه التقارير كلها تقريبا إلى تحقيقات، وأدت 384 من الحالات إلى توجيه اتهامات جنائية للكهنة الموجودة معلومات عنهم، فقد أدين 252 منهم وحوالي 100 على الاقل من هؤلاء خدم فترة في السجن. ونسبة 6٪ من جميع الكهنة التي ظهرت اتهامات ضدهم كانوا قد أدينوا وحوالي 2٪ حكم عليه بالسجن في تاريخ التقرير. وكان من مجموع 4392 من الكهنة أو القساوسة أو بنسبة 56٪ منهم قد ذكروا في التقرير معرضين لاتهام واحد فقط. وما يقل قليلا عن 3٪ (أو 149 من الكهنة) كانوا معرضين لعشرة أو أكثر من هذه الاتهامات بالاعتداءات الجنسية. ويمثل هذا الرقم الكهنة عن 2960 من مجموع عدد من الادعاءات. وحوالي 81٪ من الضحايا كانوا من الذكور و51٪ ممن تتراوح أعمارهم بين 11 و14 عاما، و27٪ بين الذين تتراوح أعمارهم من 15-17 عاما.

واستنادا إلى إحصائيات قاعدة بيانات من 3000 من القساوسة المتهمين بارتكاب الاعتداء الجنسي التي جمعت لها، قالت جماعة BishopAccountability.org في عام 2009م أن ثلث الكهنة المسيئين في الولايات المتحدة لهم صلات بإيرلندا معتمدا على قاعدة البيانات هذه والتي يشير إلى أن البعض منهم على أنهم إما ولدوا في إيرلندا أو ينحدرون من أصول أيرلندية والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة "لكنها لم تحدد وصلات" لايرلندا ".

ومن جانبها أفادت صحيفة ليبراسيون الفرنسية بأن قمة هي الأولى من نوعها ستفتتح في 6/2/2019م في روما، يجتمع خلالها أكثر من مئة أسقف من جميع أنحاء العالم، للبحث في فضائح الاعتداءات الجنسية على القاصرين التي تهز الكنيسة منذ عدة سنوات. وقبل انعقاد القمة، وافق البابا فرانيسس على مرسوم بتاريخ 11 يناير/كانون الثاني 2019م أصدره تكتل أهل العقيدة والإيمان الذي حل محل محكمة التفتيش القديمة في روما، ويقضي بفصل ثيودور ماك كاريك عن مهامه الدينية وعن واجباته الكهنوتية، وهي أخطر عقوبة يمكن أن تلحق برجل دين.

وكان ماك كاريك قد فقد لقبه ككاردينال الصيف الماضي -كما تقول الصحيفة- قبل أن تثبت عليه عدالة الكنيسة تهمة الاعتداء الجنسي على القصر واستخدامه سلطته الدينية لهذا الغرض، وقال الكاردينال دانيي ديناردو كبير الأسقفية الأميركية: "لا يوجد أسقف فوق قانون الكنيسة".

وتقول برناديت صوفاجي -التي كتبت المقال في ليبراسيون- إن اللعنة التي أصابت ماك كاريك تنم عن الفوضى الكبيرة التي تتخبط فيها الكنيسة الكاثوليكية في أيامنا هذه، ففي فرنسا كشفت صحيفة لوموند أن السفير البابوي لويجي فنتورا متهم بالاعتداء الجنسي على شاب يعمل في بلدية باريس، ولم تحاول الكنيسة تحويله عن مكان عمله لتمكين القضاء من محاكمته.

وقد يدل هذا التصرف -بحسب الكاتبة- على تطور في موقف الكنيسة، لأنها كانت في السابق تحاول التستر على سلوك رجالها كما حدث في 2002م، عندما غطى أسقف بوسطن الكاردينال (برنار لو) مئات الحالات من الاعتداء الجنسي - كما يظهر ذلك في القضية التي يرويها فيلم "سبوت لايت"- ولجأ هو نفسه إلى الفاتيكان للإفلات من القضاء الأميركي. وتضيف صوفاجي أنه بعد محاكمة الكاردينال (فيليب بارباريه) الشهيرة لتستره على الاعتداء الجنسي في قضية برينات، سُمح لفيلم "فرانسوا أوزون" - بقرار من العدالة - بالصدور في 20 فبراير/شباط 2020م، خاصة أنه يعالج مشكلة التكتم على الحقيقة وصعوبة تحدث ضحايا العنف الجنسي.

ويقول فرانسوا أوزون لصحيفة ليبراسيون إنه لاحظ وجود إرادة قوية في التغيير لدى الكاثوليك، وإنه يجب على الكنيسة إجراء تغيير كبير من الداخل لتتخلص من هذه التهمة السيئة التي تلاحقها. وترى الصحيفة أن كتاب "سودوما" - وموضوعه الشذوذ الجنسي- لمؤلفه فريدريك مارتل، سيكشف هو الآخر نفاق الكنيسة الكاثوليكية حول قضية المثلية، عندما ينشر في 21 فبراير/شباط عام2019م، وكما يقول هنري ثينك الكاتب الصحفي بصحيفة لوموند  الفرنسية"سيكون ذلك بمثابة قنبلة ذرية ضد البابا يوحنا بولس الثاني وبنيديكتس السادس عشر".

وقالت الصحفية إن البابا الحالي ظل قبل ربيع 2018م يتمسك بموقف غامض من قضية الاستغلال الجنسي للأطفال، إذ منع إنشاء محكمة خاصة بالفاتيكان لمحاكمة الأساقفة الذين تستروا على قضايا اعتداءات جنسية، كما قام بحماية صديقه الكاردينال الأسترالي جورج بيل المسؤول عن الشؤون المالية. وأوضحت الصحيفة أن فريدريك مارتل -رغم أنه محاب جدا للبابا ويعتبره البطل المناهض للاعتداء الجنسي على الأطفال- متهم لدى بعض الدوائر المتشددة الأميركية بأنه صديق للشواذ. وفي النهاية، تخلص الصحيفة إلى أن الكنيسة الكاثوليكية تمر بأزمة لم يسبق لها مثيل في العصر الحالي، متوقعة أن بقاءها في أوروبا الغريبة مهدد ولا سيما أنها منهارة أصلا بفعل العلمانية.

وأعلن الفاتيكان رفضه تقديم أي معلومات إلى لجنة حقوقية أممية عن التحقيقات الداخلية للكنيسة في الاعتداءات الجنسية على أطفال من رجال دين، وقال إن سياسته هي الحفاظ على السرية في مثل هذه الحالات، وردا على سلسلة أسئلة وصفت بـ"الصعبة" طرحتها لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، قال الكرسي الرسولي: إنه لن يصدر معلومات عن التحقيقات الداخلية في حالات الاعتداء "إلا إذا تلقى طلبا بذلك من دولة أو حكومة للتعاون في الإجراءات القانونية".

وتهدف الأسئلة - التي طرحتها اللجنة - إلى تقييم التزام الكنيسة باتفاقية الأمم المتحدة لعام 1990م بشأن حقوق الطفل، وهي معاهدة تضمن مجموعة كاملة من حقوق الإنسان للأطفال وقع عليها الكرسي الرسولي. وقال الفاتيكان إن الإجراءات التأديبية الداخلية "غير متاحة للجمهور" من أجل حماية "الشهود والمتهمين ونزاهة العملية الكنسية"، لكنه أضاف أنه يجب احترام قوانين الدولة بما في ذلك الالتزام بالإبلاغ عن الجرائم.

وأشار الكرسي الرسولي إلى أنه "يشعر بحزن عميق إزاء محنة الاعتداء الجنسي". وأكد أنه غيّر شروط قبول المرشحين للكهنوت، وطور القانون الكنسي، وطالب مؤتمرات الأساقفة بوضع المبادئ التوجيهية لمكافحة الاعتداء، ولفت الانظار إلى أنه لا يمكن إلقاء المسؤولية على الفاتيكان عن تصرفات المؤسسات أو الأفراد الكاثوليك حول العالم، وقال إن الأساقفة المحليين يتحملون المسؤولية عن ضمان حماية الأطفال.

ومنذ أن أصبح أول رئيس غير أوروبي للكنيسة الكاثوليكية منذ 1300 عام نجح البابا الارجنتيني فرانسيس - إلى حد كبير- في تغيير الصورة بعد استقالة البابا بنديكتس السادس عشر الـ16 في فبراير/شباط عام2013م. المصدر: وكالة رويترفي 4/12/2013.

 

الدول المتهمة بالاعتداءات الجنسية

اولا: إيرلندا

ابتداء من تسعينيات القرن العشرين ظهرت سلسلة من القضايا الجنائية وتحقيقات قامت بها الحكومة الأيرلندية تناولت اتهامات بأن الكهنة اعتدوا جنسيا وجسديا على مئات من القصر على مدى العقود السابقة. وقد حدث في كثير من الحالات أن تم نقل الكهنة المسيئين من قبل رجال دين كبار إلى الأبرشيات الأخرى لتجنب ألفضيحة. وبحلول عام 2010م تم نشر عددا من التقارير القضائية المتعمقة بهذا الموضوع، ولكن مع عدد قليل نسبيا من الملاحقات ألقضائية. وأقروا أن الاعتداءات كانت معروفة من قبل الموظفين في وزارة التربية والتعليم والشرطة والهيئات الحكومية الأخرى، والذين قالوا ان الملاحقة ألقضائية لرجال الدين الكاثوليك كانت صعبة للغاية نظرا لما أسموه ب"الروح الكاثوليكية" "Catholic ethos" للجمهورية الأيرلندية.

وفي عام 1994م استقال (مايكل ليدوذ) الذي كان رئيسا لكلية سانت باتريك، في ماينوث عندما خرجت هذه المزاعم بالاعتداءات الجنسية إلى العلن. وفي يونيو/ حزيران عام 2005م صرح دينيس مكولوغ أن عددا من الأساقفة قد رفضوا المخاوف بشأن السلوك غير الملائم لمايكل ليدوذ نحو اللاهوتيون "تماما بذلك، وذلك بشكل مفاجئ دون أي تحقيق مناسب" على الرغم من أنه اعترف بتقريره أن "ألتحقيق على وجه كامل أو كبير جدا، أو أية شكوى عامة بشأن ميول شخص ما على ما يبدو كان صعبا ". ومن ألجدير بالذكر أن واحدة من أكثر الحالات المشينة للانتهاكات الجنسية في أيرلندا هي قضية القس (برندان سميث) الذي قام بين الأعوام 1945م و1989م بالأعتداء الجنسي والاعتداء غير الأخلاقي على العشرات من الأطفال في الأبرشيات في بلفاست ودبلن والولايات المتحدة. وقد أدى الجدل حول التعامل مع قضية تسليم ألقس برندان سميث إلى أيرلندا الشمالية إلى انهيار حكومة العمل الائتلافية فيانا فيل في عام 1994.

  لقد شملت اعتداءات القس الايرلندي (برندان سميث) الكاهن الكاثوليكي الذي أصبح سيئ السمعة بسبب استغلاله الأطفال جنسيا وعلى مدى 40 عاما وشملت أكثر من 100 طفلا في مدن: بلفاست ودبلن، والولايات المتحدة، أسفرت قضيته عن انهيار وسقوط حكومة العمل الائتلافية فيانا فيل في إيرلندا في ديسمبر/ كانون الأول عام 1994م.

واجه البابا الالماني (بنيديكتس السادس عشر) موجة من الانتقادات الللاذعة بسبب اتهام للكنيسة بأنها تسترت على الاعتداءات خوفا من الفضيحة، وذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مصادر ووثائق حصلوا عليها من الكنيسة أن أحد القساوسة قام بالاعتداء الجنسي على حوالي 200 من الأطفال المصابين بمرض الصمم، وقد قامت قبل مدة من هذا الزمن جماعات الدفاع عن ضحايا هذه الاعتداءات بتوجيه انتقادات أيضا لرسالة البابا التي قدمها للضحايا بالاعتذار عن هذه الاعتداءات الجنسية. وقد أشار البابا في هذه الرسالة إلى عقود من الزمان من الاعتدءات الجنسية التي قام بها رجال دين وقساوسة في أيرلندا ودول أخرى، و من الجدير بالذكر أنها أول رسالة علنية من نوعها يرسلها البابا و قد تضمنت الرسالة اعتذار البابا وقد قال فيها بالنص:" لقد عانيتم كثيرا وأنا آسف حقا".

وفي عام 2006م انتجت هيئة الإذاعة البريطانية فيلماً وثائقياً بعنوان (جرائم الجنس والفاتيكان)، تم إنتاج الفيلم الوثائقي من قبل ضحايا الاستغلال الجنسي من قبل رجال الدين الكاثوليك، وتضمن الفيلم الوثائقي الادعاءات الواردة والموجهة ضد الكنيسة الكاثوليكية والفاتيكان، بأن جميع مزاعم الاعتداءات الجنسية تم إرسالها إلى الفاتيكان بدلا من السلطات المدنية المختصة بهكذا حالات من الاعتداءات الجنسية أو الشرطة، وأن الفاتيكان أصدرت مرسوما كنيسا وبمنتهى السرية تم تسميته وتدعى باللاتينية:( Crimen sollicitationis) وتعني جريمة التحريض أو إلاغواء يفرض على الطفل الضحية وبحلف يمين سري، وعلى الكاهن المتعامل مع هذه المزاعم، وكذلك على الشهود العيان ان وجدوا ويقوم جميعهم بأداء القسم أو اليمين السرية هذه قبل التعامل مع هذه ألقضايا. وأن العقوبة على كسر هذا القسم شديدة وتعني ألنفي الفوري من الكنيسة الكاثوليكية - الطرد.

اقتبس  الفيلم الوثائقي عبارة من تقرير فرنس لعام 2005م يقول فيه: "إن ثقافة السرية والخوف من الفضيحة هي التي أدت بالأساقفة إلى وضع مصالح الكنيسة الكاثوليكية قبل سلامة الأطفال". أما المحامي الكنسي توماس دويل، والذي أدرج في الفيلم الوثائقي من أجل دعم الصورة التي كانت قد قدمت في ألوثائقي، وكتب في وقت لاحق فيما يتعلق بجريمة التحريض أو ألاغواء (باللاتينية:( Crimen sollicitationis) عام 1962م ورسالة على الجرائم الأكثر خطورة (باللاتيني(Crimen sollicitationis) :عام 2001، وتحقيقات الكنيسة الرسمية في اتهامات الاعتداءات الجنسية قال أنه: "لا يوجد أساس لافتراض أن الكرسي الرسولي تصور هذه العملية لتكون بديلا عن أي عملية قانونية علمانية، أو جنائية أو مدنية، وهو أيضا غير صحيح أن نفترض، كما فعل البعض للأسف، أن هاتين الوثيقتين من الفاتيكان هي دليل على وجود مؤامرة لاخفاء الاعتداءات الجنسية للقساوسة أو للحيلولة دون الكشف عن الجرائم الجنسية التي يرتكبها رجال الدين إلى السلطات العلمانية ". ومع ذلك، فقد قال المحامي الكنسي توماس دويل بعد ذلك بعامين في عام 2008م من المحاولات لإصلاح الكنيسة الكاثوليكية ما كانت عليه هو أنه كان مثل: "المشي من خلال أفضل ما يمكن وصفه بأنه مستنقع من النفايات السامة". وقال إن الكنيسة كانت ترفض تسليم المعلومات عن التحقيقات إلى السلطات المدنية حول التحقيقات الكنيسة الخاصة في التهم الموجهة إلى العاملين فيها. وقد ذكر في الفيلم الوثائقي للبي بي سي، ريك روملي Rick Romley، وهو محام مقاطعة الذي بدأ تحقيقا في الابرشية الكاثوليكية في فينيكس، ذكرت أن: "السرية، والعرقلة التي رأيتها أثناء التحقيق لم يسبق لي أن واجهت مثيلاً لها في حياتي المهنية كلها باعتباره محامي مقاطعة... ومن الصعب الحصول على أي معلومات من الكنيسة على الإطلاق ". وأفاد أن المحفوظات من الوثائق والأدلة المتعلقة بجرائم الاستغلال الجنسي التي تم اخفائها عن السلطات، لا يمكن استدعائها بموجب القانون. "أن الكنيسة ليس فقط فشلت بالإقرار أن هذه مشكلة خطيرة ولكن أكثر من ذلك، ولكنه ليس التخاذل أيضا ولكنها كانت طريقة معرقلة علنية لمنع السماح للسلطات بمحاولة وقف الاعتداءات ألجنسية التي تجري داخل الكنيسة. قاتلونا في كل خطوة في الطريق."

ثانياً: الولايات المتحدة الامريكية

 استند تقرير جون جاي لعام 2004م على دراسة في الاتهامات وعددها 10667 حالة وهي موجهة ضد 4392 من القساوسة المتهمين بالتورط في الاعتداءات الجنسية على الأطفال بين عامي 1950م و2002م.  رقم 4392 يمثل أربعة في المئة من عدد الكهنة 109694 في النشطين خلال تلك الفترة. ما يقرب من:56 في المئة لديهم اتهام واحد مبلغ عنه ضدهم؛ 27 في المئة لديهم اثنين أو ثلاثة من التهم الموجهة اليهم، وكان ما يقرب من 14 في المئة عندهم أربعة أو تسعة من الادعاءات ضدهم؛ 3 % (149 من القساوسة) كان ضدهم 10 أو أكثر من الادعاءات. وكانوا هؤلاء القساوسة أل 149 مسؤولون عن ما يقرب من 3000 ضحية اعتداء جنسي، أو حوالي 27٪ من هذه الادعاءات.

وكانت ادعاءات كثيرة عن 1872 من القساوسة قد اكدت، في حين لم تؤكد هذه الادعاءات عن 824 من ألقساوسة. كما ويعتقد أن هذه الأحكام ذات مصداقية ل1671 من القساوسة وليس موثوقا بها أو ليست ذات مصداقية ل345 من القساوسة. وكذلك 298 من القساوسة والشمامسة الذين كانوا قد تم تبرئتهم تماما لم يكونوا مدرحين في الدراسة. وكانت 50 % من الذين وجهت اليهم الاتهامات بالاعتداءات الجنسية أعمارهم حوالي 35 سنة من العمر أو أصغر سنا حين حدوث الاعتداءات. وقد تم ترسيم(رسامة الكاهن) أو تعيين تقريبا 70% منهم قبل عام 1970م.

وقد أبلغ أقل من 7% منهم أنهم أنفسهم كانوا ضحايا للإيذاء البدني والجنسي أو العاطفي عندما كانوا أطفال. وعلى الرغم من أن 19% منهم كان عندهم مشكل تعاطي الكحول أو تعاطي المخدرات، أقر 9% فقط منهم أنه تم استخدام المخدرات أو الكحول خلال حالات الاعتداءات الجنسية. وقد كان هناك ما يقرب من 10667 طفل أو قاصر من ضحايا الاعتداءات الجنسية من قبل رجال الدين خلال هذه الفترة:

نحو 81% من هؤلاء الضحايا كانوا من الذكور.

وكان 22.6٪ منهم أعمارهم 10 سنوات أو أقل.

وكانت 51٪ منهم ممن تتراوح أعمارهم بين 11 و14 سنة.

وكان 27٪ مهنم ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و17 سنة.

وكان عدد كبير (حوالي 2000) من الأطفال الصغار جدا وكانوا ضحية للكهنة خلال هذه الفترة الزمنية.

وكانت استطلاعات ل 9281 من الضحايا من الذين يحملون معلومات حول التحقيق أوضحت أن في 6696 (72 ٪) من الحالات، تم إجراء تحقيق في الادعاءات التي نفذت. ومن بين هؤلاء 4570 (80 ٪) قد تم إثباتها؛ 1028 (18 ٪) كان لا أساس لها أو لم يكن يوجد دليل ادانة، وكان 83 (1.5 ٪) حالة اعتبرت حالات كاذبة. وفي 56 قضية، تم الإبلاغ عن أن القساوسة نفوا هذه الادعاءات.

واعتبر أكثر من 10% من هذه الادعاءات أنها غير مثبتة (وهذا لا يعني أن هذا الادعاء غير صحيح، بل يعني فقط أن الأبرشية أو أمر لم يتمكنوا من تحديد ما إذا كان الاعتداء المزعوم قد حصلت فعلا أي فقدان الدليل الكافي للإدانة).

كان ما يقرب من 20% من الادعاءات، كان القس أو الكاهن اما متوفى أو غير نشط في وقت تلقي هذا الادعاء أو التهام ولا يجري أي تحقيق في العادة في مثل هذه الظروف.

في 38.4٪ من الادعاءات، تم الادعاء ان الاعتداء وقع في غضون عام واحد، 21.8٪ من الاعتداءات استمر أكثر من عام ولكن أقل من 2 سنة، 28٪ من الاعتداءات دامت لفترة بين 2 و4 سنوات، 10.2٪ من الاعتداءات دامت لفترة بين 5 و9 سنوات، وأقل من 1٪ قد دامت الاعتداءات لمدة 10 سنوات أو أكثر.

وكان كثير من الاعتداء الجنسية التي تم الأبلاغ تتراوح بين اعتداء جنسي أو اعتداء مداعبة أو غير محدد. كان هناك أيضا عدد كبير من ادعاءات الاعتداءات الجنسية أكثر خطورة، بما في ذلك أعمال الجنس عن طريق الفم، والجماع. كما ولم يتم الإبلاغ عن معلومات مفصلة عن طبيعة أو نوع الاعتداء الجنسي عن 26.6٪ من الادعاءات المبلغ عنها. وقد كانت 27.3٪ من حالات الاعتداء قام بها القساوسة بممارسة الجنس الفموي مع الضحية. كما وشملت 25.1 ٪ من حالات الاعتداء ادخال للقضيب أو محاولة ادخال. على الرغم من أن هناك تبليغ عن أعمال الاعتداءات الجنسية على القاصرين والأطفال في كل عام، كان حدوث الاعتداءات متزيادة وبشكل ضخم في الرهبانيات في فترات الستينات والسبعينات من القرن العشرين. وقد كان هناك، على سبيل المثال، أكثر من ستة أضعاف زيادة في عدد الاعتداءات الجنسية الواقعة على الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 11-17 سنة في الفترات بين الخمسينات والسبعينات. بعد بلوغ الذروة في فترة السبعينات، كان عدد الحوادث انخفض خلال الثمانينات والتسعينات بشكل أكثر حدة من نسبة حدوث الزيادة في الستينات والسبعينات.

الولايات المتحدة الامريكية.. والتسويات وحالات الإفلاس والإغلاق:

وفقا لدونالد كوزنس، "بحلول نهاية منتصف التسعينات من القرن العشرين، كان يقدر أن أكثر من نصف مليار دولار قد تم دفعها كتعويضات في هيئة المحلفين وكاجراءات تسوية ورسوم قانونية. وازداد هذا الرقم إلى نحو مليار دولار بحلول عام 2002م. أنقف الروم الكاثوليك 615 مليون دولار على حالات الاعتداء الجنسي في عام 2007م حصراً.

وفي مارس/ آذار عام 2006م وفي الابرشيات  الامريكية التي ارتكبت فيها الاعتداءت الجنسية التي تمت تسوية الدعاوى وألشكاوى خارج المحكمة حيث قدمت تسويات مالية للضحايا بلغ مجموعها أكثر من 1.5 مليار دولار. وبسبب العدد والحجم الهائل لهذه التسويات أصبح من الضروري للعديد من الأبرشيات للحد من نفقاتها التشغيلية العادية عن طريق إغلاق الكنائس والمدارس من أجل جمع الأموال اللازمة لدفع هذه المبالغ. في حين اختار العديد من الابرشيات اعلان الفصل 11 من قانون الإفلاس كوسيلة لمقاضاة التسويات، وفي نفس الوقت لحماية بعض الأصول للكنيسة للتأكد من استمرارية عملها. وبحلول عام 2009م، دفعت أبرشيات الولايات المتحدة أكثر من 2.6 مليار دولار أمريكى كتكاليف لدعاوى متصلة بالاعتداءات الجنسية التي حصلت فيها ومنذ عام 1950م. وفي كثير من الحالات، أجبرت الابرشيات لاعلان افلاسها نتيجة لعمليات ألتسوية. في حين سعت ما لا يقل عن ستة من الابرشيات الأمريكية للحماية من الإفلاس. أما في بعض الحالات وكخطوات استباقية، قدمت بعض الابرشيات على اشهار الإفلاس قبل اقامة الدعاوى المدنية ضدهم عندما كانت هذه الدعاوى كانوا على وشك أو في طريقها إلى الذهاب إلى المحاكمة. وكان لهذا أثره في اقامة الوصاية وذلك ريثما تتم تسوية الدعاوى القضائية المقبلة في محكمة الإفلاس.

وعلى الرغم من الأسقفيات أرسلوا الكهنة أو القساوسة المعتدين جنسيا على الأطفال إلى مرافق كنسية مثل تلك التي تديرها عباد الباراقليط (=مصطلح يوناني كوني يعني المُعزّي أو المُعين أو الشفيع أو المساعد، استخدم في رسالة يوحنا للإشارة إلى السيد المسيح) منذ الخمسينات، كان هناك مناقشة عامة ضئيلة عن المشكلة وحتى منتصف الستينات، وحتى ذلك الحين، عقدت أكثر الحوارات على مستوى عالٍ من التسلسل الهرمي الكاثوليكي مع تغطية ضئيلة أو معدومة في وسائل الإعلام. جرت المناقشة العلنية الأولى للاعتداءات الجنسية على الأطفال من قبل الكهنة أو القساوسة في اجتماع عقد برعاية الرابطة الوطنية لتجديد الرعوية التي عقدت في حرم جامعة نوتردام في العام 1967م، والتي دعت فيها جميع الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة الامريكية، وعقدت العديد من المناقشات المحلية والإقليمية لهذه المشكلة من قبل الأساقفة الكاثوليك في السنوات اللاحقة. ومع ذلك، لم يحدث الاهتمام الإعلامي حتى الثمانينات من القرن العشرين، أن تمت مناقشة الاعتداء الجنسي من قبل رجال الدين الكاثوليك وبدأت تغطيتها بوصفها ظاهرة في وسائل الإعلام في الولايات المتحدة. ووفقا لوكالة الانباء الكاثوليكية بدأ الوعي العام للاستغلال الجنسي للأطفال في الولايات المتحدة وكندا يظهر في أواخر السبعينيات والثمانينيات كثمرة لتزايد الوعي عن الإيذاء الجسدي للأطفال.

وفي عام 1981م أقر الأب (رومر دونالد) من أبرشية لوس أنجلوس بأنه مذنب في الاعتداء الجنسي الإجرامي على قاصر. وردت هذه القضية على نطاق واسع من التغطية الإعلامية. في أيلول / سبتمبر 1983م، عندمت نشرت مراسل الكاثوليكية الوطنية مقال حول هذا الموضوع. اكتسب هذا الموضوع سمعة سيئة على نطاق قومي أوسع في أكتوبر/ تشرين الاول عام 1985م عندما أقر قس لويزيانا (جيلبرت جاوثة Gilbert Gauthe ) بأنه مذنب في 11 تهمة تحرش جنسي على الأولاد الصغار أو القصر. بعد أن بدأت تغطية قضية القس جيلبرت تهدأ، تراجعت القضية وبدت على هامش اهتمام الرأي العام حتى منتصف التسعينات، عندما تم طرح هذه القضية مرة أخرى إلى الاهتمام الوطني بعد عدد من الكتب حول هذا الموضوع والتي نشرت.

وفي أوائل عام 2002م حصلت بوسطن غلوب على جائزة بوليتزر لتغطية حالات الاعتداء الجنسية التي قام بها القساوسة الكاثوليك على الأطفال فقد كانت الصحيفة ألأولى التي لفتت انتباه العالم لهذه الجرائم فقد كانت الرائدة في هذا المجال في الولايات المتحدة أولا وفي العالم ككل.

ونشرت الكنيسة الكاثوليكية الأميركية أسماء ثلاثمئة كاهن في أبرشيات تكساس متهمين بارتكاب اعتداءات جنسية على أطفال منذ عام 1950م مواصلة بذلك عملية الشفافية التي أطلقتها في هذا الإطار. وبعد ولايتي واشنطن وإلينوي نشرت الأبرشيات الـ15 في ثاني أكبر الولايات الأميركية في عدد السكان أسماء الكهنة الذين استهدفوا "باتهامات تتمتع بالصدقية بشأن اعتداءات جنسية على قاصرين". ونشرت أبرشية سان أنطونيو 57 اسما، وهيوستن 42، ودالاس 31، وبعض الأسماء تكررت على اللوائح، لكن في المجموع نشرت أسماء نحو ثلاثمئة كاهن توفي عدد كبير منه.  وقال رئيس مجمع الأساقفة الأميركيين في بيان له أمس الخميس"باسم جميع الذين أخفقوا في القيام بذلك أوجه اعتذاراتي الصادقة إلى الضحايا"، مضيفا أن "كنيستنا تضررت بهذا الجرح وعلينا التحرك لمعالجته

وكانت سلسلة مقالات بشأن تجاوزات وقعت في بوسطن لعقود هزت في 2002م الكنيسة الكاثوليكية، ودفع كشف هذه القضايا العديد من الضحايا إلى التحدث في جميع أنحاء البلاد ومنذ ذلك الحين أقصي عدد من الكهنة من الكنائس وتمت ملاحقتهم أمام القضاء، كما دفعت الكنيسة مبالغ كبيرة لعدد من الضحايا.

وخلال الصيف الماضي 2018م وجه مكتب النائب العام في بنسلفانيا ضربة جديدة إلى الكنيسة بعدما نشر تفاصيل تجاوزات ارتكبها أكثر من ثلاثمئة كاهن في هذه الولاية ضد أكثر من ألف طف. وفتح القضاء تحقيقات في عدد من الولايات، في حين رفعت أبرشيات عدة السرية عن أرشيفها، لكن كثيرين يتساءلون عن قيمة اللوائح التي تنشر. وفي نهاية ديسمبر/كانون الأول عام 2018م الماضي اتهمت المدعية العامة في إلينوي رجال الدين في الولاية بنشر لائحة لا تتضمن "الاتهامات الموجهة إلى خمسمئة كاهن على الأقل".

الوعي العام الدولي

وعلى الرغم من اجراء التحقيقات الضخمة وعلى مستوى البلاد تم في الولايات المتحدة وأيرلندا فقط في البداية، لكن حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال والقاصرين من قبل الكهنة قد تم التبيلغ عنها واجراء محاكمات في كل من: أستراليا ونيوزيلندا وكندا وبلدان أخرى. وقد حصلت في عام 1994م في اتهامات بالاعتداءات الجنسية على الصغار ضد 47 من اللاهوتيون في الأرجنتين. وفي عام 1995 استقال المطران (هانز هيرمان غروير) من منصبه كرئيس أساقفة فيينا(= النمسا) بسبب اتهامات الإساءة جنسياً لأطفال ورهبان، وعلى الرغم من ذلك فقد ظل في منصب كاردينال.

ونشرت منظمة الأمم المتحدة، عام 2014م، تقريراً حول حالات التحرش الجنسي بالأطفال في الكنيسة الكاثوليكية. وجاء في التقرير، أن الفاتيكان يقوم بالتستر على قضايا التحرش الجنسي في الكنائس الكاثوليكية في الكثير من الدول حول العالم. وحسب دراسة أجراها معهد جون جاي التابع لمؤتمر كبراء الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة، عام 2004م، فقد تعرض 10 آلاف و667 طفلا للتحرش الجنسي من قِبل أكثر من 4 آلاف راهب كاثوليكي، ما بين عامي (1950م -2000م).

ثالثاً: استراليا

وفي أستراليا ومنذ 1995م فقد ادين أكثر من مائة قسيس من مختلف مناطق استراليا بالاعتداء الجنسي على الأطفال أو القصر. وغي السياق نفسه فقد أعلنت محكمة أسترالية الثلاثاء 26/2/2019م أن الكاردينال جورج بيل، ثالث أكبر مسؤول في الفاتيكان، أدين بالاعتداء جنسيا على أطفال في أستراليا، ليصبح بذلك أرفع مسؤول في الكنيسة الكاثوليكية يدان بارتكاب جرائم جنسية بحق قاصرين. وقالت محكمة ملبورن (جنوب) إن الكاردينال البالغ من العمر 77 عاما أدين بالاعتداء جنسيا على طفلين كانا عضوين في جوقة الإنشاد الديني في كاتدرائية ملبورن في تسعينيات القرن الماضي وكان عمرهما يومها 12 و13 عاما. وأوضحت المحكمة أن حكم الإدانة صدر في ديسمبر/كانون الأول الفائت لكن حظر النشر في هذه القضية لم يُرفع سوى الثلاثاء.

وكان كبير أساقفة أستراليا دفع ببراءته من هذه التهم خلال محاكمة أولى انتهت في سبتمبر/أيلول 2018م من دون أن تتوصل هيئة المحلفين إلى قرار بشأن إدانته أو تبرئته، الأمر الذي استدعى إجراء محاكمة ثانية انتهت في 11 ديسمبر/كانون الأول عام 2018م بإدانته. ويومها أمر القاضي بحظر النشر في هذه القضية حماية لأعضاء هيئة محلفين أخرى تم تشكيلها للنظر في قضية ثانية كان مفترضا أن يحاكم فيها الكاردينال بيل. لكن النيابة العامة صرفت في نهاية المطاف النظر عن هذه المحاكمة الثانية، الأمر الذي دفع القاضي لرفع حظر النشر في القضية. ولم تقرر المحكمة بعد العقوبة التي ستنزلها بالكاردينال بعدما أدين بجريمة الاعتداء جنسيا على قاصرين، ومن المقرر أن تعقد جلسة جديدة الأربعاء. لكن محامي الدفاع عن الأسقف المدان أعلنوا لوكالة فرانس برس أنهم يعتزمون استئناف حكم الإدانة، وكان الكاردينال بيل أخذ إجازة من مهامه في الفاتيكان لكي ينصرف للدفاع عن نفسه، لكنه لا يزال رسميا وزير اقتصاد الكرسي الرسولي وهو ثالث أعلى منصب في دولة الفاتيكان.

رابعاً: كندا

على الرغم من أن العدد من حالات الاعتداءات الجنسية في الولايات المتحدة كان هائلا فقد تركز اهتمام الرأب العام على ذلك البلد، وفي السياق نفسه كان هناك فضائح على نطاق أصغر في كندا منذ أكثر من عقد من الزمان قبل الفضائح التي حدثت في الولايات المتحدة، ففي أواخر الثمانينات ظهرت مزاعم بالاعتداءات الجسدية والجنسية والتي ارتكبها أفراد من منظمة الاخوة المسيحيين، الذين كانوا يديرون داراً للايتام في جبل كاشل في سانت جونز، نيوفاوندلاند، الحكومة والشرطة والكنيسة تواطأوا في محاولة فاشلة للتغطية على هذه ألفضائح، ولكن في ديسمبر/ كانون الاول عام 1989م نشرت صحيفة سانت جون صنداى اكسبريس الفضائح على العلن مما حال دون أمكانية التغطية عليها؛ مما شجع في نهاية المطاف أكثر من 300 تلميذ سابق أن يقدموا شكاوى في تعرضهم للاعتداء الجسدي والجنسي في دار للأيتام هذه. مما سبب في قيام النظام الديني الذي كان يدير دار الأيتام بأشهار الافلاس لكي يواجه دعاوى قضائية عديدة، ومنذ الكشف عن فضيحة جبل كاشل تم اتهام لفيف من الكهنة في جميع أنحاء كندا بتهمة الاعتداء الجنسي على الأطفال والقُصَر.

خامساً: النرويج

  في 7 أبريل/ نيسان عام 2010م، تم الكشف عن اعتراف المطران السابق للكنيسة الكاثوليكية النرويجية (جورج مولر)، إلى الشرطة النرويجية في أوائل يناير/ كانون الثني عام 2010م إلى أنه قد اعتدى جنسيا على صبي مذبح قاصر قبل 20 عاما، وكانت الكنيسة الكاثوليكية النرويجية على علم بالحادث ولكنها لم تنبه السلطات الحكومية بذلك، وإثر ذلك أُجبر المطران (جورج مولر) على التنحي من أسقفية الكنسية في يوليو/ تموز عام 2009م. وكرد فعل على هذا الخبر، اعترف أسقف العاصمة أوسلو (بيرنت أيدسفك Bernt Eidsvig))، لوكالة الانباء النرويجية أنه كان على علم بمجموعه أربع حالات من استغلال الأطفال جنسيا في الكنيسة الكاثوليكية النرويجية.

سادساً: بلجيكا

أما في بلجيكا فقد داهمت الشرطة البلجيكية في يونيو/حزيران عام 2010م، مقر الكنيسة الكاثوليكية البلجيكية في بروكسل، وقامت بمصادرة جهاز كمبيوتر وسجلات لجنة التحقيق بالاعتداءات الجنسية على الأطفال التابعة للكنيسة. السلطات تحقق في اتهامات بأن بعض رجال الدين البلجيكي قاموا بالاعتداءات الجنسية على الأطفال. وقد أثيرت مئات من هذه الادعائات منذ نيسان/أبريل عام 2010م، عندما أقر أسقف برجزألمدعو (الأسقف روجر فانجيلوي Roger Vangheluwe ) بجريمته باعتدائه على صبي ثم استقال بعدها. وذكرت تقارير ان الفاتيكان أقر بأنه 'ساخط' وغير راضي على تلك المداهمات، مدعيا أنها أدت إلى "انتهاك السرية للضحايا وهم على وجه التحديد الذين نفذت المداهمات من أجلهم" .

وفي يوليو/ تموز عام 2010م ذكرت الشرطة البلجيكية انها تحقق في شكاوى بتهديدات بالقتل ضد الشهود وقضاة ألتحقيق، وفي عام 1998م ذكر أن في كتاب تعليم مسيحي يدعى رويج3   Roeach 3 )  ) تأليفه من قبل رجال دين مسيحي من بلجيكا، جاء فيه:" إلى أن ممارسة الجنس مع الأطفال كما يزعم مقبولة داخل الكنيسة".

 وخارج دوائر الكنيسة، فإن معظم حالات الاعتداء الجنسي تخضع لقانون كل دولة، ولحد نيسان/أبريل عام 2010، تم ادانة العديد من مرتكبي الاعتداءات الجنسية المرتبطة بالكنيسة في العديد من البلدان وقد حوكموا من قبل السلطات العلمانية، وعند الاقتضاء، ادينوا وحكموا عليهم بالسجن.

سابعاً: المانيا

ذكرت مجلة الإيكونومست وسيدني مورنينغ هيرالد في نقاريرهما، أن الكثير من الكاثوليك يتركون الكنيسة في المانيا بسبب فضائح الأعتداءات الجنسية، حيث وصل عدد التاركين للكنيسة في شهر واحد من عام واحد إلى 472 في أبرشية ميونيخ منذ بداية عام 2010، بالإضافة إلى ذلك تراجع الألمان عن  الثقة ببابا الفاتيكان إلى حد كبير. وفي نهاية آذار/مارس عام 2010م أصبح 39٪ فقط من الألمان الكاثوليك يثقون بالبابا، في حين كانت النسبة 62٪ في يناير/ كانون الثاني عام 2010م.

و بعد فضيحة الاعتداءات الجنسية التي ضربت الكنيسة الكاثوليكية، عندما كُشف أن قرابة 4أربعة آلاف طفل تم الاعتداء عليهم جنسيا منذ عام 1946م، طلب رئيس أساقفة ميونيخ الكاردينال (راينهارد ماركس) الإعفاء من مهامه بسبب "الفشل المؤسساتي".

وأعلن رئيس أساقفة ميونيخ (راينهارد ماركس) أنه طلب من البابا فرانسيس إعفاءه من مهامه، معترفا بـ "فشل" الكنيسة الكاثوليكية في "كارثة الاعتداءات الجنسية" داخل المؤسسة، وقال الكاردينال ماركس الرئيس السابق لمؤتمر الأساقفة الألمان في رسالة بعث بها إلى البابا "بالنسبة لي يتعلق الأمر بشكل أساسي بتقاسم المسؤولية عن كارثة الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها مسؤولون في الكنيسة في العقود الأخيرة".

وأوضح أنه يدين في رسالته المؤرخة في 21 أيار/مايو عام2020م ونشرتها أبرشية ميونيخ في يوم الجمعة "فشل المؤسسة أو النظام" في هذه الفضيحة الواسعة التي عصفت بالكنيسة الكاثوليكية الألمانية، وأضاف أن التحقيقات والتقارير "أظهرت باستمرار حصول العديد من الإخفاقات الشخصية والأخطاء الإدارية، وأيضا الفشل المؤسساتي أو الممنهج". وانتقد الكاردينال الزملاء الذين "يرفضون الاعتراف بأن هناك مسؤولية مشتركة في هذا الصدد" مضيفا أن الكنيسة تواجه "طريقا مسدودا"، وأمل أن تكون استقالته مؤشرا لبداية جديدة للكنيسة. وبحسب بيان الأبرشية فقد منح البابا الإذن بنشر الرسالة، وطلب من ماركس البقاء في منصبه إلى أن يتلقى جوابا، وأظهراستطلاع، جاء في فحواه أن ثلث الرهبان الكاثوليك بألمانيا متهمون بانتهاكات للأطفال.

وفي السنوات القليلة الماضية هزت الكنيسة الكاثوليكية الألمانية تقارير كشفت عن مدى الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها رجال دين بحق أطفال، وأظهر تقرير نشر في 2018م بتكليف من مؤتمر الأساقفة الألمان خلال رئاسة( راينهارد ماركس) أن 1670 رجل دين ارتكبوا اعتداء جنسيا ما بحق 3677 قاصرا، غالبيتهم صبيان، بين الأعوام 1946م و2014م. لكن معدي التقرير قالوا إنه من شبه المؤكد أن العدد الفعلي للضحايا أعلى بكثير. وفي شهر ديسمبر/ كانون الاول عام2020م أرسل البابا موفدَين إلى أبرشية كولونيا للتحقيق بشأن "أخطاء محتملة" في ردها على التقارير عن الاعتداءات الجنسية بحق أطفال.

والكاردينال ماركس المعروف بأنه من الداعين البارزين لإدخال إصلاحات، اعتذر في وقت سابق نيابة عن الكنيسة لضحايا الاعتداءات الجنسية، وفي نيسان/أبريل الماضي امتنع عن قبول وسام استحقاق جمهورية ألمانيا الاتحادية، وسط انتقادات من مجموعات تمثل الضحايا لرد الكنيسة على الفضائح.

 

 

ثامناً: بولندا

خلال عام 2013م أصبح الجمهور في هذا البلد الكاثوليكي قلقًا بشأن التقارير المتعلقة بفضائح الاعتداء الجنسي على الأطفال داخل الكنيسة ، والتي وصل بعضها إلى المحاكم ، وضعف استجابة الكنيسة. وقاومت الكنيسة مطالب دفع تعويضات للضحايا. وفي أكتوبر/ تشرين الاول عام 2013م، رفضت الكنيسة الكاثوليكية في بولندا صراحة نشر بيانات عن الاعتداء الجنسي،  لكنها قالت إنه "إذا تم نشر البيانات، فسيُنظر إلى المقياس على أنه منخفض جدًا"، وقال الأسقف (أنطوني ديديكز) إنه لا ينبغي الضغط على الكهنة للإبلاغ عن اعتداءات جنسية لسلطات الدولة ، متذرعًا بـ " ختم الاعتراف " الكنسي، الذي يمنعهم من كشف ما يقال في طقس الاعتراف.

ففي 27 سبتمبر/ ايلول عام 2018م، أصدر الأسقف (روموالد كامينسكي) مسؤول أبرشية وارسو- براغا اعتذارًا لأولئك الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي من قبل الكهنة في أبرشيته وأن قادة الكنيسة في بولندا قد أكملوا العمل على وثيقة لمعالجة الإساءة للقصر واقترح طرقاً لمنعه. وطبقًا لرئيس الأساقفة (فويتشخ بولاك) رئيس الكنيسة الكاثوليكية في بولندا، فإن الوثيقة ستشمل أيضًا بيانات عن حجم الاعتداء الجنسي على الكهنوت في بولندا. ومع ذلك  بحلول أوائل عام 2019م، لم تكن الوثيقة قد تم نشرها على الملأ في 8 أكتوبر/ تشرين الاول عام 2018م، حددت مجموعة ضحايا 255 حالة مزعومة من الانتهاكات الجنسية في بولندا.

تم إصدار الإحصاءات في 14 أبريل/ نيسان عام 2019م، بتكليف من المؤتمر الأسقفي في بولندا ومع بيانات من أكثر من 10000 أبرشية محلية، ووجد أنه من عام 1990م إلى منتصف عام 2018م، تم الإبلاغ عن اعتداءات من قبل (382 ) كاهنًا للكنيسة، مع 625 طفلاً، معظمهم دون سن 16 عامًا، تعرضوا للإيذاء الجنسي من قبل رجال الدين الكاثوليك، كانت هناك آراء مفادها أن الأرقام قللت من حجم المشكلة، وفشلت في الإجابة على الأسئلة التي تجنبها مسؤولوا الكنيسة لسنوات.

قال ماريك ليسينسكي، المؤسس المشارك لـ " لا تخافوا"، التي تمثل ضحايا إساءة معاملة رجال الدين، "أخبرنا كيف قام الكهنة بإيذاء هؤلاء الأطفال وكم مرة تم نقلهم إلى أبرشيات مختلفة قبل دفع الإشعار". تم نشر البيانات بعد أسابيع قليلة من دعوة البابا فرانسيس إلى "معركة شاملة ضد إساءة معاملة القاصرين".

وبعد ضغوط من البابا، اعتذرت الكنيسة البولندية علنًا في السنوات السابقة عن الانتهاكات، وقبلت الحاجة إلى الإبلاغ عن المتهمين بارتكاب مثل هذه الجرائم، في أوقات سابقة، لم يكن رجال الدين الذين تم الإبلاغ عن اعتداء جنسي على القصر مطالبين من قبل رؤسائهم بإخطار الشرطة، ولكن للتحقيق مع أنفسهم، وإبلاغ الفاتيكان إذا لزم الأمر، ففي 11 مايو/أيار 2019م، أصدر بولاك اعتذارًا نيابة عن الكنيسة الكاثوليكية بأكملها في بولندا، وفي نفس اليوم انتشر فيلم وثائقي Tell No One  يفصل روايات الاعتداء الجنسي من قبل رجال دين الكنيسة الكاثوليكية في بولندا على نطاق واسع، ووصل إلى 8.1 مليون مشاهد على YouTube بحلول 13 مايو/ أيار عام2019م. ومن بين العديد من الأفلام  ظهر في الفيلم كاهن معروف باسم (الأب جان أ )، والذي تقوم أبرشية كيلسي بمراجعة قضيته، والتي اعترفت بالتحرش بالعديد من الفتيات الصغيرات، ويزعم الفيلم أيضا أن القس داريوس، وهو كاهن الذي حكم عليه بالسجن بسبب التحرش بالفتيات الصغار اللاتي يبلغن من العمر 7 سنوات.

 وفي 14 مايو 2019،  أصدر الحزب الحاكم في بولندا قانوناً بموافقة حزب العدالة (PiS) ، الذي كان له تحالف طويل مع الأساقفة الكاثوليك في البلاد، على زيادة العقوبات على الاعتداء الجنسي على الأطفال من خلال رفع الحد الأقصى لعقوبة السجن من 12 عامًا إلى 30 عامًا ورفع سن الموافقة من 15 إلى 16. المدعي العام والمشرع في حزب القانون والعدالة ، (ستانيسلاف بيوترويتش) الذي يرأس لجنة العدل في البرلمان البولندي، تعرض أيضًا لانتقادات بسبب التقليل من شأن تصرفات قس أدين بلمس فتيات صغيرات وتقبيلهن بشكل غير لائق.

وفي 25 حزيران / يونيو 2020م، عيّن البابا فرانسيس (غرزيغورز ريس) رئيس أساقفة لودز مدبرًا رسوليًا لأبرشية كاليسز، ليخلّص أسقفها (إدوارد جانيك) البالغ من العمر 67 عامًا، من مسؤولياته أثناء التحقيق لحماية الكهنة الذين ارتكبوا أفعالًا من الاعتداء الجنسي، وفي 17 أكتوبر/ نشرين الاول قبل البابا فرنسيس استقالة الاسقف جانيك.

وفي فبراير/ شباط عام 2019م، أطاح ثلاثة متظاهرين بتمثال القس (هنريك يانكوفسكي) بعد الكشف عن أنه اعتدى جنسيًا على (باربرا بوروويكا) عندما كانت فتاة. يوكان قد أجري تحقيق جنائي معه على خلفية اعتداء جنسي على صبي تم إسقاطه ضده في عام 2004م، وتم نزع ثيابه الكهنوتية في عام 2005م،  ولكنه توفي في عام 2010 دون أن يُدان أبدًا بالاعتداء الجنسي. كما تم الاعتراف بأن (ليخ فاليسا) اتهم بارتكاب أعمال الاعتداء الجنسي أثناء خدمته كذلك. وفي 13 أغسطس 2020 ، أقال البابا فرانسيس رئيس أساقفة غدانسك (سلووج ليسزيك جلودز)، الذي كان من بين أولئك الذين يتسترون على الانتهاكات التي ارتكبها يانكوفسكي وسيبولا،  كما ترأس جلودز جنازة سيبولا على الرغم من حقيقة أن جلودز بلغ 75 عامًا، وهو العمر المطلوب للأساقفة الكاثوليك لتقديم استقالتهم، فقد وُصفت هذه الخطوة بأنها "تنظيف المنزل"، حيث أنه من غير المعتاد جدًا أن يقبل البابا مثل هذه الاستقالة في عيد ميلاد الأسقف الفعلي.

وفي 6 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2020م، أعلن سفير الكرسي الرسولي في بولندا أنه بعد التحقيق الذي أجراه الكرسي الرسولي بشأن مزاعم الاعتداء الجنسي، مُنع (الكاردينال هنريك غولبينوفيتش) رئيس أساقفة فروتسواف السابق من أي نوع من الاحتفال أو الاجتماع العام ومن ثم استخدام شارته الأسقفية، وحُرِم من حق الجنازة والدفن في الكاتدرائية "، كما أُمر غولبينوفيتش بدفع "مبلغ مناسب" لضحاياه المزعومين، وكان غولبينوفيتش الذي لعب دعمه لنقابة سوليدرتي العمالية دورًا حاسمًا في انهيار الشيوعية في بولندا، وفي 16نوفمبر/ تشرين الثاني عام2020م ، وبعد 10 أيام من قرار الفاتيكان، لم يتمكن غولبينوفيتش حتى من إقامة جنازة في كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان في فروتسواف أو دفنها في الكاتدرائية.

تاسعاً: هولندا

أسست إحدى الكنائس في هولندا، عام 2010م، لجنة لتقصي حالات التحرش الجنسي بالأطفال في الكنائس بالبلاد، وحسب التقرير الذي أصدرته اللجنة، في عام2009م، فقد أعلنت اللجنة تلقيها خلال 8 سنوات حوالي 3 آلاف و712 بلاغا حول قضايا تحرش جنسي.

وعقب صدور التقرير، تقدم نحو ألف و599 شخصا بشكاوى في نفس الصدد، تم على إثرها دفع تعويضات مالية لـ941 شخصا، واعتبارا من عام 2010م، تم إقالة 12 قسيسا، وتعليق مهام قسيسين آخرين، نتيجة اتهامهم بالتحرش الجنسي، وبلغ مجموع التعويضات التي دفعتها الكنائس للضحايا في عموم البلاد حوالي 28 مليون يورو.

عاشراً: فرنسا

  لقد شكل مجلس أساقفة فرنسا الكاثوليكي مجلس تحقيقي في انتهاكات جنسية بالكنيسة الكاثوليكية الفرنسية، واستند المجلس في ديباجة القرار إلى أن آلاف الأطفال كانوا ضحايا انتهاكات ارتكبها رجال دين كاثوليك منذ عام 1950م، حسبما ذكر (جان مارك سوفيه) رئيس اللجنة التي أعدت التقرير. ويُعَدّ الكشف عن الانتهاكات في فرنسا أحدثَ هزّة تعصف بالكنيسة الكاثوليكية بعد سلسلة فضائح مماثلة في بلدان مسيحية كاثوليكية وبروتستانتية عديدة حول العالم خلال السنوات العشرين الماضية. وقال سوفيه إن الانتهاكات كانت ممنهجة، مضيفاً أن الكنيسة أبدت "لا مبالاة عميقة وتامة بل وقاسية طوال سنوات"، وفضّلت حماية نفسها على حماية الضحايا، وأضاف أن الكنيسة لم تكتفِ بعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الانتهاكات، بل غضت الطرف عنها بتقاعسها عن الإبلاغ، وفي بعض الأحيان تركت الأطفال في معيّة المنتهكين وهي على علم.

وأوضح رئيس لجنة التحقيق جان مارك سوفيه، لدى عرضه التقرير أمام الصحافيين أن هذا العدد يصل إلى "330 ألفا إذا ما أضفنا المعتدين العلمانيين العاملين في مؤسسات الكنيسة الكاثوليكية" من معلمين في مدارس كاثوليكية وعاملين في منظمات للشبيبة وغيرهم.

وأكد سوفيه "هذه الأعداد ليس مقلقة فحسب بل مروعة وتستدعي تحركا أكيدا". وقال إن المشكلة قائمة، وأضاف أن الكنيسة أظهرت عدم اكتراث تامّ بالضحايا حتى القرن الحادي والعشرين، ولم تبدأ تغيير موقفها حقاً إلا عام 2015م -2016م.

واحتسبت هذه الأعداد نتيجة تقدير إحصائي يضم هامش خطأ قدره 50 ألف شخص على ما أوضح رئيس لجنة التحقيق المستقلة، وقال سوفيه الذي تولى رئاسة اللجنة في 2018، إن الكنيسة الكاثوليكية أبدت "حتى مطلع الألفية لامبالاة عميقة لا بل قاسية حيال الضحايا". وأضاف أنه بين 1950م والعقد الأول من الألفية " لم يتم تصديق الضحايا أو الإصغاء إليهم واعتبروا أنهم ساهموا بطريقة أو بأخرى بما حصل لهم"، وعرض سوفيه نتائج التحقيق أمام مجمع الأساقفة الكاثوليك في فرنسا والرهبانيات ومسؤولين عن جمعيات الضحايا.

ومن جانبها، أعربت الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية الثلاثاء عن شعورها بـ"العار والهول" بعد صدور التقرير  طالبة "الصفح" من الضحايا. وقال رئيس مجمع أساقفة فرنسا (المنسنيور إريك دو مولان بوفور) قائلاً: "أود في هذا اليوم أن أطلب منكم الصفح، أطلب الصفح من كل واحد وواحدة". وكان مجلس أساقفةٌ كاثوليك فرنسا قد شكل لجنة التحقيق المذكورة في نهاية عام 2018م لإلقاء الضوء على الانتهاكات واستعادة ثقة الناس في وقت يتضاءل فيه الحضور في الكنائس. ونددت اللجنة التي تتألف من 22 عضوا بظاهرة "نُظمية" منتشرة جدا في الكنيسة، واقترحت "الإقرار بمسؤولية الكنيسة". وأوضح رئيس اللجنة جان مارك سوفيه "المبدأ التوجيهي الأول الذي توصي به اللجنة هو الإقرار بمسؤولية الكنيسة بما حصل منذ البدايات"، وطلبت أيضا "تعويضا" ماليا لكل الضحايا. https://www.bbc.com/arabic/world

ونقلت صحيفة لوفيغارو الفرنسية عن تقرير اللجنة أن أكثر من 216 ألف طفل وقعوا ضحايا لانتهاكات أو اعتداءات جنسية ارتكبها رجال دين كاثوليك في فرنسا حتى 2020م، وأشار رئيسها إلى أن "اللجنة نفسها حدّدَت نحو 2700 ضحية، لكن دراسة واسعة النطاق أجرتها مجموعات بحثية واستطلاعية قدرت وجود نحو 216 ألف ضحية"، وأردف: "هذا العدد يمكن أن يصل إلى 330 ألفاً إذا ما أضفنا إساءات المعتدين العَلمانيين العاملين في مؤسسات الكنيسة الكاثوليكية من معلمين في مدارس كاثوليكية وعاملين في منظمات للشبيبة وغيرهم". وأضافت صحيفة لوفيغارو إن اللجنة كشفت أن نحو 3000 شخص من كهنة ورجال دين شاذين تورطوا في جرائم جنسية طالت أطفالاً في الكنيسة الكاثوليكية، مشيرة إلى أن هذه " تقديرات الحد الأدنى"، وأنها تعدّ المتوسط التقديري لأعداد تتراوح بين 2900 كحد أدنى و3900 كحد أقصى، وقالت الصحيفة إن معدل الأطفال الذين تعرضوا لانتهاكات جنسية في الكنائس يصل إلى ضعف الانتهاكات التي تحدث في أوساط أخرى مختلفة، بينها المدارس ومنتجعات العطل والمرافق الرياضية والمركّبات الثقافية.

والأرقام السابقة تعبّر عن متوسط الانتهاكات الجنسية التي تَعرَّض لها الأطفال خلال 70 عاماً بين عامَي 1950م و2020م، فيما كان 80% من المُعتدَى عليهم أطفالاً ذكوراً، مقابل 20% من الإناث. وقال جان مارك سوفيه رئيس اللجنة التي أعدت التقرير، إن اللجنة جعلت كلام الضحايا "أساس عملها"، فأطلقت في بادئ الأمر دعوات لجمع شهادات على مدى 17 شهراً. وتلقت اللجنة 6500 اتصال أو تواصل من ضحايا أو أقرباء ضحايا، ثم عقدت 250 جلسة استماع طويلة أو لقاءات استقصائية، ودقّقَت في كثير من المحفوظات التي تعود إلى الكنيسة ووزارتَي العدل والداخلية وأرشيف صحفي وغيرها. وأشارت صحيفة لو فيغارو إلى أن 56% من حالات الاعتداءات الجنسية هذه حدثت بين عامي 1950م و1970م، و22% منها بين 1970م و1990م، و22% أيضاً بين عامَي 1990م و2020م، إذ يُعَدّ ثبات النسبة المئوية هذا دليلاً على عدم تحسُّن أوضاع حماية الأطفال في الكنائس منذ أكثر من 30 عاماً. وخلص تقرير اللجنة الوطنية الفرنسية أن نحو 3 آلاف من مرتكبي الجرائم الجنسية بحق الأطفال شغلوا مناصب داخل الكنيسة الكاثوليكية منذ خمسينيات القرن الماضي.

ومن جانبها أعربت الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية الثلاثاء (الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول 2021) عن شعورها بـ"العار والهول" بعد صدور تقرير خلص إلى أن الانتهاكات الجنسية على الأطفال ظاهرة منتشرة في الكنيسة، طالبة "الصفح" من الضحايا. وقال رئيس مجمع أساقفة فرنسا المنسنيور (إريك دو مولان بوفور): "أود في هذا اليوم أن أطلب منكم الصفح، أطلب الصفح من كل واحد وواحدة"، بعدما أفاد تقرير لجنة التحقيق المستقلة عن تعرض أكثر من 216 ألف طفل لانتهاكات أو اعتداءات جنسية ارتكبها رجال دين كاثوليك في فرنسا بين 1950م و2020م. وأكد مؤتمر الأساقفة الفرنسي اليوم مجددا وجوب تقديم تعويضات مالية للضحايا، وذكر رئيس مؤتمر أساقفة فرنسا المطران (إريك دي مولين بوفورت) لإذاعة فرانس إنفوك "لا يمكن للمرء إصلاح ما لا يمكن إصلاحه"، وأضاف أن الكنيسة يجب أن تعترف بالضحايا وتعترف بخطئها، ولم يعلن المطران عن أي شيء محدد بشأن مبلغ التعويض المحتمل. https://www.alquds.co.uk

 

موقف البابا فرانسيس من فضائح الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية

ومن جانبه أعرب البابا فرانسيس الأربعاء 6/10/2021م عن شعوره "بالخجل" إزاء التقرير، الذي نشر الثلاثاء حول الاعتداءات الجنسية في الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية منذ 1950م، معتبرا أنها "لحظة عار"، ودعا في الوقت نفسه المسؤولين الدينيين إلى :"الاستمرار في بذل كل الجهود لكي لا تتكرر هذه المأساة"، وأضاف "أعرب عن حزني وألمي للضحايا على الصدمات التي عانوا منها وعن خجلي وخجلنا جميعاً لعدم قدرة الكنيسة لفترة طويلة على وضع هذه المشكلة في محور اهتماماتها". https://arabic.rt.com/world

وكشفت تقارير جديدة عن تورط أرفع رجل دين كاثوليكي في فرنسا، الكاردينال (فيليب باربارين)، في التستر على حوادث اعتداء جنسي طالت صبية صغارا في الكشافة، ونفى رئيس أساقفة ليون الكاردينال فيليب باربارين، الاتهامات الأخيرة الموجهة إليه، حول عدم إبلاغه السلطات عن اعتداءات جنسية حدثت في الأبرشية الكاثوليكية التابعة له في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وفي رده على الاتهامات، قال الكاردينال الفرنسي: "لا أرى فيم أنا مخطئ بالتحديد، لم أحاول إخفاء شيء، ناهيك عن التستر على هذه الحقائق الرهيبة".

وتبرز قضية رئيس الاساقفة الكاردينال فيليب باربارين وسط مجموعة جديدة من الفضائح الجنسية التي أخذت تتكشف، وهزت الكنيسة الكاثوليكية برمتها، حيث اعترف أحد المقربين من البابا فرانسيس، الكاردينال الألماني( رينهارد ماركس)، بأن "الملفات التي ربما وثقت تلك الأفعال الرهيبة واحتوت أسماء المسؤولين عنها، إما أنها أتلفت أو لم توجد بالأساس".

وكان البابا فرنسيس كتب في شهر حزيران/يونيو عام2021م أن: "الكنيسة بأسرها تشهد أزمة بسبب مسألة الانتهاكات، ولا يمكن للكنيسة المضي قدماً من دون معالجة هذه الأزمة". وأضاف، "سياسة النعامة لا تؤدي إلى نتيجة"، مشدداً على أن الكنيسة الكاثوليكية لا يمكنها "تحمّل عبء إخفاء الحقائق"، وهي بحاجة "للاعتراف بخطاياها"، وجاء كلام البابا فرنسيس في معرض ردّه كتابياً على طلب الكاردينال الالماني (راينهارد ماركس) رئيس أساقفة ميونيخ، إعفاءه من مهماته على خلفية سوء إدارة ملف انتهاكات جنسية داخل الكنيسة والتستر على فضائح، في جرعة دعم قوية لشخصية إصلاحية تندّد بشدة بإخفاق الكنيسة الألمانية في التصدي لهذه الممارسات.

وعقد البابا فرانسيس على إثر هذه الانتهاكات مؤتمرا كاثوليكيا دوليا لبحث ظاهرة الاعتداءات الجنسية التي تجتاح الكنيسة الكاثوليكية بكافة مستوياتها، حيث وصف البابا المعتدين بـ "أدوات الشيطان" و بـ "الذئاب المفترسة"، متعهدا بمعالجة الظاهرة بجدية قصوى. وكان البابا فرانسيس قد اجتمع مع كبار الكنيسة في العالم ومسؤولي جمعيات دينية في شهر فبراير/ شباط عام2019م وسط أزمة تمر بها الكنيسة بسبب فضائح الاعتداءات الجنسية على قاصرين. وطلب البابا من المسؤولين الكاثوليك لقاء ضحايا هذه الاعتداءات في بلدانهم ودعا البعض منهم إلى الفاتيكان. وقال البابا فرانسيس أمام حشد تجمع في ساحة القديس بطرس للصلاة الأحد "أدعوكم إلى الصلاة من أجل هذا اللقاء الذي أردته عملا يعبر عن مسؤولية رعوية في مواجهة تحد عاجل في عصرنا". والتقى البابا رؤساء نحو مئة مؤتمر أسقفي من كل القارات، مع كبار أساقفة الفاتيكان ورؤساء الكنائس الكاثوليكية الشرقية ومسؤولي جمعيات دينية، وقبل أن يتوجهوا إلى روما، طلب منهم البابا فرانسيس أن يلتقوا ضحايا تجاوزات جنسية في بلدانهم. ودعي بعض الضحايا أيضا إلى الفاتيكان، وقام البابا بعزل الكاردينال الأمريكي السابق ثيودور ماكاريك في يوم السبت المصادف23/2/2019م البالغ 88 عاما والمتهم بتجاوزات جنسية قبل حوالى نصف قرن في سابقة تاريخية حيال كاردينال في قضية اعتداء جنسي. https://www.france24.com/ar

وقد شهدت أكبر كنيسة بروتستانتية في الولايات المتحدة، وهي المؤتمر المعمداني الجنوبي، فضيحة جنسية واسعة النطاق، كشف عنها صحافيون وتورط فيها نحو 400 كاهن ومتطوع ومرب على امتداد عقدين.

 وبشأن هذه الفضائح التي غطت العديد من رجال الدين الكاثوليك حول العالم في الاونة الاخيرة، وتحديداً: فرنسا وإيرلنده وبلجيكا وهولنده والنمسا واسبانيا ودول أمريكا اللاتينية بالاضلفة الى الولايات المتحدة الامركية التي يبلغ نفوس الكاثوليك فيها حوالي (50) مليون شخص، قال البابا فرانسيس إن صدقية الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة قد تضررت بشكل كبير بفضيحة الانتهاكات الجنسية بحق لأطفال المتواصلة هناك، وأوضح في رسالة وجهها إلى الأساقفة الأمريكيين الذين كانوا في لقاء ديني في شيكاغو أن جهود التغطية على هذه الجرائم تسببت في ضرر أكبر. ودعا الأساقفة إلى إنهاء الخلافات والتشاحن الداخلي وإظهار الوحدة في تعاملهم مع الأزمة. وقد تصاعدت حدة تعليقات البابا على الانتهاكات الجنسية بحق الأطفال بشكل مطرد، وفي رسالة موسعة نشرها الفاتيكان قال البابا إن "الأذى الناجم" عن تلك الأزمة تسبب في حالة من "الفرقة والشقاق" في صفوف الأساقفة الأمريكيين.

وبشأن الفضائع الجنسية في الكنائس الاخرى كشف النقاب عن أن داعرة مراهقة صارت واحدا من الكهنة والقساوسة التابعين للكنيسة الأنجليكانية في بريطانيا، ونقلت وسائل الإعلام البريطانية المقروءة والمسموعة في 19 أكتوبر/ تشرين الاول عام 2003م  تقارير تزعم أن أسقف كانتربري وهو زعيم الكنيسة الأنكليكانية في العالم السابق اللورد (جورج كيري) اعترف بأنه كان وراء تعيين مراهقة داعرة في منصب كهنوتي في الكنيسة، وقالت التقارير أن الأسقف السابق ابلغ مجلس اللوردات البريطاني الذي انضم إليه بصفته الدينية من بعد تقاعد قبل شهور في سنة 2003م ، أنه أقنع تلك الفتاة الداعرة بأن تنضم إلى فصول دراسات دينية وهذا ما فعلته وهي الآن واحدة من القساوسة المتميزين في الكنيسة الأنجليكانية في العاصمة البريطانية. وجاء كلام الأسقف السابق الذي كشف النقاب عنه في 19/10/2003م خلال مناقشات لمجلس اللوردات البريطاني وهو جهة التشريع العليا في المملكة المتحدة لضبط الدعارة في أرجاء البلاد. https://elaph.com/Web/Archive

وعلى الصعيد نفسه اعترف الاسقف (جاستن ويلبي) رئيس الكنيسة الانكليكانية والزعيم الروحي لأكثر من 85 مليون مسيحي من الطائفة الانجليكانية البروتستانتية بالعالم، لوسائل الإعلام البريطانية آنذاك، وهو اكتشافه بأنه ابن غير شرعي لمن كان زوجا لأمه طوال عامين بالخمسينات، وكان يظن دائما وكذلك والدته، بأنه ابن أبيه الذي يحمل اسمه، ثم صعق حين اكتشف أن الرجل الذي خرج من صلبه توفي في 2013م بعمر 90 سنة، وهو السير (أنتوني مونتاغيو براون) آخر سكرتير خاص لرئيس وزراء بريطانيا الراحل ونستون تشرشل في 1965م.

وعَدَّ (جاستن ويلبي) ما اكتشفه "مفاجأة شاملة" صدمته حين أجرى فحصا قبل أسبوعين لحمضه النووي، وجاء مطابقا لنظيره في أبيه الحقيقي والبيولوجي؛ لكنه لم يعلن عن السر الذي عرفه إلا لصحافي من صحيفة "التلغراف" البريطانية التي نشرت المقابلة معه بموقعها الإلكتروني في يوم الجمعة المصادف 9 ابريل/ نيسان عام2016م، وفي الموقع ذاته تناقلت أيضا بقية وسائل الإعلام باهتمام كبير عن كبير الاساقفة (جاستن ويلبي) الذي كان يظن طوال حياته بأنه ثمرة شرعية وأصيلة لزواج دام سنتين فقط بدءا من ربيع 1955م بين والدته و(غافن ويلبي)، ابن مهاجر يهودي وكان بائعا للويسكي، توفي في  عام1977م  بسبب ادمانه على التدخين والخمور، واستسلم كل منهما لغريزته.

 وبعد فحص الحمض النووي، حمل كبير الاساقفة (جاستن ويلبي) نتائجه إلى والدته (جين وليامس)، البالغة عمرها 86 سنة، ولم يكن لها مع دليل الفحص الدامغ أمامها إلا أن تعترف للابن بأنها "قضت ليلة" فعلا مع (أنتوني براون)، قبل وقت قصير من زواجها ب(غافن ويلبي)، وكان ولادة الابن جاستن بعد 9 أشهر في 6 يناير/ كانون الثاني عام 1956م بلندن، فظنت الأم بأنه ابن زوجها، إلى أن صعقها الابن بنتيجة الفحص قبل أسبوعين، وكانت الأم التي كانت تعمل أيضا سكرتيرة في مكتب ونستون تشرشل بمنتصف الخمسينات من القرن العشرين، أخبرت (التلغراف) أيضا أن سبب قضائها "تلك الليلة" مع ( أنتوني براون)، كان احتسائهما للخمر معا، فضاع الاتزان واستسلم كل منهما لغريزته "ويبدو أن ما اتخذناه من احتياط ذلك الوقت لم يعمل (كما ينبغي)، وابني الرائع تبرعم نتيجة لذلك"، في إشارة ربما الى أن الواقي الذكري تمزق، أو ما شابه ذلك.

وكان اللقاء بين صحافي (التلغراف) تشارلز مور، وزعيم ( الكنيسة الانكليكانية) قد جرى قبل ساعات من سفر الاخير الى زامبيا لحضور مؤتمر كنسي، وجرى في حديقة قصر    Lambeth  حيث يقيم كبير الأساقفة منذ تسلم منصبه قبل 3 سنوات (2013م)، وهو مجاور في لندن لمبنى البرلمان، وأثناء مشي الاثنين في الحديقة كشف للصحافي عن فحص الحمض النووي وما حمله إليه من مفاجأة قادته إلى ثانية، هي وجود أخت له غير شقيقة من أبيه الحقيقي، واسمها أيضا جين، على اسم والدته "وأرغب بلقائها والتعرف إليها"، كما قال.

وأعلن كبير الأساقفة أن ما اكتشفه من معلومات جمعتها صحيفة (التلغراف) وحملتها إليه، ودفعته لفحص الحمض النووي، وكذلك ما اعترفت به والدته، لن يغيّر شيئا منه نحوها "فلا توجد أزمة، ولا استياء من أحد ضد أحد (...) لم أكن غاضبا، ولست غاضبا.. أمي (جين وليامس) وأبي (غافن ويلبي)، كانا مدمنين على الكحول، وكانت والدتي تخلصت في 1968م من الإدمان بالعلاج، ولم تقرب الخمر منذ ذلك العام، وأنا فخور جدا بها، وأبي توفي حين كان عمري 21 سنة"، طبقا لما أبلغ به الصحيفة، وكتبه أيضا في موقعه الرسمي.

https://www.alarabiya.net/2016/04/09

وحدد تقرير أصدرته لجنة كبرى في ولاية بنسلفانيا الامريكية أكثر من 1000 ضحية تعرضوا لانتهاكات اقترفها مئات القساوسة خلال سبعة عقود في هذه الولاية وحدها، وفي يوليو/تموز 2018م، وافق البابا على استقالة الكاردينال (ثيودور ماكاريك) أحد أبرز الشخصيات في الكنائس الأمريكية في أعقاب مزاعم ارتكابه انتهاكات جنسية بحق مراهق، وفي أكتوبر/تشرين الأول عام2018م تنحى مطران واشنطن العاصمة الكاردينال (دونال ويرل) عن منصبه بعد انتقادات لتعامله مع حالات الانتهاكات.

وأخيراً يقول الأب الألماني (هانز تسولنر) عالم النفس الذي يجوب الكرة الأرضية لتثقيف الأساقفة، وأحد منظمي هذا اللقاء إن "الشخص الذي يلتقي بضحية في إحدى المرات، ويسمع صراخه طلبا للمساعدة، ويرى دموعه وجروحه النفسية والجسدية، لا يمكن أن يبقى كما كان من قبل".

وهنا يتبادر سؤال مفاده لماذا تغلق فرنسا أكثر من 300 مسجد على أنها تثبت التطرف الذي لا يتماشى وقوانين الجمهورية الفرنسية!!، بينما يتم اغتصاب أكثر من 300 ألف طفل في فرنسا من قبل رجال الكنيسة الكاثوليك، تم بعضها داخل الكنائس ولم تغلق فرنسا ولا كنيسة واحدة، وهنا يثير المراقب سؤالاً؟ لماذا لم تغلقوا الكنائس وتعتقلوا قساوستها رغم هذه الفضائع الاخلاقية التي هزت العالم الحر!!!.

وأين الرئيس الفرنسي ماكرون من فضائح كنيسته الكاثوليكية وحقوق الطفولة المهدورة في بلاده وبقية بلدان العالم الكاثوليكي، وهو الذي يطالب ليل نهار بحقوق المرأة الافغانية، وتأسيس إسلام خاص على الطرز الفرنسي!!؟ ، فضلاً عن القضاء على الاسلام في جنوب الصحراء.

كيف يتم ذلك (الاغتصاب) في مؤسسة مثل الكنيسة التي يجب أن تكون مفيدة، والتي تريد أن ترعى الجميع، وتريد أن تكون خيرية أيضاً، وكيف يولد هذا القدر من الوحشية داخلها. والاعتداء الجنسي على الاطفال هي جرائم قبل أن تكون خطيئة، تلك هي اعتراف أحد ضحايا الاغتصاب داخل الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية، تلك هي فرنسا مهد الثورة! وبلد الحريات!، ومعشوقة العلمانيين العرب وغيرهم!!؟.

وعلى أية حال فإن اسراف اليهود في المادة كما يقول القرآن الكريم :{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }،[سورة البقرة:96]. جاءت المسيحية لاخراجهم من هذا التجاوز، فأسرفت  هي الاخرى في الروح عن طريق الرهبانية، { ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ}، [ سورة الحديد: 27].

وعلى أية حال فقد وازنَ الإسلام بين متطلبات الروح وحاجيات الجسد موازنة دقيقة، بحيث يلتقي عمل الدنيا بعمل الآخرة، وكلٌّ منهما عبادة لله تعالى، وتحقيقٌ لغاية الوجود الإنساني، بينما تأرجحت الاديان الأخرى بين الاهتمام بالنواحي المادية كما هو الحال في اليهوديّة، وبين الإزراءِ بالمتاع الدنيوي كما هو الشأنُ في النصرانيّة التي تدعو إلى الرهبنة وتعذيب الجسد من أجل رقيِّ الروح وتهذيبها، عن طريق منع الزواج بين الكهنة أي رجال الدين في الكاثوليكية المسيحية، وتضييقها في نطاق واسع يشمل فقط الكهنة من رتبة القسس فما دون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق