حادث كنيسة "سيدةالنجاة"
وموقف الحكومة غير المسؤول
عبداللة ريشاوي
لست مقتنعا بأن القوات العراقية قد نجحت في التعامل مع قضية كنيسة "سيدة النجاة" كما يروج لذلك الإعلام العراقي، الرسمي وغير الرسمي. باعتقادي لولا ذلك التدخل السريع غير المدروس للقوات العسكرية العراقية، فلربما لم تحصل تلك المجزرة المأساوية أصلا، والتي راح ضحيتها نصف من كانوا رهائن داخل الكنيسة.يعلم كل عاقل أنه كان هناك أكثر من طريق لأنقاذ المحتجَزين، قبل الشروع بهجوم عسكري غير مدروس العواقب..الهجوم الذي أقل مايمكن ان يوصف به هو أنه كان هجوما "انتحارياً". .كيف لا، والحصيلة تقريباً 100ضحية بين قتيل وجريح ، من أصل 120شخصاً.الكل يعلم أن معظم عمليات السطو والاختطاف التي تحصل يومياً في العراق انما تنفذ من أجل المال أوتحل عن طريق المال؛ وإن كانت تنفذ بأسماء أيديولوجية أو مذهبية أو سياسية او بدوافع إرهابية عنصرية.لذلك فإنه كان على الحكومة العراقية ان تحسب حسابا للحل السلمي أولا وليس العسكري وذلك صيانة لأرواح المصلين المحتجزين. كان من الممكن ان تحل المسألة عن طريق المفاوضات مثل دفع أموال؛ أو أعطاء الإرهابيين ضمانات أخرى يتطلع اليها كل مختطِف.. فلا مستحيل تحت الشمس.اعتقدُ أن التدخل العسكري الذي قامت به القوات العراقية كان تدخلا متسرعاً وغير مدروس والهدف الحقيقي من ورائه كان اظهار القوة و"دحر الارهاب" – كما يروجُ له المسؤولون العراقيون- وليس نجاة من كانو محتجزين داخل كنيسة النجاة.إنني أتساءل مالذي كان يمكن ان يفعله الارهابيون المسلحون داخل الكنيسة بالمحتجزين لولم تدخل القوات العراقية "بهذا الشكل"؟ الجواب: إما أن يقتلوا جميع من كانوا في الكنيسة أو ان يطلقوا سراحهم؛ أو سراح بعضهم بعد مفاوضات ودفع اموال واعطاء الارهابين ضمانات.....الخ. ولكن العملية العسكرية "الانتحارية" للقوات العراقية سدت الطريق امام جميع الاحتمالات الأخرى؛ وفتحت الباب أمام الخيار الأول، الذي من المفترض ان يكون الهدف الوحيد للإرهابيين - طبعا بحسب التفسير الرسمي العراقي- .إذن فوجه المفارقة هنا أن القوات العراقية قد نفذت وسرّعت في تحقيق ماكان يريده الارهابيون، وأقفلت الباب امام الاحتمالات الاخرى؛ وهذا ما لابد من بيانه والإشارة اليه لأن أعداد الذين سقطوا من المحتجزين في العملية ليست بالقليلة( 52قتيلا).ليس لدي أدنى شك بأنه لو لم تتدخل القوات العراقية- بهذا الشكل- فإن اهالي المحتجزين وجهات اخرى عديدة كانت قد تدخلت وحلت المسألة-ولوجزئياً- عن طريق المفاوضات-والأموال- وتلبية حاجات الإرهابيين-غير المعلنة-.كان على القوات العراقية تطويق الكنيسة أولا والبدء بمفاوضات طويلة الأمد مع الإرهابيين، هذا ما تفعله كل حكومة "مسؤولة" في مثل هذه الحالات، وليس بهذا التدخل الأعمى والمتسرع غير المدروس، والذي يبرهن على وجود حكومة غير مسؤولة في العراق، ما يهمها هو أن تتظاهر بالقوة والسيطرة، لا ان تحافظ على حياة الانسان وأرواح المواطنين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق