21‏/01‏/2022

الرحلات الجبلية في إقليم كوردستان..

مثنى قانوني

عضو أرارات گروب للرحلات الجبلية

?  انتشـرت في السنوات الأخيرة ظاهرة الرحلات الجبلية في إقليم كوردستان، ويعود ذلك للدور الذي تمارسه وسائل التواصل الاجتماعي، وما توفره أجهزة الهواتف الذكية من تطبيقات متعددة لنقل الصور والفيديوهات الجذابة للرحلات.

كوردستان بلاد غنية بالمظاهر الطبيعية الخلابة؛ كالجبال، والتلال، والأودية، والبحيرات، والعيون، والثلوج، وغيرها، وتمثل بيئة طبيعية مناسبة لممارسة هذا النوع من الرياضات.

الرحلات الجبلية في الإقليم ليست بجديدة، فتشكيل اتحاد هواة الجبال في كوردستان يعود تاريخه إلى ١٢-٢-٢٠٠٦، ولكن نشاطاته بقيت محدودة في نطاق ضيق حتى السنوات الأخيرة، لأسباب مختلفة. أما اليوم، فقد توسعت بشكل كبير، للأسباب التي ذكرناها آنفاً.

يضم الاتحاد اليوم أكثر من ١٠٠ مجموعة لهواة تسلق الجبال، والرحلات الجبلية، وهنالك المئات من الأعضاء المسجلين وغير المسجلين، وأعدادهم في تزايد مستمر، لكون هذه الرياضة مناسبة لمختلف الأعمار، فهي رياضة للصغار والكبار، والشباب والشيوخ، والنساء والرجال.

 

 هذا وتتضمن نشاطات هذا الاتحاد رياضات متعددة؛ منها تسلق الجبال، والصخور، والرحلات الجبلية، والسير في الكهوف، والتزحلق على الجليد، إلا أن الرحلات الجبلية تبقى أكثرها شعبية..

إن هذه المجموعات تمارس نشاطاتها ضمن لوائح وأنظمة وبرامج معدة مسبقاً، فكل عضو تقع عليه التزامات معينة، سأذكرها بإيجاز.

بداية يتواصل الشخص الذي يرغب في المشاركة في إحدى هذه الرحلات؛ إما عن طريق أحد الأصدقاء الأعضاء المسجلين في تلك المجموعات، أو عن طريق قراءة الإعلان أو الدعوات التي تنشـر في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يشار فيه إلى وجهة الرحلة، ومكان وموعد انطلاقها، والمدة التي تستغرقها، والمستلزمات المطلوبة، ووسيلة النقل. ثم يقوم الشخص بتسجيل اسمه لأول مرة، وبعد مشاركته في الرحلة سيتعرف على أشياء كثيرة عن الرحلة؛ منها المستلزمات المطلوبة، كالملابس التي تخص هذه الرياضة، ونوع الحقائب، والأحذية، والأدوات، ومستلزمات التخييم، وإعداد الطعام، بالإضافة إلى أمور فنية أخرى.

من جانب آخر، يتعرف المشارك على نظام الرحلات، وكيفية توزيع الأدوار فيها؛ فهنالك المشـرف على الرحلة، ودليل الرحلة، والمسؤول عن المؤخرة، والمراقبين، والمسعف، والفني، والمصور، ويتم التواصل بينهم عبر أجهزة الاتصال اللاسلكي.

وتنطلق تلك الرحلات في الصباح الباكر، حيث يجتمع المشاركون في نقطة الالتقاء، ويستقلون وسيلة النقل التي تنقلهم، والتي تحدد حسب عدد المشاركين، وبعد المسافة، ومن ثم ينطلقون نحو الوجهة المقصودة. وبعد الوصول يجتمع المشاركون في نقطة البدء، ويتم حينها ممارسة بعض تمارين الإحماء، والإطالة، من اجل الإعداد البدني، لتجنب الإصابات، ورفع درجة حرارة الجسم. ومن ثم تنطلق الرحلة بشكل مستقيم، في مسارات محددة، للمشـي بين التلال، والجبال، أو الوديان، ومجرى المياه، حتى الوصول إلى نقطة النهاية.

ويتم عدّ المشاركين أثناء الرحلة، للتأكد من حضورهم، وعدم تخلف أحدهم في الطريق. وتتوقف المجموعة أثناء سيرها عدة مرات، لأخذ قسط من الراحة، أو أخذ وجبة خفيفة، أو التقاط الصور الجميلة للمناظر الطبيعية، وتوثيق الرحلة، والتعرف على جمالية المكان. وغالبية الرحلات تكون في فصول الخريف، والشتاء، والربيع، وتقل في فصل الصيف، بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

بعض الرحلات تكون لمدة يوم، وبعضها تكون لمدة يومين، أو أكثر. ويتعلم المشاركون الكثير من هذه الرحلات؛ فهم يستمتعون أولاً، ويكتشفون اماكن جديدة لم يزوروها من قبل، ويحافظون على نظافة البيئة، ويلتزمون ببرنامج الرحلة، وتوجيهات المسؤول، والمراقبين. وحين يصلون إلى وجهتهم يتوقفون لأخذ الاستراحة، والبدء بإعداد الطعام، والشاي، أو القهوة، ومن ثم يحملون حقائبهم من جديد، للعودة إلى نقطة الانطلاق. وخلال هذه الرحلة يعملون على توثيق تلك الرحلة؛ من حيث الصور، والمسافة، والمدة التي استغرقتها الرحلة. وبعد العودة يشاركون صورهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وهکذا ينجذب إليها آخرون، وتزداد الرغبة في المشاركة..

إن الرحلات الجبلية – فضلاً عن جانبها الرياضي - عبارة عن مدرسة لتعلم الصبر، والالتزام، والنظام، والاعتماد على الذات، والتعاون، وتحمل المسؤولية، والمشاركة، والحفاظ على البيئة. بالإضافة إلى الاستمتاع بمشاهدة المناظر الجميلة، فهي رياضة وهواية أيضاً..

إن هذه الرياضة لها مستقبل مشـرق بسبب المميزات التي تتمتع بها، إضافة إلى سهولتها، وعدم تكلفتها. وهي في تطور مستمر، بحيث يتوقع أن تستقبل العديد من السواح من داخل البلاد وخارجها، ومن هواة تسلق الجبال والرحلات الجبلية، ولكنها تبقى رياضة وهواية ممتعة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق